جلسَ صابر وحده فى منزله ، وتذكّر كيف طلّق
زوجته شديدة المادية ، وحمدَ الله أنّه لم يُرزَقْ
منها بطفل ؛ فيرتبط بامرأةٍ تحيا مِن أجل المال
وحده ، وتذكّر كم خسرَ كثيراً مِن ماله الذى
ادّخره ؛ ليضيعَ فى زواجٍ تعيسٍ استمرَ عامين
مِن النكد والمشاجرات اليومية ، وأخذتْ طليقته
متاع البيت كله ، فأغلقَ البيت الفارغ
مِن المتاع لحين بيعه .....
وعاد لمنزل أمه وحيداً كئيباً ، يأتى مِن عمله
المرموق ، وينزل فقط مِن منزله لأداء الصلوات
فى المسجد ، وكلما خرج مِن باب المسجد
وجدَ فتاةً تنظرُ مِن نافذةٍ فى الطابق الأرضىّ
المواجه لباب المسجد ، فيخفض عينيه خجلاً
ولكنه يشعرُ كمن يعرفُ تلك الفتاة ، وظلّ كلما
خرج مِن الصلاة وجدها تنظرُ مِن النافذة تبتسمُ
وبينما هو ذات مرة فى منزله إذا بتلك الفتاة
تدقّ باب منزله ، ويندهش متعجباً....
ولكنّها تبادرُه قائلةً بأنّها صديقة لأخته وتريدها
حالاً ، وتأتى أخته لمصافحتها ، وتعرّفه بها
ويتحولُ إعجابه بها إلى حبٍّ جارف يجعله
يحبُّ الحياة ثانية بعد أنْ زهدها ...
ولكنها الدنيا التى كلما ابتسمتْ لنا كشّرت
عن أنيابها ، وعزّ عليها إلا أنْ تفرّقَ بينه
وبين صديقته الملازمة له وهى الأحزان
حيث جاءتْ ( طليقة صابر) فجأة وبعد شهرين
مِن الطلاق ؛ لتخبرَه بأنها اكتشفتْ حملها
وإنها نادمةٌ على قسوتها السابقة ، وتريدُ
العودة للزواج ، وحتى لا يخرج طفلٌ برئٌ
للدنيا فيجد والداه منفصلين ، ونزلَ الخبرُ
على (صابر) كالصاعقة ، ماذا يفعلُ مع
ما حدثَ ، حتى اتصلتْ به حبيبته فى
التليفون ؛ لترفعَ عنه الحرج ، وتطالبه بالعودة
لزوجته ، وأنْ يكون رحيماً بوليده الذى سيولدُ
وترجوه عدم الاتصال بها ثانية ، وفعلاً
اختفتْ تماماً كالملح فى الماء ....
وتعرّضَ صابر لضغوطٍ كبيرةٍ مِن الأهل
والأصدقاء ...فالكلّ يلحّ عليه أنْ يعودَ لزوجته
حتى عادَ اليها ، ولم تمرّ أيامٌ قليلةٌ حتى عادتْ
زوجته لماديتها وعنجهيتها ، وكشفتْ عن
وجهها القبيح ، وصابر تائه فى الحياة ، خارج
المنزل طوال اليوم ، حتى جاء متأخراً ذات
مساء ، فإذا بها ترفعُ صوتها عليه ، وجرحتْ
كرامته ، فلم يتحملْ ذلك ؛ فضربَها بيده على
وجهها ، فتهاوتْ على الأرض ، وحدث لها
نزيف ، ونُقِلتْ للمستشفى ، وسقط الجنين
فى بطنها ، واتهمتْ - هى - وأهلها
بأنَّ صابر ضربَها بشدة ، وأنه السبب فى
سقوط جنينها ، فقبضتْ الشرطة على
(صابر) أما زوجته فبكل ماديةٍ بل وبكل وقاحةٍ
اشترطتْ عليه بأنه يمكن أنْ تتنازلَ عن اتهامها
بشرط أنْ يتنازلَ عن منزل الزوجية لها
وفعلاً خرجَ مِن السجن ، وطلّقها للمرة
الثانية ، وعادَ ثانية إلى منزل أمه ، وسألَ
أخته صديقة حبيبته عنها ، فأخبرته بأنه
بمجرد زواجه جاءها خطيب ثرىّ فى السلك
الدبلوماسى ، وتزوجتْ بسرعةٍ ، وسافرتْ
مع زوجها إلى النمسا ؛ لأنه يعمل بالسفارة
المصرية بالنمسا ، فاستقبلَ (صابر) الخبر
بابتسامةٍ ساخرةٍ كشفتْ عن نظرةٍ حزينةٍ
خبأّتْ معها مرارةً دفينةً ، وعاد للمسجد يصلى
ويخرج ؛ لينظرَ إلى نافذة المنزل المغلقة دوماً
فيمضى هائماً ؛ ليعودَ إلى منزله حيث
الوحدة مع صديقته الوحيدة ...الأحزان...
تمت بحمد الله
بقلمى
سمير البولاقى
ملحوظة : أرجو من الأخوة الذين ينقلون قصصى الى المنتديات الأخرى ، بأن يكتبوا أسفلها كلمة ( منقول ) منعا للإحراج ، لأنى أتابع قصصى فى كل المواقع ، وكل قصصى مثبتة بكل الطرق القانونية ، ولهم الشكر....