..{ فع‘ــآآليـآآت المنتــدى }..



آخر 12 مواضيع
دعوة لنقاش تابع مسابقة اجمل موضوع
الكاتـب : شاعر الانسانية - آخر مشاركة : د/ عبد الله - مشاركات : 2 -
مسابقة اجمل موضوع
الكاتـب : شاعر الانسانية - آخر مشاركة : طبيب الهوى - مشاركات : 6 -
سئمت الصمت
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 4 -
الفرق بين الكسل والايمان
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 13 -
رأيك خير دليل
الكاتـب : شاعر الانسانية - مشاركات : 6 -
شاعر الأنسانيه مبارك الأشراف
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : شاعر الانسانية - مشاركات : 14 -
أيران وحرب الجرذان
الكاتـب : ساحر الأحزان - مشاركات : 12 -
واجب عزاء لأختنا لميـس في وفاه والدتها
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : طبيب الهوى - مشاركات : 16 -
أمل
الكاتـب : د/ عبد الله - آخر مشاركة : شاعر الانسانية - مشاركات : 7 -
حقائق لن يخبرك عنها احد ...يمكنك نشرها
الكاتـب : out off box - آخر مشاركة : أمير عسكر - مشاركات : 3 -
خطيئتي الكبرى .. قلم مهيب
الكاتـب : مهيب الركن . - آخر مشاركة : دمعه حائره - مشاركات : 11 -
ساحر الأحزان مع أعضاء بنات مصر في رمضان مع مـريم
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : مهيب الركن . - مشاركات : 4 -

الإهداءات


ملف شامل الصلاه واحكامها من الكتاب والسنه

منتدى الاسلاميات والقرأن الكريم


إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم منذ /04-16-2012, 11:51 PM   #1

مشرفة الاسلاميات والمكتبات سابقا

نور الإيمان

 

 رقم العضوية : 76161
 تاريخ التسجيل : Oct 2011
 الجنس : ~ أنثى
 المشاركات : 9,116
 الحكمة المفضلة : متى أقحطت العين من البكاء من خشية الله ، فاعلم أن قحطها من قسوة القلب
 النقاط : سارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 59626
 قوة التقييم : 30

سارية فى درب الرسول غير متواجد حالياً

أوسمة العضو

ثالث اكثر المشرفين مشاركة بردود داخل قسمه ثالث اكثر المشرفين مشاركة بمواضيع داخل قسمه وسام مسابقه اقلام بعبق الروعه 457 440 185 119 115 15 88 

افتراضي ملف شامل الصلاه واحكامها من الكتاب والسنه



صلاة الجمـاعـة
مفهوم، وفضائل، وأحكام، وفوائد، وآداب
في ضوء الكتاب والسنة
بسم الله الرحمن الرحيم


إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:


فهذه رسالة مختصرة في "صلاة الجماعة" بيّنت فيها: مفهوم صلاة الجماعة، وحكمها، وفوائدها، وفضلها، وفضل المشي إليها، وآداب المشي إليها، وانعقادها باثنين، وإدراكها بركعة، وأن صلاة الجماعة الثانية مشروعة لمن فاتته صلاة الجماعة الأولى مع الإمام، وأن من صلى ثم أدرك جماعة أعادها معهم نافلة، وأن المسبوق يدخل مع الإمام على أي حال وجده، ولكن لا يعتد بركعة لا يدرك ركوعها، ويصلي ما بقي من صلاته إذا سلم إمامه. وقرنت كل مسألة بدليلها.

وقد استفدت كثيراً من تقريرات وترجيحات شيخنا سماحة الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز – رحمه الله- ورفع درجاته في جنات النعيم.

والله تعالى أسأل أن يجعل هذا العمل مقبولاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه سبحانه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخيرته من خلقه، نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.



المبحث الأول: مفهوم صلاة الجماعة لغة واصطلاحاً:

1- الصلاة لغة: الدعاء، قاله الله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ}[سورة التوبة، الآية: 103] أي ادعُ لهم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ”إذا دُعي أحدكم فليُجِبْ، فإن كان صائماً فليصلِّ، وإن كان مفطراً فليطعم“([1]).

أي فليدعُ بالبركة والخير والمغفرة([2])، والصلاة من الله حسن الثناء، ومن الملائكة الدعاء، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}. [سورة الأحزاب، الآية: 56] قال أبو العالية: "صلاة الله: ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء"([3])، وقال ابن عباس – رضي الله عنهما-: "يصلون: يبرِّكون"([4])، وقيل: إن صلاة الله الرحمة، وصلاة الملائكة الاستغفار، والصواب القول الأول([5]). فالصلاة من الله: الثناء، ومن المخلوقين: الملائكة، والإنس، والجن: القيام، والركوع، والسجود، والدعاء، والاستغفار، والتسبيح. والصلاة من الطير والهوام: التسبيح([6]).


2- الصلاة في الاصطلاح الشرعي: عبادة لله ذات أقوال، وأفعال معلومة مخصوصة، مفتَتَحة بالتكبير، مختَتَمة بالتسليم، وسُمِّيت صلاة؛ لاشتمالها على الدعاء([7])؛ فإنها كانت اسماً لكل دعاء فصارت اسماً لدعاء مخصوص، أو كانت اسماً لدعاء فنقلت إلى الصلاة الشرعية؛ لما بينها وبين الدعاء من المناسبة، والأمر في ذلك متقارب، فإذا أطلق اسم الصلاة في الشرع لم يفهم منه إلا الصلاة المشروعة[8]، وقد اشتملت على الدعاء بنوعيه:

دعاء المسألة: وهو طلب ما ينفع الداعي من جلب النفع أو دفع ضر أو كشفه، وسؤال الحاجات من الله بلسان الحال.

ودعاء العبادة: وهو طلب الثواب بالأعمال الصالحة: من القيام، والركوع، والسجود، فمن فعل هذه العبادات فقد دعا ربه وطلبه بلسان الحال أن يغفر له، فاتضح بذلك أن الصلاة كلها: دعاء مسألة ودعاء عبادة؛ لاشتمالها على ذلك كله([1]).

3- الجماعة لغة: عدد كل شيء وكثرته، والجمعُ: تأليف المتفرِّق؛ والمسجدُ الجامعُ: الذي يجمع أهله، نعتٌ له؛ لأنه علامة للاجتماع، ويجوز: مسجد الجامع بالإضافة، كقولك: الحقُ اليقينُ وحقُّ اليقين، بمعنى: مسجد اليوم الجامع، وحق الشي اليقين؛ لأن إضافة الشيء إلى نفسه لا تجوز إلا على هذا التقرير، والجماعة: عدد من الناس يجمعهم غرض واحد([2]).

4- الجماعة في الاصطلاح الشرعي: تطلق على عدد من الناس، مأخوذة من معنى الاجتماع، وأقل ما يتحقق به الاجتماع اثنان: إمام ومأموم([3]) وسميت صلاة الجماعة: لاجتماع المصلين في الفعل: مكانا وزماناً، فإذا أخلوا بهما أو بأحدهما لغير عذر كان ذلك منهيّاً عنه باتفاق الأئمة([4]).






المبحث الثاني: حكم صلاة الجماعة:

صلاة الجماعة فرض عين على الرجال المكلفين القادرين، حضراً وسفراً، للصلوات الخمس([1])؛ لأدلة صريحة كثيرة من الكتاب والسنة الصحيحة، والآثار، ومنها ما يأتي:

1- أمر الله تعالى حال الخوف بالصلاة جماعة فقال:{وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ}[سورة النساء، الآية: 102]. فالله – عز وجل- أمر بالصلاة في الجماعة في شدة الخوف، ثم أعاد هذا الأمر سبحانه مرة ثانية في حق الطائفة الثانية، فلو كانت الجماعة سنة لكان أولى الأعذار بسقوطها عذر الخوف، ولو كانت فرض كفاية لأسقطها سبحانه عن الطائفة الثانية بفعل الأولى، فدّل ذلك على أن الجماعة فرض على الأعيان.


2- أمر الله – عز وجل- بالصلاة مع المصلين فقال:{وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ}. [سورة البقرة، الآية: 43]، فقد أمر الله –عز وجل- بالصلاة مع جماعة المصلين والأمر يقتضي الوجوب.

3- عاقب الله من لم يُجب المؤذن فيصلي مع الجماعة بأن حال بينهم وبين السجود يوم القيامة، قال – عز وجل-: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ، خَاشِعَةً
([1])اتفق علماء الإسلام على أن إقامة الصلوات الخمس في المساجد هي من أعظم العبادات، وأجل القربات، ولكن تنازع العلماء بعد ذلك في كونها، واجبة على الأعيان، أو على الكفاية، أو سنة مؤكدة على النحو الآتي:


1- فرض عين، وهذا المنصوص عن الإمام أحمد وغيره من أئمة السلف وفقهاء الحديث.

2- فرض كفاية، وهذا المرجح في مذهب الشافعي، وقول بعض أصحاب مالك وقول في مذهب أحمد.

3- سنة مؤكدة، وهذا هو المعروف عن أصحاب أبي حنيفة، وأكثر أصحاب مالك، وكثير من أصحاب الشافعي، ويذكر رواية عن أحمد.

4- فرض عين وشرط في صحة الصلاة، وهو قول طائفة من قدماء أصحاب أحمد وطائفة من السلف، واختاره ابن حزم وغيره، ويذكر عن شيخ الإسلام ابن تيمية في أحد قوليه كما في الاختيارات الفقهية ص103، وعن تلميذه ابن القيم كما في كتاب الصلاة ص82-87 والقول الصواب هو الأول والله أعلم.


انظر: كتاب المجموع شرح المهذب للشيرازي، للإمام النووي، 4/87، والمغني لابن قدامة، 3/5، وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 23/225- 254، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، للمرداوي، مع المقنع والشرح الكبير، 4/265، ونيل الأوطار للشوكاني، 2/340، والأخبار العلمية من الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص103، وكتاب الصلاة لابن القيم ص 69-86، وصلاة الجماعة للأستاذ الدكتور صالح بن غانم السدلان، ص61-72، وأهمية صلاة الجماعة للأستاذ الدكتور فضل إلهي ص41-110، وفتاوى الإمام ابن باز 12/7، والشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين، 4/204، والإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم 1/239.



أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ}[سورة القلم، الآيتان: 42-43]. فقد عاقب سبحانه من لم يجب الداعي إلى الصلاة مع الجماعة بأن حال بينه وبين السجود يوم القيامة، وعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه- قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ”يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياءً وسمعة، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً“. وفي لفظ: ”.. فيُكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاءً ورياءً إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خرَّ على قفاه..“([1]).

وهذا فيه عقوبة للمنافقين وأن ظهورهم يوم القيامة تكون طبقاً واحداً: أي فقار الظهر كله يكون كالفقارة الواحدة فلا يقدرون على السجود([2]).


4- أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة مع الجماعة، فعن مالك بن الحويرث – رضي الله عنه- قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من قومي، فأقمنا عنده عشرين ليلة – وكان رحيماً رفيقاً- فلما رأى شوقنا إلى أهالينا قال: ”ارجعوا فكونوا فيهم، وعلِّموهم، وصلُّوا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم“([3]).

فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بصلاة الجماعة، والأمر يقتضي الوجوب.


5- هم النبي صلى الله عليه وسلم بتحريق البيوت على المتخلفين عن صلاة الجماعة؛ فعن أبي هريرة – رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ناساً في بعض الصلوات فقال: ”لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس، ثم أُخالف([4])إلى رجالٍ يتخلَّفون عنها فآمر بهم فيحرقوا عليهم بحزم الحطب بيوتهم، ولو عَلِمَ أحدهم أنه يجد عظماً سميناً لشهدها“. وهذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري: ”والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب ليحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجالٍ فأحرِّق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عَرْقاً سميناً([5])أو مرماتين حسنتين([6])

(
[1]) متفق عليه: البخاري، كتاب التفسير، تفسير سورة {ن وَالْقَلَمِ} باب "يوم يكشف عن ساق" برقم 4919، وكتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} برقم 7439، ومسلم، كتاب الإيمان، باب إثبات رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة، برقم 182.

(
[2]) انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، 3/114.

(
[3]) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب من قال يؤذن في السفر مؤذن واحد، برقم 628، ومسلم، كتاب المساجد، باب من أحق بالإمامة، برقم 674.

(
[4]) أخالف إلى رجال: أي أذهب إليهم، شرح النووي على صحيح مسلم، 5/160.

(
[5]) عَرقا: العرق: العظم بما عليه من بقايا اللحم بعدما أخذ عنه معظم اللحم. جامع الأصول لابن الأثير، 5/568.

(
[6]) المرماة: قبل هو ما بين ظلفي الشاة، وقيل: سهمان يرمي بهما الرجل. انظر جامع الأصول لابن الأثير، 5/568.


لشهد العشاء“. وفي لفظ مسلم: ”إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتموهما ولو حبواً([1]ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتُقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قومٍ لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار“([2]). وفي هذا الحديث دلالة على أن صلاة الجماعة فرض عين([3]).

6- لم يرخص النبي صلى الله عليه وسلم للأعمى بعيد الدار في التخلف عن الجماعة؛ فعن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له؛ فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولَّى دعاه فقال: ”هل تسمع النداء بالصلاة؟“ فقال: نعم، قال: ”فأجب“[4].

وعن ابن أم مكتوم – رضي الله عنه- أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني رجل ضرير البصر، شاسع الدار، ولي قائد لا يلائمني، فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: ”هل تسمع النداء؟“ قال: نعم، قال: ”لا أجد لك رخصة“([5]). وفي لفظ أنه قال: يا رسول الله، إن المدينة كثيرة الهوام والسباع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ”أتسمع حيَّ على الصلاة حيَّ على الفلاح؟ فحي هلا([6]).
وهذا يصرح فيه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لا رخصة للمسلم في التخلف عن صلاة الجماعة إذا سمع النداء، ولو كان مخيراً بين أن يصلي وحده أو جماعة، لكان أولى الناس بهذا التخيير هذا الأعمى الذي قد اجتمع له سنة أعذار: كونه أعمى البصر، وبعيد الدار، والمدينة كثيرة الهوام والسباع، وليس له قائد يلائمه، وكبير السن، وكثرة النخل والشجر بينه وبين المسجد([7]).

(
[1]) حبواً: الحبو حبو الصبي الصغير على يديه ورجليه، شرح النووي على صحيح مسلم، 5/160.

(
[2]) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب وجوب صلاة الجماعة، برقم 644، ومسلم، كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم 651.

(
[3]) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 5/161.

(
[4]) مسلم، كتاب المساجد، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء، برقم 653.

(
[5]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب في ترك الجماعة، برقم 552، وقال العلامة الألباني في صحيح سنن أبي داود: "حسن صحيح" 1/110.

(
[6]) "حي" أي هلمَّ، وكلمة "هلا" بمعنى عجل وأسرع. جامع الأصول لابن الأثير، 5/566][أبو داود، كتاب الصلاة، باب التشديد في ترك الجماعة، برقم 553، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/110.

(
[7]) انظر: كتاب الصلاة لابن القيم ص76، وصحيح الترغيب والترهيب للألباني ص173.


7- بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له؛ فعن ابن عباس – رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ”من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر“([1]). وهذا يدل على أن صلاة الجماعة فرض عين، وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز – رحمه الله- يقول: "معنى لا صلاة له: أي لا صلاة كاملة بل ناقصة، والجمهور على الإجزاء..."([2]).

8- تركُ صلاة الجماعة من علامات المنافقين ومن أسباب الضلال؛
لقول عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه-: "لقد رأيتُنا وما يتخلَّف عن الصلاة إلا منافق قد عُلِم نفاقه، أو مريض، إن كان المريض ليمشي بين الرجلين حتى يأتي الصلاة، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهُدى، وإن من سنن الهُدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه". وفي رواية: أن عبد الله قال: "من سرَّه أن يلقى الله تعالى غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات، حيثُ ينادى بهِنَّ؛ فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى([3]) وإنهنَّ من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم([4])، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجدٍ من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتُنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يُهادى بين الرجلين([5]) حتى يقام في الصف"([6]).

(
[1]) ابن ماجه، كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم 793، والدارقطني في سننه، 1/420 برقم 4، وابن حبان "الإحسان" 5/415 برقم 2064، والحاكم وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، 1/245، وأخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب التشديد في ترك الجماعة، برقم 551، وصححه ابن القيم في كتاب الصلاة، ص76، والألباني في صحيح سنن ابن ماجه 1/132، وصحيح سنن أبي داود 1/110، وفي إرواء الغليل 2/327، وسمعت الإمام ابن باز أثناء تقريره على الحديث رقم 427 من بلوغ المرام يقول: "لا بأس به على شرط مسلم" وهذا كما قال الحافظ ابن حجر في البلوغ: "وإسناده على شرط مسلم".


(
[2]) سمعته من سماحته أثناء تقريره على بلوغ المرام الحديث رقم 427.

(
[3]) سنن الهدى، روي بضم السين وفتحها وهما بمعنى متقارب، أي طرائق الهدى والصواب. شرح النووي على صحيح مسلم، 5/162.

(
[4]) وفي رواية أبي داود برقم 550 "ولو تركتم سنة نبيكم لكفرتم" . قال الألباني في صحيح سنن أبي داود" لضللتم" وهو المحفوظ، 1/110.

(
[5]) يهادى: أي يمسكه رجلان من جانبيه بعضديه يعتمد عليهما، شرح النووي على صحيح مسلم، 5/162.

(
[6]) مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم


وهذا يدل على أن التخلف عن الجماعة من علامات المنافقين المعلوم نفاقهم، وعلامات النفاق لا تكون بترك مستحب ولا بفعل مكروه، ومعلوم أن من استقرأ علامات النفاق في السنة وجدها إما بترك فريضة أو فعل محرم([1]) وفي هذا كله تأكيد أمر الجماعة، وتحمل المشقة في حضورها، وأنه إذا أمكن المريض ونحوه التوصل إليها استحب له حضورها([2]).
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”إن للمنافقين علامات يعرفون بها: تحيتهم لعنةٌ، وطعامهم نُهبة، وغنيمتهم غلول، ولا يقربون المساجد إلا هَجْراً([3])، ولا يأتون الصلاة إلا دَبْراً([4]) مستكبرين، لا يألفون ولا يؤلفون، خُشُبٌ([5]) بالليل، صُخُبٌ بالنهار“([6]). وفي لفظ: ”سُخُبٌ بالنهار“([7]).
وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- قال: "كنا إذا فقدنا الرجل في صلاة العشاء وصلاة الفجر أسأنا به الظن"([8]). وفي رواية عنه – رضي الله عنه-: "كنا إذا فقدنا الرجل في صلاة الغداة أسأنا به الظن"([9]).


9- تارك صلاة الجماعة متوعد بالختم على قلبه؛
لحديث ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم- أنهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم يقول على أعواده([10]): ”لينتهين أقوامٌ عن
(
[1]) انظر: كتاب الصلاة، لابن القيم ص77.

(
[2]) شرح النووي على صحيح مسلم، 5/162.

(
[3]) لا يقربون المساجد إلا هجراً: يعني لا يقربون المساجد بل يهجرونها، انظر: شرح المسند، لأحمد شاكر، 15/51.

(
[4]) دَبْراً: أي آخراً، حين كاد الإمام أن يفرغ. شرح المسند، لأحمد شاكر، 15/61.

(
[5]) خشب بالليل: أي ينامون الليل لا يصلون، شبههم في تمددهم نياماً بالخشب المطرحة، شرح المسند لأحمد شاكر، 15/51.

(
[6]) صخب: سخب وصخب: الضجة واضطراب الأصوات للخصام على الدنيا شحّاً وحرصاً. انظر: شرح المسند لأحمد شاكر، 15/51.

(
[7]) أحمد في المسند، 2/293، وحسن إسناده العلامة أحمد محمد شاكر، في شرحه للمسند 15/50-51، برقم 7913.

(
[8]) ابن أبي شيبة في المصنف، كتاب الصلوات، في التخلف في العشاء والفجر، وفضل حضورهما، 1/332، ورواه الطبراني في المعجم الكبير، 12/271 برقم 13085، والبزار [مختصر زوائد مسند البزار على الكتب الستة ومسند أحمد لابن حجر، 1/228 برقم 301] قال الهيثمي في مجمع الزوائد، 1/40: "رواه الطبراني في الكبير والبزار، ورجال الطبراني موثوقون".

(
[9]) البزار [مختصر زوائد مسند البزار لابن حجر، 1/228، برقم 302]، وقال ابن حجر: "وهذا إسناد صحيح، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 1/40: رواه البزار ورجاله ثقات".

(
[10]) على أعواده: أي على المنبر الذي اتخذه من الأعواد: شرح السندي على سنن ابن ماجه، 1/436.


ودعهم([1])
الجماعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكوننَّ من الغافلين“([2]). وهذا التهديد لا يكون إلا على ترك واجب عظيم.

10- استحواذ الشيطان على قوم لا تقام فيهم الجماعة؛
لحديث أبي الدرداء- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”ما من ثلاثة في قرية، ولا بدوٍ لا تقام فيهم الصلاة([3]) إلا قد استحوذ عليهم الشيطان([4]) فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية“([5]). قال زائدة: قال السائب: يعني بالجماعة: الصلاة في الجماعة([6])، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم باستحواذ الشيطان عليهم بترك الجماعة التي شعارها الأذان، وإقامة الصلاة، ولو كانت الجماعة ندباً يخير الرجل بين فعلها وتركها لما استحوذ الشيطان على تاركها وتارك شعارها([7]).

11- تحريم الخروج من المسجد بعد الأذان حتى يصلي صلاة الجماعة؛
لحديث أبي الشعثاء قال: كنا قعوداً في المسجد مع أبي هريرة – رضي الله عنه- فأذن المؤذن، فقام رجل من المسجد يمشي فأتبعه أبو هريرة بصره حتى خرج من المسجد، فقال أبو هريرة – رضي الله عنه-: "أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم"([8]). فقد جعله أبو هريرة – رضي الله عنه- عاصياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم بخروجه بعد الأذان؛ لتركه الصلاة جماعة([9]).



(
[1]) عن ودعهم الجماعات: أي تركهم. شرح السندي على سنن ابن ماجه، 1/436.

(
[2]) ابن ماجه، كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم 794، وصححه العلامة الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 1/132، والحديث أخرجه مسلم، برقم 865 لكنه بلفظ: "الجُمُعات".

(
[3]) لا تقام فيهم الصلاة: أي جماعة. عون المعبود شرح سنن أبي داود، للعظيم آبادي 2/251.

(
[4]) استحوذ عليهم الشيطان: أي غلبهم وحولهم إليه، عون المعبود شرح سنن أبي داود، 2/251.

(
[5]) فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، أي إن الشيطان يتسلط على الخارج عن الجماعة. انظر: عون المعبود 2/251.

(
[6]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب التشديد في ترك الجماعة، برقم 547، والنسائي، كتاب الإمامة، باب التشديد في ترك الجماعة، برقم 847، وأحمد 6/446، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، 1/246 وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/109، وفي صحيح سنن النسائي، 11/182.

(
[7]) انظر: كتاب الصلاة، لابن القيم، ص80.

(
[8]) مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن الخروج من المسجد إذا أذن المؤذن، برقم 655.

(
[9]) انظر: كتاب الصلاة لابن القيم ص81.


قال الإمام النووي – رحمه الله تعالى-: "فيه كراهة الخروج من المسجد بعد الأذان حتى يصلي المكتوبة إلا لعذر والله أعلم"([1]). وقد جاء النهي صريحاً، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتى يصلي“([2]). وعنه – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”لا يسمع النداء في مسجدي هذا ثم يخرج منه إلا لحاجة، ثم لا يرجع إليه إلا منافق“([3]).

وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز – رحمه الله- يذكر أنه لا يجوز الخروج من المسجد الذي أذن فيه، إلا لعذر: كأن يريد الوضوء أو يصلي في مسجد آخر.
قلت: قال الترمذي – رحمه الله-: "وعلى هذا العمل عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم، أن لا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان إلا من عذر، أو يكون على غير وضوء، أو أمرٌ لا بد منه"([4]).
وذكر المباركفوري – رحمه الله-: أن الحديث يدل على أنه لا يجوز الخروج من المسجد، بعدما أذن فيه، إلا للضرورة، كمن كان جنباً، أو عليه حدث أصغر، أو الذي حصل له رعاف أو الحاقن، ونحوهم، وكذا من يكون إماماً لمسجد آخر، ومن في معناه([5]).

12- تفقد النبي صلى الله عليه وسلم للجماعة في المسجد يدل على وجوب صلاة الجماعة؛
لحديث أبي بن كعب – رضي الله عنه- قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً الصبح، فقال: ”أشاهد فلان؟“ قالوا: لا، قال: ”أشاهد فلان؟“ قالوا: لا، قال: ”إن هاتين الصلاتين([6]) أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما، لأتيتموها ولو حبوا على الركب، وإن الصف الأول على مثل صف الملائكة، ولو علمتم ما فضيلته لابتدرتموه،

(
[1]) شرح النووي على صحيح مسلم، 5/163.

(
[2]) أخرجه أحمد في المسند، 2/537، قال الهيثمي في مجمع الزوائد، 2/5، "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح".

(
[3]) أخرجه الطبراني في الأوسط [مجمع البحرين، 2/22، برقم 643] وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 2/5: "رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح".

(
[4]) سنن الترمذي، كتاب الصلاة، باب النهي عن الخروج من المسجد إذا أذن المؤذن، بعد الحديث رقم 204.

(
[5]) انظر: تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، للمباركفوري، 2/607.

(
[6]) إن هاتين الصلاتين: أي صلاة العشاء والفجر، كما تقدم.



وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى“([1])
.

13- إجماع الصحابة – رضي الله عنهم- على وجوب صلاة الجماعة؛
فقد ذكر الإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى- إجماع الصحابة على وجوب صلاة الجماعة، وذكر نصوصهم في ذلك، ثم قال: "فهذه نصوص الصحابة كما تراها: صحةً وشهرةً، وانتشاراً، ولم يجيء عن صحابي واحد خلاف ذلك، وكل من هذه الآثار دليل مستقل في المسألة، لو كان وحده، فكيف إذا تعاضدت وتظافرت، وبالله التوفيق"([2]).
وقال الترمذي – رحمه الله-: "وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا: من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له"([3]). وقال بعض أهل العلم: هذا على التغليظ والتشديد ولا رخصة لأحد في ترك الجماعة إلا من عذر"([4]).
وقال مجاهد: "وسئل ابن عباس عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل، ولا يشهد جمعة ولا جماعة؟ قال: هو في النار"([5]).
قال الترمذي – رحمه الله-: "ومعنى الحديث: أن لا يشهد الجماعة والجمعة رغبة عنها، واستخفافاً بحقها، وتهاوناً بها"([6]).
المبحث الثالث: فوائد صلاة الجماعة:
صلاة الجماعة فيها فوائد كثيرة، ومصالح عظيمة، ومنافع متعددة شرعت من أجلها، وهذا يدل على أن الحكمة تقتضي أن صلاة الجماعة فرض عين، ومن هذه الفوائد والحكم التي شرعت من أجلها ما يأتي:

(
[1]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم554، واللفظ له، والنسائي، كتاب الإمامة، باب الجماعة إذا كانوا اثنين، برقم 843، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/110، وفي صحيح سنن النسائي، 1/183.

(
[2]) كتاب الصلاة ص81-82.

(
[3]) سنن الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن يسمع النداء فلا يجيب، بعد الحديث رقم 217.

(
[4]) سنن الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن يسمع النداء فلا يجيب، بعد الحديث رقم 217.

(
[5]) سنن الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن يسمع النداء فلا يجيب، برقم 218، قال العلامة أحمد محمد شاكر في حاشيته على سنن الترمذي، 1/424: "وهذا إسناد صحيح، وهذا الحديث وإن كان موقوفاً ظاهراً على ابن عباس إلا أنه مرفوعاً حكماً؛ لأن مثل هذا مما لا يعلم بالرأي...".

(
[6]) سنن الترمذي، باب ما جاء فيمن يسمع النداء فلا يجيب، 1/424.


1- شرع الله – عز وجل- لهذه الأمة الاجتماع في أوقات معلومة،
منها ما هو في اليوم والليلة كالصلوات الخمس، ومنها ما هو في الأسبوع وهو صلاة الجمعة، ومنها ما هو في السنة متكرراً وهو صلاة العيدين لجماعة كل بلد، ومنها ما هو عامٌّ في السنة وهو الوقوف بعرفة؛ لأجل التواصل وهو الإحسان، والعطف، والرعاية؛ ولأجل نظافة القلوب، والدعوة إلى الله – عز وجل- بالقول والعمل.
2- التعبد لله تعالى بهذا الاجتماع؛
طلباً للثواب وخوفاً من عقاب الله ورغبة فيما عنده.
3- التوادد، وهو التحاب؛
لأجل معرفة أحوال بعضهم لبعض، فيقومون بعيادة المرضى، وتشييع الموتى، وإغاثة الملهوفين، وإعانة المحتاجين؛ ولأن ملاقاة الناس بعضهم لبعض توجب المحبة، والألفة.
4- التعارف؛
لأن الناس إذا صلى بعضهم مع بعض حصل التعارف، وقد يحصل من التعارف معرفة بعض الأقرباء فتحصل صلته بقدر قرابته، وقد يعرف الغريب عن بلده فيقوم الناس بحقه.
5- إظهار شعيرة من أعظم شعائر الإسلام؛
لأن الناس لو صلوا كلهم في بيوتهم ما عرف أن هنالك صلاة.
6- إظهار عز المسلمين،
وذلك إذا دخلوا المساجد ثم خرجوا جميعاً، وهذا فيه إغاظة لأهل النفاق والكافرين، وفيه البعد عن التشبه بهم والبعد عن سبيلهم.
7- تعليم الجاهل؛
لأن كثيراً من الناس يستفيد مما شرع في الصلاة بواسطة صلاة الجماعة، ويسمع القراءة في الجهرية فيستفيد ويتعلم، ويسمع أذكار أدبار الصلوات فيحفظها، ويقتدي بالإمام ومن بجانبه وأمامه فيتعلم أحكام صلاته، ويتعلم الجاهل من العالم.
8- تشجيع المتخلف عن الجماعة،
والقيام بإرشاده وتوجيهه، والتواصي بالحق والصبر عليه.
9- تعويد الأمة الإسلامية على الاجتماع وعدم التفرق؛
فإن الأمة مجتمعة على طاعة ولي الأمر، وهذه الصلاة في الجماعة ولاية صغرى؛ لأنهم يقتدون بإمام واحد يتابعونه تماماً، فهي تشكل النظرة العامة للإسلام.
10- تعويد الإنسان ضبط النفس؛
لأنه إذا اعتاد على متابعة الإمام متابعة دقيقة، لا يكبر قبله، ولا يتقدم ولا يتأخر كثيراً، ولا يوافقه بل يتابعه تعود على ضبط النفس.
11- استشعار المسلم وقوفه في صف الجهاد كما قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ}
[سورة الصف، الآية: 4]. فهؤلاء الذين صاروا صفّاً في الجهاد لا شك أنهم إذا تعودوا ذلك في الصلوات الخمس سوف يكون ذلك وسيلة إلى ائتمامهم بقائدهم في صف الجهاد، فلا يتقدمون ولا يتأخرون عن أوامره.
12- شعور المسلمين بالمساواة، وتحطيم الفوارق الاجتماعية؛
لأنهم يجتمعون في المسجد: أغنى الناس بجنب أفقر الناس، والأمير إلى جنب المأمور، والحاكم إلى جنب المحكوم، والصغير إلى جنب الكبير، وهكذا، فيشعر الناس بأنهم سواء، فتحصل بذلك الألفة؛ ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمساواة الصفوف حتى قال: ”ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم“([1]).
13- تفقد أحوال الفقراء، والمرضى، والمتهاونين بالصلاة؛
فإن الناس إذا رأوا الإنسان يلبس ثياباً بالية وتبدو عليه علامات الجوع رحموه، وأحسنوا إليه، وإذا تخلف بعضهم عن الجماعة عرفوا أنه كان مريضاً، أو عاصياً فينصحوه فيحصل التعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
14- استشعار آخر هذه الأمة بما كان عليه أولها؛
لأن الصحابة كانوا يقتدون بالرسول صلى الله عليه وسلم فيستشعر الإمام أنه في مقام الرسول صلى الله عليه وسلم ويستشعر المأموم أنه في مقام الصحابة – رضي الله عنهم- وهذا يعطي الأمة الحرص على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
15- اجتماع المسلمين في المسجد راغبين
فيما عند الله من أسباب نزول البركات.
16- يزيد نشاط المسلم فيزيد عمله عندما
يشاهد أهل النشاط في العبادة، وهذا فيه فائدة عظيمة.
17- تضاعف الحسنات ويعظم الثواب.
18- الدعوة إلى الله – عز وجل- بالقول والعمل،
إلى غير ذلك من الفوائد الكثيرة([2]).
19- اجتماع المسلمين في أوقات معينة يربيهم
على المحافظة على الأوقات.

(
[1]) مسلم، كتبا الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها، برقم 432.

(
[2]) انظر: حاشية الروض المربع لعبد الرحمن بن قاسم، 2/255، والإحكام شرح أصول الأحكام له، 1/340، ومجموع فتاوى ابن باز، 12/19-20، والشرح الممتع لابن عثيمين 4/192-195، وصلاة الجماعة للأستاذ الدكتور غانم السدلان ص23.


المبحث الرابع: فضل صلاة الجماعة:

الصلاة مع الجماعة لها فضائل كثيرة،
منها ما يأتي:

1- صلاة الجماعة بسبع وعشرين صلاة فرادى،
فالمصلي مع جماعة يحصل له من صلاة الجماعة مثل أجر صلاة المنفرد سبع وعشرين مرة([1])؛ لحديث عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة“. ولفظ مسلم: ”صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة“. وفي لفظ له: ”صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته وحده سبعاً وعشرين“([2]). وعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ”الجماعة تفضل صلاة الفذِّ بخمس وعشرين درجة“([3]). وعن أبي هريرة – رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”تفضل صلاة في الجميع على صلاة الرجل وحده خمساً وعشرين درجة“. قال: ”وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر“. قال أبو هريرة: "واقرأوا إن شئتم {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}. وفي لفظ: ”بخمس وعشرين جزءًا“([4]). والجزء والدرجة بمعنى واحد([5]).

وقد جُمع بين هذه الروايات: بأن حديث الخمس والعشرين ذكر فيه الفضل الذي بين صلاة المنفرد والصلاة في الجماعة، والفضل خمس وعشرون، وحديث السبع والعشرين ذكر فيه صلاته منفرداً وصلاته في الجماعة، والفضل بينهما، فصار المجموع سبعاً وعشرين([6]). وقال الإمام النووي – رحمه الله-: "والجمع بينها من ثلاثة أوجه:
أحدها:
أنه لا منافاة بينها فذكر القليل لا ينفي الكثير، ومفهوم العدد باطل عند الأصوليين.
والثاني:
أن يكون أخبر أولاً بالقليل، ثم أعلمه الله تعالى بزيادة الفضل فأخبر بها.

(
[1]) انظر: نيل الأوطار للشوكاني، 2/347، وسب السلام للصنعاني، 3/67.

(
[2]) متفق عليه: البخاري كتاب الأذان، باب فضل صلاة الجماعة، برقم 645، ومسلم، كتاب المساجد، باب فضل صلاة الجماعة، برقم 650.

(
[3]) البخاري، كتاب الأذان، باب فضل صلاة الجماعة، برقم 646.

(
[4]) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب فضل صلاة الفجر في جماعة، برقم 648، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم 649.

(
[5]) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 5/158، وسبل السلام للصنعاني، 3/66.

(
[6]) فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 23/222-223.


والثالث:
أنه يختلف باختلاف أحوال المصلين والصلاة: فيكون لبعضهم خمس وعشرون، ولبعضهم سبع وعشرون، بحسب كمال الصلاة، ومحافظته على هيئتها، وخشوعها، وكثرة جماعتها، وفضلهم وشرف البقعة، ونحو ذلك فهذه هي الأجوبة المعتمدة"([1]). وسمعت سماحة الإمام شيخنا عبد العزيز بن عبد الله ابن باز – رحمه الله- يقول: "وأما التفاوت فهذا والله أعلم كان لعدم نزول فضل الزائد إلا بعد الناقص، فأخبر بخمس وعشرين، ثم أخبر بسبع وعشرين"([2]).
وقد استدل القائلون بأن صلاة الجماعة غير واجبة بهذه الأحاديث، وأن صيغة أفضل تدل على الاشتراك في أصل الفضل([3]). وسمعت الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز – رحمه الله- يقول: "هذه الأحاديث تدل على فضل الجماعة، وهذا التفضيل لا يلزم منه عدم الوجوب، فصلاة الجماعة واجبة، ومفضلة، فلا منافاة بين التفضيل والوجوب، ومن لم يصلِّها مع الجماعة فصلاته صحيحة على الراجح، مع الإثم"([4]).
والمنفرد الذي لا يحصل على ثواب صلاة الجماعة هو غير المعذور والله أعلم، أما إذا كان من عادته أنه يصلي الصلاة مع الجماعة فمنعه عذرٌ: كمرضٍ أو سفر، أو حبس وتعذرت عليه الجماعة، والله يعلم أن من نيته لو قدر على الصلاة مع الجماعة لما تركها، فهذا يكمل له أجره؛ لأن من كان عازماً على الفعل عزماً جازماً، وفعل ما يقدر عليه منه كان بمنزلة الفاعل([5])؛ لحديث أبي بردة – رضي الله عنه- عن أبي موسى – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً“([6]).

(
[1]) شرح النووي على صحيح مسلم، 5/156-157، وانظر: فتح الباري لابن حجر، 2/133-134، ونيل الأوطار للشوكاني، 2/346.

(
[2]) سمعته أثناء تقريره على بلوغ المرام لابن حجر، الحديث رقم 421، 422، 423، وقال رحمه الله في تعليقه على جميع الحافظ ابن حجر في فتح الباري، 2/134: "وفي هذا الترجيح نظر، والأظهر عموم الحديث لجميع الصلوات الخمس، وذلك من زيادة فضل الله سبحانه لمن يحضر الصلاة في الجماعة. والله أعلم.

(
[3]) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 5/158.

(
[4]) سمعته من سماحته أثناء تقريره على الحديث رقم 421، 422 ،423 من بلوغ المرام.

(
[5]) انظر: فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 23/236، وكتاب الصلاة لابن القيم، ص85، والاختيارات العلمية من الاختبارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية ص102، والإحكام شرح أصول الأحكام للعلامة عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، 1/346، وحاشية الروض المربع له، 2/260، والشرح الممتع لابن عثيمين 4/206.

(
[6]) البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم 2996.


2- يعصم الله بالصلاة مع الجماعة من الشيطان؛
لحديث معاذ بن جبل – رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إن الشيطان ذئب للإنسان كذئب الغنم([1])، يأخذ الشاة القاصية، والناحية([2])، وإياكم والشعاب، وعليكم بالجماعة([3])، والعامة“([4])؛ ولحديث أبي الدرداء – رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”ما من ثلاثة في قرية ولا بدوٍ لا تقام فيهم الصلاة، إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية“([5]).
3- يزيد فضل الصلاة مع الجماعة بزيادة عدد المصلين؛
لحديث أبيّ بن كعب – رضي الله عنه-، وفيه: ”...إن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثر فهو أحب إلى الله عز وجل“([6]). وهذا يرغب في الصلاة مع الجماعة الكثيرة مع أمن المفاسد، وعدم فوات المصالح.

4- براءة من النار وبراءة من النفاق لمن صلَّى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك تكبيرة الإحرام؛
لحديث أنس – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كُتِبَ له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق“([7]).
وهذا فيه فضل الإخلاص في الصلاة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ”من صلى لله“ أي خالصاً لله تعالى، ”براءة من النفاق النار“ أي نجاة وخلاص منها، وكتب له ”براءة من النفاق“ أي يؤمنه في الدنيا أن يعمل عمل المنافق ويوفقه لعمل أهل الإخلاص، وفي الآخرة يؤمنه مما
(
[1]) كذئب الغنم: يعني أن الشيطان مفسد للإنسان مهلك له، بإغوائه كإفساد الذئب إذا أرسل في قطيع من الغنم. الفتح الرباني مع بلوغ الأماني، للبناء، 5/175.

(
[2]) الناحية، التي غفل عنها وبقيت في جانب منفرد، الفتح الرباني مع بلوغ الأماني، 5/176.

(
[3]) وعليكم بالجماعة: أي الزموا ما عليه جماعة أهل السنة في كل شيء، ومن ذلك الجماعة في الصلاة، الفتح الرباني مع بلوغ الأماني، 5/176.

(
[4]) أخرجه أحمد في المسند، 5/243، وقال عنه البناء في بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني، 5/176: "وسنده جيد".

(
[5]) أبو داود، برقم 547، والنسائي، برقم 847، وأحمد، 6/446، وتقدم تخريجه في وجوب صلاة الجماعة.

(
[6]) أبو داود، برقم 554، والنسائي، برقم 843، وتقدم تخريجه في وجوب صلاة الجماعة.

(
[7]) الترمذي، كتاب الصلاة، باب فضل التكبيرة الأولى، برقم 241، وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 2652، وبرقم 1979، وفي صحيح سنن الترمذي، 1/77، وفي صحيح الترغيب والترهيب، 1/165، برقم 407.


يعذبه المنافق، ويشهد له بأنه غير منافق، يعني بأن المنافقين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى" وحال هذا بخلافهم([1]).
5- من صلى الصبح في جماعة فهو في ضمان الله وأمانه حتى يمسي؛
لحديث جندب بن عبد الله – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”من صلى الصبح فهو في ذمة الله([2])، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء؛ فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه([3]) على وجهه في نار جهنم“([4]).
وهذا يؤكد أن من صلى الصبح فهو في أمان الله، وفي جواره، فهو قد استجار بالله تعالى، والله قد أجاره، فلا ينبغي لأحد أن يتعرض له بضر أو أذى، فمن فعل ذلك فالله يطلبه بحقه، ومن يطلبه لم يجد مفرّاً ولا ملجأ، وهذا وعيد شديد لمن يتعرض للمصلين، وترغيب في حضور صلاة الصبح([5]). وقد جاءت بعض الأخبار تقيد ذلك بصلاة الصبح مع الجماعة([6]).
6- من صلى الفجر في جماعة ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس فله أجر حجة وعمرة؛
لحديث أنس – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة: تامة، تامة، تامة“([7]).
7- عظم ثواب صلاة العشاء والصبح في جماعة؛
لحديث عثمان بن عفان – رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله“([8]).

(
[1]) انظر: تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي للمباركفوري، 2/45.

(
[2]) في ذمة الله: ضمان الله، وقيل: أمان الله، شرح النووي على صحيح مسلم، 5/164.

(
[3]) يكبه: يقلبه فيها على وجهه. المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي، 2/282.

(
[4]) مسلم، كتاب المساجد، باب فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة، برقم 657.

(
[5]) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 2/282.

(
[6]) انظر: الترغيب والترهيب للمنذري، 1/365، برقم 647، وصحيح الترغيب والترهيب للألباني، 1/170، برقم 418، ومجمع الزوائد للهيثمي، 2/41.

(
[7]) الترمذي، برقم 586، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 1/181، وسمعت الإمام ابن باز يحسنه لكثرة طرقه. وتقدم تخريجه في فضل صلاة الضحى.

(
[8]) مسلم، كتاب المساجد، باب فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة، برقم 656.


قيل: المراد بذلك من صلى الصبح في جماعة وقد صلى العشاء في جماعة فكأنما صلى الليل كله، ويد على ذلك لفظ أبي داود: ”من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان كقيام ليلة“([1]). واختار هذا المنذري، وأن اجتماعهما كقيام ليلة([2]).
وقيل: المراد بذلك أن من صلى العشاء في جماعة كانت له كقيام نصف ليلة، أما من صلى الصبح في جماعة فتكون له كقيام الليل كله، وهذا فضل الله – عز وجل-. وأيد ذلك الإمام ابن خزيمة – رحمه الله- فقال: "باب فضل صلاة العشاء والفجر في الجماعة، والبيان أن صلاة الفجر في الجماعة أفضل من صلاة العشاء في الجماعة، وأن فضلها في الجماعة ضعفي فضل العشاء في الجماعة"، ثم ساق الحديث بنحو لفظ مسلم([3])، وفضل الله عز وجل واسع. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الصبح والعشاء: ”...ولو يعلمون ما فيهما لأتوها ولو حبواً“([4]).

8- اجتماع ملائكة الليل والنهار في صلاة الفجر والعصر؛
لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم، كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهو يصلون، وأتيناهم وهو يصلون“([5]). قال الإمام النووي – رحمه الله-: "ومعنى يتعاقبون: تأتي طائفة بعد طائفة، ومنه تعقب الجيوش، وهو أن يذهب إلى ثغر قوم ويجيء آخرون، وأما اجتماعهم في الفجر والعصر فهو من لطف الله تعالى بعباده المؤمنين، وتكرمته لهم أن جعل اجتماع الملائكة عندهم، ومفارقتهم لهم في أوقات عباداتهم واجتماعهم على طاعة ربهم، فيكون شهادتهم لهم بما شاهدوه من الخير"([6]).

(
[1]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم 555، والترمذي، كتاب الصلاة، باب فضل العشاء والفجر في جماعة، برقم 221، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/111.

(
[2]) انظر: مختصر سنن أبي داود للمنذري، 1/293، والترغيب والترهيب للمنذري، 1/343، وفيض القدير للمناوي، 6/165، وتحفة الأحوذي للمباركفوري 1/13.

(
[3]) انظر: صحيح ابن خزيمة، 2/365.

(
[4]) متفق عليه، البخاري برقم 644، ومسلم برقم 651، وتقدم تخريجه في وجوب صلاة الجماعة.

(
[5]) متفق عليه: البخاري: كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة العصر، برقم 555، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما، برقم 632.

(
[6]) شرح النووي على صحيح مسلم، 5/138.


والأظهر وهو قول الأكثرين أن هؤلاء الملائكة هم الحفظة الكتّاب، وقيل: يحتمل أن يكونوا من جملة الملائكة بجملة الناس غير الحفظة. والله أعلم([1]).
وعن جرير بن عبد الله – رضي الله عنه- قال: كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال: ”إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامُون([2]) في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا“ يعني الفجر والعصر، ثم قرأ جرير: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ}([3]).
وقد ثبت الفضل العظيم لمن حافظ على صلاة الفجر والعصر مع الجماعة، فعن أبي بكر بن عمارة بن رؤيبة عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها“ يعني الفجر والعصر([4]).
وعنه – رضي الله عنه-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”من صلى البردين دخل الجنة“([5])، وهما: الصبح والعصر([6]). وقد جاء الوعيد الشديد لمن ترك صلاة العصر، أو فاتته، فعن بريدة – رضي الله عنه- أنه قال لأصحابه في يوم ذي غيم: بكِّروا بصلاة العصر؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله“([7]).
وعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وُتِرَ أهلُهُ وماله“([8]).


(
[1]) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 5/138.

(
[2]) لا تضامون: أي لا يلحقكم ضيم وهو المشقة، وفي رواية بتشديد الميم (تضامُّون: أي لا ينضم بعضكم إلى بعض بل كل يراه منفرداً، وجاء "هل تضارُّن" أي لا تضارن غيركم في حالة الرؤية، وكل هذا صحيح. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 3/18.

(
[3]) متفق عليه، البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة العصر، برقم 554، ومسلم واللفظ له، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الصبح والعصر والمحافظة عليهما، برقم 633، والآية من سورة طه 130، أما في صحيح البخاري فقرأ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} سورة ق، الآية:39.

(
[4]) مسلم، كتاب المساجد، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما، برقم634.

(
[5]) متفق عليه: البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة الفجر، برقم 574، ومسلم، كتاب المساجد، باب فضل صلاتي الصبح والعصر، برقم 635.

(
[6]) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 2/262.

(
[7]) البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم 553.

(
[8]) متفق عليه: البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب إثم من فاتته العصر، برقم 556، ومسلم، كتاب المساجد، باب فضل صلاتي الصبح والعصر، برقم 535.


ذكر الإمام القرطبي – رحمه الله-: أن قوله "وُتِرَ أهلُه ومالُه" روي بالرفع على أن المعنى: نُزع وأُخذ، وروي بالنصب "أهلَه ومالَه" على أن المعنى: سُلب، وقيل في تفسير الحديث: هذا يحصل لمن لم يصلها في الوقت المختار، وقيل: هو أن يؤخرها إلى أن تصفر الشمس. وقيل: خصت العصر بالذكر؛ لكونها مشهودة للملائكة، وعلى هذا يشاركها في ذلك الصبح. وقيل: خصت صلاة العصر بالذكر؛ لأنها صلاة تأتي في انشغال الناس، وعلى هذا فالصبح أولى بذلك؛ لأنها تأتي وقت النوم. أما قوله صلى الله عليه وسلم: ”من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله“ فليس ذلك خاصاً بالعصر، بل ذلك حكم غيرها من الصلوات كذلك([1]).
9- يعجب الله تعالى من الصلاة في الجماعة؛
لمحبته لها سبحانه، فعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”إن الله ليعجب من الصلاة في الجميع“([2]). وهذا العجب يليق بالله تعالى، ولا يشبه فيه أحداً من خلقه؛ لأن عجبه سبحانه ليس كعجب خلقه، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [سورة الشورى، الآية:11].
10- منتظر الصلاة مع الجماعة في صلاة، قبل الصلاة وبعدها
مادام في مصلاه؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة، وتقول الملائكة: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، حتى ينصرف أو يُحدِث“. قلت: ما يحدث؟ قال: ”يفسو أو يضرط“. وفي لفظ لمسلم: ”والملائكة يصلون على أحدكم مادام في مجلسه الذي صلَّى فيه يقولون: اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه، ما لم يؤذ ما لم يحدث“([3]). وقوله: "ما لم يؤذ" أي ما لم يصدر عنه ما يتأذى به بنو آدم والملائكة، والله أعلم([4]).
11- الملائكة يدعون لمن صلى مع الجماعة قبل الصلاة وبعدها
مادام في مصلاه، ما لم يحدث أو يؤذ؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- وفيه: ”لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة، وتقول الملائكة: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، حتى ينصرف أو

(
[1]) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 2/252.

(
[2]) أحمد في المسند، 2/50، وقال الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب 1/337: "رواه أحمد بإسناد حسن، وكذلك رواه الطبراني بإسناد حسن"، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/163، وانظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 1652، وصحيح الجامع الصغير برقم 1816.

(
[3]) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب فضل صلاة الجماعة، برقم 647، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وانتظار الصلاة، برقم 649.

(
[4]) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 2/290.


يحدث..“
وفي مسلم: ”والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه، يقولون: اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه، ما لم يؤذِ ما لم يحدث“([1]).
وسمعت سماحة شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز – رحمه الله- يقول: "والملائكة تصلي عليه في مصلاه، قبل الصلاة في المسجد، وبعدها مادام في مصلاه، ما لم يؤذِ بغيبة أو نميمة، أو كلام باطل، وما لم يحدث"([2]).

12- فضل الصف الأول وميامن الصفوف في صلاة الجماعة،
وفضل وصلها، ثبت في ذلك فضائل كثيرة منها ما يأتي:

الفضل الأول: القرعة على الصف الأول وأنه مثل صف الملائكة؛
لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا..“([3]). وفي رواية لمسلم: ”لو تعلمون أو يعلمون ما في الصف المقدم، لكانت القرعة“([4]).
وقد ثبت أن الصف الأول على مثل صف الملائكة؛ لحديث أبيّ بن كعب – رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: ”...وإن الصف الأول على مثل صف الملائكة، ولو علمتم ما فيه لابتدرتموه“ الحديث([5]).
قال الشيخ أحمد البنا في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: ”على مثل صف الملائكة...“ "أي في القرب من الله – عز وجل-، ونزول الرحمة، وإتمامه واعتداله، ويستفاد منه أن الملائكة يصفون لعبادة الله تعالى([6])، وقد جاء ذلك صريحاً عن جابر – رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ”ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟“ فقلنا يا
(
[1]) متفق عليه: البخاري، برقم 647، ومسلم، برقم 649، وتقدم تخريجه آنفا.

(
[2]) سمعته منه أثناء تقرير سماحته على صحيح البخاري، الحديث رقم 4119.

(
[3]) متفق عليه: البخاري، برقم 615، ومسلم، برقم 437، وتقدم تخريجه في فضل الصلاة.

(
[4]) مسلم، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الصف الأول، برقم 439.

(
[5]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم 554، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/111.

(
[6]) بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني، 5/171.


رسول الله، وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: ”يتمون الصفوف الأوَلَ ويتراصون في الصف“([1]).
الفضل الثاني: الصف الأول خير من الصفوف؛
لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها“([2]).
قال الإمام النووي – رحمه الله-: "أما صفوف الرجال فهي على عمومها، فخيرها أولها أبداً، وشرها آخرها أبداً، أما صفوف النساء فالمراد بالحديث صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال، وأما إذا صلين متميزات لا مع الرجال فهن كالرجال، خير صفوفهن أولها، وشرها آخرها، والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء أقلها ثواباً وفضلاً، وأبعدها من مطلوب الشرع، وخير بعكسه، وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال، لبعدهن من مخالطة الرجال، ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم، وسماع كلامهم، ونحو ذلك، وذم أول صفوفهن لعكس ذلك، والله أعلم"([3]).
الفضل الثالث: الله تعالى وملائكته يصلون على الصفوف الأول،
والصف المقدم أكثرها صلاة؛ لحديث أبي أمامة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول“ قالوا: يا رسول الله، وعلى الثاني؟ قال: ”إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول“، قالوا: يا رسول الله وعلى الثاني؟ قال: ”وعلى الثاني“([4]).
وصلاة الله تعالى: ثناؤه عليهم عند الملائكة، وصلاة الملائكة والنبي صلى الله عليه وسلم، وسائر الناس: الدعاء والاستغفار([5]).
وعن النعمان بن بشير – رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”إن الله عز وجل وملائكته يصلون على الصف الأول، أو الصفوف الأولى“([6]).

(
[1]) مسلم، كتاب الصلاة، باب الأمر بالسكون في الصلاة والنهي عن الإشارة باليد ورفعها عند السلام، وإتمام الصفوف الأوَل والتراص فيها، والأمر بالاجتماع، برقم 430.

(
[2]) مسلم، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول منها، برقم 440.

(
[3]) شرح النووي على صحيح مسلم، 4/403.

(
[4]) أحمد في المسند، 5/262، قال المنذري في الترغيب والترهيب، مجمع الزوائد، 2/91: "رواه أحمد والطبراني في الكبير، ورجال أحمد موثقون" وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/197.

(
[5]) انظر: صحيح البخاري، قبل الحديث رقم 4797، وتقدم تخريجه في مفهوم الصلاة.

(
[6]) أحمد، 4/269، وقال المنذري في الترغيب والترهيب، 1/385: "رواه أحمد بإسناد جيد" وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/197.


وعن البراء بن عازب – رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: “إن الله وملائكته يصلون على الصفوف المتقدمة“([1]).
الفضل الرابع: النبي صلى الله عليه وسلم صلى على الصف الأول ثلاثاً، وعلى الثاني مرة واحدة،
لحديث العرباض بن سارية – رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان يصلي على الصف الأول ثلاثاً، وعلى الثاني واحدة". ولفظ ابن ماجه: "كان يستغفر للصف المقدم ثلاثاً، والثاني مرة"([2]).
الفضل الخامس: صلاة الله تعالى وملائكته على ميامين الصفوف؛
لحديث عائشة – رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إن الله وملائكته يصلون على ميامين الصفوف“([3])، وعن البراء بن عازب – رضي الله عنه- قال: كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه يقبل علينا بوجهه، قال: فسمعته يقول: ”رب قني عذابك يوم تبعث أو تجمع عبادك“([4]).

(
[1]) النسائي، كتاب الإمامة، باب كيف يقوّم الإمام الصفوف، برقم 811، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلوات، باب فضل الصف المقدم، برقم 997، لكن بلفظ: ”إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول“ وصححه الألباني في صحيح النسائي، 1/175.

(
[2]) النسائي، كتاب الإمامة، باب فضل الصف الأول على الثاني، برقم 817، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلوات، باب فضل الصف المقدم، برقم 996، وابن خزيمة، 3/27، مثل لفظ ابن ماجه، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، وهو بلفظ ابن ماجه، 1/214، وابن حبان في صحيحه "الإحسان" 5/531، برقم 2158 مثل لفظ النسائي، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 1/177، وفي صحيح الترغيب والترهيب، 1/196.

(
[3]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب من يستحب أن يلي الإمام في الصف، برقم 676، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب فضل ميمنة الصف، برقم 1005، وقال المنذري في الترغيب والترهيب، 1/388: "رواه أبو داود وابن ماجه بإسناد حسن" وقال الألباني في صحيح أبي داود 1/132: حسن بلفظ "الذين يصلون الصفوف" قلت: وحسن إسناده الحافظ ابن حجر في فتح الباري، 2/213.

(
[4]) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب يمين الإمام، برقم 709، وتقدم تخريجه في صفة الصلاة.


الفضل السادس:

من وصل صفّاً وصله الله وعليه صلاة الله تعالى وملائكته؛
لحديث عائشة – رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إن الله وملائكته يصلون على الذين يَصِلُون الصفوف، ومن سد فرجة رفعه الله بها درجة“([1]).
وعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”من وصل صفّاً وصله الله، ومن قطع صفّاً قطعه الله عز وجل“([2]).
13- مغفرة الله وحبته لمن وافق تأمينه تأمين الملائكة؛
لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا؛ فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه“([3])؛ ولحديثه الآخر – رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا: آمين؛ فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه“([4])؛ ولحديث أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه- وفيه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فبين لنا سنتنا، وعلمنا صلاتنا، فقال: ”إذا صليتم فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا: آمين يحبكم الله“ الحديث([5]).
الله أكبر ما أعظم هذا الثواب: مغفرة ما تقدم من الذنوب، ومحبة الله تعالى، لمن وافق تأمينه تأمين الملائكة!


(
[1]) ابن ماجه، واللفظ له، كتاب إمامة الصلاة والسنة فيها، باب إقامة الصفوف، برقم 995، وأحمد، 6/67، وابن خزيمة، 3/23، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي 1/214، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/200.

(
[2]) النسائي، كتاب الإمامة، باب من وصل صفاً، برقم 819 بلفظه، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف، برقم 666، وابن خزيمة، 3/23، والحاكم وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي، 1/213، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/200، وفي صحيح النسائي، 1/177.

(
[3]) متفق عليه: البخاري، برقم 780، ومسلم، برقم 410، وتقدم تخريجه في صفة الصلاة.

(
[4]) متفق عليه: البخاري، برقم 782، ومسلم، برقم 410، وتقدم تخريجه في صفة الصلاة.

(
[5]) مسلم، كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم 404.


المبحث الخامس: فضل المشي إلى صلاة الجماعة:


المشي لأداء الصلاة جماعة من أعظم الطاعات، وقد ثبت في ذلك فضائل عظيمة كثيرة، منها:
1- شديد الحب لصلاة الجماعة بالمسجد في ظل الله يوم القيامة؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ”سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظلَّ إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه“. وفي لفظ لمسلم: ”ورجل معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه“([1]).


قال الإمام النووي – رحمه الله- في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: ”ورجل قلبه معلق في المساجد“ ومعناه شديد الحب لها، والملازمة للجماعة فيها، وليس معناه دوام القعود في المسجد"([2]). وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله-: ”معلق في المساجد“ هكذا في الصحيحين، وظاهره أنه من التعليق، كأنه شبهه بالشيء المعلق في المسجد، كالقنديل مثلاً، إشارة إلى طول الملازمة بقلبه وإن كان جسده خارجاً عنه، ويدل عليه رواية الجوزقي: ”كأنما قلبه معلق في المسجد“ ويحتمل أن يكون من العلاقة: وهي شدة الحب. ويدل عليه رواية أحمد: ”معلق بالمساجد“([3]).
2- المشي إلى صلاة الجماعة ترفع به الدرجات، وتحط الخطايا، وتكتب الحسنات؛
لحديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- أنه قال: ”وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله لها بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة...“([4])؛ ولحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- يرفعه وفيه: ”... وذلك
(
[1]) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة، وفضل المساجد، برقم 660، وكتاب الزكاة، باب الصدقة باليمين، برقم 1423، ومسلم، كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، برقم 1031.

(
[2]) شرح النووي على صحيح مسلم، 7/126.

(
[3]) فتح الباري لابن حجر، 2/145.

(
[4]) مسلم، برقم 654، وتقدم تخريجه في أدلة وجوب الصلاة مع الجماعة.


أن أحدكم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخطو خطوة إلا رُفِعَ له بها درجة، وحُط عنه بها خطيئة...“([1])
.
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله؛ ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته: إحداهما تحط خطيئة، والأخرى ترفع درجة“([2]).
قال الإمام القرطبي – رحمه الله-: "قال الداودي: إن كانت له ذنوب حطت عنه وإلا رفعت له بها درجات، قلت: وهذا يقتضي أن الحاصل بالخطوة درجة واحدة، إما الحط وإما الرفع، وقال غيره: بل الحاصل بالخطوة الواحدة: ثلاثة أشياء؛ لقوله في الحديث الآخر: ”كتب الله له بكل خطوة حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة“ والله أعلم انتهى([3]).
وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز –ر حمه الله- يقول: "كل خطوة واحدة: يرفع بها درجة، وتحط عنه بها خطيئة، وتكتب له حسنة، وهذه الزيادة الأخيرة "الحسنة" في مسلم عن ابن مسعود، وإذا صحت رواية إحداهما يرفع بها درجة، والأخرى يحط عنه بها خطيئة، فتكون هذه الرواية أولاً ثم تفضل الله بالزيادة، فجعل بكل خطوة واحدة ثلاث فضائل: رفع درجة، وحط خطيئة، وكتب حسنة"([4]).

3- يكتب له المشي إلى بيته كما كتب له المشي إلى الصلاة، إذا احتسب ذلك؛
لحديث أبي بن كعب – رضي الله عنه- قال: كان رجل لا أعلم رجلاً أبعد من المسجد منه، لا تخطئه صلاة، قال: فقيل له أو قلت له: لو اشتريت حماراً تركبه في الظلماء، وفي الرمضاء؟ قال: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”قد جمع الله لك ذلك كله“. وفي لفظ: ”إن لك ما احتسبت“([5]).
قال الإمام النووي – رحمه الله-: "فيه إثبات الثواب في الخطا في الرجوع كما يثبت في الذهاب"([6]).

(
[1]) متفق عليه: البخاري، برقم 647، ومسلم، برقم 649، وتقدم تخريجه في فضل صلاة الجماعة.

(
[2]) مسلم، برقم 666، وتقدم تخريجه في فضل الصلاة.

(
[3]) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 2/290.

(
[4]) سمعته أثناء تقريره على صحيح البخاري على الحديث رقم 2119.

(
[5]) مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد برقم 663.

(
[6]) شرح النووي على صحيح مسلم، 5/174.









  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-16-2012, 11:57 PM   #2

مشرفة الاسلاميات والمكتبات سابقا

نور الإيمان

 

 رقم العضوية : 76161
 تاريخ التسجيل : Oct 2011
 الجنس : ~ أنثى
 المشاركات : 9,116
 الحكمة المفضلة : متى أقحطت العين من البكاء من خشية الله ، فاعلم أن قحطها من قسوة القلب
 النقاط : سارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 59626
 قوة التقييم : 30

سارية فى درب الرسول غير متواجد حالياً

أوسمة العضو

ثالث اكثر المشرفين مشاركة بردود داخل قسمه ثالث اكثر المشرفين مشاركة بمواضيع داخل قسمه وسام مسابقه اقلام بعبق الروعه 457 440 185 119 115 15 88 

افتراضي

وعن أبي موسى – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إن أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم إليها ممشى، فأبعدهم، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجراً من الذي يصليها ثم ينام“([1]).
وعن جابر – رضي الله عنه- قال: خلت البقاع حول المسجد، فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب المسجد، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: ”إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد“ قالوا: نعم، يا رسول الله، قد أردنا، فقال: ”يا بني سلمة، دياركم تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم“([2]).

4- المشي إلى صلاة الجماعة تمحى به الخطايا؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟“ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ”إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط“([3]).
محو الخطايا: كناية عن غفرانها، ويحتمل محوها من كتاب الحفظة، ويكون دليلاً على غفرانها، ورفع الدرجات: أعلى المنازل في الجنة، وإسباغ الوضوء: تمامه، والمكاره: تكون بشدة البرد، وألم الجسم، ونحو ذلك، وكثرة الخطا: تكون ببعد الدار وكثرة التكرار([4]).
5- المشي إلى صلاة الجماعة بعد إسباغ الوضوء تغفر به الذنوب؛ لحديث عثمان بن عفان – رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”من توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة فصلاها مع الناس، أو مع الجماعة، أو في المسجد غفر الله له ذنوبه“([5]).

([1]) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب فضل صلاة الفجر في جماعة، برقم 651، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد برقم 662.

([2]) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب احتساب الآثار، برقم 656، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد، برقم 665.

([3]) مسلم، برقم 251، وتقدم تخريجه في فضل الصلاة.

([4]) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 3/143.

([5]) مسلم، كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء والصلاة، برقم 232.


6- إعداد الله تعالى الضيافة في الجنة لمن غدا إلى المسجد أو راح كلما غدا أو راح؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح“([1]).
وأصل "غدا" خرج بِغَدْوٍ، أي: أتى مبكراً، وراح: رجع بعشيٍّ، ثم قد يستعملان في الخروج والرجوع مطلقاً توسعاً، و "أعد" هيأ، و"النزل" ما يهيأ للضيف من الكرامة عند قدومه، ويكون ذلك بكل غدوة أو روحة([2])، وهذا فضل الله تعالى يؤتيه من قام بهذا الغدو والرواح، تعد له في الجنة ضيافة بذهابه، وضيافة برجوعه.
7- من ذهب إلى صلاة الجماعة فسُبق بها وهو من أهلها فله مثل أجر من حضرها؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ”من توضأ فأحسن الوضوء، ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله عز وجل مثل أجر من صلاها وحضرها لا ينقص ذلك من أجرهم شيئاً“([3]).

8- من تطهر وخرج إلى صلاة الجماعة فهو في صلاة حتى يرجع إلى بيته؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إذا توضأ أحدكم في بيته ثم أتى المسجد كان في صلاة حتى يرجع، فلا يقل: هكذا“ وشبك بين أصابعه([4]).
9- أجر من خرج إلى صلاة الجماعة متطهراً كأجر الحاج المحرم؛ لحديث أبي أمامة – رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”من خرج من بيته متطهراً إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم“([5]).

10- الخارج إلى صلاة الجماعة ضامن على الله تعالى؛ لحديث أبي أمامة الباهلي – رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”ثلاثة كلهم ضامن على الله عز وجل: رجل
([1]) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب فضل من غدا إلى المسجد أو راح، برقم 662، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب المشي إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات، برقم669.

([2]) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 2/294، وشرح النووي على صحيح مسلم، 5/176.

([3]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب فيمن خرج يريد الصلاة فسبق بها، برقم 564، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/113.

([4]) ابن خزيمة، 1/229، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، 1/206، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/118.

([5]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب ما جاء في فضل المشي إلى الصلاة، برقم 558، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/111، وفي صحيح الترغيب والترهيب، 1/127.


خرج غازياً في سبيل الله عز وجل فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما نال من أجر وغنيمة، ورجل راح إلى المسجد فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما نال من أجر وغنيمة، ورجل دخل بيته بسلام فهو ضامن على الله عز وجل“([1]).
وهذا من فضل الله – عز وجل- أن جعل كل واحد من هؤلاء الثلاثة في ضمانه – عز وجل- حتى يجزيه الجزاء الأوفى؛ فإن معنى "ضامن" أي مضمون، أما قوله صلى الله عليه وسلم: ”ورجل دخل بيته بسلام“ فيحتمل وجهين:

الوجه الأول: أن يسلم إذا دخل منزله.
الوجه الثاني: أن يكون أراد بدخول بيته بسلام: أي لزوم البيت طلب السلامة من الفتن، يرغب بذلك في العزلة ويأمره بالإقلال من الخلطة([2]), وهذا عند ظهور الفتن وخشية المسلم على دينه، أما مع الأمن من ذلك فالمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم ويدعوهم إلى الله أعظم أجراً من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم والله أعلم.
11- اختصام الملأ الأعلى في المشي على الأقدام إلى صلاة الجماعة؛ لحديث عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه: أن الله تعالى قال للنبي صلى الله عليه وسلم في المنام: ”... يا محمد هل تدري فيما يختصم([3]) الملأ الأعلى([4])؟ قلت: نعم، في الكفارات: المكث في المسجد بعد الصلاة، والمشي على الأقدام إلى الجماعات، وإسباغ الوضوء في المكاره، ومن فعل ذلك عاش بخير، ومات بخير، وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه...“([5]).

([1]) سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب فضل الغزو في البحر، برقم 2494، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 2/473.

([2]) انظر: معالم السنن للخطابي، 3/361.

([3]) يختصم: يبحث، واختصامهم: عبارة عن تبادرهم إلى ثبات تلك الأعمال والصعود بها إلى السماء، وإما عن تقاولهم في فضلها وشرفها، وإما عن اغتباطهم الناس بتلك الفضائل، لاختصاصهم بها وتفضلهم على الملائكة بسببها مع تهافتهم في الشهوات، وإنما سماه مخاصمة؛ لأنه ورد مورد سؤال وجواب، وذلك يشبه المخاصمة والمناظرة، فلهذا السبب حسن إطلاق لفظ المخاصمة عليه... وذكر ابن كثير رحمه الله أن هذا الاختصام ليس هو الاختصام المذكور في القرآن. انظر تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، 9/193، 109.

([4]) الملأ الأعلى: الملائكة المقربون، والملأ: هم الأشراف الذين يملئون المجالس والصدور عظمة وإجلالاً، ووصفوا بالأعلى إما لعلو مكانتهم عند الله تعالى، وإما لعلو مكانهم. تحفة الأحوذي للمباركفوري، 9/3.

([5]) سنن الترمذي، كتاب التفسير، سورة ص، برقم 3233، ورقم 3234، وله شاهد من حديث معاذ – رضي الله عنه- عند الترمذي، برقم 3235، وصححهما الألباني في صحيح سنن الترمذي 3/98-99.


12- المشي إلى صلاة الجماعة من أسباب السعادة في الدنيا والآخرة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: ”فمن فعل ذلك عاش بخير ومات بخير“، ولقول الله تعالى([1]): {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [سورة النحل، الآية: 97].
13- المشي إلى صلاة الجماعة من أسباب تكفير الخطايا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق: ”وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه“.
14- إكرام الله تعالى لزائر المسجد؛ لحديث سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”من توضأ في بيته ثم أتى المسجد فهو زائر لله، وحقٌ على المزُور أن يكرم الزائر“([2]).
وعن عمرو بن ميمون – رحمه الله- قال: أدركت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يقولون: "المساجد بيوت الله وإنه حق على الله أن يكرم من زاره"([3])، وفي لفظ عن عمرو بن ميمون عن عمر – رضي الله عنه- قال: "المساجد بيوت الله في الأرض وحق على المزور أن يكرم زائره"([4]).

15- فرح الله تعالى بمشي عبده إلى المسجد متوضياً؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”لا يتوضأ أحد فيحسن وضوءه ويسبغه ثم يأتي المسجد لا يريد إلا الصلاة فيه، إلا تبشبش الله إليه كما يتبشبش أهل الغائب بطلعته“([5]). وقد بوَّب الإمام ابن خزيمة على هذا الحديث بقوله: "باب ذكر فرح الرب تعالى بمشي عبده إلى المسجد متوضياً"([6]). وجميع صفات الله تعالى تثبت على الوجه اللائق به عز وجل.

([1]) انظر: تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، 9/104.

([2]) الطبراني في المعجم الكبير، 6/253، برقم 6139، 6145، قال الهيثمي في مجمع الزوائد، 2/31: "رواه الطبراني في الكبير، وأحد أسانيده رجاله رجال الصحيح، وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، 13/319، برقم 16465.

([3]) أخرجه بإسناده ابن جرير في جامع البيان، 19/189.

([4]) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، 13/318، برقم 16463.

([5]) ابن خزيمة في صحيحه، كتاب الإمامة في الصلاة، باب ذكر فرح الرب تعالى بمشي عبده إلى المسجد متوضياً، 2/374، برقم 1491، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/123، برقم 301.

([6]) صحيح ابن خزيمة 2/347.


16- النور التام يوم القيامة لمن مشى في الظلم إلى المساجد؛ لحديث بريدة – رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ”بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة“([1]).



([1]) أبو داود، برقم 561، والترمذي، برقم 223، وتقدم تخريجه في فصل الصلاة.


المبحث السادس: آداب المشي إلى الصلاة في الجماعة:
المشي إلى الصلاة له آداب عظيمة، منها ما يأتي:

1- يتوَضأ في بيته ويسبغ الوضوء؛ لحديث ابن مسعود – رضي الله عنه-: ”ما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة“([1]).
2- يبتعد عن الروائح الكريهة؛ لحديث جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا، أو ليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته“. وفي لفظ لمسلم: ”فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنس“. وفي لفظ لمسلم: ”من أكل البصل والثوم والكراث، فلا يقربن مسجدنا؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم“([2]).
3- يأخذ زينته ويتجمل؛ لقول الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [سورة الأعراف، الآية: 31]؛ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ”إن الله جميل يحب الجمال“([3]).
4- يدعو دعاء الخروج ويخرج بنية الصلاة؛ فيقول: ”بسم الله توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله“([4]). ”اللهم إني أعوذ بك أن أَضِلَّ أو أُضَلَّ، أو أَزِلَ، أو أُزَلَّ، أو أظلِمَ أو أُظلَم ، أو أجهل أو يُجهل عليَّ“([5]). ”اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي لساني نوراً، وفي سمعي نوراً، وفي بصري نوراً، ومن فوقي نوراً، ومن تحتي نوراً، وعن يميني نوراً، وعن شمالي نوراً، ومن أمامي نوراً، ومن خلفي نوراً، واجعل في نفسي نوراً، وأعظم لي نورًا، وعظِّم لي
([1]) مسلم، برقم 654، وتقدم تخريجه في وجوب صلاة الجماعة.


([2]) متفق عليه: البخاري، برقم 855، ومسلم، برقم 564، و561 –567، وتقدم تخريجه في مكروهات الصلاة.

([3]) مسلم، كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه، برقم 91.

([4]) إذا قال ذلك يقال حينئذ: "هُديت، وكفيت، ووقيت، فتتنحى له الشياطين، فيقول شيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي، وكفى ووقي" أبو داود، كتاب الأدب، باب ما يقال إذا خرج من بيته، برقم 5095، والترمذي، كتاب الدعوات، باب ما جاء ما يقول إذا خرج من بيته، برقم 3426، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 3/151.

([5]) أبو داود، كتاب الأدب، باب ما يقول الرجل إذا خرج من بيته، برقم 5094، والترمذي، كتاب الدعوات، باب ما جاء فيما يقول إذا خرج من بيته، برقم 3427، وابن ماجه، كتاب الدعاء، باب ما يدعو الرجل إذا خرج من بيته، برقم 3884، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 2/336.

نورًا، واجعل لي نورًا، واجعلني نوراً، اللهم أعطني نوراً، واجعل في عصبي نوراً، وفي لحمي نوراً، وفي دمي نوراً، وفي شعري نوراً، وفي بشري نوراً“([1]).
5- لا يشبك بين أصابعه في طريقه إلى المسجد ولا في صلاته؛ لحديث كعب بن عجرة – رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه، ثم خرج عامداً إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه، فإنه في صلاة“([2]).
6- يمشي وعليه السكينة والوقار؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا“. وفي لفظ: ”إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا“([3]).
وفي هذا الحديث الحث على إتيان الصلاة بسكينة ووقار، والنهي عن إتيانها سعياً، سواء في صلاة الجمعة وغيرها، وسواء خاف فوت تكبيرة الإحرام أو لا، وقوله ”إذا سمعت الإقامة“ إنما ذكر الإقامة للتنبيه على ما سواها؛ لأنه إذا نهي عن إتيانها سعياً في حال الإقامة مع خوفه فوت بعضها، فقبل الإقامة أولى وأكَّد ذلك ببيان العلة فقال صلى الله عليه وسلم: ”فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة“ وهذا يتناول جميع أوقات الإتيان إلى الصلاة، وأكد ذلك تأكيداً آخر، فقال: ”فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا“. فحصل فيه تنبيه وتأكيد لئلا يتوهم متوهم أن النهي إنما هو لمن لم يخف فوت بعض الصلاة، فصرح بالنهي وإن فات من الصلاة ما فات، وبيَّن ما يفعل فيما فات([4]).

7- ينظر في نعليه قبل دخول المسجد، فإن رأى فيهما أذى مسحه بالتراب؛ لحديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه- وفيه: ”إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه
([1]) جميع هذه الألفاظ من صحيح البخاري، كتاب الدعوات، باب الدعاء إذا انتبه من الليل، برقم 6316، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه، برقم 763، وفي رواية 191- (763) فخرج إلى الصلاة وهو يقول. وكل هذه الروايات من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما-.

([2]) الترمذي، برقم 387، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 1/121، وتقدم تخريجه في مكروهات الصلاة.

([3]) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأتها بالسكينة والوقار، برقم 636، وكتاب الجمعة، باب المشي إلى الجماعة، برقم 908، ومسلم، كتاب المساجد، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، والنهي عن إتيانها سعياً، برقم 602.

([4]) انظر: شرح الإمام النووي على صحيح مسلم، 5/103.






قذراً أو أذى فليمسحه وليصلِّ فيهما“([1]). وتطهير النعلين يكون بمسحهما بالتراب؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إذا وطئَ أحدكم بنعليه الأذى فإن التراب له طهور“. وفي لفظ: ”إذا وطئَ الأذى بخفيه فطهورهما التراب“([2]).
8- يقدم رجله اليمنى عند دخول المسجد ويقول: "أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم"([3]). [بسم الله والصلاة]([4]) [والسلام على رسول الله]([5]) [اللهم افتح لي أبواب رحمتك]؛ لحديث أبي حميد أو أبي أسيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك“([6]).


9- يسلم إذا دخل المسجد على من فيه بصوت يسمعه من حوله؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم“([7]). وقال عمار بن ياسر – رضي الله عنه-: ”ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم، والإنفاق من الإقتار“([8]).
10- يصلي تحية المسجد، فإن كان المؤذن قد أذن بعد دخول الوقت صلى الراتبة إن كان للصلاة راتبة، فإن لم يكن لها راتبة قبلها فسنة ما بين الأذانين؛ لأن بين كل أذانين صلاة، وتجزئ عن تحية المسجد، فإن دخل المسجد قبل دخول وقت الصلاة صلى ركعتين؛ لحديث أبي
([1]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعلين برقم 650، وابن خزيمة، برقم 1017، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/128.

([2]) أبو داود، كتاب الطهارة، باب الأذى يصيب النعل برقم 385، 386، وصححهما الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/77.

([3]) فإذا قال ذلك قال الشيطان: حفظ مني سائر اليوم، أبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يقول الرجل عند دخوله المسجد، برقم 446، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/92، من حديث عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما-.

([4]) ابن السني في عمل اليوم والليلة برقم 88 وحسنه الألباني.

([5]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يقول الرجل عند دخول المسجد، برقم 465، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 92.1.

([6]) مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب ما يقول إذا دخل المسجد، برقم 113.

([7]) مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، برقم 54.

([8]) البخاري، كتاب الإيمان، باب السلام من السلام، 1/15.


قتادة – رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين“([1]).
11- إذا خلع نعليه داخل المسجد وضعهما بين رجليه؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”إذا صلى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذي بهما أحداً، ليجعلهما بين رجليه، أو ليصلِّ فيهما“. وفي لفظ: ”إذا صلى أحدكم فلا يضع نعليه عن يمينه ولا عن يساره فتكون عن يمين غيره، إلا أن لا يكون عن يساره أحد وليضعهما بين رجليه“([2]).
وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز ابن باز - رحمه الله- يقول: "الصلاة في النعال سنة خلاف اليهود، لكن بعد العناية، فإن رأى فيها شيئاً أزاله بالتراب أو الحجر أو غيره، أما المساجد المفروشة فقد يحصل عليها الغبار للتساهل من بعض الناس، فيحصل تنفير الناس، فالأولى عندي والله أعلم أن يوضع لها محل"([3]).
12- يختار الجلوس في الصف الأول على يمين الإمام إن تيسير، بلا مزاحمة ولا أذى لأحد؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا“([4])؛ ولحديث عائشة – رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إن الله وملائكته يصلون على ميامين الصفوف“([5]).
13- يجلس مستقبلاً القبلة يقرأ القرآن أو يذكر الله تعالى؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إن لكل شيء سيد، وإن سيد المجالس قبالة القبلة“([6]).

([1]) متفق عليه: البخاري، برقم 44، ومسلم، برقم 714، وتقدم تخريجه في صلاة التطوع.

([2]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب المصلي إذا خلع نعليه أين يضعهما؟ برقم 654، 655، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/128.

([3]) سمعته من سماحته أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 232، ورقم 233.

([4]) متفق عليه: البخاري، برقم 615، ومسلم، برقم 437، وتقدم تخريجه في فضل الأذان.

([5]) أبو داود، برقم 676، وابن ماجه برقم 1005، وحسنه المنذري، وابن حجر في فتح الباري 2/213، وتقدم تخريجه في فضل الصف الأول وميامن الصفوف.

([6]) الطبراني في الأوسط [مجمع البحرين، 5/278، برقم 3062]، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 8/59: "رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن".


14- ينوي انتظار الصلاة ولا يؤذي؛ فإنه في صلاة ما انتظر الصلاة، وتصلي عليه الملائكة، قبل الصلاة وبعدها مادام في مصلاه؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة، وتقول الملائكة: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه...“. وفي لفظ لمسلم: ”والملائكة يصلون على أحدكم مادام في مجلسه الذي صلى فيه، يقولون: اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه، ما لم يؤذ، ما لم يحدث“([1]).
15- إذا أقيمت الصلاة فلا يصلي إلا المكتوبة؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة“([2]).
16- يقدم رجله اليسرى عند الخروج من المسجد بعكس دخوله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله: في طهوره، وترجله، وتنعله([3]). وكان ابن عمر – رضي الله عنهما- يبدأ برجله اليمنى فإذا خرج بدأ برجله اليسرى([4]). وقال أنس – رضي الله عنه-: "من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى وإذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى([5]). ويقول: ”بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم إني أسألك من فضلك([6])[اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم]“([7]).


([1]) متفق عليه: البخاري، برقم 647، ومسلم، برقم 649، وتقدم تخريجه في فضل صلاة الجماعة.

([2]) مسلم، برقم 710، وتقدم تخريجه في صلاة التطوع.

([3]) البخاري، كتاب الصلاة، باب التيمن في دخول المسجد وغيره، برقم 426.

([4]) البخاري معلقاً مجزوماً به، كتاب الصلاة، باب التيمن في دخول المسجد وغيره، قبل الحديث 426.

([5]) الحاكم، وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، 1/118.

([6]) مسلم، برقم 113، وأبو داود، برقم 465، وتقدم تخريجه في دعاء دخول المسجد.

([7]) ابن ماجه، كتاب المساجد، والجماعات، برقم 773، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 1/129.


المبحث السابع: تنعقد الجماعة باثنين:

إمام ومأموم، ولو مع صبي على الصحيح أو امرأة ذات محرم عند الخلوة؛
لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: بت عند خالتي ميمونة فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، فقمت أصلي معه، فقمت عن يساره، فأخذ برأسي فأقامني عن يمينه"([1]). وعن مالك بن الحويرث – رضي الله عنه- أنه قال: أتى رجلان النبي صلى الله عليه وسلم يريدان السفر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ”إذا أنتما خرجتما فأذِّنا، ثم أقيما، ثم ليؤمكما أكبركما“([2])؛ ولحديث أنس رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أنس، وأمه، وأم حرام خالة أنس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ”قوموا فلأصلي بكم“ في غير وقت صلاة، فصلى بهم، وجعل أنساً عن يمينه، وأقام المرأة خلفهم([3]). ومما يدل على صحة الجماعة وانعقادها برجل وامرأة، حديث أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ”إذا استيقظ الرجل من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين كتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات“([4]). والأصل صحة الجماعة وانعقادها بالمرأة مع الرجل كما تنعقد بالرجل مع الرجل، ومن منع فعليه الدليل([5]). إلا إذا كانت أجنبية وحدها وليس عندهم أحد فإنه يحرم عليه أن يؤمها؛ لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم“([6]).
والصواب صحة مصافة الصبي وإمامته في الفرض والنفل؛ لعموم الأدلة ومن أصرحها حديث عمرو بن سلمة رضي الله عنه- قال أبي: جئتكم من عند النبي صلى الله عليه وسلم حقّاً فقال: ”صلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذِن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآنا“. فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنًا مني؛ لما كنتُ أتلقَّى من الركبان، فقدموني بين أيديهم، وأنا ابن ستٍّ أو سبْعِ سنين"([7]).

([1]) متفق عليه: البخاري، برقم 117، 699، ورقم 992، ومسلم برقم 82 (763) وتقدم تخريجه في صلاة التطوع.

([2]) البخاري، كتاب الأذان، باب الأذان للمسافرين، برقم 630، وبابٌ: اثنان فما فوقهما جماعة، برقم 658.

([3]) مسلم، كتاب المساجد، باب جواز الجماعة في النافلة، برقم 660.

([4]) ابن ماجه، برقم 1335، وأبو داود، برقم 1309، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/243، وتقدم تخريجه في صلاة التطوع.

([5]) نيل الأوطار للشوكاني، 2/369، والشرح الممتع لابن عثيمين، 4/351 –352.

([6]) متفق عليه: البخاري، كتاب جزاء الصيد، باب حج النساء، برقم 1862، ومسلم، كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى الحج، برقم 1341.

([7]) البخاري، كتاب المغازي، بابٌ: وقال الليث. برقم 4302.


قال الوزير ابن هبيرة - رحمه الله-: "وأجمعوا على أن أقل الجمع الذي تنعقد به صلاة الجماعة في الفرض غير الجمعة اثنان: إمام ومأموم قائم عن يمينه"([1]).
وقال الإمام ابن قدامة – رحمه الله-: "وتنعقد الجماعة باثنين فصاعداً، لا نعلم فيه خلافاً"([2]).
وقال الإمام ابن عبد البر – رحمه الله-: "أجمع العلماء على أن المرأة تصلي خلف الرجل وحدها صفاً، وأن سنتها الوقوف خلف الرجل لا عن يمينه"([3]).
وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز – رحمه الله- يقول في تقريه على حديث عمرو بن سلمة آنف الذكر: "هذا الحديث يدل على جواز إمامة الصبي إذا عقل وميَّز، وكثير من الفقهاء يقول: لا يؤم ولا يعتد به في المصافة، وهذا قول غلط وضعيف، والصواب أنه يؤم ويصاف، وقد صف أنس مع اليتيم خلف النبي صلى الله عليه وسلم([4])، والأصل في الفرائض والنوافل سواء، إلا ما خصه الدليل، وحديث عمرو هذا يدل على جواز إمامة العاقل المميز، ويحمل الشك على السبع؛ لأن الغالب أن المميز ابن سبع، ولقوله صلى الله عليه وسلم: ”مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين“([5]) فإذا كان يتقن الصلاة قدم"([6]) أي إذا كان أكثرهم قرآنًا.
المبحث الثامن: تدرك الجماعة بإدراك ركعة، ولا يُعتدُّ بركعة لا يدرك ركوعها؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة“([7])؛ وإذا أدرك الركوع قبل أن يقيم الإمام صلبه من ركوعه فقد أدرك الركعة([8])؛ لحديث أبي بكرة رضي الله عنه- أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو
([1]) الإفصاح عن معاني الصحاح، 1/155.

([2]) المغني لابن قدامة، 2/7.

([3]) الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار، 6/249.

([4]) مسلم، برقم 658، وتقدم تخريجه في صلاة التطوع.

([5]) أبو داود، برقم 495، وأحمد، 2/180، وصححه الألباني في إرواء الغليل، 1/266، و2/7، وتقدم تخريجه في منزلة الصلاة في الإسلام.

([6]) سمعته من سماحته أثناء تقريره على بلوغ المرام لابن حجر، الحديث رقم 435.

([7]) متفق عليه: البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم 580، ومسلم، كتاب المساجد، باب متى يقوم الناس للصلاة، برقم 607.

([8]) انظر: نيل الأوطار للشوكاني، 2/381 ومجموع فتاوى ابن باز، 12/161.


راكع، فركع قبل أم يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ”زادك الله حرصاً ولا تَعُدْ([1]). وزاد أبو داود فيه: "فركع دون الصف ثم مشى إلى الصف"([2]).
ومما يدل على أن من أدرك الركوع قبل أن يقيم الإمام صلبه فقد أدرك الركعة حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئاً، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة“([3]).
وفي لفظ لابن خزيمة والدارقطني والبيهقي: ”من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها قبل أن يقيم الإمام صلبه“([4]). وهذا مذهب جمهور الأئمة من السلف والخلف: أن من أدرك الإمام راكعاً فكبر وركع وأمكن يديه من ركبتيه قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدرك الركعة، ومن لم يدرك ذلك فقد فاتته الركعة فلا يُعتد بها، وهذا مذهب الإمام مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وأحمد، وروي ذلك عن علي، وابن مسعود، وزيد، وابن عمر رضي الله عنهم-([5]). أما من
([1]) ولا تعد: قيل: معناها: لا تُعِدْ صلاتك فإنها صحيحة، وقيل: لا تَعْدُ: من العدو والسعي، وقيل: لا تَعُدْ، من العود: أي لا تَعُدْ ساعياً إلى الدخول في الركوع قبل وصولك الصف، وهذا هو الأقرب، واختاره الصنعاني في سبل السلام 3/109، وابن باز في مجموع الفتاوى، 12/160، وانظر: نيل الأوطار للشوكاني، 2/430، وقال ابن عبد البر: "زادك الله حرصاً ولا تعد" معناه عند أهل العم: "زادك الله حرصاً إلى الصلاة ولا تعد إلى الإبطاء عنها". الاستذكار 6/250، وقال ابن قدامة: بل إنما يعود النهي إلى المذكور والمذكور الركوع دون الصف، المغني 2/77][البخاري، كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف برقم 783.

([2]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب الرجل يركع دون الصف، برقم 684، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/133.

([3]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الرجل يدرك الإمام ساجداً كيف يصنع، برقم 893، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/169، وقال الإمام ابن باز "وحديث أبي هريرة قد جاء من طريقين يشد أحدهما الآخر، وتقوم بمثلهما الحجة. انظر مجموع فتاوى ابن باز، 12/161.

([4]) سنن الدارقطني، كتاب الصلاة، باب من أدرك الإمام قبل إقامة صلبه فقد أدرك الصلاة، 1/346، برقم 1، وسنن البيهقي الكبرى، كتاب الصلاة، باب إدراك الإمام في الركوع، 2/89، وصحيح ابن خزيمة، كتاب الصلاة، باب ذكر الوقت الذي يكون فيه المأموم مدركاً للركعة إذا ركع إمامه قبل، 3/45، برقم 1595، قال الألباني في حاشيته على صحيح ابن خزيمة 3/45: "إسناده ضعيف لسوء حفظ قره، لكن الحديث له طرق أخرى وشواهد كما حققته في صحيح أبي داود (832)، والإرواء (89) قلت الطبعة التي عندي صحيح أبي داود، 1/169، والإرواء 2/260، وحسنه في صحيح أبي داود وصححه في الإرواء.

([5]) وهذا القول هو الصواب الذي عليه جمهور الأئمة، وهو المتفق عليه عند أصحاب المذاهب الأربعة كما تقدم، ورجحه: الإمام ابن عبد البر، والإمام النووي، والشوكاني في قوله الثاني، والإمام ابن باز – رحمهم الله-.
والقول الثاني: أن من أدرك الإمام راكعاً ودخل معه في الركوع لا يعتد بتلك الركعة؛ لأن قراءة الفاتحة فرض ولم يأتِ به، روي هذا القول عن أبي هريرة ورجحه البخاري في كتابه "جزء القراءة" وحكاه عن كل من يرى وجوب قراءة الفاتحة على المأموم، ورجحه الشوكاني في قوله الآخر في النيل وبسط أدلته.
والصواب القول الأول كما تقدم. انظر: مجموع هذه الأقوال في عون المعبود شرح سنن أبي داود لمحمد شمس الحق العظيم آبادي، 3/145-161 فقد أبدع في النقل، وانظر: المجموع للنووي 4/215، والاستذكار لابن عبد البر، 5/64-68 و6/245-250، والمغني لابن قدامة، 3/76، ونيل الأوطار للشوكاني، 1/784-792، و2/381، وسبل السلام للصنعاني، 3/108، ومجموع فتاوى ابن باز، 12/157-162، والشرح الممتع لابن عثيمين، 4/240-244.


تأخر عن صلاة الجماعة لعذر وهو من المحافظين دائماً على صلاة الجماعة، ثم جاء وأدرك جزءاً من الصلاة أقل من ركعة فقد فاتته صلاة الجماعة، لكن له أجر وفضل الجماعة لحسن نيته ولعذره؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ”من توضأ فأحسن الوضوء، ثم راح فوجد الناس قد صلوا، أعطاه الله – عز وجل- مثل أجر من صلاها وحضرها، لا ينقص ذلك من أجرهم شيئاً“([1])؛ ولحديث أبي موسى - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً“([2])؛ ولحديث أنس بن مالك رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في غزوة تبوك: ”إن أقواماً بالمدينة خلفنا ما سلكنا شعباً ولا وادياً إلا وهم معنا فيه حبسهم العذر“. وفي لفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع من غزوة تبوك فدنا من المدينة فقال: ”إن بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم“ قالوا يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال: ”وهم بالمدينة حبسهم العذر“([3]). فدل ذلك على أن من حبسه عذر شرعي يكون له أجر من عمل العمل على الوجه الشرعي([4]).
المبحث التاسع: صلاة الجماعة الثانية مشروعة لمن فاتته صلاة الجماعة الأولى مع الإمام في المسجد([5] لحديث أبي سعيد رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصر
([1]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب فيمن خرج يريد الصلاة فسُبِق بها، برقم 564، والنسائي، كتاب الإمامة، باب حد إدراك الجماعة، برقم 855، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح، 6/137 "إسناده قوي"، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/113، وقد سبق تخريجه في فضل الصلاة.

([2]) البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر ما كان يعمل في الإقامة برقم 2996.

([3]) البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب من حبسه العذر عن الغزو برقم 2838، وبرقم 4423.

([4]) انظر: الاختيارات الفقهية لابن تيمية، ص102، ومجموع فتاوى الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز، 12/165.

([5]) تكرار الجماعة في المسجد الواحد له صور، منها:
الصورة الأولى: أن يكون إعادة الجماعة أمراً راتباً، بأن يكون في المسجد جماعتان دائماً: الجماعة الأولى، والجماعة الثانية، أو أكثر، فهذا بدعة.
الصورة الثانية: أن يكون إعادة الجماعة أمراً عارضاً، والإمام الراتب هو الذي يصلي بالمسجد، لكن أحياناً يتخلف رجلان، أو ثلاثة،أو أكثر لعذر، فهذا هو محل الخلاف، فمن العلماء من يقول: لا تعاد الجماعة، بل يصلون فرادى، ومنهم من قال: بل تعاد، وهذا هو الصواب وهو الصحيح، وهو مذهب الحنابلة، للأدلة المذكورة في متن هذه الرسالة.
الصورة الثالثة: أن يكون المسجد في طريق الناس، أو سوقهم، فيأتي الرجلان والثلاثة يصلون ثم يخرجون، ثم يأتي غيرهم فيصلون فلا تكره الإعادة في هذا المسجد أيضاً، قال الإمام النووي في المجموع، 4/222: "إذا لم يكن للمسجد إمام راتب فلا كراهة في الجماعة الثانية بالإجماع". وانظر: الشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين 4/226-232. وفي المسألة صور أخرى: انظر: صلاة الجماعة للعلامة صالح بن غانم السدلان، ص100.









  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-16-2012, 11:59 PM   #3

مشرفة الاسلاميات والمكتبات سابقا

نور الإيمان

 

 رقم العضوية : 76161
 تاريخ التسجيل : Oct 2011
 الجنس : ~ أنثى
 المشاركات : 9,116
 الحكمة المفضلة : متى أقحطت العين من البكاء من خشية الله ، فاعلم أن قحطها من قسوة القلب
 النقاط : سارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond reputeسارية فى درب الرسول has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 59626
 قوة التقييم : 30

سارية فى درب الرسول غير متواجد حالياً

أوسمة العضو

ثالث اكثر المشرفين مشاركة بردود داخل قسمه ثالث اكثر المشرفين مشاركة بمواضيع داخل قسمه وسام مسابقه اقلام بعبق الروعه 457 440 185 119 115 15 88 

افتراضي

الرحمن قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يتم صلاته، فأفزع ذلك المسلمين، فأكثروا التسبيح، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته أقبل عليهم، ثم قال: ”أحسنتم، أو قد أصبتم“ يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها"([1]). وقوله: ”يتم صلاته“ يدل على أن ما يدركه المسبوق مع الإمام هو أول صلاته؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ”إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا“([2]). وجاء في بعض الروايات: ”فاقضوا“([3])والقضاء يطلق على أداء الشيء فهو بمعنى أتموا، فلا مغايرة بين اللفظين([4])، ولا حجة لمن تمسك برواية ”فاقضوا“ على أن ما أدركه مع الإمام هو آخر صلاته، وإنما الصواب أن ما يدركه المسبوق مع الإمام هو أول صلاته([5]). وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز – رحمه الله- يقول: ”وما فاتكم فأتموا“ هذا أكثر الروايات، وفي بعض الروايات: ”فاقضوا“ بمعنى أتموا سواء بسواء، فالروايتان مجتمعتان بمعنى الإتمام والإكمال، فما أدرك فهو أول صلاته، وما قضى فهو آخرها([6]).
والمسبوق يدخل مع الإمام في أي جزء أدركه فيه؛ لحديث علي بن أبي طالب ومعاذ – رضي الله عنهما- قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام“([7]). قال الترمذي – رحمه الله-: "والعمل على هذا عند أهل
([1]) متفق عليه: البخاري مختصراً، كتاب الوضوء، باب الرجل يوضئ صاحبه، برقم 182، ومسلم مختصراً، كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين، برقم 274، وأبو داود، كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين، برقم 149، وأحمد 4/251، وألفاظه من سنن أبي داود ومسند أحمد.

([2]) متفق عليه: البخاري، برقم 636، ومسلم، برقم 908، وتقدم تخريجه في آداب المشي إلى الصلاة.

([3]) أحمد، 2/270، وأبو داود، برقم 573، والنسائي، 2/114.

([4]) انظر: نيل الأوطار للشوكاني، 2/257، 383، وسبل السلام للصنعاني، 2/115.

([5]) قال الإمام النووي: "واختلف العلماء في المسألة، فقال الشافعي وجمهور العلماء من السلف والخلف: ما أدركه المسبوق مع الإمام أول صلاته، وما يأتي به بعد سلامه آخرها، وعكسه أبو حنيفة وطائفة، وعن مالك وأصحابه روايتان كالمذهبين، وحجة هؤلاء "واقضِ ما سبقك" وحجة الجمهور أن أكثر الروايات "وما فاتكم فأتموا" وأجابوا عن رواية "واقضِ ما سبقك" أن المراد بالقضاء الفعل لا القضاء المصطلح عليه عند الفقهاء، وقد كثر استعمال القضاء بمعنى الفعل" شرح النووي على صحيح مسلم 5/104.

([6]) سمعته من سماحته أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 445.

([7]) الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما ذكر في الرجل يدرك الإمام وهو ساجد كيف يصنع، برقم 591، قال العلامة أحمد محمد شاكر في حاشيته على سنن الترمذي: قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير، 2/42، فيه ضعف وانقطاع، ويريد بالضعف الإشارة إلى تضعيف حجاج بن أرطأة وهو عندنا ثقة إلا أنه يدلس ولم يصرح بالسماع هنا، ويشير بالانقطاع إلى أن ابن أبي ليلى لم يسمع من معاذ، ولكن له شاهد من حديثه أيضاً عند أبي داود، برقم 506، يقول فيه ابن أبي ليلى: حدثنا أصحابنا ثم ذكر الحديث وفيه فقال معاذ: "لا أراه على حال إلا كنت عليها" قال: فقال إن معاذاً قد سن لكم سنة كذلك فافعلوا". وهذا متصل؛ لأن المراد بأصحابه الصحابة كما صرح بذلك في رواية ابن أبي شيبة: "حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم" [حاشية أحمد شاكر على سنن الترمذي، 2/486]، وذكر له العلامة الألباني شاهداً عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أخرجه المروزي في مسائل أحمد وإسحاق، قال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 3/185: "وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين". والحديث صحيح المعنى لطقوله صلى الله عليه وسلم: "فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا.
العلم، قالوا: إذا جاء الرجل والإمام ساجد فليسجد ولا تجزئه تلك الركعة إذا فاته الركوع مع الإمام"([1]).
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئاً، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة“([2]).
المبحث الثاني عشر: يعذر في ترك الجماعة بأشياء، هي على النحو الآتي:
* الخوف أو المرض؛ لحديث ابن عباس – رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ”من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر“([3]).
* المطر، أو الدحض([4])؛ لحديث ابن عباس – رضي الله عنهما- أنه قال لمؤذنه في يوم مطير: ”إذا قلت أشهد أن محمداً رسول الله، فلا تقل: حي على الصلاة، قل: صلوا في بيوتكم، فكأن الناس استنكروا، فقال: فعله من هو خير مني...“([5]).
* الريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة؛ لحديث ابن عمر – رضي الله عنهما- أنه أذَّن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح، فقال: ألا صلوا في رحالكم([6]) ثم قال: كان رسول الله صلى
([1]) سنن الترمذي، 2/486.

([2]) أبو داود، برقم 893، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/169، وتقدم تخريجه في إدراك الجماعة بركعة.

([3]) ابن ماجه، برقم 793، وأبو داود، برقم 551، وصححه الألباني في الإرواء، 2/327، وتقدم تخريجه في وجوب صلاة الجماعة.

([4]) الدحض: الزلق. فتح الباري لابن حجر، 1/384.

([5]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجمعة، باب الرخصة إن لم يحضر الجمعة في المطر، برقم 901، وسبق في كتاب الأذان، باب الكلام في الأذان برقم 616، وفي باب هل يصلي الإمام بمن حضر، برقم 668، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب الصلاة في الرحال، برقم 699.

([6]) الرحل: المنزل وسكن الرجل وما فيه من أثاثه. فتح الباري لابن حجر، 1/98، ونيل الأوطار، 2/387.
الله عليه وسلم يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات مطر، يقول: ”ألا صلوا في الرحال“ وفي لفظ للبخاري: ”أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر مؤذناً يؤذن، ثم يقول على إثره: "ألا صلوا في الرحال" في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر“ وفي لفظ لمسلم: "أن ابن عمر نادى بالصلاة في ليلة ذات برد وريح ومطر، فقال في آخر ندائه: ألا صلوا في رحالكم ألا صلوا في الرحال، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة، أو ذات مطر في السفر أن يقول: "ألا صلوا في رحالكم"([1]).
وعن جابر – رضي الله عنه- قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فمطرنا، فقال: ”ليصلِّ من شاء منكم في رحله“([2]) والأفضل أن يأتي بألفاظ الأذان كاملة ثم يقول: ”صلوا في بيوتكم“. أو يقول: ”صلوا في رحالكم“([3]).

([1]) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب الأذان للمسافرين، برقم 632، وباب الرخصة في المطر، والعلة أن يصلي في رحله، برقم 666، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب الصلاة في الرحال، برقم 699.

([2]) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب الصلاة في الرحال في المطر، برقم 698.

([3]) قال الإمام القرطبي رحمه الله عن حديث ابن عمر رضي الله عنهما: "ظاهر قوله: "في آخر ندائه" أنه قال ذلك بعد فراغه من الأذان، ويحتمل أن يكون في آخره قبل الفراغ، ويكون هذا مثل حديث ابن عباس". ثم قال: "هذه الحديث قد رواه أبو أحمد بن عدي من حديث أبي هريرة، قال فيه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كانت ليلة باردة أو مطيرة، أمر المؤذن فأذن بالأذان الأول، فإذا فرغ نادى: الصلاة في الرحال أو في رحالكم". [رواه ابن عدي في الكامل، 6/2263] وهذا نص يرفع ذلك الاحتمال. [المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، 2/338] وقال الإمام النووي رحمه الله: "... في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه يقول: "ألا صلوا في رحالكم" في نفس الأذان، وفي حديث ابن عمر أنه قال في آخر ندائه، والأمران جائزان نص عليهما الشافعي رحمه الله تعالى في الأم في كتاب الأذان، وتابعه جمهور أصحابنا في ذلك، فيجوز بعد الأذان وفي أثنائه؛ لثبوت السنة فيهما، لكن قوله بعده أحسن؛ ليبقى نظم الأذان على وضعه، ومن أصحابنا من قال: لا يقوله إلا بعد الفراغ، وهذا ضعيف مخالف لصريح حديث ابن عباس – رضي الله عنهما- ولا منافاة بينه وبين الحديث الأول –حديث ابن عمر رضي الله عنهما-؛ لأن هذا جرى في وقت وذاك في وقت وكلاهما صحيح"، شرح النووي على صحيح مسلم، 5/214.
وقال الحافظ ابن حجر على قوله: "إذا قلت أشهد أن محمدًا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة: وبوب عليه ابن خزيمة وتبعه ابن حبان ثم المحب الطبري "حذف حي على الصلاة في يوم المطر" وكأنه نظر إلى المعنى؛ لأن حي على الصلاة، والصلاة في الرحال، وصلوا في بيوتكم يناقض ذلك، وعند الشافعية وجه أنه يقول ذلك بعد الأذان، وآخر أنه يقوله بعد الحيعلتين، والذي يقتضيه الحديث ما تقدم" [فتح الباري، 2/98]، وقال الحافظ في موضع آخر في كلامه على حديث عبد الله بن عمر: "كان يأمر المؤذن يؤذن ثم يقول على إثره: ألا صلوا في الرحال": "..صريح في أن القول المذكور كان بعد فراغ الأذان" ثم قال عن اجتماع كلمة صلوا في الرحال وكلمة حي على الصلاة: "وقد قدمنا في باب الكلام في الأذان، عن ابن خزيمة أنه حمل حديث ابن عباس على ظاهره، وأن ذلك يقال: بدلاً من الحيعلة، نظراً إلى المعنى؛ لأن معنى "حي على الصلاة" هلموا إليها، ومعنى: "الصلاة في الرحال" تأخروا عن المجيء، ولا يناسب إيراد اللفظين معاً، لأن أحدهما نقيض الآخر، ويمكن أن يجمع بينهما ولا يلزم منه ما ذكر بأن يكون معنى الصلاة في الرحال رخصة لمن أراد أن يترخص، ومعنى هلموا إلى الصلاة ندب لمن أراد أن يستكمل الفريضة ولو تحمل المشقة، ويؤيد ذلك حديث جابر عند مسلم قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فمطرنا فقال: "ليصلِّ من شاء منكم في رحله" [مسلم برقم 698] فتح الباري، 2/113، وقال الحافظ أيضاً في موضع آخر على حديث ابن عباس: "والذي يظهر أنه لم يترك بقية الأذان، وإنما أبدل قوله: "حي على الصلاة" بقوله: "صلوا في بيوتكم" الفتح، 2/384، وانظر المغني لابن قدامة، 2/378-379، ونيل الأوطار للشوكاني، 2/386.
وأقرب الأقوال قول النووي رحمه الله تعالى، وقد سمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله أثناء تقريره على صحيح البخاري الحديث رقم 616، يقول: "الأفضل أن يكمل الأذان ثم يقول بعده صلوا في بيوتكم". وقال على الحديث رقم 666: "يقول ذلك بعد الأذان" وقال على الحديث رقم 668: "المعروف أنه قاله بعد الأذان".






* حضور الطعام ونفسه تتوق إليه؛ لحديث ابن عمر – رضي الله عنهما- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ”إذا كان أحدكم على الطعام فلا يعجل حتى يقضي حاجته منه، وإن أقيمت الصلاة“([1])؛ ولحديث عائشة – رضي الله عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ”إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة، فابدؤوا بالعشاء“([2]).
* مدافعة الأخبثين [البول والغائط]؛ لحديث عائشة – رضي الله عنها- قالت: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ”لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان“([3]).
* يكون له قريب يخاف موته ولا يحضره؛ لحديث ابن عمر – رضي الله عنهما- أنه ذكر له أن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل – وكان بدريّاً- مرض في يوم جمعة فركب إليه بعد أن تعالى النهار، واقتربت الجمعة وترك الجمعة([4]).
وعن أبي الدرداء – رضي الله عنه- قال: "من فقه المرء إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ"([5]).
فظهر أنه يتعذر بترك الجماعة بثمانية أشياء:
المرض، والخوف على النفس، أو المال، أو العرض، والمطر، والدحض [الوحل]، والريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة، وحضور الطعام والنفس تتوق إليه، ومدافعة الأخبثين أو
([1]) متفق عليه: البخاري، برقم 674، ومسلم، برقم 559، وتقدم تخريجه في مكروهات الصلاة.

([2]) متفق عليه: البخاري برقم 671، ومسلم، برقم 558، وتقدم تخريجه في مكروهات الصلاة.

([3]) مسلم برقم 560، وتقدم تخريجه في مكروهات الصلاة.

([4]) البخاري، كتاب المغازي، باب: حدثني عبد الله بن محمد، برقم 3990.

([5]) البخاري، كتاب الأذان، بابٌ: إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة، قبل الحديث رقم 671، وقال ابن حجر في فتح الباري: "وصله ابن المبارك في كتاب الزهد" [رقم 1142] وأخرجه محمد بن نصر المروزي في كتاب قدر الصلاة.


أحدهما، وأن يكون له قريب يخاف موته ولا يحضره. وتقدمت الأدلة على كل مسألة من هذه الأشياء([1]).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.



([1]) انظر: المغني لابن قدامة، 2/276-380، والكافي لابن قدامة، 1/398-401.









  رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
ملف, الصلاه, الكتاب, شامل, والسنه, واحكامها

« الإيمان بالأنبياء والرسل حقيقته ومقتضياته | تخيل يوم القيامه »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

Posting Rules
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
دعوات طيبات من الكتاب والسنه ۩۩ سيد الشرقاوي ۩۩ منتدى الاسلاميات والقرأن الكريم 3 06-09-2012 05:38 PM
قيام الليل من الكتاب والسنه سارية فى درب الرسول منتدى الاسلاميات والقرأن الكريم 8 04-17-2012 09:50 PM
حملة معا ضد المد الشيعي معا لنشر الكتاب والسنه بيت الشتاء منتدى الاسلاميات والقرأن الكريم 2 04-08-2011 04:47 AM
علو الهمه أمر حث عليه الكتاب والسنه أمة الله منتدى الاسلاميات والقرأن الكريم 9 05-19-2010 03:28 PM

مجلة الحلوة / مذهلة

الساعة الآن 03:03 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 RC 1
منتديات بنات مصر . منتدى كل العرب

a.d - i.s.s.w


elMagic Style.Design By:۩۩ elMagic ۩۩