حبٌّ مستحيل ( قصة قصيرة بقلمى )

[samirelbolaki]

انتهتْ محاضرة التاريخ بجامعة السربون الفرنسيّة

وخرجَ أحمد شاردَ الذهن يفكِّرُ فيما قاله الاستاذ

الفرنسى عن تحضُّر الشعوب الأوربيّة ، والذين

نجحوا فى تكوين اتحادٍ أوروبىٍّ بينهم ، ووحَّدوا

عملتهم وفتحوا الحدودَ بينهم رغمَ اختلاف اللغات

والمذاهب والأهواء...

********
وأخذ الغرابُ ينعقُ فى السماء ، فاضطربَ فؤادُه وهو

يتجه إلى كافيتيرا الكلية ؛ ليحتسىَ قهوته فى ذاك

اليوم البارد ، وتذكَّرَ حالَ أمته العربيَّة الواهنة

وخلافاتها السَّاذجة وظلم زعمائها لشعوبهم ...

حتى تنبَّه على صوت زميلته العربيَّة فى الكلية

( حياة الجزائريَّة ) وقد بادرته ببسمةٍ حنونٍ أسعدتْ

قلبَه الحزين مِن آلام الاغتراب ، ثمّ احتسيا القهوة

سوياً ، وحلَّقَ أحمد بخياله منتشياً مع أغنية

( أنا بعشقك ) للمطربة السوريّة ( ميادة ) فتعانقتْ

روحُهما مع ذاك الدفء العربىّ الجميل الذى كسرَ

برودة الجوِّ الأوروبىِّ ، وقد علتْهما طيورُ النورس التى

ظللتْ العاشقيْن بعزفها السيموفنىّ البديع معلنةً

مباركة السماء لهذا العشق الطاهر النبيل...

**********
وبينما ينعمُ الحبيبان بلذة العشق ، اختفتْ الطيور

وظلَّ الغرابُ وحده ينعقُ فى السماء ، و إذا

بزميلهما الثالث فى الكلية ( دافيد ) والذى ضايقَه

ذاك الود ، ومازالَ يحاولُ إفسادَ العلاقة بين الحبيبيْن

ولاييأسُ أبداً مِن فشله المتكرر معهما .....

**********
وقد تقررَ فى يوم 21 من نوفمبر 2009 أنْ تُقامَ مبارةٌ

حاسمةٌ فى كرة القدم بين مصر والجزائر ؛ ليصعدَ

الفائزُ منهما لنهائيات كأس العالم ممثلاً عن العرب

وقد تجمَّعَ الحبيبان المصرىّ والجزائريّة بأحد مقاهى

باريس ، وحولهما إخوانهما مِن العرب ، ووسط

الصفوف كان ( دافيد ) يترقَّبُ الحدثَ ، ويتصلُ بأخيه

الكبير الموجود بالملعب ، والمُندس بين الجماهير

المصريّة ، ثم يتصلُ بأخيه الآخر الجالس بين

الجماهير الجزائريّة ، حتى اشتعلَ الملعبُ بالنيران

فوجدَ ( دافيد ) الفرصة السانحة لتفريق المحبّين

والكلُّ صامتٌ يترقبُ صافرة الحكم لنهاية المبارة

ومازال الغرابُ ينعقُ فى السماء.....

*********
وما إنْ انتهتْ المبارة إذا ب( دافيد ) يقسمُ بأنَّ

الحكمَ قد ظلمَ المصريين ، وأنَّ المصريين أعظمُ

العربِ إبداعاً فاندفعَ بعضُ الجزائريين المتعصبين

يقللُ مِن شأن المصريين ، فردَّ عليه أحدُ المصريين

بحدِّةٍ مماثلةٍ ، فإذا بالجزائرىّ يعايرُ المصريين

بسمعة الفنانات المصريَّات ، وقد نسىَ دورَ مصر

فى مساندة الثورة الجزائريّة ... وهنا اندفعَ مصرىٌّ

يردُّ الإهانة لشقيقه الجزائرىّ مردداً : (إنَّ الجزائرَ

بلد المليون لقيط وليس المليون شهيد )

ونسىَ المصرىُّ دورَ الجزائر فى وقوفها معه

بحرب رمضان التى انتصرَ فيها على إسرائيل

انتصاراً حاسماً ، واحتدمَ الموقفُ بين

الشقيقين العربيين ، وسكتتْ الأصواتُ

الحكيمة ،وعلتْ أصواتُ الأسلحة البيضاء

وازدادتْ الجرحى ، فلاتعرفُ فيهم المصرىُّ من

الجزائرىّ ، حتى لفظَ رجلٌ جزائرىٌّ أنفاسَه الآخيرة

فتحوَّلتْ المنافسةُ الرياضيّة الشريفة إلى حربٍ قبليّةٍ

كحرب البسوس فى العصر الجاهلىّ ، وتناسَى

الشقيقان الإسلامَ والعروبةَ وأخوة الدم ....

***********
وعندما رأت ( حياة ) ابن وطنها الجزائرىّ وهو غارقٌ

بدمائه ويودِّعُ الحياةَ استشاطَ غضبُها ، وهزمَ

الشعورُ بالانتقام حبَّها لأحمد ، فصرختْ : فليسقطْ

المصريّون عملاء الأمريكان ... وتناستْ قلبَها

وأحلامَها ، وتباعدَ الحبيبان ، وأضحى كل واحدٍ

منهما يقفُ مع أهل بلده ، وجُرِحَ أحمدُ فى رأسه

فهتفَ : ليسقطْ الجزائريون عملاء فرنسا ..

وعادَ الغرابُ ينعقُ فى السماء...

**********
وانبرى الإعلامُ فى إشعال النيران المتأججة

فى النفوس ؛ ليلهيَهم عن فساد الحُكَّام

فخرجتْ المسيراتُ فى البلدين الشقيقين

وكلٌّ منهما تلعنُ الأخرى ، ومازال ( دافيد )

يبتسمُ للنجاح ، ومابرحَ الغرابُ ينعقُ فى السماء..

***********
ومرتْ الشهورُ وانتهى العامُ الدراسىُّ ، ولازالتْ

الحبيبة الجزائريّة تنظرُ لحبيبها المصرىّ نظرات

الحقد والكراهية والرغبة فى الانتقام ، حتى

حصلَ كلٌّ منهما على شهادته العلميّة ، وحانَ

وقتُ رجوع كلٍّ منهما لوطنه ، وفى مطار باريس

كان اللقاءُ الآخير بين العاشقين ، فنظرَ كلٌّ منهما

للآخر نظرة عتاب ممزوجةٍ بحزنٍ وحسرةٍ أليمةٍ

من فراقٍ وشيك ، وأضحى الفراقُ باعثاً على

إيقاظ الحب المدفون كالذهب الذى اعتلاه الترابُ

فعادَ لبريقه عندما حانَ الوداعُ ، فابتسمتْ

( حياة ) ابتسامة الجريح ، وابتسمَ أحمد وهو

يدراى دمعةً أبتْ أنْ تتوقفَ ، وتصافحا ، وبادرتْه

( حياة ) : اذكرنى بالخير عند أهلكَ يا حبيبى....

ومازالَ أحمد يتذرَّعُ ببصيصٍ من الأمل فجاوبها :

سأعودُ لكِ حبيبتى يوماً فانتظرى بزوغَ الفجر...

ومضى كلٌّ منهما بطريق ، ومازال الغرابُ

ينعقُ فى السماء ....

تمَّتْ بحمد الله

بقلمى
سمير البولاقى

ملحوظة : أشكرُ أختى وصديقتى الجزائرية الآنسة ( ن) لمساعدتها لى فى معرفة الطبيعة الجزائرية راجياً أن تحقق القصة هدفها المنشود ، وأشهد الله أن حاولتُ التزامَ الحياد فى تلك القصة التى كتبتُها من خيالى المحض ، وأرجو ممن ينقل قصصى إلى أى منتدى آخر بأن يكتب أسفلها كلمة ( منقول ) منعاً للإحراج ، حيث إن كل قصصى مسجلة بكل الطرق القانونية لضمان حفظ حقوقى الأدبية وللجميع تحياتى..

[كليوبترا الجزائر]

السلام عليكم شكرا لك علي سرد الوقائع بكل عقلانية وتدبر
اخى واستاذى سميرتحية لكل الشعب المصري الشقيق
من اختك الجزائرية

[عاشقة البشر]

كلمات رائعة


سلمت يداك


ننتظر جديدك

[samirelbolaki]

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كليوبترا الجزائر





السلام عليكم شكرا لك علي سرد الوقائع بكل عقلانية وتدبر
اخى واستاذى سميرتحية لكل الشعب المصري الشقيق
من اختك الجزائرية

يسلملى مروركِ الجميل
الذى عطر صفحاتى المتواضعة
أختى الغالية
كليوباترا الجزائر
وستعود العلاقاتُ بين الأشقاء أقوى مما كان
بعد زوال الغمة وسقوط الحكام الظالمين
الذين سعدوا لخصامنا حتى تنشغل الشعوب
عن نقدهم والتصدى لظلمهم
وحان الوقتُ أن نتكاتف جميعاً كعرب أشقاء
فى وجه الطغاة الذين فرقوناوأذاقونا المرار
ربى لايحرمنى مِن طلتكِ الراقية
تحياتى وتقديرى
سمير البولاقى

[samirelbolaki]

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عاشقة البشر





كلمات رائعة


سلمت يداك


ننتظر جديدك

يسلملى مروركِ الجميل
الذى عطر صفحاتى المتواضعة
أختى الكريمة
عاشقة البشر
ربى لايحرمنى مِن طلتكِ الراقية
تحياتى وتقديرى
سمير البولاقى

[ام مريم محمد]

قصه هايله جدا وهدفها نبيل وسامي
بجد تسلم الأيادي
أمتعنا بكل جديد لك دائما
موفق
أختك..

[sokara]

للاسف هذا هو حال الامه العربيه
من السهل ان يندس بينهم من يوقع بينهم
مهما كان يعلم انه يكذب ولكن تاخذه العزة بالاثم
قصه من واقع الخيال لكن جسدت الشخصيات استاذى بمنتهى البراعه
فالحب مهما كانت قوته لايقوى على تحمل الاهانه لبلدك
فكل منهم يحمل الحب والحنين وقدر ظهر فى مشهد الفراق
لكن تغلب على هذا الحب حب اكبر
ووهو حب الوطن والتعالى كل منهم ببلده
سلمت يمينك استاذى على تلك القصه الرائعه
تحياتى

[samirelbolaki]

يسلملى مروركِ الجميل
الذى عطر صفحاتى المتواضعة
أختى الكريمة
sarael.sokara
ربى لايحرمنى مِن طلتكِ الراقية
تحياتى وتقديرى
سمير البولاقى

[samirelbolaki]

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sokara

للاسف هذا هو حال الامه العربيه
من السهل ان يندس بينهم من يوقع بينهم
مهما كان يعلم انه يكذب ولكن تاخذه العزة بالاثم
قصه من واقع الخيال لكن جسدت الشخصيات استاذى بمنتهى البراعه
فالحب مهما كانت قوته لايقوى على تحمل الاهانه لبلدك
فكل منهم يحمل الحب والحنين وقدر ظهر فى مشهد الفراق
لكن تغلب على هذا الحب حب اكبر
ووهو حب الوطن والتعالى كل منهم ببلده
سلمت يمينك استاذى على تلك القصه الرائعه
تحياتى

يسلملى مروركِ الجميل
الذى عطر صفحاتى المتواضعة
أختى الغالية
سُكَّره
وستعودُ العلاقاتُ بين الأشقاء أقوى مما كان
بعد زوال الغمة وسقوط الحُكام الظالمين
الذين سعدوا لخصامنا حتى تنشغلَ الشعوبُ
عن نقدهم والتصدِّى لظلمهم
وحان الوقتُ
أن نتكاتف جميعاً كعرب أشقاء
فى وجه الطغاة الذين فرقوناوأذاقونا المرار
ووقتها
سيعودُ الأحبابُ للعناق الحار
والتلاقى الباسم بعد حزن الفراق
أكرر شكرى وربى لايحرمنى مِن طلتكِ الراقية
تحياتى وتقديرى
سمير البولاقى

[عاشقة الهدوء]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حقا أخى رويت لنا قصه قيمه تحمل فى طياتها

معانى وكلمااات رائعه تحمل الكثير والكثير

أسال الله أن يجمع شمل العرب ويوحد صفوفهم وأن يرزقهم الاخلاص

لوطنهم اللهم أمين تسلم أخى على قصتك القيمه مثل شخصك

موفق فى أماااااان الله