شخصيات عجيبة (10).. أبو قرعة البصباص !!

[احمد برهان]

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اخوتي الغاليين أخواتي الكريمات.... كيف الأحوال و كيف انتم؟
عساكم بخير و فرحة و طمأنينة يا رب...
شخصية اليوم ليست لها أسماء كثيرة فانا كنت أطلق عليه أبو قرعة و طبعاً لأن رأسه مثل الصحراء التي تبلغ مليون هكتار و بها واحة عبارة عن فدان واحد فقط! أي أن رأسه خاليه من الشعر إلا قليلاً و رغم أنه أقرع و ملامحه ليست جميلة أو ودودة علي الإطلاق.. إذ لم يكن يميزه سوي عينان ملوناتن فقط... إلا انه كان يحب الجنس الناعم جداً !
و دعونا لا نستبق الاحدث... أولاً هو كان زميل لي في المكتب و لكنه كان دائم الهروب و كان ينافس تفتوف في الهروب و الزوغان و لكن يظل أبو قرعة هو صاحب الأفضلية فقد كان منصبه في العمل أعلي من منصبي و منصب أبو تفة و كان مقرب و صديق شخصي للمدير العام للشركة .. بمعني أصح كان مسنود !
و كان يجيد فن الهروب في احلك اللحظات و هذه مهارة لم أتصور أنني قادر علي إمتلاكها في يوم من الأيام.. مثلا لو كان في يوم قبض العمال رواتبهم و لم تتوافر الأموال الكافية كان يخرج إلي أي مأمورية و يترك العبد لله ليواجه السيل العارم من غضب العمال و عصبيتهم و هو " يطلع زي الشعرة من العجينة " و أحياناً يكون قد وعد عامل بإعطاءه سلفة و هو يعرف أن الخزينة فارغة و ينصرف مبكراً و ياتي العامل في آخر اليوم يطالب بالسلفة و لا يصدق أن الخزينة فارغة لأن أبو قرعة الذي هو أعلي مني في المنصب قد وعده بهذه السلفة...
ببساطة كان خبير هروب من الدرجة الأولي و عندما أحتاج إليه لا أجده علي الإطلاق كما لو أنه فص ملح و ذاب في المياه...
و كان أبو قرعة يحب الجنس الناعم و يعشق شئ إسمه المرأة و ذلك علي الرغم من أنه متزوج و له أبناء و لكن مع ذلك لا يحب أن يحبس في عش الزوجية و يطير مثل الطائر المحلق يحب و يعشق و يتفسح مع البنات بدون أي رادع...
و أنا صراحة كنت أتعجب من ذلك فهو ليس وسيماً علي الإطلاق و لكنه يملك لساناً طليقاً مرحاً و قدرة علي الضحك و إضفاء المرح و ربما كان ذلك هو ما يجذب البنات إليه..
و كان يعرف قبل ذلك فتاة أعطته هدية و إكتشفت زوجته تلك الهدية و عرفت أنه " يلعب بذيله " و كان يوم و حصلت مشاكل و خناقات و ما إلي ذلك. لكن في النهاية رضيت زوجته بالأمر الواقع من أجل تربية الأبناء علي وعد بألا يتكرر ذلك مرة أخري و لكن طبعاً تكرر كثيراً حتي أنه كاد أن يتزوج من فتاة أصغر منه بخمسة عشر عاماً و لكن الموضوع إنتهي بصورة قدرية و ظل مع زوجته الأولي!
و دوماً تجده يتكلم مع هذه الفتاة و يحب مداعبة تلك الأخري و لا يترك أي فرصة من الفرص يكون فيها نصيب من الحديث مع البنات إلا و إستغلها كل الإستغلال.. و انا لا أدري لماذا يفعل هذا؟
ذات مرة كان يتحدث مع فتاة لا تزال طالبة و هو أساساً أكبر مني بسنوات كتيرة.. و قد أظهرت إمتعاضي من ذلك فقال بكل صفاقة " لو كنت مكاني يا أحمد لفعلت ذلك و أكثر" قلت له في عصبية " لو كنت مكانك لما فعلت أياً من ذلك قط "!
كان يبدو مثل المدمن أو القاتل الذي يريد أن يحمل كل الدنيا ذنه حتي يوهم نفسه أن الخطأ خطأ المجتمع و الناس و ليس خطأه هو...
و طبعاً يا ابو قرعة.. حتي لو فعلت مثلك.. سأكون مخطئ أكبر الخطأ و أكون قد خنت أمانة نفسي.. و لكن سيكون لي عذر... عذر صغير جداً جداً و هو أنني لم اتزوج بعد و أفعل ذلك لأواجه الكبت العاطفي و الحاجة الطبيعية لأي رجل.. بوجود أنثي في حياته.. ترعي شئونه و تحتوية و تغدق عليه من حبها و حنانها و رعايتها الأنثوية الجميلة العطرة و تهبه أحلي الكلمات و أرق المشاعر.. و هو عذر غير مقبول و لكنه يظل عذراً..
لكن أنت يا أبو قرعة.. ما هو عذرك خاصة و أنك متزوج منذ قرابة الخمسة عشر عاماً و عندك أبناء.. لا عذر لك علي الإطلاق..!
لكنها المكابرة... و كان يهوي معاكسة البنات في الشارع و هو يقود سيارته ! طبعاً أفعال صبيانية سخيفة لا يفعلها شخص قارب علي فترة منتصف العمر ، سبحان الله علي هذا الإنسان الغريب !
و كانت له آراء غريبة... مثلاً كانت هناك ممثلة تبدو مثل الرجل و لا أنوثة بها علي الإطلاق و هو معجب بها.. و لما تعجبت من ذلك و قلت له أنها رجولية ... قامت الدنيا و لم تقعد.. قط و سخر مني.. سبحان الله ! ألا تعرف إحترام الرأي الآخر خاصة و أن الجمال نسبي بين البشر ؟ لكن هذه طبيعة أبو قرعة الغريبة..
لم يكن بيننا وفاق كبير حتي و إن كنا في مكتب واحد ، و ذلك لأنني كنت أتجنبه.. فلو إعتاد عليّ في الكلام و المزاح سأجده يسب و يشتم و ربما يمد يده في مزاحه ، فلسانه كان سليط جداً و دائم السباب و و الغلط و يمكنه أن يسب و يفعل أفعال سخيفة .
ربما كانت هناك بعض مميزات أبو قرعة مثل أنه يخدم و لكن قليلاً و هو يحب الضحك و المزاح... لكن مع شخصيته هذه و طريقته في الحياة تلك.. أظن أن البعد عنه هو أفصل و أسلم الحلول..
آسف علي الجدية الشديدة لهذه الحلقة و لكن أبو قرعة.. البعد عنه غنيمة
لنأخذ راحة غداً من شخصياتي العجيبة علي أن نتكلم بدلاً منها عن فضفضتي... و و بعد غد بإذن الله...
إلي شخصية جديدة و حلقة جديدة باذن الله و الي ذلك الحين
أتمني أن تروقكم كتاباتي المتواضعة و تثير التأمل في قلوبكم قبل عقولكم
دمتم بحفظ الرحمن سالمين...
و ربنا يوفقكم لكل خير