عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /07-04-2011, 05:55 PM   #2

د. محمد الرمادي

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,287
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي الجزء الأول

الجزء الأول

(1) « الرجل المشرقي »
ازعم أن المشرقي مرورا بشبه القارة الهندية .. وهي أول موطأ قدم لآدم ، أول عاشق للمرأة الموحدة ، الذي اختلس لها بذور زهور ورياحين الجنان قبل أن يهبط لأرض العناء وغرسها في بستان حواء .. المرأة الوحيدة التي تملكت كل خصائص الأنثى وخبأتها بين رقائقها وحشايا جوانبها ثم فجرتها من قلب العاشق الكتوم عند كل لمسة منه وبعد كل نظرة شوق لها ، وجددت شبابه فاسكنته الجنة مرتين ، جنة الرضوان وقت رضا الخالق عنهما ، وجنة حنانها لحظة رضاها عنه ، هذا المشرقي نفسه الذي مر بأرض فارس التي تنازع أهلها في هوية آدم ، فجزيرة العرب التي استقر بها عرش العشق ومُلْكه حين ازدلفت إليه حواء فتعارفا ... ازعم أن هذا المشرقي يعرف كيف يعشق ، بل ازعم أنه يملك أدواته ، فهو القادر ...
وازعم أن العربي هو أول من علق المعلقات ، فلم يجد أفضل من أَستار الكعبة موضعاً ، أول بيت للحب الآلهي ، ليمزج حبَ الخالق بأرقى معانيه مع عشق المخلوقة في أسمى لحظات العفاف ، المخلوقة التي كَمُلت بصنع واجدها بيده ووضع لمساتها الآخيرة على عيّنه وصارت أنثى برعايته ، هذا العربي الذي أبدع تلك المذهبات والتي نقشها بماء الذهب ، وهيّ المجموعة الشعرية التي تلي المعلقات في الجودة ، لتدلا - المعلقات والمذهبات - على مدى قدرته الفائقة على التعبير ليظهر غرضه من الغزل والنسيب بشقَّيْه المكشوف والعفيف ، ولغة العرب هي اللغة الوحيدة التي وضعت لدرجات الحب ما يربو على خمسين معنا ووصفا ، فالعربي لحظة أن أوقد النار في الحطب لإعداد الطعام أو الشاي ، أعدَّ قصائدَه بجوار أميرة شعره قرباً وطرباً أو على شرارة الحطب بعداً وهجراً ، فتنقدح أبيات العشق من صميم فؤاده ، فهو ملك الصحراء وراعي نجوم السماء الذي توّج في ليلة قمراء أميراً على عرش قلبها بيدها البيضاء ولحظة التتويج انسدلت على جبينه خصلة من جدائل فاتنته الحميراء ، فيصفها كما تُظهر الطبيعة مفراداتها كنحات يملك خيال خصب وبيده أدوات التعبير يشكل أنثاه بدقة متناهية على جدارية التاريخ .. فله الفخر .
هذا العربي نشر معلقاته لكل من قصد البيت المعمور ليصف "أنثاه" بأرق التعابير وأجزلها فعلق المذهبات ولم يجد أغلى من الذهب مداداً لإحساساته فأذابه بشجونه وصهره على نار شوقه وحنينه ، وزين أستار الكعبة بمعلقات تبارى بها مع فحول الشعر فكان له السؤدد ، مستخدماً مادة الطبيعة بمكوناتها الوفيرة وجميع أطياف ألوانها ، ليكسي رموز الكون بما يرى لصياغتها كما يريد هو في كلمات ليقطر بالقرب من قرطها المعلق على أذنها اليسرى القريبة من قلبها عصارةَ حبه وعشقه ومزيج دموعه وآهاته ونحيبه وشوقه ولوعه ، فيلفها كلها في نسيج خياله فترتدي ثوبا قشيبا خيوطه ربطت بقلبه وجدلت بإحكام بلبه فوق غلالة العفاف ، فهو مبدع هذه الصناعة بدون منازع ، ومن قلده من بعده أفلس ، ومن قال بعده ليصفها فهو أخرس ، فمهنة العشق تحتاج لإتقان لا تقليد ، وسر الإبداع يعود لذلك المزج بين روحانية العاشق المشرقي برهافتها ورقتها وشفافيتها وعلوها ـ في بيئتها الأصلية ـ ثم تتساقط كسخات الندى بعد طول ليل السهد حين تلامس جمرات الشوق ، فلهيبه يطيّر كلمات العشق التي خُلدت ، السر يعود إلى ذلك المزج الذي تم بين روحانية المشرقي الذي هبط من جنة عدن وبين احتياجات الإنسان الراقية وفق معايير ومقاييس وُضعت منذ آلاف السنين من عقلية رجل ذاق طعم الإنفراد فستوحش ثم ذاق طعم القرب والأنس فاستأنس ، فرسم في خياله لها صورة ، أبعادها بين الثرى والثريا ، أطرافها بين الكواكب والمجرات ، مربعاتها ما بين المشرق والمغرب ، يضئ المكان وهيج حطب الشوق حين يحضّر في ذاكرته كلماته ليلقيها على قلبها قبل أذنها حين يقابلها أو حين يرسل رسولا أمينا بمكتوب، أو يضئ كراستَه التي امتلئت بمئات من صورها عندما يكتب لها ، قمرُ الليالي ، ومداد قرطاسه يستمده من دموعه التي يخفيها بين حبات الندى الساقطة فوق رمال الصحراء ... فهذا المشرقي ..هو القادر .
اتقن – العربي - العشقَ فلُقبَ بالمجنون ، أبدع في صياغة وجدانه بكلمات تُقرأ فصارت بعد مئات السنين قرآنا يحفظ ، يحتاج لمراجعة وتعليق ، وخبرة عملية تراكمية للعاشق القادم ، صفى المنبع فزدان المورد بفرسان الكلمة واتسع الحوض لمن لديه الموهبة والقدرة فسعدت نساء العرب والعجم جميعاً .
فيا سعادة المرأة التي خلدها العاشق فأتم ما قام به الخالق في السماء فوصفها لما هبطت على الأرض فبقوله يعيدها كما كانت إلى السماء ، ومَن لم يفهمه سماه المجنون ، ومن غار منه وحسده حبسها في بيت الحريم يفرج عنها لحظة رغبته وحين أصدر أوامر الإعتقال النفسي والإبعاد العقلي ذيّل الفرمان بالسماح لها فقط .. بالإنجاب ، وحين يعود إلى ذكوريته في غابته يلزمها إرتداء حزام العفة الذي صنعه الحداد .
ازعم أن هذا المشرقي يعرف كيف يعشق ، بل ازعم أنه يملك أدواته ، وخير دليل على صحة الزعم : الترجمات من النصوص الفارسية والعربية إلى اللغات الغربية كالفرنسية والألمانية ، والجانب العملي في ممارسة الحب يُؤخذ في الغرب من المعابد الهندية التي أفسدتها برودة الجندي البريطاني زمن الإحتلال ، ومجموعة الكتب التي صورت لحظة الوصال بعد الشوق وهي آتية أيضاً من التقليد الشرقي القديم الذي يعرف باسم " كاما شاسترا " „Kama Shastra“ ، والذي يعود إلى أزمنة سحيقة والبعض يرجعها إلى مابين 200 و 300 بعد الميلاد العجيب ، وأول ترجمة لهذا التقليد للإنجليزية كانت عام 1884م ، أو تؤخذ من كتاب "الروض العاطر في نزهة الخاطر" „The Perfumed Garten“ والمترجم للفرنسية عام 1850م ... أذهب إلى أمهات المكتبات وسترى صدق ما زعمت ! .
رفيقي .. المشرقي ـ صاحب هذه الرواية ـ اكتسب سابق كل الخبرات واستفاد من تلك التراكمات ، فرسائله إليها ـ السيدة الغربية التي حبها فعشقها ـ رسائله لها كانت دائماً ملونه ، ولعل دفء جغرافيا مدينته الساحلية « الإسكندرية » وشخصية مؤسسها " .. الأكبر " ومدرسة الإسكندرية الفلسفية ورجالها على مر العصور والحقب التاريخية التي مرت على مدينته ، هذا ، وهو الذي عاش بين أهلها الذين إذا غربوا سبحوا في بحيرتهم " البيضاء المتوسطة " مع الحيتان ، وحين يرفعوا رؤوسهم يتسلقوا إلى السماء وفي أيديهم حبالهم التي نسجت من خيوط ذهبية جدلتها اشعة الشمس فإذا أغتسلت معهم في بحيرتهم وقت الغروب تمسكوا بالحبال الفضية التي هياءها القمر لحظة غياب شمس النهار ، وإذا عطشوا يمموا الوجه المليح إلى الجنوب فيأتهم الشاب الفضي الأصيل بطميّه ورزقه .
جغرافيا مدينته جعلته يحسن تلوين الشمس في الزاوية العليا من رسائله لها فيعطيها حقها من اللون الذهبي كشعرها المنسدل على ظهر أخذ لونه من المزج الدقيق بين نهار وضّاح وبين شَّفَق قبل الغروب ، تلك هيّ المرأة الغربية التي توجت بتاجها الذهبي الفريد ، ثم يكثر من زرقة السماء بدرجتيها الخفيفة والثقيلة ، فهو دائما أينما ذهب ينظر عيناها ، إنه يلون السماء كأن صفحته لها شرفة ، منها يطل على سماء دنياه بعينيها ، ثم يضع حرفا أو أكثر من أوائل اسمها ، أداة التعريف في لغته من اليمين ولغتها من اليسار « ELLE » ، فيضع نصف „ELLE“ ، فيكتب „EL“ في وسط الشمس الذهبية بأشكال مختلفة .







  رد مع اقتباس