تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ : أَنَّ مَنْشَأَ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي هِيَ : هَلِ الرُّكُوبُ فِي الْحَجِّ أَفْضَلُ أَوِ الْمَشْيُ ، وَنَظَائِرُهَا - كَوْنُ أَفْعَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِـــــ النَّظَرِ إِلَى الْجِبِلَّةِ وَالتَّشْرِيعِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ : هُوَ الْفِعْلُ الْجِبِلِّيُّ الْمَحْضُ : أَعْنِي الْفِعْلَ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْجِبِلَّةُ الْبَشَرِيَّةُ بِطَبِيعَتِهَا ؛ كَالْقِيَامِ ، وَالْقُعُودِ ، وَالْأَكْلِ ، وَالشُّرْبِ ، فَإِنَّ هَذَا لَمْ يُفْعَلْ لِلتَّشْرِيعِ وَالتَّأَسِّي ، فَلَا يَقُولُ أَحَدٌ : أَنَا أَجْلِسُ وَأَقُومُ تَقَرُّبًا لِلَّهِ وَاقْتِدَاءً بِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ كَانَ يَقُومُ وَيَجْلِسُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لِلتَّشْرِيعِ وَالتَّأَسِّي . وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ : فِعْلُهُ الْجِبِلِّيُّ يَقْتَضِي الْجَوَازَ ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ : يَقْتَضِي النَّدْبَ . وَالظَّاهِرُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُفْعَلْ لِلتَّشْرِيعِ ، وَلَكِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ .
|