لغز القضية

[ابتسامة الزهر]

هطلت الأمطار بشدة، في تلك الليلة، وراحت القطرات الثقيلة تضرب زجاج نافذة حجرة مكتب "نجيب"، بصوت رتيب مستمر. زاد من توتره، وهو يتطلّع إلى ساعته التي تشير عقاربها إلى الثانية بعد منتصف الليل، ويقلّب أوراق ملف ضخم بين يديه، يحمل اسم قضية ضخمة، يحاول البحث عن الفاعل فيها منذ خمسة ايام كانت جريمة قتل، راح ضحيتها رجل أعمال شهير وزوجته، وسرق القاتل كل أوراق الرجل وكل نقود ومجوهرات الزوجة، دون أن يترك خلفه أدنى أثر ودون أن يُشير إليه دليل واحدو"نجيب" هو المسئول عن التحقيق في هذه القضية، وعن البحث عن الفاعل المجهول ويا لها من قضية.. لم يغمض له جفن منذ خمسة أيام، ولم ينعم بالراحة لحظة واحده أو يغادر مكتبه صارت هذه القضية هي شغله الشاغل.. وفي تلك الليلة بالذات، ومع هطول الأمطار، أصبحت أعصابه مشدودة ثم سمع طرقات هادئة على باب الحجرة رفع عينيه ليطلب من الطارق الدخول، وامتلأت نفسه بدهشةٍ عندما رآه داخل الحجرة يقف يقف أمام الباب، في معطف قديم وشعره الأبيض وملامحه التى تعطى له هيبة ووقار فاعتدل في مقعده، وقال في حدة من أنت؟.. وكيف دخلت إلى هنا؟ - قال الرجل في هدوء أنا "أحمد مصطفى".. مفتش المباحث بالمديرية كان هذا جواباً للسؤالين، فلن يعترض ذلك الجندي أمام مكتبه طريق مفتش مباحث المديرية ثم إن الاسم يبدو مألوفاً، مما جعله ينهض من خلف مكتبه ويمد يده لمصافحته قائلاً .. مرحبا بك فى مكتبى ياسيادة المفتش لم يبدُ أن المفتش قد لاحظ يده الممدودة إليه، فقد انشغل بمسح قطرات المطر عن معطفه وهو يتجه إلى المقعد المقابل للمكتب وقال ... سمعت أنك المسؤل عن قضية القتل الأخيرة أعاد "نجيب" يده إلى جواره، وضايقه أن المفتش لم يصافحه وربت على الملف الذى أمامه وقال ... منذ خمسة ايام وانا احاول دراستها ولم اصل لأى شىء أومأ المفتش برأسه متفهماً وقال ... أنه قضية مش سهلة ثم داعب شاربه الأبيض الضخم ولكن التوصل لحلها ليس بالمستحيل رد نجيب وقال .. ألديك فكرة ياسيادة المفتش ؟ ابتسم المفتش ابتسامة باهتة وقال ... ربّما على الرغم مما تبدو عليه القضية من غموض، فإن هذا الغموض نفسة قد يكون الحل اعتدل "نجيب"، وقال في اهتمام حقّاً؟!.. وكيف يحدث هذا؟ - رفع المفتش سبّابته أمام وجهه وقال ...القاتل -أي قاتل- مهما بلغ من الذكاء، لابد له من الوقوع فى خطأ يرشدنا له إنها قاعدة العمل فى المباحث ومهمتنا البحث عن الخطأ الذى لم ينتبه اليه القاتل وفي هذه القضية كان القاتل حريصاً فلم يترك اية أدلة او بصمات ولكنه قتل رجل الأعمال وزوجته فى منزلهما وبعد انصراف الخدم وهذا يعنى انه شخص يعرفهم او يعرف الكثير عنهما قال "نجيب" في حسم خطأ.. لقد كسر القاتل قفل الباب، حتى يمكنه الدخول، ولو أنه ينتمي إليهما كما تتصوّر لما فعل هذا ابتسم المفتش بل هذا هو الخطأ الذي وقع فيه، فجريمة القتل تمَّت في الحادية عشرة ورجل الأعمال وزوجته لم يكونا قد ارتديا ثياب النوم ومن المنطقى أن القاتل لن يكسر الباب وهم مستيقظين ورجل الأعمال يمتلك مسدساً مرخصاً للدفاع عن نفسه وكان يمكنه استخدامه، لو سمع من يكسر بابه قال نجيب ... هذا صحيح.. كيف لم أنتبه إلى هذه النقطة؟.. هذا يقلب كل شيء رأساً على عقب القاتل إذن شخص يعرفه رجل الأعمال وزوجته، دخل شقتهما بشكل شرعي بسيط، ثم قتلهما وسرق الأوراق والأموال والمجوهرات، وبعدها كسر قفل الشقة، ليبدو الأمر كجريمة قتل وسرقة قال المفتش هناك نقطة أخرى تتعلّق بالثياب، فليس من الطبيعي أن يرتدي الاثنان ثيابهما، وقد بلغت الساعة الحادية عشرة مساءً، وانصرف الجميع، إلا لو كانا ينتظران زائراً هتف نجيب هذا صحيح.. ومن المحتم أن هذا الزائر وثيق الصلة بهما لكى يزورهم في هذه الساعة المتأخرة ولكنه ليس أحد أقاربهما المقربين في الوقت ذاته وإلا ما ارتديا ثياباً رسمية لاستقباله بدا الارتياح على وجه المفتش وقال عظيم.. هذا يحصر دائرة المشتبه فيهم إذن في ثلاثة أليس كذلك؟ بلى.. سأخبرك بأسمائهم لوّح المفتش بيده وقال إنني أحفظها عن ظهر قلب ولكن دعنا نختصرها إلى اسم واحد او اسمين وهذايوصلنا إلى نقطة جديدة صحيح أن القاتل حطّم المكتب ودولاب حجرة النوم ليسرق المستندات والأموال والمجوهرات، ولكنه لم يعبث بالشقة أو يحطم شيئاً آخر إذن فقد كان يعرف مكان كل هذه الأشياء جيداً، وهذا يعني أنه حتماً قفز "نجيب" صائحاً نذير.. صديق رجل الأعمال، وشريكه في المصنع الجديد نعم..إنه القاتل الآن اتضح كل شيء ارتسمت على شفتي المفتش ابتسامة ارتياح كبيرة، في حين اختطف نجيب سماعة الهاتف وقال ... أيمن.. إنه أنا.. "نجيب".. أتحدّث إليك من مكتبي.. لقد توصّلت الى القاتل استخرج أمراً بإلقاء القبض عليه على الفور.. إنه "نذير".. نعم.. نذير عثمان أعاد سماعة الهاتف إلى موضعها، وهو يرفع عينيه إلى حيث يجلس المفتش هاتفاً لست أدري كيف أشكرك يا سيّدي، على هذا الـــ ولم يكمل الكلمة وهو ينظر الى المقعد فى حيرة ثم أدار عينيه في الحجرة كلها في سرعة، بحثاً عن المفتش قبل أن يقفز من خلف مكتبه، ويفتح باب الحجرة هاتفاً في جندي الحراسة أين الزائر؟ - انتفض الجندي، قائلاً في توتر أي زائر يا سيّدي؟ - قال في حدة مفتش مباحث المديرية، الذي كان في مكتبي.. أين ذهب؟ فغر الجندي فاه مشدوهاً، وهو يقول مفتش ماذا؟!.. إن أحداً لم يدخل مكتبك منذ أن تسلّمت نوبة الحراسة هذه، في الثامنة مساءً يا سيدي اتسعت عيناه في دهشة، وهمَّ بقول شيء ما ولكنه لسبب ما أطبق شفتيه، وعاد إلى مكتبه وأغلق بابه في وجه الجندي، الذي لم يفارقه ذهوله بعد وعبر المكتب في خطوات سريعة، إلى الجدار الأيسر وأدنى عينيه من صورة صفراء قديمة، تحتل موضعها داخل إطار متهالك، منذ تسلّم عمله في هذا المكتب، منذ شهرين كاملين وطالعه في منتصفها وجه مفتش المباحث، وهو يبتسم ابتسامته الهادئة، بشعره الأشيب وشاربه وحوله عدد من ضباط وجنود الشرطة، تعلو رءوسهم الطرابيش القديمة، وأسفل الصورة شريط من الورق، يحمل كلمات قديمة مصفرة تقول أحمد بك مصطفى.. مفتش مباحث المديرية، عند حصوله على " " لقب البكاوية لبراعته الملحوظة في حل القضايا الغامضة ثم تاريخ التقاط الصورة: عام 1933م.. واتسعت عينا "نجيب"، وهو يتراجع، ويسير كالمسحور نحو مكتبه ويلقي نفسه على مقعده ثم يتطلّع مشدوهاً إلى ملف قضية رجل الأعمال ملف قضية رجل الأعمال قبل أن يدير عينيه في بطء إلى الصورة القديمة ويختلط صوته بصوت قطرات المطر التي تواصل ضربها للنافذة، وهو يقول أشكرك يا سيادة المفتش.. أشكرك كثيراً - وفي هذه المرة بدا له صوت قطرات المطر ممتعاً.. تمت بحمد الله

[Mahmoud Mohie]

رااائعه للغايه ,,

بجد استمتعت اوى وانا بقرأها

دى حتى جبتلى افكار كتيرة :d

تسلمى ,,

شكراا واحلى خمس نجوم

[ابتسامة الزهر]

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mahmoud mohie رااائعه للغايه ,, بجد استمتعت اوى وانا بقرأها دى حتى جبتلى افكار كتيرة :d تسلمى ,, شكراا واحلى خمس نجوم

يالا ياعم ولسه ياما حتاخد منى افكار
حتدفع كام بئا ههههههههه
شكرا لمرورك الطيب
الذى أنار متصفحى المتواضع
دمت فى حفظ الرحمن