« ليلة النصف من شعبان »

[د. محمد الرمادي]

« ليلة النصف من شعبان »

الجمعة 13 يونيه 2014م ~ 15 شعبان 1435هـ
مدخل
ليلة النصف من شعبان

ليلة منتصف شعبان، هي ليلة الخامس عشر من الشهر الهجري شعبان، وهي الليلة التي تسبق يوم 15 شعبان، لها أهمية في المنظور الإسلامي.

حقيقة الأمر؛ أن الكاتب يبحث عن الدين الصحيح ؛ وأعتقد أننا جميعاً نبحث عن الدين الصحيح ؛ دين النبي محمد صلوات الله وسلامه عليه وآله وصحبه ؛ ومن استن بسنته وسار على طريقته والتزم هديه وتمسك بشرعه وفعل فعله وتكلم بحديثه الصحيح ... الدين الذي نزل بواسطة أمين السماء جبريل عليه السلام وحياً من ربنا سبحانه وتعالى ونزل به على قلب محمد بن عبد الله عليه السلام .... ومن هنا جاء هذا البحث .

[د. محمد الرمادي]

البحث الأول : الأسماء التي وردت فيها :
ليلة نصف شعبان سميت :
[1.] ليلة "البراءة" .
[2.] ليلة "الدعاء" .
[3.] ليلة "القِسمة".
[4.] ليلة "الإجابة".
[5.] الليلة "المباركة".
[6.] ليلة "الشفاعة".
[7.] ليلة "الغفران" ؛ و"العتق من النيران" (1)؛
والشيعة يسمونها :
[8.] " ليلة القضاء ".
ــــــــ

(1) انظر :" تحفة الأخوان في قراءة الميعاد في رجب وشعبان ورمضان، شهاب الدين الفشني، ص86-88".
ــــــــ
قلتُ : المعلوم عند العرب أنهم إذا عظموا أمرا أكثروا من اسمائه. فورد لها سبعة اسماء وزاد أهل التشيع اسما ثامناً.

[د. محمد الرمادي]

بحسب رأي بعض علماء السنة فإنه لم يثبت عن النبي محمد بن عبد الله؛ مبلغ شرع ربه ونحن على أثره نسير وبهدية ملتزمين؛ لم يثبت عنه عليه الصلاة والسلام تخصيصه هذه الليلة بعبادة، ولم يثبت عن الصحابة شيء في هذا.
ولم يأت فيها حديث وصل إلى درجة الصحة، والدعاء الذي يقرأه بعض الناس في بعض البلاد، ويوزعونه مطبوعًا، دعاء لا أصل له.

*****
****
***
**
*
**
***
****
*****
الرأي الآخر :
فيما يرى علماء آخرون أن الأحاديث الواردة في فضل هذه الليلة صحيحة، وحتى الضعيف منها فيعمل به في هذا الباب لأنه من فضائل الأعمال.
ويقولون بأنه قد ورد عن جماعة من السلف اعتناؤهم بهذه الليلة واجتهادهم بالعبادة فيها كما قال ذلك ابن رجب الحنبلي :« وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام كخالد بن معدان ومكحول ولقمان بن عامر وغيرهم يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها » .

قلتُ :" أكد ابن رجب الحنبلي على أن مَن عظمها واجتهد فيها في العبادة تابعي ؛ ولم ينقل لنا دليل شرعي عن فعل الرسول المعصوم ؛ أو فعل صحابي ملازم أو صحابته الكرام عليهم جميعاً رضوان الله تعالى .

ويفهم من هذا أن هذه المسألة فيها رأي يقول :" بأن صاحب الهدي عليه السلام لم يخصصها بشئ ولم يفعلها صحابته الكرام؛ لذا فأنا أميل إلى هذا الرأي..... ورأي آخر يبيح .... ولكن بما أن هناك عالم أخذ بشبة دليل فنحن نحترمه ولا نعيب عليه لكن يتبقى بيننا صحة الدليل وقوته .

نكمل..
الجمعة 8 شعبان 1435

[د. محمد الرمادي]

وكما قال ابن تيمية :« وأما ليلة النصف فقد روي في فضلها أحاديث وآثار ونقل عن طائفة من السلف أنهم كانوا يصلون فيها، فصلاة الرجل فيها وحده قد تقدمه فيه سلف وله فيه حجة فلا ينكر مثل هذا » .

[د. محمد الرمادي]

وعند الشيعة ؛
فـ هي ليلة عظيمة القدر عند المسلمين الشيعة، ويسمونها ليلة "القضاء" ؛ كما اسلفت .
وللشيعة فيها عبادات خاصة من
1.] صلوات ؛ و
2.] أذكار ؛ و
3.] أوراد .

أهمها:
1.] زيارة ضريح الحسين ـ اتساءل في العراق أم مصر ـ ؛
و
2.] الصوم في يوم النصف من شعبان، وفيها أيضاً
3.] ولادة الإمام الثاني عشر عند الشيعة المهدي المنتظر حيث يحتفلون ابتهاجاً بها. وفيها أيضاً تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة.

جاء في الروايات الشيعية أن من بركتها :
1.] ألا يعذب الله مولودا ولد فيها، فان ولد في
2.] بلاد الكفر هداه الله إلى الإسلام.
**
قلتُ : الأقوال المرسلة من دليل لا ينظر إليها بعين الإعتبار .
الجمعة 8 شعبان 1435

[د. محمد الرمادي]

أولا : شعبان يغفل الناس عنه :

عنْ أُسَامَةَ بنِ زيدٍ ؛ قُلْتُ :" يا رسولَ اللهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ منَ الشهرِ مَا تَصُومُ مِنْ شعبانَ " ،
فـ
قال :" ذَاكَ شَهْرٌ يغفَلُ الناسُ عنه بينَ رَجَبٍ ورَمَضَانَ ؛ وهو شَهْرٌ تُرْفَعُ فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالَمَينَ ، فأحَبَّ أنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وأنا صَائِمٌ ".

التخريج :
1.] ذكره ابن عدي في "الكامل في الضعفاء": 2 /293؛ الحديث: فيه ثابت بن قيس هو ممن يكتب حديثه ".
2 : وانظر: ابن القيسراني : "ذخيرة الحفاظ" : 3 /1692؛ الحديث: فيه ثابت بن قيس أبو الغصن ليس بذاك ".

[د. محمد الرمادي]

ثانيا :
فضائل شعبان

» فضلُ رجبٍ على سائرِ الشُّهورِ كفضلِ القرآنِ على سائرِ الأذكارِ وفضلُ شعبانَ على سائرِ الشُّهورِ كفضلِ محمَّدٍ على سائرِ الأنبياءِ وفضلُ رمضانَ على سائرِ الشُّهورِ كفضلِ اللهِ على عبادِهِ «.
رواه: أنس بن مالك ؛ انظر ابن حجر العسقلاني ؛"تبيين العجب": 25؛ الحديث: رجال هذا الإسناد ثقات ، إلا السقطي فهو الآفة ، وكان مشهورا بوضع الأحاديث ، وتركيب الأسانيد.


الرواية الثانية
" فضلُ شهرِ رجبٍ على الشهورِ كفضلِ القرآنِ على سائرِ الكلامِ ، وفضلُ شهرِ شعبانَ على الشهورِ كفضْلي على سائرِ الأنبياءِ ، وفضلُ شهرِ رمضانَ كفضلِ اللهِ على سائرِ العبادِ "
ذكره:1.) ملا علي قاري في الأسرار المرفوعة: 254 ؛ الحديث: قيل لا أصل له أو بأصله موضوع
يضاف إلى ذلك :"
ما ذكره 2.) محمد بن محمد الغزي في "إتقان ما يحسن": 1 /376 ؛ الحديث: موضوع .
3.) ذكره: الزرقاني في "مختصر المقاصد": 688؛ الحديث: موضوع.
4.) ما ذكره: العجلوني في "كشف الخفاء" 2 /110؛ الحديث: موضوع
5.) : محمد جار الله الصعدي في "النوافح العطرة" : 217؛ الحديث: موضوع.

الجمعة 8 شعبان 1435

[د. محمد الرمادي]

ثالثاً العتق من النار :
عن عائشة أم المؤمنين:" في ليلةِ النصفِ من شعبانَ يعتقُ اللهُ فيها من النارِ أكثرَ من عددِ شعرِ غنمِ كلبٍ " .
انظر: الزيلعي : "تخريج الكشاف": 3 /263؛ الحديث: تفرد به عطاء بن عجلان؛ قال ابن معين ليس بشيء؛ وقال الفلاس والسعدي كذاب ".
وجاء برواية : عن يحيى بن أبي كثير " خرج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذاتَ ليلةٍ وخرجت عائشةُ تطلبُه في البقيعِ ، فرأته رافعًا رأسَه إلى السَّماءِ فقال : أكنتِ تخافين أن يحيفَ اللهُ عليك ورسولُه ؟ قالت : قلتُ : يا رسولَ اللهِ ، ظننتُ أنَّك أتيتَ بعضَ نسائِك ، فقال : إنَّ اللهَ يغفرُ ليلةَ النِّصفِ من شعبانَ أكثرَ من عددِ شعْرِ غنمِ كلبٍ ".
انظر: الحاكم في "شعب الإيمان" : 3/1403؛ الحديث: مرسل محفوظ.


وجاء برواية :" عن عائشة قالت استيقظتُ فإذا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ليس في البيتِ فخرجتُ أطلبهُ فإذا بهِ قد أقْبَلَ وكرهتُ أن يرانِي فرجعتُ أسعَى فأتى وقد علا نفسي فقال ما لك فكرهتُ أن أخبرهُ فأقسَمَ علي فحدثتهُ فقال كلا ولكنْ هذهِ ليلةٌ يعتقُ اللهُ فيها من النارِ أكثرَ من عددِ شعْرِ غنمِ كلبٍ ويطلعُ فيها إلى أهلِ الأرضِ فيغْفِرَ فيها لمن يشاءُ إلا لمُشْركٍ أو مشاحنٌ وتلكَ ليلةُ النصفِ من شعبانَ " . انظر: الذهبي في: "تلخيص العلل المتناهية " : 183؛ الحديث: فيه عطاء بن عجلان متهم .".

وعنها :" ينزلُ ليلةَ نصفِ شعبانَ فيغفرُ لأكثرَ من عددِ شعرِ غنمِ كلبٍ " .انظر الذهبي في "تلخيص العلل المتناهية ": 183 ؛ الحديث: فيه حجاج بن أرطأة لين .

:"وعنها :" إن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب." . انظر صلاح الدين العلائي في "فتاوى العلائي" : 36؛ الحديث: فيه الحجاج ابن أرطاة، عن يحيى بن أبي كثير، عن عروة بن الزبير. والحجاج ضعيف مدلس، ويحيى بن أبي كثير لم يسمع من عروة شيئاً. وروي أيضاً نحو هذا من طرق أخر كلها ضعيفة أشد ضعفاً من هذا؛ لاشتمال أسانيدها على الكذابين المتروكين ".


علة غنم كلب :
"وعنها :" أَنَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال :" لها أتدرِينَ ما هذه الليلةُ؟ ؛ هذه ليلةُ النصفِ من شعبانَ ؛ للهِ فيه عُتقاءُ من النارِ بعددِ شعرِ غنمِ كلبٍ.
قالت :" وما بالُ غنمِ كلبٍ؟ " ؛
قال:" ليس في العربِ أكثرُ غنمًا منهم." .
انظر الزيلعي في "تخريج الكشاف" : 3 /263؛ الحديث: فيه سعيد بن عبدالكريم فال الأزدي متروك وفيه إبراهيم بن إسحاق قال ابن حبان يقلب الأخبار ويسرق الحديث وشيخه وهب أكذب الناس ".

[د. محمد الرمادي]

وعن عائشة :" فقَدتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ليلةً فخرجتُ فإذا هوَ بالبقيعِ فقالَ أكنتِ تخافينَ أن يحيفَ اللَّهُ عليكِ ورسولُه؟ قلتُ يا رسولَ اللَّهِ إنِّي ظننتُ أنَّكَ أتيتَ بعضَ نسائِكَ فقالَ إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ ينزِلُ ليلةَ النِّصفِ من شعبانَ إلى السَّماءِ الدُّنيا فيغفِرُ لأكثرَ من عددِ شَعرِ غنمِ كَلبٍ" .

المباركفوري في "تحفة الأحوذي" : 3 /160؛ قال عن الحديث أنه منقطع .
وأضاف جملة ذات أهمية كبرى فقال :" وقد ورد في فضيلة ليلة النصف من شعبان عدة أحاديث مجموعها يدل على أن لها أصلا ".

قلتُ : أكتفى بهذا القدر من التخريج ؛ ومن الله تعالى الهداية والتوفيق.

أعد هذا الملف :
محمد فخرالدين آل الرمادي ؛ من ثغر الإسكندرية بمصر المحمية ـ حرسها الله تعالى ـ
الجمعة 8 شعبان 1435

[د. محمد الرمادي]

رابعاً : أحاديث النزول :
حكم ابن تيمية على أحاديث النزول بالقول : " اختلف في اسناده " .
:" حديثُ النُّزولِ ليلةَ النِّصفِ من شعبانَ ".
انظر ابن تيمية : "منهاج السنة": 2 /638 الحديث: اختلف في إسناده ".

وللبحث بقية .....
الجمعة 8 شعبان 1435