الأخلاقيات والحضارة

[ahmed 22]

عندما نتحدث عن نظرية السفر عبر الزمن وامكانيته
فتجد أسهل الطرق لاحباط النظرية في وجهة نظر الكثيرين ...
انه ذا كان هناك امكانية للسفر عبر الزمن فلماذا لم نجد
من يسافر من المستقبل الي الماضي لتغييره ؟
هذا شئ منطقي ومريح لمن اختار ازاحة العقل عن فضول الاحتمالات ..
صحيح ان ليس كل نظرية قابلة للتطبيق ..
ولكن كونها محل نقاش هذا معناه .. ان هناك فرضية ما او درس ما
يجب الخروج منه عندما تجدها علي الطاولة ...

عن نفسي أعتقد أن كل شئ ممكن في خانة الاحتمالات
ولو بنسبة ضئيلة ..
فإذا كان هناك امكانية للسفر عبر الزمن ..
فمن المؤكد أن هناك من حدد اقامة السفر لمعرفتهم
ان الحضارة االانسانية والتكنولوجية ستولد بالاخفاقات البشرية
وليس بتسليم المعرفة تسليما سهلا ... فتلك قيمة عظيمة
من الصعب السيطرة علي ما يعقبها من افعال طبقا للطبيعة البشرية المعقدة
نفسيا وعقليا ..

ولكي تمتلك العالم بين يديك يجب أولا يجب ان تتعلم
قيمة ما تملك .. يجب أن تكافح لكي تتسلم الدفة ثم تسلمها لمن بعدك
يجب أن تكون أهلا لتلك الثقة ..
يجب أن تعلم أن الأمر ليس مقتصر علي المعرفة العلمية
الأمر اصلا اساسه مبني علي المنظومة الأخلاقية التي يجب أن تتوارثها
بالتجارب وعيشك الحياة ..
ولا تستطيع أن تستلمها بسيارة زمنية تأتيك من المستقبل ..
وما ينتج عنها من ميلاد منظومة اجتماعية وأسرية .. التي تحدد وجودك
واستمرارك علي خريطة الكون ...

فالعالم مبني علي تراكمات من الحطام الانساني
توازيها أطنان من الأفعال ... كمعادلة متوازية ..
وكأنه يولد من هذا الحطام الإرادة للقيام بمزيد من الأعمال ..
وهكذا تسير عجلة الحياة ...

الفكرة طبعا ليست اننا نتحدث عن امكانية السفر عبر الزمن من عدمه ..

ولكن لبيان أن الأخلاقيات هي أساس كل شئ
فعندما تكون محطما وتكون في اقصي درجات اليأس
تبحث عنك الأخلاقيات لكي توجهك بإرادة الهية لتنشأ ارادتك الخاصة ...
لكي تبدأ في التغيير ...
ولكي تورثها بقيمة ما تمتلك من حضارة هي مسؤلية
أكبر منها منحة يتم تقديمها علي طبق من ذهب ...
فأنت تورث تلك الإرادة اولا ومن ثم تنتج من تلك الإرادة ... الحضارة ..

فالبشر عموما يعيشون في مشفي كبير للأمراض النفسية
ما بين من يمتلك جنون العظمة وأنه قادر أن يدمر العالم في لحظة
ولكنه يتفضل عليهم بحنوه وعطفه ويعطيهم الفرصة للعيش في ظله
وما بين الخوف من النظر اليها من الأساس ..
ويتعارض ذلك بين كل جيل وأخر ...

فهناك هذا الشخص الذي يعيش في قاع الحضارة
ومع ذلك فهو قادر أن يسلم ابنه ارادته الاخلاقية ذات يوم
الذي كافح بيها الفقر والجهل دون أن يستسلم لهم
لكي لا يهاب العظمة عندما يمتلكها بل يوجهها للخير ..
وتصبح بالنسبة له مجرد شئ اضافي ..

وهناك هذا الشخص الذي عاش في ظل جنون عظمة حضارته
فلم يتعلم متي يتماسك عندما يمر بمحنة ..
فتجده تائه أكثر منه مناضل ومقاتل لأجل وطنه ...

التفاصيل الانسانية معقدة ومن الصعب الحكم عليها من منظور واحد
ولكن فلسفتها هو ارث تاريخي تراه في تجاربه ...
ومن ثم تعطي نتائجها وأنت في أوج البحث عن طريقك الخاص ..
ولكن سيظل العامل الأخلاقي وقدرته علي الصمود
في الأزمات بمعدل واضح هو السبيل الوحيد
من أجل الوجود الانساني وقدرته علي حفر مكانه في الحياة ...

فمثلا في بلاد الغرب أصبح للانفلات الاخلاقي قانون يحميه
وبالتالي هم في مرحلة اللا عودة الاخلاقية ... ربما كلمة اللا عودة كبيرة
ولكن عندما يدخل القانون .. فهو يؤسس للظاهرة ويوسعها
ومن ثم تصعب السيطرة عليها لو استمرت سنتين فقط
فيصبح امر واقع ...
لأن هذا أصبح جزء من روتين مجتمعهم
وأصبح هذا يضرب منظومتهم الاجتماعية في مقتل في المستقبل
وهذا باعتراف جزء كبير من فلاسفتهم ...
والمنظومة الاجتماعية عامة هي اساس كل حضارة انسانية
واساس استمراريتها ...

فلا تنبهر ببريق الحضارة والوانها ...
فمثلا أنت لا تعرف هل مدينة لاس فيجاس هي مدينة الخطايا ام مدينة النور ؟


وهناك اقتباس لاحد الردود القديمة قمت بكتابته في موضوع قديم لي هنا
سأقوم بنسخه ..

المجتمع الغربي علي الرغم من كل السمات الحضارية والنظام الذي اضاء به العالم وتلك الصورة المهيبة هو مجتمع يقترب من البدائية شيئا فشيئا ...

لان المجتمع الغربي علي حساب تطوره اخذ يفقد يوما فأخر المنظومة الاخلاقية واصبحت تتدهور ... بل ان هذا التطور يخفي تلك العيوب الاخلاقية بصورة كبيرة جدا .. واصبحوا في مرحلة انفراط اخلاقي بل وصلوا لمرحلة خطيرة لان هذا الانفراط اصبح هناك قوانين تحمي البعض منه ...

هناك فجوة في المنظومة الاجتماعية والمنظومة الاسرية هناك .. لكي ان تلاحظين نسبة الاطفال غير الشرعيين هناك التي قد تصل للثلث في اوروبا .. وايضا قلة الزواج والانجاب وايضا زيادة معدلات الطلاق بصورة تدريجية وبالتالي تفكك وايضا قلة الثقة المتواجدة بينهم وقلة الترابط وسوء تربية الاطفال نتيجة انفصال الوالدين .. وزيادة نسبة الاعتداء علي الاطفال وطبعا الظاهرة الاكبر هناك وهو زواج المثليين والعلاقات المفتوحة وغيره .. فهناك الغريزة لحيوانية تقودهم اكثر والاباحية اصبحت تحررا.. واصبح هناك الكثير من القيم الشاذة والانحلال الاخلاقي التي تمثلا واقعا امام الغرب

في مفكر كبير ومشهور اسمه فوكوياما كان ليه نظرية بيقول فيها ( ان نصف سكان اوروبا سوف يكونوا معدل سنهم فوق الخمسين عاما خلال عشرين سنة وهذا سيؤدي الي تدهور الدخل القومي واضعاف تلك الدول وقلة عدد سكانها .. ما لم يتوقفوا عن تلك العادات الاجتماعية التي اصابت المجتمع نتيجة اهتمامهم بالتطور الصناعي فقط وتجاهلهم للحياة الاجتماعية وللاسرة ومدي اهميتها وعودة الترابط المفقود بينهم ) ..

اللي عاوز اقوله ان ليس كل تقدم له رواسب و اعراض جانبية ومن المستحيل ان يمتلك شكلا مثاليا .. وكل تطور وتغيير ان لم يكن متبوعا بمبادئ ودوافع صحيحة .. فلن يستمر طويلا .. فامريكا واوروبا مثلا ووان كانوا علي قمة العالم لسنوات طويلة فهذا ليس مقياس دائم ولكن هو وضع قائم قابل للتغير في اي لحظة فالعالم حاليا باجمعه مليئا بالتغييرات والاحداث والتحديات وكل دولة في العالم مهما كانت غنية تقابلها مشكلات ويكفي فقط ان تقرأي عن الدين الداخلي او الدين العام لامريكا في الوقت الحالي ... فالايام دول قبل كل شئ

ونحن ان في يوما فكرنا في التغيير من انفسنا لكي نكون قادرين علي النهضة بأوطاننا يجب ان لا نستهين بما نمتلكه في ايدينا حاليا ... بالعكس يجب ان نصحح ونقرب المسافة ونستغل ديننا الحنيف بصورة اوسع لتعويض الفجوات الاجتماعية البسيطة في عالمنا في الوقت الحالي لانها اساس كل شئ مستقبلا .. ويجب ان نزيل الكراهية قبل كل شئ .... فأساس كل تغيير هو كيان اجتماعي متحد ومتماسك متحاب .. فبغير هذا لن نقوي اقتصاديا بأي حال ... لاننا فضلنا نزعاتنا الفردية قبل الجماعية وتلك هي مشكلتنا بكل تأكيد.. وبكل تأكيد يجب ان نمتلك الغيرة من الغرب ولكن لتحثنا علي التقدم لا ان تنزل بنا الي قاع العالم ...



ربما سنقول أننا لسنا افضل حالا من جوانب أخري ..
وأننا يجب أن نهتم أكتر بتشريح حالاتنا أكتر من النظر اليهم
والحكم علي من هم افضل منا حياتيا ..
ولكن نقولها فقط من باب أن للمجتمعات اخطائها ويعوها
واصبحت جزء من حياتهم بل الخوض فيها جريمة يجرمها القانون
بل اصبحت جزء من الضمير ...
وهذا طبعا لا يعارض أن الانسان الغربي فيه هذ الخليط العجيب
بين التحرر و التنظيم والمعاملات الانسانية الراقية والالتزام بالعمل
وغيرها من الامور الجميلة التي تجذب العيون ..
واختلطت بمفاهيم أكبر من ان يتم اصلاحها مستقبلا ..
بالنسبة لهم ..نعيش اليوم ... وغدا يوم أخر غير واضح ..
وهذا كل ما اقول ..

أما نحن فمازلنا علي دراية أنها اخطاء وهناك ولو جزء من الضمير
الانساني مازال موجود .. اعتقد انه سيصل عند نقطة ما ثم يستيقظ
وهذا ما أراهن عليه ليس أكثر ...
فلا داعي لليأس المبالغ فيه .. فالايام دول ..
والحياة تتحول في لحظات .. ربما نرثيها وترثينا ..
ولكن ذات يوم سنرثي تلك الأيام .. ويضحك من يجب
ان نترك لهم ارادتنا الاخلاقية الحرة كإرث فيه شئ من الكرامة
وليس كمرض نفسي ..

[fanaa]

مقال راقى وجميل جدا جدا
سلمت يداك

[يــزن]

بالفعل ان الأمم التي تمسكت بالإرث الأخلاقي السليم هم من صنعوا الحضارات
على مرور العصور والأزمان ، المقال حقيقة جدا رائع تطرق لجوانب عدة تأكد صحة
ما تناولت من طرح رائع في هذا السياق
أخي العزيز أحمد يبهرني سلاسة الطرح وايجاد حلول أو ما يناقش هذا الطرح
فالشكر لك وكل التقدير

[فداااااااااااء]

ان رجعنا الي الماضي الي مجدنا العلمي سنجده كان في زمن
تمسكنا فيه بالدين والاخلاقيات ومنذ ان تركنا هذين اصبحنا
في ذيل الامم
سلمت مقال قيم