عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /02-20-2009, 12:09 AM   #6

Mohammed ali
مشرف التنميه البشريه سابقا
 

 رقم العضوية : 11856
 تاريخ التسجيل : Feb 2009
 العمر : 35
 المكان : مصر
 المشاركات : 1,909
 النقاط : Mohammed ali will become famous soon enough
 درجة التقييم : 64
 قوة التقييم : 1

Mohammed ali غير متواجد حالياً

إرسال رسالة عبر MSN إلى Mohammed ali إرسال رسالة عبر Yahoo إلى Mohammed ali
أوسمة العضو
افتراضي

51 ) أعلن لنفسك

كثيراً ما أبدأ في يومي برسم أربع دوائر على قطعة بيضاء من الورق وهذه الدوائر تمثل اليوم والشهر والعام والحياة . وبداخل كل دائرة أكتب ما أريد . قد يكون عدداً من الدولارات أو أي شيء وهذه الأهداف يمكن أن تتغير من يوم لآخر فهذا لا يهم وعليك أن لا تخطئ فهم هذه العملية.

ولكن من خلال كتابة الأهداف أكون كالطيار الذي يراجع خريطته قبل الإقلاع فأنا بذلك أوجهه ذهني إلى ما أستطيعه في الحياة وأذكر نفسي بما أريده حقاً وليس منا من يذهب إلى كابينة القيادة قبل الإقلاع ويقول للطيار ( خذني إلى أي مكان ومع هذا فتلك هي الطريقة التي نعيش بها أيامنا عندما لا نستعين بالخريطة ).

وأثناء إلقاء كلماتي عن التحفيز يشير الحضور إلى أنهم لا يجدون وقتاً لتحديد الأهداف ولكن نظام الدوائر الأربعة الذي ذكرته من قبل لا يستغرق أكثر من أربعة دقائق .

وذات مرة أثناء إحدى ورش العمل عن تحديد الأهداف سألت المشاركين عما لديهم من تجارب مثيرة عن التخيل وكنا وقتها نناقش الملاحظة التي قالها عالم النفس الرياضي "روب جيلبرت" : ( الخاسر يتخيل عقوبات الفشل والفائز يتخيل مكافئات النجاح ) .

وقام زوجان شابان وقصا قصة عن كيفية أنهما أرادا على مدى عدة أعوام شراء منزل ولكنهما لم يستطيعا أبداً تجميع المال اللازم لذلك وبعد ذلك بعد قراءتهما عن تدريب ( عرض الكنز ) وهو عبارة عن تعليق صور ما تريده في الحياة في مكان ما في مكتبك أو منزلك ، فقررا أن يضعا على الثلاجة منزل جديد من النوع الذي يحلمان بامتلاكه.

ويقول الزوج في ذهول ( وفي أقل من تسعة أشهر استطعنا أن نوفر مقدم الثمن ) وأضافت زوجته (وبجانب المنزل قمنا بوضع مقياس كنا نملأ به فراغات مع ازدياد مدخراتنا شيئاً فشيئاً إلى أن وصلت إلى مقدم الثمن ) .

لقد سمعت قصصاً كثيرة مشابهة لهذا تحكي عن كيفية نجاح تدريب ( عرض الكنز ) مع الناس ، فقد قرأت أيضاً كتباً وحضرت ندوات تشرح السبب وراء هذا ومعظم هذه الكتب والندوات تناقش ما يحدث للعقل الباطن عندما نرسل له صورة لشيء تريده وحيث أن العقل الباطن لا يتعامل إلا مع الصور الحقيقية أو الصور المتخيلة بشكل واضح فإنه لن يسعى إلى إيجاد صورة في حياتك لا يمكنك أن تتصورها.

إن لم نعلن لأنفسنا عن أهدافنا فيمكن أن نهمل تلك الأهداف تماماً ، فمن الممكن أن يمر أسبوع كامل أو أثنين أو ثلاثة دون أن نفكر في أهدافنا الأساسية في الحياة فنحن ننغمس في التفاعل والإستجابة للناس والظروف وننسى التفكير في أهدافنا.

ولدي مثال آخر يبين كيف أفادني هذا التدريب في حياتي فمنذ ثلاث سنوات كنت مهتماً بعقد مزيد من الندوات عن موضوع جمع الأموال وكنت أنا و"ميشيل باسون" مدير التنمية في أريزونا قد اشتركنا في تأليف كتاب ( تحول العلاقة الثورية في جمع الأموال ) وعقدنا بعض الندوات الناجحة عن الموضوع وكنت أريد فعل المزيد ولذلك كنت أضع في حجرة نومي لوحة بيضاء أعلق عليها الملصقات كما وضعت الكثير من الصور وبطاقات الفهرسة التي كتبت عليها أهدافي وكنت أريد رؤية كل أهدافي أمامي حينما أستيقظ كل صباح بالرغم من أنني لا أقضي سوى دقيقة واحدة أو اثنتين في النظر إلى اللوحة كل صباح.

ومن بين بطاقات الفهرسة التي علَّقتها على هذه اللوحة كل ما كتبته فيها ثلاث حروف كُتبت بخط بارز . ( ج و أ ) وكانت هذه البطاقة لا تكاد تُرى بين هذا الخليط من الصور والأهداف التي غطيت اللوحة بها فأنا واثق من أنني كنت ألاحظها بالكاد كل صباح عند استيقاظي وما وضعت هذه البطاقة إلا لاعتقادي أنه شيء عظيم أن أدير ندوات في جامعة ولاية "أريزونا" وخاصة أنني الآن أعيش في منطقة "فينكس" وفي حقيقة الأمر لم أفكر في الأمر أكثر من هذا.

وذات يوم وبينما أنا في مكاتب شركة تدريب المؤسسات التي كنت أعمل بها طلب مني أن أصافح موظفاً جديداً يسمى "جيري" فطلبت منه أن يدخل ويجلس وتحدثت معه في مكتبي لدقائق قليلة عن انضمامه للشركة وسألته عن عائلته فذكر لي بشكل عارض أن والديه يعيشان في المدينة وأن أمه تعمل في جامعة "أريزونا" .

وكان من الطبيعي أن يمر هذا الكلام دون أن يكون فيه ما يثير فجامعة ولاية "أريزونا" جامعة معروفة وكثيراً ما تذكر في منطقة "فينكس" ، إلا أن شيئاً لمع في ذهني عندما قال وعلمت ( بعد تفكير ) بعد هذا أن هذا الشيء كان النظرة اليومية للوحة والأهداف.

وهناك أثار سمعي عندما قال جامعة ولاية "أريزونا" ،
فسألته : ماذا تعمل أمك في هذه الجامعة ؟
فقال : كبيرة المساعدين الإداريين لمدير التنمية في المؤسسة الوقفية لجامعة ولاية "أريزونا" وهم مسئولون عن كل ما يتعلق بجمع التبرعات في الجامعة .

وقد ابتهجت فعلاً عند هذه النقطة وتحدثت مع جيري عن عملي السابق في جمع الأموال بجامعة "أريزونا" وكيف أنني طالما أردت القيام بنفس العمل في جامعة ولاية "أريزونا" فقال لي أنه سيكون سعيداً بأن يقدمني أمه ولمدير التنمية نفسه.

وخلال شهر كان القائمون على جمع الأموال في الجامعة يحضرون ندوتي عن ( تحول العلاقة ) وبهذا حققت أهدافي الموجودة على اللوحة .

إنني أؤمن حقاً بأنه لو لم يكن لديّ مثل هذه اللوحة ما كان ذكر جيري لجامعة ولاية "أريزونا" ليثير اهتمامي.

وهذا يوضح شيئاً مهماً وهو أننا بحاجة إلى أن نعلن لأنفسنا عن أهدافنا وإلا ضعفت طاقتنا النفسية بتوزيعها عبر سلسة الأشياء التي ليس لها نفس هذه الأهمية بالنسبة لنا.


( 52 ) فكر خاج الصندوق

ذات مرة حضرت لـ "بوب كويثر" وهو يقدم عرضاً لصفقة جديدة ، وفي هذا العرض جعل العملاء المحتملين كلهم يلعبون لعبة صغيرة من تسع نقاط أوضح خلالهم من خلالها أن حلول الألغاز عالياً ما تكون بسيطة لو أننا فكرنا بطرق غير تقليدية.

وبعد أن أوضح لهم "بوب" الحل أخذوا يضحكون ويقطعون الورقة المكتوب فيها اللغز من فرط إحباطهم .. هنا قام "بوب" ليوضح نقطته الأخيرة التي يريد توضيحها.

وقال "كوينر" ( إننا نحد من تفكيرنا بدون سبب وجيه فنحن نفعل الشيء لا لشيء إلا أننا كنا نفعله دائماً بهذا الشكل ، وأريدكم أن تعرفوا أن الإلتزام الذي قطعناه على أنفسنا لخدمة شركتكم وهو أن تنظر دائماً خارج الصندوق بحثاً عن أفضل الحلول الإبداعية الممكنة لحل مشاكلنا ، فلن نفعل شيئاً أبداً لكوننا دائماً فعلناه هكذا من قبل ) .


ومثل هذا التدريب لحل لغز يعتبره رؤساء العمل الذين يسعون للربح نوعاً من التقديم البارع ، أما بالنسبة لكوينر فقد كان التدريب تعبيراً رمزياً عن حياته كلها في مجال الأعمال.

وفي احدى الرحلات التي كانت ترعاها "زيزوكس" في المكسيك قضى "بوب" و "مايك" يوماً في الماء على أحد قوارب الصيد وبعد أن وصلا للشاطئ ذهبا إلى أحد المطاعم لقضاء بعض الوقت في التفكير في حياتهما بمجال المبيعات حتى ذلك اليوم .

يقول "بوب" ( لقد أدركنا أننا بالرغم من كل ما عملناه فلن نستطيع أبداً أن تمتلك قارباً مثل ذلك الذي كنا فيه لو أننا واصلنا العمل في "زيروكس" ثم تحدثنا بعد ذلك عما يمكن أن نفعله في المستقبل ولم يمض وقت طويل حتى لاحظنا مجموعة من الأقمصة السوداء على الحائط وقد كتب عليها ( بلا حدود ) ، وعلى مدى ما يزيد على ساعتين أخذت أنا وصديقي نناقش ما تعنيه كلمة ( بلا حدود ) ، ومن هذه المناقشة ولد حلم تبلور بعد ذلك في شكل شركة أسميناها ( اتصالات بلا حدود ) ) .

وكان "بوب" وأخوه يعتقدان أن هناك ناحية مهمه - كان أداء "زيروكس" فيها دون المستوى - وهي خدمة العملاء ولذلك قالا ماذا لو أن التزام الشركة بالعميل كا ( بلا حدود ) ؟ بحيث أن لا تكون الخدمة مقيدة ، ولكنها مطلقة فيما تتمتع به من إمكانيات الخدمة الإبداعية .

وأخذ الأخوان هذا المفهوم كحافز لهما وأسسا معاً شركة ( Infincom ) وهي اختصار لكلمة ( In Finity Communications ) أي ( اتصالات بلا حدود ) وذلك في ولاية "أريزونا" وخلال عشر سنوات تمت الشركة من شركة تتكون من ست موظفين بدون عملاء إلى شركة رأس مالها 50 مليون دولار يعمل بها ما يزيد عن 500 موظف ، وقد صنفت هذه الشركة على أنها الأولى في مجال المعدات المكتبية في "أريزونا" كما تقدمت خلال الثلاث سنوات الأخيرة وذلك كما جاء في جريدة "أريزونا بيزنس جازيت" .

وكلنا يميل إلى النظر إلى تحدياته من داخل الصندوق حيث نأخذ ما فعلناه في الماضي ونضعه أمام أعيننا ثم نحاول بعد ذلك أن نتخيل ما نسميه بالمستقبل ولكن هذا من شأنه أن يجعل مستقبلنا محدوداً وفي ظل هذه الرؤية المحدودة فأقل ما يمكن أن يكون عليه المستقبل هو أن كونه ( ماضي جديد أفضل ) .

والطاقة التحفيزية الهائلة إنما تتحدث عندما نخرج من الصندوق ، ونفترض أن إمكانات الأفكار الإبداعية غير محدودة لكي نحقق أفضل مستقبل ممكن لنفسك .

فلا تنظر إليه من خلال صندوق يحتوي على ماضيك.



( 53 ) استمر في التفكير ، استمر في التفكير

التحفيز ينبع من التفكير.

فأي عمل نقوم به تسبقه فكرة توحي بهذا العمل وعندما نتوقف عن التفكير نفقد الحافز للعمل. ، وينتهي بنا الأمر إلى التشاؤم، والتشاؤم بدورة يقود إلى المزيد من قلة التفكير ، ويستمر الأمر هكذا عبارة عن دائرة حلزونية تنازلية من السلبية واللافعالية والتي تتغذى على نفسها كالسرطان.

وإنني أميل إلى استخدام المثال التالي في ندواتي لتوضيح مدى تأثير الاستمرار في التفكير ، دعنا نفترض أن شخصاً متشائماً قرر أن ينظف جراحه صباح السبت ، ولذلك فهو يستيقظ ويخرج إلى الجراح ويفتح الباب ليصدم برؤية كم هائل من الفوضى بداخله فما يكون منه إلا أن يقول في اشمئزاز (انس هذا فلا يمكن لأحد أن ينظف هذا الجراح في يوم واحد‍ ).

وفي هذه المرحلة يغلق المتشائم باب الجراح بشدة ويدخل المنزل ليفعل شيئاً آخر ، فالمتشائم إما أن يفعل كل شيء أو لا يفعل شيء ، فهذا أسلوبه في التفكير فهو إما أن يفعل الشيء بشكل متقن أو لا يفعله مطلقاً.

والآن دعنا نرى كيف يواجه المتفائل نفس هذه المشكلة ، فهو يستيقظ في نفس الصباح ويذهب إلى نفس الجراح ويرى نفس الفوضى بل إنه ينطق بنفس الكلمات التي قالها المتشائم ( انس هذا ، فلا يمكن لأحد أن ينظف هذا الجراح في يوم واحد ).

ولكن هنا يظهر الفارق الجوهري بين المتفائل والمتشائم ، فالمتفائل يستمر في التفكير بدلاً من أن يعود إلى المنزل.

حيث يقول ( حسناً فليس بإمكاني أن أنظف الجراح كله ، فماذا يمكنني أن أفعل بحث يحدث فرقاً ؟ ).

ثم يمكن النظر في الجراح إلى أربعة أقسام وينظف قسماً واحداً اليوم.

ويقول ( سأقوم اليوم بالتأكيد بتنظيف هذا القسم اليوم وحتى إن قمت بتنظيف قسم كل يوم سبت ، فسوف يكون الجراح على أحسن شكل قبل أن ينتهي الشهر ).

ويمر الشهر لتجد جراح المتشائم قذراً بينما يكون جراح المتفائل نظيفاً.

وفي إحدى ندواتي في "لاس فيجاس" كانت هناك سيدة أخبرتني بأن هذا المفهوم - عادة المتفائل في البحث عن حلول جزئية - وقد أحدث فرقاً رائعاً في حياتها.

حيث قالت لي ( كنت أعود من عملي للمنزل وأنظر إلى مطبخي ، ثم أشيح بيدي لاعنه إياه دون أن أفعل شيئاً مطلقاً ، وكنت أفكر تماماً كما يفكر المتشائم في قصة الجراح التي حكيتها . وبعد ذلك قررت أن أتخير جزءً صغيراً من المطبخ وأقوم بتنظيفه فقط ، وقد يكون هذا الجزء طاولة معينة ، أو مرد حوض ماء وعند قيامي بتنظيف جزء صغير من المطبخ كل ليلة لم يحدث لي أي استياء من العمل ، حيث إنه لم يعد كثيراً بحيث أعجز عن أدائه وهكذا أصبح مطبخي دائماً مقبول الشكل.

ويميل المتشائمون إلى إرجاء مشاكلهم ، فهم يفكرون بشكل سلبي للغاية في ( فعل الشيء كله بإتقان ) لينتهي بهم الأمر إلى عدم فعل أي شيء.

أما الشخص المتفائل فيفعل شيئاً صغيراً ، فهو دائماً يفعل ودائماً يشعر بأن هناك تقدماً.

وحيث أن المتشائم عادةً ما يري ( أنه لا أمل ) ، أو ( لا يمكننا فعل شيء ) لذلك تجده سرعان ما يقلع عن التفكير . والمتفائل قد يكون لديه نفس المشاعر السلبية الأوليه تجاه مشروع ما ، ولكنه يستمر في التفكير إلى أن تظهر له بعض الأشياء التي يمكن أن يفعلها ، وهذا هو ما جعل "الان لوي ماك" في كتابه ( قوة التفاؤل ) يشير إلى المتفائل على أنه عنيد .

وفيما يتعلق باستخدام العقل البشري ، فإن المتشائم يقلع عن هذا ، وتشير الدراسات الحديثة كما يقول "ماك" إلى أن المتفائل ( يتفوق في الدراسة ويكون ذا صحة جيدة ويكسب أكثر وينشئ حياة زوجية طويلة وسعيدة ويبقى مرتبطاً بأبنائه وربما يعيش أطول ).

ولكي تشاهد احد البراهين العميقة على الفاعلية الملية للتفاؤل في التاريخ الأمريكي عليك أن تستأجر شريط الفيديو أولو13 فبالرغم من أن عملية إعادة رجال الفضاء من أقصى القمر بدت ضخمة ومثبطة للهمم ، فإن هذا العمل تم إنجازه بفعل مهمة صغيرة كل مرة ، والأشخاص الذين كانوا في غرفة التحكم الأرضي في "هوستون" والذين أنقذوا حياة رجل الفضاء إنما فعلوا هذا لأنهم في مواجهة الأعطال التكنولوجية المستحيلة ظلوا يفكرون دون استسلام وكانوا يبحثون عن حلول جزئية وأعلنوا أنهم سوف يجمعون هذه الحلول الجزئية معاً بشكل تدريجي إلى أن يعود رجال الفضاء سالمين.

وفيما كانت حياة رجال الفضاء لا تزال في خطر ، كان هناك متشائم واضح في غرفة التحكم الأرضية وعبّر هذا الرجل عن خوفه من أن أبولو13 قد تكون أسوأ كارثة فضائية في تاريخ أمريكا ، فاستدار قائد غرفة التحكم نحوه وقال بتفاؤل وغضب ( بل على العكس يا سيدي فأنا أرى أبوبو13 على أنها أعظم فتره في حياتنا وكشف الوقت صحة كلامه وهو ما يوضح فاعلية تفكير الحياة أو الموت عند المتفائل ).

ومتى شعرت بالتشاؤم وغلبة المشاكل ، فلتذكّر نفسك بالاستمرار ف التفكير ، فكلما فكرت في موقف ما ، كلما ظهرت لك فرص تفاؤلية ، فالشخص المتفائل يستمر في التفكير وتحفيز نفسه أما المتشائم فيقلع عن التفكير وبالتالي يقلع عن الفعل.

وفي الفيلم الغنائي "جنوب الهادي" تغني البطلة معتذرة لكونها متفائلة بشكل غير عملي ويعترف بأنها ( غير ناضجة وأن السذاجة داؤها الفعال وكان هذا شكلاً مبكراً من أشكال النكتة الصفراء ) وتعترف في أغنية ترتفع في إيقاعها أنها ( انجذبت كالمغفلة نحو شيء يسمى الأمل ولا أستطيع أن أنزعه من قلبي .. ليس هذا القلب ) .

هكذا ينظر مجتمعنا إلى المتفائلين على أنهم مغفلون ، فالمجتمع يرى أن التفكير التفاؤلي شيء يأتي من القلب وليس من العقل .

وعلى الجانب الآخر ينظر المجتمع إلى المتشائم على أنه شخص واقعي ، وفي حقيقة الأمر ، فإن المتشائم لن يخبرك أبداً بأنه متشائم ، فهم يرون أنفسهم واقعيين ، وعندما يصادفه شخصٌ اعتاد التفاؤل ، فإنه يهزأ به لقيامه دائماً بتجربة كل شيء دون مواجهة الواقع الشرس .

فالمتشائم دائماً ما يستخدم خياله في تصور أسوأ السانريوهات ، قم ينتهي إلى أن هذه السيناريوهات قضايا خاسرة لا سبيل لإصلاحها ولا يتخذ تجاهها أي تصرف وهذا هو ما يجعل التشاؤم يقود دائماً إلى السلبية واللافعالية.

ولكن المتشائم حتى وهو يجلس على كرسيه منتفخاً من جراء الوجبات الدسمة ، ومتبلداً من جراء المشاهدة الزائدة للتلفيزيون يعلم من خلال قلبه أن موقف ( اللافائدة ) الذي يتبعه ليس فعالاً ، فهو يعيش حياة وصفها "نيتزش" حين قال : ( كل شيء في هذا العالم يثير استيائي ولكن أكثر ما يثير استيائي هو استيائي من كل شيء ) .

أما المتفائل فقد اختار أن يستخدم الخيال البشري استخداماً آخر ، فهو يتفق مع وجهة نظر "كولين ويلسون" بأن ( الخيال ينبغي أن يستخدم لا للهرب من الواقع وإنما لخلقه ) .

( 54 ) جادل


التفكير السلبي شيء نفعله جميعاً ، والفارق بين الشخص المتفائل في الأساس والمتشائم هو : أن المتفائل يتعلم كيف يصبح مناظراً جيداً فبمجرد أن تصبح على وعي تام بفاعلية التفاؤل في حياتك ، فسيصبح بإمكانك أن تناظر أفكارك التشاؤمية.

وأكثر الدراسات إفادة وأشملها عن كيفية فعل هذا ، تلك التي تجدها في كتاب دكتور "مارتين سيليجمان" ( التفاؤل المكتسب ) وتوضح الدراسات التي قام بها شيئين هامين :
1) أن التفاؤل أكثر فاعلية من التشاؤم.
2) أن التفاؤل يمكن أن يُكتسب.

وقد بنى "سيليجمان" هذه النتائج على سنوات من البحث الإحصائي ، فقد قام بدراسة الرياضيين المحترفين منهم والهاوين وبائعي وثائق التأمين بل درس السياسيين الذين يتنافسون على المناصب الكبرى ، وقد أثبتت دراساته العملية أن أداء المتفائل يفوق أداء المتشائم بشكل كبير ، وهكذا ثبت علمياً صحة ما ظل يقوله "نورمان فينسنت" في كتبه على مر السنين.

وقد بنى "نورمان" كتبه على شهادات وفقرات مدعمة من الكتب الدينية والمشكلة في هذا أن الناس الذين كان يرغب في الوصول إليهم - المتشككين والمتشائمين - كانوا من ذلك النوع الذين ليس لديهم أي رغبة في الإيمان بأي شيء ، ولكن بمجرد أن تستوعب كتابات "سيليجمان" الرائعة يمكنك أن ترجع لقراءة كتابات "نورمان" وتشعر بشعور جديد من الإثارة والمتعة ، فإذا لم تتقبل إشاراته الدينة فليس هذه مهماً فالشهادات الشخصية كافية لإعطاء كتاباته قوة هائلة ، وعلى الرغم من أن أشهر كتاب له هو ( قوة التفكير الإيجابي ) إلا أنني حصلت على تحفيز أكثر من كتاب ( كن نشطاً طوال حياتك ) ، وكتاب ( النتائج المذهلة للتفكير الإيجابي ) .

فإذا شككت الآن في قدرتك على مناظرة أفكارك التشاؤمية ، فلتضع في ذهنك أن معظمنا مناظرون عظماء بالفعل ، فإذا جاء شخص وتبنى جانباً في مناقشة ما ، فعادةً ما يمكننا تبني الجانب الآخر ونأتي بالحجج التي تثبت صحة ما نقول بغض النظر عن الجانب الذي تبناه الشخص الآخر ، ولابد لفِرَق المناظرة أن يتعلموا هذا ، فأعضاء الفريق لا يعرفون - حتى اللحظة الأخيرة - أي جانب من المناقشة سيتبعونه ولذلك فهم يتعلمون أن يكونوا على أتم استعداد لتبني أي جانب وبحماسة ، فإذا اكتشفت أنك مكتئب أو قلق أو تفكر في أمر ما بشكل تشاؤمي فإن أول خطوة عليك أن تفعلها هي أن تدرك أن أفكارك تشاؤمية ، ولا تنظر إليها على أنها صحيحة أو خاطئة أو تشاؤمية وإذا أردت أن تستفيد الإستفادة القصوى من الكمبيوتر الحيوي ( المخ ) فلابد أن تعرف أن الأفكار التشاؤمية أقل فعالية .

وبمجرد أن تتقبل الطبيعة التشاؤمية لتفكيرك ستصبح مستعداً للخطوة التالية مع التأكيد على أهمية الخطوة الأولى ، ويقول "ناثانيال براندين" : ( ليس بالإمكان أن تترك مكاناً لم تكن فيه ) والخطوة الثانية هي أن تأتي بالحجج التي تدعم النظرة التفاؤلية.

ابدأ في معارضة تفكيرك القديم. تخيل أنك محام وظيفتك أن تثبت خطأ المتشائم الذي بداخلك . إبدأ بإعطاء الحجج والبراهين التي تؤيد الممكن ، وسوف تندهش أنت نفسك ، إذ إن التفاؤل يفتح الباب وراء الآخر أمام الممكن ، فهو بطبيعته تقليصي حيث أنه يغلق الباب على ما هو ممكن فإذا أردت حقاً لحياتك أن تفتح وأن تحفز نفسك على النجاح فعليك أن تفكر بشكل تفاؤلي.



( 55 ) استفد من المشاكل

منذ عدة سنوات ذهبت ابنتي ذات مساء لتتجول مع صديقة لها ، ووعدتني أن تعود قبل العاشرة مساءاً ولم أهتم كثيراً بالساعة حتى انتهت أخبار العاشرة لأدرك بعدها أنها لم تعد بعد للمنزل مما أصابني بالقلق والتوتر وأخذت أزرع البيت جيئةً وذهاباً أفكر فيما أفعل ، وفي الساعة الحادية عشرة والنصف ركبت سيارتي وبدأت أجوب الحي من الخوف والغضب ، وفي الساعة الثانية عشرة إلا الربع عدت بالسيارة من أمام المنزل لأرى خيالها من النافذة ، وأدركت أنها عادت آمنة.

ومع هذا فقد واصلت قيادة السيارة وأدركت حينها أن تفكيري كان تشاؤمياً بشأن الحادثة بأكملها ، وأنني بحاجة إلى أن أستمر في التفكير قبل أن أتحدث معها ، وبينما أنا أمضي بسيارتي أدركت ما كنت أتخبط في من تشاؤم ( إنها لا تحترمني ، إنها لا تفي بالوعد. طلباتي وقواعدي لا تعني لها شيئاً. ستستمر مشاكلي معها على مدى الأعوام الأربعة القادمة على الأقل. من يعرف ماذا كانت تفعل؟ هل كانت تتعاطى مخدرات؟ هل هناك جريمة؟ لقد أذهب هذا النوم عني ودمر سكينتي وحياتي ... إلخ).

ومع إدراكي حجم ما كانت عليه أفكاري من تشاؤم ، فقد أعطيت نفسي فرصة لتنفيس كل هذه الأفكار قبل أن آخذ نفساً عميقاً وأقول لنفسي ( حسناً ، هذا وجه من الموضوع والآن حان الوقت لاستكشاف الوجه الآخر ) ومن الطرق التي أفضلها في عكس تفكيري إلى الجانب التفاؤلي أن أسأل نفسي ( كيف يمكنني الاستفادة من هذا؟ ).

كيف يمكنني أن أستفيد من هذه الحادثة في تحسين علاقتي مع ابنتي؟ كيف يمكنني أن أجعل طلباتي وقواعدي ذات قيمة لنا معاً؟ وبدأت أبحث كما يعضد جانب التفاؤل ، وأدركت أن العلاقات الناجحة إنما تبنيها حوادث مثل هذه - وليست الحوارات النظرية - وإنما من خلال الخبرات الصعبة وما نتعلمه ونستفيده منها.

ولذلك قررت استمراري في القيادة فترة أطول حتى أدعها تنتظر داخل المنزل وكنت متأكداً أنه لابد وأن أختها الآن قد أخبرتها بأنني أبحث عنها مما يعني أنها كانت تذرع البيت جيئة وذهاباً وهي قلقة ، وبينما أنا أقلب الأمور قلت لنفسي دعها تقلق قليلاً.

وظللت أفكر في علاقتي السابقة مع "ستيفاني" ، وكان من أشد ما يميز هذه العلاقة هو الصدق فقد كانت "ستيفاتي" في حياتها تتميز بنوع من الصفاء يغلب عليه الثقة والهدوء جعل من السهل عليها أن تكون صادقة مع مشاعرها ومع الآخرين ، وعند حدوث أي سوء فهم مع غيرها من الأطفال ، أو مع المدرسين أو الآباء الآخرين كنت أعتمد عليها في قول الصدق وكثيراً ما أنقذني صدقها في قولها عندما أسألها عما حدث.

وبينما أقود سيارتي في هذا الحي المظلم راجعت ذكرياتي السعيدة مع "ستيفاني" وهي صغيرة وكم كنت أحبها وأفخر بها حين ذهابي لحفلاتها أو التحدث مع مدرسيها وتذكرت عندما كانت في المدرسة الابتدائية وأحرجتها حينما سأل مدير مدرستها عما إذا كان سيدرس إعادة تسمية المدرسة على اسمها ( وقد فازت لتوها بجائزة أكاديمية وكاد الفخر أن يستولي علي ).

وفي النهاية تحول عقلي تماماً إلى الجانب التفاؤلي وكان سؤال ( كيف يمكنني الإستفادة من هذا ؟ ) هو الذي أعطاني فكرة أنه من الممكن جعل هذه الحادثة أكبر حجماً مما هي عليه ، بحيث أجعلها التزاماً جديداً لكلينا باحترام الاتفاقات والثقة المتبادلة.

وعندما عدت للمنزل رأيت مدى خوفها ، وحاولت أن تتحجج بأنها لم يكن معها ساعة ، وأرادت أن تفهمني بأنها كانت إلى حد ما ضحية للحادث بأكمله ، واستمعت إليها في ملل ثم قلت لها أن الأمر أكبر من هذا بكثير وتحدثت عن علاقتي بها وكيف أنني كنت أقدر صدقها خلال طفولتها ، وقلت لها أعتقد بأنني قد فقدت كل هذا في تلك الليلة وأنه لا بد أن نجد طريقة لنبدأ من جديد.

وقلت لها إنني أريد لها أقصى قدر ممكن من السعادة وأن الطريقة الوحيدة التي يمكنني من خلالها أن أساعدها على حدوث هذا هي المحافظة على الاتفاقات فيما بيننا وأخبرتها كم كنت خائفاً عليها ، وكم كنت غاضباً وكم كان سهرها بعيداً عن المنزل سبباً في أن يجافيني النوم ، وطلبت منها محاولة فهم هذا وتحدثت عن حياتنا معاً عندما كانت طفلة وكم كانت تتمتع بصدق غير عادي وذكرت حوادث قليلة وقعت فيها مشاكل وكيف أنني كنت أذهب لها مباشرة بحثاً عن الحقيقة ودائماً ما كنت أحبها.

وتحدثنا لفترة طويلة تلك الليلة إلى أن أدركت في النهاية أن العودة إلى المنزل في الوقت الذي تَعِد بالعودة فيه - أو فعل ما تعد بفعله - هو أمر كبير فهم أهم شيء.

ومنذ تلك الحادثة وما صاحبها من حوار كانت "ستيفاني" حساسة للغاية لموضوع الوفاء بكلمتها ، فإذا خرجت ووعدت بأن تعود في وقت ما كانت تأخذ مها ساعة أو تتأكد من أن من معها لديها ساعة ، وحادثة تلك الليلة كانت شيئاً لن ينساه أيٌ منا وذلك لأنها أوضحت لنا فكرة الثقة والإحتفاظ بالوعد بل يمكنك القول بأنها كانت شيئاً جيداً.

وكم سمعنا عن حوادث وعند التفكير فيها بعد حدوثها نجد أنها كانت ضربات حظ كبير فهذه سيدة تنكسر قدمها وهي تتزلج وتلتقي بطيب في المستشفى وتقع في حبه وتتزوجه وتستمر علاقتها معه سعيدة طوال الحياة ، وحيث أن الكثيرين منا عاشوا مثل هذه الحوادث فإننا نعرف هذه الديناميكية فقد يبدو شيءٌ ( مثل كسر القدم ) ويصبح أمراً عظيماً على غير المتوقع . ونبدأ في إدراك حقيقة أن كل مشكلة تحمل بداخلها هدية.

ويمكنك الوصول إلى هذه الهدية بسرعة أكبر لو أنك قررت الإستفادة من الأحداث التي تبدو في ظاهرها سيئة فإذا سألت نفسك ( كيف يمكنني الإستفادة من هذا؟ ) فيمكنك أن تحول حياتك مقابل لاشيء.


( 56 ) اقتحم عقلك

أصبح مصطلح ( التفكير المفتوح ) شائعاً في عالم الأعمال الأمريكي ، وقد عرفت هذا المصطلح أو ما عرفت منذ عدة سنوات أثناء عملي ككاتب إعلانات بإحدى وكالات الإعلان ، فمتى كانت الوكالة تحصل على عميل جديد كان رئيس الوكالة يجمعنا كي نفكر تفكيراً مفتوحاً في أفكار إبداعية لهذا العميل ، وكانت القواعد الأساسية للتفكير المفتوح هي :
1) ليست هناك أفكار غبية ، فكلما كانت الأفكار غير معقولة كان هذا أفضل.
2) على كل فرد أن يلعب درواً في هذا التفكير.

وأحياناً قمت بإدارة جلسات التفكير المفتوح مع مدراء الشركات ، فكنا ندور حول المائدة وكل شخص يقدم فكرة ويقوم مدير الجلسة بكتابتها على لوحة الشرح ثم ندور حتى نستنفذ كل الأفكار اللامعقولة في الأسباب ، وعادة ما تكتشف وسط هذه الأفكار شيئاً عظيماً ، والتفكير المفتوح يفيد كثيراً حيث يتم فيه رفع كل القيود المعتادة ضد الغباء ، ويصبح من الممكن أن تكون غير معقول وغريباً.

وما لا يدركه معظم الناس في مجال الأعمال هو أن هذا الأسلوب الفعال يمكن أن يستخدمه الشخص بمفردة وكان أول ما اكتفت هذا عندما كنت أقود سيارتي منذ عدة سنوات وأنا أستمع لشريط تحفيزي "لايرل نايتنجل" وكان يتحدث عن نظام تعلمه ووجد أنه يفعل الأعاجيب.

هات ورقة واكتب في أعلاها المشكلة التي تريد حلها ، أو الهدف الذي تريد أن تحققه ، ثم تضع الأرقام من واحد إلى عشرين في الورقة وتبدأ جلسة تفكير مفتوح لها نفس قواعد التفكير الجماعي ، وعليك أن تدوّن عشرين فكرة ، وليس لازماً أن تكون معقولة أو مطروحة . اسمح لنفسك بأن تتدفق ، فهدفك الوحيد هو أن تدون بسرعة عشرين فكرة خلال فترة بسيطة .

فإذا فعلت هذا على مدار أسبوع ، فسيكون لديك على الأقل مائة فكرة! هل كلها صالحة للإستخدام ؟ بالطبع لا ، ولكن ليس هذا مهماً ، فعندما بدأت هذه العملية ربما لم يكن لديك أي أفكار صالحة للإستخدام ، وقد استخدمت هذا النظام بنفسي مرات ومرات وحقق معي نتائج عظيمة للغاية ، فهو يفيد كثيراً لأنه يعمل على تهدئة التوتر المعتاد ضد التفكير المبدع الجرئ كما أنه يحفز الجانب الأيمن من العقل على القيام بدورة .

ومنذ وقت قريب طلب مني أحد الأصدقاء النصح فيما يتعلق بعمله وهو يعمل في مجال العروض وقد تفوق في مجاله إلى أن أصبح من الأوائل فيه على مستوى القومي وكانت مشكلته هي التسويق والترويج الذاتي ، فهذا الجزء من عمله كان ضعيفاً فيه مقارنة بموهبته .

فسألته قائلاً : ماذا لو أخبرتك بأن هناك شخصاً يمكنه إعطاؤك مائة فكرة خاصة بالتسويق ، بحيث تكون مناسبة تماماً لمهنتك وجمهورك؟
فأثار هذا اهتمامه .
فقلت له: أنت هذا الشخص .

ثم أخبرته بعد ذلك بأسلوب التفكير المفتوح الشخصي الذي يأتي بعشرين فكرة والذي استخدمته منذ عده سنوات وسرعان ما فهم قواعد اللعبة وانشغل بلعبها .

وبعد أسبوعين اتصل بي وهو سعيد للغاية بالنتائج وقال لي : ( لقد حصلت الآن بالفعل على أفكار تسويقية رائعة ، أكثر مما كان لديّ في الماضي . شكراً ) .

فالتعليم الذاتي هو أفضل تعليم يمكنك الحصول عليه ، وذلك لأن معلمك يعرفك جيداً ، وبالرغم من أن الأهمية هي أن تحصل على تعليم خارجي معين ، فإن أفضل تعليم هو الذي يعلمنا أن ننظر داخلنا ، وقد قال أحد المعلمين العظام : ( إن مملكة السماء تقبع داخلنا ) .


( 57 ) غير صوتك دائماً

كثيراً ما يقال لي إنني محظوظ لأن لديّ صوتاً جميلاً في الحديث . ويعجب بعض الناس من أنني قلما أستخدم مكبر الصوت في ندواتي حتى إذا كان الحاضرون بالمئات.

والذين يقولون بأن الله وهبهم مجموعة قوية من الحبال الصوتية ، ليسوا على صواب ، فكما قلت في الفصل السابق إن صوتي بدا ضعيفاً وعلى وتيرة واحدة تثير الملل إلي أن ظهر لديّ الحافز لتغييره ، وكان هناك مثلان هما اللذان حفَّزاني على تنمية صوتي. الأول كان مقابلة في مجلة قرأتها من عدة سنوات عن الممثل "ريتشارد بيرتون" ، والذي قد يكون صاحب أكثر صوت ساحر على مر العصور واستمع إلى "كاميلوت" واستمع فيها لريتشارد وهو يتكلم في دور الملك "آرتر" ). يقول "ريتشارد" في هذه المقابلة أن صوته هو الشيء الذي يعيش عليه ولذلك فهو يتأكد كل صباح عن استحمامه من قيامة بتنشيد عدة أناشيد تحافظ على أحباله الصوتية قوية ولينه وبعد ذلك شاهدت برنامجاً تلفزيونياً "لتوني راندل" وهو يخبر المذيع كيف نمى صوته الذي اشتهر به بالتمثيل.

وظلت هاتان المقابلتان في ذهني منذ ذلك الحين ولذلك فأنا دائماً ما أحمل معي في سيارتي عدداً من الشرائط واسطوانة الكمبيوتر لأسمعها وأنشد معها وأقوم برفع الصوت عالياً ( أفضل هذا عندما أكون وحدي في السيارة ) وأنشد بأعلى صوتي وأتأكد من حدوث هذا كل يوم حتى عندما أشعر بعدم الرغبة في الغناء ولهذا فائدة أخرى كما يقول "ويليام جيمز" ( نحن لا نغني لكي نكون سعداء وإنما نكون سعداء لأننا نغني ).

وقبل أي حديث هام كثيراً ما أذهب إلى الموقع الذي سألقي فيه الكلمة قبل الوعد بساعة وأقوم بالتجول بسيارتي الحي وأنا أنشد كالمجنون ( وأحياناً ما ينتابني القلق من أن العميل الذي يستضيفني قد يمر بسيارته من جانبي ليجدني أنشد في سيارتي ، وأنا أبدو كالمصاب بالذهان ويمثل هذا خطورة على الآخرين ) ، وعندما أقود وأنا أنشد بهذا الشكل أجد أن تنفسي يتحسن وتوقيتي يكون أفضل وحينما أتحدث يملأ صوتي القاعة دون عناء.

قد تقول ( إنني لا أعيش على صوتي ) وهذا يعني أن ذلك التدريب الغريب قد لا يكون ضرورياً لي ، ولكننا كلنا نتكلم ولذلك فإن الصوت الشجي الهادئ القوي يكون ميزة لا تقدر بثمن بالنسبة لأي شخص عملة التعامل مع الآخرين.

وعند الإشارة إلى الأشخاص الذين لهم صوت يُمتع من يستمع إليه يستخدم الناس كلمات مثل "رخيم" ، "ذو إيقاع مضبوط" ، وتلك مجاملة رقيقة يمكنك أن تجامل بها صاحب الصوت الجميل.

أنت لست مجبراً على الصوت الذي تتكلم به الآن ، وما عليك إلا أن تبدأ في النشيد وسرعان ما سيكون لك الصوت الذي تريده ، وكلما قوي صوتك كلما قويت ثقتك بنفسك وأبح من السهل أن تحفز نفسك.

( 58 ) اعتنق الحد الجديد

لحسن حظنا جميعاً ، فإن هناك حدّاً جديداً علينا ، فمع دخول أمتنا بل والعالم كله عصر المعلومات لم يعد هناك مكان لأنماط العيش القديمة.

وقد كتب جون هوي المتخصص في مجال الأعمال في عدد مجلة "فورتشن" الصادر يوم 27 يونيو 1994 . يقول في هذه المقالة : ( دعنا نقول أنك ذاهب إلى حفلة ولذلك تخرج من جيبك بعض (الفكه) ونشتري بطاقة معايدة صغيرة كتب عليها (عيد ميلاد سعيد) وبعد الحفلة يقوم شخص ما بشكل عارض بإلقاء هذه البطاقة في سلة القمامة ، فبإلقائه هذه البطاقة فقد ألقى قوة عقلية أكثر من تلك التي كانت موجودة قبل عام 1950 ) .

وفي النموذج القديم الذي تشكل خلال عصر الصناعة أصبح الإنسان أقل نفعاً ومخاطرة وذلك لأننا وجدنا وظيفة مضمونة طوال الحياة وكنا نؤدي أعمالنا بنفس الأسلوب إلى أن يحين موعد التقاعد وبمجرد الوصول إلى عمر التقاعد نصبح غير ذي فائدة تماماً بالنسبة للمجتمع ونعيش حياة اتكالية على الحكومة أو على أقاربنا أو على المدخرات التي جمعناها في أعوامنا النافعة .

أما الآن في ظل هذا التطور التكنولوجي الهائل ودخول العالم عصر المعلومات لم يعد الموظف يهتم بتاريخه الوظيفي كما كان من قبل بل أصبح يهتم أكثر بقدراته الحالية.

ومن أكثر ما يميز تلك الأيام التي كان يعيش فيها "دانيال بون" و "ديفي كروكيت" على الحدود نفع الأفراد فإذا كنت تعيش على الحدود تزرع البطيخ وتصيد ووصلت لسن الخامسة والستين فلن يحدث أن يطلب منك أحد أن تتقاعد .

وأخيراً رجعنا إلى تلك الأيام التي كانت تحترم (النفع) على السن والوضع الاجتماعي فعلى سبيل المثال إذا كانت شركتك تحاول أن تدخل السوق الصيني لتبيع برامج كمبيوتر وأنت في السبعين من عمرك وتستطيع أن تتكلم الصينية بطلاقه وتعرف كل شيء عن البرامج ولديك الطاقة والرغبة في النجاح فمن ذا الذي يستطيع أن يتجاهلك ؟

وقد قال "بيل جينس" صاحب شركة (مايكروسوفت) : ( إن لدى شركتنا أصلاً واحداً ... الخيال البشري ) ، فإذا أخذت من مايكروسوفت المباني والعقارات والمعدات المكتبية والأصول المادية - أي شيء يمكن أن تلمسه - فأين ستكون الشركة ؟ ستكون حيث هي الآن تماماً وذلك لأنه في عالم اليوم تصبح قيمة الشركة في تفكيرها وليس في ممتلكاتها.

ولا شك أن هذه أخبار عظيمة للأفراد حيث عادت خاصية (النفع) لتصبح من جديد هي الفيصل فإذا أصقلت مهاراتك وظللت تتعلم أشياء جديدة ودرست الكمبيوتر وتعلمت لغة أجنبية أو أصبحت خبيراً في ثقافة أو سوق أجنبي فيمكن أن تجعل نفسك نافعاً.

وينصح مدرب كرة السلة العظيم "جون وودين" بأن تعيش على المبدأ الآتي والذي يتناسب بشكل خاص مع الحد التكنولوجي القديم:
(( تعلم كأنك ستعيش أبداً ، وعش كأنك ستموت غداً )).

لقد مضت تلك الأيام التي كانت فيها الصلاحية للعمل تعتمد أساساً على التاريخ الوظيفي للشخص وعلاقاته الدراسية ، واتصالاته وعائلته ومكانته . بل أصبحت اليوم تعتمد على شيء واحد - مهاراتك الحالية - وهذه المهارات تخضع تماماً لسيطرتك .

فهذا هو الحد الجديد ، وإذا كنا قد دخلنا من قبل عصر التقاعد ونحن قلقون من الذئاب التي تنتظرنا عند الباب ، فالآن من خلال الإلتزام بالنمو مدى الحياة من خلال التعلم أصبح بإمكاننا أن نكون نافعين للمجتمع العالمي بقدر ما يكون لدينا الحافز لذلك .

فكلما زادت معرفتك بالمستقبل ، كلما زاد الحافز بأن تكون عضواً نافعاً فيه.

59 ) طور عاداتك القديمة

يكون تحقيق التحفيز القوي أصعب بكثير عندما يكون لدينا عادات سيئة تعوقنا عقلياً عن تحقيق هذا التحفيز ، فعندما نحاول أن نتحرك نحو الحياة التي نريدها ، نجد معنا عاداتنا السيئة ، فهذا ما وصف في إحدى الأناشيد الاسكتلندية بالكلمات الآتية ( إنه مثل القيادة مع الضغط على الفرامل والسباحة وأنت تلبس الحذاء ) .

فما هي المشكلة : المشكلة ببساطة هي أن العادات السيئة لا يمكن السيئة لا يمكن كسرها أو التخلص منها واسأل في ذلك الملايين الذين يكررون هذه المحاولة ، فهم دائماً ما ينتهون إلى مثل قول "ريتشارد بروان" من أنها ( محاولة بتعبئة الزئبق بالمذراة )، وذلك لأن هناك أسباباً وجيهة وراء وجود هذه العادات فهي موجودة لتفعل لنا شيء ما حتى ولو انتهى الأمر بنا إلى تدمير الذات ، فالعادة السيئة في الأساس تحاول أن تجعلنا نعيش بشكل أفضل.

فالشخص الذي يدخن يحاول أن يفعل شيئاً مفيداً وقد يكون هذا الشيء هو أن يتنفس بعمق ويسترخي ، مثل هذا التنفس ضروري لتنظيم الضغط ، ولهذا فإن التدخين بالنسبة له طريقة يحاول من خلالها أن يجعل نفسه في صورة أفضل ، والعادات السيئة كذلك ، فهي تقوم على شيء يعتقد الشخص أنه مفيد ، وهذا هو ما يجعل من الصعب للغاية أن تتخلص من هذه العادات.

ولهذا فلابد من احترام العادات ، وفهمها قبل أن يصبح بمقدورنا تحويلها ، ولابد من البناء على الأساس الذي قامت عليه العادة ، وليس هدمه ، كما يجب أن تعتمد على الدافع النفعي الذي يحرك العادة ، والإعتماد على هذا في جعل العادة تتحول من شيء سيء إلى شيء جيد.

دعنا نأخذ عادة الشرب كمثال ، فقد عرفت أناساً اعتادوا على شرب الخمر طوال الوقت ، والآن أصبحوا مستيقظين دائماً. كيف فعلوا هذا؟ ألا يمكننا أن نقول إن كل ما فعلوه هو أنهم تخلصوا من عادة الشرب ؟ لا ليس هذا هو ما حدث لأن هؤلاء الناس بلا استثناء قاموا باستبدال الشرب بشيء آخر ، فمن اعتاد أن يأخذ كل شجاعته ، واسترخائه ، وروحانيته من خلال زجاجة خمر ، فهذه بلا شك عادة مدمرة للغاية ، ولكن مجرد التخلص من هذه العادة سيؤدي إلى مشاكل أسوأ وهي : الإرتعاش ، الخوف ، الفزع والبارانويا وإلى إحساس تام بالفقدان.

فالأشخاص الذين ينضمون إلى منظمة ( مدمنون مجهولوا الهوية ) يستبدلون شجاعتهم الزائفة - التي كانوا يجدونها في زجاجة الخمر - بشجاعة حقيقية يحددونها في غرفة الإجتماعات في AA والإحساس الروحاني الزائف تماماً الذي وجدوه في كأس الخمر استبدلوه بروحانية شخصية حقيقية وعميقة وجدوها في برنامج تنويري من 12 خطوة ، كما استبدلوا العلاقات السطحية التي كانت تتسم بالعاطفية الشديدة ، والتي بنوها في حانات الخمر بصداقات حقيقية.

وبهذا فإن الإحلال قوي للغاية لأنه فعال بل إنه هو الشيء الوحيد الفعال فيما يتعلق بالعادات السيئة. إنني أعرف أناساً أقلعوا عن التدخين دون أن ينووا هذا ، وذلك أنهم اهتموا برياضة الجري وغيرة من تدريبات الأيروبك المنتظمة ، وسرعان ما حصلوا من هذه التدريبات على التنفس العميق والاسترخاء الذي جعل أجسامهم لا تتقبل التدخين ، وهؤلاء أقلعوا عن التدخين لأنهم أحلوا محلة شيئاً آخر.

ونفس الأمر ينطبق على الأشخاص الذين يسيرون على نظام غذائي فليس من المفيد مع هؤلاء البعد عن الأطعمة التي تؤدي إلى السمنة ، بل المفيد إيجاد نظام غذائي مكون من أطعمة لذيذة وصحية ، وهذا أيضاً إبدال أو إحلال .

الإنسان في عقلة الباطن لا يعتقد أن عاداته السيئة ، سيئة ! وهذا لأنها في نظرة تشبع حاجة يشعر بها ، ولذلك فلكي تقوي نفسك ، فعليك أن تحدد أولاً هذه الحاجة وتحترمها ، واحترامها يكون بإستبدال العادة الحالية بعادة أكثر فاعلية وأكثر إفادة للصحة ، فإذا استبدلت عادة ، فسرعان ما يصبح لديك الحافز لاسبتدال أخرى .


( 60 ) ارسم رائعتك اليوم

انظر إلى يومك على أنه لوحة فنان بيضاء.

فإذا عشت يومك بسلبية متقبلاً كل ما ينثره الناس والظروف على لوحتك ، فسوف تجد في الغالب على لوحتك فوضى ، وليس فناً كما هو المفترض أن يكون.

فإن كانت الفوضى تؤرق نومك ، فستبدأ يومك التالي في حالة من التعب والارتباك البسيط ، وفي ظل هذه الحالة فإن لوحتك سيُرسم عليها أشكال لا تحبها وألوان لم تخترها أبداً.

وإذا فكرت في يومك على أنه لوحة فنان فستكون أكثر وعياً بما يحدث لك عندما تغمر ذهنك فقط بالقيل والقال الموجود في الإنترنت وإعلانات الراديو وأحدث محاولات الجريمة والقتل ونقد زوجتك والأغاني التشاؤمية والحزينة.

فإذا سمحت لنفسك بأن تتراجع للخلف بما يكفي لأن تدرك وترى حقاً أن لوحتك اليوم مليئة بكل هذه الأشياء السلبية ! ، سيحدث لك هنا نوع من الحرية وهي حرية اختيار شيء أفضل.

وكلما كان لدينا وعي أكثر بحريتنا في رسم ما نريد على لوحتنا كلما قل عيشنا في الحياة كضحايا للظروف ، بل إن كثيراً منا لا يدرك أنه ضحية لهذه الظروف فنحن نقرأ أي شيء موجود على مائدة القهوة ، ونستمع إلى أي شيء في الراديو الموجود في السيارة ، ونأكل أي شيء موجود في الثلاجة ، ونتصفح أي موقع موجود على الإنترنت ، وتتحدث مع أي شخص يتصل بك في الهاتف ، ونشاهد أي شيء على التليفزيون ، وغالباً ما نكون في حالة من السلبية تمنعنا حتى من أن نضغط على جهاز التحكم عن بعد ( الريموت ) .

ولهذا فلا بد أن نعي أن علينا تغيير كل هذا ، وأن بإمكاننا أن نرسم يومنا كما نريد ، أو رسم اليوم تلك التي كان يعلمها "دينيس دينون" حيث كانت النقطة الأساسية في ندوته عن إدارة الوقت هي أننا لا نستطيع أن ندير الوقت وكل ما نستطيعه هو أن ندير أنفسنا.

يقول "ديتون" : ( امح هذا الركام من ذهنك ، وكذلك كل العقبات التي تقف في طريق نجاحك العظيم ) .

وبالرغم من أن معظم دورات إدارة الوقت تبدو وكأنها دورات في الهندسة ، فإن "ديتون" كان لدية روح الفنان في التدريس ، وكانت كل مبادئه في إدارة اليوم تنبع من خلق الهدف ومحاولة معايشة الصور التي يخلقها.

استيقظ صباحاً وتخيل يومك على أنه لوحة فنان . اسأل نفسك من هو الفنان اليوم ؟ هل هي الظروف الخارجة عن إرادتي ، أم أنا ؟ وإذا اخترت أن أكون أنا الفنان ... فما هي الصورة التي أريد أن أرسمها ليومي ؟









  رد مع اقتباس