فرق أكيد بين الخيال والواقع

[نبيل البصراوي]

بسم الله الرحمن الرحيم

كثيراً مانشعر مانشعر بدافعية كبيرة نحو الوصول إلى أهدافنا ... في ظل رغبة بالإستفادة القصوى من طاقاتنا وقدراتنا التي نعي تواجدها لدينا ... ونؤمن بأنه متى استغلت بالشكل الصحيح فإنها قادرة على الوصول بنا إلى غاياتنا المنشودة ...

*****

ولكن السؤال الذي يعظم بالمقابل ويضع نفسه حجر عثرة في طريق هذه اللحظات الإيجابية والإندفاعات المميزة يبدأ أيضاً ب (( لكن )) ؟؟... والمثير للعجب أنه وبدون هذا السؤال أيضاُ قد نجد أنفسنا في دوامة لاتنتهي من المشكلات الطارئة .. بل والعواقب الوخيمة ..


***





لنفترض أننا نسير في طريق ما سواء كان هذا الطريق مادياً حسياً ... أو من وحي الخيال ....وباعتبار طول الطريق والإستشراف للزمن المتوقع وتفاصيل الرحلة فإن الصورة المتكاملة في أذهاننا ترتكز على طبيعة نفوسنا .... وهي غالباً ماتميل إلى الجانب الإيجابي بداية ... من خلال البدء بالتصورات الوردية المرتكزة على كافة الجوانب الإيجابية التي نتصورها في أذهاننا .... وقد نرى أنفسنا ضمنياً وفي صورة ذهنية سعيدة وكأننا نعانق النجاح وعلى شفاهنا ابتسامة النصر التي تدفع قلوبنا لكي تدق بكامل قوتها ورغبتها مؤذنة لبدء مرحلة مميزة ننشدها في حياتنا ... كيف لا و نحن قد رأينا أنفسنا على خط النهاية محتفلين بالنصر ...

***




من رحم هذا الشعور تولد الإنطلاقة الدافعة إلى الأمام ...ويتجلى معها الإندفاع على مستوى التفكير من خلال البدء في التركيز الشديد على محاور هذا الطريق ومخطط السير الكلي بما يحتويه من ادوات للوصول إلى نهاية الطريق المرسوم .... وتفاصيل أخرى على جنباته .... وكذلك فيما يتعلق بنا نحن شخصياً ...ومن هنا تبدأ أسئلة الإستدراك المتتالية بشتى صورها وأشكالها ... وبغض النظر عن تقييمها وتشكيلها وطبيعة التعامل معها تظل في الغالب الأعم من الحالات أمراً سائداً وبارزاً إلى حد كبير ...

****





تبدأ الأسئلة بالإنهمار ... (( يبدوا الحلم قريباً جداً من التحقيق ... ولكن هل أنا قادر على تحقيقه ؟؟!! )) ... (( لدي قدرة كبيرة على تحصيل درجات أعلى ولكن هل يمكنني تعويض مافات ... ؟؟!! )) ...(( يبدو المشروع ذا جدوى عالية ولكن هل من طريقة لخفض التكاليف )) ... (( أنا مبدع جداً في عملي ولكنني أحتاج إلى المثابرة ..)) ... (( أستطيع الفوز ولكن منافسي قوي جداً ))... إلخ إلخ إلخ ...

*****




ومع هذا الزخم الكبير الذي يحتاج المزيد من التركيز ... تبدأ قوى الدفع في التراجع .... ويبدأ الخط البياني لأفكارنا ومشاعرنا في النزول شيئاً فشيئاً إلى مستويات أقل .. من الممكن أن تكون مجرد فترة لجني الأرباح كما يسمونها في أسواق البورصة ... وقد تتحول إلى انحدار رهيب قد يؤدي إلى تعطيل الوظائف الحيوية للمشروع إياه ... وربما إيقافه عن التنفيذ وقتياً ... أو أبدياً ...

***




وعلى ذات الطريق تبدأ الأفكار الناشئة من إجاباتنا المختلفة والمتعددة على تلك الأسئلة الإستدراكية في رسم طريقنا بتفاصيله الدقيقة ... عبر تحفيز الجانب المعنوي أو تثبيطه .... ومن خلال لعب دور المطبات الميكانيكية التي تلعب دوراً كبيراً في تحديد السرعة وكبح جماح التهور .... ولكنها بالمقابل قد تتسبب في المزيد من الأضرار المستقبلية بالعربة ان لم توظف جيداً ..ومن هنا تتضح الحاجة الماسة إلى خلق جو متوازن بين الحاجة الفعلية الاستدراك المبني على تفاصيل تحتاج الكثير من الاهتمام بعيداً عن الإفراط في تلك المتعلقة بهواجس وأحاسيس لامكان لها من الواقع ولادور لها سوى تعزيز حالة التثاقل ...

***





كما أن التعامل المعقول مع هذه التساؤلات التي تبدو في ظاهرها صحية .... قد يكون ذا دور سلبي وهادم لمخططات سيرنا وانطلاقاتنا نحو الأمام .... من خلال المبالغة في معاكسة تروس التقدم نظراً للزيادة الكبيرة في معدلات التخوف وبالتالي ظهور المزيد من المشكلات الإفتراضية التي قد تحيل مشروعنا الحالم إلى أمر غير ذي جدوى ...

****