الموضوع: للحزن وجه آخر
عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /09-11-2015, 01:16 AM   #1

ياسمينااا

مشرفه سابقه

 

 رقم العضوية : 29574
 تاريخ التسجيل : Aug 2009
 الجنس : ~ أنثى
 المكان : القليوبية
 المشاركات : 13,324
 الحكمة المفضلة : كما تدين تدان
 النقاط : ياسمينااا has a reputation beyond reputeياسمينااا has a reputation beyond reputeياسمينااا has a reputation beyond reputeياسمينااا has a reputation beyond reputeياسمينااا has a reputation beyond reputeياسمينااا has a reputation beyond reputeياسمينااا has a reputation beyond reputeياسمينااا has a reputation beyond reputeياسمينااا has a reputation beyond reputeياسمينااا has a reputation beyond reputeياسمينااا has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 442309
 قوة التقييم : 222

ياسمينااا غير متواجد حالياً

أوسمة العضو

وسام التميز في قسم سجل الاعضاء 2015 وسام منظم مسابقه اسره مسلمه ذريه صالحه وسام تنظيم مسابقه افضل تقرير سياحي وسام افضل ضيف حملة عالم الرجل وسام المركز الثانى لمسابقة ذكرى الثورة وسام النشاط الاشرافى 

افتراضي للحزن وجه آخر





للحزن وجه آخر





... كان يقف مشدوها ، ينظر إليها نظرة حانية بعيون دامعة .. يتأمّلها بذلك الجسم النّحيل الّذي نخرته الهموم ولم تبق فيه ذرة لم تخزها بإبرها السامة .. تلك المرأة الحديدية كما يدعوها في دواخله .. كيف لا وهي الّتي بقيت صامدة صبورة وقد أتمّت معه عامها السادس ، وهو عاجزا عن منحها ولد ... الأمنية الّتي تتمنّاها كلّ أنثى على وجه البسيطة ...وهو لا يعلم مدى معاناتها التي تتناساها من أجله .. فقد حرصت دوما على الظهور بموقف القوي الذي لا يقهر .. أمّا في ذاتها فقد ماتت رغبتها في الحياة وأصبحت تتمنى الموت على أن ترى زوجها يبكي من شدّة البلاء ...




ذلك الشخص الذي عاشت معه أجمل أيام عمرها وزارت معه مختلف بقاع العالم التي حلمت بزيارتها في صباها ... زوجها الذي لم تعد تعرفه على سابق عهدها به ، فقد تغيّر وأصبح يختلق المشاكل لأتفه الأسباب وأحيانا من دون سبب ... مراده أن يدفعها إلى طلب الطّلاق .. علّها ترزق بنعمة الولد من رجل آخر يسعدها ويمنحها شرف ممارسة الأمومة على أن يراها تعيسة حبيسة جدران بيته الذي أصبح موحشا رغم جماله ... فقد كان يعتبر نفسه عائقا أمام سعادتها ، وأنّ أنانيّته في تمسّكه بها وإبقائها ضمن ممتلكاته الخاصّة جدّا تسبّب لها الحزن وتقتلها في اليوم مائة مرّة ...


كان قد دخل مرّة إلى بيته قبل أوانه ولم يجد طعامه حاضرا فزمجر وأخذ في السّباب والضّرب معاتبا إيّاها عن تأخّرها في إحضار الأكل وأنّه رجل البيت وعليها أن تطيعه وتحترمه وتعطيه قدره ومكانته ... وهي تنظر إليه باكية تترجّاه أن يعفو عنها ويغفر لها زلّتها ... وأنّها لم تنتبه لوقت مجيئه لانشغالها بالهاتف مع أمّها المريضة الّتي أرادت الاطمئنان عليها فقط .. وراحت تتوسل إليه بأن يسامحها وأنّها المرّة الأخيرة الّتي تخطئ معه ... وأنّه فعلا رجل البيت وهو سيّدها وحاميها وراعيها ...


فانتبه إلى كلماتها الحزينة ونبراتها الهادئة ونفسها المنكسرة في موقف الخادم الذّي ينحني لسيّده مذلولا يستجدي عطفه في أن يتجاوز عن خطاياه ...


كان يدرك في قرارة نفسه أنّه افتعل موقف استعجاله دخول البيت قبل الوقت المعتاد وأنّه لا ذنب لها بل الذّنب ذنبه وحده .. وأن مشكلة إحضار الطعام لم تكن سببا البتّة ...


فقد فقَد شهيته للطعام منذ أزل ... حين دبّ اليأس إلى قلبه بوسوسة الشيطان له في أنّه لن يصبح أبا أبدا .. وقد شارف على الأربعين ... كيف لا والأطباء قد أكدوا له ذلك مرارا كلّما ذهب إلى مخابر التحاليل لإجراء الفحوصات ...



نظر إليها في ذلك الموقف الّذي صيّرها إليه بجبروته وتعديه عليها بالضّرب مستعرضا عضلاته الّتي من المفروض أنها وجدت لتحميها لا لتعنّفها ... وراجع في ذهنه تلك الكلمات النّابية الّتي أمطرها بها لتوّه بأنّه رجل... لينفجر باكيا ... فأيّ رجل وهو عاجز على أن يهديها الولد ...



حينها نهضت نحوه مسرعة وعانقته وطلبت منه أن يفعل بها ما يشاء .. إلاّ أن يبكي ... فأن يبكي الرّجل فهذا يعني أنّه مقهور .. وأنّ الرّجال لا يبكون ن وإن بكوا فيخفون ذلك على الملأ ... واستطردته قائلة: يا قرة العين أعرف سبب بكائك ، فاصبر ولا تحزن فإنّ الله مع الصّابرين ..




وراحت تعدد له الزيجات أمثالهما .. إذ صبروا السّنين الطّوال ، وبرحمة من الله منّ عليهم بأطفال أنسوهم حزن الدهر ... وظلّت تستهديه بالله وتحنو عليه بلمساتها النّاعمة ، حتّى هدأت روحه واستكانت نفسه .. فمسحت دموعه بيديها الرقيقتين وابتسمت له وهي تخفي بكاءها .. حتّى ارتسمت على محيّاه قسمات الفرح ..


فرحة فوزه بالمرأة الصّالحة الّتي تدعو له لا عليه .. رغم قساوته معها وتقصيره في حقّها .. تلك المرأة العابدة القانتة الصّبورة ..


رغم نظرات النّاس إليها والتي لا ترحم .. وحتّى من المقرّبين الذين يمقتون بقاءها مع رجل لا ينجب .. متحجّجين بصغر سنّها ، وأنّ لديها الكثير من الفرص لتعيش حياتها الطبيعية ... وأنّها تضحّي من أجل رجل ليس أهل لذلك .. لأنّه لو افترضنا أنّها عاقر ما بقي معها كلّ هذه المدّة .. وأنّه كان ليتزوّج عليها بعد شهر على أكثر تقدير .. وهو الرّجل الشّرقي الذّي تدبّ في عروقه عادات ذكور القبيلة .. ولا ينفكّ يخرج عن أطرها...


كانت تردّ على تلك النّظرات بوقار .. وتتحدّاهم بأنّ الله أعرف بحالها وأرحم بها منهم .. وأنّه لن يخيّب ظنّها .. وثقتها بربّها وقربها منه هما سببا بقائها واستمرارها ... وهي تزدان كل يوم نضارة وجمالا في عيون زوجها ، الّذي وقف لتوّه وكفكف دموعها وهو يستحضر شريط ذكرياتهما معا وأيّامهما الخوالي .. أيام كان يناديها: يا أمّ أولادي وهي لا تزال مخطوبة له .. كانت حياته كلّها لها .. وهو لم يعشق سواها .. كان يتذكّر ذلك كلّما مرّ بشارع جلسا فيه أو مطعم أكلا فيه .. أو محلا إشترى لها منه هديّة ... وأخذ يلوم نفسه .. كيف أقدم على ضرب حبيبته وأعز الناس إليه .. وهو يقول لها: قطعت اليد التي تمسّك بسوء يا مهجة الرّوح ... نظرت إليه وهي تلتمس له الأعذار قائلة: سلمت يداك من كلّ سوء يا سيّدي وسيّد بيتي .. لا تحفل بما جرى ، واحتسب أمرك لله فهو ولي المؤمنين وأن المؤمن لا يقنط من رحمة الله أبدا...











  رد مع اقتباس