« دكتاتورية الفرد » و « ثقافة القطيع »

[د. محمد الرمادي]

« دكتاتورية الفرد »

و

« ثقافة القطيع »

عاشت الأمة المصرية ؛ تجاورها شعوب المنطقة العربية حقباً عديدة في ظل نظام الحاكم المتسلط الآمر الناهي ، فمنذ الدولة الحديثة التي نادىٰ بها الوالي المصري محمد علي إلىٰ أن آلت الدولة المصرية بزمامها إلىٰ يد حاكم مصر المخلوع والفرد ـ تسانده حاشية علىٰ شاكلته ودعم خارجي ـ هو المتحكم في مصائر الشعب ويسير مصالح الأفراد وفق رغباته ، تجلت بوضوح كامل وتام في حقبة حكم الزعيم صاحب الكريزما التي لا تقاوم ؛ الشعب العربي ـ وليس فقط المصري ـ برمته نظر إلىٰ ناصر علىٰ أنه المنقذ ، فشلت الناصرية ؛ وإن لم تكن في حد ذاتها مبدأ أو ايديولوجية لكنها ترقيعات من افكار عالمية متعددة ، وقتها كانت شعوب المنطقة والعالم الغربي تنتظر خطاب سيادة الرئيس الجماهيري وما سوف يعلنه ، والذي استطاع أن يثير عواطف شعوب حكمت في ظل إحتلال لسنوات طوال ، دون تقديم مشروع حضاري نهضوي ينفذ علىٰ ارض الواقع ؛ ولعل الرجل لم يكن يملك في ذهنه هذا المشروع النهضوي ناهيك عن قدرته في إخراج افكار تصلح للتطبيق على ارض الواقع ، اضف فراغ الساحة السياسية والثقافية من منافس أو منازع وحالة الخوف أو الفزع من تحركات ناصر السياسية أو جولاته الميدانية ، ثم تربعت الأسر الملكية والأميرية علىٰ رؤوس شعوب المنطقة كأنها خرجت من إحتلال أجنبي إلىٰ إحتلال وطني ، الأسر الملكية أو الحكم الفردي الجمهوري يعطي لنفسه صلاحيات حاكم دون محاسبة أو مراجعة ، فالذات الملكية فوق القانون والشعب وسيادة الحاكم الجمهوري فوق سيادة الدستور والمؤسسات السيادية ؛ ففي النظامين الملكي والجمهوري العربي في حقبة الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي يملك الحاكم صلاحيات مطلقة كما حدث ويحدث في المملكة العربية الهاشمية أو المملكة العربية السعودية أو مملكة أمير المؤمنين المغربية ، و جمهورية مصر العربية والجمهورية السورية والجمهورية العراقية ... فهي ممالك تعطى لحاكمها سلطة علوية تساندها المؤسسة الدينية التي تم إختيار افرادها علىٰ عين بصيرة لتعطي الشرعية كي يقبل بها الشعب وعليه السمع والطاعة وأن الخروج علىٰ الحاكم مخرج من الملة ويستوجب العذاب في الدنيا والآخرة بغض النظر عن نظام الحكم ؛ ملكي أو جمهوري دستوري فصار الكثير من شعوب المنطقة تحت طوع الحاكم نتيجة إرث ديني خاطئ .

في هذا المناخ العام تربت أجيال وأجيال ، قسم منها رفض الفكرة فحكم عليه بالإبعاد والنفي المعنوي أو كان نصيبها إذا كانت خطرة علىٰ نظام الحكم : التصفية الجسدية .

ما يزعج في عصر وزمن ما أطلق عليه الثورات العربية أن البعض والذي تربىٰ وفق هذه الثقافة أو السياسة الممنهجة يقوم ـ الأن ـ بنفس الدور دون رفض له ، فما قام به حازم أبو إسماعيل على سبيل المثال وليس الحصر ؛ مع أتباعه ومع الفارق بينه وبين صاحب الكريزما الناصرية وما قامت وتقوم به جماعة الإخوان مع أتباعها هو نفس ما قام به الزعيم الخالد (!) مع شعبه مع فارق الكريزما والخطاب الجماهيري المؤثر وما يملك من أدوات وأجهزة .

ثقافة « القطيع » تحتاج لفترة زمنية كافية كي تقلع من نفوس الأتباع وذهن المواطن / الفرد العادي لإعادة تأهيل الفرد في مجتمع ونظام حكم ومؤسسات سيادية تحترم الإنسان وخصوصيته سواء العقلية أو التعبيرية ، المشاعرية أو وجهة نظره في إبداء الرأي .

الخطاب الديني والسياسي إنحدر عن المستوى اللأئق بما يتمشىٰ مع مرحلة ثورية ، ليس من المقبول أو المعقول أن نسمع أننا في مرحلة إنتقالية فتقع بعض الأخطاء أو التجاوزات من جماعات أو أحزاب أو أشخاص ؛ الأصل فيهم جميعاً أنهم يحضرون أنفسهم منذ سنوات طوال لهذه اللحظة التاريخية الفاصلة ، أو أقول أن ما حدث يوم 25 يناير 2011 فاجئ الكل من الكتل السياسية المترهلة والأحزاب الدينية الدعوية التقليدية والوسط السياسي والنخب الثقافية وبالتالي جاء رد الفعل بتلك السذاجة أو عدم القدرة علىٰ إدراك أهمية وجود مشروع وطني يحمل مظاهر حضارية وليس مشروع منغلق علىٰ الذات ـ الجمعية ؛ الحزبية ؛ الفئوية ـ التي وكأنها لم تفق بعد من المفاجأة الشبابية .
شباب الثورة أو الثوار أبحثُ عنهم في عملية التغيير الحقيقية في النجوع والبوادي والقرى والمدن الصغيرة والكبرى والعاصمة ، فهم بمفردهم يحملون جينات التغيير ؛ هم الذين يحملون حزمة من القيم التغييرية والمبادئ الثورية والأفكار ، وعموم الشعب المصري لا يملك قنوات الإتصال الإجتماعي ، خاصةً في أمة تصل نسبة الأمية السياسية إلىٰ أعلىٰ معدلاتها بجانب أمية الحرف والتي تصل إلىٰ 40% ونسبة بطالة تعدىٰ الــ 30% .
أخفقت الثورة العربية الحديثة في ترسيخ هذا المبدأ ألا وهو مبدأ سقوط الدكتاتور في الساحة أو من فوق المنصة تحت اقدام الثوار . التجربة التي تمت خلال الفترة القصيرة جداً ... أثبتت أن ثقافة « القطيع » و « دكتاتورية » الفرد أو الحزب مازالت قائمة.
وهذه تحتاج بالفعل مراجعة ايديولوجية من الأحزاب ـ خاصة الإخوان والسلفية ـ التي تصدرت قائمة إنتخابات مجلس الشعب والشورى ، وتحتاج تعميق ثقافة جديدة من النخب الثورية ومن المثقفين العرب .
وارجو من القادم لكرسي الرئاسة المصرية أن يفكر في سلفه ومصيره وإن لم يرض عن الحكم القضائي الكثير ؛ مما جعلهم يقومون بمحاكمة صورية / شكلية في الميدان ، واتمنى أن لا تكون حالة تنفيس عن مشاعر الغضب .
الثورة تأتي بحزم كاملة من مبادئ التغيير وقيم لمجتمع يراد له التغيير وليس فقط التعبير .

الرَّمَادِيُ من الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ
الجمعة : 18 . رجب 1433 هـ ~ 08 . يونيو 2012 م .

[(اورتيجا&الشبح)]

تسلم يـ ريس
تح ياتي ^_^

[رجل 4545]

موضوع رائع
سلمت يداك

[د. محمد الرمادي]

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احبكـ امي تسلم يـ ريس تح ياتي ^_^

***
تحية عطرة من قلب الإسكندرية النابض بالحب
محمد
حالياً اقوم بدورات تدريبية في خارج مصر
ـــ
محمد

[د. محمد الرمادي]

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رجل 4545 موضوع رائع سلمت يداك

**
ت حياتي القلبية لرجل ال سعودية 4545
ــ
محمد

[غزاوية وافتخر]

يسلموا دياتك علي حماسك وكلماتك الجميله
والمعني العظيم يسلموا دياتك علي طرحك

[شقاوة احاسيس]

روعه
يسلموووووووووووو

[د. محمد الرمادي]

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الورده الحمرا روعه يسلموووووووووووو

*
الرعه هي مرورك
تسلمي
ــ
البرنس حماده بتاع إسكندرية

[د. محمد الرمادي]

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غزاوية وافتخر يسلموا دياتك علي حماسك وكلماتك الجميله والمعني العظيم يسلموا دياتك علي طرحك

**
حفظ الواهب اياديك
ــ
محمد