عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /07-05-2011, 11:56 PM   #4

د. محمد الرمادي

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي [ 3. * ] ؛ رواية الرجل المشرقي

« الإحسان والإتقان »

وأيُّ عاشق ـ كرفيقي ـ وإن لم يحسن الخط والكتابة وتلوين الرسائل إلا أنه يبدع ، اسألوها إن لم تصدقوا ما اقوله (!) ، ما يلونّه في رسالته لها يريد أن يخبرها في جملة واحدة بقوله :
" أنتِ شمس عمري ، أنتِ الشمس التي تضئ حياتي ، بل أنتِ كل الكون لي " ، ثم يطرز المرسال ، فقبل أن يَكتب حرفاً يحدد إطار الورقة ، يريد أن تكون وثيقة مسجلة ، غالباً حين يكون في سفره يضع ختمه : " دمعة " شوق من مقلةٍ سهرت في بعادها على وثيقة عشقه ، وفي أسفل الصفحة يأتي بعشب أخضر جميل من أعلى هضبة في جزيرة العرب وينثره على ذيل الصفحة تنبثق منه أزهار ملونه ، وفي وسطها شجرة ذات فروع خضراء تقترب من شمس الصفحة وسمائها ويبعثر بعض حبات التفاح بين أوراقها وعلى عشبها ، وجذورها ثابتة ، كأنه يقول لها :
" أريد أن ألون حياتي بجوارك كما أريد! " ، ثم يوثق المرسال بتاريخ ويوم الكتابة بل يزيد ويذكر الساعة والدقيقة ، وهو يبدأ بوصفها في أول سطر أو سطرين ، وبنعتها ثم يبين ما هي بالنسبة إليه ويتخيّر كلماته ، رفيقي ما استفاض معي في كلماته عنها ، كان يقول لي :
" كتبتها مرة واحدة فقط لها ، وأنتَ لا يصح لك أن تعرف ماذا كتبت ، بل عليك أن تتخيل تعبيرات وكلمات عاشق مشرقي لامرأة من الغرب شقراء فاقع لونها تسرني أنا وحدي دون غيري ، غير أنه وليس بوقت بعيد يبدأ في أعادة تركيبة الكلمات التي سطرها ، وكأنه أراد أن يلغي التحذير الأول بأنه كتب لها وحدها وليس لأحد آخر وأن ما كتبه ليس للنشر ، بيّد أن التاريخ يخبرنا أن العاشق يريد فضح أمره وإن كنّى وأخفى ملامح الصورة ، وستر اسمها ، ويحمّل الريح وجدانه فباح باسمها للزهور واعترف بما جرى بينهما في لحظات الوصال لأمواج البحر الأحمر وفي باطنه الأعشاب المرجانية التي منها صنع لها عقدا فريدا ، فحملت جزيئات الماء إلى المتوسط مشاعره فحفظت داخل أصداف البحر الأبيض لحين يضع حبة اللؤلؤ في أصبعها كخاتم عشق إلى محبوبته ، وقصيدته رددتها أسماك المحيطات وتغنى باسمها على مسامع طيور السماء فتغني باسمها فوق الأشجار فنفضح أمره في كل الغابات ، العاشق وإن لم يرد فضح أمره ، إلا أنه من العسير أن يكتم صدره سره وحبه الكبير يغلي بداخله فتسمع أَزِيزا كأَزِيزِ المِرْجَل أو تلاطم الحمم كما يثور البركان .
حين ينتهي من كتابه لها يقول لي :
" كنت أشعر بأنني أمير البلاد وملك القارة الأوروبية برمتها بل كنت أشعر بأنني حاكم الكون كله ، وكنت أريد أن أقبل يد أول امرأة تقابلني في الطريق قد تحمل بعض ملامحها وكنت أريد أن أنحني أمام كل النساء وكان البعض منهن يفهمنَّ إنني أريد مغازلتهنَّ ، وهذا ليس بصحيح ، غير أن الغربيّات والشرقيّات على السواء - فهنَّ نساء - لديهنَّ فضول عجيب ، أُولَتهنَّ تبدي تجاوباً فتسأل فيحدث حوار ، وثانيتهنَّ تتحرج من السؤال فتنظر من تحت حجاب العين وليس من تحت حجاب الرأس وفضولها لم ينتهي بعد ، يكمل فيقول لي :
" حين أنتهي من مرسالي أبدأ افتش عن الثغرات بين السطور وبين الجمل وأزين وثيقتي ببعض الزهور أو رسم قلب هنا أو هناك على قدر المساحة المتاحة لي " .
يتنهد طويلاً وينظر في سماء الغرفة فالمكان يضيق به وإن اتسع لي ثم يردف :
" كلماتي لها .. كنت أريد أن تُحفر في مخيلتها وفي ذهنها ، كنت أجهد نفسي كثيراً فأنا لا أريد أن تقع عينها على الكلمة المقرؤة ، بل أريد ان يقع التعبير أولاً على قلبها ، ويا لها من مهمة شاقة أن تعبر عن خيال المشرقي بــ ... " ، يتوقف عن الحديث ويعبث بشئ ما تخيله أمامه كأنه يريد أن يمسكه في فضاء كونه الإفتراضي لا أراه بعيني ثم يكمل :
" .. مهمة شاقة أن يعبر المشرقي عن خياله بكلمات لغة غربية ليكشف عن حاله " .
يسمر ـ رفيقي ـ عينه على صورة نسجها أمامه دون أن يطلعني عليها ثم يقول:
" ... وغالباً كانت تأتي منها مداخلة قائلة :
" لقد فهمت قصدك ولكن الكلمات ليست مناسبة للمعنى ، أنت تأتي بكلمات لم يستخدمها أحد من قبل من أدبائنا ، كما وليس لها وجود في قاموس لغتي القديم منه والجديد ، فكلمة „Honigkeit“ مثلاً ليس لها وجود في القاموس ولكنني أفهم ما تريد قوله ، لأنك تشرح الكلمة ، أقصد أنك تشرح مشاعرك تجاهي وهذا ما يجعلني افهم ماتريد أن تقوله ، فأحيانا كثيرة تنحت كلمة من مخيلتك ، كلمة جديدة ليس لها أصول في لغتنا ولم تستخدم من قبل ولكنها وفق مقياس خاص بك وصغتها في قوالب صنعتها بيدك ، أنت تكتب بشكل جميل وافهم كل ما ترسله لي ، كم أنا سعيدة بمشاعرك وبتعبيراتك ، والغريب أنك تغوص في مسائل عدة ، واجلس وقتاً طويلا افكر في تلك الآطر التي تضعني فيها رغما عني ، لأفكر كيف تكتب وكيف تصفني وكيف تعبر عن حبك لي ، كم أنا أحبك ... وكم أنتَ .. حقاً .. مجنون! ، وكم هو جميل أن تُجنَّ بسبب حبي وأخشى منك العدوى !!" .
ابتسم لها كالنشوان ، ومد يده في فضاء كونَّه الإفتراضي ليمسك معصمها ليحلق بها فوق سحاب ما يعلوه سحاب ... ومددتُ أنا يدي على الٲرض التي ٲعيش عليها ، لمعصمه لأتمنى له الشفاء .
رفيقي لا يتركها طويلا تفكر في كلماته بل يلمس أطراف أصابعها فيقرب يدها من شفتيه ليضع قبلة الغرام مع انحناءة الأمير العاشق ، قائلا لها :" أنا أكتب فقط لك ، فأنتِ أمام عيني دائماً وفي مخيلتي ، أينما ذهبت فأنتِ ترافقينني في حلي وترحالي وفي خيمتي التي صنعتها لكِ وحدك ، وفي يقظتي ومنامي ، في مترو الأنفاق حين أتحرك داخل مدينتي وإثناء تواجدي في غرفة عملي ، وبين أوراق الملفات التي فوق مكتبي ، أنتِ بجواري على دَرج بيتي أو في المصعد وحين أزور اصدقائي ، في جلستي مع أعضاء المؤسسة الخيرية التي أنشط فيها ، وإثناء عضويتي مع الجماعة الإسلامية التي انتمي إليها ، فأنت التي تقدم لي منشفَ قطنٍ حين انتهي من وضوئي وتعدّلين حذائي في رفه حين أصلي الجمعة أو صلوات الأعياد في المركز الإسلامي ، وتسرعين الخطى حين أهم بالخروج وأريد أن أرتدي جاكتتي فأنتِ معي في كل الأماكن ، أنتِ زماني الذي أعيش معه والمكان الذي أعيش فيه .
**
:cv41:







  رد مع اقتباس