فتاة ولحظات الحقيقة والحياة ( دويتو القصة )

[جبل عالي]

حين تصدمنا الحياة والظروف والأيام ... وتحرمنا من أبسط الحقوق واقل الأحلام .. فنشعر أحيانا أن هناك الأجمل والأروع ينتظرنا ...ولكن أين ومتى ..؟؟ الله أعلم

استيقظت ذلك اليوم على غير عادتها ..قلقة متعبة ..نظراتها شاردة ...
هناك شىء ما ولكن ماهو ... على مايبدو انه يوم غريب ... ارتدت ملابسها البسيطة ونظارتها الطبية وأسرعت خارجة من باب منزلها البسيط أيضا
... ثم فجأة خرجت منها تنهيدة
حقك عليا ياماما ...التفتت الى حائط الصالة..صورة لإمرأة بنظرات بعيدة شاردة ايضا وكأنها كانت

تنظر للبعيد البعيد ولم يكن يدرى بها أحد ...
ماما معلش سامحيني ياقلبي اصل متأخرة عن الشغل ..هارجع واحكيلك ونتكلم بس وحياتك ادعيلي ..سلام
صفقت الباب ورائها ونزلت على سلالم المنزل ...ياااه الدرو الاخير هذا متعب جدا فعلا
..بس خلاص انا خدت عليه ..تضحك فى سرها وتخرج من حقيبة يدها منديل ورقي تحاول ان تعبر نهرالشارع لتلحق بسيارة العمل ...
ياااه ربنا عالم بحالى لو مكانش اوتوبيس الشغل ماكنت قدرت اروح ولا آجى ...كانت تحدث نفسها ...صعدت الأوتوبيس وبدأت بإلقاء التحية كالمعتاد على كل من بالاوتوبيس ...
يبدو انها شخصية محبوبة ...ارتمت على مكانها المعتاد وبدأت تلقى ببصرها من النافذة وكأن بينها وبين الطرقات والشوارع حوار غريب لا ينتهى كل يوم ...
بدرت منها ابتسامة خفيفة وكأنها تذكرت شىء ...اسندت رأسها على زجاج النافذة وأغمضت عينيها ...
لم تدرى كم من الوقت مضى ... وكيف راحت هكذا فى نوبة نوم غريبة .... فتحت عينيها فجأة ...وتلفتت
..وجدت نفسها ملقاة على سرير ...ماهذا ؟؟ اين أنا ؟؟ لم تستطع ان تحرك نفسها ..تجولت ببصرها فلم ترى غير سقف الحجرة
ومروحة تتوسط السقف تدور ببطء شديد جدا ... تركز بصرها فى تلك الآله بريشاتها وهى تدور ... وتدور ...وتدور ....
حاولت ان تنادى ..ان تخرج صوتها ...لكن ...بلا فائدة ...بدأت تغمض عينيها مرة أخرى رويداً رويداً ...ثم راحت ..
وبدأت الذكريات تدور بذهنها حين كانت طفلة محبوبة جميلة مرحة ...مقبلة على الحياة ...ولكن كان دائما ذلك العبوس بوجه ابيها ...
تمنت كثيراً لو كانت ضحكته أطول من عبوسه ...لم تكن تدرى مابه ...كبرت وذهبت الى المدرسة ..
وبدا عبوس ابيها يزيد ويزيد ...بل بدأ يكيل لها الإتهامات بالتقصير والإهمال ..
وانه تمنى لو كانت ولد ...وان والدتها خذلته ...قسى وإشتدت قسوته عليها ... حتى امتدت لوالدتها ...
كم تتذكر من أيام كانت تسمع أنينها ..وحين كانت تتسائل ..كانت تقول لها لا شىء
سقطت من عينيها دمعة وانحدرت فوق وجنتيها ...حارقة ..
تنبهت وفتحت عينيها ..لازالت تلك الآله دائرة لفة وراء الأخرى بلا ملل ولا كلل ...
عاودت الخوض فى ذكرياتها التى ألقتها حين بدأت والدتها فى الإعتراض على هذه العيشة المدمرة ..
ولكن لم يكن لها ملجأ إلا بيته وابنتها ... قاومت الأم وقاومت حتى مرضت فجأة وأسلمت الروح بلا إنذار ...
وأصبحت تلك الشابة الصغيرة وحيدة مع ابيها ...صارت هى كالولد معه ...
لا تتعامل الا بأخلاق الشباب ..لا تتكلم الا بأسلوبهم ..ترتدى الملابس الخشنة دائماً
...تسعى لتعلم كل ما يتعلمه الشباب ...اى مهارة قاسية كانت تجيدها ...وتركت مهارات البنات
لم تتعلم فى يوم ان تتزين ...أن تصفف شعرها ..
ان تخط خطوط الزينة بوجهها ...بل لم تتعلم ماهى ماركات البارفانات او ماهى خطوط الموضة
... وصارت تتحدث معه وكأنها رجل مثله ...حتى تخرجت ...والتحقت بتلك الوظيفة البسيطة
بدأت تغيب عن المنزل وبدأت تتعرف على العالم الخارجي ...ورآها ..هو ...
تجاذبا أطراف الحديث ...وبسرعة كان الإرتباط ...فقد وجد فيها السند القوي ربما لروح الرجل التى كانت تغلف أنوثتها الهادئة ؟ ربما
...وتوفى والدها ...وبدأت حياتها معه ...تسانده وتحمل عنه كل أنواع المسؤليات الثقيلة والخفيفة .... كانت سعيدة .. توالت السنوات دون الإنجاب ..فتغيرت الأحوال ..
لم تعد تلك السعادة ولم تستمر حالة الهدوء التى طالما إشتاقت لها ...
كم تمنت لو أنه اتخذها ابنة ... أن يعلمها كيف تكون تلك الطفلة المرحة ...
ان يأخذها من يدها ويضعها فوق كتفيه ويدور بها هنا وهناك ...
ان يتباهى بها وهو يشترى لها فستان العيد ...
أن تجرى اليه وتحتضنه وتهمس فى أذنه
فيضحك عالياً وهو يقول الدنيا كلها ليكي حبيبتي .... ربما تمنت منه أكثر من اللازم ؟؟
ربما أثقلت كاهله بمشاعرها ؟؟ ربما وربما ...... فقد افنت وأعطت لنيل رضاه
.. ورضاه فقط ... حتى جائت اللحظة الحاسمة حين بادرها قائلا ...
لابد ان ننفصل ..حينها لم تبكي ولم تنهار .
..بل باركت وارتضت وعادت الى بيت ابيها وحيدة ... وربما سعيدة بعض الشىء

... انتفض جسدها وهى غارقة بذكرياتها ... وشعرت بوخزة فى ذراعها .... ماهذا حاولت الالتفات فبدا لها على البعد ظل ....
وبدأت تنتبه ...هذا سرير ابيض وتلك يد تمتد الى رأسها ...نعم أنا بالمستشفى
..ترى ماذا حدث ... يا الله كل شىء حولها ابيض ...ولاول مرة تشعر بهدوء وراحة
... كم هو إحساس رائع ..دفء غريب ... وهدوء ...
شعرت بأصوات حولها تتناهى فى الخفوت .... وهمهمات هنا وهناك .... لا إله الا الله ..... وبعض نهنهات

شعرت بأنها كفراشة طائرة بجناحات بيضاء ... طارت الى ذلك السقف وتلك الريشات البطيئة المتحركة
ونظرت الى الأسفل ... هاهو جسدها ...يا الله كم كانت جميلة ...بريئة ....
طفلة ..كانت طفلة ولكن يتيمة ما أقسى ما كانت تشعره تلك الطفلة ....
وما أسعدها الآن ....لماذا يخافون من الموت ؟؟ لماذا يبكون ؟؟
الا يعرفون انه الحياة الرائعة
بلا ألم ... بلا خوف ...بلا حرمان ....فها أنا ...
ضمة أبي تحيطني ...وإبتسامة أمي حولي ... وطفلي الذى لم أنجبه بين يدي
...وحب عمري هنا يطعمني ويطوف حولي كظلي ....
ارادت ان تصرخ فى كل من بالحجرة
....بالله عليكم لا تصرخوا ... لا تبكوا .... بل افرحوا وتمنوا لو أنكم هنا معي


تمت

[الأميرة رودي]

, الله عليكي ياجبل
انا محتاره أقول فيكي ايه
القصه رائعه رائعه رغم أنها فى الاخر كانت مؤثره
أقشعر لها جسدي..
انتى ابهرتيني بجد
محتوى القصه والمعانا الشديده التى عاشت فيها البنت منذ طفولتها وحتى زواجها ثم رحيلها عن هذا الحياه القاسيه الى حيـاه الجمال والراحه الخلود..

طريقه السرد مشوقه لآبعد الحدود
انتى مبدعه بكل المعانى حبيبتي
تقبلي تحياتي وتقييمي البسيط ..

[قلب وكلمات]

لا تعليق عندي

اتمنا لكما ايها الرائعين

التوفيق في المسابقة

القيصـــر

[عمرو الجورى]

أصحاب الأقلام الجميلة ... عازف الكلمات ... جبل عالى

هي رائعة أخرى اجتمعت عليها أقلامكم

لتخطوا لنا قصة مشوقة ومؤثرة

قرأتها من الحرف الأول الى الحرف الأخير

كان السرد رائعا ومشوقا لأبعد الحدود

ومضمون القصة هادف رغم انه مؤثر

تحياتي واحترامي لكم ولأقلامكم

[ساحر الأحزان]

قصة جميلة منك


ومؤثرة لما اشتملت من احداث

عرضتيها بصورة سلسة وجميلة




فجائت معبرة


تحياتى لجميل قصتك


وبتمنى ليكى كل توفيق

[Words Whisper]

أحياناً تكتسي الحياة وشاحا داكنا
حتى تصير كل دقائقها اعتيادية مملة
ولكن بالتأكيد نحن من بإمكانه كسر ذلك
دون أن ننتظر موتاً يأخذنا معه ...


أسلوب راق بحق في العرض
شاكرة لكما
سلمتما ودمتما بتوفيق وسعادة ..




5 ستارز ..