للموت ان يموت

[حنايا الروح]

كللوني عذراً اذا وجدتم هنا مبالغة في الاحداث اوالكثير من الفراغات والتشتت فهي قصة من نسج الخيال تفتقر الى الكثير من مقومات النص الادبي
ولكن كانت ثرثرة طفلة...وحسب
كانت هنالك بائعة للورد جميلة احبت فارساً به من الاخلاق شيئاً كثيرا احبته لدرجة الجنون والهوس
اغلقت عليها العادات كل طرق الحديث اليه فباتت اصمة تسربل حبه في وتينها
العشق والهوى جعلاها تتحدث في حضرة الصمت...بصمتٍ
ظلت الجميلة تخبئ المراد
حتى تفتحت لهما ابواب اللقاء وتقدم نحوها
ارتعشت وجنتاها ودق القلب عازفا اروع الالحان
اشترى ورداً ولم يدري انه أخذ منها قلبها قبل الورود
قررت ان تخبره بجنون قد فتنها فيه ...
اقترب منها وهو مبتسمٌ...واخبرها ان مافي قلبها...فيه
فابتسمت...وعادت الى منزلها مكللة بعطور حبه عادت هائمة محبة
أكان اللقاء ولا فراق...ام ستأتي لحظة يوماً ما اعود فيها لشوق ابكم محموم
طارت وردةٌ تحمل حروفاً مجهولة تخبرها ان حبه لها قد ولد
ان شوقه وجنونه بها قد اتقد
ومرت لحظات وايام ليلتقيا مجدداً
رددت عليه الحان حبها ورددها لها حتى تفتقت اوردة الورود وانتثر العطر وعانقت الروح الروح
ثملت العقول وثملت حتى سلمت له قلبها يشع نوراً...حباً
تمتم له قلبه بتطابق الجنون امتلأت رئتاه بالعطر والعشق
ارتعشت ثنايا فكره ...وكان الحب ... حباً
كانت تلك بداية البداية
هي وهو وانا وربما انتم
نشتهي الاكمال بالنكهة ذاتها ونشتهي تلك الورود الجميلة ...
قلمي مصر على الزحف بالعاشقة الى سرير الموت
كاصرار قدرها على ذلك
وكأن قلمي وقدرها اتفقا على تمزيق كل اثواب الفرح
واطفاء كل شموع النور
تجاهل قلمي كل الكسور والفراغات والنقص في الحكاية
والتي هي بسبب صعقتي وصدمتي بتلك الفكرة اللتي اقتحمت فكري وقلمي فجأة
كتجاهل القدر ايضاً بالكسور اللتي سيصنعها في قلوبهما
والتي هي بسبب انياب المرض اللتي اجتاحت جسدها ... فجأة
عذرا...سأغير اللحن واستسلم لقلمي كإستسلامها للقدر
فإن لم نفعل برضا ... سنفعل رغماً عنا
ليلة انشطر فيها القمر وتبعثر اشلاءً اشلاءً في وسط السماء ينزف الضوء
وبكت النجوم ألماً وحسرة حتى كادت تغرق المجرة
صارعت الرياح السحب واجتاحت الكواكب حتى كادت تخرجها عكس اتجاهها
عصافير على نافذتها خاشعة والفراشات قانتة وبالجوار زهورها مترقبة
فما تشعر به الآن تعلم ويعلمون انه ليس رغبة في النوم وفقط
عزف صاخب في اوردتها وآخر هادئ انبعث من قلبها
هنالك شيئاً ما مختلف ولكن كل الصخب والهدوء جعلوها تفقد عقلها فاحتضن كل جفن الآخر وأسدلت العينان
تراقصت في حلمها كفراشة حتى كادت الورود تحتضن قدميها
مرت ساعات الى ان هوت أسفل حفرة عميقة ايقظتها بنفس الوحشية التي
تجول بها المرض في جسدها ...في اللحظة ذاتها
صباح اليوم مختلفا كليلة البارحة ... ومختلفاً عنها ايضا
ضوء هزيل وشمس مرهقة وصرخات من الجوف تتعالى
ان الاحلام قد ضاعت ...فاستعدي للمواجهة
ماكان ينبض بالحياة في الامس تراه اليوم مشبعاً بالموت
هالات النور باتت ثقوباً سوداء تشفط الألوان من كل ماحولها
الحياة بها الكثير من الصعوبات والمشاق والاقدار التي لا نعرف ماذا تخبئ لنا داخل جعبتها
تمر الايام بسرعة الضوء حتى بات الأمر حقيقة معلومة للجميع
اما عنه فتمزق قلبه مع كل آهة رآها في عينيها وملامحها
مع كل وردة من ورودها ذبلت ...ومع كل محاولات ابعاده عنها تمسك بها
وازداد تمسكاً ...
ماكان منها سوى الابتعاد وحبه في القلب محفور فالسواد قدرها
تجاهلت آلاف الرسائل التي ارسلها لها تصنعت كرهه
وارتدت اقنعة اللاتقدير واللامبالاة حتى تظاهر هو الآخر بأنه قد تخلص منها ودفنها قبل ان تموت
مع كل يوم تشعر ان الالم يزداد واوجاعها لاتبور وكلما اشتد الوجع تعالت صرخاتها واستلقتها وسائدها المبللة
بعثرها الانهاك فبقت طريحة الفراش لا تقوى على الحركة
استيقظت باكراً هذا اصباح حاولت تجاهل الالم بقدر ماتستطيع ولكنه كان اكثر قوة وتسلطاً زحفت الى ورقتها لتخط رسالة الرحيل المهداة لجنونها
(الى أعظم حب تربع وسط اعماق قلبي والى أجل رجل جسد معاني الحنان في حياتي ...إليك حبيبي وها قد شهقت شهقتي الأخيرة وحان موعد جنازتي يا أنا رجوتك يا انفاسي ان تسامحني فأنت اعلم بقلبي مني اعتذر لك بدموع جارية من عين لم تر نقاءً كنقائك ولم تشهد حنان رجل كحنانك
يانور عيني وسر سعادتي سامحني فقد ابكيتك لليالٍ طويلة
وجعلتك تندم على لحظات جمعتنا...ووالله حبك في القلب محفور
كللني عذراً اذا لم استطع ان اكن الحبيبة التي تسعد حياتك وتملأها بالبهجة ...وددت لو ان امسح دموعك لا ان اسقطها يوما
لو تنظر لي بعين الفخر لا بعين الانكسار ياحبي
رحيلي لايعني نهاية الدنيا سأبقى بداخلك مهما مت او حييت
انت اجمل من رأته عيناي وأجمل من لمسته يداي)


ختمتها بدمعة انسابت عند اسفل الورقة طوتها وزرعتها اسفل الوسادة
ولا زالت الاوجاع تحطم جسدها تعاظم الألم فعلمت ان لحظة الفراق قد حانت
تمنت لو تراه للمرة الأخيرة فسارعت بالاتصال اليه
وصل مسرعا وضمها ...يخاطبها برعب
جميلتي ماذا بك ؟
(حبيبي ...اذا حدث لطفلتك مكروه لا تحزن تذكر قوله ذا الجلال والاكرام (وبشر الصابرين اللذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون))
اصبر كما صبرت وكن مؤمناً ...الموت حق وكل نفس ذائقة الموت ...دعني اقتله حتى لا يرعبني من جديد
فالموت لابد له ان يموت
ابتسم وارضى فإن شاء الله الخير لنا في الآخرة
هنا لك رسالة لا تفتحها سوى بعد موتي
قد لا أعود ولكن كن على يقين ان حبي لك لم يذهب حتى يعود...وكل يوم سيزداد عشقي لك يا اجمل اقداري !
ضمني بحنانك وعطفك واحتويني ...اوصلني لنهاية الحياة فأرحل
كنت دوما سيد وريدي ووتيني ...دعني ارحل فقد آن الاوان )








وها هي تقف اليوم بعد شهور على اليوم الذي وهبها فيه الله عمرا جديداً من خلاله بعد ان قادها من الموت الى الحياة
تقف باكية على قبره ولا تملك له سوى الدعاء بعد ان سرقه الموت في غفلة من الجميع
تقف وفي يدها وردة وضعتها على قبره كما فعلت يوميا منذ رحل
وتركها خلفه يتيمة كالغمازة التي تظهر على اليمين من شفاهه كلما ابتسم وتدعو الله ان يكون مثواه الجنة


اتعلم ...
ماجمعني بك اكبر من مجرد علاقة قلبية
ماجمعني بك شيئا يجعلني اغار عليك من جسدك اللذي يحتويك
...ماجمعني بك اكبر من ان تضمه ورقة طفله كنت بسمتها برغم الألم
ونبضها وقت الموت


بقلمي/حنايا الروح