« ليلة النصف من شعبان »

[العاشق الذى لم يتب]

شكرا
للإنتقاء الرائع
جزيت خيرا
تحياتى

[د. محمد الرمادي]

ليلة النصف من شعبان فلكياً لعام

1436ه ~2015م

الإثنين 1 يونيه 2015م

السبت 5 شعبان 1436

[د. محمد الرمادي]

اسعى لتجميع المقالات والبحوث التي سبق -وتفضل منتدى :" منتديات مصر بنشرها "؛ في كتاب واحد ؛ مع المراجعة والتصحيح والتصويب والإضافة ، لذا الرجاء مراجعة ما يكتب في المنتدى تحت عنوان عريض :"المناسبات"

الْكِتَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ : « „ عَنْ الْمُنَاسَبَاتِ ‟ »

الْكِتَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ : « „ عَنْ الْمُنَاسَبَاتِ ‟ »

د. محمد بن إبراهيم الرمادي

[د. محمد الرمادي]

أقوال السادة العلماء:

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :

" الحمد لله؛ لم يثبت في فضل ليلة النصف من شعبان خبر صحيح مرفوع يعمل بمثله حتى في الفضائل بل وردت فيها آثار عن بعض التابعين مقطوعة و أحاديث أصحها موضوع أو ضعيف جداً وقد اشتهرت تلك الروايات في كثير من البلاد التي يغمرها الجهل من أنها تكتب فيه الآجال وتنسخ الأعمار … إلخ و على هذا فلا يشرع إحياء تلك الليلة و لا صيام نهارها و لا تخصيصها بعبادة معينة و لا عبرة بكثرة من يفعل ذلك من الجهلة ، و الله أعلم .

***

**

***

وقال الشيخ ابن جبرين :" فإذا أراد أن يقوم فيها كما يقوم في غيرها من ليالي العام - دون زيادة عمل ولا اجتهاد إضافي ، ولا تخصيص لها بشيء - فلا بأس بذلك ، وكذلك إذا صام يوم الخامس عشر من شعبان على أنه من أيام البيض مع الرابع عشر والثالث عشر ، أو لأنه يوم اثنين أو خميس إذا وافق اليوم الخامس عشر يوم اثنين أو خميس فلا بأس بذلك إذا لم يعتقد مزيد فضل أو أجر آخر لم يثبت . والله تعالى أعلم .

[د. محمد الرمادي]

الحمد لله ؛ والصلاة والسلام على رسول الله

***

**

***

روى أبو داود (3237) والترمذي (738) وابن ماجه (1651) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

" إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلا تَصُومُوا " .

ـــــــــــــــــــــــــ

التخريج : صححه الألباني في صحيح الترمذي (590) .

*

**

*

فـ هذا الحديث يدل على النهي عن الصيام بعد نصف شعبان ، أي ابتداءً من اليوم السادس عشر.

غير أنه قد ورد ما يدل على جواز الصيام . فـ

من ذلك :

ما رواه البخاري (1914) ومسلم (1082) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

" لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ " .

ـــــــــــــ

فهذا يدل على أن الصيام بعد نصف شعبان جائز لمن كانت له عادة بالصيام ، كـ

1.] رجل اعتاد صوم يوم الاثنين والخميس ، أو

2.] كان يصوم يوماً ويفطر يوماً . . ونحو ذلك .

و

روى البخاري (1970) مسلم (1156) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت :

" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ ، يَصُومُ شَعْبَانَ إِلا قَلِيلا " . و

اللفظ لمسلم .

قال النووي : قَوْلهَا : " كَانَ يَصُوم شَعْبَان كُلّه " ،

" كَانَ يَصُومُهُ إِلا قَلِيلا "

الثَّانِي تَفْسِيرٌ لِلأَوَّلِ ؛ وَبَيَان أَنَّ قَوْلهَا " كُلّه " أَيْ غَالِبُهُ اهـ .

فـ

هذا الحديث يدل على جواز الصيام بعد نصف شعبان ، ولكن لمن وصله بما قبل النصف .

و

قد عمل الشافعية بـ هذه الأحاديث كلها ، فقالوا :

" لا يجوز أن يصوم بعد النصف من شعبان إلا لمن كان له عادة ، أو وصله بما قبل النصف ".

** *** ** ** ** **

هذا هو الأصح عند أكثرهم أن النهي في الحديث للتحريم .

و

ذهب بعضهم كــ - الروياني - إلى أن النهي للكراهة لا التحريم .

ــــــــــــــــــ

انظر : المجموع (6 /399 - 400) . وفتح الباري (4 /129)

ـــــــــــــــــــــــــ.

قال النووي رحمه الله في رياض الصالحين (ص : 412) :

" باب النهي عن تقدم رمضان بصومٍ بعد نصف شعبان إلا لمن وصله بما قبله أو وافق عادة له بأن كان عادته صوم الاثنين والخميس " اهـ .

و

ذهب جمهور العلماء إلى تضعيف حديث النهي عن الصيام بعد نصف شعبان ، وبناءً عليه قالوا : " لا يكره الصيام بعد نصف شعبان ".

قال الحافظ :

" وَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ : يَجُوزُ الصَّوْمُ تَطَوُّعًا بَعْدَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَضَعَّفُوا الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِيهِ؛ وَ

قَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ :" إِنَّهُ مُنْكَرٌ " اهـ ، من فتح الباري .

و

ممن ضعفه كذلك البيهقي والطحاوي .

و

ذكر ابن قدامة في المغني أن الإمام أحمد قال عن هذا الحديث :

" لَيْسَ هُوَ بِــ مَحْفُوظٍ . وَسَأَلْنَا عَنْهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ ؛ فَلَمْ يُصَحِّحْهُ ، وَلَمْ يُحَدِّثْنِي بِهِ ، وَكَانَ يَتَوَقَّاهُ .

و

قَالَ أَحْمَدُ : وَالْعَلاءُ ثِقَةٌ لا يُنْكَرُ مِنْ حَدِيثِهِ إلا هَذَا " . اهـ

و

العلاء هو العلاء بن عبد الرحمن يروي هذا الحديث عن أبيه عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .

و

قد أجاب ابن القيم رحمه الله في "تهذيب السنن" على من ضَعَّفَ الحديثَ ، فقال ما محصله :

" إن هذا الحديث صحيح على شرط مسلم ، وإنَّ تفرد العلاء بهذا الحديث لا يُعَدُّ قادحاً في الحديث لأن العلاء ثقة ، وقد أخرج له مسلم في صحيحه عدة أحاديث عن أبيه عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وكثير من السنن تفرد بها ثقاتٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقبلتها الأمة وعملت بها . . ثم

قال : " وَأَمَّا ظَنُّ مُعَارَضَته بِالأَحَادِيثِ الدَّالَّة عَلَى صِيَام شَعْبَان ، فَلا مُعَارَضَة بَيْنهمَا ، وَإِنَّ تِلْكَ الأَحَادِيث تَدُلّ عَلَى صَوْم نِصْفه مَعَ مَا قَبْله ، وَعَلَى الصَّوْم الْمُعْتَاد فِي النِّصْف الثَّانِي ، وَحَدِيث الْعَلاء يَدُلّ عَلَى الْمَنْع مِنْ تَعَمُّد الصَّوْم بَعْد النِّصْف ، لا لِعَادَةٍ ، وَلا مُضَافًا إِلَى مَا قَبْله اهـ

و

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن حديث النهي عن الصيام بعد نصف شعبان فقال :

" هو حديث صحيح كما قال الأخ العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني ، والمراد به النهي عن ابتداء الصوم بعد النصف ، أما من صام أكثر الشهر أو الشهر كله فقد أصاب السنة اهـ

ــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (15 /385) .

ـــــــــــــــــــ

و

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين (3 /394) :

" وحتى لو صح الحديث فالنهي فيه ليس للتحريم وإنما هو للكراهة فقط ، كما أخذ بذلك بعض أهل العلم رحمهم الله ، إلا من له عادة بصوم ، فإنه يصوم ولو بعد نصف شعبان اهـ

وخلاصة الجواب :

أنه يُنهى عن الصيام في النصف الثاني من شعبان إما على سبيل الكراهة أو التحريم ، إلا لمن له عادة بالصيام ، أو وصل الصيام بما قبل النصف . والله تعالى أعلم .

والحكمة من هذا النهي أن تتابع الصيام قد يضعف عن صيام رمضان .

فـ إن قيل : وإذا صام من أول الشهر فهو أشد ضعفاً !

فــ الجواب : أن من صام من أول شعبان يكون قد اعتاد على الصيام ، فتقل عليه مشقة الصيام .

قَالَ الْقَارِي : وَالنَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ ، رَحْمَةً عَلَى الأُمَّةِ أَنْ يَضْعُفُوا عَنْ حَقِّ الْقِيَامِ بِصِيَامِ رَمَضَانَ عَلَى وَجْهِ النَّشَاطِ . وَأَمَّا مَنْ صَامَ شَعْبَانَ كُلَّهُ فَيَتَعَوَّدُ بِالصَّوْمِ وَيَزُولُ عَنْهُ الْكُلْفَةُ اهـ

والله أعلم.

السبت 5 شعبان 1436

[د. محمد الرمادي]

هل يصوم يوم النصف من شعبان حتى لو كان الحديث ضعيفاً ؟

هل يجوز بعد العلم بضعف حديثٍ أن نأخذ به ؛

و ذلك من باب فضائل الأعمال :

" إذا كانت ليلة النصف من شعبان ؛ فـ قوموا ليلها و صوموا نهارها " .

علماً أن الصوم نفلاً فـ يتعبد لله ، وكذلك قيام الليل .

*****

****

***

**

*

الحمد لله والصلاة والسلام على رسو ل الله

أولاً :

ما ورد في فضل الصلاة والصيام والعبادة في النصف من شعبان ليس من قسم الضعيف ، بل هو من قسم الموضوع ؛ والباطل ، و

هذا لا يَحِل الأخذ به ؛ ولا العمل بمقتضاه لا في فضائل الأعمال ولا في غيرها .

***

و

قد حكم ببطلان الروايات الواردة في ذلك جمعٌ من أهل العلم ، منهم :

1.] ابن الجوزي في كتابه " الموضوعات " ( 2 / 440 - 445 ) ، و

2.] ابن قيم الجوزية في " المنار المنيف " رقم 174 – 177 ) ، و

3.] أبو شامة الشافعي في " الباعث على إنكار البدع والحوادث " ( 124- 137 ) ، و

4.] العراقي في " تخريج إحياء علوم الدين " ( رقم 582) ، و

قد نقل

5.] شيخُ الإسلام الاتفاق على بطلانها في " مجموع الفتاوى " ( 28 / 138 )

و

6.] قال الشيخ ابن باز رحمه الله : في " حكم الاحتفال بـ ليلة النصف من شعبان "

:" إن الاحتفال بـ ليلة النصف من شعبان بـ الصلاة أو غيرها وتخصيص يومها بالصيام : بدعة منكرة عند أكثر أهل العلم ، وليس له أصل في الشرع المطهر .

و

6. 1.] قال رحمه الله : " ليلة النصف من شعبان ليس فيها حديث صحيح ، كل الأحاديث الواردة فيها موضوعة وضعيفة لا أصل لها ، وهي ليلة ليس لها خصوصية لا قراءة ولا صلاة خاصة ولا جماعة ، وما قاله بعض العلماء أن لها خصوصية : فهو قول ضعيف ، فلا يجوز أن تُخصَّ بشيءٍ ، هذا هو الصواب ، وبالله التوفيق .

ـــــــــــــــ

" فتاوى إسلامية " ( 4 / 511 ) .

ــــــــــــــــــ

***** *********** *****

ثانياً :

وإن سلَّمنا أنها ضعيفة وليست موضوعة : فإن الصحيح من أقوال أهل العلم هو عدم الأخذ بـ الحديث الضعيف مطلقاً وإن كان في فضائل الأعمال والترغيب والترهيب ، وفي الصحيح ما يغني المسلم عن الأخذ بالضعيف ، ولا يُعرف تخصيص هذه الليلة ونهارها بشيء في الشرع لا عند النبي صلى الله عليه وسلم ولا عند أصحابه .

و

قال العلاَّمة أحمد شاكر: لا فرقَ بين الأحكام وبين فضائل الأعمال ونحوها في عدم الأخذ بالرواية الضعيفة ، بل لا حجةَ لأحدٍ إلا بما صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث صحيحٍ أو حسنٍ .

ــــــــــــــــ

" الباعث الحثيث " ( 1 / 278 ) ؛

و

انظر لزيادة البيان " القول المنيف في حكم العمل بالحديث الضعيف " .

ــــــــــــــــــ

والله تعالى أعلم .

السبت 5 شعبان 1436

[د. محمد الرمادي]

﴿﴿﴿﴿ تأصيل المسألة ﴾﴾﴾﴾﴾

الفقه هو الفهم ؛ وفقاً لما يتحصل عليه الفقهيه المجتهد من أدلة مرتبطة بالمسألة؛ وقد بينا في الصفحات السابقة قول علماء في المسألة؛ وهناك قول آخر فيها.

** *** ** *** ** ***

﴿﴿ تأصيل مسألة قيام ليلة النصف من شعبان؛ وصيام نهارها ﴾

الاثنين 7 شعبان 1436

[د. محمد الرمادي]

ينبغي عدم خلط المسائل وتفريعاتها ؛ بمعنى ؛ الصيام بعد منتصف شهر شعبان ، وما يصح من صيامه ؛ كمن نذر أو عليه قضاء .

وتبقى أن المسألة -صيام النصف ؛ أو ما بعد النصف من شعبان- خلافية ، ولكل وجهة هو موليها ، ولا ننسى أن علماء كبار وخاصّة من المحدثين كـ شيخ الإسلام في الحديث الشريف :" ابن حجر العسقلاني " قد صحح حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة ، وبلغ من صححه 27 عالماً على الأقل أكثرهم من المحدثين ، ولم أنته بعد من بحثي .

[د. محمد الرمادي]

وإثناء مراجعتي لمسألة قيام ليلة النصف من شعبان ؛ وصيام نهارها ...

أقولُ :

حصلتُ على خطبةِ جمعة لشيخ جليل .. فـ

نقلتُ ماقاله ؛ وقد حاولتُ الإستماع إلى الخطبة بصوته يرحمه الله فلم أوفق ولكن لي عودة.

***

****

***

واستسمح القارئــ(ــة) الكريمــ(ــة) فــ

أقولُ :

مِن مَن قال بالجواز الشيخ البوطي؛ نقلتُ جزءاً من خطبةِ الجمعة؛ التي ألقاها في 12/08/1423 هـ الموافق 18/10/2002م؛ ولعلها في دمشق، سوريا الجريحة ؛ للأستاذ الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي رحمه الله تعالى؛ قال فيها

:

" ولقد وردت أحاديث أخرى في فضيلة ليلة النصف من شهر شعبان.

و

ينبه رحمه الله تعالى بقوله :

" لعل فيها أحاديث ضعيفة، وفيها أحاديث قوية. "

**

ثم قال :

" ومن أقوى هذه الأحاديث التي وردت في فضيلة ليلة النصف من شعبان ذاك الذي يرويه البيهقي في سننه مرسلاً ويقول [اي البيهقي]: هذا مرسل جيد، يرويه عن عائشة رضي الله عنها قالت:

قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فـ صلى فـ أطال السجود حتى ظننت أنه قد قُبض، فـ قمتُ وحركتُ إبهامه فـ تحرك، فـ رجعت، فـ سمعته يقول في سجوده: " اللهم إني أعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " ؛

فــ

لما انتهى من صلاته قال لي: " أظننتِ أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خاس بك؟ "؛

قلتُ [أي عائشة] : لا والله يا رسول الله، ولكنني ظننت أنك قد قُبِضْت من طول سجودك. قال:

" أتدرين أيُّ ليلة هذه؟ " ؛

قلت: الله ورسوله أعلم.

قال: " هي ليلة النصف من شعبان: يغفر الله فيها للمستغفرين، ويرحم الله للمسترحمين، ويؤخر أهل الحقد كما هم " .

***

ويعلق الشيخ البوطي في خطبته بقوله :

" هذا حديث ربما ضعّفه بعض الناس، وها هو ذا البيهقي يقويه. ".

ويكمل خطبته بالقول

وهنالك أحاديث كثيرة أخرى؛ كـ الذي يرويه ابن ماجه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

" إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها " ،

ولعله حديث ضعيف.

لكن أعود [القول ينسب للشيخ البوطي] فأذكِّركم بالمبدأ المتَّفق عليه في ديننا الحنيف والذي يشكل دِعامة من دِعامة التمسك بدين الله؛ ألا وهي الحيطة.

هل الحيطة تقتضي أن نبتعد عن الاحتفاء بهذه الليلة،

و

الإقبال فيها إلى الله بالدعاء المشروع بل المطلوب؛

أم

الحيطة تقتضي أن نبتعد عن هذا الذكر الذي يأمرنا به الله، عن الدعاء الذي يطلبه الله عز وجل منا؟

عرفتم القاعدة الآن. الحيطة في أمر يتجاذبه دليلا الإباحةِ والندبِ أن نجنح إلى دليل الندب.

و

الحيطة في أمر يتجاذبه دليلا الإباحة والوجوب أن نجنح إلى دليل الوجوب.

إذن فالتقوى - إن كانت هنالك تقوى بين جوانحنا - تدعونا إلى أن نفترض أن هذه الأحاديث صحيحة، واحتمال الصحة فيها قوي جداً، فنحتفي بهذه الليلة كما نحتفي بشهر شعبان كله.

بل أقول [القول للشيخ البوطي] لكم شيئاً آخر: أليست ليلة النصف من شعبان ليلةً من ليالي هذا الشهر؟

أو

لم يثبت فيما اتفق عليه الشيخان أن هذا الشهر شهر مبارك كان يحتفل به رسول الله؟ ؛

و

كان يقول: " ترتفع به الأعمال وأنا أحب أن يرتفع عملي إلى الله وأنا صائم " .

ليلةُ النصف ليلةٌ من ليالي هذا الشهر، حتى ولو لم نقف أمام الأدلة الخاصة المتعلقة بهذه الليلة.

**

****

**

قلتُ :

" انتهى نص خطبة الشيخ البوطي رحمة الله عليه ؛ ولنا تعليق عليها.

الاثنين 7 شعبان 1436

[د. محمد الرمادي]

أعترفُ أنني أطلتُ النفس في تقصي المسألة ؛

و

أطلتُ البحث فيها ؛

إذ

هي مسألة خلافية بين العلماء؛ فـ لا ينبغي أن نميل إلى رأي ونهمل الآخر.

فـ

الأصل في المسائل الخلافية تبني رأياً من الأراء في المسألة الواحدة ...

و

هذا لا يتأتى إلا بعد سرد البحوث المتعلقة بها ثم الميل إلى رأي منهما . إما على قوة الدليل إذا كان البحث من طلبة العلم وأهله

أو

بالإطمئنان القلبي لعالم .

*****

****

***

**

*

*****

****

***

**

*

نكمل البحث....

***

**

***

ما حكم إحياء ليلة النصف من شعبان ؟

****

خلاصة الفتوى : ذهب جمهور أهل العلم إلى استحباب إحياء ليلة النصف من شعبان في جماعة خاصة ؛ كـ

الرجل مع أهله ،

لـ

قوله صلى الله عليه وسلم :

" يطّلع الله تبارك وتعالى إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فـ يغفر لجميع خلقه إلاَّ لمشرك أو مشاحن "[سبق تخريجه في سلسلة هذه البحوث].

***

**

*

قال الشافعي رحمه الله تعالى في كتاب الأم : 2 / 264 :

" و بلغنا أنه كان يقال : إن الدعاء يستجاب في خمس ليال في :

[1.] ليلة الجمعة ،

و

[2.] ليلة الأضحى ،

و

[3.] ليلة الفطر ،

و

[ 4.] أول ليلة من رجب ،

و

[5.] ليلة النصف من شعبان . "

و

لكن يكره إحياؤها في جماعات عامة كـ المساجد ، و

ذهب بعض أهل العلم إلى إباحة ذلك ،

لذا

لا ينبغي المبالغة

في إنكار هذا الموضوع ؛

و

تصويرها كـ أنها بدعة

ينبغي إنكارها

طالما أنّ المسألة خلافية ؛

شريطة ألا يعتقد أنّ إحياءها في المساجد هو من

هدي النبي صلى الله عليه وسلّم و

سنته و

شريطة ألاّ يتخللها بدع ومنكرات " .

***

**

**

***

**

***

و

إليك تفصيل الفتوى :

***

إنّ في شهر شعبان ليلة عظيمة هي ليلة النصف من شعبان ، جاء في شأنها قوله صلى الله عليه وسلم :

" يطّلع الله تبارك وتعالى إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلاَّ لمشرك أو مشاحن " ..

****

قال الهيثمي في المجمع 8 /126: رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجالهما ثقات ، وصححه ابن حبان 12 /481، وقد صحح الألباني حديث فضل ليلة النصف في السلسلة الصحيحة برقم 1144 وفي صحيح ابن ماجه 1 /233.

******

قال صاحب تحفة الأحوذي 3 /365:

" اعلم أنه قد ورد في فضيلة ليلة النصف من شعبان عدة أحاديث مجموعها يدل على أن لها أصلا فـ منها ... فهذه الأحاديث بمجموعها حجة على من زعم أنه لم يثبت في فضيلة ليلة النصف من شعبان شيء والله تعالى أعلم ". اهـ

** ** ** ** ** **

و

قال المناوي في فيض القدير 2 /317 :

" قال المجد ابن تيمية : ليلة نصف شعبان روي في فضلها من الأخبار والآثار ما يقتضي أنها مفضلة ومن السلف من خصها بـ الصلاة فيها وصوم شعبان جاءت فيه أخبار صحيحة " اهـ

**

و

قال ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم ص 302 :

" ومن هذا الباب ليلة النصف من شعبان فقد روى في فضلها من الأحاديث المرفوعة والآثار ما يقتضي أنها ليلة مفضلة وأن من السلف من كان يخصها بالصلاة فيها .."

و

لهذا ذهب جماهير أهل العلم إلى استحباب إحياء ليلة النصف من شعبان ؛

و

قد اتفقت المذاهب الأربعة على ذلك ،

و

لكنهم اختلفوا في حكم الإجتماع لـ إحيائها حيث ذهب جمهور أهل العلم إلى استحباب الاجتماع لـ إحياء تلك الليلة ؛

و

لكنهم استحبوا أن يكون ذلك في الجماعات الخاصة في البيوت

و

نحوها دون الجماعات العامة في المساجد ، بينما

ذهب بعض أهل العلم إلى استحباب إحيائها في الجماعات العامة في المساجد كما هو في التراويح .

**

قال

ابن رجب الحنبلي في لطائف المعارف ص 263:

" وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام كـ

[1.] خالد بن معدان ؛ و

[ 2.] مكحول ؛ و

[ 3.] لقمان بن عامر .... و غيرهم يعظمونها و يجتهدون فيها في العبادة ... و

عنهم أخذ الناس فضلها و تعظيمها و

قد قيل أنه بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان اختلف الناس في ذلك فــ

منهم من قبله منهم وافقهم على تعظيمها ؛

و

منهم طائفة من عباد أهل البصرة و غيرهم ... ".

**

**

**

******

****

****

*

*

و

اختلف علماء أهل الشام في صفة إحيائها على قولين :

[ 1 .] أحدهما : أنه يستحب إحياؤها جماعة في المساجد ؛ فقد كان :

[ 1.] خالد بن معدان ؛

و

[ 2.] لقمان بن عامر ... و غيرهما يلبسون فيها أحسن ثيابهم

و

يتبخرون

و

يكتحلون

و

يقومون في المسجد ليلتهم تلك ..

و

وافقهم

[ 1. ] إسحاق بن راهوية على ذلك ؛

و

قال في قيامها في المساجد جماعة : ليس ببدعة نقله عنه حرب الكرماني في مسائله

و

[ 2.] الثاني :