منتديات بنات مصر

منتديات بنات مصر (https://forums.banatmasr.net/)
-   منتدى التنميه البشريه (https://forums.banatmasr.net/f70/)
-   -   دع عنك التفكير (https://forums.banatmasr.net/msryat31335/)

Mohammed ali 02-13-2009 02:08 AM

دع عنك التفكير
 
نيل السعادة غاية يسعى لها كل فرد منا ، وكل فرد منا قادر على أن يجلب لنفسه العادة المرجوة ! كيف ؟ الجواب بسيط . يتميز الإنسان بكونه مخلوقا يفكر بصورة مستمرة فقد خلقة الله تعالى بهذه الصفة . و لأن عملية التفكير تجري في عقله ، باستمرار فإنه ينسى هذه الخاصية ، وهي أنه مخلوق دائم التفكير ، ودوام التفكير هذا يسبب اختلاط الأمور في ذهنه ، ويصعب عليه أن يدرك حينها أن مشاعر الفرح أو الحزن التي انتابته إنما هي نتيجة ما جال بذهنه من أفكار وخواطر ، ولتوضيح ما ذكرنا ، نطلب منك القيام بتجربة ، وهي أن تحاول أن تشعر بالغضب دون أن تفكر بأمر يثير غضبك . كيف وجدت الأمر ؟ ستجد أنه يستحيل عليك أن تشعر بالغضب أو الألم دون أن تكون قد فكرت فيما يغضبك أو يؤلمك ، فشعورك بالغضب ، وبدون الأول لن يحدث الثاني . إذا فكرت بموقف سلبي مررت به ، مثل زواج فاشل ، أو رسوب في امتحان أو غيرة ، وواصلت التفكير بهذا الموقف فإن ذلك يعني المزيد من المشاعر السلبية التي ستعتريك . ولو حللنا تفكير البشر لوجدنا أن 80 – 90 % من هذا التفكير سلبي وضار ، بالإضافة لكونه متكررا . الكثير منا يعيش ومعه جلاد في داخل ذهنه يضربه بسياط باستمرار ، ويمتص الطاقة من جسده وروحه ، بل نكاد نقول : إن التفكير قد أصبح داء !! والمشكلة أحيانا ليست في سوء استخدامنا للعقل بقدر ما هي في استخدام العقل لنا !! وهنا يكمن الداء .
يقول ابن القيم رحمة الله : ( أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك ) ، ذلك لما قد يسببه التفكير السلبي من امتصاص للطاقة من الجسد والروح ، وكأنه سيارة فقدت السيطرة على فراملها .
يقول الفيلسوف الأمريكي إيمرسون : ( إن الفكرة هي أصل كل فعل ) .


ويقول ماركوس اوريليوس الإمبراطور والفيلسوف الروماني : ( إن حياتنا ما هي إلا حصائد أفكارنا ) فكيفما تفكر تكون ، لذلك علينا أن نحرص دوما على أن نحرر العقل من الأفكار السلبية . نفذ الخطوات التي نشير بها عليك في السطور التالية ، وثق أنك لن تندم مطلقا واعلم أن ثمن السعادة أن تتحمل مسئولية كل فكرة من أفكارك . لا بد من بذل الوقت في إصلاح النفس والأفكار ، وأي تهاون في هذا الأمر بدعوى الانشغال بمطالب الحياة هو بمثابة التهاون في ملء سيارتك بالوقود ، بدعوى انشغالك بالقيادة ، وفي النهاية لابد من أن يقع المحظور وينفذ وقودك !


عندما تنوي بناء منزل جديد فإنك تحرص على الاهتمام بالتصميم الهندسي وحسن انتقاء مواد البناء ، فكيف الحال مع منزلك العقلي ؟ لاشك أن منزل أفكارك أولى بالاهتمام !! يقول ابن القيم رحمة الله تعالى في كتاب الفوائد : ( فالفكر والخواطر والإرادة أحق شيء بإصلاحه من نفسك ، فإن هذه خاصتك وحقيقتك التي تبتعد بها أو تقرب من إلهك ومعبودك الذي لا سعادة لك إلا في قربه ورضاه عنك ... وإياك أن تمكن الشيطان من بيت أفكارك وإرادتك ، فإنه يفسدها عليك إفسادا يصعب تداركه ، ويلقي إليك أنواع الوساوس والأفكار المضرة ، ويحول بيتك وبين التفكير فيما ينفعك ، وأنت الذي أعنته على نفسك بتمكينه من قلبك وخواطرك فملكها عليك . نمثلك معه حمل رحى يطحن فيها جيد الحبوب ، فأتاه شخص معه حمل تراب وبعر وفحم وغثاء ليطحنه في طاحونته ، فإن طرده ولم يمكنه من إلقاء ذلك في الطاحون أفسد ما فيها من الحب وخرج الطحين كله فاسدا! ) .


تفكيرك لا يستطيع أن يخلصك من الشعور بالكآبة .... قال المدرب الأمريكي المشهور فينس لمباردي :( إصرارك على تكرار العمل الخاطئ يستحيل أن يصل بك إلى نتيجة سليمة ) . لا تصدق الفكرة الشائعة بأن الحديث عن المشاعر السلبية يساعدك على التخلص من تلك المشاعر . كما أن أغلب الناس تفعل ذلك على مر العصور ، إذ من عادة المرء أن يحكي للمقربين منه عن آلامه وأحزانه ولكن القليل منهم من ساعده ذلك البوح على أن يتخلص من مشاعره السلبية ... الغالبية ظلت تحتفظ بمشاعرها السلبية رغم إفصاحها عنها للآخرين .

المطلوب أن يرتفع الإنسان فوق مستوى الفكرة ... أن يصل لمرحلة يستخدم فيها التفكير بشكل مركز ونافع ، وفي نفس الوقت يتحرر من ذلك النقاش الداخلي الذي يشل الإنتاجية . حين تكون مكتئبا لن تستطيع أن تفكر بصورة سليمة . ففي حال الاكتئاب تكون معنوياتك منخفضة ، والسبب في ذلك التفكير السلبي المسيطر عليك ، وكلما استغرقت أكثر في ذلك التفكير السلبي ، كلما استجابت له نفسك أكثر ، وكلما ساءت أحوالك أكثر وأكثر .

إن عدم القدرة على إيقاف التفكير السلبي والسيطرة عليه مشكلة خطيرة تمنع من تحقيق السعادة وتحصيل الراحة النفسية وهدوء البال ، ولا بد أن نتعلم كيفية إيقافه . دعني أسألك : لنفرض أنك أصبت بجرح عميق في ذراعك ، فهل سترش الملح على ذلك الجرح وأنت تعلم يقينا أن رش الملح عليه سيسبب لك آلاما مضنية ؟ هذا بالضبط ما يحدث لك حين تفكر وأنت مكتئب ، يكون الأمر وكأنك ترش كمية كبيرة من الملح على جرح ينزف بغزارة !!


Mohammed ali 02-13-2009 02:10 AM

حين تكون مكتئبا لا ترهق ذهنك بالتفكير في كيفية الخروج من ذلك الاكتئاب . دع الأمر يمر ... دعه على ما هو عليه ، وستجد أنك قد تخلصت من اكتئابك بصورة أسرع مما توقعت !! هناك جانب مهم فيك مرتبط بالفطرة التي جلبت عليها ، وهو ما يسميه العلم ( الأداء الصحي النفسي ) . دعنا نرمز له بـ ( HF ) : ( Health Psychological Function )وللاختصار نسميه نحن ( البصيرة ) , إن هذه البصيرة أمر فطري فيك ، يعمل بصورة جيدة حين لا تكون مستغرقا في أفكارك .


( البصيرة ) : هي تلك الوظيفة التي يقوم بها عقلك حين يدفعك للتصرف بحكمة ، أو حين تفكر تفكيرا منطقيا . إنه ذلك الجانب الخفي في عقلك ، والذي يرى في القضية التي تواجهك جوانب أخرى قد لا تراها أنت الآن . من عادة المرء حين يصاب بابتلاء أن يغتم ولا يرى أمامه سوى ذلك الابتلاء ، لكنه غالبا ما يتبين حكمة الله تعالى من ذلك الابتلاء بعد سنوات ، وكما صرحت إحداهن قائلة : ( حين سرحت من عملي شعرت بهم كبير ، ولكنني تغلبت على أحزاني بالعودة للدراسة وهو ما كنت أتمناه منذ سنوات . وبعد تخرجي بامتياز عينت في وظيفة مرموقة ، والآن أحمد الله تعالى أنني سرحت من وظيفتي الأولى ، وإلا ما كنت أتممت دراستي وحققت حلمي !! ) .


قال أحد مشايخنا : ( ما من شدة إلا وخلالها ألطاف ، لكن الغافل قلما يلاحظ ذلك ) . فكل ابتلاء يصاب به المرء مهما كان بسيطا فيه حكمة ربانية . قد تظهر في حينها . وقد تظهر بعد سنوات أو أنه يؤجر عليه في الحياة الآخرة . إن هذه ( البصيرة ) ترى جوانب أخرى في الأحداث المحزنة التي تمر بها . ترى حكمة الله عز وجل فيما وقع لك من ابتلاء ، وهي لا تنزعج حين لا تكون الظروف المحيطة بك ملائمة لك تماما . ( البصيرة ) هي ذلك الشعور الذي ينتابك حين تبدو الأمور حولك وكأنها تسير بالصورة المطلوبة .. حين تكون الحياة بسيطة وسهلة ، وتشعر أنك تمتلك التصور الصحيح لها .


عندما تدرك هذه الحكمة أو ( البصيرة ) هي جزء لا يتجزأ من تفكيرك وعقلك وتؤمن بها ، فإنك ستفتح لها الباب وتجعلها أكثر فاعلية في حياتك . ما الذي يجعلك قادرا في بعض الأحيان على الاحتفاظ بتصورات ومفاهيم واضحة عن الحياة ، بينما تشعر في أحيان أخرى أن أفكارك وتصوراتك ووساوسك ستؤدي بك إلى الجنون ؟ الجواب هو أنك في بعض الأحيان تكون مرتبطا بقوة ببصيرتك ، وفي أحيان أخرى لا تكون كذلك . لذا يتعين عليك أن تتعامل مع ( بصيرتك ) على أنها شيء موجود فيك بالفعل ، وأن تعمل على تفعيلها بصورة أقوى ، وأن تثق بها كما تثق بحدسك تماما . وحين تفعل ذلك وتتدرب عليه ، سوف تجدها في عونك في الأزمات ، وبإمكانك الاعتماد عليها .



السعادة حالة وليست ظرفا !!



من طبيعة نظام التفكير أنه يهتم بتفاصيل حياتك فقط .. باهتماماتك اليومية ، بذكائك وفطنتك وكيف تقارن نفسك بالآخرين .. بنجاحاتك ورغباتك التي لا نهاية لها ، وبإشباع ( الأنا ) لديك . وطبيعته الأخرى أنه ( نهم ) .. مهما حاولت فإنك لن تستطيع مطلقا أن تشبع نظام تفكيرك !!


اعلم أن السعادة عبارة عن حالة يعيشها عقلك ، وليس لها علاقة مطلقا بالظروف التي من حولك . بمعنى أن حصولك على أمر معين لن يحقق لك الشعور بالسعادة كما تعتقد ، فإنك لن تجدها في القصر المنيف الذي تسكنه ، أو الملبس الأنيق الذي ترتديه ، أو في اقتناء الجوهر الثمين . ومهما بحثت عن السعادة خارج عقلك فإنك لن تجدها أبدا !!


بداخلنا شعور عميق بعدم الكمال ، وهذا الشعور غريزة وضعها الله تعالى فينا لنستدل من خلالها عليه ، إذ أنه يمثل مطلق الكمال سبحانه . هذه الغريزة تتمثل في الشعور بالجوع الروحي ، إذ كمال وضع فينا الشعور بالجوع المادي لنستدل على حاجتنا للطعام ، وضع فينا الشعور الروحي بالبحث عن كمال لنستدل به عليه . وهذا الشعور بعدم الكمال تتفاوت مظاهر إشباعه بين البشر ، فمنهم من يسعى ليحقق الكمال في كل عمل يقوم به ، وآخر يظهر فيه عن طريق حب التملك ، وفي جميع الأحوال يتصور الإنسان أن هذا الشعور بالنقص علاجه من خارج النفس .. شيء يمكن شراؤه أو اقتناؤه ، من خلال سلطة أو مال أو غير ذلك ، وعندما يملكه سرعان ما يكتشف أن جوعه يتجدد .


إنك في اللحظة التي تحاول فيها البحث عن السعادة ، تفترض أن السعادة شيء موجود خارج ذاتك ، وأنها مرتبطة بأمر آخر حولك ، وهو قطعا تصور خاطئ منك . تقول الكاتبة الأمريكية ايدا لوشان في كتابها الرائع ( أزمة منتصف العمر الرائعة ) : ( يجب أن أدرك أنه في اللحظة التي اعتبر فيها أن أي شخص آخر مسئول عن إسعادي فإني في مشكلة كبيرة مع نفسي ) .


لا شك أنك في طفولتك قد سمعت بقصة الملك الحزين الذي وصف له الطبيب قميص شخص سعيد ليرتديه ، كي يشعر بالعادة ، فبعث الملك رجاله في أرجاء مملكته ليحضروا له قميص أسعد رجل فيها ، فقيل لهم إن أسعد شخص في المملكة راعي غنم اعتاد رعي غنمه بين الجبال ، وحين وصل رجال الملك لراعي الغنم وجدوه فقيرا لا يملك قميصا ليهبه الملك !!


إنها قصة رمزية تريد أن تقول لنا في النهاية أن السعادة عبارة عن شعور نابع من داخلنا ، وليس له علاقة مطلقا بالأحوال من حولنا ، فقد تجد فقيرا يشعر أنه أسعد الناس ، وقد تجد ثريا يشعر بأنه أشقى الناس !! يحكى أن الفيلسوف الداعي للسلام البريطاني الشهير ( برتراند راسل ) زاره ذات يوم صاحب له ، وأثناء الزيارة لاحظ الزائر أن الفيلسوف قد استغرق في تفكير عميق فسأله عن ذلك ، فأجابه راسل : ( لقد توصلت إلى اكتشاف غريب !! فكلما تحدثت مع العلماء تبين لي استحالة الوصول إلى السعادة ، لكن كلما تحدثت مع المزارع الذي يعمل في حديقتي ، وجدت أنه من السهل جدا الوصول لها !! ) .


وحول ذلك تعليق لوشان من جديد : ( وبدأت أتعلم الدرس الذي نحتاج جميعا أن نتعلمه وهو أن كلا منا دائما وأبدا وحيد داخل جلده مهما كان قريبا من الآخرين ، وإن الإنسان يولد وحيدا ، والشيء الأساسي الذي نحتاجه لمواجهة سنوات عمرنا هو أن نجد السعادة مع هذا الرفيق ... مع أنفسنا !! ) .


إن البصيرة هي ذلك الجزء الداخلي في عقلك والذي أنعم الله تعالى به عليك ليجعلك تشعر بالسعادة ، بغض النظر عن الظروف المحيطة بك ... إنها ذلك الجزء من عقلك الذي يشعر بالرضا في جميع الأحوال ، وهو يعلم أن قوة الحياة تكمن فيك أنت وليس في أفكارك !! وبداية الطريق للتخلص من الشعور بالتعاسة هو أن تتعلم كيف تشعر بقوة البصيرة في باطنك ، وتؤمن بوجودها وأهميتها في حياتك ، ومن ثم تتعلم كيف تعمل على تقويتها وتطويرها باستمرار ، وكلما استسلمت لأفكارك السلبية ، كلما خلقت هوة أكبر بينك وبين قوة البصيرة لديك . بينما لو تجاهلت تلك الأفكار السلبية وتناسيتها قدر الإمكان لعملت بصيرتك بصورة أفضل وأقوى إذ أنك سوف تقلل من الوقت الذي تستغرقه في التفكير بمشاكلك وهمومك وعوضا عن ذلك تسترخي وتجعل ذهنك يرتاح . عندها بإمكان قوة البصيرة أن تتسلم زمام عقلك بشكل سليم وتجعلك تشعر بالمتعة عوضا عن الشعور الدائم بالمقاومة لما يعترض حياتك من هموم وعقبات .


قياسا على ذلك لابد لنا من أخذ هدنه من صخب الحياة اليومية أثناء النهار ، وذلك بأن يختلي المرء بنفسه في لحظة هدوء وتأمل ، فيحصل الجسد على الراحة التي ينالها بالنوم ، فالصمت يملؤنا بالسكينة والهدوء . لذا عليك أن تقوم بعملية جرد يومية للعقل ، وتتخلص من الأفكار السلبية كما تتخلص من الآلات التالفة .

Mohammed ali 02-13-2009 02:11 AM

قياس تمثيلي : ثقتك بوجود السعادة سيجذبها إليك


لنفترض أنك تملك زوجا من الجوارب البرتقالية اللون ، ولكنك في ظروف ما فقدتها والآن ترغب في ارتدائها . إن كنت متأكدا إنك كنت تملكها بالفعل وتعرف شكلها تماما وترغب بشدة بالعثور عليها فإن احتمال عثورك عليها ستكون كبيرة جدا . أما إن كنت شاكا في أنك كنت تملك مثل تلك الجوارب فإن نسبة الاحتمال بالعثور عليها ستتدنى إلى قدر ضئيل جدا ، إذ كيف ستعثر على شيء لا تعرف ماهيته ؟

هذا بالضبط ما سيكون عليه حالك مع البصيرة فكلما تيقنت منها وأيقنت بوجودها ، كلما أتحت الفرصة لها لتعمل وتتطور فإنها ستقوم بواجبها وستعمل على طرد التعاسة من حياتك ، بالضبط مثل ضوء الشمس الذي سيعيد الحياة لنبات ترك في الظلام . فالضياء أقوى من الظلمة ، وأنت لن تجلب الضياء والنور لحياتك مهما فكرت وحللت ، لن تجلب الضياء إلا حين تسمح لذلك النور أن يتسلل لحياتك فيضيئها شيئا فشيئا . إن كان هناك جانب مظلم في حياتك لا تهرب منه ، بل واجهه واعترف به ، ثم اعمل على إضاءته !!

تصور معنا مباراة كرة القدم واللاعب يهم بتسديد ضربة جزاء أمام ما يقارب 15000 متفرج من الجمهور يهتفون تشجيعا له أو تثبيطا له ، يف تتصور حال ذلك اللاعب في مثل هذا الموقف الحرج والدقيق ؟ لا شك أنه على اللاعب أن يتصرف وكأنه لا يسمع كل تلك الصيحات ... عليه أن يركز نظره على الهدف فقط ، وأن يتفادى أدنى قلق أو تردد ، وإلا أثر ذلك على أدائه حتما . إن هذا الأداء المتقن يتطلب من اللاعب الماهر تمرينا مكثفا في السيطرة على تفكيره بحيث يوجهه إلى حيث يريد ، وكذلك عليه ألا يطيل التفكير في الأخطاء الماضية التي وقع فيها ... مطلوب منه أن يعرف الخطأ الذي وقع فيه ، لكن دون أن يجعل نفسه أسيرا لذلك الخطأ .

إن أردت الحصول على السعادة والراحة الذهنية عليك أن تفعل مثل ذلك اللاعب ، مع فارق بسيط هو أن اللاعب يقوم بذلك في لعبة وأنت تقوم بذلك في جوانب أهم من حياتك .




عامل الوقت


تعلمنا منذ الصغر أن ( الوقت هو علاج لآلامنا وأحزاننا ) الواقع أن العلاج ليس في الوقت بحد ذاته ، وإنما في تضاؤل حجم تفكيرنا بتلك الآلام والأحزان مع مرور الوقت . ولو كان الوقت هو فعلا الذي يعالج آلامنا وجراحنا لكان ينبغي أن نتغلب عليها جميعا في نفس الفترة الزمنية ، لكننا نعلم أن الأمر ليس كذلك .

إن ماضيك مجرد خيالات أو ذكريات في عقلك ، وكذلك مستقبلك ، ولا حقيقة إلا اللحظة التي تعيشها الآن . وكونك تعلمت دروسا عديدة من الماضي لا يعني أن تعيش في معاناة بسبب ذلك الماضي !! فلا تلم نفسك كثرا على الأخطاء التي وقعت بها ، وتذكر أن الوقوع في الخطأ نعمة ، لأننا نتعلم من أخطائنا ، ولولا الخطأ لما تعلمنا الصواب . وحتى صحابة رسول الله صلى الله علية وسلم رضوان الله عليهم كانوا يخطئون ولذلك قال في حديثه الشريف : عن حنظلة الأسيدي قال : قلت : يا رسول الله ، إنا إذا كنا عندك كنا ، فإذا فارقنا كنا على غير ذلك . فقال : والذي نفسي بيده لو كنتم تكونون على الحال الذي تكونون عليها عندي لصافحتكم الملائكة ولأظلتكم بأجنحتها ( مسند أحمد حديث رقم 18567 ) .

ليس هناك بالتأكيد ما يعيب رغبتك في التطور والارتقاء بنفسك ، ولكن دون أن تؤذيها بتكرار التفكير بأخطائك الماضية ، وإلا فإنك بدلا من أن تعيش منفتحا على الحياة مستمتعا بها ، سوف تعيش حالة من النقد المستمر لذاتك .... مصرا على أن تظل أسير أخطاء وقعت بها ، أو أفكار سلبية طالما سيطرت على حياتك .

إن قبول الماضي والاستمتاع به يضفي ألوانا على الحاضر ، أما الانشغال به والتعليق بأهدابه فيسلب من المرء مجالات جديدة . من الطبيعي أن يشعر المرء بالإحباط لما فشل فيه ، وبالذنب للأخطاء التي اقترفها ولكن يجب أن نقبل أن الإنسان غير معصوم من الخطأ وأن نتحرك قدما . لقد فعلنا أفضل ما كان بوسعنا ، فإن سلمنا أنفسنا للأسى على الماضي فسوف نسلب أنفسنا الحياة التي لا تزال ولا بد لنا أن نحياها .

ليس من الضروري أن تجعل حياتك حلبة منافسة مستمرة لترى كم عدد الإخفاقات التي ستمر بها !! وبدلا من أن تلبي نهم عقلك للتفكير بالمشاكل التي حدثت تدرب على كيفية تجاهل تلك المشاكل ... بدلا من أن تحمل هم مشاكل ستقع مستقبلا ، أو تسترجع أخطاء وقعت فيها في الماضي ، عود نفسك أن تعيش اللحظة الراهنة !! وستلاحظ بنفسك كيف أن اعتيادك على أن تعيش اللحظة الراهنة هو في حد ذاته كفيل بحل جميع مشاكلك . لذا كان سلفنا الصالح يقولون ( كن ابن وقتك ) فلا تأس على ماض ، ولا تحمل هم ما هو آت ، إذ من الصعب عليك أن تشعر بقيمة الشيء الذي بين يديك طالما أنت مشغول طوال الوقت باكتشاف عيوبه لا بتطويره !!

كم هي اللحظات الجميلة في حياتنا والتي لا نحسن الاستمتاع بها كما يجب لقلقنا ولتفكيرنا بالمستقبل !! تقول لوشان : ( بدلا من أن أتمتع بمراقبة ابنتي وأن أشاهد العالم من جديد من خلال عينيها ، وبدلا من أن ابني معها قصورا من الرمال أو استنشق معها عطر زهرة ، كنت أدون الملاحظات الخاصة بمقالي القادم عن تربية الأطفال . وبدلا من الاستماع إلى تطور حديثها والتمتع بما تعلمه لي عن روعة الوجود وجمال أن تراقب وتنظر وتصغي إلى الحياة من حولك ، كنت أشعر بالضيق لضياع وقتي . كم كنت غبية وكم أنا نادمة على لحظات الحب الخاص التي أهدرتها !! ) ( كتاب أزمة منتصف العمر الرائعة / ايدي لوشان ) سئل أحد العظماء عن سر نجاحه فقال : ( عندما أمشط شعري فإني لا أفكر إلا بتمشيط شعري ) أي أنه يعيش اللحظة الراهنة ... يعيش متعة العمل الذي يقوم به مهما كانت بساطة ذلك العمل .

إذا كنت في الصلاة ركز تفكيرك في صلاتك ، وإن كنت تتناول طعامك فكر فقط فيما تتناوله ، ولا شك أن ذلك ليس بالأمر السهل في البداية فالعقل كما أسلفنا يهوى التفكير الدائم ، لذا فالأمر يحتاج منك إلى تركيز وتكلف في البداية حتى يتحول إلى عادة وسجية في النهاية ، ويصبح التركيز عملية يقوم بها عقلك البطن دون أي تكلف منك . كثيرا ما نسمع شخصا يشتكي من عدم خشوعه في صلاته وأسباب ذلك وعلاجه جمعها الإمام الغزالي رحمة الله في مصنفه الرائع ( إحياء علوم الدين ) باب الخشوع في الصلاة ، ولسنا هنا بصدد معالجة الأسباب وطرق العلاج ، بيد أن أحد أهم سبل العلاج هو أن تتكلف الخشوع في الصلاة في البداية حتى يصير سجية وطبعا ، بمعنى أن تعيش الوضعية التي أنت بها ، تعيش اللحظة الراهنة ، فالعبادات القلبية والطباع والسجايا ، تكون تكلفا في البداية ، ثم تصبح عادة وسجية في النهاية وكما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( إنما العلم بالتعلم ، وإنما الحلم بالتحلم ) .




لا تتحسر على ما فات




دعنا نتوقف قليلا عند حديث شريف اعتبره الإمام النووي مدارا أساسيا في الدين ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير ، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان ) ( صحيح ابن حيان 5722 ) . فأول خطوة ينبغي اتخاذها في طريق السعي للسعادة هي : ترك التحسر على ما فات . إننا نعلم جيدا أن ما حدث لك من مواقف صعبة ، وذكريات أليمة ، ومشاكل واجهتك مع هذا الشخص أو ذلك هي أمور قد حدثت لك بالفعل ، لكن الحقيقة الأجمل من ذلك أنها حدثت وانتهت !! ... انتهت بكل ما صاحبها من مشاعر حزن أو ألم أو غضب . وبالتالي فإن التفكير بها لن يجدي ، فعلام تصر على التفكير بها ؟


ما دامت قد انتهت لم تصر على أن تعيدها للواقع مره أخرى ؟ إنك بتفكيرك المستر بتلك الأحداث تعيدها للواقع من جديد ، وبعودتها يتجدد في نفسك ما صاحبها من مشاعر ألم وحزن !! .. وقديما قيل : ( ما مضى فات ، والمؤمن غيب ، ولك الساعة التي أنت فيها ) المطلوب أن تركز على ( الآن ) ... أن تنفصل عن الماضي والمستقبل وتعيش الحاضر ، وإذا تركنا العقل يجول في هذين العالمين تحصل الكارثة ، لأن أحدهما يتغذى على الآخر ، ويضخم مفعوله وضرره . اقطع وقود الوقت عن التفكير حتى يتوقف الإمداد . أما إذا سمحت للتفكير أن يتجول في الوقت ، فإن حياتك سوف تتأرجح ما بين ذكريات الماضي بندمه وحسرته ، أو حتى بأمجاده الأمجاد الشخصية وليس التاريخية أو في ترقبات المستقبل ، والخوف منه ، والقلق مما يحمل ، والحصيلة هي انشغال كامل ومستمر بالماضي والمستقبل ، ومن ثم انعدام القدرة على إعطاء اللحظة الحاضرة حقها من الاهتمام !! .


الكثير منا يقع تحت سيطرة التفكير والوقت ، لأنه يشعر أن الماضي يعطيه الهوية والثقل الذي يركز عليه ليصف نفسه ، والمستقبل يقدم له الأمل بالخلاص أو المعجزة ، وكلاهما وهم !! إن ترك التكفير ليس بالأمر الهين ، ويتطلب من النفس المجاهدة ، ولكن مع استمرار المجاهدة تحصل على نتيجة طيبة بإذن الله . قال تعالى { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } " سورة العنكبوت – 69 " تيقن أن كل لحظة تنفقها في الخوض في عالم الماضي أو المستقبل فإنك تسرقها من لحظة ( الآن ) وهي أغلى ما تملك

Mohammed ali 02-13-2009 02:13 AM

من الطبيعي أن تنتابك مشاعر الحزن حين تم الاستغناء عنك في عملك مثلا ، ولكن التفكير في كل ذلك مجددا لن يجديك !! فما جدوى التفكير بحادث أليم وقع وانتهى ؟ إننا بتفكيرنا المستمر بحوادث أليمه وقعت لنا في الماضي نحيد بعيدا عن هدف السعادة الذي نسعى لنيله ... انتبه لما تفكر به ، فقد تعيش سنوات في أمر حدث وانتهى فقط لأنك مصر على التفكير به باستمرار !! تمرين : حاول أن تفكر بكلمة ( ثلوج ) وانظر ما الذي تعنيه الكلمة لك ؟ بعض الناس تذكرهم كلمة ثلوج بكرات الثلج ، والزلاجات ، والتزحلق على الجليد ، وتمثال الثلج الذي يبنيه الأطفال عند تساقط الثلوج ، مما يدل على أن كلمة ( ثلوج ) تشكل لهذه الفئة من الناس أحداثا سعيدة . أما البعض الآخر فإن كلمة ( ثلوج ) تطبع في أذهانهم صورة مناقضة تماما للصورة التي في ذهن الفئة الأولى ، فهي تذكرهم ببطارية السيارة التي توقفت بسبب الثلج ، وبالطقس البارد المقترن بالكآبة ، وببرك الوحل الناتجة عن الثلج المتساقط ... أي أنه باختصار سيحمل معه للفئة الثانية أياما مليئة بالمعاناة !!


خذ في اعتبارك أن الثلج ذاته لا يعنيه كيف تفكر به ؟ لا يبالي الثلج أن اعتبرته مناسبة سعيدة ، أو مؤلمة !! الثلج ذاته لا يحمل معنى محددا ، فهو يأتي ويذهب ، وأنت من يجعل قدومه مناسبة سعيدة أو العكس ... أنت ... بنمط تفكيرك تحدد شعورك تجاه تساقط الثلوج ، وليس ما يرافق تساقط الثلوج من أحداث ... نظرتك وتفكيرك حول موضوع تساقط الثلوج هو الذي يحدد مشاعرك تجاهه . تأمل معنا العبارة التالية والتي تعبر عن حال رجل قضى أغلب عمره وهو يعاني من الاكتئاب . يقول : ( حين تكون مهموما بسبب أفكارك فإن حالك يكون كحال شخص كتب لنفسه رسالة قذرة مزعجة جعلته من ثم يغرق في بحر من المشاعر السلبية المتلاطمة !! ) . إنك أنت الصانع لأفكارك .. أنت من تجلب التفكير السلبي لنفسك ، ومن ثم تتأثر به وتعيش وفقا لتأثيره عليك ، وحين تبدأ في النظر لأفكارك على أنها مجرد أفكار وليست حقيقة ، عندها فقط تكون قادرا على التخلص منها ، ولن تدعها بعد ذلك تؤثر عليك سلبا ، ولذلك قيل : ( إدارة الذهن هي أساس إدارة الحياة ) .تذكر إن الأفكار ليست ذاتا ملموسة ، إنها أمر معنوي ، لذا فهي لا تستطيع أن تؤذيك . مثلها تماما كمثل الكوابيس التي تزعجنا ، لكنها لا تستطيع مطلقا أن تؤذينا . وما الأحلام إلا ( تفكير ) أثناء النوم ؟


فرصة الاختيار : انتبه لنقطة الاختيار
المقصود بفرصة الاختيار هي تلك اللحظة الفريدة في زمانها حين تجد نفسك في ظرف يتحتم عليك فيه الاختيار بين أمرين بين .. اتباع طريق قوة البصيرة ( HF ) والذي يتمثل في سلوك منهج الحب والرضا وبين اتباع طريق الاستسلام لقوة التفكير ونهمه . لنفرض أنك سمعت من والدك كلاما أثار استياءك ، وتمنيت بداخلك لو أنه لم يتلفظ به ، أو أن زوجتك راحت من جديد تنتقد أسلوبك في تربية الأبناء أو إدارة المنزل . في المثالين السابقين ، وفي غيرهما من مئات المواقف المشابهة أتت فرصة لاختيار الطريق ، فإما أن تقرر المضي في الأسلوب الذي اعتدته دائما وهو التفكير في الموقف الذي حدث ، فتقول لنفسك : ( لماذا اتهمتني زوجتي بذلك الاتهام ؟ ) ( لاحظ أنك قد قفزت بتفكيرك وافترضت فيها الاتهام لا النصح !! ) . أو تقول : ( إنها تثير غضبي حين تقول ذلك ) ومن ثم تختار الشعور بالحنق والغضب ، وتكرر بإمعان في العبارة التي سمعتها ، وتقلب التفكير في جميع الأسباب التي دعت زوجتك لتقول لك ما قالته ، ثم تروح بداخلك تقول لها كل العبارات التي تتمنى لو أنك فعلا واجهتها بها . أو بإمكانك أن تلجأ إلى مرشدك النفسي فتقضي الساعات الطوال في شرح معاناتك وشعورك فيما يتعلق بهذا الأمر ، ولن يزيدك ذلك إلا حنقا وغضبا !!!

عليك أن تكون واعيا إلى أين سيقودك ذل الطريق !!! فكلما طاوعت نفسك بالسير فيه لأقصى مداه ازداد شعورك بالتعاسة والكآبة . ستظل تعيش في دائرة مستمرة من التفكير السلبي ، ولن تستطيع قطعا أن تتخلص من مشاعرك السلبية ، والسبب الذي يدعو أكثر الناس للسير في هذا الطريق ، هو أنهم بكل بساطة قد اعتادوه وألفوه ولا يعرفون طريقا سواه . يظن الواحد منا أنه كلما أمعن التفكير في هذا الأمر أو ذاك فإنه سيشعر بارتياح .. يظن أنه سيتخلص من تلك المشاعر السلبية ، وهكذا يظل يعيش في فلك تلك الدوامة التي لن يستطيع فكاكا عنها . وهذا يظل يعيش بالضبط ما حدث لفاطمة ففي كل مرة كانت فاطمة تختلف فيها مع زوجها ، كانت تلوذ بغرفتها وتسترجع ما حدث بينهما من شجار ومع توالي الخلافات كانت فترة بقاء فاطمة في غرفتها تطول ، ومع كل خلاف جديد تسترجع فاطمة تفاصيل الخلاف القديم . وهكذا أصبح لديها شريط طويل من الذكريات السلبية ، صار يتنامى مع مرور الأيام ليتحول في النهاية إلى حالة من الاكتئاب المزمن تسيطر عليها ولا يستطيع فكاكا منها . لقد أخطأت فاطمة حين علمت دون قصد منها على تغذية تلك الأفكار السلبية باستمرار ، فكانت النتيجة أنها وقعت ضحية اكتئاب احتاج منها لوقت طويل بعد ذلك حتى تتخلص منه .

إن الحالة التي عانت منها فاطمة تسمى علميا ( تجسيد الألم ) وهي من مخاطر البقاء في الزمن الماضي ، فكل تجربة مؤلمة نمر بها تترك وراءها ترسبات آلام ، تتراكم مع مرور العمر في الذهن والجسد . وهذا ( الألم المتجسد ) له حالتان حالة سكون ، وحالة نشاط ، فقد يظل ساكنا 90% من الوقت في الإنسان العادي ، ثم ينشط فجأة بحصول أدنى محرك نفسي أو جسدي في الظروف من حوله ، أما عن طريق كلمة يسمعها أو موقف يمر به فيتجسد ألمه ذلك أمامه ويحي معاناته وآلامه .

الألم المتجسد يحتاج لظروف يظهر فيها ، ويتفاعل معها ، وتصير بعدها نفسك تطلب المزيد من الألم لتؤكد ظنها في نفسها ، بل لا ترى لها وجودا دونه ، فتتقمص شخصية الجاني أو المجني عليه ... فإما أن تسعى لتسبب الألم لمن حولها ، أو أن تعاني الألم منهم ، أو ربما الاثنين معا !!! إن عملية التفكير داخل عقولنا تمر خلال مسارات عصبية ، وكلما أمعنا التفكير بأمر ما بصورة مكثفة نكون قد عززنا ذلك المسار العصبي بداخل عقولنا (سواء كان ذلك التفكير سلبيا أو إيجابيا ) ، ولأن فاطمة قد عززت مسارا عصبيا سلبيا داخل عقلها لم يمكنها أن تتخلص منه بعد ذلك ، وبدلا من أن تلوذ هي بغرفتها صار المسار العصبي هو الذي يناديها ويلح عليها كي تختلي بنفسها وتراجع شريط الذكريات الأليمة بكل ما يحويه من تفاصيل .

Mohammed ali 02-13-2009 02:14 AM

باختصار ، لقد أدمنت فاطمة تلك العادة التي صارت تتحكم فيها وتسيطر عليها ، بل إنها مع الأسف صارت تستلذها !!!! وصار يتعين عليها كي تعالج نفسها أن تقوم بتفكيك المسار العصبي الذي عملت على تعزيزه سنوات طوال ، وذلك بأن تقوم بفعل بسيط يتعين عليها القيام به كلما اجتاحتها الرغبة في استرجاع شريط الذكريات المؤلمة ، وهو ((أن توقف ذلك الشريط )) في كل مرة يحدث فيها خلاف بينهما وبين زوجها ، بل ينبغي عليها تجاهله .... أن تتقبل الألم وتدعه يمر دون مقاومة ، ومرة بعد مرة سيضعف المسار العصبي الذي عززته دون وعي منها ، ويزول الاكتئاب تدريجيا . ينبغي على فاطمة أن تكون المراقب للموقف فقط ... دون تدخل ودون تفاعل ، ودون أن تجعل نفسها في هيئة المراقب فإنها سوف تنفصل عن ذلك الألم المتجسد وتبتعد عنه ، لأن المراقبة تستدعي النظر عن بعد . لاشك أن الأمر لن يكون سهلا على فاطمة ، فما تم تعزيزه على مدى سنوات يحتاج تفكيكه لمجاهدة وصبر كبير .


قد يرد في نفسك تساؤل فتقول : (( الأمر يتطلب أحيانا أن نفكر في بعض القضايا وأن نقوم بتحليلها )) . وأنت محق في ذلك ولكن تذكر أنك تحتاج ذلك في (( بعض )) القضايا ، وليس جميعها .. من الطبيعي أن تشعر بالغضب أحيانا وتحتاج أن تعبر عن مشاعرك ، ولكن تذكر أن تفعل ذلك أحيانا فقط ، وليس دائما إن كنت جادا في الحصول على السعادة .


إن السير في طريق البصيرة هو باختصار النقيض تماما لطريق (( التفكير )) بل هو باختصار أن(( تتجنب التفكير )) في القضية .إن اختيارك للسير في طريق البصيرة يعني أن تتفاعل مع الحياة بإيجابية ... أن تسمح للشعور بالسعادة أن يخترق حياتك ليضيئها بدلا من أن تجلس وتفتش في ذهنك عن كل موقف أليم ، أو تجربة سلبية وتفكر بها وتقع ضحية لها !!!


لنتصور الآن الوضع المثالي لموقف سلبي تعرضت له فانتبهت لنقطة الاختيار : إذا كنت قد اخترت السير في طريق البصيرة ( HF ) ففي هذه الحالة : ما إن تبدأ الأفكار السلبية بالتجمع والازدحام في ذهنك حول ما تلفظ به والدك مثلا ، أو زوجتك عليك أن تتذكر فورا أنك تسير في الطريق الخطر ..... طريق التفكير ، وهذا الإدراك هو بمثابة التنبيه الذي يقول لك : إنك الآن في حالة خطر ... حيث إنك بدأت تستخدم تفكيرك السلبي ضد نفسك !!! تعلم كيف تستخدم تفكيرك وتقوده ، لا أن يقودك هو !! لا تسمح لذهنك أن يمتلئ يتلك الأفكار السلبية . وإذا ما اخترقت تلك الأفكار السلبية عقلك اصرفها وتخلص منها في الحال ، لأنك حين تسمح لنفسك بالانشغال بها فإنك تؤذي نفسك ... حين تنشغل بها فإنك تسير بعيدا عن طريق البصيرة والحكمة ( HF ) .


إن كل مياه المحيط على كثرتها . ليس بمقدورها أن تغرق قاربا صغيرا ما لم تتسرب المياه إليه ، وكذلك أنت ، فإن كل المشكلات والتحديات والصعوبات التي في العالم لن تغرقك إلا إذا سمحت لها أن تتغلغل إلى داخلك . لعلك تتساءل : ما الفائدة التي ستعود عليك حين تختار السير في طريق البصيرة ؟ مع كل فكرة سلبية يتخلص منها عقلك تحصل في المقابل على شعور عميق بالراحة والانشراح ، وعندما يتكرر ذلك سوف تشعر بتحسن وسوف تلمس ذلك التحسن الذي يطرأ عليك . سوف تتغير نظرتك للقضية ، وستعيد تشكيل تصوراتك ، ومن ثم تصبح قادرا على اتخاذ القرار الأنسب لك .


فمثلا ، قد تقرر مناقشة الأمر مع والدك بهدوء وبروح المحبة . أو أنك ببساطة قد تقرر نسيان أقوال زوجتك تلك وتعتبر أنها من التفاهة بحيث لا تستحق تفكيرك بها . هذه العملية التي ستقوم بها بداخل ذهنك قد لا تستغرق أكثر من دقيقة ، لكنها ستتيح لك مساحة من الاختيار . قال تعالى في محكم تنزيله : { ونفس وما سواها ( 7 ) فألهمها فجورها وتقواها ( 8 ) قد أفلح من زكاها ( 9 ) وقد خاب من دساها } " سورة الشمس – 7- 10 " إذا ما تدربت على القيام بذلك باستمرار ( يوم بعد يوم ، وشهرا بعد شهر ، فإن شعورك بالتحسن سيزداد وستبدأ بتفعيل البصيرة في حياتك ، وسترى أن الشعور الإيجابي التفاؤلي الذي أصبح طاغيا عليك يستحق كل ذلك الجهد الذي بذلته ) .


تقول لوشان : ( إن إنعاش الروح من التدريب على التمركز ، وعلى تركيز الانتباه داخل الذات ، إنه نوع من البعد بالنفس عن المحركات الخارجية التي تمنع صلتنا بمشاعرنا وأحاسيسنا وأفكارنا العميقة . وتعتبر أحلام اليقظة مصدرا رائعا للإنعاش ، ويفهم الأطفال ذلك بالسليقة ، أما الكبار فتعربنها ( فعل لا شيء ) ويحاولون مقاومتها ، ولكنها في الواقع جزء أساسي لأن نتواصل مع أكثر الجوانب الإنسانية في أنفسنا ، ويمكننا أن نتعلم أن نركز انتباهنا على قوقعة أو زهرة أو ورقة شجر أو على هطول المطر على زجاج النافذة ، وأن ننتقل بوعي من هذا التركيز إلى التجوال في أحلام اليقظة . واليوجا وغيرها من أشكال التأمل تعلمنا كيفية التأمل الداخلي إذ أن أصعب مشاكلنا في الحياة العصرية هي أننا قد انفصلنا عن ذاتنا . يجب أن نتعلم كيف ( نكون ) مثلما تعلمنا كيف ( نفعل ) ويجب أن يكون لدينا إحساس داخلي عميق بالحيوية والرضا لمجرد أننا نكون مع ( ذاتنا ) . ففي واقع الأمر ثمة رفيق واحد يمكنك الاعتماد عليه طوال حياتك هو ( نفسك ) ، فيجب أن تربطك به صداقة قوية وهادفة )" كتاب أزمة منتصف العمر الرائعة " .


أن ظننت أنك قادر على الحصول على السعادة بدون سلوك الطريق الذي ذكرناه آنفا فستكون في سعيك ذاك أشبه بالشخص الذي يغسل ثيابه بماء قذر !! لن تستطيع مطلقا الحصول على السعادة من خلال شعورك بالتعاسة ، وهذه حقيقة يجب أن تضعها نصب عينيك .


أن أغلب الناس يتمتعون بحرية الذهاب إلى حيث يشاءون ، والقيام بما يريدون ، إلا أن الكثير منهم عبيد لانفعالاتهم ، وانتهى بهم الأمر ليكونوا منفعلين بدلا من أن يكونوا فاعلين لأن يكونوا كالريشة في مهب انفعالاتهم ومشاعرهم . وقد نبهنا الحبيب المصطفى لخطورة ذلك حين قال في الحديث الشريف : ( ليس الشديد بالصرعة ، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) .


إن أسلوب التفكير الدائم في أي مسألة لن يحقق لك السعادة أبدا ، يتعين عليك أن تبحث عن السعادة في أسلوب آخر مخالف لما اعتدته ، وسوف تجدها في الأسلوب الذي ذكرناه لك وعندما تؤمن بهذه الحقيقة وتتشربها تماما ستنظر للأمور بعقلانية وستشعر بتحسن في جميع أحوالك . كلما مرت بك فرصة للاختيار واخترت طريق البصيرة ( HF ) ستشعر بالمزيد من القوة وأنك ترتبط بقوة البصيرة أكثر فأكثر . وفي كل مرة تختار فيها تصرفا إيجابيا على آخر سلبي ستحقق بذلك سيطرتك على الاكتئاب والتعاسة في حياتك .




ما هو التفكير السلبي ؟!



التفكير السلبي هو كل تفكير يجعلك تشعر بأنك أكثر سخطا وحنقا عما كنت عليه حين بدأت بما نسميه ( قطار أفكارك ) .


وفي كل مرة تسمح فيها لفكرة سلبية أو تشاؤمية أو ش****ه ، أن تدخل لذهنك فأنت أمام فرصة اختيار جديدة ، بإمكانك حينها أن تختار طريق التفكير السلبي ( حوارك السلبي مع ذاتك ) أو تختار أن تتوقف عن ذلك التفكير الذي يدمرك ، وأن تدرك أن شعورك بالسلام والرضا أهم بكثير من أن تثبت أنك على حق !! إنه يعني شعورك بالسعادة بدلا من المرارة والتعاسة ، وكل ما يتعين عليك فعله لتكتشف قوة البصيرة بداخلك هو أن تتخلص من تفكيرك الذي يقف عقبة في طريقك .


فطريقة تفكيرك هي سبب آلامك ، ومتى ما توقفت عن التفكير السلبي والذي هو الوقود الذي تتغذى عليه آلامك – متى أوقفت هذا التفكير سيتوقف الشعور بالألم ، وحين يتوقف الشعور بالألم والتعاسة سيحل محله الشعور بالسعادة والراحة ... ستتسع دائرة إدراكك وتصوراتك ، وستشعر بالبصيرة والحكمة ( HF ) الكامنة في داخلك .


فأفكارنا هي مشاعرنا هي أفكارنا . كل ما يتعين عليك فعله هو أن تكسر الدائرة التي اعتدت وضع نفسك فيها ، والسبيل لكسرها هو أن تنظر لفرص الاختيار المتاحة لك ، ومن ثم تتبع طريق البصيرة ( HF ) لا تسمح مطلقا للحوار السلبي أن يبدأ بالعمل ، ومن ثم يدمر حياتك . أوقفه في الحال ، أو على الأقل حوله لطريق آخر أكثر إيجابية ، فحتى تخرج فاطمة نفسها من دائرة التفكير السلبي الذي اعتادت عليه صارت تقاوم إغراء الاختلاء بنفسها واسترجاع شريط ذكرياتها وعوضا عن ذلك تسارع لمشاهدة التلفاز ، أو الخروج من المنزل ، أو الانشغال بأي عمل آخر . حين يمتلئ ذهنك بالأفكار السلبية والوساوس اتركها تذهب ولا تدعها تستقر ، فأنت حين تناقشها مع نفسك تجعلها تستقر أكثر وأكثر وحين تتجاهلها تزول ولا تبقى ، فحذار من أن تشغل نفسك بها . وقل لنفسك : ( إنها ليست مهمة على الإطلاق ) .


توقف عن التفكير في عيوبك وتقصيرك وصفاتك الذميمة ، وفشلك وهمومك ، ولا تكن كمن ينبش قبرا ، فماذا عساك أن تجد في القبر سوى الهياكل والجماجم ؟؟!! اضحك على أخطائك بدلا من أن تبكي عليها . إذا أدمنت التفكير في مشاعر السعادة والفرح والتفاؤل فإنها سوف تسعى بدورها إليك ، إذن ( إن ما نبحث عنه يبحث عنا )




Mohammed ali 02-13-2009 02:16 AM

المزاج..!!

إن ما يسمى بالمزاج أو الهوى هو أحد الخصائص المهمة في النفس البشرية ، وكلنا يتعرض بين الفينة والأخرى لصعود وهبوط في مزاجه ، وحتى أسعد الناس يكون عرضة لذلك . فهو إذن حال طبيعي يمر به كل الناس . إن مستوى مزاجك يتأثر بما تفكر به ، وبفرصة الاختيار التي استقر رأيك عليها . عندما تفهم جيدا طبيعة مزاجك وقدرته على تضليلك سيسهل عليك أن تسترخي بدلا من أن تتصارع مع شعورك بالاكتئاب وعدم السعادة .

يمر المزاج بحالة من التغير مستمرة مثل حال المد والجزر في البحر ، ففي بعض الأحيان يكون المزاج عاليا جدا ، وفي أحيان أخرى منخفضا ، وحينا يكون وسطا وكل ذلك دون شعور أو وعي منك . لكي تتخلص من حالة سلبية يمر بها ذهنك حاول أن تتعرف على نقطة بداية وإثارة المزاج المتعكر لديك ، متى ما تعرفت عليها بادر بالتخلص من أسبابها . كأن تتجنب الجدال أو ما يثير غضبك إن كان لهما تأثير على مزاجك .

اتصف أحمد بكونه شخصا سريع الانفعال وكانت المناقشات في العمل تثير غضبه باستمرار وتتركه مستاء طوال اليوم لذا اتخذ قرارا بأن يتجنب تلك المناقشات قدر الإمكان ليحتفظ بمزاجه طيبا ، وفي الوقت نفسه درب نفسه في خلواته على أن يتخيل نفسه يتناقش بهدوء ودون انفعال في الاجتماعات ( تمرين جونسون : استلق في مكان هادئ وخذ نفسا عميقا عدة مرات ثم أخل في حال استرخاء وبعدها تخيل نفسك بالوضيعة التي تريد تحقيقها وكرر ذلك يوميا صباح ومساء لمدة ربع ساعة ) . إذا تعلمت كيف تفعل مثله ستجد مزاجك في صعود وهبوط مثل سائر الناس ، وسيكون هذا أفضل من البقاء في حال قبض مستمر . وتذكر أن الأفكار التي ستنتابك في حال القبض وإن بدت لك وكأنها حقيقية ، إلا أنها في الواقع ليست كذلك ، بل هي غالبا ما تكون أفكارا غير منطقية ومشوشة ، ولا تتعدى كونها موجة ارتفعت وسوف تهبط .

إذا أدركت أنه من الخير لك أن تتجاهل أفكارك السلبية حين تكون منقبضا يكون بمقدورك وسيسهل عليك تجاهل تلك الأفكار وتجنبها بنفس الأسلوب الذي تتجنب به طبق الحلوى الذي أمامك لرغبتك في الحفاظ على صحتك ، وبهذه الطريقة ستغدو حياتك أسهل وأقل تعقيدا . إذا آمنت أنك قادر على التخلص من حال القبض الذي تمر به سيكون الأمر مثل وقوفك أمام المرآة الخادعة التي توضع في الأماكن الترفيهية والتي تظهرك بصورة مغايرة لما أنت عليه في الحقيقة ، كأن تظهرك أكثر بدانة أو أقل نحافة ، فأنت حين ترى صورتك فيها تعلم يقينا أنك لست كذلك ، فكلاهما وهم وليس حقيقة !! وقبضك هو أيضا وهم وليس حقيقة .



تعلم كيف تعيش اللحظة الراهنة
لعل أفضل وأقدم نصيحة تقدم لمن يريد أن يعيش حياة هانئة خالية من الشقاء ، هي أن يعيش اللحظة الراهنة . هذا ما ينصح به كل شخص حكيم فاضل عبر جميع العصور ، والشخص السعيد الفطن يدرك أن الحياة ما هي إلا أيام معدودات ومن الخسارة ألا نعيشها بكل ما فيها من متع وتجارب . إن الأطفال هم النموذج الأمثل الذي يعرف كيف يعيش اللحظة الراهنة ، فاللحظة الراهنة تستغرقهم بالفطرة وهم يعيشونها بكل أحاسيسهم وانفعالاتهم .

أما الكبار فقد وقعوا في أسر عادة الأسى على الماضي ، والقلق على المستقبل ، ومن ثم صار يصعب عليهم كيفية الاستمتاع بحاضرهم . ومن هؤلاء ليلى التي كانت تعيش في قلق دائم خوفا من اقتران زوجها بأخرى ، فبدلا من أن تسعد بزواجها ظلت تقلق لأمر هو في علم الغيب ، وعانى زوجها الكثير بسبب شكوكها التي لم تتحقق قط !!

من خلال العيش في اللحظة الراهنة نتعلم التسامح والتغافر ، فأنت حين تعفو عن أحدهم تكون بذلك قد عفوت عن نفسك ... كأنك تقول لنفسك : ( لقد انتهى الماضي ) وليس بإمكان أحد – بما في ذلك أنت – أن يعيد أحداثه . عندما تتبنى منهج العفو والتسامح مع الآخرين ، فإنك بذلك تكافئ نفسك أولا ، ولذلك فقد أوصى الإمام الغزالي رحمة الله في كتابه إحياء علوم الدين ( من يريد تعلم هذا المنهج عليه أن يجلس بعد تلقته الإساءة مباشرة من الطرف الآخر ويدعو له ، فهذا الفعل . على صعوبته ، كفيل بأن يمتص مشاعر الغضب والألم من قلبه ) .

إذا كان الماضي الذي عشته قد سبب لك مرارة وألما ، فإنك برفض مبدأ العفو والتسامح في حاضرك تسبب لنفسك المزيد من الآلام ، لذلك حاول بقدر المستطاع أن تتعلم من ماضيك لا أن تعيش أسيرا له .


لا تعجل
إن أحد أسرار الحصول على الحياة هانئة خالية من التعاسة هو ألا تقع أسيرا لعادة أخرى ، ألا تظل دوما في عجلة من أمرك !!.. العجلة عادة سيئة ، أصبحت تطغي على حياتنا بشكل مزعج والمشكلة ليست في جدول الأعمال المزدحم بالواجبات وإنما في نمط التفكير . هنالك العديد من الأشخاص من أصحاب المشاغل والمسؤوليات الكثيرة ومن ذلك فهم ليسوا في عجلة من أمرهم إطلاقا !!.. فإن تكون مشغولا وصاحب مسؤوليات متعددة لا يستوجب أن تكون دوما في عجلة من أمرك . ومن العجب أن الأشخاص أصحاب المشاغل الأقل هم الذين يشكون أنهم الأكثر انشغالا !! تذكر أن الحياة ليست سلسة من الظروف الطارئة المستمرة ، ومن ثم لا يتوجب علينا إنجاز جميع الأعمال بأسرع وقت .

تقول ايدا لوشان : ( وأدهشني أنا التي كان جدول أعمالها لأكثر من خمسة وعشرين عاما يحسب بالدقائق – أن أجد الآن أن أهم حدث في يوم مشرق قد يكون مراقبة الطيور خلف كوخي على الشاطئ ، وفي إبريل ومايو أراقب البط البري وهو يشرع في بناء بيته ، وأصغي إلى عراك الذكور وأراقب زهوهم جلبتهم في محاولة الإعلان عن مزاياهم ، وأرى الطريقة الوقورة الهادئة التي تسكن بها الإناث إلى الحقائق العلمية للحياة . وتسخرني التجهيزات التي تعد للحياة الأسرية . اكتشفت في نفسي ظمأ إلى البحر ، رغبة عميقة لئلا أفعل شيئا البتة بل فقط أراقب تلاطم الأمواج والضياء والظلال والرذاذ ، وأن أستمع إلى أصواتها الرعدية . اكتشفت أن أعظم لحظات السعادة هي أن ( أكون " لا أن " أفعل ) . " كتاب أزمة منتصف العمر الرائعة "

Mohammed ali 02-13-2009 02:17 AM

الضغوط والأمراض
يقول هامز سيلي في كتابه ( ضغوطات الحياة ) : ( إن إفراز الأدرينالين يحدث بسبب توتر عاطفي شديد ، مثل شعور عميق باليأس أو العذاب . ويصف تأثير العديد من المشاعر السلبية على كيمائية الجسد ) ، وتقول لوشان : ( ولكي يكون في مقدوري أن أركز انتباهي إلى عملي تحولت إلى أفضل مدير في العالم أخطط وأنظم وأدير كل شئ طوال الوقت ، ولم يخطر ببالي وقتها أن آلام الظهر المزمنة ترجع إلى العبء الثقيل الذي أحمله ، والأدوار العديدة التي أضطلع بها ، وليس إلى أي سبب عضوي . إذا أردنا الحياة فيجب أن نحافظ على الصلة القوية بين أجسادنا ومشاعرنا فلذلك أثره المذهل على السلامة البدنية . إن حياة المدينة الحديثة بمعاناتها تهد قوانا وما الإرهاق والتوتر والأرق وآلام الظهر التي نشعربها إلا أعراض لذلك ) . " كتب أزمة منتصف العمر الرائعة "

إذا عشت حياتك دون توتر وبدون قلق على الماضي أو المستقبل فإنك بذلك تبطئ من عملية الشيخوخة في الجسم . إن باطنك في هذه الحالة سيتوقف عن تجميع الزمن وسلبياته في خلاياه ، لأن هذه إن تجمعت أعاقت تجديد الخلايا وسدت منافذها ، فإذا تحررت النفس منها هدأ تسارع الشيخوخة في الجسد الخارجي .

الحياة بدون توتر تدعم جهازك المناعي وتزيده قوة . إذا ما اضطرك الأمر للوقوف أمام الإشارة الحمراء في الشارع ، افعل ذلك دون أن تضرس بأسنانك ، فإن ذلك الضرس لن يجعل الإشارة الحمراء خضراء ، ولن يجعلك تنطلق بسيارتك بعيدا عن ازدحام السيارات !! كذلك تفكيرك المستمر بالمرض الذي أصبت به لن يجعلك تتعافى من ذلك المرض ، بل في الواقع سيزيد من سوء حالتك . هذه الأفكار التي يحملها عقلك هي التي تسبب انزعاجك من المرض ، وليس المرض ذاته أو حتى الموت !! فكلاهما لا يؤثر على مشاعرك .. أفكارك هي التي تؤثر ، وكما بينا فإن الضغوط النفسية لها أثر سلبي شديد على جسم الإنسان وتؤثر على وظائفة الحيوية ,

من المؤسف أن هناك الملايين من الناس الذين يقضون يومهم وهم في حالة خوف وقلق من أمر قد لا يقع أبدا !! ووفقا للدراسات الحديثة فإن 97% من توقعاتنا السيئة لا تحدث مطلقا !! إن القلق الذي يعيشون وهم في تلك الحال يكون مساويا للذين يعيشون في هم مرض حقيقي !! فانظر إلى أي مدى تتحكم فينا أفكارنا ووساوسنا !!

اعلم أن نوعية حياتك تتحدد بنوعية الأفكار المسيطرة على عقلك ، وبإمكانك أن تتخلص من تلك الأفكار السلبية وتلقي بها بعيدا بنفس البساطة التي تذب بها الذباب عن وجهك !! الأمر لن يكون صعبا إلا إذا أصررت أنت على أنه سيكون كذلك ، ومتى ما قررت أنه بسيط وبمقدورك القيام به فإنه سيكون كذلك بالفعل . أما إن كنت تؤمن بأن الأمر ليس بتلك البساطة ، وأن المشاكل التي تمر بك تحتاج لتفكير عميق ، فثق أن مشاكلك ستكون أعقد مادمت مصرا على التعامل معها بإسلوب " التحليل المعقد " مما يزيد من تعقيدها ، ولذلك قال آنيشتاين : ( إن حل المشكلة لن يكون بتاتا بنفس مستوى التفكير الذي نشأت عنه تلك المشكلة ) أي أن التفكير في المشكلة لن يساعد مطلقا في التغلب عليها . وقال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( أحيوا الحق بذكره ، وأميتوا الباطل بتركه ) ،أي بتجاهله وتركه يموت ويندثر .

قد لا تصدق أن تجاهل المشاكل أحيانا هو خير حل لها ، إلا أن قصة منال بسبب الملابس الغريبة والفاقعة الألوان واللافتة للنظر التي كان كان يصر أن يرتديها ، حتى إنه لم يعد يبالي بكلامها ولا بنصاحئحها ولا بصيحات الغضب التي تنتابها بسبب ذلك . نصحها المختص الذي لجأت إليه أن تكف عن محاولاتها وأن تفوض أمرها إلى الله - تعالى – بعدما أعياها الوضع . ولأن منال كانت قد تعبت بالفعل فقد آثرت الصمت رغم ألمها ، ولدهشتها وجدت ابنها بعد فترة يعزف عن ارتداء تلك الملابس !!

تقول لوشان : ( أعرف سيدة بدأت دراستها للمحاماة في سن السادسة والخمسين رغم أنها كانت تعمل بوظيفة رائعة كان يمكنها أن تستمر بها ، إلا أنها بعد أن كبر الأبناء وتوفى الزوج راودها حلمها القديم . كان رد فعل معظم الناس هو : " أن دراسة القانون تستغرق وقتا طويلا ، فمتى ستمارس المهنة " ؟ لو فكرنا في الأمر لوجدنا أنه تساؤل غبي خال من أي معنى ، إذ طالما هي تفعل شيئا تريده طوال حياتها ، وتستمتع بكل دقيقة من العملية ذاتها فماذا يهم بعد ذلك ؟ قد يبدأ الشاب في الثانية والعشرين في دراسة القانون ثم تصدمة سيارة بعد عام ، فهل هذا الاحتمال يمنعه من مواصلة حياته ؟ لا توجد أية ضمانات من أي نوع في أي سن . يجب أن يكون المعين الرئيسي في عملية اتخاذ القرار هو : " هل أريد هذه الخبرة لنفسي " الآن سواء حققت أو لم أحقق أهدافا بعيدة المدى ؟ )

إن النفس بفطرتها نزاعة للتدبير ، تضع نفسها في وضع المدبر لكل شؤونها ، وهي رغم ضعفها تظن أنها قادرة على حل جميع مشاكلها وتحقيق كل أهدافها ولذا لا يصفو لها عبادة ولا يهنأ لها عيش . يتعين علينا أن نمارس ونطبق مفهوم التوكل بصورة أقوى في حياتنا .

أن نؤمن أن حل ما يعترض حياتنا من مشاكل وعقبات بيد الله عز وجل لا بأيدينا ، فهو سبحانه أمر ببذل الأسباب دون أن نقلق بشأن نتائجها ، لكننا مع الوقت ننسى ذلك فنحمل هم الأسباب والنتائج ... ننسى أن في التسليم لقدرة الله – تعالى – عبادة لم تأخذ حقها كما يجب في القلوب الكثير من المسلمين .

إنك بتطبيق مبدأ التفويض والتسليم في حياتك تكون قد وفرت على نفسك ألم الصراع الداخلي ، والرفض النفسي المتواصل . قال صلى الله عليه وسلم : ( من رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط ) . يقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( إن الخير كله في الرضا ، فإن استطعت أن ترضي ، وإلا فاصبر ) . وقال الشيخ الحارث المحاسبي رحمة الله : ( الرضا هو سكون القلب تحت مجاري الأقدار ) . قال الشيخ على الدقاق رحمة الله : ( التوكل ثلاث درجات : توكل ثم تسليم ، ثم تفويض فالتوكل صفة المؤمنين ، والتسليم صفة الأولياء ، والتفويض صفة الموحدين ) .

يتوجب علينا أن نكون أكثر تفاعلا مع مفهوم التوكل وتفويض الأمر إلى الله – تعالى – في حياتنا ، فالإنسان ذلك المخلوق الضعيف ، يغفل عن أن هناك أمور ومجالات كثيرة خارج نطاق سيطرته ولا يملك إلا أن يسلم لها ، وأن خير ما يمكنه عمله هو تفويض أمرها إلى الله – تعالى – والرضا بقضائه ، وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله : " إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحه ، تحمل الله سبحانه حوائجه كلها ، وحمل عنه كل ما أهمه ، وفرغ قلبه لمحبته ، ولسانه ، ولذكره ، وحوارحه لطاعته " .

إذن بعد أن تأخذ بكل الأسباب المتاحة لك ، فوض أمرك إلى الله تعالى وكفى به وكيلا .


شكر النعم ..
إن شكر النعم والإقرار بالفضل وعرفان الجميل هو الترياق الكفيل بإخراجنا من دائرة الإكتئاب . فهو شعور إيجابي قوي ينبثق من التفكير مثله مقل المشاعر الأخرى ، وعليك أن تفوي هذا الشعور بداخلك وتزيل عنه التراب حتى يكون أكثر فاعلية في حياتك . كيف ؟ ولتقريب الصورة نضرب المثال التالي :
لو أن أحدهم أخبرك أنه سيقدم لك ألف دينار مقابل كل نعمة تذكرها وتنعم بها في حياتك ، فماذا ستقول له ؟ وكيف ستتصرف ؟

لاشك أنك ستفكر وتكتشف مئات النعم في حياتك !! ستفعل ذلك لأنك الآن صرت تفكر بأسلوب هادف ... بأسلوب إيجابي . ستذكر بمزيد الفضل والعرفان مئات النعم التي تيسرت لك وستشكر الباري عز وجل عليها : { وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم } " سورة النحل – 18 " .

من الجميل أن تعود نفسك على شكر الله دائما على نعمه ، فالقلب الشاكر قريب من الله تعالى دائما احرص أن تشكر خالقك صباحا ومساء على ما وهبك من نعم ... خصص يوما في الأسبوع أو الشهر تسمية يوم الشكر والهج فيه بحمد الله تعالى على كل شيء ، وإن كان بسيطا ، مقتديا في ذلك بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث يقول في الحديث الشريف : " أفلا أكون عبدا شكورا "

سفيرة السلام 02-25-2009 07:12 AM

باقة شكر وتقدير وامتنان ....
لأعظم هدية من الرحمان ....
كلام ولا في الخيال ...
والله نفسيتي كانت تعبانة ..
بس بعد قراءتي لهذا الموضوع ...
اتعدلت نفسيتي كتير ....
والله انه كلامك هذا ...
بلسم للجروح .....
الله يفرج همك زي ما فرجت همي ...
يارب قد جل المصاب فرحمة ....
ان تقسو أرض ....
هل تضيق سماء .؟؟؟؟؟...
:vb29::vb29::vb29::vb29:

Mohammed ali 02-26-2009 12:39 AM

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سفيرة السلام http://forums.msryat.org/alhjer/imag...s/viewpost.gif
باقة شكر وتقدير وامتنان ....

لأعظم هدية من الرحمان ....
كلام ولا في الخيال ...
والله نفسيتي كانت تعبانة ..
بس بعد قراءتي لهذا الموضوع ...
اتعدلت نفسيتي كتير ....
والله انه كلامك هذا ...
بلسم للجروح .....
الله يفرج همك زي ما فرجت همي ...
يارب قد جل المصاب فرحمة ....
ان تقسو أرض ....
هل تضيق سماء .؟؟؟؟؟...
:vb29::vb29::vb29::vb29:




ميرسى كتير على مرورك الرائع
وكلامك الجميل
منحرمش من طلتك الحلوه اختى الكريمه
خالص احترامى وتقديرى


الساعة الآن 12:20 PM

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 RC 1
منتديات بنات مصر . منتدى كل العرب

a.d - i.s.s.w