***
....... ويخلص القرطبي في نهاية قوله إلى أن :" شَأْنُ مَرْيَمَ لَمْ تَنَلْ شَهَادَةَ اللَّهِ فِي التَّنْزِيلِ بِالصِّدِّيقِيَّةِ وَالتَّصْدِيقِ بِالْكَلِمَاتِ إِلَّا لِمَرْتَبَةٍ قَرِيبَةٍ دَانِيَةٍ . وَمَنْ قَالَ لَمْ تَكُنْ نَبِيَّةً قَالَ : إِنَّ رُؤْيَتَهَا لِلْمَلَكِ كَمَا رُئِيَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي صِفَةِ دَحْيَةَ الْكَلْبِيِّ حِينَ سُؤَالِهِ عَنِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَلَمْ تَكُنِ الصَّحَابَةُ بِذَلِكَ أَنْبِيَاءَ ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ." يكمل ابن جرير الطبري البحث بقوله و :" كَمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :« خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ " يَعْنِي بِقَوْلِهِ : " خَيْرُ نِسَائِهَا " خَيْرُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» . ويسوق لنا الأدلة ويخبرنا عن الرواة فدليله الأول عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا بِالْعِرَاقِ يَقُولُ :« سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:«خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ » . والدليل الثاني : عَنْ قَتَادَةَ قَوْلَهُ« وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ » ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «حَسْبُكَ بِمَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ ، وَامْرَأَةِ فِرْعَوْنَ وَخَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ وَفَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ ، مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ » ، قَالَ قَتَادَةُ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ :« خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ صَوَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ ، أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ »، قَالَ قَتَادَةُ : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:"لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ مَرْيَمَ رَكِبَتِ الْإِبِلَ ، مَا فَضَّلْتُ عَلَيْهَا أَحَدًا " . وعَنْ قَتَادَةَ أيضاً ، فِي قَوْلِهِ:« يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ » قَالَ : كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:« خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ ، أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ ، وَأَرْعَاهُ لِزَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ » ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَمْ تَرْكَبْ مَرْيَمُ بَعِيرًا قَطُّ . كَانَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ يُحَدِّثُ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ أَرْبَعٌ : مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ ، وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ » . وعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:.« كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَرْيَمُ ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ .» حَدَّثَنَا أَبُو الْأُسُودِ الْمِصْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ : أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ حَدَّثَتْهُ : أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا وَأَنَا عِنْدَ عَائِشَةَ ، فَنَاجَانِي ، فَبَكَيْتُ ، ثُمَّ نَاجَانِي فَضَحِكْتُ ، فَسَأَلَتْنِي عَائِشَةُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقُلْتُ : لَقَدْ عَجِلْتِ ! أُخْبِرُكِ بِسِرِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ! ! فَتَرَكَتْنِي . فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَتْهَا عَائِشَةُ فَقَالَتْ : نَعَمْ ، نَاجَانِي فَقَالَ : جِبْرِيلُ كَانَ يُعَارِضُ الْقُرْآنَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً ، وَإِنَّهُ قَدْ عَارَضَ الْقُرْآنَ مَرَّتَيْنِ ; وَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا عُمِّرَ نِصْفَ عُمْرِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ ، وَإِنَّ عِيسَى أَخِي كَانَ عُمُرُهُ عِشْرِينَ وَمِئَةِ سَنَةٍ ، وَهَذِهِ لِي سِتُّونَ ، وَأَحْسَبُنِي مَيِّتًا فِي عَامِي هَذَا ، وَإِنَّهُ لَمْ تُرْزَأَ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ بِمِثْلِ مَا رُزِئْتِ ، وَلَا تَكُونِي دُونَ امْرَأَةٍ صَبْرًا ! قَالَتْ : فَبَكَيْتُ ، ثُمَّ قَالَ : أَنْتِ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَّا مَرْيَمَ الْبَتُولَ . فَتُوُفِّيَ عَامَهُ ذَلِكَ .[ والحديث عن ابي لهيعة وفيه مقال ] قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ، أَنْ أَبَا زِيَادٍ الْحِمْيَرِيَّ حَدَّثَهُ ، أَنَّهُ سَمِعَ عَمَّارَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : فُضِّلَتْ خَدِيجَةُ عَلَى نِسَاءِ أُمَّتِي ، كَمَا فُضِّلَتْ مَرْيَمُ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ .
***
.....
|