[١٣] الْكِتَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ :« خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ »

[د. محمد الرمادي]

عن من نتحدث !!؟ ،
٢.) نتحدث عن المرأة التي جاء في صحيح مسلم :"عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ « أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا إِنَّ جِبْرِيلَ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ قَالَتْ فَقُلْتُ وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ . ».

[د. محمد الرمادي]

٣.) " عن من نتحدث !!؟ ،
عن المرأة التي تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر من الله عن طريق المنام وهي السيدة عائشة رضي الله عنها. وقد ثبت ذلك في صحيح البخاري ومسلم :

[د. محمد الرمادي]

3. 1. ) عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :

" أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ ثَلَاثَ لَيَالٍ ، يَجِيءُ بِكِ الْمَلَكُ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ .

وعند الترمذي في سننه :" (بَاب مِنْ فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا :عَنْ عَائِشَةَ أنَّ جِبْرِيلَ جَاءَ بِصُورَتِهَا فِي خِرْقَةِ حَرِيرٍ خَضْرَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :" إِنَّ هَذِهِ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ". قال أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ،وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُرْسَلًا .

وعند الترمذي ايضاً : فَقَالَ لِي : هَذِهِ امْرَأَتُكَ ، فَكَشَفْتُ عَنْ وَجْهِكِ الثَّوْبَ ، فَإِذَا أَنْتِ هِيَ ، فَقُلْتُ : إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .

[د. محمد الرمادي]

خطبة جمعة 24 شوال 1437~29 7 2016

مقدمة:

الحمدُ للهِ منزلِ النعم؛ سابغِ علىٰ خلقه الكرم؛ مخففِ برحمته ودعائِكم الألم؛ رافعِ بفضله النقم؛ يعافي بقدرته السقم؛ الوهابِ المنان ذي الجلال والإكرام؛ والأفضال العظام.

والحمدُ للهِ الذي خلقنا من نسل مَن سجدت له الملآئكة -آدم- تكريماً لفضله وتفضيلاً لعقله؛ فـ الحمدُ لله علىٰ نعمةِ الخلق والإيجاد؛ ثم الحمدُ لله علىٰ نعمةِ العقل والإدراك؛ ثم الحمدُ لله علىٰ نعمة الإسلام والإيمان؛ فالحمد لله الذي جعلنا من المسلمين الموحدين العابدين الصائمين .

وأشهدُ أنه هو الإلهُ الواحد الأحد؛ الفردُ الصمد؛ الذي ليس له صاحبةً ولا ولد؛ تعالى ربنا في سماه وتقدست اسماه عن الشبيه والمثيل والشريك والوالد والوليد؛ فليس له وزير ولا معين ولا مشير: ﴿ شَهِدَ اللَّـهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ * لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ ﴿آل عمران: ١٨﴾

والحمدُ لله الذي أرسل فينا صاحبَ الوجهِ الأنور؛ والجبينِ الأزهر؛ الذي شقَّ له القمر؛ وناداه الحجر؛ وسلم عليه الشجر؛ والشفيعِ المشفع يوم المحشر
﴿ يَا أَيُّهَا (١)النَّبِيُّ إِنَّا (٢) أَرْسَلْنَاكَ (٣) شَاهِدًا وَ(٤) مُبَشِّرًا وَ(٥) نَذِيرًا ﴿الأحزاب: ٤٥﴾ وَ (٦) دَاعِيًا إِلَى اللَّـهِ بِإِذْنِهِ وَ(٧) سِرَاجًا مُّنِيرًا ﴾ ﴿ الأحزاب: ٤٦﴾
فنشهد أنك بلغت الرسالة؛ وأديت الأمانة؛ ونصحت الأمة؛ وكشفت الغمة؛ وَتَرَكَتنَا عَلَىٰ الْمَحَجَّةِ الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا إلَّا هَالِكٌ .فاللهم صلي وسلم وبارك وأنعم على سيدِنا وقدوتِنا وإمامِنا ورسولنا وشفعينا محمد بن عبدالله النبي المكي القرشي العدناني ثم المدني عليه وعلى آله وصحبه واتباعه ومن تمسك بهديه والتزم سنته؛ وسار على طريقته إلى يوم يبعثون.
أما بعدُ

[د. محمد الرمادي]

الخطبة الأولىٰ:
ما كادت تنتهي شعائر صلاة يوم الجمعة 17 من شوال لعام 1437~ 22 يوليو 2016 وتحدثنا عما يجري علىٰ أرض العرب وفي بلاد الغرب من مظاهر إرهابية منظمة، وقلنا إننا نبحث عن نموذجٍ صالح لنقدمه .. فتكلمنا بإختصار عن نموذج أم المؤمنين خديجة بنت خويلد وأم المؤمنين عائشة بنت ابي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما... حتىٰ فاجئتنا أنباء تخبرنا بأن ثلاثة رجال يعتدون علىٰ ناس في مطعم للأكلات السريعة في ميونخ بجمهورية ألمانيا الإتحادية الشقيقة الكبرىٰ لجمهورية النمسا بعدها عرفنا أنه شاب واحد ألماني من أصول إيرانية؛ ( متأثر بالعنصرية الفارسية كارها العرب والأتراك) .. أمه امرأة المانية ... ثم تلاحقت الأحداث فقتل في الرابع والعشرين من يوليو 2016، شابٌ سوري عمره 21 سنة امرأةً في الخمسين من عمرها؛ وإن القاتل من أصول كردية أقام علاقة عاطفية مع الضحية؛ ثم اللاجئ السوري محمد دليل الذي فجّر نفسه الأحد 24 يوليو 2016 أمام مدخل مهرجان موسيقي بولاية بافاريا الألمانية؛ ثم شاب لم يتجاوز التاسعة عشرة من عمره يقتحم كنيسة يوم الثلاثاء الماضي واحتجاز خمسة أشخاص، بينهم راهبتان وقس، وذبح كاهنا تجاوز الثمانين من عمره في كنيسة بشمال فرنسا.. رئيس الوزراء مانويل فالس عبر عن صدمته من "الاعتداء الهمجي" وكتب على صفحته على موقع "تويتر": "فرنسا بكاملها وكل الكاثوليك (!!!) تحت الصدمة في مواجهة الاعتداء الهمجي على الكنيسة" .
ثم حُرق مسجد في مدينة تولوز يوم الخميس:28. 07. 2016 .. منذ يناير العام الماضي قام الإرهابيون بـ ١٦ عملية في فرنسا .. وأربع عمليات في ألمانيا خلال ستة أيام فقط .. بالإضافة لما يجري على أرض الكنانة والعراق سوريا اليمن ليبيا.. البشر فوق المعمورة يقف على سطح صفيح ساخن.

[د. محمد الرمادي]

ولنا أن نتساءل : كيف نحقق عملياً ونطبق منهجياً قول مَن رفع السموات بغير عمد نراها :" وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴿الأنبياء: ١٠٧﴾".
وهذا لــ كل عالم ..كافة للعالمين .. هذا أولاً..
ولقد أمرنا مَن تعالى في سماه وتقدست اسماه كما جاء في سورة البقرة :"وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا "﴿البقرة: ٨٣﴾
ثم خصَّ ؛ إذ هذا للناس كافة . وهذا ثانية
فإذا أمرنا أن نقول للناس حسناً فمن باب أولى أن لا نرهب الآخرين؛ ولا نخوف الآخرين. اسمع إليه وهو يقول :« ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِــ «١.»الْحِكْمَةِ وَ «٢.»الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ «٣.»جَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ». ﴿النحل: ١٢٥﴾.

ثم خصَّ وهذا لمن ليسوا مِن المسلمين . ثالثاً..
ثم خصَّ استمع إليه وهو يقول يخاطب نبيه ورسوله عليه السلام :"
فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ «١.» فَظًّا «٢.»غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ «٣.» فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴿آل عمران: ١٥٩﴾

ونتساءل مرة ثانية : أين هدي النبي الرسول المصطفى المحتبى المجتبى المرتضى : محمد بن عبدالله !!! صلوات الله وسلامه عليه وآله .

[د. محمد الرمادي]

هذه نصوص قطعية الثبوت -قرآن كريم؛ وذكر حكيم- وقطعية الدلالة-لا تحتمل أكثر من معنى؛ فــ أين هدي النبي الرسول المصطفى المحتبى المجتبى المرتضى : محمد بن عبدالله !!! صلوات الله وسلامه عليه وآله . اسمع إليه :
« ١. » في صحيح البخاري :"عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الْيَهُودَ: « جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ » ؛ إلى أين جاءوا :
- أجاؤوا إلى بيته (!!؟)؛ بيت النبي كان غرفة لعائشة وآخرى لحفصة وثالثة لأم سلمة ورابعة لصفية رضي الله تعالى عنهن؛ وهذا لن يكون .
- أجلس معهم في الطريق العام(!!)؛ وهذا لن يكون،
- إذا : الْيَهُودُ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مسجده بمدينته المنورة طيَّبَ الله ثراها بمرقده.
ـــــــــــــــــــــ
بقية الحديث كما جاء عند البخاري في صحيحه: «..فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ فَقَالُوا نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ قَالَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ سَلَامٍ كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فَقَالَ لَهُ عَبْدُاللَّهِ بْنُ سَلَامٍ ارْفَعْ يَدَكَ فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ قَالُوا صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ .». (صحيح البخاري)
ــــــــــــــــ

[د. محمد الرمادي]

«٢.» :"وَفِي الْحَدِيثِ : "إِنَّ أَحْبَارَ الْيَهُودِ اجْتَمَعُوا فِي بَيْتِ الْمِدْرَاسِ ،وعند البخاري وفي السياسة الشرعية لابن الجوزية:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَىٰ الْيَهُودِ بَيْتَ مِدْرَاسِهِمْ".
ــــــــــــ".

[د. محمد الرمادي]

«٣.» وفي السيرة عند ابن اسحاق :" النبي الرسول محمد استقبل وفد نصارى نجران: " ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ وَفْدَ نَصَارَى نَجْرَانَ كَانُوا سِتِّينَ رَاكِبًا (اثبت هذا ابن كثير في البداية والنهاية) من كبار رجال الكنيسة؛ استقبلهم في مسجده وهم بلباس الكهنوت وعلى صدورهم صلبان كبيرة؛ ثم جاء وقت صلاتهم فصلوا في المسجد النبوي بالمدينة المنورة:" وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّهُمْ لَمَّا دَخَلُوا الْمَسْجِدَ النَّبَوِيَّ (سنة ثمان من الهجرة المشرفة) دَخَلُوا فِي تَجَمُّلٍ وَثِيَابٍ حِسَانٍ، وَقَدْ حَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَقَامُوا يُصَلُّونَ إِلَى الْمَشْرِقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" دَعُوهُمْ.".( ابن كثير في بدايته وتفسيره لسورة آل عمران).
ـــــــــــــ

[د. محمد الرمادي]

هذا جانب من الحياة العامة التي كانت تسود مدينة المصطفى؛ وهكذا تظهر الصورة بوضوح بين الرجل الأول في المدينة المنورة -وهو نموذج لنا- وبين (غير) المسلمين.