صفاء الملائكه

[محبه الرحمن]

نطق الكاتب الكبير ( محمد ابو زيد ) هذه الجمله واصفا بها روايته الجديده حديثه الاصدار .فاجابه صديقه وناشر رواياته الادبيه ( كمال عباس ) :
- لقد اثبت انها كذلك بالفعل .. ارى انك تمضى فى طرق النجاح بخطى ثابته .
استرخى الكاتب الكبير فى مقعده الضخم وابتسم ابتسامة رضا قائلا :
- حمدا لله .. لقد اثمرت نباتات عملى .. فانت تعلم يا صديقى .
- الا ترى انك مازلت متمسك بنفس اسلوبك ونظرتك لما حولك التى تؤثر بالقطع على ابطال رواياتك .
وضع راسه بين كفيه وصمت لحظه قبل ان يرفعها قائلا :
- الن يكفوا عن هذا الكلام .
تنهد مضيفا : لقد قلت كثيرا ان هذا ما اراه ان لكل كاتب نظرته الخاصه للحياه ومنها تستبغ كتاباته بلون مميز لها .
- انا لا اعترض على هذا ولكنك تبالغ كثيرا انك ترسم شخصيات لا وجود لها .. لا يوجد ما يجب ان يوجد بينها من تفاعل .. لا حقد .. لا كراهيه .. لا ضغائن .. حتى من يخطىء تبرر خطئه بالف سبب .. يبقى ان تظهر لهم اجنحه ليصبحوا ملائكه .
ابتسم الكاتب قائلا :
- وماذا فى هذا .. ان ما يحتاجه القارىء الان ان يرى من يبدون كملائكه .. ان ما احاول فعله هو ان اقدم صوره مختلفه عن الواقع الذى نحياه فان من يملكون اخلاق الشياطين تمتلأ بهم الارض لكن قلما نقابل من هم بصفاء الملائكه .. اننى احاول ان اخرج القارىء من ظلام الواقع الى شمس الخيال الى عالمى الخاص بين صفحتى روايه .. يتمنى من يقراها ان يكون احدى شخصياتها .. ونجاحى وارباح رواياتى يثبت ذلك .
- ولكنك تبالغ كثيرا . انك تبلغ حدا ينسى الناس حاضرهم ويزهلهم عن واقعهم .. انك تقدم لهم حلا سريعا فى الهروب من الواقع الى الخيال .. انك لا تنفعهم بشىء .
نظر له نظره طويله ثم اضاف :
- ان ما تكتبه خيال .

* * *
وعندما لمحت كل هذا الصفاء فى عينيه .. علمت انه عاد .. عاد لها وحدها .. كما كانت تراه دائما ...

قلب بلا اسوار

تمت
هراء .. هراء .. كما هى رواياته دائما . تبا لهذا الرجل اين يعيش .. اهو على الارض معنا ؟

لا .. لا يمكن اظنه يعيش فى الجنه حيث تغرد العصافير وتغدو الحشرات بحجم البشر فلا يستطيعون دهسها باقدامهم الغليظه .. حيث ينال الناس ما يريدون دون عناء .. ولا يبكى الرضع جوعا بل يضحكون على من يظنون انهم اطفال .. حيث لا يقتل الناس بعضهم كرها .
ايا من هذا ولكنه بالتاكيد فى عالم لست فيه .
لابد انه لم يعانى الكثير فى حياته حتى يتصور العالم بهذا الشكل .. على الاقل لم يقابل اشخاص كالذين اتوا بى الى هنا .
ان كل شىء بسيط .. كل شىء جميل ..لا تعقيدات .ان الحياه جميله رسمها فنان بريشه ناعمه ..انما نحن من ينظر لها من الاتجاه الخطأ.
لا وجود للاوغاد .. لا وجود للشقاء .
لابد ان من يجرح لا ينذف دما ايضا .
هذا الاحمق . ايظن انه سيظل فى هذا النعيم طويلا .. ايظن انه الخلود .. كلا سينزفون دما . سينزفون دما يلطخ معالم هذا العالم الى الابد .

* * *

اجبت على سؤال الدكتور من خلال الملف الذى بين يدى
- انه ( حسين عبد العزيز ) نزيل بالمستشفى منذ حوالى تسعه اعوام .. حالته باختصار بلا امل فى العلاج فى الواقع .. ان الدور الذى تلعبه معه المستشفى تخطى مرحله العلاج الى مرحله مجرد الاحتجاز حتى لا يضر بالمجتمع من حوله .. انت تفهم هذه الامور بالطبع يا دكتور .
اجاب قائلا : بالتاكيد .. بالتاكيد ولكن ماذا عن اسباب مرضه .. او بمعنى اخر ما الذى دفعه للهروب من المستشفى واين يحتمل ان يذهب الان ؟
قلت بعد ان اغلقت ملف المريض :
هناك الكثير من الغموض يحيط بظروف مرضه ولكن ما هو واضح من حالته ان هذا الرجل قد عانى الكثير فى حياته حتى وصل به الحال الى هنا .
- اذا يبقى سؤال اخير .. هل هو خطير ايها الزميل ؟
فكرت لحظه ثم اجبت :
- لا .. لا اعتقد ذلك انه لا يستطيع ان يؤذى الا نفسه .
ولكنى بعد ايام علمت اننى لم اكن صادقا فى هذا .

* * *
( محمد ابو زيد ) قرأتها على باب المنزل قبل ان اطرق الباب .
لارد .. طرقه اخرى .. انفتح الباب عن وجه رجل بملابس النوم ... هذا غريب ان له وجه تقليدى يمكنك ان تقابله فى اى مكان دون ان يشد انتباهك .
- استاذ ( محمد ابو زيد ) ؟
- انا هو .
- اظننى اريد التحدث معك لبعض الوقت .
بدت عليه علامات الارتياب .. مرحى انه خائف .
- بخصوص ؟
- يمكننى ان اقدم لسيادتك بعض الخدمات المتميزه .. اننى اتكلم بلسان احدى دور النشر .
ارتخت ملامح وجهه قليلا
- ايمكننى الدخول .
فكر لحظه ثم قال : تفضل .
واستدار ليفسح لى المجال للدخول .
الان .. ابرزت اداتى وبضربه واحده على راسه تهاوى كمبنى ينهار .
يمكننى الان البدء .. لن يشعر بالالم .

* * *

اما من اخبار جديده عن التحقيقات ؟
القى السؤال ( محمد ابو زيد ) على رفيقه ( كمال عباس ) بحجرته بالمستشفى العام وقد تقلصت ملامحه .
- لقد وصل التحقيق الى طريق مغلق .. حسمت القضيه تقريبا .. فالرجل ثبت انه مختل عقليا وهو نزيل بمستشفى الامراض العقليه منذ فتره طويله .
عض شفته السفلى ليحاول ان يسيطر على اعصابه .قبل ان يغلبه شعور بالمراره .
- انا اعلم ذلك .. ولكن لماذا انا بالذات ؟ ولماذا لم يقتلنى ؟ لماذا فعل بى هذا ؟
نظر له صديقه فى شفقه واجاب :
- سؤال ليس له جواب .. انه مجنون . لا تنبع تصرفاته من منطق او عقل بل مجرد تصرفات عشوائيه ليس لها مبرر فكل ما استطاعوا ان يعرفوه منه انه ارادك ان تتوقف عن الكتابه الى الابد وهذا فى حد ذاته يثبت انه مختل .. فهو يعتقد انه بقطع كفك اليمنى تتوقف عن الكتابه .. كما وجدوا فى غرفته بالمستشفى نسخ بمعظم رواياتك .
حاول ان يقاوم غصه فى حلقه تمنعه من الكلام وخرج صوته ضعيفا رغما عنه وهو يقول :
- لماذا يريدنى ان اتوقف عن الكتابه ؟ انى لا ارى فى كتاباتى مجتمعه ما يدفع مختل عقليا ان يكرهها الى هذا الحد .. لماذا انا ؟ .. فيما اذيته ليفعل بى هذا ؟
- هون عليك يا صديقى .. لا احد يمكنه معرفه ذلك .. فلا احد يمكنه فهم منطق المجانين قط .. هذا لو كان لهم منطق .

تمت

[Îäm-ñøt ßèst ßût Âm-dîffèrèñt]

قصه من القليل ا نقول عليها رائعه لانها هي اكثر من رائعه

تسلم في انتظار المزيد والمزيد من ابدعك