أحزان إسراء المصرية ( قصة قصيرة )

[samirelbolaki]

أنهتْ إسراء دراستها القانونية بجامعة الإسكندرية ، واتجهتْ إلى شاطئ البحر ؛ لتقابل زميلها الفلسطينى باسل الغزّاوىّ ، والذى أحبتْه منذ عامٍ ، ومشيا سوياً ، بمحاذاة الشاطئ ، فابتلتْ الأقدام ، وتشابكتْ الأيدى ، وداعبتْ نسمات الهواء الرقيقة شعرها الأسود ؛ فانسابتْ خصلاته على وجهها الأبيض الجميل ، وعيونها العسلية التى لمع بريقها مع ضوء الشمس الذهبى عند الأصيل ، واتفقا على الزواج ، وظلا يحلمان ببناء عشٍ يظلهما من تعب الأيام ...
*****

ورحلتْ شمس الحب ، واسودتْ السماء ، وتلبدتْ بالغيوم ، وتلاطمتْ الأمواج ، وطارتْ فوقهما أسراب طيور السمان ؛ منذرةً بالرحيل ، رغم اتفاق الأحباب ؛ فابتسم باسل ابتسامةً صفراء ؛ ولم تدرِ إسراء أنه الوداع الآخير !!
*****
وأقنعتْ إسراء أشقائها ؛ فوافقوا على زواجها من أخيهم الفلسطينى ولكن أمها رفضتْ وبإصرارٍ ، ومازالتْ إسراء تجادلها ، بما تعلمتْه من دراستها القانونية ، ولكن دموووع أمها وقفتْ لها بالمرصاد ، فقالتْ الأم لإسراء بصوتٍ بُح من البكاء : أنتِ ابنتى الوحيدة ، ولن أقدر على فراقكِ ، وغربتكِ فى بلادٍ محفوفةٍ بالمخاطر ...

فجادلتها إسراء متوسلة ً : يا أمى : إن باسل سيبنى لى بيتاً عند معبر رفح ؛ لأكون فى بلدى ، وأيضاً قريبةً من بلده ...
ولكنّ عناد أمها زاد ، وعلتْ نبرتها قائلةً : أنتِ مازلتِ صغيرةً ، ولم تذوقى بعد ويلات الحروب ، وما تحدثه من دمارٍ ، وكيف تفرّق الأحباب ...
وهنا اختلط صوت الأم ببكائها لتكمل متحسرةً : لقد اُستُشهِد جدكِ 1956فى العدوان الثلاثى على مصر، وذقتُ اليتم صغيرةً ، ثم اُستُشهِد خالكِ فى أكتوبر 1973 ، ورغم فرحة النصر على اليهود ، لكننى ذقتُ مرارة الفراق ، وفقدتُ سندى ، وكأنهم قطعوا ذراعى ....

وتحاول إسراء تفنيد مخاوف أمها : يا أمى : لن يكون هناك فراقٌ ، وقلتُ لكِ أننا سنسكن فى مصر عند الحدود بيننا وبلد باسل ...

كفكفتْ الأم دموعها لتردد : سيشتاق لوطنه ، وسيحمل مدفعه ، ويقتله الصهاينة ، وتترملى يا ابنتى فى شبابكِ ، وتعانى مع أطفالكِ الفلسطينيين ، ووقتها ستنسِى أمكِ ؛ لأنكِ لن تقدرى على ترْك أطفالكِ بدونكِ لزيارتى ...واعلمى أنه قرارى الآخير ، وأبداً لن تتزوجى من غير بلدنا ....

*****
وحانتْ لحظة الوداع الحتمية ، وتجرّع العاشقان كأس الفراق المرير ، وانسالتْ الدموع معلنةً الرحيل ، وخيم الصمت الرهيب ، والذى لم يقطعه إلا صوت أم كلثوم الذى انبعث من محمول إسراء ؛ ليقول ما عجز لسانها عن ذكره ، فكانت قصيدة الأطلال رسالتها لباسل :

يا حبيبى كل شيئٍ بقضاء...ما بأيدينا خُلقنا تعساء
ربما تجمعنا أقدارنا.....ذات يومٍ بعدما عز اللقاء
وإذا أنكر خِلٌ خِلّه...........وتلاقينا لقاء الغرباء
ومضى كلٌ إلى غايته....لا تقلْ شئنا فإنّ الحظ شاء

*****

ولم يكد يمر شهران حتى دكّتْ قنابل الشر الصهيونية منازل غزة ، وتناثرتْ جثث الأطفال البريئة ، فى غفلةٍ من الضمير العربى الراقد فى سباتٍ عميقٍ ، واُغتيلتْ النخوة الإسلامية ، وضاع صوت النساء ، وهن يصرخن : وامعتصماه !! ...ولكن الكرامة العربية قُتلتْ ذات ليلٍ أسود ملعون !!..
*****
واستبدّ القلق بإسراء ، واتصلتْ بشقيقة باسل ؛ لتطمئن على حبيبها ، فجاء صوت شقيقته مفحوماً بالبكاء والحسرة : تمالكى نفسكِ يا إسراء ...فلقد اُستُشهِد باسل وهو يحمل مدفعه أمام الصهاينة الطُغاة ، وعند الاحتضار تذكّركِ وقال :
حبيبتى إسراء : ها قد سبقتُكِ إلى الجنة ، وأنتظركِ هناك ، حيث لن يمنعنى عنكِ حدود أو يهود !!
*****
وانهارتْ إسراء ، وكادتْ تُجن من صدمتها الحزينة ، ولولا بقية من إيمان !!!...ومازالتْ إسراء تقف على معبر رفح راجيةً أن تُفتَح لها الأبواب ؛ لتضع وردةً على قبر حبيبها الشهيد ...
*****
ومازالتْ كل ليلةٍ تعيش وحيدةً معذبةً تناجى روحه البعيدة ، وتتذكر أغنيته المفضلة لعبد الحليم ( قارئة الفنجان ) وكيف كانا يسبحان مع صوته الشجى ، وكلمات نزار قبانى :
يا ولدى قد مات شهيداًمن مات فداءً للمحبوب
مقدوركَ أن تبقى مسجوناً بين الماء وبين النار
مقدوركَ أن تمضى أبداً فى بحر الحب بغير قلوع
وتكون حياتكَ طول العمر كتاب دمووووع
فبرغم جميع حرائقه
وبرغم جميع سوابقه
وبرغم الحزن الساكن فينا ليل نهار
وبرغم الريح وبرغم الجو الماطر والإعصار
فالحب سيبقى يا ولدى أحلى الأقدار
تمت بحمد الله
بقلمى : سمير البولاقى

ملحوظة
الإهداء : إلى قريبتى الأنسة a بطلة قصتى ، رجاءً أن يصبرها الله على ما ابتلاها ، وأرجو ممن ينقل قصتى إلى أى منتدى آخر ؛ بأن يكتب أسفلها كلمة ( منقووول ) منعاً للإحراج ، لأنى أتابع قصصى فى كل مواقع البحث ، وقصصى مسجلة بتاريخها فى المحاكم المصرية لحفظ حقوقى الأدبية ، وللجميع تحياتى..

[همس الروح]

	سلمت الأيادي أخي سمير برغم الالم والحزن السائد في هذه القصة الا اننا لن ننسي روعة من كتبها بهذه السلاسة والروعة وكان الله في عون بطلتنا الحبيبة ورحمه الله باسل شهيد الكرامة والنضال شكرا لك أخي الكريم مع تمنياتي لك بدوام التميز دمت بخير مع خالص شكري وتقديري وبالغ عزائي الي بطلتنا الرائعة

[بنت غزة]

يسلموووووووووووو
خيووووووووووووو علي الطرح المميز

[samirelbolaki]

:775::775:اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الروح

	سلمت الأيادي

	أخي سمير برغم الالم والحزن السائد في هذه القصة الا اننا لن ننسي روعة من كتبها بهذه السلاسة والروعة وكان الله في عون بطلتنا الحبيبة ورحمه الله باسل شهيد الكرامة والنضال شكرا لك أخي الكريم مع تمنياتي لك بدوام التميز دمت بخير مع خالص شكري وتقديري وبالغ عزائي الي بطلتنا الرائعة

سيدتى المحترمة

همس الروووح

كل الشكر العميق على مروركِ الراقى....وتعقيبكِ الأكثرمن رائعٍ....فلقد اكتمل إبداعى بحروفكِ الماسية التى أكملت حروفه الناقصة....



وتبقى
العادات والتقاليد العربية العنصرية - ولا أقول الإسلامية - هى من يقف حجر عثرةٍ أمام الحب العذرى الطاهر ، ويفرّق - بكل قسوةٍ - بين العاشقين ، ويهدم عشهما الجميل الذى بنوه فى أحلامهما البريئة....




أوروبا تتحد والعرب يتفرقون
إن الشيئ الغريب هو : أن نجد الدول الأوروبية تتحد فى عملتها واقتصادها ، وتلغى الحدود بينها رغم اختلاف اللغة والعادات والتقاليد ؛ لأنهم رأوا أن المصلحة فى الاتحاد الذى يولد القوة ؛ فلا يطمع فى أرضهم أمريكى أو صهيونى ....

فى حين أن بلادنا العربية : تتكلم لغةً واحدة ، وتدين بالإسلام ، ومع ذلك تبقى بينها الحدود والفرقة والخلاف الدائم بين زعمائها ؛ فتزداد ضعفاً على ضعفٍ ، ويطمع فى أراضيها الأمريكان والصهاينة ...فإلى متى يا عربُ ؟ إلى متى نظل متفرقين ؟ ! ...


سيدتى المبدعة


للحياة ألواااانٌ



وما أجمل ألوان السعادة فيها



وللحزن أشكالٌ

ويؤلمني شكل العين
حين الحزن يكسيها
وتغرقها الدمعات على فراق
من لا نقدر على نسيانهم
مهما طال بنا الزمن



وللعين رواياتٌ
واروعها روايةً أن تكتشف حبك
وروايات تنهى حياتنا وحبك
وتكتب لنا الفراق الابدى





ثم بعد ذلك نقول
ذهب العمر دون ان نشعر !
هذه هى الحياة نعيشها بتقلباتها وتغيراتها... بمرها وعذبها....وبمواقفها وذكرياتها ....


فالحياة قصيرةٌ مهما طال بنا الزمن



كم أنتِ شاقةٌ أيتها الحياة !!




وإذا كانتْ الحياةُ
قد فرقتْ بين إسراء وباسل



فلندعوا الله من كل قلوبنا


أن يلتقيا فى الحياة الآخرة
حيث الحب الأبدى


.لأن هناك حياةٌ أجمل


؛ حيث لا تعب فيها ولا نصب



بل شبابٌ دائم وجمال ساحر


هي حياة الآخرة . .


لا حُرِمنا سحرها وجمالها




وتستمر الأحزان
لتثبت إنكَ إنسان ، يحيا ويكابد ويحزن من الوداع ، ولكنه الفراق المحطة الحتمية لطريق الأحباب ، فيقترق الخلان ، ويتباعد العشق ، وتسيل الدموع أنهاراً ...




ويظل العاشق وحيداً
يتجرع وحده كأس الفراق ، ويعيش الليل وحيداً بين الذكريات ، فيبكى مع الشاعر الأمير العباسى أبى فراس الحمدانى :
إذا الليل أضنانى بسطتُ يد الهوى...وأخللتُ دمعاً من خلائقه الكِبرُ
تكاد تضيئ النار بين جوانحى...إذا هى أذكتها
الصبابة والفكرُ



ويحاول ذلك العاشق المسكين أن يخرج من أحزانه ، فيطارده قول المتنبى :
يا مَن يعز علينا أن نفارقهم....وجداننا كل شيئٍ بعدكم عدَمُ
فيارب رحماك ..


أختى الغالية

لقد كانت كلماتكِ اللؤلؤية رائعةً ...واعذرينى على عجز حروفى أن تجارى كلماتكِ الجميلة جدا ....
ومعذرةً للإطالة فإبداعكِ النقدى يرغم قلمى على الانطلاق حتى يجف مداده......
أكرر شكرى الشديد لحضوركِ المميز...دمتِ بكل الخير والود....تحياتى وتقديرى واحترامى لشخصكِ الكريم...ولكِ الود والورد...
من أخيكِ : سمير البولاقى

[samirelbolaki]

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنت غزة
يسلموووووووووووو
خيووووووووووووو علي الطرح المميز



ألف شكر


أختى الغالية


بنت غزة


على مروركِ الراقى


ولكم تمنيتُ أن

لا يكون الحزن قوامها

ولكنه الواقع العربى المرير

وغياب الضمير العربى

وتفرغ زعمائنا العرب

للخلافات ؛ فسقطوا فى

فخ الشيطان الصهيونى...

فيارب رحماكَ

ويارب ارحم هؤلاء الشهداء

وأدخلهم جناتكَ كما

وعدتهم فى كتابكَ

يارب مَن يرحم دموع

الثكلى المتحسرة غيرك؟

يارب من للأطفال


الذين تيتموا سواكَ؟

يارب من للأرامل دونكَ؟

أنتَ أنتَ وحدكَ يا آله الكون

بيدك العفو والخير والرحمة

اللهمّ إنا لا نسألكَ رد القضاء

ولكن نسألكَ اللطف فيه

اللهمّ ارفع مقتكَ وغضبكَ عنا

ولا تسلط علينا بذنوبنا

من لا يخافكَ ولا يرحمنا

...آمين آمين...


أكرر شكرى البالغ

لحضوركِ المميز

وكلماتكِ المعطرة

بالصدق الجميل

دمتِ بكل الخير

وتقبلى أختى الغالية

خالص تحياتى وتقديرى

واحترامى لشخصكِ الكريم...

من : سمير البولاقى

[همس الاطفال]

تسلم ع القصه الروعه بكل معانيها من أسي وحب وفراق
دمت بخير

[عاشق الجمال]

أخي المبدع

أحسنت وأبدعت

وننتظر منك المزيد لتنثر وتضع بصماتك في هذا المنتدى الرائع

فقلمك يحمل الكثير والكثير فلا تحرمنا من كتابتك الجميله

دمت لنا قلماً رائعاً تزين به منتدى القصص وتمتعنا وتجعلنا نرحل معك عبر قصصك الواقعية
أخـي القـدير .ٍ.ٍ سمير

بصـدق المشـاعر .ٍ.ٍ تُبدع الأنـــامل

كُن كما أنـت .ٍ.ٍ.ٍ

للأبداع عنوان .ٍ.ٍ وللعطــاء بُركـــان

فهنيئاً لكَ قلمك .ٍ.ٍ.ٍ وهنيئاً لنا بـك

[samirelbolaki]

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الاطفال
تسلم ع القصه الروعه بكل معانيها من أسي وحب وفراق
دمت بخير



آنستى المحترمة

همس الأطفال


كل الشكر العميق

على

مروركِ الراقى الذى أسعدنى

ولكم توارتْ حروفى خجلةً

من إشادتكِ الرائعة

بحق قصتى المتواضعة

ويبقى الانتظار اليائس لإسراء




آهٍ من لوعة الانتظار

مزيجٌ من عذاب الروح وقت الاحتضار


أوليس هو من لقبوه بصانع الملل ؟!

وطوله يقطع علينا كل الأمل

مريبٌ هو الانتظار الطويل

ونطمئِن أرواحنا بان الصبر جميل

ووفائنا يرغمنا على الانتظار

حتى وإنْ طال الفراق

فتبقى لذة الانتظار



مُرَّة في قلوبنا

فأنتَ المعين يا آلهى

أنتَ المغيث يا ربى

رحماكَ..رحماكَ يا خالقى

****




أيتها المبدعة

كم انتِ راااااائعةٌ....

نبحر بصدى كلماتكِ الأخّاذة

نلتمس منها الذوق الرفيع والرقة

دائماً تنساب حروفكِ الماسية


متألقة كما السحابة الخفيفة



التي تنثر حولنا رذاذها بعباراتها الأنيقة





أختى الغالية



أكرر شكرى البالغ


لحضوركِ المميز الجميل


دمتِ بكل الود والسعادة


...تحياتى أينما تكونى



سمير البولاقى

[samirelbolaki]

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عاشق الجمال
أخي المبدع

أحسنت وأبدعت

وننتظر منك المزيد لتنثر وتضع بصماتك في هذا المنتدى الرائع

فقلمك يحمل الكثير والكثير فلا تحرمنا من كتابتك الجميله

دمت لنا قلماً رائعاً تزين به منتدى القصص وتمتعنا وتجعلنا نرحل معك عبر قصصك الواقعية
أخـي القـدير .ٍ.ٍ سمير

بصـدق المشـاعر .ٍ.ٍ تُبدع الأنـــامل

كُن كما أنـت .ٍ.ٍ.ٍ

للأبداع عنوان .ٍ.ٍ وللعطــاء بُركـــان

فهنيئاً لكَ قلمك .ٍ.ٍ.ٍ وهنيئاً لنا بـك

سيدى المحترم

عاشق الجمال

توارتْ كلماتى خجلاً

من إطرائكَ الرائع

جعلتْنى حروفُكَ الماسية

أحلِّق عالياً فى السماء

شكراً كثيراً

سيدى المبدع


على

تشجيعكَ الجميل

وليس هذا غريباً

عليكَ

يا

صاحبَ القلم المبدع

والذوووق العالى الرفيع

أخى الغالي

أدينُ لكرمكَ الكبير

فاعذرْ

قلمى المتواضع

الذى يعجزُ أن يوفيكَ


قدركَ الأدبى العظيم


دمتَ بكل الخير والسعادة

تحياتى بحجم الكون

سمير البولاقى

[عصفورة مصر]

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلى على سيدنا محمد وعلى أهلة وصحبة وسلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
مشكور والله يعطيك الف عافية
تسلم أيدك على القصة الأكثر من رائعة الذى تحمل كل المعانى الانسانية الجميلة.
من الحب والرومانسية - وحب الوطن - والاستشهاد فى سبيل الله .
بس أحزان أسراء المصرية وغيرها مستمرة طول ما العرب ساكتين عن الظلم والاعداء.
حسبنا الله ونعم الوكيل