[١٣] الْكِتَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ :« خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ »

[د. محمد الرمادي]

ولعلنا يجب أن ننتبه إلى طريقة التعليم في زمن النبوة.. وطريقة الدرس في عهد الرسالة.. وبين أسلوب التعلم اليوم وحتى في أزهرنا الشريف.. فـ

قد

١.] " ذَكَرَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي كِتَابِ « الْبَيَانِ » لَهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيٍّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُقْرِئُهُمُ الْعَشْرَ [ من الآيات القرآنية ] فَلَا يُجَاوِزُونَهَا إِلَى عَشْرٍ أُخْرَى حَتَّى يَتَعَلَّمُوا مَا فِيهَا مِنَ الْعَمَلِ، فَيُعَلِّمُنَا الْقُرْآنَ وَ الْعَمَلَ جَمِيعًا. ".

فهذه هي طريقته [ﷺ] في الدرس والتعليم:"

﴿ ١. ﴾ : تعلم القرآن .. قراءة .. تجويدا .. تحبيرا .. حفظ الآيات كما نزل بها أمين السماء جبريل عليه السلام على قلب خاتم الأنبياء محمد بن عبدالله [ﷺ]

﴿ ٢. ﴾ : العمل بما جاء في الآيات .. بمعنى التطبيق العملي والإلتزام السلوكي في ممارسة الآية في الحياة العملية اليومية :

ثم تتضح طريقة التعليم النبوية وكيفية الدراسة المحمدية واسلوب التعلم الرسولي الشريف .. فقد:

٢.] :" قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " كنا نحفظ العشر آيات فلا ننتقل إلى ما بعدها حتى نعمل بهن ".. و

روي عنه أنه حفظ سورة البقرة في تسع سنين.. وليس ذلك للإنشغال عن الحفظ أو رداءة الفهم -حاشاه رضي الله عنه- ولكن بسبب التدقيق والتطبيق ..".

ثم تكتمل الصورة التعليمية .. والكيفية التربوية في طريقة الدرس في الجامعة المحمدية فقد:

٣.] :" ذَكَرَ عَبْدُالرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْأَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ : كُنَّا إِذَا تَعَلَّمْنَا عَشْرَ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ نَتَعَلَّمِ الْعَشْرَ الَّتِي بَعْدَهَا حَتَّى نَعْرِفَ :

1.] حَلَالَهَا

وَ

2.] حَرَامَهَا

وَ

٣.] أَمْرَهَا

وَ

4.] نَهْيَهَا . ".

حتى هذا الإسبوع [تكلم وزير التربية التعليم في مصر] ما زال التعليم في مِصر يُعدل ويُغير بكيفية جديدة في حساب الدرجات في الثلاث سنوات من الثانوية العامة.. تحسب مجموع درجات (3) سنوات التعليم الثانوي ثم فترة تجريبية .. ولم يتم حتى قولي هذا تدريب السادة المعلمين على النظام الجدي وسنبدء التطبيق في سبتمبر القادم يعني بعد تقريبا أربع أسابيع من اليوم (03 أغسطس 2018م) مما يترتب عليه قلق في البيوت و

قلق الأباء و

قلق وسهر الأمهات..

عدم معرفة كاملة للطالب..

عدم معرفة كاملة للمدرس..

أتمنى نجاح التجربة لصالح أمة مِصر وشعبها ..

مقارنةً بالغرب فقد أخبرني أحد المقيمين بجمهورية النمسا الإتحادية عضو الإتحاد الأوروبي بأن

في يوم السبت الأول من الراحة الصيفية لتلاميذ المدارس تم توزيع في محافظة العاصمة 40,000 كتابا مجاناً في شتى العلوم.. قبل أن تبدء الراحة الصيفية .. أنتهت الدراسة المدرسية وشهران راحة يعطى ويوزع بالمجان 40,000 كتاب في شتى العلوم ... ثم في كل محافظات الجمهورية التسع يوجد محاضرات جامعية من أساتذة أهل تخصص لتلاميذ الإبتدائي والإعدادي .. محاضرات في الجامعة ..تم الإعلان عنها في الصحف للمعرفة ... يعني وصول المعلومة في وقتها الصحيح .. الطالب مازال في سنواته المبكرة في التعليم الإلزامي الإبتدائي أو الإعدادي وتبدء قدمه في الإقتراب من الحرم الجامعي ... وعلى مدار الشهرين الراحة الصيفية ..

و

ليس هذا فقط بل

يوجد ما يمكن ترجمته بـ «„ مكتب الأطفال ‟» تابع للجامعة النمساوية يقوم طالبات الجامعة بمصاحبة أطفال المدارس في:

رحلات ترفيهية في :

المتاحف و

دور العرض ...

فلا يكن عجيبا أو غريبا في دولة تعدادها لا يزيد عن تسعة ملايين إنسان.. نسبة عدد الأجانب من الترك والعرب واللاجئين من أفريقيا واسيا والمهاجرين من سوريا والعراق وفلسطين تتعدى المليون -ليس عجيباً - أن يكون المستشار -اي الحاكم بأمره - شابا تعدى الثلاثين من عمره بشهور :" Sebastian Kurz ".. الذي أنهى دراسته في الثانوية عام 2004م.. و

أني أتساءل الدولة المصرية لها مكتب ثقافي في النمسا ألا تقوم الملحقية الثقافية التابعة لوزارة التعليم العالي المصرية بإرسال تقارير دورية للدولة المصرية على ما يتم هناك(النمسا؛ دول الإتحاد الأوروبي).. للعلم أو للإستفادة .. أم أن الملحق الثقافي المصري يجلس الأن على ضفاف الدانوب الأزرق .. -يقولون أن الحر أشد في أوربا هذا العام من حر أفريقيا- وإن كان في عطلة(!!!) صيفية فيجلس اليوم على شاطئ راس البر أو مطروح.. فلن اسمح له بالجلوس على شاطئ بالإسكندرية [مدينتي]

نعود للمستشار النمساوي الشاب الذي تجاوز الثلاثين عاما بشهور .. فـ نسمع العجب أن رئيس دولة من دول العالم الثالث ..تركيا.. العلمانية يقول رئيسها - سلطان - أنه يخجل من أن يتحدث مع حاكم دولة لم يتعد عمره الثلاثون عاما.. و

نحن لسنا ضد شعب تركيا.. وإن كنا نتحدث عن كيفية المعاملة ضد الشعب المصري.. فالمؤسسة الحاكمة التركية تستضيف افراد من جماعة إرهابية.. وتسمح لهم في ميادينها بإقامة مظاهرات ضد الدولة المصرية.. بل إرسال قنوات فضائية عبر الأثير تسئ لشعبنا..

بل البضاعة التركية موجودة بكثافة لرخصها في الأسواق المصرية .

نعود مرة ثانية للتربية المحمدية وطريقة التعليم النبوية :

٤.] :جاء " فِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ: أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ مَكَثَ عَلَى سُورَةِ الْبَقَرَةِ ثَمَانِي سِنِينَ يَتَعَلَّمُهَا. ".

البعض يخبرني -اليوم-أنه حفظها في أيام معدودات ..

فتتضح الرؤية في قول قاله ابن مسعود

٥.]:" قَالَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّا صَعُبَ عَلَيْنَا حِفْظُ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ، وَسَهُلَ عَلَيْنَا الْعَمَلُ بِهِ، وَإِنَّ مَنْ بَعْدَنَا يَسْهُلُ عَلَيْهِمْ حِفْظُ الْقُرْآنِ، وَيَصْعُبُ عَلَيْهِمُ الْعَمَلُ بِهِ".

هنا يظهر بوضوح الفارق بين المدرسة النبوية والطريقة المحمدية في الدرس والتعليم وبين كُتاب الشيخ "فيليكس"(!!) في مساجد القرى ومصليات النجوع

وبين التعليم الأزهري في مراحله الثلاثة والذي يخرج كل عام ما يقترب من 10,000 واعظ أو مرشد.. لا يملكون أن يقدموا لـ 100 مليون مصري علما نافعا أو قولا صادقا أو سلوكا نيّرا,, لغياب الطريقة المحمدية في الدرس ولغياب الكيفية النبوية في التعليم.. ثم انحطاط الذوق العام في الشارع و

انحطاط الذوق العام في السماع ..

آتي لحضراتكم بأمثلة :

ينتشر في كل مناسبة أغنيات ثلاث..

الأولى : كتاب حياتي يا عين

الثانية : آه لو لعبت يا زهر [عدد المشاهدات وصل إلى :

"231.785.112 "]

الثالثة : أنا موش أنا...[عدد المشاهدات وصل إلى :

"31.794.112".]

رحم الله تعالى شيخنا ومعلمنا الشيخ فارس المنابر: "عبدالحميد كشك" -رحمه الله تعالى رحمة وسعة- إنهال فوق رأس مخنث في سبعينات القرن الماضي لأنه غنى أغنية مطلعها يقول :

جئتُ.. لا أعلمُ من أين .. ولكني أتيتُ.. ولقد ابصرتُ أمامي طريقا فمشيتُ...!!!!

إذ أنها كلمات تشكك في الخلق والإيجاد.. وتشكك في النشأة والتكوين للإنسان..

وقبل أن أكمل يجب أن أقول وهذا قولي الشخصي حسب علمي:

*.] العلم .. والفن لا يصح أن يوجد لهما حدود..

أو يوضعا داخل أسوار أو يحاطا بخطوط منع

و

*.] حرية الرأي وحرية التعبير وحرية الكلمة مكفولة للجميع

فالعلم والإبداع وابتكار الجديد النافع للإنسان والصالح للبشرية لا يجب توقفه بصورة ما ...

وكذا الفن بجميع أنواعه من تصوير ونحت ورسم وأدب وشعر ورواية وقصة .. كذلك..

المجمتع الواعي هو -الوحيد- الذي يملك الحق في قبول أو رفض ما يعرض عليه..

فشلت أجهزة الدولة الأمنية في منع تداول وتعاطي الحشيش والأفيون وفشلت أجهزة الدولة الأمنية في منع شرب الخمور والمسكرات.. لكن الوازع الديني والوعي الثقافي يجعل الإنسان يمتنع ...

الحكومة الأفغانية تطلب من الزراع زراعة الورود والزعفران ولكنها فشلت.. فشلت الحكومة لأن الجماعات الإرهابية التي ترتدي وشاحا إسلاميا تجد أنه باب (رزق) يدر أموالا كثيرة طائلة..

وهنا يأتي مثال واضح في منع الخمور والمسكر في عهد النبوة وقول وفعل حمزة بن عبدالمطلب.. فحين نزل التحريم النهائي لشرب الخمر .. جرى في أزقة مدينة رسول الله التي طيب ثراها بجسده الشريف .. جرى في شواع طيبة الخمر كجداول وأنهار .. بناء على تمكن العقيدة الإسلامية من القلوب وفي القلوب

[د. محمد الرمادي]

مستشار الدولة النمساوية؛ الحاكم الفعلي لآحدى دول الإتحاد الأوروبي عمره الأن :

" ٣١ سنة .. لأنه من مواليد ٢٧ أغسطس لعام ١٩٨٦م ".

[د. محمد الرمادي]

مازلتُ واقفا مع حضراتكم عند قضية التعلم الإلهي و

التعليم الرباني.. و

أضفتُ إليها الدراسة في الجامعة الرسولية المحمدية و

الإلتحاق بـ المدرسة النبوية الأحمدية و

المدارسة مع هيئة كبار علماء الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم جميعاً؛ وصلى الله تعالى على المبعوث رحمة العالمين والمبشر بجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين..

و

ينبغي عليَّ أن أنبه لأمر هام وهو أن الإنسان بما يملك من قدرات هو محور الإسلام.. و

كما ترى منذ بداية الخليقة ومنذ عهد الإنسان الأول سيدنا آدم عليه السلام وعلى رسولنا الصلاة والسلام.. فالإنسان هو محور الإسلام وهو محور الكون وهو محور الحياة..

لذا اهتم إسلام الأنبياء جميعاً ثم إسلام النبي الخاتم بعقل الإنسان والقوى العاقلة فيه..

فتجد القرآن المجيد يهتم بمسألة العقل والإدراك فيقول :

" إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ .. وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ .. وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ .. وَمَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا .. وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ .. وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ".

﴿البقرة: ١٦٤﴾

ثم يؤكد على المعنى بقوله :

" كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ "

﴿الروم: ٢٨﴾...

ثم

يتكلم القرآن العظيم عن :

" قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ

﴿الحج: ٤٦﴾.

ثم يخاطب فينادي:

" يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ "

﴿البقرة: ١٧٩﴾.

وأيضا يتحدث القرآن عن :

"وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ".

﴿الرعد: ٣﴾.

وايضا :

" وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ".

﴿البقرة: ٢٢١﴾.

ولكي يحافظ الإسلام على القوى العاقلة للإنسان حرم عليه ما يخامر عقله

و

يعطل مداركه و

يفسد فهمه

فخرّج البخاري تحت :

" بَاب مَا جَاءَ فِي أَنَّ الْخَمْرَ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ مِنْ الشَّرَابِ ".... فـ : " قَوْلُهُ ( وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ ) أَيْ غَطَّاهُ أَوْ خَالَطَهُ فَلَمْ يَتْرُكْهُ عَلَى حَالِهِ وَهُوَ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ ،

وَ

الْعَقْلُ هُوَ آلَةُ التَّمْيِيزِ فَلِذَلِكَ حُرِّمَ مَا غَطَّاهُ، لِأَنَّ بِذَلِكَ يَزُولُ الْإِدْرَاكُ الَّذِي طَلَبَهُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ لِيَقُومُوا بِحُقُوقِهِ ".

فـ" مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَالْكُلُّ خَمْرٌ حَقِيقَةً لِحَدِيثِ

" كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ "

فَكُلُّ مَا اشْتَدَّ كَانَ خَمْرًا ، وَكُلُّ خَمْرٍ يَحْرُمُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ ".

و

جاء في نيل الأوطار :

" وَأَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ". و

عنده أيضا :

"وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

أَمَّا بَعْدُ ، أَيُّهَا النَّاسُ إنَّهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ : مِنْ الْعِنَبِ ، وَالتَّمْرِ ، وَالْعَسَلِ ، وَالْحِنْطَةِ ، وَالشَّعِيرِ ...

والشاهد من قول الفاروق:"

وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ .

[مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ] ) . " و

عنده أيضا :"( وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ}

[رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَابْنَ مَاجَهْ ]؛

وَ

فِي رِوَايَةٍ : { كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ }

[رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالدَّارَقُطْنِيّ ]) .

و

عنده :"عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ :

{ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْبِتْعِ وَهُوَ نَبِيذُ الْعَسَلِ ، وَكَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَشْرَبُونَهُ ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

" كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ} ) . .

ونتساءل :

هل الخمر بأنواعه المختلفة فقط هو الذي يغطي العقل ويخامره .. أم هناك أشياء آخرى!!؟.

فـ لا شك في تحريم تناول المخدرات.. من :

الحشيش و

الأفيون و

الكوكايين و

المورفين وتلك الأقراص وغير ذلك.

و

لا شك أن المخدرات تخامر العقل وتغيبه .

قال الحافظ ابن حجر : " واستُدل بمطلق قوله :

(كل مسكر حرام)

على تحريم ما يسكر و

لو لم يكن شرابا، فـ

يدخل في ذلك الحشيشة وغيرها، و

قد جزم النووي وغيره بأنها مسكرة، و

جزم آخرون بأنها مخدرة، وهو مكابرة؛ لأنها تحدث بالمشاهدة ما يحدث الخمر من الطرب والنشوة، والمداومة عليها والانهماك فيها..

و

على تقدير تسليم أنها ليست بمسكرة فقد ثبت في سنن أبي داود

(النهي عن كل مسكر ومفتّر)

والله أعلم "

[انتهى من "فتح الباري" (10/45) .]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ :

الْمُفْتِر كُلّ شَرَاب يُورِث الْفُتُور

وَ

الرَّخْوَة فِي :

الأَعْضَاء ..

وَ

الْخَدَرَ فِي الأَطْرَاف وَهُوَ مُقَدِّمَة السُّكْر؛ وَ

نَهَى عَنْ شُرْبه لِئَلا يَكُون ذَرِيعَة إِلَى السُّكْر.

وفيها من الأضرار العظيمة ما قد يكون أعظم من الضرر الحاصل بشرب الخمر، و

قد قال النبي صلى الله عليه وسلم :

( لا ضرر ولا ضرار )

[رواه أحمد بن حنبل؛ وابن ماجه (2341) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .]

......

ففيها ضرر بـ

1. ] الشخص ذاته ، وبــ

2. ] أسرته و

3. ] أولاده ، وبـ

4. ] مجتمعه و

5. ] أمته .

... أما الضرر الشخصي : فهو التأثير الفادح في الجسد والعقل معا؛ لما في المسكر والمخدر من تخريب وتدمير

1. ] الصحة و

2. ] الأعصاب و

3. ] العقل و

4. ] الفكر و

5. ] مختلف أعضاء جهاز الهضم و

6. ] غير ذلك من المضار والمفاسد التي تفتك بالبدن كله،

بل

وبـ

7. ] الاعتبار الآدمي و

8. ] الكرامة الإنسانية،

حيث تهتز شخصية الإنسان، ويصبح موضع الهزء والسخرية، وفريسة الأمراض المتعددة .

وأما الضرر العائلي: فـ

هو ما يلحق بالزوجة والأولاد من إساءات، فينقلب البيت جحيما لا يطاق من جراء التوترات العصبية والهيجان والسب والشتم وترداد عبارات الطلاق والحرام، والتكسير والإرباك، وإهمال الزوجة والتقصير في الإنفاق على المنزل، وقد تؤدي المسكرات والمخدرات إلى إنجاب أولاد معاقين متخلفين عقليا . . .

وأما الضرر العام: فـ

هو واضح في إتلاف أموال طائلة من غير مردود نفعي، وفي تعطيل المصالح والأعمال، والتقصير في أداء الواجبات، والإخلال بالأمانات العامة، سواء بمصالح الدولة أو المؤسسات أو المعامل أو الأفراد.

هذا فضلا عما يؤدي إليه السكر أو التخدير من ارتكاب الجرائم على الأشخاص والأموال والأعراض، بل إن ضرر المخدرات أشد من ضرر المسكرات؛ لأن المخدرات تفسد القيم الخلقية "

[انتهى من "الفقه الإسلامي وأدلته" للدكتور وهبة الزحيلي (7 /5511] .

و

الحاصل أن هذه المخدرات لا يستريب في حرمتها عاقل، لدلالة النصوص على تحريمها، ولما فيها من أضرار بالغة ...

حديث أم سلمة رضي الله عنها ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن كل مسكر ومفتر "

[سنن أبو داود ؛ الأشربة (3686)؛ مسند أحمد بن حنبل (6 / 309)]..

[د. محمد الرمادي]

الخطوط العريضة

لـ

ـ ﴿ خطبة جمعة :

٢١ ذو القعدة ١٤٣٩ من العام الهـجري

الموافق ٣ أغسطس من العام ٢٠١٨ الميلادي﴾

* * * *

﴿ [ العلم الآلهي... و.... التعليم الرباني ... و.... المدرسة النبوية ] ﴾

[د. محمد الرمادي]

الحمد لله الذي خلق الإنسان والكون والحياة والأشياء فقدرها تقديرا؛ وصوّر شكل الإنسان فاحسنه تصويرا؛ ومنحه العقل وجعله سميعاً بصيرا؛ وشرفه بما عرفه به من العلم ونور قلبه تنويرا؛ وهداه إلى معرفته فيالها نعمة وفضلا كبيرا؛ وأطلق لسانه فاذعن بشكره تحميدا وتهليلا وتسبيحا وتكبيرا؛ وأرسل رسوله ونبيه ومبعوثه محمد إلى كافة الخلق هاديا وبشيرا ونذيرا؛ وأنزل عليه كتابا منيرا وأودعه حكمة وحكما وترغيبا وتحذيرا؛ وألهم حفاظه تلاوة له وتحبيرا وجعله برهانا واضحاً وصوابا لائحا ووفر فضله توفيرا في الصدور محفوظا وبالألسنة متلوا وفي الصحف مسطورا يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا وجعل كل بليغ عن الاتيان بسورة مثله حسيرا.. قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا.. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه اجمعين؛ فاشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ولا ند ولا مثيل ولا وزير ولا معين ولا صاحبة له ولا ولد واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولك يكن له كفؤا أحد؛ وأشهد أنه أرسل فينا رسول الهدى ونبي المرحمة فنشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله اصطفاه من الخلق أجمعين ليكون هاديا للمؤمنين وبشيرا للمسلمين ونذيرا للعاصين وللكافرين ...
أما بعد!

[د. محمد الرمادي]

١ ﴾ مسألة الخلق من عدم؛ سواء أكان الإنسان الأول؛

أو أنتَ وأنا

ووجودك بـ دون روح فأنت لست بإنسان

الإنسان.. وكيفية حياته وطريقة عيشه.. وماذا عليه أن يفعل وماذا عليه أن يقول؛ حتى القول.. فقد جاءت صيغة . ـ﴿ „ يَسْأَلُونَكَ ‟﴾ 15 مرة في القرآن المجيد..

فأنت كمسلم تعيش وفق طراز خاص من العيش وطريقة معينة في الحياة: «„ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ

﴿ فَاحْكُم بَيْنَهُم ﴾

هنا الشاهد من الآية القرآنية...

ثم يكمل النص: «„ بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ‟».. ولأن خاتم الأنبياء وآخر

المرسلين متمم المبتعثين له شرعته وطريقته ومنهاجه كبقية الرسل والأنبياء قال تعالى :﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾ وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّـهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ‟»

﴿ المائدة: ٤٨﴾

ويجب إعادة التنبيه على مسألة غاية في الأهمية وخاصة بالإنسان لقوله تعالى :

2 ﴾ ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ «„ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ‟ » «„ خَلِيفَةً ‟»

خليفة في تطبيق شرع الله تعالى وليس خليفة إله في الأرض أو مَن يمثل الإله فوق الأرض «„ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ‟»..

فجاء جواب الخالق العليم البصير الخبير

«„ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ‟» ﴾

﴿البقرة: ٣٠﴾

ولكي توضح هذه المسألة؛ فأفضل طريقة لتفسير القرآن الكريم وتأويل الذكر الحكيم هي تفسير القرآن بالقرآن فـ

قال تعالى في سماه وتقدست اسماه

﴿«„ يَا ‟» «„ دَاوُودُ ‟»..

إِنَّا جَعَلْنَاكَ

«„ خَلِيفَةً ‟»

فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ‟» «„ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ ‟» فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾

﴿ص: ٢٦﴾

هذه مسألة الخلق والإيجاد والتنشأة والتصوير والإبداع .. وهذا هو دور الإنسان في الكون وهذا دوره على الأرض وهذا دوره مع نفسه ومع الأخرين ..

فهل تركنا مَن خلقنا!!؟

كلا

﴿ «„٣‟» ﴾ فتأتي مسألة التعليم والتعلم والدرس والمدارسة والفهم والإدراك

فهل تركنا مولانا خالقنا!!؟

كلا.. فمنذ البداية علم آدم الأسماء كلها فنطق القرآن يقول:

﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ﴾ .. ثم يأتي اختبار

﴿ ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ ﴾ سائلا:

﴿ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَـٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾

﴿البقرة: ٣١﴾

فلم تأتي من طرفهم إجابة

فهل تركنا مولانا !!؟

كلا

فتأتي مسألة التعليم بقوله اقرأ باسم ربك الذي خلق

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ﴾ ﴿ الَّذِي خَلَقَ ﴾ ﴿*﴾ . ﴿ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴾﴿العلق: ٢﴾ ﴿ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴾﴿*﴾ ﴿ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴾ ﴿*﴾ ﴿ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾

﴿ العلق: ٥﴾

وهنا من تأويل وفهم هذه الآية فهناك قراءتان :

- قراءة الكتاب المحفوظ في الصدور

و

- قراءة الكتاب المنشور في الكون المعمور

فهل تركنا الإله الواحد ا لأحد الفرد الصمد !!

كلا

فتأتي مرحلة الرعاية والصيانة :

﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى ﴾

﴿القيامة: ٣٦﴾

ذكر الإنسان في القرآن 56 مرة

فهل تركنا خالقنا ومصورنا !!؟

كلا

لابد أن يربط بـالإكمال والإتمام والإنعام؛ والآية من أواخر مانزل على قلب محمد يوم جمعة يوم عرفة في حجة الوداع :

﴿ الْيَوْمَ ﴾

﴿ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾

﴿ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ﴾

﴿ وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾

﴿المائدة: ٣﴾

ثم تأتي مسألة التكليف!!؟

اسمع إليه:

﴿ ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا ﴾

﴿ قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾

﴿فصلت: ١١﴾

عمل الموجودات وطريقة حياة المخلوقات لا تكليف فيها.. بمعنى افعل أو لا تفعل..

إلا الإنسان

الأسد حين يتناول طعامه نقول يفترس؛

والبقرة حين تتناول طعامها نقول تجتر

وكلاهما يتناول طعامه بطريقته التي خلقها الله تعالى فيه

أما أنتَ .. أيها الإنسان فقد علمك خالقك ما مسموح لك أن تأكله..

وما هو محرم عليك أكله ..

أو تتذوقه

وما هو مسموح لك أن تشربه

وما هو مسوح لك أن تشمه

بل زاد ما سمح من الملابس لرجال أمة محمد

وما سمح للرجال من الزينة

وما سمح لنساء الإسلام من الزينة والملابس..

منهاج..

طريقة معينة في الحياة

طراز خاص من العيش

كيفية بعينها في الوجود الآدمي .. البشري.. الإنساني..

ما وجد في العالم أسد يأكل ما تأكله البقرة ..

وحين أدخل في طعام البقر ما ليس لها أن تأكله .. أصيب البقر بحالة مرضية اطلق عليها :" جنون البقرة ".

[د. محمد الرمادي]

ونختم بـ

أنَّ أمَّ المؤمنينَ الطاهرةَ عائشةَ رضي الله عنها وأرضاها قرأت وهي تصلي قول الله تعـالى

﴿« فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا .. وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ »﴾..

فبكت؛ و

قالت « اللَّـهُـمَّ مُـنَّ علَيَّ وَقِنِـي عَذَابَ السَّمُـومِ إنَّكَ أَنتَ الْبَـرُّ الرَّحِـيمُ ».

واقم الصلاة....

[د. محمد الرمادي]

الخطوط العريضة

لـ

ـ﴿ خطبة جمعة:

٢٨ ذو القعدة ١٤٣٩ من العام الهـجري ~ الموافق ١٠ أغسطس من العام ٢٠١٨ الميلادي ﴾

* * * *

﴿ [ الـــعلم الآلهي... و.... الـــــتعليم الرباني.... و.... الــمدرسة النبوية ..... و.... الـجامعة المحمدية ... ] ﴾

* * * *

[د. محمد الرمادي]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونستهديه ونتوكل عليه ونعبده وحده.. ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا مثيل ولا شبيه ولا وزير ولا معين له ؛ ولا صاحبة ولا ولد له..

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.. وخاتم انبياءه ومتمم رسله وآخر المصطفين الأخيار البرار الأتقياء؛ أرسله سبحانه رحمة للمؤمنين وبشيرا للطائعين ونذيرا للكافرين وللعاصين

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾

[آل عمران:102]،

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾

[النساء:1].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار..

اقتضت حكمة اللَّـهِ الْخَالِقِ الْبَارِئِ الْمُصَوِّرِ -سبحانه وتعالى- أن يكون الاصطفاء في كل شيء في الوجود، فهو واقع -لا محالة- في الأزمنة والأمكنة والأشخاص، فالأشخاص مِن خلق الله: آدم -عليه السلام-؛ الإنسان الأول؛ الرجل الأول الذي خلقه بيده -دون تشبيه- ونفخ فيه من روحه.. واسجد له ملآئكته تكريماً لفضل عقله لا عبادة لشخصه.. ثم من بني آدم مَن قد يتماثلون في الهيئة لكنهم يختلفون في القوى العلمية والعملية، بل يتفاوتون في العطاء وطول العمر أو قصره والقوى البدنية والقدرات الفهمية.. والمدارك العقلية.. ثم.. لعلمه اصطفى الله -جل وعلا- منهم الأنبياء والمرسلين والعلماء والقادة والمصلحين، والأولياء والربانيين، والشهداء والأبرار والصالحين،.. قال رب العالمين؛ ومالك يوم الدين المطلع على خلقه أجمعين؛ الذي يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ:

( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ)؛ فاصطفى رحم مريم بنت عمران الطاهر لولادة عبده ورسوله وروحه وكلمة منه: عيسى ابن العذراء البتول..

ونطق القرآن فقال: ( اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ).

وأختار سبحانه وتعالى الأمكنة فتختلف من حيث تشريف الله لها وتقديسها عند عباده المؤمنين، قال الله -عز وجل-: ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ )، وقال أيضا: ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) . وأقسم عز وجل فأخبرنا الصادق الأمين عن ربه في كتابه فقال:" وَطُورِ سِينِينَ ".. وَهَـٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ"..

وتخير سبحانه وتعالى الأزمنة فتفاضلت فيما بينها.. فليست الأيام والأسابيع والشهور والأعوام واحدة، بل ليست الأيام كـ الليالي.. قال الله-عز وجل-: ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ )، وقال أيضا: ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا)

وصدق الله تعالى إذ يقول: ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ) ..

فالاصطفاء من شؤون الربوبية، والإختيار من علامات ألوهيته.. والإختيار من آيات عظمته وقدرته.. فأصل التمايز إلهي.. رباني، بيّن فيه المولى -تبارك وتعالى- فضل بعض الأيام والليالي، بما أولاها -سبحانه- من فضل عظيم، وبما أودع فيها من خير واسع عميم، فسبحانه من إله حكيم عليم.. خبير بصير!

[د. محمد الرمادي]

﴿ » وَلَيَالٍ عَشْرٍ « ﴾

﴿الفجر: ٢﴾

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ

١. ] وأبدء مع حضراتكم قضية الإصطفاء من بدايتها.. و

اتكلم عن مسألة الإختيار من أولها.. فـ

قد أنزل صاحب المُلك والملكوت.. رب العرش العظيم.. ﴿اللَّـهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ﴾

﴿الرعد: ٢﴾

إله الأولين ورب الآخرين ومالك يوم الدين..إلآهُنا وربنا وواجدنا وخالقنا ومنشؤنا ومالكنا ورازقنا أنزل بواسطة أمين السماء جبريل -عليه السلام -على قلب محمد الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- أمين السماء والأرض على وحي ربه قرآنا يتلى فنطق القرآن الكريم يقول :

﴿ » إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ « ﴾

﴿آل عمران: ٣٣﴾ ..

فاثبت محكم التنزيل قضية الإصطفاء.. وأحكم وحي رب العالمين مسألة الإختيار.. فـ

لنبدء بالإنسان الأول ".

١ . ١ . ] الإيجاد من عدم : ﴿ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ ﴾

﴿ ص: ٧١﴾

١ . ٢. ] تسوية هذا الإنسان الأول : ﴿ » فَإِذَا سَوَّيْتُهُ « ﴾

﴿ص: ٧٢﴾.

٣. ] نفخ الإله الكبير المتعال في هذا الإنسان الأول من روحه:

﴿ » وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي « ﴾

﴿ص: ٧٢﴾.

٤. ] يؤكد القرآن على قضية الخلق المحكم للإنسان الأول فيخبرنا القرآن المجيد عن رب العزة قوله:

﴿ » خَلَقْتُ بِيَدَيَّ « ﴾

﴿ص: ٧٥﴾ .

٥. ) ولأنه تميز الإنسان عن كافة المخلوقات التي أوجدها رب السموات والأض من عدم وخلقها من لا شئ وانشأها..

أقول: تميز الإنسان بــ

„ قواه العقليه ‟ فقد أمر سبحانه وتعالى ملآئكته فقال لهم :

﴿ » فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ « ﴾

﴿ص: ٧٢﴾

﴿ » فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ « ﴾

﴿ص: ٧٣﴾ .

فنفهم الأن يقينا معنى الحديث المروي :

٦.) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه وَسَلَّمَ :« خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ ».

ونترك الأن مسألة الخلاف في ضمير :" صورته " أهي تعود على اقرب مذكور لها أم تعود على صاحب العزة والملكوت دون تشبيه ؛ وقد قال عبدالعزيز بن عبدالله بن باز بأنه الضمير يعود على الله تعالى.. في مقدمة أثنى فيها على كتاب للتويجري رحمه الله .. ونتوقف هنا عن بقية البحث..

قضية خلق الإنسان الأول -جدك الأعلى وجدي الأول- تحتاج إلى استحضار دائم في الذهن البشري واستحضار قوي في العقل الإنساني ... لنعلم كيف نتصرف في هذا الكون وفقاً لهذه الآيات الكريمة السابقة الذكر في خلق الإنسان -جدي الأول-