[١٣] الْكِتَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ :« خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ »

[د. محمد الرمادي]

« " وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ :" انتَبَذَتْ :" مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا "» ﴿١٦؛ سورة مريم﴾

* *

*. ) الْخِطَابُ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ خاتم المرسلين وآخر الأنبياء ومتمم المبتعثين..

أَيْ

عَرِّفْهُمْ قِصَّتَهَا لِيَعْرِفُوا كَمَالَ قُدْرَتِنَا ."سبحانه وتعالى.

يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَيْكَ بِالْحَقِّ مَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ، إذ ﴿ نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ﴿الكهف: ١٣﴾﴾ حِينَ اعْتَزَلَتْ مِنْ أَهْلِهَا، وَانْفَرَدَتْ مَنْ أَهْلِهَا. وَتَنَحَّتْ عَنْهُمْ، وَ

هُوَ افْتَعَلَ مِنَ النَّبْذِ، وَ

النَّبْذُ: الطَّرْحُ" . وَ

الِانْتِبَاذُ الِاعْتِزَالُ وَالِانْفِرَادُ ".

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى «" فنبذوه وراء ظهورهم "»

خَرَجَتْ مَكَانًا شَرْقِيًّا. ".

*.) :" وَذَهَبَتْ إِلَى شَرْقِ الْمَسْجِدِ الْمُقَدَّسِ . ".

" انتَبَذَتْ ":

أي تَبَاعَدَتْ. وَالنَّبْذُ الطَّرْحُ وَالرَّمْيُ"؛

مِنْ أَهْلِهَا أَيْ مِمَّنْ كَانَ مَعَهَا .".

وَاخْتَلَفَ النَّاسُ لِمَ انْتَبَذَتْ ؛ فلماذا كان هذا الإعتزال!؟.

[د. محمد الرمادي]

وَاخْتَلَفَ النَّاسُ لِمَ انْتَبَذَتْ ؛ فـ

لماذا كان هذا الإعتزال!؟.

الإجابة :

*.) إما لبداية حيضها:" فـ عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ خَرَجَتْ مَرْيَمُ إِلَى جَانِبِ الْمِحْرَابِ لِحَيْضٍ أَصَابَهَا "... فَـ قَالَ انْتَبَذَتْ لِتَطْهُرَ مِنْ حَيْضٍ ".

و

*.) إما لقرب نهاية حيضها:" وَهُوَ قَوْلُهُ : فَانْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا: فِي شَرْقِيِّ الْمِحْرَابِ ". هذا القول الأول...

و

الأقرب إلى الفهم وحال النساء أنه بدايته.!

2. ) أما الثاني :" فَتَنَحَّتْ وَاعْتَزَلَتْ مِنْ أَهْلِهَا فِي مَوْضِعٍ قِبَلَ مَشْرِقِ الشَّمْسِ دُونَ مَغْرِبِهَا ".

2. ) أما الثاني من النبذ في الآية :" وَقَالَ غَيْرُهُ:

لِتَعْبُدَ اللَّهَ؛

وَ

هَذَا حَسَنٌ .

وَ ذَلِكَ أَنَّ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ كَانَتْ وَقْفًا عَلَى

*. ) سِدَانَةِ الْمَعْبَدِ وَ

*. ) خِدْمَتِهِ وَ

*. ) الْعِبَادَةِ فِيهِ، فَـ

تَنَحَّتْ مِنَ النَّاسِ لِذَلِكَ،

وَ

دَخَلَتْ فِي الْمَسْجِدِ إِلَى جَانِبِ الْمِحْرَابِ فِي شَرْقِيِّهِ لِــ تــ ـَخْلُوَ لِلْعِبَادَةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. ".

وتأتي لمحة تأويلية؛

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ تأويلان:" قَالَ : إِنِّي لَأَعْلَمُ خَلْقَ اللَّهِ [ لَأَعْلَمُ النَّاسِ] [ لِمَ اتَّخَذَ النَّصَارَى] لِأَيِّ شَيْءٍ اتَّخَذَتِ النَّصَارَى الْمَشْرِقَ قِبْلَةً لِقَوْل ِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ [ فَانْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا،فَـ

اتَّخَذُوا مِيلَادَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قِبْلَةً " ... ؛ وَ

قَالُوا: لَوْ كَانَ شَيْءٌ مِنَ الْأَرْضِ خَيْرًا مِنَ الْمَشْرِقِ لَوَضَعَتْ مَرْيَمُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهِ ."] .

هذا تأويله الأول ..

أما الثاني :"

*.) :" ثم تأتي إضافة تفسيرية :"عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،قَالَ: إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ إِلَى الْبَيْتِ، وَ

الْحَجُّ لِلَّهِ،وَ

مَا صَرَفَهُمْ عَنْهُمَا إِلَّا تَأْوِيلُ رَبِّكَ ( إِذِانْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا فَصَلَّوْا قِبَلَ مَطْلِعِ الشَّمْسِ. "

قَالَ : خَرَجَتْ مَرْيَمُ مَكَانًا شَرْقِيًّا، فَصَلُّوا قِبَلَ مَطْلِعِ الشَّمْسِ.

[رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَ ابْنُ جَرِيرٍ ].

أقوال العلماء:

*.) وَقَالَ نَوْفٌ الْبِكَالِيُّ: اتَّخَذَتْ لَهَا مَنْزِلًا تَتَعَبَّدُ فِيهِ .

وهذا ما أميلُ إليه ... لأن

*. ) فحوى القصة و

*. ) حيثياتها ..

*.) ومدخلها ومخرجها و

*. ) دعاء أمها قبل ذلك يرشدنا إلى ذلك الفهم والذهاب إلى هذا التأويل؛ بدلا من حصر المسألة في حيض ودماء وإغتسال ..

فَاللَّهُ تعالى أَعْلَمُ . ".

*.) :" وَقَالَ قَتَادَةُ: ( مَكَانًا شَرْقِيًّا ) شَاسِعًا مُتَنَحِّيًا .

*.) :"وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: ذَهَبَتْ بِقُلَّتِهَا تَسْتَقِي مِنَ الْمَاءِ . ".

**

ولن أبحث مع حضراتكم مسألة :

إذ " اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي نُبُوَّةِ مَرْيَمَ؛ فَقِيلَ : كَانَتْ نَبِيَّةً بِهَذَا الْإِرْسَالِ وَالْمُحَاوَرَةِ لِلْمَلَكِ . "

[د. محمد الرمادي]

*.﴾ حين يأتي تفصيل في موضع ما مِن آية قرآنية بلفظة يظنها البعض زائدة عن السياق في سياق حديث عن قصة نبي؛ أو إخبار عن أمر متصل بحَدَثٍ مضى يستلزم من القارئ أن ينتبه إلى أهمية هذا التفصيل الدقيق في حيثيات الرواية؛ فـ

لماذا ذكر القرآن الكريم والذكر الحكيم

﴿ « „ مكاناً شرقياً ‟ »﴾

[د. محمد الرمادي]

*.) :" وَ قِيلَ : إِنَّهَا إِنَّمَا صَارَتْ بِمَكَانٍ يَلِي مَشْرِقَ الشَّمْسِ، لِأَنَّ مَا يَلِي الْمَشْرِقَ عِنْدَهُمْ كَانَ خَيْرًا مِمَّا يَلِي الْمَغْرِبَ، وَ

كَذَلِكَ ذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ عِنْدَ الْعَرَبِ .

*. ) :" فَقَوْلُهُ : مكاناً شرقياً

أَيْ مَكَانًا مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ .

وَ

الشَّرْقُ بِسُكُونِ الرَّاءِ الْمَكَانُ الَّذِي تُشْرِقُ فِيهِ الشَّمْسُ . وَ

الشَّرَقُ بِفَتْحِ الرَّاءِ الشَّمْسُ.

وَ إِنَّمَا خَصَّ الْمَكَانَ بِالشَّرْقِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُعَظِّمُونَ جِهَةَ الْمَشْرِقِ وَمِنْ حَيْثُ تَطْلُعُ الْأَنْوَارُ، وَكَانَتِ الْجِهَاتُ الشَّرْقِيَّةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَفْضَلَ مِنْ سِوَاهَا .

[حَكَاهُ الطَّبَرِيُّ. ].

[د. محمد الرمادي]

نهاية الخطبة الثانية :

لنذكر جميعاً أن البشر كلهم دون استثناء أمامهم إشكالية حين ينطق :" بحقائق قرآنية :"

فـ حين يقول خالقنا ورازقنا وباعثنا من القبور:

وقبل أن نسمع قوله تعالى في سماه وتقدست اسماه

نقسم الآية إلى مشاهد؛ و حقائق

يقول الرحمن الرحيم الودود الغفور

1. ) الحقيقة الأولى :﴿ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّـهُ ﴾

2. ) الحقيقة الثانية: ﴿ جَمِيعًا ﴾

3. ) الحقيقة الثالثة : ﴿ فَيُنَبِّئُهُم ﴾

4. ) الحقيقة الرابعة: ﴿ بِمَا عَمِلُوا ﴾

5. ) الحقيقة الخامسة: ﴿ أَحْصَاهُ اللَّـهُ ﴾

6. ) الحقيقة السادسة: ﴿ وَنَسُوهُ ﴾

7. ) الحقيقة السابعة : ﴿ وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾

﴿المجادلة: ٦﴾

فماذا سنفعل جميعاً :

مسلم ؛

مؤمن ؛

محسن ؛

كافر؛

مشرك ؛

ملحد..

ماذا سنفعل يوم البعث والنشور والعرض عليه سبحانه وتعالى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ

دعاء

**

إقامة الصلاة!

[د. محمد الرمادي]

**﴿ [ السيد الجليل ابن مريم؛ العذراء البتول ” المسيح عيسى “روح الله وكلمته ؛ وآية دالة على قدرته سبحانه.. أحد أولي العزم من الرسل....: رؤية جديدة في توسطه بين أبي البشر « ” آدم “ » و بين خاتم الأنبياء وآخر المرسلين ومتمم المبتعثين من رب العالمين إلى الخلآئق أجمعين « ” محمد “ بن عبدالله بن عبدالمطلب الهاشمي العدناني »]﴾**

[د. محمد الرمادي]

(الخطوط العريضة لـخطبة جمعة : ٩ جماد أول ١٤٣٩هـ ~ ٢٦يناير٢٠١٨م)

الحمد لله المنعم على خلائقه بالحياة وامتن عليهم بالرزق والمشروبات والمطعومات لإقامة الحياة؛ نحمده سبحانه ونشكره على عطاءه الجزيل وفضله الكبير.. و

نشهد أنه رب الأولين وإله الآخرين ومالك يوم الدين؛ لا معين له ولا مشير ولا صاحبة ولا ولد له.. ونشهد أنه أرسل فينا خاتم رسله وآخر أنبياءه ومتمم المبتعثين للخلائق أجمعين محمد بن عبدالله النبي الصادق الأمين فنصلي ونسلم على صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر الذي ناداه قبل نبوته الشجر وأسجد له في طريقه الحجر الشفيع المشفع يوم المحشر

[د. محمد الرمادي]

توسط السيد الجليل ابن مريم العذراء البتول المسيح: عيسى بين آية رقم [59] من آل عمران «"إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ"» «"عِندَ اللَّـهِ"» «" كَـ "» «"مَثَلِ آدَمَ"» «" خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ"» «"ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ"»﴿آل عمران: ٥٩﴾
و

بين قوله تعالى في سماه وتقدست اسماه في سورة الصف آية [6] : «" وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ "» «" يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ"» «" إِنِّي رَسُولُ اللَّـهِ"» «" إِلَيْكُم"» «" مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ"» «" وَمُبَشِّرًا"» «" بِرَسُولٍ"» «" يَأْتِي"» «" مِن بَعْدِي اسْمُهُ"» «" أَحْمَدُ"» «" فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ"» «" قَالُوا هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ"» .﴿الصف: ٦﴾.

[د. محمد الرمادي]

وهو النبي الوحيد والرسول الأوحد الذي ذكر عنه مرافقاً لأبي البشرية في خمسة وعشرين موضعا من القرآن المجيد والذكر الحكيم مع آدم -أبي البشرية جمعاء-

و

يجب وضع دعاء سيدنا ابي الأنبياء إبراهيم في سياق القول «" رَبَّنَا"» «" وَابْعَثْ"» «" فِيهِمْ"» «" رَسُولًا"» «" مِّنْهُمْ"» «" يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ"» «" وَيُعَلِّمُهُمُ"» «" الْكِتَابَ"» «" وَالْحِكْمَةَ"» «" وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"» ﴿البقرة: ١٢٩﴾".

فـ

يستجيب رافع السموات بغير عمد نراها فـ أنزل قرآنا مجيدا وذكرا حكيماً يقول «" لَقَدْ"» «" مَنَّ"» «" اللَّـهُ"» «" عَلَى الْمُؤْمِنِينَ"» «" إِذْ "» «" بَعَثَ فِيهِمْ"» «" رَسُولًا"» «" مِّنْ"» «" أَنفُسِهِمْ"» «" يَتْلُو عَلَيْهِمْ"» «" آيَاتِهِ"» «" وَيُزَكِّيهِمْ"» «" وَيُعَلِّمُهُمُ"» «" الْكِتَابَ"» «" وَالْحِكْمَةَ"» «" وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ"»﴿آل عمران: ١٦٤﴾

ويقول: «" هُوَ الَّذِي بَعَثَ"» «" فِي الْأُمِّيِّينَ"» «" رَسُولًا"» «" مِّنْهُمْ"» «" يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ"» «" وَيُزَكِّيهِمْ"» «" وَيُعَلِّمُهُمُ"» «" الْكِتَابَ"» «" وَالْحِكْمَةَ"» «" وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ"» ﴿الجمعة: ٢﴾.

و

إذا وضعت الآيات التي تذكر آدم وتذكر عيسى ابن مريم تجدها خمس وعشرون آية ..

السابعة منها حسب الترتيب الآية التذ ذكرتها آنفاً

و

عن " السيد الجليل عيسى ابن مريم مِن مواقفه أنه وقف في الوسط بين أبي البشر والخلق أجمعين آدم .. وبين محمد بن عبداالله خاتم الأنبياء وآخر المرسلين ومتمم المبتعثين من رب العالمين للخلائق جميعاً والعالمين.

[د. محمد الرمادي]

المفاجأة القرآنية الكبرى لمن يتدبر القرآن المجيد ويتفكر في الذكر الحكيم أن المثلية بينهما عليهما الصلاة والسلام واضحة تماماً في الترتيب السابع وفق المصحف المطبوع الذي بين أيدينا:

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ «" إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَـ مَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ "» وَذَلِكَ أَنَّ رَهْطًا مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ قَدِمُوا عَلَى مُحَمَّدٍ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –

أما : عَنِ السُّدِّيِّ قال " لَمَّا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَمِعَ بِهِ أَهْلُ نَجْرَانَ، أَتَاهُ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ مِنْ خِيَارِهِمْ. مِنْهُمْ:

الْعَاقِبُ، وَ

السَّيِّدُ، وَ

مَاسَرْجَسَ، وَ

مَارَ يَحْزَ. فَـ سَأَلُوهُ مَا يَقُولُ فِي عِيسَى"...

عَنِ ابْنِ جُرَيْحٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ :"مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ، وَهُمَا -أي :"الْعَاقِبُ، وَالسَّيِّدُ، ".- نَصْرَانِيَّانِ، لَقِيَا نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلَاهُ عَنْ عِيسَى " يكمل ابْنُ عَبَّاسٍ :" وَكَانَ فِيهِمُ السَّيِّدُ وَالْعَاقِبُ، فَــ

قَالُوا لِمُحَمَّدٍ: مَا شَأْنُكَ تَذْكُرُ صَاحِبَنَا؟ .. و

في رواية آخرى :" يَا مُحَمَّدُ، فِيمَا تَشْتُمُ صَاحِبَنَا ؟ "... فَـ

قَالَ: مَنْ هُوَ ؟ [صاحبكم!!؟] ؟.

قَالُوا : عِيسَى،

تَزْعُمُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ !

فَـ

قَالَ مُحَمَّدٌ: أَجَلْ، إِنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ.. و

تأتي رواية أوضح مِن سابقتها :" قَالَ : هُوَ

عَبْدُ اللَّهِ .. وَ

رُوحُهُ.. وَ

كَلِمَتُهُ. ".

عَنِ ابْنِ جُرَيْحٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ : قال المصطفى الهادي " أَجَلْ ، إِنَّهُ

عَبْدُ اللَّهِ وَ

كَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَ

رُوحٌ مِنْهُ . فَــ

غَضِبُوا ".
قَالُوا لَهُ: فَهَلْ رَأَيْتَ مَثَلَ عِيسَى،

أَوْ

أُنْبِئْتَ بِهِ؟"..

و

في رواية :" قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنْ عِكْرِمَةَ " وَقَالُوا: إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَـ

أَرِنَا عَبْدًا

يُحْيِي الْمَوْتَى، وَ

يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ، وَ

يَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَيَنْفُخُ فِيهِ، الْآيَةَ،

فقالوا :" لَكِنَّهُ اللَّهُ".

فَـ

سَكَتَ حَتَّى أَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ:

( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ) [ سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 17 ، 72 ] الْآيَةَ ]...

و

عَنْ قَتَادَةَ:" فَقَالَا كُلُّ آدَمِيٍّ لَهُ أَبٌ، فَـ

مَا شَأْنُ عِيسَى لَا أَبَ لَهُ؟ ". و

قال السدي:" قَالُوا هُمْ: لَا !؛ وَ

لَكِنَّهُ هُوَ اللَّهُ،

نَزَلَ مِنْ مُلْكِهِ فَـ

دَخَلَ فِي جَوْفِ مَرْيَمَ،

ثُمَّ

خَرَجَ مِنْهَا؛ فَـ

أَرَانَا قُدْرَتَهُ وَأَمْرَهُ! فَـ

هَلْ رَأَيْتَ قَطُّ إِنْسَانًا خُلِقَ مِنْ غَيْرِ أَبٍ ؟ ".

قال ابن عباس:" ثُمَّ خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ، فَـ جَاءَهُ جِبْرِيلُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَمْرِ رَبِّنَا السَّمِيعِ الْعَلِيمِ،.. و

عَنْ قَتَادَةَ " فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - فِيهِ هَذِهِ الْآيَةَ"..

فَقَالَ: قُلْ لَهُمْ إِذَا أَتَوْكَ :

" إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ" إِلَى آخَرِ الْآيَةِ . ".
و

عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ: " إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ"...

اسْمَعْ،" كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ" .. فَــ

إِنْ قَالُوا : خُلِقَ عِيسَى مِنْ غَيْرِ ذَكَرٍ، فَــ

قَدْ خَلَقْتُ [ الحديث عن الله تعالى عن التشبيه] آدَمَ مِنْ تُرَابٍ بِــ

تِلْكَ الْقُدْرَةِ مِنْ غَيْرِ أُنْثَى وَلَا ذَكَرٍ، فَــ

كَانَ كَمَا كَانَ عِيسَى

لَحْمًا وَ

دَمًا وَ

شَعْرًا وَ

بَشَرًا، فَــ

لـَيْسَ خَلْقُ عِيسَى مِنْ غَيْرِ ذَكَرٍ بِــ

أـعْجَبَ مِنْ هَذَا . ".
******

قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - : " إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ " قَالَ: أَتَى نَجْرَانِيَّانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَا لَهُ:

هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ أَحَدًا وُلِدَ مِنْ غَيْرِ ذَكَرٍ، فَيَكُونُ عِيسَى كَذَلِكَ؟،

قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - : "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ "

أَكَانَ لِآدَمَ أَبٌ أَوْ أَمٌّ !!

كَمَا خَلَقْتُ هَذَا [المسيح عيسى] فِي بَطْنِ هَذِهِ [أمه العذراءالبتول] ؟ ".
قَالَ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - : " خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ " لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْإِعْلَامِ مِنَ اللَّهِ نَبِيَّهُ أَنَّ تَكْوِينَهُ الْأَشْيَاءَ بِقَوْلِهِ: " كُنْ ".
فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ إذًا: " إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ " وَ

اعْلَمْ، يَا مُحَمَّدُ، أَنَّ مَا قَالَ لَهُ رَبُّكَ" كُنْ " فَهُوَ كَائِنٌ .
وَ
كَانَ لَا يَعْجَلُ [بالرد أو القول] حَتَّى يَأْمُرَهُ رَبُّهُ.