[١٣] الْكِتَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ :« خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ »

[د. محمد الرمادي]

﴿ الخطوط العريضة لخطبة جمعة 23/ 09/ 2016"~ ٢١ من ذي الحجة ١٤٣٧ ه ﴾

[د. محمد الرمادي]

الحمد لله وحده هو رب العالمين؛ إله الأولين؛ ورب الآخرين؛ خالق الجن والإنس والمخلوقات أجمعين؛ رازق الإنسان والحيوان ومحيي النبات ﴿إِنَّ اللَّـهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَىٰ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَٰلِكُمُ اللَّـهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ﴾﴿الأنعام: ٩٥﴾؛ ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ ﴿البقرة: ١٦٤﴾

﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّـهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ ﴿النمل: ٨٨﴾

وهو مالك يوم الدين؛ برحمته وفضله وليس فقط بأعمالنا يدخلنا الجنة بسلام ؛

ونشرب شربة هنيئة من يد محمد سيد الأنام.. فنشهد أن لا إله إلا الله وحده ﴿ قُلِ اللَّـهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ ﴿آل عمران: ٢٦﴾... ونشهد أنه أرسل خاتم النبيين وآخر المرسلين وإمام الغر المحجلين الْهَادِي لِلْأُمَّةِ، الْكَاشِفِ لِلْغُمَّةِ، النَّاطِقِ بِالْحِكْمَةِ، الْمَبْعُوثِ بِالرَّحْمَةِ؛ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ صَلَاةً لَا يَنْتَهِي أَمَدُهَا، وَلَا يَنْقَطِعُ مَدَدُهَا، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ هَدَاهُمْ وَطَهَّرَهُمْ، وَبِصُحْبَتِهِ خَصَّهُمْ وَآثَرَهُمْ، وَسَلَّمَ كَثِيرًا .

جاءَ النبِيّـونَ بِالآيـاتِ فَاِنصَرَمَـت * * وَجِئتَنـا بِحَكيـمٍ غَيـرِ مُنصَـرِمِ

آياتُـهُ كُلَّمـا طـالَ المَـدى جُـدُدٌ * * يَزينُهُـنَّ جَـلالُ العِتـقِ وَالقِـدَمِ

وَبَعْدَ هَذَا

[د. محمد الرمادي]

وَبَعْدَ هَذَا!!
مازلنا في وسط تساؤلات ثلاثة؛ فقد تساءلنا من قبل :

«١» „ هل تعرف الله تعالى حقا وصدقا؛ كي تحسن عبادته‟
جاء فِي الصَّحِيحَيْنِ (البخاري ومسلم) عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَامَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ . فَقِيلَ لَهُ :

" تَفْعَلُ هَذَا؛ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ :!!؟...
فبماذا رد صاحب الوجه الأنور؛ والجبين الأزهر؛ الذي سلم عليه الحجر؛ وناداه الشجر؛ الشفيع المشفع يوم المحشر؛ والذي كلمته ذراع الشاة المطبوخة قائلة:" لا تأكلني فإنني مسمومة" ؛ أستمع إليه وهو يقول:

" فَقَالَ : أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا ؟".

وفي رواية عند البخاري :"سَمِعَ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ .

فَقَالَتْ عَائِشَةُ :

" لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ". قَالَ:

" أَفَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا "؛ " فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ ".

هذا الحديث فيه فقه ينبغي أن نعلمه؛ فما فقه هذا الحديث ؛ خاصةً الجزء الأخير من حديث رسول اللهﷺ.

وخرَّج البخاري عَنْ أم المؤمنين الحصان عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا أَمَرَهُمْ ... أَمَرَهُمْ مِنْ الْأَعْمَالِ بِمَا يُطِيقُونَ "؛

قَالُوا :" إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ".

فَيَغْضَبُ؛ حَتَّى يُعْرَفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ؛

ثم ماذا يقول:"

ثُمَّ يَقُولُ :" إِنَّ

(١.) أَتْقَاكُمْ ؛ وَ

(٢.) أَعْلَمَكُمْ " بِاللَّهِ أَنَا ".
قَوْلُهُ : " أَنَا أَعْلَمُكُمْ " هذه رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ ، وَهُوَ لَفْظُ الْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدَهُ البخاري فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ. وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ "أَعْرَفُكُمْ "...

فيكون قد أتتنا روايتان بثلاث ألفاظ:

(١.)"أَتْقَاكُمْ"؛

(٢.) :"أَعْلَمُكُمْ"؛

(٣.):"أَعْرَفُكُمْ".
وهنا ﴿أ.﴾ فائدة: أَنَّ الْإِيمَانَ بِالْقَوْلِ وَحْدَهُ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِانْضِمَامِ الِاعْتِقَادِ إِلَيْهِ وَالِاعْتِقَادُ فِعْلُ الْقَلْبِ. وَقَوْلُهُ :"بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ :" أَيْ : بِمَا اسْتَقَرَّ فِيهَا؛ لأن الإيمان هو :

"ما وقر في القلب وصدقه العمل ".
لماذا!؟؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ﷺ:

"أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ"؛ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْعِلْمَ بِاللَّهِ دَرَجَاتٌ، وَأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ، وَأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ مِنْهُ فِي أَعْلَى الدَّرَجَاتِ.
**

أخي المسلم .. أختي المسلمة..!!!

فعلى أي درجة من درجات معرفة الله تعالى تقف أنت؛ فهل تقف

بـ
﴿١.﴾ القرب من درجة رسول الله وهي درجة الصحابة؛ أم تقف

بـ
﴿٢.﴾ القرب من درجة الصحابة وهي درجة التابعين؛ أم تقف

بـ
﴿٣.﴾ القرب من درجة التابعين وهي درجة علماء الأمة المحمدية الراسخين في العلم؛ أم تقف

بـ
﴿٤.﴾ القرب من درجة العلماء وهي درجة الفقهاء؛ أم تقف

بـ
﴿٥.﴾ القرب من درجة الفقهاء؛ وهي درجة العارفين؛ أم تقف

بـ
﴿٦.﴾ القرب من درجة العارفين؛ وهي درجة طلاب العلم المريدين...

أم ليس لك درجة؛ ولا تعرف كيف تعبد ربك كما فعل : سيد المرسلين وخاتم النبيين وسيد ولد آدم أجمعين."
﴿ب.﴾ "فَائِدَةٌ :" عَنْ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَبِي الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيِّ: (419هـ (1028م) - 478هـ). وهو فقيه شافعي وأحد أبرز علماء الدين السنة عامةً والأشاعرة خاصة؛ أنه قال:
(أ.) أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى : (١.) وُجُوبِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَ:
(ب.)" اخْتَلَفُوا فِي أَوَّلِ وَاجِبٍ؛ والصَّوَابُ مَا ذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ :" أَوَّلَ وَاجِبٍ هُوَ :

(شَهَادَةُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهِ :

(أ) عِلْمًا وَ

(ب) عَمَلًا.
وَهِيَ :" أَوَّلُ شَيْءٍ دَعَا إِلَيْهِ الرُّسُلُ ، وَسَيِّدُهُمْ وَإِمَامُهُمْ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌﷺ أَوَّلُ شَيْءٍ دَعَا إِلَيْهِ أَنْ قَالَ لِقَوْمِهِ :

" قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا ".
جاء في سنن الدارقطني ومسند أحمد :
(1.)"عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ الْمُحَارِبِيِّ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ ، وَأَنَا فِي بَيَاعَةٍ لِي ... -هَكَذَا قَالَ -: أَبِيعُهَا فَمَرَّ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ وَهُوَ يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ:

"يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا : ( لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا )؛

وَرَجُلٌ يَتْبَعُهُ بِالْحِجَارَةِ قَدْ أَدْمَى كَعْبَيْهِ وَعُرْقُوبَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَا تُطِيعُوهُ؛ فَإِنَّهُ كَذَّابٌ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا ؟ فَقَالُوا: هَذَا غُلَامٌ بَنِي عَبْدِالْمُطَّلِبِ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا الَّذِي يَتْبَعُهُ يَرْمِيهِ ؟ قَالُوا : هَذَا عَمُّهُ عَبْدُالْعُزَّى وَهُوَ أَبُو لَهَبٍ"

***
نقف هنا عند سياق الوحي الذي استمر ثلاثة وعشرين عاما ... و

لنا أن نقول أن هذا هو الجزء الثاني من السياق الأول ... في مدة البعثة النبوية وفترة الرسالة المحمدية... أن السياق الأول بجزءه الأول هو :"أقرأ". .... قراءة :

(1.) الكتاب المنثور في الكون المنظور؛ وقراءة

( 2. ) الكتاب المسطور المحفوظ - بأمر من الله تعالى- بداخل الصدور..
و

أما الجزء الثاني من السياق الأول من بعثة الحبيب محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه وآله فهو:
(2.) :" لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَالَ لَهُ :" فَلْيَكُنْ أَوَّلُ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ

" شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ")؛

وَلِأَنَّ :" التَّوْحِيدَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : :

"وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ".

لذلك من الخطأ؛ وليس من السنة المحمدية وليس من الطريقة النبوية أن تتحدث مع مَن لا يؤمن بإله واحد فرد صمد لا صاحبة له ولد في المسائل الفرعية والجزئيات أولاً ... كـ

(1.) تحريم شرب الخمر؛ أو

(2.) تحريم أكل الخنزير؛ أو

(3.) تحريم الزنا أو

(4.) تحريم اللواط؛ أو

(5.) وجوب الصلاة خمس مرات في اليوم والليلة أو

(6.) صيام نهار رمضان أو

(7.) حج البيت أو

(8.) لبس الزي الإسلامي..

فهذه مسائل تصلح كمدخل إلى أن الآمر والناهي هو خالق الكون والإنسان والحياة والنبات والحيوان ... وأن هذه المسائل تبنى على التوحيد؛ وتبنى على قناعة أنها أوامر من الله تتبع على قاعدة التوحيد؛ ونواهي من الله عز وجل على اساس إفراده بالتشريع وإنفراده بالمنهاج.

**
أَنَّ أَوَّلَ وَاجِبٍ : خِطَابًا ؛ وَ مَقْصُودًا :" الْمَعْرِفَةُ "، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا)؛

و

" وَحَدِيثُ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ".

** ** ** ** **
تساءلنا من قبل: «٢»„ هل تعرف رسول الله تعالى حقا وصدقا؛ كي تحسن إتباع هديه‟

[ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَــ «١» اتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَ«٢» يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿آل عمران: ٣١﴾].

تساءلنا من قبل: «٣»„ فإذا كنت تعرف الله تعالى وتتبع رسوله؛ فهل تتبع ما نزل على رسوله وحيا بشقيه الكتاب العزيز الذكر الحكيم القرآن المجيد وسنته العطرة ‟ :

( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ ) ؛

لماذا بِدَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ هذه !!؟؛

اسمع إليه وهو يقول:
"١."يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَ

"٢."يُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَ

"٣."الْحِكْمَةَ وَ

"٤."يُزَكِّيهِمْ ...إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ﴿البقرة: ١٢٩﴾
ثم آية موضحة ومتممة:

( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ) ؛

لماذا يارب !!؟. اسمع إليه وهو يقول:
"١."يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَ

"٢."يُزَكِّيكُمْ وَ

"٣." يُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَ

"٤."الْحِكْمَةَ وَ

"٥." يُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ) ﴿البقرة: ١٥١﴾
ثم ماذا.. تأتينا الحقيقة الكونية البشرية؛ إذ يقول:
( وَاللَّـهُ :"١."أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ )؛

بأي صفةٍ ؛ وعلى اي حال أخرجتنا يا خالقنا ويا رازقنا من بطون أمهاتنا .. إسمع إليه وهو يقول :"
( "١."لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا ) ؛

ولكن بعد التخصيب والخلق والإنشاء والإيجاد والتكوين والإخراج من بطون الأمهات ؛ قال الخالق :

( وَ:" جَعَلَ لَكُمُ :

"١."السَّمْعَ وَ

:"٢."الْأَبْصَارَ وَ

:"٣."الْأَفْئِدَةَ لَــ :" عَلَّكُمْ "تَشْكُرُونَ﴿النحل: ٧٨﴾).
وهذه الثلاثة هي أدوات التلقي و وسائل التعليم ....

نتحدث الأن عن معنى العبادة ...

[د. محمد الرمادي]

﴿ الخطوط العريضة لخطبة جمعة ٣٠/ 09/ 2016"~ ٢٨ من ذي الحجة ١٤٣٧ ه ﴾

[د. محمد الرمادي]

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ،الَّذِي لَايَبْلُغُ وَصْفَ صِفَاتِهِ الْوَاصِفُونَ: ﴿فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ ﴿الشورى: ١١﴾

وَلَايُدْرِكُ كُنْهَ عَظَمَتِهِ الْمُتَفَكِّرُونَ: ﴿لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾﴿الأنعام: ١٠٣﴾

وَيُقِرُّ بِالْعَجْزِ عَنْ مَبْلَغِ قُدْرَتِهِ الْمُعْتَبِرُونَ: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾﴿الأنعام: ١٨﴾

الَّذِي أَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا وَعِلْمًا: ﴿إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَـٰنِ عَبْدًا﴾ ﴿لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا﴾ ﴿وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾ ﴿مريم:٩٣ -٩٥﴾

وَلَا يُحِيطُ خَلْقُهُ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ، خَضَعَتْ لَهُ الرِّقَابُ ، وَتَضَعْضَعَتْ لَهُ الصِّعَابُ ، أَمْرُهُ فِي كُلِّ مَا أَرَادَ مَاضٍ ، وَهُوَ بِكُلِّ مَا شَاءَ حَاكِمٌ قَاضٍ ، إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ :

كُنْ فَيَكُونُ .

وَرُوِيَ عَنِ الْعُتْبِيِّ قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّـهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّـهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّـهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ﴿النساء: ٦٤﴾ وَقَدْ جِئْتُكَ مُسْتَغْفِرًا مِنْ ذَنْبِي مُسْتَشْفِعًا بِكَ إِلَى رَبِّي .

ثُمَّ أَنْشَدَ يَقُولُ :

يَا خَيْرَ مَنْ دُفِنَتْ بِالْقَاعِ أَعْظُمُهُ ** فَطَابَ مَنْ طَيِّبِهِنَّ الْقَاعُ وَالْأَكَمُ

نَفْسِي الْفِدَاءُ لِقَبْرٍ أَنْتَ سَاكِنُهُ ** فِيهِ الْعَفَافُ ، وَفِيهِ الْجُودُ ، وَالْكَرَمُ

ثُمَّ انْصَرَفَ الْأَعْرَابِيُّ فَغَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ  فَقَالَ «: يَا عُتْبِيُّ ؛ الْحَقِ الْأَعْرَابِيَّ ، وَبِشِّرْهُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَهُ"»؛ وَ «" يَكُونُ فِي سَلَامِهِ مُسْتَقْبِلًا لَهُ لَا لِلْقِبْلَةِ ، ثُمَّ يَسْتَقْبِلُهَا "»، وَ«" يَجْعَلُ الْحُجْرَةَ عَنْ يَسَارِهِ ، وَيَدْعُو "»، وَفِي " الْمُسْتَوْعِبِ" وَغَيْرِهِ «" أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُهُ ، وَيَدْعُو"».

ــــــــــ

لدينا إشكال في هذا الحديث؛ أننا لا نأخذ المنهاج النبوي أو الشريعة المحمدية مِن أحلام الرجال ومنامات المسلمين.... فكما قال مالك بن أنس :

" كلٌ يأخذ منه ويرد إلا صاحب هذا المقام " وهذا خبرٌ جاءنا بعد أن أنتقل صاحب الهدي إلى الرفيق الأعلى؛ فليس لنا فيه حجة... فذكرناه ثم توقفنا في أخذه لهذه العلة.

ـــــــــ

يارب .. بارك في الرزق والثمرات

أرحم الأموات

اشف الأمراض

أحفظ الصبيان والبنات

وأحفظ الأهل والزوجات

أرزقنا الحلال وبارك لنا فيه وإن كان قليلاً

وابعد عنا الحرام وابعدنا عنه وإن كان كثيراً

واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ولا مثيل ولا معين ولا وزير ولا مشير له؛ ولا صاحبة ولا ولد له؛

إله الأولين ورب الآخرين مالك يوم الدين...

وأشهد أنه أرسل فينا الشفيع البشير النذير :﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴾ ﴿وَدَاعِيًا إِلَى اللَّـهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا ﴾ ﴿الأحزاب: ٤٥- ٤٦ ﴾.

قال لنبيه محمد : ﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف : آية 188].

جاءَ النبِيّـونَ بِالآيـاتِ فَاِنصَرَمَـت * * وَجِئتَنـا بِحَكيـمٍ غَيـرِ مُنصَـرِمِ

آياتُـهُ كُلَّمـا طـالَ المَـدى جُـدُدٌ * * يَزينُهُـنَّ جَـلالُ العِتـقِ وَالقِـدَمِ

أَمَّا بَعْدُ :

ما زلنا ندندن حول ثلاثة أسئلة ما برحنا نتحدث عنها:"

[د. محمد الرمادي]

أَمَّا بَعْدُ :

ما زلنا ندندن حول ثلاثة أسئلة ما برحنا نتحدث عنها:"

1.):"هل تعرف حقاً الإله الذي تعبده!!؟"

2.) :"هل تعرف النبي الرسول الأمي الذي تتبعه!!؟"

3.) :"هل تحسن قراءة وفهم وتأويل وتفسير الكتاب الذي أنزله الإله الذي تعبده على قلب النبي الرسول الأمي الذي تتبعه".

**

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ : قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ  وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، فَذَهَبَتْ بِي أُمِّي إلَيْهِ، فَقَالَتْ:

" يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ رِجَالَ الْأَنْصَارِ وَنِسَاءَهُمْ قَدْ أَتْحَفُوك، وَلَمْ أَجِدْ مَا أُتْحِفُك إلَّا ابْنِي هَذَا، فَاقْبَلْهُ مِنِّي يَخْدُمُك مَا شِئْت"،

قَالَ أَنَسِ:" فَخَدَمْت رَسُولَ اللَّهِ  عَشْرَ سِنِينَ، فَلَمْ :

(١.) يَضْرِبْنِي ضَرْبَةً قَطُّ،

وَلَمْ

(٢.) يَسُبَّنِي،

وَلَمْ

(٣.) يَعْبِسْ فِي وَجْهِي،

نقف هنا لنتساءل :"أنت تَخدم مَن!!؟؛

أو تخدم أي شئ!!؟. ".

أتُخدم على مالك!؟؟؛ أم مالك يُخدم عليك!

أتُخدم على أهلك!؟ أم اضعت الأهل والذرية!

﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ﴾ ﴿طه: ١٣٢﴾

أتُخدم على جسدك ليصبح قوياً قادراً على العبادة!!؟.. أم أهلكته في المتع الحرام والسهر على المسلسلات والأفلام

أتُخدم على عقلك!!؟. أم تهتم بالتافه من الأمور والحقير... ولا تنمي القدرات العقلية والمواهب الذهنية!

**

جاء آثرٌ لا يصح عن رسول الله:

" يا ابنَ آدمَ ! لا تزالُ قدمُك يومَ القيامةِ بينَ يديِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ حتَّى تُسألَ عن خمسٍ :

"١" عُمرِك فيما أفنيتَ؛ وعن

"٢" ثيابِك فيما أبليتَ ؛ و

جاء برواية :"٢" وجسَدِكَ فيما أبليتَه؛ وعن

"٣" مَالِك مِن أين اكتسبتَه؛ -وقال ابنُ حَمدانَ- كسبتَه وفيما

"٤" أنفقتَه؛ وما

"٥"عمِلتَ فيما علِمتَ:.

ــــــــــــــــــــ

التخريج: رواه: عبدالله بن مسعود؛ انظر: ابن عساكر؛ في: تاريخ دمشق :15 /316 ؛ الحديث: فيه حنش بن قيس قال مسلم:" منكر الحديث"؛ وقال النسائي:" ليس بثقة"؛ وقال ابن معين:" ضعيف"؛ وانظر أيضاً:" أبو نعيم؛ حلية الأولياء:8 /76؛ الحديث: تفرد به شقيق البلخي: وانظر ابن الجوزي؛ العلل المتناهية :2 /918 الحديث: لا يصح :" وعند: الذهبي؛ تاريخ الإسلام: 13 /231 الحديث:إسناده واه، ومعناه صحيح"؛ وعند: الذهبي؛ في: سير أعلام النبلاء: 9 /315: فيه أبوهاشم هو كثير: واه .).

**

ثم يكمل أنس بن مالك :"قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :

"يا بُنيَّ! إن قدَرتَ أن تُصبِحَ وتُمسيَ و ﴿ ليسَ في قلبِك غِشٌّ﴾ لأحدٍ فافعَل؛ ثمَّ قالَ لي يا بُنيَّ! وذلِك من سنَّتي؛ ومن أحيا سنَّتي فقد أحبَّني؛ ومن أحبَّني كانَ معي في الجنَّةِ".

ـــــــــــــــــــ

التخريج: رواه: أنس بن مالك؛ انظر: البوصيري؛ في :إتحاف الخيرة المهرة :7 /404؛ الحديث: سنده ضعيف. وانظر ايضاً: عند عبدالحق الإشبيلي في: الأحكام الشرعية الكبرى:1 /304؛ الحديث: فيه علي بن زيد؛ قال البخاري :"ذاهب الحديث وقد ضعفه جماعة كثيرة ".

**

نحن مازلنا وقوف تحت أضواء آية الذاريات 56:"﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ ﴿٥٦﴾ ﴿ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ ﴾﴿٥٧﴾﴿ إِنَّ اللَّـهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾﴿الذاريات: ٥٦- ٥٨﴾ .

**

خرَّجَ مسلم: عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ فِيمَا رَوَىٰ عَنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ أَنَّهُ قَالَ:

(١.) يَا عِبَادِي!!! إِنِّي حَرَّمْتُ (الظُّلْمَ) عَلَى نَفْسِي؛ وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا؛

(٢.)يَا عِبَادِي!!! كُلُّكُمْ (ضَالٌّ) إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ؛

(٣.) يَا عِبَادِي!!! كُلُّكُمْ (جَائِعٌ) إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ؛

(٤.)يَا عِبَادِي!!! كُلُّكُمْ (عَارٍ) إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ؛

(٥.)يَا عِبَادِي!!! إِنَّكُمْ (تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) وَأَنَاأَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ؛

(٦.)يَا عِبَادِي!!! إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا (ضَرِّي) فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا (نَفْعِي) فَتَنْفَعُونِي؛

(٧.)يَا عِبَادِي!!! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَىٰ(أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ) مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا؛

(٨.)يَا عِبَادِي!!! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَىٰ(أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ) مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا؛

(٩.)يَا عِبَادِي!!! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَـ (سَأَلُونِي) فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ؛

(١٠.)يَا عِبَادِي!!! إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ (أُحْصِيهَا) لَكُمْ ثُمَّ (أُوَفِّيكُمْ) إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ" ......

قَالَ سَعِيدٌ كَانَ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ (يعني بـرَك علىٰ ركبتيه من شدة وهول هذا الحديث). واللَّفْظُ لأَبِي نُعَيْمٍ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ.

**

(٤.) وَمَعْنَى الْعِبَادَةِ فِي اللُّغَةِ:

أَصْلُ الْعُبُودِيَّةِ:

« ١. » الْخُضُوعُ؛ وَ

« ٢. » الذُّلُّ. وَالتَّعْبِيدُ التَّذْلِيلُ؛ فَمَعْنَىٰ لِيَعْبُدُونِ "التَّذَلُّلُ يُقَالُ: طَرِيقٌ مُعَبَّدٌ. وَالْعِبَادَةُ هي

« ٣. » الطَّاعَةُ، وَالتَّعَبُّدُ التَّنَسُّكُ.

وَ « ٤. » الِانْقِيَادُ، فَكُلُّ مَخْلُوقٌ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ خَاضِعٌ لِــ « ١. » قَضَاءِ اللَّهِ، مُتَذَلِّلٌ لِـ « ٢. » مَشِيئَتِهِ لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ لِنَفْسِهِ خُرُوجًا عَمَّا خُلِقَ عَلَيْهِ.

(٤. ١.) وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَيْ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا:" لِآمُرَهُمْ بِالْعِبَادَةِ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى«وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا» . [التَّوْبَةِ - 31].

وَيزيدُ عِكْرِمَةُ (٤. ١. ١.) قَالَ: إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ؛ فقَالَ وَيُطِيعُونِ فَأُثِيبَ الْعَابِدَ وَأُعَاقِبَ الْجَاحِدَ. )؛

(٤. ٢.) قال مُجَاهِدٌ إِلَّا:" لِيَعْرِفُونِي؛ وَهَذَا أَحْسَنُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخْلُقْهُمْ لَمْ يُعْرَفْ وُجُودُهُ وَتَوْحِيدُهُ، دَلِيلُهُ : قَوْلُهُ تَعَالَىٰ(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ.)[ الزُّخْرُفِ - 87] وَ

(٤. ٣.) عَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا: إِلَّا (لِآمُرَهُمْ وَأَنْهَاهُمْ)

وَ (٤. ٤.) عَنِ الْكَلْبِيِّ : إِلَّا (لِيُوَحِّدُونِ) ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيُوَحِّدُهُ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُوَحِّدُهُ فِي الشِّدَّةِ وَالْبَلَاءِ دُونَ النِّعْمَةِ وَالرَّخَاءِ؛يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَىٰ : ( وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) الْآيَةَ

وَأَوْلَىٰ الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَهُوَ :." مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا « ١. »لِعِبَادَتِنَا، وَ « ٢. » التَّذَلُّلِ لِأَمْرِنَا"».

وضح ابن كثير قول ابْنِ عَبَّاسٍ «إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)»... أَيْ : إِلَّا لِيُقِرُّوا بِـ « عِبَادَتِي « ١. »طَوْعًا أَوْ « ٢. » كَرْهًا وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ الطبري . ".

إِنَّمَا خَلَقْتُهُمْ لِآمُرَهُمْ بِعِبَادَتِي، لَا لِاحْتِيَاجِي إِلَيْهِمْ

فَالْحَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ قَصْرُ عِلَّةِ خَلْقِ اللَّهِ الْإِنْسَ وَالْجِنَّ عَلَىٰ إِرَادَتِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ ، أَيْ : إِلَّا لِيَعْبُدُونِي وَحْدِي ، أَيْ : لَا لِيُشْرِكُوا غَيْرِي فِي الْعِبَادَةِ ، فَهُوَ رَدٌّ لِلْإِشْرَاكِ ،

(٤. ٥.)" لَكِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْحِكْمَةَ مِنْ خَلْقِهِمْ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ أَنْ يَعْبُدُوهُ ؛ لِأَنَّ حِكَمَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَفْعَالِهِ كَثِيرَةٌ لَا نُحِيطُ بِهَا ، وَذِكْرُ بَعْضِهَا كَمَا هُنَا مِمَّا يَقْتَضِي عَدَمَ وُجُودِ حِكْمَةٍ أُخْرَى ، أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ حِكَمًا لَلْخَلْقِ غَيْرَ هَذِهِ كَقَوْلِهِ : «" وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ "»؛ بَلْهَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ حِكْمَةِ خَلْقِ بَعْضِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ كَقَوْلِهِ فِي خَلْقِ عِيسَى :«"وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا "».

فِي السُّنَّةِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ: «" أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ"».

قِيلَ : إِنَّهُمْ قَدْ تَذَلَّلُوا " لِقَضَائِهِ " الَّذِي قَضَاهُ عَلَيْهِمْ ، لِأَنَّ قَضَاءَهُ جَارٍ عَلَيْهِمْ ، لَا يَقْدِرُونَ مِنَ الِامْتِنَاعِ مِنْهُ إِذَا نَزَلَ بِهِمْ ، وَإِنَّمَا خَالَفَهُ مَنْ كَفَرَ بِهِ فِي الْعَمَلِ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ ، فَأَمَّا التَّذَلُّلُ لِقَضَائِهِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ مِنْهُ . ".

وَ(٧.) قِيلَ : يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى : إِلَّا مُعَدِّينَ لِيَعْبُدُونِ ، وَكَأَنَّ الْآيَةَ تَعْدِيدُ نِعَمِهِ ، أَيْ خَلَقْتُ لَهُمْ «١»."حَوَاسًّا وَ «٢»." عُقُولًا وَ «٣»."أَجْسَامًا مُنْقَادَةً نَحْوَ الْعِبَادَةِ ، كَمَا تَقُولُ : هَذَا مَخْلُوقٌ لِكَذَا ، وَإِنْ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ الَّذِي خُلِقَ لَهُ ، كَمَا تَقُولُ : الْقَلَمُ مَبْرِيٌّ لِأَنْ يُكْتَبَ بِهِ، وَهُوَ قَدْ يُكْتَبُ بِهِ وَقَدْ لَا يُكْتَبُ بِهِ ،

**

:" نهاية الخطبة الأولى :

نعود لسنة الحبيب المصطفى وهدي الرحمة المهداة وسنة المرتضى المجتبى " بَابُ الِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةِعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

« وَاللَّهِ إِنِّي لِأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً ».رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .

**

[د. محمد الرمادي]

﴿ الخطوط العريضة لخطبة جمعة ٧/ ١٠/ ٢٠١٦"~ ٦ من محرم ١٤٣٨ ه ﴾

[د. محمد الرمادي]

﴿ الخطوط العريضة لخطبة جمعة ٧/ ١٠/ ٢٠١٦"~ ٦ من محرم ١٤٣٨ ه ﴾﴿ ﴾

الخطوط العريضة:

الحمد لله رب العالمين

ما زلنا نعيش مع سياق القرآن الكريم والذكر الحكيم من حيث التنزيل فجاء التكليف الأول بقول مَن رفع السموات بغير عمد نراها ورزق الطير تَغْدُو خِمَاصًا ، وَتَعُودُ بِطَانًا " التكليف الأول:"اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ"﴿العلق: ١﴾"اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ"﴿العلق: ٣﴾

ثم جاء الإخبار الأخير بقوله تعالى شأنه وتقدس سره :"وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّـهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴿البقرة: ٢٨١﴾"

وبين تكليف أول :" اقْرَأْ " وبين إخبار أخير :" تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّـهِ " نعيش مع سياقات القرآن الكريم وتنزيلات الكتاب المجيد يرافقنا هدي سَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلِ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلِ شَافِعٍ، وَأَوَّلِ مُشَفَّعٍ فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يُبْعَثَ مَنْ قَبْرِهِ وَيَحْضُرَ فِي الْمَحْشَرِ كَمَا قال عليه الصلاة والسلام: أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ خُرُوجًا إِذَا بُعِثُوا ، وَأَنَا خَطِيبُهُمْ إِذَا وَفَدُوا ، وَأَنَا مُبَشِّرُهُمْ إِذَا أَيِسُوا ، لِوَاءُ الْحَمْدِ يَوْمَئِذٍ بِيَدِي ، وَأَنَا أَكْرَمُ وَلَدِ آدَمَ عَلَى رَبِّي وَلَا فَخْرَ ؛ فهو أَفْضَلُ الْمَخْلُوقَاتِ وَأَكْمَلُ الْمَوْجُودَاتِ. (بين تكليف أول وإخبار أخير جاء الإخبار الأول بقوله :"وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴿البقرة: ٣٠﴾ وبيَّن خالقنا ورازقنا تلك الخلافة بقوله :" يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴿ص: ٢٦﴾

ونعتمد القاعدة الذهبية التي تقول :" شرع من سبقنا شرع لنا ما لم دليل التحريم.

ثم عشنا في جمعتين متتاليتن مع آية الذاريات 56:". وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴿الذاريات: ٥٦﴾ "مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ﴿٥٧﴾إِنَّ اللَّـهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴿٥٨﴾).

واليوم نكمل المسير مع سياق القرآن المجيد والذكر الحكيم ...

آية هذه الجمعة المباكرة فوفق السياق القرآني المجيد ووفق التنزيل الكريم:

"إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّـهِ الْإِسْلَامُۗ".﴿آل عمران: ١٩﴾

" وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ"﴿آل عمران: ٨٥﴾

﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾﴿المائدة: ٣﴾ ".

و عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَةٍ لَهُ لَأَنْسُبَنَّ الْإِسْلَامَ نِسْبَةً لَمْ يَنْسُبْهَا أَحَدٌ قَبْلِي، «١.» الْإِسْلَامُ هُوَ التَّسْلِيمُ، وَ «٢.» التَّسْلِيمُ هُوَ الْيَقِينُ، وَ «٣.» الْيَقِينُ هُوَ التَّصْدِيقُ، وَ «٤.» التَّصْدِيقُ هُوَ الْإِقْرَارُ، وَ «٥.» الْإِقْرَارُ هُوَ الْأَدَاءُ، وَ «٦.» الْأَدَاءُ هُوَ الْعَمَلُ ".

" وَمَعْنَى " الدِّينِ " فِي هَذَا الْمَوْضِعِ : (١.) :" الطَّاعَةُ وَ

(٢.) :" الذِّلَّةُ وَ

(٣.) :" الْمِلَّةُ " .

(٢. ) :" وَكَذَلِكَ " الْإِسْلَامُ " وَهُوَ (٢.) :" الِانْقِيَادُ بِــ (٢.) :" التَّذَلُّلِ وَ(٢.) :" الْخُشُوعِ ،:" أَسْلَمُوا " إِذَا دَخَلُوا فِي السَّلَمِ ، وَهُوَ الِانْقِيَادُ بِــ (٢.) :" الْخُضُوعِ وَ(٢.) :" تَرْكُ الْمُمَانَعَةِ . ".

(٢. ١. ):"وَالْإِسْلَامُ بِمَعْنَى الْإِيمَانِ وَالطَّاعَاتِ ".

(٣.) :" فَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ : " إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ " إِنَّ الطَّاعَةَ الَّتِي هِيَ الطَّاعَةُ عِنْدَهُ ، الطَّاعَةُ لَهُ ، وَإِقْرَارُ الْأَلْسُنِ وَالْقُلُوبِ لَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ وَالذِّلَّةِ ، وَانْقِيَادُهَا لَهُ بِالطَّاعَةِ فِيمَا أَمَرَ وَنَهَى ، وَتَذَلُّلُهَا لَهُ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ اسْتِكْبَارٍ عَلَيْهِ ، وَلَا انْحِرَافٍ عَنْهُ ، دُونَ إِشْرَاكِ غَيْرِهِ مِنْ خَلْقِهِ مَعَهُ فِي الْعُبُودَةِ وَالْأُلُوهَةِ . "

(٣. ١. ) :" عَنْ قَتَادَةَ قَوْلَهُ : " إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ": وَالْإِسْلَامُ : شَهَادَةُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَالْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَهُوَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي شَرَعَ لِنَفْسِهِ ، وَبَعَثَ بِهِ رُسُلَهُ ، وَدَلَّ عَلَيْهِ أَوْلِيَاءَهُ ، لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ وَلَا يُجْزَى إِلَّا بِهِ .

: " إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ": الْإِسْلَامُ " الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ وَحْدَهُ ، وَعِبَادَتُهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ،وَإِقَامُ الصَّلَاةِ ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ ، وَسَائِرُ الْفَرَائِضِ لِهَذَا تَبَعٌ".

" إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ " أَيْ : مَا أَنْتَ عَلَيْهِ يَا مُحَمَّدُ مِنَ التَّوْحِيدِ لِلرَّبِّ ، وَالتَّصْدِيقِ لِلرُّسُلِ."

:" وَالْأَصْلُ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ التَّغَايُرُ؛ لِحَدِيثِ جِبْرِيلَ عليه السلام. وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْمُرَادَفَةِ . فَيُسَمَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِاسْمِ الْآخَرِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَأَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَقَالَ : ( هَلْ تَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ) ؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ(١. ):": ( شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ(٢. ):" أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَ(٣. ):" إِقَامُ الصَّلَاةِ وَ(٤. ):" إِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَ(٥. ):" صَوْمُ رَمَضَانَ وَأَنْ تُؤَدُّوا (٦. ):" خُمُسًا مِنَ الْمَغْنَمِ ."

تهل علينا أيام مباركات فقد جاء في صحيح مسلم :"بَاب صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَتْ :" قُرَيْشٌ تَصُومُ عَاشُورَاءَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ فَلَمَّا:" هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا :" فُرِضَ شَهْرُ رَمَضَانَ قَالَ :" مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَ:" مَنْ شَاءَ تَرَكَهُ ".

وعليه :" اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ صَوْمَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ سُنَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِهِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِحِينَ شُرِعَ صَوْمُهُ قَبْلَ صَوْمِ رَمَضَانَ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: كَانَ وَاجِبًا ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ مَشْهُورَيْنِ : أَشْهَرُهُمَا عِنْدَهُمْ : أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ سُنَّةً مِنْ حِينِ شُرِعَ ، وَلَمْ يَكُنْ وَاجِبًا قَطُّ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ ، وَلَكِنَّهُ كَانَ مُتَأَكِّدَ الِاسْتِحْبَابِ ، فَلَمَّا نَزَلَ صَوْمُ رَمَضَانَ صَارَ مُسْتَحَبًّا دُونَ ذَلِكَ الِاسْتِحْبَابِ . وَالثَّانِي : كَانَ وَاجِبًا ، كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ مِنَ اللَّيْلِ ، فَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَشْتَرِطُهَا ، وَيَقُولُ : كَانَ النَّاسُ مُفْطِرِينَ أَوَّلَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ ثُمَّ أُمِرُوا بِصِيَامِهِ بِنِيَّةٍ مِنَ النَّهَارِ ، وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِقَضَائِهِ بَعْدَ صَوْمِهِ . وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ يَقُولُونَ : كَانَ مُسْتَحَبًّا فَصَحَّ بِنِيَّةٍ مِنَ النَّهَارِ ، وَيَتَمَسَّكُ أَبُو حَنِيفَةَ بِقَوْلِهِ : ( أَمَرَ بِصِيَامِهِ ) وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ ، وَبِقَوْلِهِ : ( فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ قَالَ : مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ ) . وَيَحْتَجُّ الشَّافِعِيَّةُ بِقَوْلِهِ : ( هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ ، وَلَمْ يَكْتُبِ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ ) .

وَعَلَى الْمَذْهَبَيْنِ فَهُوَ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ الْآنَ مِنْ حِينِ قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْكَلَامَ .

[د. محمد الرمادي]

منقول من صفحة الأخت بنت خديجة :

" أسبوع رائع للصيام :

عام 1438. ..

الاثنين : (10 أكتوبر) = 9 محرم : تاسوعاء

الثلاثاء : (11 أكتوبر) = 10 محرم : عاشوراء

الاربعاء: (12 أكتوبر) = 11 محرم : يوم بعد عاشوراء

الخميس: (13 أكتوبر) = 12 محرم : يوم ترفع فيه الاعمال

الجمعة: (14 أكتوبر) = 13 محرم : اول ايام البيض

السبت : (15 أكتوبر) - 14 محرم : ثاني ايام البيض

الأحد: (16 أكتوبر) = 15 محرم : ثالث أيام البيض

الاثنين: (17 أكتوبر) = محرم 16 : يوم ترفع فيه الاعمال

فذَكِّر به ؛ فقد يصوم أحد بتذكيرك فتؤجر.".

[د. محمد الرمادي]

الخطوط العريضة لخطبة جمعة ١٤/ ١٠/ ٢٠١٦"~ ١٣ من محرم ١٤٣٨ ه ﴾
أعتذر تأخرت في الإنزال ؛ إذ أن الموقع كان في حالة تصليح.
محمد