[١٣] الْكِتَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ :« خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ »

[د. محمد الرمادي]

إن الحمد لله .. نستعينه ونستهديه .. ونستغفره ونتوب إليه .. ونرجوه ونسترشده .
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ولا ند ولا مثيل ولا وزير ولا معين ولا مشير له , ولا يصح أن يكون له صاحبة ولا يجوز أن يكون له ولد فهو الرب الإله الخالق الرازق المحي المميت الواحد الأحد الذي أوجد آدم من عدم واسكنه جنته ثم لحكمته أنزله أرضه وجعله خليفة في الأرض..

فنشهد أنه الله تبارك وتعالى لا إله إلا هو ..

ونشهد أنه أرسل فينا صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر الذي ناداه الشجر وسلم عليه الحجر الشفيع يوم المحشر ..

فنصلي ونسلم عليه وعلى آله وأزواجه وذريته وصحابته ومن استن بسنته وسار على طريقته والتزم هديه ..
أما بعد .. !

[د. محمد الرمادي]

أوجدَ الحقُ تبارك وتعالى كل المخلوقات؛ وخلق العليم الخبير كل الموجودات.. ثم لحكمة علوية وإرادة إلآهية جعل في الأرض خليفة؛ وهذه مسألة مفصلية في سلسلة الخلق وقضية جوهرية في مسألة الإيجاد وحقيقة كونية وحقيقة قرآنية وحقيقة علمية.. وتحتاج إلى إعادة نظر من أهل العلم ورجال الفقه.. وتبصر من المهتمين بشأن الإنسان على كوكب الأرض والحياة عليها بواجب هذا الخليفة في الكون.. وبصيرة ثاقبة من الجميع بما سيلقى عليه من تكاليف؛ إما :

1.] شرعية تشريعية فقهية منهاجية؛ وإما تكاليف

2.] دنيوية حياتية معاشية يومية؛ و

الأولى -الشريعة والمنهاج- لا صالح له فيها؛ إذ أن التشريع والمنهاج والطريقة الثابتة في الحياة لا يتمكن المخلوق من وضعها لنفسه بنفسه بل تستلزم أن يضعها الخالق الواجد المبدع المصور؛ كـ الصانع والصنعة.. فالجهاز المصنوع لا يضع لنفسه بنفسه كيفية التشغيل أو كيفية الإصلاح إن خرب أو عطل.. بل صانعه ومبدعه.. صاحب فكرته الأولى قبل أن يتحول إلى جهاز هو الذي يضع له كيفية التشغيل؛ ويلحق بكرتونة التعبئة لكل جهاز ورقة كيفية التشغيل ورقم تليفون المصنع حين وجود عطل.. فكذلك الإنسان المخلوق الموجود؛ أو أي مخلوق آخر غيره.. لكن بينهما فارق كبير سأتعرض إليه..

أقول (الرمادي) الذي ينظم عملية التشغيل هو مَن أوجده وأبدعه وصنعه وركبه وأنشأه.. اسمع ماذا قال القرآن الكريم ؛ والذكر الحكيم:

﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾

[(آية رقم : (٣٦) من سورة : » القيامة» ورقمها (٧٥)]

رَدٌّ عَلَى زَعْمِ أَنَّهُ خُلِقَ سُدًى وَهَمَلًا، لَاعِبًا لَاهِيًا لَا يُكَلَّفُ وَلَا يُجَازَى وَأَنَّهُ لَا يُحَاسَبُ وَلَا يُسْأَلُ وَبِالتَّالِي لَا يُبْعَثُ...

بــ

معنى أن يترك الإنسان هَمَلًا لِغَيْرِ فَائِدَةٍ

فـ

لَا يُؤْمَرُ وَلَا يُنْهَى،

وَ

لَا يَتَعَبَّدَ بِعِبَادَةٍ..

وَ

لَا يُكَلَّفُ فِي الدُّنْيَا وَ

لَا يُحَاسَبُ بِعَمَلِهِ فِي الْآخِرَةِ..

وَ

قَالَ السُّدِّيُّ :"مَعْنَاهُ الْمُهْمَلُ الَّذِي لَا يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ عَمَلٌ وَلَا يَعْمَلُ..

و

هناك قول آخر له -أي : السُّدِّيُّ- يقول فيه :

" يَعْنِي : لَا يُبْعَثُ . "..

وَ

قِيلَ الْمَعْنَى : أَيَحْسَبُ أَنْ يُتْرَكَ فِي قَبْرِهِ كَذَلِكَ أَبَدًا لَا يُبْعَثُ .

بـ

معنى :" أَنَّهُ :

لَا يُسْأَلُ

وَ

لَا يُحَاسَبُ

وَ

لَا يُعَاقَبُ ،

وَ

بِالتَّالِي لَا يُبْعَثُ".

و

الحافظ ابن كثير حاول التوفيق بين ما في حال الدنيا وما في حال ما بعدها فقال:

" وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْآيَةَ تَعُمُّ الْحَالَيْنِ ،

أَيْ :

لَيْسَ يُتْرَكُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مُهْمَلًا لَا يُؤْمَرُ وَلَا يُنْهَى ،

وَ

لَا يُتْرَكُ فِي قَبْرِهِ سُدًى لَا يُبْعَثُ ،

بَلْ هُوَ مَأْمُورٌ مَنْهِيٌّ فِي الدُّنْيَا ،

مَحْشُورٌ إِلَى اللَّهِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ .

وَ

الْمَقْصُودُ هُنَا إِثْبَاتُ الْمَعَادِ ،

وَ

الرَّدُّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَهُ مِنْ أَهْلِ الزَّيْغِ وَالْجَهْلِ وَالْعِنَادِ ،

وَ

لِهَذَا قَالَ مُسْتَدِلًّا عَلَى الْإِعَادَةِ بِالْبُدَاءَةِ فَقَالَ .

( أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ؟"

[(آية رقم : (٣٧) من سورة : » سورة القيامة» ورقمها (٧٥)].
وَ لتوضيح المعني :

إِبِلٌ سُدًى .. إِذَا كَانَتْ تَرْعَى حَيْثُ شَاءَتْ بِلَا رَاعٍ..

يُقَالُ : أَسْدَيْتُ إِبِلِي إِسْدَاءً.. أي أَهْمَلْتُهَا..

وَ

أَسْدَيْتُ حَاجَتِي .. ضَيَّعْتُهَا .. وَلَمْ أَعْتَنِ بِهَا .
قَالَ الشَّاعِرُ:
فَأَقْسَمَ بِاللَّهِ جَهْدَ الْيَمِـ * ـينِ مَا خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا سُدًى
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ

﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾

يَقُولُ : هُمْلًا .

عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَوْلُهُ

﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾

قَالَ : لَا يُؤْمَرُ ، وَلَا يُنْهَى .

قَالَ ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ

﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾
:"بَيَانُ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى

﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾

﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ".﴾

[آية رقم : (١١٥-١١٦) من سورة : » المؤمنون » ورقمها (٢٣)] ،

أَيْ : تَعَالَى اللَّهُ عَنِ الْعَبَثِ ".
وخلاصة القول :"

فَإِنَّ الَّذِي خَلَقَ الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ وَأَبْدَعَ تَرْكِيبَهُ وَوَهَبَهُ الْقُوَى الْعَقْلِيَّةَ الَّتِي لَمْ يُعْطِهَا غَيْرَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ لِيَسْتَعْمِلَهَا فِي مَنَافِعَ لَا تَنْحَصِرُ أَوْ فِي ضِدِّ ذَلِكَ مِنْ مَفَاسِدَ جَسِيمَةٍ ، لَا يَلِيقُ بِحِكْمَتِهِ أَنْ يُهْمِلَهُ مِثْلَ الْحَيَوَانِ

فَـ

يَجْعَلَ الصَّالِحِينَ كَالْمُفْسِدِينَ ،

وَ

الطَّائِعِينَ لِرَبِّهِمْ كَالْمُجْرِمِينَ ،

وَ

هُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ الْمُتَمَكِّنُ بِحِكْمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ أَنْ يَجْعَلَ إِلَيْهِ الْمَصِيرَ ،

فَـ

لَوْ أَهْمَلَهُ لَفَازَ أَهْلُ الْفَسَادِ فِي عَالَمِ الْكَسَادِ ،

وَ

لَمْ يُلَاقِ الصَّالِحُونَ مِنْ صَلَاحِهِمْ إِلَّا الْأَنْكَادَ ،

وَ

لَا يُنَاسِبُ حِكْمَةَ الْحَكِيمِ إِهْمَالُ النَّاسِ يَهِيمُونَ فِي كُلِّ وَادٍ ،

وَ

تَرْكُهُمْ مَضْرِبًا لِقَوْلِ الْمَثَلِ " فَإِنَّ الرِّيحَ لِلْعَادِي "

وَ

لِذَلِكَ قَالَ فِي جَانِبِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى وُقُوعِ الْبَعْثِ

﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ ﴾،

أَيْ

لَا نُعِيدَ خَلْقَهُ وَنَبْعَثَهُ لِلْجَزَاءِ كَمَا أَبْلَغْنَاهُمْ ،

وَ

جَاءَ فِي جَانِبِ حِكْمَتِهِ بِمَا يُشَابِهُ الْأُسْلُوبَ السَّابِقَ

فَـ

قَالَ :

﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾

مَعَ زِيَادَةِ فَائِدَةٍ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ جُمْلَةُ

﴿ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾،

أَيْ

لَا يَحْسَبُ أَنْ يُتْرَكَ غَيْرَ مَرْعِيٍّ بِالتَّكْلِيفِ كَمَا تُتْرَكُ الْإِبِلُ ،

وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْمُجَازَاةَ . وَ

عَنِ الشَّافِعِيِّ:

" لَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ فِيمَا عَلِمْتُ أَنَّ

السُّدَى الَّذِي

لَا يُؤْمَرُ

وَ

لَا يُنْهَى ".

وَ

قَدْ تَبَيَّنَ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَهُ

﴿ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾

كِنَايَةٌ عَنِ الْجَزَاءِ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَقْصُودٌ مِنْهُ الْجَزَاءُ فِي الْآخِرَةِ.".
أما الحالة الثانية؛

[د. محمد الرمادي]

أما الحالة الثانية:

وهي التكاليف؛ أو بتعبير أدق الأعمال و التصرفات الدنيوية الحياتية المعاشية اليومية المعيشية.. فهذه تترك له -الإنسان- أن ينظمها كيف شاء؛ ومتى شاء ؛ وأين شاء..

وهذه -بحق- تحتاج إلى بسط وشرح وتفصيل.. لما قد يختلط في الذهن من أمور قد تقرب في موضع وتفترق في مواضع .. و لما قد يصيب البعض من غموض في فهمها.. وعدم إدراك في بعض جزئياتها .. بـ

دليل قوله صلى الله عليه وآله وسلم :

﴿ أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأَمْرِ دُنْيَاكُمْ ﴾

[ رَوَاهُ مُسْلِمٌ ]

وهنا تظهر بجلاء القمة في شمولية وعالمية وإنسانية شريعة ومنهاج محمد.. عند مقارنتها أو مقاربتها مع ما عند الآخر ..

إذ أنها طريقة ربانية.. وضعها خالق الإنسان من عدم ومنشأ الكون مِن لا شيء وواجد الحياة وفق حكمته وإرادته..

إنها طريقة منهجية شرعية علمية سماوية ملآئكية تتعامل مع الإنسان ككل..

*.] جسد له حاجاته العضوية..

يجب أن يتحصل عليها الإنسان؛ كـ

- التنفس بالهواء ؛ وأمتناع التنفس بالهواء يموت الإنسان ؛

- ماء يشربه ؛ وعدم شرب الماء لفترة زمنية معينة يموت الإنسان ..

- نوم لفترة زمنية بعينها وإلا جُنَّ الإنسان ..

- إخراج الفضلات من معدة أو مثانة أو عن طريق الجلد وإلا تسمم

الإنسان ليموت..

وهناك بعض الإفرازات يحتاجها الإنسان..

هذه الحاجات العضوية تتطلب إشباعاً حقيقياً بقدر حاجة الأجهزة لكل إنسان حسب قدراته واحتياجاته..

*.] وأعضاء تحتاج لإشباع ..

جهاز ضخ الدم إلى الجسم -مثلاً- محمل بأكسوجين كاف لخلايا المخ .. وإلا تعطل عمل الإنسان كـ كائن حي ليقوم ببقية أعمال الإجهزة الأخرى

وهذا يستلزم إشباعا حقيقيا كافيا ليبقى الإنسان على قيد الحياة

*.] وغرائز تستلزم إشباعاً فقط..

وهذه لا تستلزم إشباعاً كاملاً أو حقيقياً

ولكن الغرب مثلا: جعل معاشرة الذكر لأنثى بغض النظر عن الكيفية والطريقة ضرورة حياتية لازمة..

ثم توسع عندهم الأمر فصار الإشباع الجنسي بين ذكر وآخر أو أنثى وآخرى ضرورة حياتية .. وهذا ليس بصحيح على إطلاقه .. مخالف لطبيعة التركيب البشري ومخالف لطبيعة التركيب العضوي

ومخالف لطبيعة الإشباع السوي..

نعم يجب أن أقول أنه يوجد إشباع سوي

وآخر إشباع خاطئ

وآخر إشباع شاذ..

وإن اطلق عليهم إشباعا

وكـ الأمومة..

فالمرأة العاقر لها غريزة إن لم تشبعها لن تشرف على الهلاك

والأبوة ..

فالرجل العاقر له غريزة وإن لم يشبعها لن يشرف على الهلاك

و

غريزة التملك .. فالإنسان الفقير المعدم لن يموت لعدم تملكه ..

*.] وروح لها حاجاتها.. تستلزم إشباعاً علويا ملآئكيأ..

قد يكون إشباعاً صحيحاً أو إشباعاً خطاً أو فاسداً

فدور العبادة قد تعطي قدرا من الإشباع

ورجال الكهنوت قد يعطوا قدرا من الإشباع

والتواجد في أماكن بعينها قد يعطي قدرا من الإشباع

سماع أصوات

أو

شم روائح بعينها قد تعطي قدرا من الإشباع

لكنه اشباعا مؤقتا سرعان ما يزول..

لكن الإشباع الحقيقي والكاف هو مَن يعالج الناحية الروحية معالجة ... كاملة ... ولعلي ابحثها في خطبة قادمة بإذنه تعالى

*.] نفسية لها حاجاتها.. تستلزم هدوءا وسكينة وطمأنينة..

*.] عقل له حاجاته يتطلب استيعابا لما يدور حوله و إدراكا للأشياء وفهما للواقع والمسائل والقضايا ..

ثم يتعامل مع كل عضو رئيسِ من أعضاءه بطريقة خاصة ..

نصل معاً من خلال هذه الجولة السريعة في كينونة الإنسان إلى أنه :

*.] يجب السير وفق منهجية وطريقة وشريعة بعينها صالحة وضعت للإنسان تستلزم تطبيقا عملياً ... والحال اليوم عند الجميع أنه اكتفي بالجانب التعبدي .. كالصلاة .. منفصلة عن الحياة ..

فالصلاة تحتاج لطهارة :

*.] قلبية

*.] جسدية

*.] مكانية

وما يرتديه الإنسان من ملابس

إلا تذكر معي أن حجاج بيت الله تعالى في مكة ؛ الكعبة كانوا يطوفون عرايا.. خشية أن يكونوا ارتكبوا ذنباً إثناء ارتداء هذه الملابس...

وجانب تعبدي آخر :

زيارة أماكن بعينها وهي ما تسمى الحج عند الجميع أو العمرة ..

وبعض المشاعر وقليل من المناسك .. وهذا عند الجميع ..

لكن ما غاب هو:

المنهجية الشمولية في الإسلام وهو الدين الوحيد الذي يملك هذه المنهجية ..

ما غاب هذه الشريعة الكاملة التي تعالج مشاكل الإنسان بأكملها .. وليس جانب من جوانب الإنسان .. كـ الروح .. في علاقة تعبدية .. أو النفس في علاقة مشاعرية عند زيارة ضريح فلان أو زيارة قبر علان .. أو ترتفع قليلاً عند زيارة قبر الرسول .. أو ترتفع أكثر ثم تنتهي بمجرد العودة عند آداء مشاعر الحج أو العمرة

أو تخفض إلى الحضيض إثناء مزاولة الدجل والشعوذة باسم الدين..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ

قال المصطفى المهتدى المرتضى المحتبى المجتبى:"

﴿ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ دِينِكُمْ فَإِلَيَّ ، وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكُمْ فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِهِ ﴾

[رَوَاهُ أَحْمَدُ. ]..

وهذه المسألة تحتاج إلى مزيد تبيان وشرح وتفصيل ...

[د. محمد الرمادي]

الخطوط العريضة

لـ

ـ﴿ خطبة جمعة :

٧ ذو القعدة ١٤٣٩ من العام الهـجري

الموافق :

٢٠ يوليو من العام ٢٠١٨ الميلادي ﴾

* * * *

﴿ [ ا لـ ــ ـــ ــعلم الآلهي... و.... الـ ـ ـــ ـــتعليم الرباني ] ﴾

* * * *

[د. محمد الرمادي]

الحمد لله رب العالمين ..

خالق الإنسان من عدم ثم من طين..

موجده من ماء وتراب ..

ثم علمه البيان ..

فتكلم بلسان ..

وأدرك بقلب وجنان..

*-*-*-*-*-*-*-*-

أعود مع حضراتكم..!!

حضرات السيدات العفيفات والسادة الأكرام الأعزاء..!!

اعود لأرتبَ افكار هذه السلسلة من خطبة الجمعة

﴿ [ العلم الآلهي... و.... التعليم الرباني ] ﴾

بمسجدكم هذا المبارك: فـ

اقول

أقسمُ آيةَ البقرة ﴿ ٣٠ ﴾ إلى مقاطع ومشاهد ليصلح لنا فهمها

﴿ ١. ﴾ المشهد الأول :

„ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ ‟

﴿ ٢. ﴾ المشهد الثاني:

„ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ‟

﴿ ٣. ﴾ المشهد الثالث: به ثلاثة مقاطع :

﴿ ٣. ١. ﴾ المقطع الأول: تتحدث الملآئكة عن حالٍ بلغهم :

„ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا ‟

﴿ ٣. ٢. ﴾ المقطع الثاني :

„ وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ‟

وهذا وفق علمهم وما قد حدث أمامهم

﴿ ٣. ٣. ﴾ المقطع الثالث: يتحدثون عن أنفسهم.. فقالوا:

„ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ‟

﴿ ٤. ﴾ المشهد الرابع: ينهي العليم الخبير الحوار فنطق القرآن يقول :

„ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ‟

﴿ سورة البقرة: آية رقم : ٣٠﴾

وأفضل طريقة لفهم القرآن وتفسيره وتأويله هو تفسير القرآن بالقرآن.. لندرك معنى قوله تعالى :

„ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ‟

﴿ البقرة: ٣٠﴾

فنقرأ قوله تعالى :

„ وَإِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّـهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ

﴿ ١. ﴾ المشهد الأول:

„ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي ‟

﴿ ١. ﴾ المشهد الثاني :

„ وَلَا أَعْلَمُ مَا فِينَفْسِكَ ‟

„ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ‟

﴿سورة المائدة: آية رقم : ١١٦﴾

و

لكي نفهم مراده سبحانه وتعالى من قوله في سورة البقرة ؛ آية 30 حين نطق القرآن وذكر الذكر الحكيم قوله :

„ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ‟...

نذهب لسورة ص؛ آية 26:" ونقسمها لمشاهد :

﴿ ١. ﴾ المشهد الأول :

„ يَا دَاوُودُ ‟

﴿ ٢. ﴾ المشهد الثاني:

„ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً ‟

﴿ ٣. ﴾ ويأتي نفس التعبير كما جاء في سورة البقرة: فـ

يأتي المشهد الثالث:

„ فِي الْأَرْضِ ‟

﴿ ٤. ﴾ المشهد الرابع:

يبين لنا مراده سبحانه وتعالى مِن وجود خليفة في الأرض فنطق القرآن يقول:

﴿ ٤. ١. ﴾ „ فَاحْكُم ‟

ثم يبين أن كيفية الحكم فيقول :

﴿ ٤. ٢. ﴾ „ بَيْنَ النَّاسِ ‟

ويزيد القرآن المسألة وضوحا وبياناً؛ أقصد مسألة الحكم أنه يكون :

﴿ ٤. ٣. ﴾ „ بِالْحَقِّ ‟

ثم ينبه القرآن نبيه ورسوله حين يقول في

﴿ ٥ . ﴾ المشهد الخامس :

„ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ ‟

ثم يأتي المشهد التالي وكذلك فيه تنبيه فيقول :

﴿ ٦. ﴾ المشهد السادس : فيخبر عن مصير إتباع الهوى:

„ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ ‟

ثم يأتي وعيد صريح..

هدانا الله تعالى للحق وأبعد عنا الهوي والزيغ والضلال فيقول:

﴿ ٧. ﴾ المشهد السابع :

„ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ‟

ثم يزيد القرآن الكريم والذكر المسألة وضوحاً فيقول :

﴿ ٨. ﴾ المشهد الثامن :

„ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ‟

﴿سورة ص: آية رقم : ٢٦﴾

و

ازيد المسألة هذه وضوحاً لحالنا اليوم بعد أن فهمنا مراد الحق تعالى من خلافة آدم وبنيه في الأرض؛ إذ هي ليست خلافة وإنابة إنسان عن خالق بل تطبيق شرع إله وتسير على منهجية رب :

﴿ ١ ﴾ المشهد الأول:

النَّبِيُّ محمد بن عبدالله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ إِمَامُ الْأَئِمَّةِ ،

وَ

﴿ ٢. ﴾ المشهد الثاني:

الْخَلِيفَةُ؛ أو رئيس الدولة (اضع مسمى ومصطلح يشمل المقام والدور) إِمَامُ الرَّعِيَّةِ ،

وَ

﴿ ٣. ﴾ المشهد الرابع:

الْقُرْآنُ إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ .

والخَلَف:" أَنْ يَجِيءَ شَيْءٌ بَعْدَ شَيْءٍ يَقُومُ مَقَامَهُ "..

بمعنى إقامة شرع الله تعالى حسب القدرة والاستطاعة..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نحن ما زلنا نبحث مع حضراتكم مراحل التعليم الرباني:"

في بداية الخليقة وجد الإنسان الأول؛

ليس قبله خلق مثله..

يوجد الملآئكة.. الجن.. السماوات.. الأرضون.. بقية الخلق من حيوانات.. طيور .. أسماك..

كلها ما عدا الإنسان لا تملك عقلاً وإن كانت تملك مخا وأعصاباً ونوع ما من الإدراك والفهم والإستيعاب وطريقة في النطق لا نعلمها نحن البشر ومسائل آخرى ليس موضعها في الشرح هنا ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ

﴿ ١ . ﴾ المسألة الأولى الجوهرية بعد قضية الخلق والإنشاء والتصوير والإبداع : حين أراد القرآن التحدث عن الخلق آتى بخلق الإنسان دون بقية المخلوقات فتقرأ هذا بوضوح في قوله تعالى :

„ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ‟

﴿سورة التين: آية رقم : ٤﴾

المسألة الجوهرية الهامة :". هي مسألة :

" تعليم آدم ".

فنتابع المشاهد كما ذكرها نص القرآن الكريم وآيات الذكر الحكيم :

﴿ 1 ﴾ المشهد الأول:

„.وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ‟

ولكي يُظهر الخالق المبدع المصور امرا أراده جاءت جملة اعتراضية في سياق الآية فتجد

﴿ 2 ﴾ المشهد الثاني:

„ ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ ‟

وجاء استفسار يعلم إجابته خالق الإنسان والكون والحياة :

﴿ 3 ﴾ المشهد الثالث:

„ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَـٰؤُلَاءِ ‟

وتأكيدا للعلم الأزلي وعلمه المحيط بكل شئ جاءت صيغة قرآنية تقول

وهي

﴿ ٤. ﴾ المشهد الرابع:

„ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ‟

﴿ سورة البقرة: آية: ٣١﴾

وينبغي لي التنبيه على نقاط :

﴿ ١. ﴾ الأولى:

أغفل الله تعالى اسم اللغة التي تعلم بها آدم الأسماء كلها ؛

﴿ ١. ﴾ الثانية:

كما أغفل القرآن الكيفية .. كيفية التعليم

﴿ ١. ﴾ الثالثة:

كما أغفل طريقة .. طريقة التعليم

فجاءالرد من ملآئكة الرب فـ

﴿ ٥. ﴾ المشهد الخامس:

„ قَالُوا سُبْحَانَكَ ‟

وجاء في صيغة الرد توضيح يكمل الصورة العلمية للمخلوقات جميعاً بما فيها الملآئكة أنفسهم؛ وهم أفضل خلق الله درجة عند المليك الحميد فقالوا:

﴿ ٦. ﴾ المشهد السادس:

„ لَا عِلْمَ لَنَا ‟

ثم يأتي توضيح ليس بعده توضيح وبيان يغني عن كل بيان فقالت الملآئكة أجمعين..

والظاهر هنا -في هذه الحالة- أنه لا يوجد أي استثناء.. فقالوا جميعاً:

﴿ ٧ . ﴾ المشهد السابع:

„ إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَاۖ‟

ويأتي تعبير دقيق نحتاج جميعاً-الملائكة وبقية المخلوقات إلى تذكره وتبيانه واستذكاره فقالوا جميعاً:

﴿ ٨ . ﴾ المشهد الثامن:

„ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ‟

﴿ آية رقم : 32 ﴾

ثم يأتي أهم مشهد في عملية التعليم وقضية التعلم..

مشهد حين استوعبه تهتز جميع أعضائي اهتزاز العصفور الصغير الوليد المبتل بالماء في ليلة ظلماء فوق غصون الأشجار الملساء ويتوقف عقلي القاصر من خلال خلايا الإدراك والتعلم ان يستوعب هذا الخطاب الرباني من رب كامل إلى مخلوق ناقص وعاجز ومحتاج.. خُلق منذ ثوان من عمر الزمان هو الإنسان الأول.. حين يخاطبه خالقه ومنشؤه ومبدعه :

﴿ ٩ . ﴾ المشهد التاسع:

„ قَالَ يَا آدَمُ ‟..

فيسمع آدم عليه السلام النداء ثم يتلقى الأمر:

﴿ ٩ . ١. ﴾ „ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ‟

فيخبر آدم المتعلم تعليما ربانياً إلهيا.. فتسمع الملائكة

﴿ ٩. ٢. ﴾ „ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ ‟

فنسمع جميعاً ما قاله الرب:

﴿ ١٠. ﴾ المشهد الآخير: „ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ‟

ثم تأتي حقيقة ربانية إلهية:

﴿ ١٠ . ١. ﴾ „ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ‟

﴿سورة البقرة: آية : ٣٣﴾

﴿ ١. ﴾ المسألة الثانية الجوهرية في عملية التعليم: الأمر الإلهي الأول في خاتمة الرسالات وآخر البعثات الإلهية من رب السماء إلى البشر كما جاء في سورة سورة العلق؛

وهي مسألة القراءة.. وهي تتعلق بمن جاء مِن بعد آدم

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

„ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ‟ ﴿1﴾

„ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ‟﴿2﴾

„ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ‟ ﴿3﴾

„ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ‟ ﴿4﴾

„ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ‟ ﴿5﴾

﴿ ٣. ﴾ المسألة الثالثة الجوهرية في مسألة التعليم

تتحدث عن مَن جاء مِن بعد آدم ... بقية الناس بغض النظر عن لون بشرتهم وبغض النظر عن أماكن سكنهم

وهؤلاء عموم الناس .. كل الناس :

„. وَاللَّـهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ ‟

„ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا ‟

وَ

„ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ ‟

وَ „ الْأَبْصَارَ ‟

وَ „ الْأَفْئِدَةَ ‟

„ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ‟

﴿سورة النحل: آية رقم : ٧٨﴾.

وهنا يأتي دور تعليم الأم

الأب

الأسرة

المدرس

البيئة

المجتمع

بهذا العرض من كتاب رب العباد الكريم .. القرآن العظيم والذكر الحكيم وإله الخلائق أجمعين.. يتبين بوضوح عملية التعليم للإنسان

مرت بمراحل تفصيلية ذكرها القرآن .. كما تعرض القرآن من قبل لمراحل خلق الإنسان .

وهذه أو تلك تحتاج إلى دراسة علمية تطبيقية ...

ويمكن أن نقول أننا -البشر- طُلب منا

1.] قراءة الكتاب المسطور المحفوظ في الصدور

يقارنه

2.] قراءة الكتاب المنشور في الكون المعمور ..

إذاً هما كتابان:

1.] الكتاب المسطور المحفوظ في الصدور : وهو بلا خلاف :

القرآن الكريم

وبكل حزن وأسى تراجعت الأمة الإسلامية في قراءته .. قراءة نبوية صحابية.. فصار حالنا كما نرى اليوم !!؟؟...

2. ] الكتاب المنشور في الكون المعمور .. وهو بلا جدال:

كتاب الحياة والكون والأحياء والمخلوقات بما فيها الإنسان ..

وبكل اسى وحزن تراجعت الأمة الإسلامية في قراءة هذا الكتاب أيضا.. فلم تقدم الأمة الإسلامية أو العربية أو القومية أو الوطنية علما نافعا للبشرية منذ أكثر من 200 عام..

تقدم الغرب لحظة أن تركت الكنيسة الحياة لعلماء الحياة والكون والإنسان..

[د. محمد الرمادي]

الخطوط العريضة

لـ

ـ ﴿ خطبة جمعة :

٧ ذو القعدة ١٤٣٩ من العام الهـجري

الموافق ٢٠ يوليو من العام ٢٠١٨ الميلادي ﴾

* * * *

﴿ [ العلم الآلهي... و.... التعليم الرباني] ﴾

* * * *

[د. محمد الرمادي]

من الآيات المتممة لعملية التعليم الرباني ..

و

المكملة لطريقة التعلم الإلهي آية سورة المائدة :

وهي تصلح لتقسيمها لمشاهد ومقاطع ليتسنى لنا فهم مراده سبحانه وتعالى.. و

لأنها من أواخر ما نزل علي النبي المصطفى والرسول المجتبى والحبيب المرتضى صلى الله عليه وآله وسلم :

فجاء المشهد الأول من الآية بقوله تعالى في سماه وتقدست اسماه

1.] المشهد الأول : ﴿ الْيَوْمَ ﴾

2.] المشهد الثاني : ـ﴿ أَكْمَلْتُ ﴾

مع ملاحظة أن صيغة القرآن تتفق من صيغ العرب في الحديث فيتكلم القرآن عن الله تعالى بصيغة التعظيم والتفخيم حين يكون الحديث عن الأعمال فيقول :" خلقنا " .. " نرزقكم " .. " جعلنا ". . هنا تأتي بصيغة المفرد كما جاء في حديث القرآن عن آيات الأحكام بخصوص شهر رمضان والصيام في البقرة فيقول :

" وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَـ إِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ "..

ثم يبين جل وعلا ما الذي أكمله

3.] فيأتي المشهد الثالث : لكنه سبحانه يحدد مَن يخاطب فقال عز من قال :

ـ﴿ لَكُمْ ـ﴾

4.] المشهد الرابع : في هذا الجزء يحدد ما الذي أكمله : ـ﴿دِينَكُمْ ـ﴾

ثم يأتي

5.] المشهد الخامس ويبدء القرآن الكريم والذكر الحكيم في إكمال الآية بتعبير ليس مرادف ولكن يأتي بمعنى جديد فنطق القرآن فقال

وَ

﴿ أَتْمَمْتُ ﴾

ثم يحدد من هؤلاء الذين أتم فيقول

ـ﴿ عَلَيْكُمْ ﴾

ثم يحدد ما الذي أتمه سبحانه وتعالى فيقول

ـ﴿ نِعْمَتِي ﴾

ثم يكمل القرآن المعنى بعد الإكمال وبعد الإتمام فيأتي الرضا .. فيقول :

ـ﴿ وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًاۚ ـ﴾.

[سورة المائدة؛ آية ر قم 3]

فنقول : الحمد لله رب العالمين الذي أكمل علينا ديننا ..

و

الحمد لله الذي أتم علينا نعمته ..

و

الحمد لله الذي رضي لنا الإسلام ديناً..

[د. محمد الرمادي]

الخطوط العريضة

لـ

ـ ﴿ خطبة جمعة :

١٤ ذو القعدة ١٤٣٩ من العام الهـجري

الموافق ٢٧ يوليو من العام ٢٠١٨ الميلادي ﴾

* * * *

﴿[ العلم الآلهي... و.... التعليم الرباني ] ﴾

* -*--*--*

[د. محمد الرمادي]

الحمد لله رب الأرض ورب السماء،

خلق آدم وعلمه الأسماء..

وأسجد له ملائكته، وأسكنه الجنة دار البقاء...

وحذره من الشيطان ألد الأعداء، ثم أنفذ فيه ما سبق به القضاء، فأهبطه إلى دار الابتلاء...

وجعل الدنيا لذريته دار عمل لا دار جزاء، وتجلت رحمته بهم فتوالت الرسل والأنبياء...

وما منهم أحد إلا جاء معه بفرقان وضياء، ثم ختمت الرسالات بالشريعة الغراء...
ونزل القرآن لما في الصدور شفاء، فأضاءت به قلوب العارفين والأتقياء...
وترطبت بآياته ألسنة الذاكرين والأولياء، ونهل من فيض نوره العلماء والحكماء...

نحمده تبارك وتعالى على النعماء والسراء، ونستعينه على البأساء والضراء...

ونعوذ بنور وجهه الكريم من جَهد البلاء، ودرك الشقاء، وعضال الداء، وشماتة الأعداء...

ونسأله عيش السعداء، وموت الشهداء، والفوز في القضاء، وأن يسلك بنا طريق الأولياء الأصفياء...

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ليس له أنداد ولا أشباه ولا شركاء...

خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء...

خلق الخلق فمنهم السعداء ومنهم الأشقياء...

محيط بخلقه فليس لها رب منه نجاء...

قادر مقتدر فكل الممكنات في قدرته سواء...

سميع بصير يرى النملة السوداء في الليلة الظلماء...

ويسمع دبيبها على الصخرة الصماء...

أجرى الأمور بحكمته وقسم الأرزاق وفق مشيئته بغير عناء...

لا يشغله شأن عن شأن، فكل شيء خُلق بقدَر، وكل أمر جرى بقضاء...

وأشهد أن سيدنا محمدًا خاتم الرسل والأنبياء...

وإمام المجاهدين والأتقياء...

والشهيد يوم القيامة على الشهداء...

المعصوم صلى الله عليه وسلم فما أخطأ قطُّ وما أساء...

دعا أصحابه إلى الهدى فلبَّوُا النداء...

فإذا ذاته رحمة لهم ونور، وإذا سلوكه إشراق وضياء...

هو القدوة النيرة في الصبر على البلاء، والعمل لدار البقاء...

وهو الأسوة المشرقة في الزهد في دار الفَناء...

فكم مرت شهور ولا طعام له ولأهل بيته إلا التمر والماء...

اشتهر من قبل البعثة بالصدق، فلم يعرف عنه كذب ولا نفاق ولا رياء...

لم يؤثر عنه غدر، بل إخلاص وأمانة ووفاء...

صلى الله عليه قديمًا، وكذا الملائكة في السماء...

وصلى هو في المسجد الأقصى بالرسل والأنبياء...

سبح الحصى في كفه بخير الأسماء...

وحين ظمئ أصحابه نبع من بين أصابعه الماء..

اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وصحابته الأجلاء...

وعلى السائرين على دربه والداعين بدعوته إلى يوم اللقاء...

ما تعاقب الصبح والمساء، وما دام في الكون ظلمة وضياء...

[د. محمد الرمادي]

وقفتُ مع حضراتكم عند مسألة التعلم الرباني والتعليم الإلهي.. بدءً من أول البشرية وأبيها :"آدم " عليه السلام باعتباره الذي صنعه خالقه تبارك وتعالى بيده -فله ولنا الفخر- ثم نفخ فيه من روحه -فله ولنا الفخر - ثم جعله خليفة في الأرض لتطبيق أحكام السماء بين الناس -فله ولنا الفخر-؛ وقد علمه ربه جل وعلا الأسماء كلها -فله ولنا الفخر- ثم اسجد تكرمة له ملآئكته -فله ولنا الفخر- ....

و

بمجئ خاتم الأنبياء وآخر المرسلين متمم المبتعثين صلوات الله عليه وسلامه وتبريكاته وجب علينا إضافة الجامعة الرسولية.. الجامعة المحمدية.. الجامعة الأحمدية.. الجامعة المصطفوية..إلى التعلم الرباني والتعليم الإلهي.. فعميدها صاحب الطلعة البهية يشرق من وجهه الأنوار العلوية الإلهية الربانية السماوية..

نقف بحضراتكم أمام المدخل الرئيسي للجامعة النبوية بأقسامها المتعددة.. من عقيدة وفقه .. أحاديث نبوية وعلوم الحديث .. القرآن المجيد وعلومه ثم أقسام آيات الأحكام القرآنية .. فاحاديث الأحكام المحمدية ..فـ قسام شروح الأحاديث وتفسير القرآن المجيد وتأويل الذكر الحكيم .. ثم نجد أمامنا قسم السيرة النبوية بجواره قسم السنة المحمدية ... ثم نتجه إلى أقسام فقه السيدة عائشة أم المؤمنين ويستقبلنا هيئة كبار علماء التدريس وهم صاحبته الكرام وتلاميذه أصحاب الأفهام ..

نحن اليوم نقف أمام باب المدرسة النبوية.. وهي المرحلة الأولى للمبتدئين من طلبة العلم الشرعي الحنيف المنيف .. قبل الدخول نجلس في الروض الأُنف فهم يستقبلوننا ويسيرون معنا خطوة بخطوة.:.