إنَّـى قادمة

[د/ عبد الله]

لمْ يَنْتَبِه حُسَيْنُ-الّذى أصابّ أُذُنّيْهِ الثِقَلُ فأصبحَ شبهَ أصَمٍّ- أنَّ بابَ المَنزِلِ يُدَقُّ
إلاَّ عندما قامَ هيثمُ مُنْزَعِجًا غاضِبًا ليَفتَحَ الباب.
وهوَ لمْ يَقُمْ منْ أمامِ حاسوبِه الخاصِّ الذى يَجْلِسُ أمامه ساعاتٍ طُوالٍ
دونَ مَللٍ, إلّا بعدَ مُدَّةٍ طويلةٍ, فقط ليَتَخَلَّصَ مِن هذا الصوتِ المُزْعِج,
ليُفاجأَ بهذا المُوَّظفِ الذى يُدعى(مُحصِّل النور) يقولُ لهُ فى غضبٍ:
"ايه يابنى, ساعة على ما تفتحوا الباب!!"
ازدادَ غَضَبُ هيثمَ وأقسمَ أنَّهُ لن يُعاوِدَ فتحَ البابِ مرَّةً أُخرى
ولو دُقَّ ساعةً كامِلة.
صاحَ حُسيْنُ بصوتٍ عالٍ:
" جهّزى الغدا يا زينب, أنا جعان"

زينب...
امرأةٌ فى الأربعينَ مِن عُمرِها, لا تكادُ تراها إلّا بينَ الأوانى
فى مطبَخِها, أو فى هذه الغُرفةِ أو تلك, تُرَتِّبُ الملابِسَ والأَسِرَّةَ
وهىَ لا تُبالى مُطْلَقًا بِمَنْ يَطْرُقُ بابَ مَنْزِلِهم,
فهىَ تَعتَقِدُ دائمًا أنَّ أَطْفالَ الجيرانِ- الذينَ لا يَكُفَّونَ عَنْ مُشاغَبَتِها-هُمْ
مَنْ يَطْرُقونَ البابَ,
أو أنَّ هذا الطارِقَ ليسَ ذا أهَميَّةٍ تَجعَلُها تَترُكُ ما بيَدِها مِنْ أَجْلِه.
فَتَحتْ مروةُ البابَ بِمِفتاحِها ودَخَلتْ, بعد ما انتَهَتْ مِنْ دروسِها الخصوصية
, فهى الآنَ فى السنةِ النهائيةِ من الثانويّةِ العامَّة.
نادتْ عليها الأُم:
" يلا يا مروة, غيّرى هدومك وتعالى خدى الأكل عشان نتغدى"
بعدَ الغداء, دَخَلَتْ زينبُ لِتسْتَريحَ, وكذلكَ حُسَيْن.
وذهبت مروةُ إلى المطبخِ لِتُكْمِلَ ما تَرَكتهُ أُمُّها
أمَّا هيثم فقد عادَ لحاسوبِهِ الذى اشتاقَ إليه بعدَ غيابِ نِصفِ ساعةٍ كامِلة.
وفى المساءِ , تقومُ زينبُ بترتيبِ المطبخِ بعدَ العَشاءِ ثُمَّ تَجْلِسُ
لِتُشاهِدَ مُسَلسَلَ التاسِعة.ّ
ويَذهَبُ حُسينُ لِقضاءِ سهرتِه مع أصدقائه على المقهى المُجاوِرِ للمنزِل
ويُغلِقُ هيثمُ حاسوبَه ليَمضىَ مع أصدقائه إلى أىِّ مكانٍ ترسو عليه أقدامُهُم.
أمَّا مروة فَتَدخُلُ إلى غُرفَتِها لتُراجِعَ دروسَها.
هكذا يمضى يومُهُم فى مَلَلٍٍ دونَ أىِّ جديد.

ولَكِنَّ هذا اليَومَ يومٌ مُختَلِفٌ فى حياةِ مروة,
فعِندَما خلا كُلُّ فردٍ مِن أفرادِ الأُسرَةِ بَعَمَلِه المُعتادِ يوميًّا,
أَسرَعتْ هى إلى غُرفَتِها, وأمْسَكَت بهاتِفِها فى لَهْفة,
اليومَ, ولِأوَّلِ مَرَّةٍ فى حياتِها, أصبَحَ لديها صَديقٌ شابٌّ على (الفيس بوك)
عِندما فَتحتْ حِسابَها وجدتْه أرسلَ لها ما يزيدُ عن عشرِ رسائل
يُعَرِّفُها بِنَفْسِهِ ويَطلُبُ مِنها أن تُحادِثَه.
اسْتجابتْ لِطَلَبِهِ وأخَذّتْ تُعَرِّفُه بِنَفسِها هى الأُخرى.
وهكذا مَضَتْ أيّامٌ وهُما يتحادثانِ مِن خلالِ الفيس بوك
حتَّى طَلَبَ مِنها رقمَ هاتِفِها, وبدونِ تَرَدُّدٍ أعْطَتْهُ إيّاه.
مرَّتْ بِضْعُةُ أيَّامٍ وهما يتحادثانِ هاتفيًّا, حتّى ازدادتْ تَعَلُّقًا به
وعندما طلبَ مُقَابَلَتها لَم تتردَّدْ فى الموافقةِ, رغمَ خَوْفِها الشديد.
تقابلا مَرَّتينِ فى مكانٍ عامٍّ , عَبَّر لها هذا الحبيبُ عن مَدى حُبِّه
لها وتَعَلُّقِه بها , وكذلكَ هى بادَلَتْه الاعْتِراف.

وجاءَ مَوعِدُ اللِقاء الثالِث,
لَمْ تَعُدْ مروةُ تجدُ صُعوبةً فى إيجادِ الحِجَجِ التى تُبرِّرُ بِها تَأَخُّرَها,
فقدْ يتأخَّرُ المُدَرِّسُ عن موعدِه, أو قدْ يَحدُثُ تغييرٌ طارئٌ فى المواعيد
لكنَّها هذهِ المرَّةِ ستتلاشى كُلَّ تلكَ التبريراتِ, وسَتَحْضُرُ مَوْعِدَها
المُنْتَظَرَ بَدلًا عَنْ دَرْسِ الفيزياءِ السخيف.
ذهبتْ مروةُ وكُلُّها شَوْقٌ للقاءِ حبيبِها الذى تشْعُرُ أنَّها تُحِبُّه كما لم
يُحِبّ أحدٌ أحدًا مِن قَبْل.
تقابلا فى ذلكَ (الكافيه) الذى نالَ شرَفَ لقائيهما السابقين,
وَبَعدَ فترةٍ مِنْ تبادُلِ النظراتِ والكلماتِ المعسولة, بادَرَها قائلًا:
" عندى ليكى مفاجأة مدهشة,
"بابا وماما راحوا يزوروا عمّى عشان عامل حادثة وهيباتوا هناك,
يعنى البيت هيبقى فاضى, ايه رأيك تيجى نكمل القعدة هناك عشان نبقى
براحتنا؟ البيت قريب هنا"
قابلتْ مروةُ عَرضَهُ هذا بالرفضِ التَّامِ , وأبدتْ انزعاجها وغَضَبَها الشديد
ثُمَّ قامتْ وانصَرَفت.
وظَلَّ هو جالِسًا على مِقَعَدِهِ فى هُدوءٍ وقال وهو يَبْتَسِمُ ابتسامةً
شيطانيَةً تملَأُها الثِقَة:

" هه.. كلهم عملوا كده ف الأول "

وصلَتْ مروةُ إلى منزِلِها وصعَدتَ الدَرَجَ وقلبُها يَرْتَجِفُ مِن هولِ
تلكَ المُفاجأةِ التى فاجأها بها حبيبُها, فهى لَمْ تَستَطِعْ تَخَيُّلَ المَوْقِفِ,
فَضْلًا عَنْ أن تَكونَ فيه بالفِعل.
فتحتْ حقيبةَ يدِها لِتُخرجَ المِفتاحَ ولكنَّها لمِ تجِدْه,
ظَلَّت تبحثُ عنه ولكن بلا جدوى,

فمِفتاحُها سقطَ مِنها فى غُرفَتِها عِندما كانتْ تتَزيَّنُ استِعدادًا
للقاءِ الموعود.

ظلَّت تطرُقُ البابَ , ولكن هيهات,
فالأبُ لا يسمعُ , والأُمُّ مشغولةٌ , كما أنَّها لا تُبالى
أمَّا هيثمُ فقد ابتكرَ طريقةً تُخلِّصًهُ مِنْ ازعاجِ هذا الباب,
فوضعَ (السمّاعات) فى أُذنيْهِ وقامَ بتشغيل موسيقى صاخِبة.
فَقَدت مروةُ الأملَ فى أن يسمعَها أحدٌ من داخلِ المنزل
وفى قِمّة يأسِها, رنَّ جرسُ هاتِفِها المحمول,
إنَّه هو...
أخذتْ نَفَسًا عميقًا, ثُمَّ ضغطَتْ زِرَّ بدءِ المُكالمة
وبِصَوتٍ تملأُهُ راحةُ الضميرِ, قالتْ:
" إنَّـى قادِمة"

[الفيلسـوف]

هو انا اول قصه شوفتها ليك كانت ف ميابقه رونى اللى فاتت بس اهم مايميز قصصك يادوگ اسلوب الجذب والشد اللى لو انا مش عايز اكمل تجبرنى اكملها والحكمه بداخلها تسلم ايدك تقبل مرورى

[فداااااااااااء]

طيب الحمد لله ان مروة تختلف عن مروة

طيب قول ستوتة لازم مروة ههههه

قصة جميلة اخى ننتظر ونشوف اخر القصة بدل ما اروح اغير اسمى فى السجلات

[نغم الشام بعد المغيب..]

إنها قادمة.. !!

-كلمة بسيطة لفظا، لكن ما أشد ماتحمله من إهانة..! إرتضتها لنفسها

بطلة قصتك لتهوي في بئر السقوط وتغرق في وحل الخطايا..

وتصغر في عيون نفسها حتى لاتكاد تبين ..!

-للأسف حين تكون الأسرة مفككة بهذا الشكل ؛ لا تجمعها جلسات الود والحنان،

الألفة والاحترام ، ولا يقربها مصارحة أو حوار ، ولا وزاع ورادع ديني..

فلن نستغرب تلك النهاية المخزية لكثيرات مثلها.

- الأسرة والتربية هي اللبنة الأساسية في تشكيل عجينة الفرد،

فبصلاحها يصلح او العكس .


- قصة وإن قرأنا منها الكثير أخي الفاضل..

لكنك تفردت هنا بأسلوبك القصصي المشوق وهدافة الطرح والمغزى .

كما تفضل من سبقني بالرد.

بورك الفكر والقلم مع خالص تقديري.

نغم الشام بعد المغيب ..

[د/ عبد الله]

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الفيلسـوف هو انا اول قصه شوفتها ليك كانت ف ميابقه رونى اللى فاتت بس اهم مايميز قصصك يادوگ اسلوب الجذب والشد اللى لو انا مش عايز اكمل تجبرنى اكملها والحكمه بداخلها تسلم ايدك تقبل مرورى

تسلم يا حوده ربنا يعزك
أكيد يسعدنى وجودك دايما
تقبل تحياتى

[د/ عبد الله]

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فداااااااااااء طيب الحمد لله ان مروة تختلف عن مروة طيب قول ستوتة لازم مروة ههههه قصة جميلة اخى ننتظر ونشوف اخر القصة بدل ما اروح اغير اسمى فى السجلات

هههههههه معلش بقى يا مروة
ما هو أى اسم تانى أكيد كان هيبقى موجود ف المنتدى برضو

عموما أنا قصتى كده انتهت لكن قصتها هى بدأت
وليها احتمالات كتير للنهايه وكل واحد يختار اللى يعجبه.

لكن أنا كان هدفى ف القصة هو تسليط الضوء على الأسرة ودورها فى رعاية أبناءها
وكمان أخلاق البنت اللى لو سقطت منها هتقع فى مخاطر كتير.

أسعدنى وجودك أختى الكريمة
دمتِ بخير حال

[د/ عبد الله]

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نغم الشام بعد المغيب.. إنها قادمة.. !! -كلمة بسيطة لفظا، لكن ما أشد ماتحمله من إهانة..! إرتضتها لنفسها بطلة قصتك لتهوي في بئر السقوط وتغرق في وحل الخطايا.. وتصغر في عيون نفسها حتى لاتكاد تبين ..! -للأسف حين تكون الأسرة مفككة بهذا الشكل ؛ لا تجمعها جلسات الود والحنان، الألفة والاحترام ، ولا يقربها مصارحة أو حوار ، ولا وزاع ورادع ديني.. فلن نستغرب تلك النهاية المخزية لكثيرات مثلها. - الأسرة والتربية هي اللبنة الأساسية في تشكيل عجينة الفرد، فبصلاحها يصلح او العكس . - قصة وإن قرأنا منها الكثير أخي الفاضل.. لكنك تفردت هنا بأسلوبك القصصي المشوق وهدافة الطرح والمغزى . كما تفضل من سبقني بالرد. بورك الفكر والقلم مع خالص تقديري. نغم الشام بعد المغيب ..

بالفعلِ أصبتِ ما أنشده
الأسرة ودورها المهم جدا فى الحفاظ على أبنائها
وأيضًا أخلاق الفتاة وحياؤها اللذان يمنعاها من الوقوع فى الزلل
وإذا سقطا منها سقطت فى بئرٍ من الضياع.

أسعدتى وجودكِ وردّكِ القيم أختى الفاضلة نغم
وأشكرُ لكِ ثناءكِ الجميل
دمتِ بخير حال

[Lamees]

انها واقع بالفعل
هذة الفتاة مثل فتيات كثيرات
عندما يفتقدون الاحتواء المنزلي
يبحثون عنه خارجاً
اسلوب مشوق جداً
وراقي جداً
انت مكسب للقسم حقاً
تقييمي وتثبيتي وتحيتي

[د/ عبد الله]

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة lamees انها واقع بالفعل هذة الفتاة مثل فتيات كثيرات عندما يفتقدون الاحتواء المنزلي يبحثون عنه خارجاً اسلوب مشوق جداً وراقي جداً انت مكسب للقسم حقاً تقييمي وتثبيتي وتحيتي

جزيل الشكر لكِ أيتها الفاضلة
أسعدنى مروركِ وتشجعيك
دمتِ بخير حال