قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ : قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ فِي مَذْهَبِنَا - أي المذهب الشافعي - أَنَّ الرُّكُوبَ أَفْضَلُ.
قَالَ الْعَبْدَرِيُّ: وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ ، وَقَالَ دَاوُدُ: مَاشِيًا أَفْضَلُ ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَائِشَةَ: " وَلَكِنَّهَا عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِكِ ، أَوْ : نَصَبِكِ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ ،
وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ : " عَلَى قَدْرِ عَنَائِكِ وَنَصَبِكِ "
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : مَا آسِي عَلَى شَيْءٍ مَا آسِي أَنِّي لَمْ أَحُجَّ مَاشِيًا ، وَ
عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا نَدِمْتُ عَلَى شَيْءٍ فَاتَنِي فِي شَبَابِي ، إِلَّا أَنِّي لَمْ أَحُجَّ مَاشِيًا ، وَلَقَدْ حَجَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ خَمْسًا وَعِشْرِينَ حَجَّةً مَاشِيًا . وَإِنَّ النَّجَائِبَ لَتُقَادُ مَعَهُ ، وَلَقَدْ قَاسَمَ اللَّهَ تَعَالَى مَالَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، حَتَّى كَانَ يُعْطِي الْخُفَّ ، وَيُمْسِكُ النَّعْلَ . انْتَهَى مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ ،
وَالْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي فَضْلِ الْحَجِّ مَاشِيًا : ضَعِيفٌ ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ النَّوَوِيُّ يُقَوِّي حُجَّةَ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْمَشْيَ فِي الْحَجِّ أَفْضَلُ مِنَ الرُّكُوبِ ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ نَصَبًا وَعَنَاءً . وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ : " وَلَكِنَّهَا عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِكِ أَوْ نَصَبِكِ " ، وَلَفْظُ مُسْلِمٍ: " وَلَكِنَّهَا عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ " ، أَوْ قَالَ : " نَفَقَتِكِ " وَالنَّصَبُ : التَّعَبُ وَالْمَشَقَّةُ .
لبيك اللهم لبيك لبيك