[١٣] الْكِتَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ :« خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ »

[د. محمد الرمادي]

صفحة (54) فقرة 532

الخطوط العريضة لخطبة جمعة ٩ ذو القعدة ١٤٣٧~١٢. أغسطس ٢٠١٦

الحمدُللهِ منزلِ النعم؛ سابغِ علىٰ خلقه الكرم؛ مخففِ برحمته ودعائِكم الألم؛ رافعِ بفضله النقم؛ يعافي بقدرته السقم؛ الوهابِ المنان ذي الجلال والإكرام؛ والأفضال العظام.
والحمد لله الذي أحيا بذكره قلوب عباده الصالحين، فقاموا لإحياء علوم هذا الدين؛

فـالحمدُ للهِ الذي خلقنا من نسل مَن سجدت له الملآئكة -آدم- تكريماً لفضله وتفضيلاً لعقله؛ فـ الحمدُ لله علىٰ نعمةِ الخلق والإيجاد؛ ثم الحمدُلله علىٰ نعمةِ العقل والإدراك؛ ثم الحمدُ لله علىٰ نعمة الإسلام والإيمان؛ فالحمدلله الذي جعلنا من المسلمين الموحدين العابدين .

وأشهدُ أنه هو الإلهُ الواحدالأحد؛ الفردُ الصمد؛ الذي ليس له صاحبةً ولا ولد؛ تعالى ربنا في سماه وتقدست اسماه عن الشبيه والمثيل والشريك والوالد والوليد؛ فليس له وزير ولا معين ولامشير: ﴿ شَهِدَ اللَّـهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ * لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ ﴿آل عمران: ١٨﴾
والحمدُ لله الذي أرسل فينا صاحبَ الوجهِ الأنور؛ والجبينِ الأزهر؛ والذي ما جلس على شئ إلا اخضر؛ الذي شقَّ له القمر؛ وناداه الشجر؛ وسلم عليه الحجر؛ والذي سجد له البعير؛ والشفيعِ المشفع يوم المحشر

﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّاأَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا﴾ ﴿الأحزاب: ٤٥﴾ ﴿ وَدَاعِيًا إِلَى اللَّـهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا ﴾﴿الأحزاب: ٤٦﴾
فنشهد أنك بلغت الرسالة؛ وأديت الأمانة؛ ونصحت الأمة؛ وكشفت الغمة؛

وَتَرَكَتنَا عَلَىٰ الْمَحَجَّةِ الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَايَزِيغُ عَنْهَا إلَّا هَالِكٌ .فاللهم صلي وسلم وبارك وأنعم على سيدِنا وقدوتِنا وإمامِنا ورسولنا وشفعينا محمد بن عبدالله النبي المكي القرشي العدناني ثم المدني عليه وعلى آله وصحبه واتباعه ومن تمسك بهديه والتزم سنته؛ وسارعلى طريقته إلى يوم يبعثون.
أما بعدُ!
مازلنا نقف بين التكليف الأول لخير البريّة من ربّ الخلائق والرعيّة :«اقرأ» وبين خُلُقِ الحبيب المصطفى المهتدى المرتضى المجتبى المحتبى في :"بَيَانِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَعَالِيهَا الَّتِي مَنْ كَانَ مُتَخَلِّقًا بِهَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمُرُوءَةِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ؛ ولكننا لا يصح أن نقتصر على أمر كالخُلُق ونهمل أمرا آخرا؛ إذ أن الآية الكريمة تقول :«وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلَّا لِيَعْبُدُونِ» فاستشهد بها ابن تيمية ثم قال:" عِبَادَةُ اللَّهِ تَتَضَمَّنُ " «١» مَعْرِفَتَهُ؛ وَ «٢.» مَحَبَّتَهُ؛ وَ «٣.» الْخُضُوعَ لَهُ؛ بَلْ تَتَضَمَّنُ كُلَّ مَا «٤.» يُحِبُّهُ؛ وَ «٥.» يَرْضَاهُ".
(۱. ) حدثَنَا الرَّمَادِيُّ يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ مَنْصُورٍ، ثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ، أَنْبَأَ مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ كَرِيزٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ « إ ِنَّ اللَّهَ تَعَالَىٰ كَرِيمٌ يُحِبُّ مَعَالِيَ الْأَخْلَاقِ، وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا » . [هَذَا حديثٌ مُرْسَلٌ ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ؛ وفي السنن البيهقي]
(٢. ) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ :« إِنَّ اللَّهَ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ وَمَعَالِيَ الْأَخْلَاقِ ، وَيَبْغَضُ سَفْسَافَهَا».
وَكُلُّ هَذَا بِتَرْبِيَةِ النَّبِيِّ ﷺ الْمُرَبِّي الْكَامِلِ الْمُكَمَّلِ الَّذِي قَالَ:
(٣. ) « أَدَّبَنِي رَبِّي فَأَحْسَنَ تَأْدِيبِي ». [راجع المرقاة ؛ القاري ؛ كتاب الإيمان باب الإعتصام بالكتاب والسنة]
(٤. ) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ :«.إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ ».
( ٥. ) عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ : « الْبِرِّ »، وَ « الْإِثْمِ ». فَقَالَ: « الْبِرُّ : حُسْنُ الْخُلُقِ »، « وَالْإِثْمُ : مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ وَكَرِهْتَ أنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ». [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ].
( ٦. ) عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَاللَّهِ بْنَ أَبِي عُتْبَةَ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه يَقُولُ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ :« أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا ، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ ».[رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، وَمُسْلِمٌ].
ثم نأتي لخلاصة هذه المقدمة الطويلة :
(٧.) عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ :« إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ ».[رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ] .
نحن مازلنا نتحدث عن المؤسسات الفاعلة في المجتمع؛ وذكرنا منها
««١.»» مؤسسة الأمومة

و
««٢.»» مؤسسة الأبوة؛ منهما تتكون الأسرة الصغيرة الصالحة؛ وبالتالي بتعدد مثل هذ الأسر والعائلات تجد مجتمعاً صالحاً نظيفاً مباركا فيه؛ لكن المجتمع لا يتكون من افراد؛ لا ينبغي أن ننسى بقية المؤسسات الحامية والراعية والفاعلة لتلك الخلية الأولى واللبنة التي تقام عليها مجتمعات؛ بقية المؤسسات؛

ونستشهد بهذا القول :" وَلَمَّا كَانَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ ، لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْعُقُوبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِنَّ « اللَّهَ يَزَعُ بِالسُّلْطَانِ مَا لَا يَزَعُ بِالْقُرْآنِ »؛ فَإِقَامَةُ الْحُدُودِ وَاجِبَةٌ عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ . وَالْعُقُوبَةُ تَكُونُ عَلَى فِعْلٍ مُحَرَّمٍ ، أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ" [انظر:الطرق الحكمية؛ محمد بن أبي بكر الزرعي(ابن قيم الجوزية].
وَقَوْلِهِ ﷺ «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ».

نأتي إلى السنة العملية والطريقة المحمدية والمنهجية المصطفوية وتبيان الشريعة الإلهية:
( ٨.) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

«أ» : مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ضَرَبَ خَادِمًا قَطُّ، وَ

«ب»:لَا ضَرَبَ بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ إِلَّا أَنْ

«ج»: يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَا

«د»: نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ «ه» فَيَنْتَقِمَهُ مِنْ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ، فَإِذَا كَانَ

«و» لِلَّهِ انْتَقَمَ مِنْهُ، وَلَا

«ز»عَرَضَ لَهُ أَمْرَانِ إلَّا أَخذَ الَّذِي هُوَ «ح»: أَيْسَرُ حَتَّى يَكُونَ «ط» إِثْمًا، فَإِذَا كَانَ «ي»: إِثْمًا كَانَ أَبَعْدَ النَّاسِ مِنْهُ.[رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيح].

ويؤيد الجزء الأول ما رواه أنس بن مالك.

**

«١.»الأم .. الأب.. في قصة لا نستشهد بها ولكن نستأنس بذكرها؛ إذ يوجد عند العلماء ما يسمونه أنه مِن مِلَح التفسير وليس متين العلم :
" قصة ذلك الرجل الذي احضر ابنه لعمر رضي الله عنه يشتكيه، حيث قال الرجل:«هذا ابني عاقني»؛ فـ
سأل عمر الابن عن شكوى ابيه ؛ فـ
قال الولد :«لقد عاقني قبل ان أعوقه!!؛ فـ
قال عمر: كيف؟؛
فقال الولد : يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه ؟؛
قال : بلى ،
قال : فما هي يا أمير المؤمنين ؟؛
قال عمر : أن ينتقي«١.» أمه؛
ويحسن «٢.» اسمه ؛
ويعلّمه «٣.» الكتاب أي "القرآن " .
قال الولد : يا أمير المؤمنين إنّ أبي لم يفعل شيئًا من ذلك، أما

أمي فإنها «١.» زنجيّة كانت لمجوس؛ لم تحسن تربيتي؛
وقد سمّاني«٢.» جُعْلاً ؛ أي " خنفساء "؛
ولم يعلّمني من «٣.» الكتاب حرفاً واحداً.
ولم «٤.» ينهني عن جلساء السوء. فـ
سأل عمر الوالد فاعترف، فقال عمر للاب: جئت إليّ تشكو عقوق ابنك وقد :«١.» عققته قبل أن يعقّك، و::«٢.» أسأت إليه قبل أن يسيء إليك.( تربية الأولاد في الإسلام – 1 / 127 ، 128 ) .

[د. محمد الرمادي]

يا رسولَ اللَّهِ قَد عَلِمنا ما حَقَّ الوالِدِ علَى الوَلَدِ فما حَقُّ الوَلَدِ علَى الوالِدِ !!!!

[د. محمد الرمادي]

﴿الخطوط العريضة لخطبة جمعة :" ١٦ ذو القعدة ١٤٣٦~١٩. أغسطس ٢٠١٦﴾

[د. محمد الرمادي]

﴿الخطوط العريضة لخطبة جمعة :" ١٦ ذو القعدة ١٤٣٦~١٩. اغسطس ٢٠١٦﴾

منتديات بنات مصر : ص: 54؛ فقرة 535.

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾

[آيَةُ 43 ؛ سُورَةُ : الْأَعْرَافِ]

فالحمد لله حمد الشاكرين؛ ونشكره شكر العارفين؛ ونثني عليه ثناء العابدين ؛ ونعبده عبادة الطائعين الخانعين المستسلمين لقضاءه والعارفين قدره ومقداره ﴿ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾

[آيَةُ : 83 ؛ سُورَةُ :. المائدة. ]

﴿ رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ الشَّاهِدِينَ ﴾

[آيَةُ: ١٩٣؛ سُورَةُ :. آل عمران]

﴿ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾

[آيَةُ : ٥٣ ؛ سُورَةُ : آل عمران]

﴿ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [آيَةُ : ٤٠ ؛ سُورَةُ : الأحزاب]

وجاء عند صحيح البخاري :"مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فَأَجَبْنَاهُ وَاتَّبَعْنَاهُ " [البخاري كتاب الإيمان]

فنشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ولا ند ولا مثيل ولا وزير ولا معين ولا مشير له ولا صاحبةَ ولا ولد له؛ ونشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله وحبيبه، بلغ الرسالة وآدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الغمة وجاهد في سبيل الله حق جهاده؛ حتى آتاه اليقين ونحن على ذلك من الشاهدين العاملين، المتمسكين بهديه والسالكين سبله، وصلي اللهم عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على طريقته من التابعين؛

ومَن جاء من بعدهم .. آمين.

معاشر السادة أهل الإسلام!

في أَعْظَمِ جَبَلٍ بِـ «" مَدْ يَنَ"».؛.يُقَالُ لَهُ «" زُبَيْرٌ "».نطق القرآن فقال : ﴿ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا ﴾﴿ وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ﴾﴿ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ﴾ ﴿ قَالَ لَن تَرَانِي ﴾ ﴿ وَلَـٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ ﴾ ﴿ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ ﴾﴿ فَسَوْفَ تَرَانِي ﴿ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا ﴾ ﴿ وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ﴾﴿ فَلَمَّا أَفَاقَ ﴾﴿ قَالَ سُبْحَانَكَ ﴾﴿ تُبْتُ إِلَيْكَ ﴾﴿ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[آيَةُ : ١٤٣ ؛ سُورَةُ: الأعراف]

سبحانك سبحانك تبنا إليك وإنا أول المسلمين .

أخي الكريم !.. أختي العزيزة العفيفة !

المسلمون يقفون بين أول تكليف جاء من رب الأولين وآله الآخرين خالق الجن والأنس والمخلوقات أجمعين ومالك يوم الدين؛ مُدخلِ المؤمنين العابدين الحامدين الشاكرين برحمته تفضلاً منه جنة عرضها السموات والأرض؛ اعدت للمتقين.. بين أول تكليف نزل بواسطة أمين السماء الملك جبريل عليه السلام على قلب أمين السماء والأرض محمد بن عبدالله عليه من الله تعالى الصلاة والسلام؛ وأول زخات الوحي الشريف :﴿ بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ ﴾ ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [آيَةُ: ١؛سُورَةُ: العلق]... ﴿ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴾ [آيَةُ : ٣؛ سُورَةُ: العلق]. ثم قال خالقنا ورازقنا ومحيينا :"وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [آيَةُ: ١١٤؛ سُورَةُ: طه] ... بين آية العلق وبين آخر ما نزل من الذكر الحكيم والقرآن الكريم : ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾[آيَةُ:281؛ سُورَةُ: البقرة]....هَذِهِ الْآيَةُ أَيْضًا آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ مِنَ الْقُرْآنِ. .. بينهما قال مولانا تعالىٰ في سماه وتقدست اسماه :". ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [آيَةُ: ٤ ؛ سُورَةُ: القلم]..... بيد أنه يوجد سياق في نزول الوحي الكريم؛ والذكر الحكيم والقرآن العظيم.. من ضمن هذا السياق ما جاء في سورة الأحزاب: وكي نفهم ما جاء في آية: ( ٧٢ ) الأحزاب ... نقسمها إلى مقاطع ومشاهد:"

﴿ إِنَّا "١"عَرَضْنَا ﴾﴿ "٢"الْأَمَانَةَ ﴾ عَلَى ﴿ "١"السَّمَاوَاتِ ﴾ وَ﴿ "٢"الْأَرْضِ ﴾ وَ﴿ "٣"الْجِبَالِ ﴾ فَـ ﴿ "١"أَبَيْنَ ﴾ أَن يَحْمِلْنَهَا وَ﴿ "٢"أَشْفَقْنَ ﴾ مِنْهَا وَ﴿ "١"حَمَلَهَا الْإِنسَانُ ﴾ إِنَّهُ كَانَ ﴿ "٢"ظَلُومًا ﴾﴿ "٣"جَهُولًا ﴾ [آيَةُ: ٧٢؛ سُورَةُ: الأحزاب] .

ووفق هذا السياق يأتي الأمر الثاني؛ ونقسمه إلى مشاهد حين يقول تعالىٰ :﴿ وَإِذْ ﴿ "١"قَالَ رَبُّكَ ﴾ ﴿ "١"لِلْمَلَائِكَةِ ﴾ إِنِّي ﴿ "١"جَاعِلٌ ﴾ فِي الْأَرْضِ ﴿ "١"خَلِيفَةً ﴾قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن﴿ يُفْسِدُ ﴾ فِيهَا ﴿ وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ﴾ وَنَحْنُ ﴿ نُسَبِّحُ ﴾ بِحَمْدِكَ وَ﴿ نُقَدِّسُ ﴾ لَكَ قَالَ إِنِّي ﴿ أَعْلَمُ ﴾ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [آيَةُ : ٣٠ ؛ سُورَةُ : البقرة: ]

ولكي نفهم هذه الخلافة اسمع إليه وهو يقول : ﴿ يَا دَاوُودُ ﴿ "١" إِنَّا جَعَلْنَاكَ ﴿ "١"خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ ﴾ ﴿ فَـ "١"احْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ﴾ ﴿ وَ"٢"لَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ ﴾ ﴿ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ ﴾ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ﴾ ﴿ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾ [آيَةُ: ٢٦؛ سُورَةُ: ص]

لنقف عند الأمانة

1.):"الأمانةُ عرفت بـ "الـ"؛ فهي ليست نكرة.:"ولُبَابُهُا فِي عَشْرَةِ أَقْوَالٍ :

«١».الْأَوَّلُ: "قيل" أَنَّهَا «"الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ"»؛

«٢».و الثَّانِي: "قيل" أَنَّهَا «" الْفَرَائِضُ "»؛

«٣».و الثَّالِثُ: "قيل" أَنَّهَا «" أَمَانَةُ الْفَرْجِ عِنْدَ الْمَرْأَةِ "»؛

«٤».و الرَّابِعُ: "قيل" أَنَّ اللَّهَ «"وَضَعَ الرَّحِمَ عِنْدَ آدَمَ أَمَانَةً"»؛

«٥».و الْخَامِسُ: "قيل" أَنَّهَا «" الْخِلَافَةُ "»؛

«٦».والسَّادِسُ : "قيل" أَنَّهَا «" الْجَنَابَةُ وَالصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ "»؛

«٧».و السَّابِعُ : "قيل" أَنَّهَا «" أَمَانَةُ آدَمَ قَابِيلَ عَلَى أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، فَقَتَلَ قَابِيلُ هَابِيلَ "»؛

«٨».و الثَّامِنُ: "قيل" أَنَّهَا «" وَدَائِعُ النَّاسِ "»؛

«٩».و التَّاسِعُ: "قيل" أَنَّهَا «" الطَّاعَةُ "»؛

«١٠».و الْعَاشِرُ: "قيل" أَنَّهَا «" التَّوْحِيدُ "».

وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا مُتَقَارِبَةٌ، تَرْجِعُ إلَى قِسْمَيْنِ:

«١».".أَحَدُهُمَا : التَّوْحِيدُ : فَإِنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَ الْعَبْدِ، وَخَفِيَ فِي الْقَلْبِ، لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ المصطفى والرسول المجتبى والحبيب المرتضى والخليل المحتبى صاحب القول الفصل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «"إنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أُنَقِّبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ ولا أشُقَّ بطونَهم"» [رواه مسلم في صحيحه].

«٢».".ثَانِيهِمَا : قِسْمُ الْعَمَلِ :

وَهُوَ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الشَّرِيعَةِ، وَكُلُّهَا أَمَانَةٌ تَخْتَصُّ بِتَأْكِيدِ الِاسْمِ فِيهَا . "

[د. محمد الرمادي]

نهاية الخطبة الأولى :

"عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا أَبَا عَبَّاسٍ أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ ﴾ [آيَةُ٢٩؛ سُورَةُ: الدخان].... فَهَلْ تَبْكِي السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ عَلَى أَحَدٍ ؟.

قَالَ : نَعَمْ؛ إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْخَلَائِقِ إِلَّا لَهُ بَابٌ فِي السَّمَاءِ مِنْهُ يَنْزِلُ رِزْقُهُ، وَفِيهِ يَصْعَدُ عَمَلُهُ، فَإِذَا مَاتَ الْمُؤْمِنُ فَأُغْلِقَ بَابُهُ مِنَ السَّمَاءِ الَّذِي كَانَ يَصْعَدُ فِيهِ عَمَلُهُ، وَيَنْزِلُ مِنْهُ رِزْقُهُ، بَكَى عَلَيْهِ؛

وَإِذَا فَقَدَهُ مُصَلَّاهُ مِنَ الْأَرْضِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّي فِيهَا، وَيَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا بَكَتْ عَلَيْهِ،

وَإِنَّ قَوْمَ فِرْعَوْنَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ آثَارٌ صَالِحَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ مِنْهُمْ خَيْرٌ، قَالَ : فَلَمْ تَبْكِ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ . ".

[د. محمد الرمادي]

الخطبة الثانية :

يوجد: 1.) نمط غربي في التفكير؛ كما يوجد : 2.) نمط عربي في التفكير"؛ والواقع اليوم أن العرب بتخلفهم والغرب بتقدمهم يستخدمون نفس الأدوات والآلات والماكينات؛ ولكن ومنذ أكثر من قرن من الزمان لم يُقدم العرب أو المسلمون منتجا علمياً نافعاً للبشرية؛ بل هم عالة على مصانع الغرب ثم انضمت مصانع الصين وتيوان.. ثم كثرت الخرافات والخزعبلات والحديث عن الغيبيات بتوسع ملفت للنظرثم جاءت ثالثة الأسافي :"الكذب على رسول الله" بأحاديث تنسب إليه زورا وبهتانا ما أنزلها الله تعالى وحيا على عبده ورسوله.. فصار الأنسي إما مسكون بجني أو صارت الإنسية "مخاوية" جني.. ثم انتشرت مؤخرا عبر شبكات التواصل الاجتماعي: أحاديث عن البطيخ أو الحَبْحَب، فما مدى صحة الأحاديث التالية:

تناقل رواد الفيس بوك جهلاً واستوطن وعمَّ البلاء فانتشر بين الصغار والكبار فقد قيل:

(١): عليكم بالبطيخ؛ فإن فيه "*"عشر خصال: هو "١"طعام، و"٢"شراب، و"٣"أشنان، و"٤"ريحان، و"٥"يغسل المثانة، و"٦"يغسل البطن، و"٧"يكثر ماء الظهر، و"٨"يقطع البرودة، و"٩"ينقي البشرة...

قلتُ :" ولم أجد الخصلة الأخيرة والعاشرة؛ وكأنها وصفات طبية وصيدلية متنقلة"

و انتشر (٢) عنه : تفكهوا بالبطيخ؛ فإنها "١"فاكهة الجنة، وفيها "٢"ألف بركة، و"٣"ألف رحمة، و"٤"أكلها شفاء من كل داء.

وجاء دور المرأة جهلا : (٣) قال رسول الله : ما من امرأة "*"حامل أكلت البطيخ، إلا يكون مولودها "١"حسن الوجه، و"٢"الخلق.

ويجئ طب تحت "بير" السلم: (٤) البطيخ قبل الطعام: قال رسول الله : البطيخ قبل الطعام "١"يغسل البطن غسلا، و"٢"يذهب بالداء أصلا.

ثم يدخل تحت آداب تناول الطعام: (٥) أدب أكل البطيخ: قال رسول الله : "١"عض البطيخ ولا تقطعها قطعا؛ فإنها فاكهة "١"مباركة طيبة، "٢"مطهرة الفم، "٣"مقدسة القلب، "٤"تبيض الأسنان، و"٥"ترضي الرحمن، "٦"ريحها من العنبر، و"٧"ماؤها من الكوثر، و"٨"لحمها من الفردوس، و"٩"لذتها من الجنة.

هذه الأحاديث ونحوها، كلها كذب على النبي ، موضوعة، لا يثبت شيء منها، ولا يجوز التحديث به إلا لبيان كذبه.

قال ابن القيم في المنار: وَمِنْ ذَلِكَ... أَحَادِيثُ مَدْحِ "١"الْعَدْسِ، وَ"٢"الأُرْزِ، وَ"٣"الْبَاقِلاءِ وَ"٤"الْبَاذِنْجَانِ وَ"٥"الرُّمَّانِ وَ"٦"الزَّبِيبِ وَ"٧"الْهَنْدِبَاءِ(نبات الهندباء البرية وتعرف أيضاً بجذور السريس والشيكوريا؛ تسمى في السودان الموليتة) وَ"٨"الْكُرَّاثِ، وَ"٩"الْبَطِّيخِ وَ"١٠"الْجَزَرِ وَ"١١"الْجُبْنِ وَ"١٢"الْهَرِيسَةِ، وَفِيهَا جُزْءٌ كُلُّهُ كَذِبٌ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ. انتهى.

وقال السخاوي في المقاصد الحسنة: حَدِيث: الْبِطِّيخُ وَفَضَائِلُهُ، صنف فيه أبو عمرو النوقافي جزء، وأحاديثه باطلة، قال أبوالقاسم التيمي، فيما أجاب به أبا موسى المديني: لا تزيده كثرة الطرق إلا ضعفا، وقال النووي: إنه غير صحيح. انتهى.

وقال ابن الجوزي في الموضوعات: ولا يصح في فضل البطيخ شيء، إلا أن " رسول الله أكله.".

وما زاد الطين بلة: أن خطباء الشيعة -هداهم الله تعالى- أما " يكفرون البطيخ"؛ وإما يجعلون "البطيخ في النار" ... هذا لأنه لم يأخذ بالولاية.... ماذكرته مثال ..فهؤلاء أهل السنة ؛ وأولئك أهل الشيعة.. لذا ما يحدث على أرض دجلة والفرات؛ أو أرض الشام وما يجرى في أرض كنانة الله يمكننا بسهوله فهمه وإدراكه ... فهذا حال أمة :"أقرأ" ... وحال أمة :"رب زدني علماً"... والمخرج هو العود الحميد لكتاب ربنا تعالى في سماه وتقدست اسماه والتمسك بالسنة الصحيحة لسيد ولد آدم أجمعين المبعوث رحمة للعالمين ....

**

الدعاء:"..."

[د. محمد الرمادي]

الخطوط العريضة لخطبة جمعة ٢٣ من ذي القعدة ١٤٣٧ ~٢٦. أغسطس ٢٠١٦

[د. محمد الرمادي]

الخطوط العريضة لخطبة جمعة ٢٣ ذو القعدة ١٤٣٧ ~٢٦. أغسطس ٢٠١٦﴾

﴿ الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ﴾ ﴿ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ﴾﴿ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾[آيَةُ1؛سُورَةُ: الأنعام]

و ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا ﴾﴿ وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾[آيَةُ 43؛ سُورَةُ: الْأَعْرَافِ]

فالحمد لله حمد الشاكرين؛ ونشكره شكر العارفين؛ ونثني عليه ثناء العابدين ونعبده عبادة الطائعين فـ ﴿ الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ﴾[آيَةُ1؛سُورَةُ: الكهف].﴿ قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا [آيَةُ2؛سُورَةُ: الكهف].﴿ مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا﴾[آيَةُ: 3 ؛سُورَةُ:. الكهف]

﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا ﴾﴿ وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ ﴾﴿ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ ﴾﴿ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾[آيَةُ: 111 ؛سُورَةُ:. الإسراء]

﴿ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾[آيَةُ:83 ؛سُورَةُ:. المائدة. ]

﴿ رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ﴾﴿ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ﴾﴿ وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا ﴾﴿ وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ الشَّاهِدِينَ ﴾[آيَةُ: ١٩٣؛ سُورَةُ:. آل عمران]

﴿ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾[آيَةُ: ٥٣؛ سُورَةُ: آل عمران]

﴿ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ ﴾﴿ وَلَـٰكِن رَّسُولَ اللَّـهِ ﴾﴿ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ﴾﴿ وَكَانَ اللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾[آيَةُ: ٤٠؛ سُورَةُ: الأحزاب]

"مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فَأَجَبْنَاهُ وَاتَّبَعْنَاهُ " [البخاري كتاب الإيمان]

**

فنشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ولا ند ولا مثيل ولا وزير ولا معين ولا مشير ولا صاحبةَ ولا ولد له؛ إله الأولين ورب الآخرين ومالك يوم الدين، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، بلغ الرسالة وآدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الغمة وجاهد في سبيل الله حق جهاده؛ ونحن على ذلك من الشاهدين العاملين، المتمسكين بهديه والسالكين سبله، وصلي اللهم عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على طريقته من التابعين ومَن جاء من بعدهم .. آمين آمين .

[د. محمد الرمادي]

معاشر السادة أهل الإسلام!

في أَعْظَمِ جَبَلٍ بِـ «" مَدْيَنَ"».؛.يُقَالُ لَهُ «" زُبَيْرٌ "».نطق القرآن فقال : ﴿ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا ﴾﴿ وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ﴾﴿ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ﴾﴿ قَالَ لَن تَرَانِي ﴾ ﴿ وَلَـٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ ﴾ ﴿ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ ﴾ ﴿ فَسَوْفَ تَرَانِي ﴾﴿ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا ﴾ ﴿ وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ﴾﴿ فَلَمَّا أَفَاقَ ﴾ ﴿ قَالَ سُبْحَانَكَ ﴾ ﴿ تُبْتُ إِلَيْكَ ﴾ ﴿ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾[آيَةُ : ١٤٣ ؛ سُورَةُ: الأعراف]

سبحانك سبحانك

يَا مَنْ يَرَىٰ مَدَّ الْبَعُوضِ جَنَاحَهَا * * فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ الْبَهِيمِ الْأَلْيَلِ

وَيَرَى مَنَاطَ عُرُوقِهَا فِي نَحْرِهَا * * وَالْمْخُّ فِي تِلْكَ الْعِظَامِ النُّحَّلِ

ويرىٰ خَريرَ الدمِ في اوداجِها * * متنقلاً مِن مفصلٍ في مفصلِ

ويرىٰ وصول غِذَى الجَنينِ ببطنها * * في ظلمةِ الأحشاءِ بغير تَمَقُّلِ

ويرىٰ مكان الوطءِ من أَقدامها * * في سيرها وحثيثها المستعجل

ويرىٰ ويسمعُ حسَّ ما هو دونها * * في قاعِ بحر ٍ مظلمٍ مُتَهَوِّلِ

اُمْنُنْ عَلَيَّ بِتَوْبَةٍ تَمْحُو بِهَا ** مَا كَانَ مِنِّي فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ

هذا ما قاله أبو العلاء المعري قبل موته...

نكمل ما توقفنا عنده في جمعتنا السابقة؛ فـ

المسلمون ملتزمون بـ أول تكليفٍ جاء من رب الأولين؛ وآله الآخرين؛ خالق الجن والأنس والمخلوقات أجمعين؛ و مالك يوم الدين؛

مُدخلِ المؤمنين العابدين الحامدين الشاكرين برحمته تفضلاً منه جنةً عرضها السموات والأرض؛ اعدت للمتقين.. أول تكليف نزل بواسطة أمين السماء الملك جبريل عليه السلام

على قلب أمين السماء والأرض محمد بن عبدالله عليه من الله تعالى الصلاة والسلام؛ وأول زخات الوحي الشريف:

﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [آيَةُ: ١؛سُورَةُ: العلق]... إلى قوله..

﴿ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴾ [آيَةُ: ٣؛سُورَةُ: العلق].

فأوجب الخالق الرازق البارئ المصور علينا قراءة كتاب الكون المنثور المنشور مع قراءة الكتاب المسطور؛ ثم أتمم التكليف فـ قال خالقنا ورازقنا ومحيينا : ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [آيَةُ: ١١٤؛سُورَةُ: طه].

فـ المسلمون يقفون بين أولِ تكليفٍ جاء في آية العلق، وبين آخر ما نزل من الذكر الحكيم والقرآن الكريم؛ آخِر آيَةٍ نَزَلَتْ مِنَ الْقُرْآنِ: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ﴾ ﴿ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾[آيَةُ:281؛ سُورَةُ: البقرة]؛ و

بينهما ما يقرب من ثلاثةٍ وعشرين (٢٣) عاماً... وهو زمن البعثة المحمدية والرسالة المصطفوية..

المسلمون يقفون بين علم صحيح نافع يتعلمونه في الحياة الدنيا

كي يعبروا بـ حقيقة الموت وحياة البرزخ والنفخ والبعث والنشور والصراط والحساب إلى الحقيقة الخالدة...

وجاء سياق القرآن المجيد؛ فـ اثبت القرآن صفة ونعت رسول الإسلام : ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾[آيَةُ: ٤ ؛ سُورَةُ : القلم]؛ ؛ ثم اثبت القرآن نعت وصفة الرسول الخاتم وآخر الرسل ونهاية المبعوثين فقال : ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ ﴾ ﴿ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ ﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ ﴾ ﴿ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ﴾ ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ ﴾ ﴿ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ﴾ ﴿ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آيَةُ: 159؛سُورَةُ: آل عمران].

وهنا نتساءل :

" هل أنتَِ وأنا على خلق القرآن!!؟؟. " .

أو

" نسير على خلق السيد الجليل المبتعث بالقرآن كما جاء في سورة القلم !!؟؟".

أو

" أنتَِ وأنا كما جاء في سور آل عمران.

ومن ضمن هذا السياق ما جاء في سورة الأحزاب: وكي نفهم ما جاء في آية: ( ٧٢ ) الأحزاب نقسمها إلى مقاطع ومشاهد:" اسمع إلى السياق الأول (١):"

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا ﴾ ﴿ الْأَمَانَةَ ﴾ عَلَى ﴿ السَّمَاوَاتِ ﴾ وَ﴿ الْأَرْضِ ﴾ وَ﴿ الْجِبَالِ ﴾ فَـ ﴿ أَبَيْنَ ﴾ أَن يَحْمِلْنَهَا وَ﴿ أَشْفَقْنَ ﴾ مِنْهَا وَ﴿ حَمَلَهَا الْإِنسَانُ ﴾ إِنَّهُ كَانَ ﴿ ظَلُومًا ﴾ ﴿ جَهُولًا ﴾ [آيَةُ: ٧٢؛ سُورَةُ: الأحزاب].

وإني لأسألك ... أيها الأخ الكريم والأخت العزيزة ....

هل راجعت تفسير وتأويل هذه الآية الكريمة لتعرف مراد الحق تبارك وتعالى!!!؟.

ووفق هذا السياق يأتي السياق الثاني (٢):"؛ ونقسمه إلى مشاهد حين يقول تعالىٰ . :﴿ وَإِذْ ﴿ قَالَ رَبُّكَ ﴾ ﴿ لِلْمَلَائِكَةِ ﴾ إِنِّي ﴿ جَاعِلٌ ﴾ فِي الْأَرْضِ ﴿ خَلِيفَةً ﴾ [آيَةُ: ٣٠ ؛سُورَةُ: البقرة: ]

ولكي نفهم السياق الثاني (٢):" خلافة الإنسان على الأرض؛ اسمع إليه وهو يقول : ﴿ يَا دَاوُودُ ﴿ إِنَّا جَعَلْنَاكَ ﴿ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ ﴾ ﴿ فَـاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ﴾ ﴿ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ ﴾ [آيَةُ: ٢٦؛ سُورَةُ: ص]

ووقفنا في جمعتننا السابقة عند تعريف الأمانة؛

ونُذكر بها كي نربط السابق باللاحق:فـ لُبَابُهُا فِي عَشْرَةِ أَقْوَالٍ :

«١».الْأَوَّلُ:أَنَّهَا «الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ»؛ و

«٢».الثَّانِي: أَنَّهَا «الْفَرَائِضُ »؛ و

«٣».الثَّالِثُ:أَنَّهَا «أَمَانَةُ الْفَرْجِ عِنْدَ الْمَرْأَةِ »؛ و

«٤».الرَّابِعُ:أَنَّ اللَّهَ «وَضَعَ الرَّحِمَ عِنْدَ آدَمَ أَمَانَةً »؛ و

«٥». الْخَامِسُ: أَنَّهَا «الْخِلَافَةُ »؛ و

«٦». السَّادِسُ: أَنَّهَا «الْجَنَابَةُ وَالصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ »؛ و

«٧».السَّابِعُ:أَنَّهَا «أَمَانَةُ آدَمَ قَابِيلَ عَلَى أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، فَقَتَلَ قَابِيلُ هَابِيلَ »؛ و

«٨».الثَّامِنُ: أَنَّهَا «وَدَائِعُ النَّاسِ »؛ و

«٩».التَّاسِعُ: أَنَّهَا « الطَّاعَةُ »؛ و

«١٠».الْعَاشِرُ:أَنَّهَا «التَّوْحِيدُ ».

وَخلصنا من هَذِهِ الْأَقْوَالُ أنهَا تَرْجِعُ إلَى قِسْمَيْنِ:

«١.».أَحَدُهُمَا : التَّوْحِيدُ : فَإِنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَ الْعَبْدِ، وَخَفِيَ فِي الْقَلْبِ، لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّالمصطفىٰ والرسول المجتبىٰ والحبيب المرتضىٰ والخليل المحتبىٰ صاحب القول الفصل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «" إنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أُنَقِّبَ عَنْ : " قُلُوبِ النَّاسِ ولا " أشُقَّ بطونَهم"» [صحيح مسلم].

أما

«٢».".ثَانِيهِمَا : قِسْمُ الْعَمَلِ : وَهُوَ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الشَّرِيعَةِ، وَكُلُّهَا أَمَانَةٌ .

[د. محمد الرمادي]

السيد الجليل محمد صلوات الله تعالىٰ عليه وسلامه يقول : «" إنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أُنَقِّبَ عَنْ :" قُلُوبِ النَّاسِ ولا " أشُقَّ بطونَهم"».

ومع ذلك تجد الكثير منا يعتمد علىٰ : الفهلوة ؛ والنصاحة ؛ والشطارة، فـيقول آحدهم بلهجة عامية أنه "يفهما وهي طايره"؛ فيرد عليه الثاني فيقول "أما انا فأفهما قبل أن تطير". فيأتي ثالث؛ وكأن حاله يقول "أحنا إللي علمنا السمك العوم "؛ فيرد عليه رابع :" أحنا إللي دهنا الهواء دوكو" ... نصاحة وفهلوة .. لا علم ولا فقه ولا تعليم أو تدريس منهجي وفق الكتاب المنثور المنشور ولا وفق الكتاب المجيد المسطور ولا وفق السنة الصحيحة الطاهرة؛ ولا دين صحيح ولا رعاية شؤون وفق منهج سليم.. وهذا يعود إلىٰ ثلاثة أمور : ذلك المثلث الأسود :

«١». أَحَدِهُا : طريقة تلقي التعليم؛ و

«٢». ثَانِيهِا : كيفية عرض الدين؛ أما

«٣». ثَالثهِا : أسلوب الحكم؛ وتوصيل المعلومة من خلال وسائل الإعلام.

وفي السياق القرآني المحكم الكريم والذكر الحكيم خلال ٢٣ عاماً.. يأتي

(٣)السياق الثالث:" فـ نقرأ المشاهد التالية فيقول من علا في سماه وتقدست اسماه: ﴿ "١" وَمَا خَلَقْتُ "١" الْجِنَّ وَ"٢"الْإِنسَ ﴾ ﴿ إِلَّا " لِيَعْبُدُونِ " ﴾ ﴿الذاريات: ٥٦﴾؛ ثم يكمل الخالق الرازق البارئ المصور : فيحدد بقوله: ﴿ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ ﴾ ﴿ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ ﴾ ﴿الذاريات: ٥٧﴾ ثم تأتي الحقيقة الأزلية: ﴿ إِنَّ اللَّـهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ﴾ ﴿ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [آيَةُ:٥٨ ؛ سُورَةُ: الذاريات؛ ورقمها : ٥١].

نتوقف عند كلمة الخلق :﴿ " وَمَا خَلَقْتُ " ﴾

قبل الحديث عن مشاهد الآية يجب أن نؤكد على :

١.] الحقيقة الأزلية؛ الخالدة الباقية؛

٢.] الحقائق الكونية؛ والحياتية؛ والنباتية؛ والإنسانية،

٣.] الحقيقة القرآنية؛.

٤.] الحقائق العلمية . سواء أكان في مجال الإحياء أو الكيمياء الفيزياء؛ او الطب والصيدلة... وما شابه ذلك..

والأصل أن هذه الحقائق لا تتعارض مع بعضها البعض.

«١» : اسأل نفسك؛ بل نتساءل جميعاً :" كيف تعبد آلهً لا تعرفه حق المعرفة؛ وعين المعرفة؛ ويقين المعرفة!؟"؛

يوجد ما نسميه "

«١» العلم ؛

«٢» علم اليقين؛

«٣» حق اليقين؛

«٤» عين اليقين.؛.

اسمع إليه وهو يقول :

1. ] ﴿ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ﴾ [آيَةُ:٩٥؛ سُورَةُ: الواقعة]

2. ] ﴿ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ﴾ ﴿الحاقة: ٥١﴾

3.] ﴿ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ﴾ ﴿التكاثر: ٧﴾

«٢» بل ونتساءل :" كيف تتلقى الشريعة والمنهاج والهدي والطريقة؛ البرهان والحجج من نبي لا تعرفه عين المعرفة؛ أو حق المعرفة؛ أو يقين المعرفة!!...

**