عشرة أضعاف .. قصة قصيرة ( تابع للحملة

[محمدعبدالسلام]

قصة قصيرة بقلم الكاتب الكبير احمد مراد

[C

أخيراً انتهى هذا الضجيج وذهب ذلك الصراخ
أحدهم يصيح طلباً لثمن كراسة .. وآخر يأبى أن يصحب معه طعاماً من المنزل بل يريد شراءه من الخارج
والبعض يعترض على ما أخذ من مصروف في هذا اليوم
إنها معركة كل صباح ..
ضجيج الأبناء قبل ذهابهم إلى مدارسهم .. ذلك الذي اعتدتُ عليه وأصبحت أنا وهو كالتوأمان.
ها هم قد ذهبوا وصَحَبوا معهم صياحهم .. ولأستعد أنا للذهاب إلى عملي ..
أعدت لي زوجتي لفافة أطعمتي التي سآخذها وخرجتُ إلى الطريق الذي ملّني من كثرة سيري به ..
عشرون عاماً وأنا أمر بهذا الطريق
نفس المباني ونفس الحوانيت وهي ذاتها كل المعالم بل نفس البشر بكل هيآتهم الدائمة .. بل هي نفسها العوائق المستديمة به حتى أصبح لا يعنيني هل عيناي مفتوحتان أم مغلقتان ..
ولكن ...
ها هو مشهد جديد بدا واضحاً كالشمس ..
أحدهم كتب بخط أنيق لافتة جديدة معلقة على جدار أحد الأبنية ..
كتب يقول .. (( الحسنة بعشرة أمثالها .. ))
مررتُ عليها ببصري سريعا وقرأتها بلا مبالاة ..
ولكن ..
ربما لكي أشغل نفسي عن تأوه قدماي .. أخذت أفكر فيها
أعلم أن هذه الجملة مقطع من حديث نبوي سمعته في الجمعة السابقة بالفعل .. الرسول الكريم يخبرنا أن من يفعل حسنة سوف ينال عشرة أضعافها ..
لا شك لدي بأنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى ..
ولكن ترى هل أنا من سيتحقق معه ذلك ؟؟
لست أدري كيف امتدتْ يدي لتعبث بما يحويه جيبي بقليل النقود .. وعقلي تتصارع بداخله الأفكار ..
ما رأيك أن نجعل ذلك قيد التجربة ؟ ..
سيكون استثماراً رائعاً ومكسباً نحن في حاجة كبيرة إليه بالفعل ..
كانت الخطى تقترب من المسجد الكبير والذي أمامه صندوق دائم لجمع التبرعات بهدف استكمال بناء الجزء المتهدم منه ..
خرجت يدي وبها الجنيهات الخمس ..
وبعد تردد كبير وقبل أن أفيق كانت قد غابت عبر الفتحة المخصصة للتبرع في هذا الصندوق ..
هززتُ رأسي ويختلجني بعض الندم وأتسائل ما هذا الذي فعلت !! .. أنا بالفعل في حاجة لهذه الجنيهات أكثر من حاجة المسجد لها ..
ولكن تذكرت بأنها استثمار سيعود إلي بمبلغ خمسين جنيها ..
فتبسمت وانطلقت وأنا أنتظر وأتلهف لمعرفة كيف سيصلني هذا الربح ..
وصلتُ إلى عملي وواصلتُ أعمالي حتى منتصف النهار
وحينما بدأت عملية صرف الرواتب .. توجهت إلى شباك الصراف لنيل راتبي ..
وفجأة روادتني فكرة عجيبة ..
لقد دنت اللحظة المرتقبة للحصول على الربح المنتظر ..
حتما سينتابُ الصراف سهواً ويعطيني خمسين جنيهاً زيادة فوق راتبي دون أن يدري ..
ولكن صدر من أعماقي رد غريب .. ربما هو بقايا ضمير يحتضر ..
لقد قال الشيخ المعمم أمس في التلفاز .. (( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ..)) وبالطبع لن يمنحني إلا طيباً
وفي هذه الحالة لو حدث ذلك الضرب من الخيال وانتاب الصراف سهواً .. يجب أن أنبهه إليه وأرد إليه الزيادة
وإن لم أفعل سيكون جرما لا غنما ولا يمكن أن يقبل الله به ..
تسلمت راتبي وأنا لا أدري ماذا سأفعل لو حدث المتوقع بالفعل ..
قمت بعده بحرص وترقب كبيرين .. وكانت الصدمة أنه لا يزيد مليما
شعرت بوجوم ولكن أعقبته راحة حتى لا أقع في شرك هل أفعل الصواب أم أرضى بالربح المنتظر
وبعد استقراري على مكتبي بقليل إذا بأحد زملائي يزف إليَّ البشارة ..
فقد كان يتطاير من الفرح وهو يقول :
(( المدير سيصرف لبعضنا مكافآت استثنائية لأن إنتاج المصنع كان رائعاً الشهر الماضي .. ))
هزني الخبر من الأعماق .. نعم هذا هو الطريق السليم للحصول على الجزاء الذي وعدني الله به وليست الطرق إياها المحاطة بالأشواك
وفور علمي بوجود قائمة معلقة بأسماء المستحقين للمكافأة .. ودون ذرة تفكير في مدى استحقاقي لها
توجهت نحوها مختالا تناتبي ثقة مطلقة بأن اسمي يتصدرها
ولكن ...
عدت والأسى يثقل كاهلي .. والحزن يكاد أن يذهب بفؤادي ..
فلم أكن منهم
ظللتُ بقية اليوم أعمل وفي كل حركة أو لمحة تصدر أمامي أترجمها على أنها اللحظة المرتقبة
هذا العميل حتماً سيعجب بنشاطي الجم في إنهاء معاملاته ويخرج من جيبه خمسين جنيها مكافأة ويمنحني إياهم ..
مدير المصنع آت .. لا ريب أنه اكتشف خطأ عدم تواجد اسمي في قائمته للمكافآت وجاء ليصوب الخطأ
انتهى يوم العمل ولم يحدث أيًّا مما توقعت
ولكن الأمل لم يفارقني ..
كنت أترقب طوال طريق العودة أن أعثر على ضالتي
ربما يطلب شخص ما مساعدتني فأعينه فيمنحني إياها
بل قد تقع من آخر حافظة نقوده فأعطيها له فيجزل الشكر والعطاء
ربما وربما وربما ...
ولكن أيًّا منها لم يحدث
ها قد وصلتُ إلى بيتي .. بل إلى القبر الذي سيحجب فيه راتبي عني إلى الأبد
فزوجتي وأولادي يعلمون بأن هذا هو اليوم المرتقب لتمزيقي واستخراج النقود من بين أشلائي ..
انتهى اليوم ولم يتحقق الوعد ..
واكتنفني شعور عارم بالندم على ما فعلت .. لقد فقدتُ الجنيهات الخمس وهذا المسجد لم يكن لينتظرني
فهناك أثرياء يمكنهم التبرع له دون أن تهتز موازينهم كما حدث معي ..
صعدتُ إلى شقتي وعندما هممت بفتح بابها .. إذا بجاري يفتح بابه وينادي عليّ ..
كان الحرج يكتنف صوته الهادئ أثناء طلبه ..
فقد مرض أحد أولاده وهو في حاجة إلى خمسين جنيهاً سلفة ليتمكن من شراء علاجه
وذلك حتي يصرف راتبه في الغد
منحته إياهم بعد أن أخذت منه موثقا بإعادتهم
دخلت شقتي ليتجمع حولي زوجتي وأبنائي جميعاً وهم يتقافزون بمنتهى الصحة والنشاط
وفجأة روادني خاطر رائع
ترى ماذا لو أصاب أحد أبنائي المرض الجاثم على صدر ابن جاري ؟
لمعت عيناي
وقد علمت كيف وصلتني الأضعاف العشرة
تمت بحمد الله

[قلب وكلمات]

والله حقاً رائعة

ليس شرط أن يكون الثواب أو الجزاء

من نفس جنس العمل لربما أراد الله العافيه

ودفع الضر عن أولادة بدلاً من نقود تذهب وتروح

شكرا ً لقصتك الرائعه محمد

نجومي وتقديري

[روح صامتة]

راااائعة
اعجبتني فكرتها حقا ^^
اسلوبك جميل وسلس
والقصة فحواها كبير
فكما نريد من الخير على قدره الله يرزقنا منه خيرا اخر ,, ^^
اشكرك كثيرا على ما كتبت
ارق تحياتي

[Words Whisper]

بالتأكيد الله يُكافئ من يعمل صالحا

ولذا ليس شرطا أن نفكر كيف سيكون ذلك

فدوما يأتينا الله بخير مماتمنيناه ..

راقٍ هو انتقاؤك

سلمت

ودمت بتوفيق من الله ..

[تيتشر نفشه ツ]

جميله القصه ي أ/ محمد

مش شرط تكون النتيجه الحلوه سبب لعمل عملناه

ساعات وكتير بتكون خير من عند ربنا

تسلم ع الانتقاء اخي

يارب كل السعاده ليك