عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /05-01-2011, 07:15 AM   #1

عمر الاسلام

عضو مشارك

 

 رقم العضوية : 68507
 تاريخ التسجيل : Mar 2011
 المكان : الاردن
 المشاركات : 268
 النقاط : عمر الاسلام will become famous soon enough
 درجة التقييم : 50
 قوة التقييم : 0

عمر الاسلام غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي "ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا". الإسراء:85

ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
بسم الله الرحمن الرحيم
قل الروح من أمر ربي
يقول تعالى: "ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا". الإسراء:85
وقد كانت هذه الآية مثار خلاف كبير بين المفسرين؛ والرأي الشائع أن المقصود بالروح هنا هو الروح الذي يكون به حياة الجسد، وأن المعني بقوله "من أمر ربي" أي العلم بالروح من شأنه واختصاصه وحده تعالى؛ ومن ثمة فلا جدوى من البحث العلمي في الروح؛ بل إن ذلك البحث ليعد تكذيبًا للقرآن وتطاولا على الله تعالى من وجهة نظر أصحاب هذا التفسير
وقد عارض هذا الرأي آخرون وقالوا إن الإسلام لا يحجر على الفكر ولا يمنع قط من البحث في أي مجال من مجالات العلم طالما كان هناك فائدة ولو محتملة من ورائه؛ وإن وضع الإسلام لذلك بعض الضوابط والآداب لكنها لا تحول بحال دون قيام أي بحث علمي
وقد ذهب بعض هؤلاء إلى أن المقصود بالروح هنا هو القرآن الكريم واستدلوا على ذلك بالسياق الذي وردت هذه الآية فيه بدءًا من قوله تعالى: "وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا" الإسراء: 82 إلى قوله: "ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا" الإسراء: 89؛ كما استدلوا على ذلك بأن القرآن الكريم سمي روحًا في آيات قرآنية كثيرة، منها: قوله تعالى: "وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان" الشورى: 52.بل سمي الوحي بصفة عامة في القرآن روحًا؛ كما في قوله تعالى: "ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده" النحل: 2
ولم يمانع آخرون من أن يكون المقصود بالروح هنا جبريل عليه السلام فقد سمى القرآن الكريم جبريل عليه السلام روحًا كما في قوله تعالى: "نزل به الروح الأمين" الشعراء:193، وقوله عن مريم عليها السلام: " فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرًا سويًا" مريم:17 وعلى ذلك يكون قوله: "قل الروح من أمر ربي" أي تنزله على الرسول – صلى الله عليه وسلم- من أمره تعالى، وهو معنى قوله تعالى: "وما نتنزل إلا بأمر ربك" مريم:64
وذهب آخرون إلى أن المقصود بالروح هنا ملك من الملائكة في السماء السابعة يقوم على يمين العرش صفًا واحدًا والملائكة صفًا وهو المشار إليه في قوله تعالى: "يوم يقوم الروح والملائكة صفًا" النبأ:38 وعلى ذلك فإن المقصود من قوله: "قل الروح من أمر ربي" أي أمر التكوين: (كن)؛ يقول تعالى: "إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون" يس: 82، والمعنى أن هذا الروح على عظمته مخلوق من العدم كبقية الخلق بالأمر الإلهي (كن)
وقيل إن المقصود بالروح هنا هو عيسى عليه السلام؛ فقد وصف القرآن الكريم عيسى عليه السلام بأنه روح؛ يقول تعالى: "إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه" النساء:171 وعلى ذلك يكون المقصود من قوله: "قل الروح من أمر ربي" أي أمره "كن" كما سبق بيانه، والمراد أنه مخلوق كسائر الخلق وليس الأمر كما يحسبه النصارى الذين ينكرون كونه عليه السلام من أمره تعالى "كن" ويدعون إلوهيت.
أما إذا فهمنا الروح هنا بمعنى الرحمة كما في قوله تعالى: "وأيدهم بروح منه" المجادلة:22 أي برحمة منه، فإن المعني من قوله: "قل الروح من أمر ربي" أي رحمته من شأنه وحده؛ فهو "يدخل من يشاء في رحمته" الشورى:8 ، و"يختص برحمته من يشاء" آل عمران:74
ولا مانع أخيرًا في رأيي من أن يكون المقصود بالروح هنا ذلك المعنى الشائع وهو الروح الذي تقوم به حياة الجسد، والمقصود من قوله: "قل الروح من أمر ربي" أي من أمره (كن)؛ فهو مخلوق بأمر التكوين؛ أما القول بأن المقصود من (أمره) أي العلم بالروح من شأنه واختصاصه تعالى وحده دون أحد من خلقه؛ فليس هناك ما يقطع بذلك حتى نحرّم البحث في علم الروح.
وأما القول بأن قوله تعالى" وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" يرجح أن السياق سياق حديث عن علمه تعالى لا خلقه فهو ترجيح أراه مرجوحًا بما سبق بيانه في حديثنا؛ وعلى كل، فهو لا يقطع بذلك حتى نقيم عليه حكمًا شرعيًا بتحريم البحث في الروح؛ ومن ثم يبقى الأمر على الإباحة.
والله أعلم
د. جمال الحسيني أبوفرحة - أستاذ الدراسات الإسلامية المساعد بجامعة طيبة بالمدينة المنورة







  رد مع اقتباس