أحلام عاقر

[خارج عن القانون]

عاقر تتحدث

كثيرا ما حلمت بطفل منه يسكن أحشائي .. حلمت بنور عينيه .. بأنامله الرقيقة .. بضمة من جسده الصغير .. بملامسة يديه ..

حلمت .. بل حلمنا معاً بليلة زفافنا .. تسابقت خيولنا في عوالم الأخيال .. حلمنا بأطفالنا .. تخيلناهم .. حتى أننا من شدة ما تخيلناهم رأيناهم ومن فرط الرجاء أسميناهم .. رأينا ملامحهم ، شخصياتهم علمنا ما يميزهم .. و تبارك الخالق ما أحلاهم ..

مريم .. تيمناً بالسيدة البتول (رضي الله عنها و أرضاها) .. ذكية حيية .. حيوية قوية الشخصية ، محمد .. على هدي الحبيب و كم على خُلُقِه و خَلْقِه وجدناه .. شخصية متميزة عبقرية ، أما عمر فعلى خطى الفاروق ما أقواه .. قوي البنية .. حاد الملامح صارم في الحق .. شخصية آسرة مغرية .. يا إلهي كم عشقنا أخيالنا و كم برجاء من الله إياهم سألناه ..

كم هو جميل أن تحب و أن يبادلك شخص ذلك الحب .. كم جميل أن نطلق لأخيالنا العنان في العشق .. و كم هو آثر أن نجد من يشاطرنا أروع حلم .. من نتقاسم معه أفراحنا و أحزاننا .

و اليوم و بعد مرور السنون أقول لكم أنه و إن لم يتحقق الحلم كفاني أنه عاش حياته يعشقني .. يكفيني أن أنفاسه أفناها في معانقتي .. يكفيني أنه بحنوه أحياني و بحبه أغدقني ..

أتذكر ذلك اليوم جيداً .. كم كان يوماً قاسياً .. نزل علي الخبر كالصاعقة .. تلطف الطبيب بي و لكن مفاد الحديث أنني عاقر .. امرأة كالأرض البور القافر .. أخذت دموعي تنهمر .. هاهي أحلامنا تتحطم على صخرة الواقع .. أخذت أبكي و كأنه ليس للبكاء آخر .. حينها شعرت بيده تحتضن كتفي .. ضمني في حنو بأمانه حوًطني .. كان ذلك اليوم و تلك اللحظة بالذات بداية رحلة مؤلمة لي و مضنية له ..

كنت كلما نظرت إلى عينيه .. تأملت نظراته لطفل ليس له شعرت كم بعقري خذلته .. لا أخفي عليكم فكرت كثيراً في تركه عله يجد من تقر عينه بطفل له و لكنه كان ليا الحياة كما كنت له ..

كم كان رفيقاً بي .. كان يعاملني كابنته لا فقط حبيبته .. كان كلما لمح دموع تتوارى بعيني أغدقني بعطفه و مرؤته .. حرص أن يضمني كلما هاجمني الحزن بسطوته .. داعبني .. لاطفني .. حول بور رحمي إلى جنان بملاحته .

ذات يوم جلس بين يدي .. كنا نستمع للراديو لزمرة من الأغاني القديمة و كنت أملس على رأسه بأناملي حين سألته أن يتزوج طلباً لقرة عينيه .. حينها تبسم بملائكيته المشعة بالرضا و ضمني ضمة شديدة .. نظر بعيني و قال لي : وهل يكون لي قرة عين من سواكي .. أنت قرة عيني و إن كنت حلمت بطفل فما حملني للحلم سوى هواكي .. أنسيتي أننا حلمنا به معاً .. حلمنا أن يجمع دمينا .. حينها دمعت عينينا فداهمني كعادته بخفة دمه قائلاً " ثم أنا دمي مبيولفش غير عليك يا أبيض يا طعم أنت " فتبسمت و احمرت وجنتاي في خجل شديد و انفجرنا ضاحكين و كانت ليلة ليس لها مثيل ..

أخذت أيامنا تمر مابين هادئة و مؤلمة و لكنها لم تخلو أبداً من الحب الشديد .. كان هذا حالنا حتى هاجم المرض حصوني و أهلك دفاعاتي .. بدأ جسدي يبلى .. كسا الشحوب ملامحي .. كان يقضي الليل إلى جانبي ساهراً .. كان يقضي ليله و نهاره تضرعاً إلى الله .. كان يحاكيني في نومي حكياً دافئاً .. كان يبثني الأمل متمتماً " لا تخافي .. حبيبتي لا تخافي " و يطبع قبلة دافئة على يدي توقظ بيا الحياة ..

أتعلمون استيقظت يوماً و قد بللت دموعه يدي بعد أن أجهش في البكاء تضرعاً لله أن يبقي حياتي ..

يا إلهي كم هو رقيق و كم كنت محظوظة بأن أنار بدفئه حياتي و اليوم و بعد أن خط الزمن علاماته بوجهينا لا أملك سوى أن أعترف بأنه لولاه لما كان لي ذكر وما كانت لي حياة .. اليوم أجلس تحت قدميه و ألتمس من أنفاسه لقلبي الهرم سراً للحياة ..

أخبركم أمراً .. كلما صليت كنت أطيل السجود في السجدة الأخيرة من صلاتي حينما أكون بين يدي ربي تضرعاً أن يبارك لي في عمره و أن يسعد قلبه على قدر ما أسعد قلبي و أن يجعل آخر أنفاسي في نفس لحظته فأنا منذ تزوجنا لم أفارقه و لم يكسر لي يوماً قلب فقد علمته أباً و أخاً و زوجاً و حبيباً و صديقاً فرغم أني أضحيت مسنة إلا أني مازلت طفلته ، قد يثير مشاعركم دعائي و لكن إن سمعتم تضرعه لله من أجلي بعد تلك الرحلة المليئة بالمعاناة و الألم و الحرمان و أيضا المفعمة بالحب و الدفيء و المودة و الرحمة سوف تعلمون أن عمري هو أقل ما يمكني تقديمه له .

[فلة.نور]

ما اجمل تلك الاحاسيس والمعانى الصادقة للحب

[خارج عن القانون]

اشكرك من كل قلبى ع مرورك وردك