انشغل عشاق فنون القتال المختلطة mma في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة بقصة السقوط المفاجئ لبطلة طالما نظر إليها النقاد على أنها الوجه الأول للرياضة المتنامية على الصعيد الجماهيري، البطلة السابقة في وزن الديك بمنظمة ufc والفتاة التي تعد بنظر الكثير أعظم مقاتلة في العالم .. روندا روزي.
هو السقوط الذي أدخل أنصارها في غيبوبة.. قبل نزالها أمام هولي هولم امتلكت روزي عالم اللعبة بين يديها، وبعد النزال اختفى كل شيء بلمح البصر.
خسرت روزي في الحدث الرئيسي لبطولة ufc 193 التي أقيمت يوم الأحد في مدينة سيدني الأسترالية أمام الملاكمة المحترفة السابقة هولم بالضربة الفنية القاضية وسط دهشة كل ما تابع النزال سواء في ستاد "الاتحاد" الشهير الذي امتلأ بأكثر من 50 ألف متفرج، أو على الشاشات الكبيرة التي وقف أمامها الجمهور في حالة ذهول تام وهو يرى البطلة السابقة تسقط أرضا على رأسها بعد ركلة قوية نحو الوجه أفقدتها وعيها لثوان قليلة أوائل الجولة الثانية.
حالة الذهول انتقلت من الجمهور إلى المسؤولين في ufc وعلى رأسهم رئيس المنظمة دانا وايت الذي يعتبر روزي بيضة تفقس ذهبا خالصا، فهي نجمة شباك التذاكر الأولى في زمن تفتقد فيه اللعبة إلى أبطال شعبيين على شاكلة راندي كوتور وتشاك ليدل وبروك ليسنر وأندرسون سيلفا، خصوصا وأن نجم الرياضة الأول جون جونز يغيب منذ فترة طويلة بعد تجريده من حزام وزن خفيف الثقيل إثر تورطه في حادث تصادم سيارة وهربه من الموقع.
أما هولم فعاشت الحلم الذي راودها كثيرا، حملت الحزام بتواضع على كتفها وغادرت القفص غير مصدقة ما حدث، ربما آمنت بقدرتها على الفوز، لكنها بالتأكيد لم تتخيل الهيمنة المطلقة على مجريات المعركة.
وغابت روزي عن المؤتمر الصحفي الذي تلا النزال لخضوعها لفحص احترازي في مشفى قريب، وأجاب وايت نيابة عن الجميع سؤالا توارد إلى الذهاب بسرعة.. ما هي الخطوة التالية لروزي بعد سقوطها المفاجئ؟
أكد وايت أن حصول روزي على فرصة لاستعادة لقبها يعد أمرا منطقيا وهو ما واقفت عليه هولم التي رحبت بنزال قريب بين الطرفين قد يجمعهما في البطولة المرتقبة التي ستحمل الرقم 200 العام المقبل.
الأداء الغريب الذي قدمته روزي طرح تساؤلات حول قدرتها على مجابهة مقاتلات من طينة هولم التي بقي سجلها الإحترافي خاليا من الهزائم، ولجأت هولم طوال الجولة الاولى لاستخدام ميزة طول القامة من أجل توجيه اللكمات المؤثرة نحو روزي المتخصصة في حركات الإخضاع، والأمر الذي ساعدها في إنجاح استراتيجيتها هو إصرار روزي على الوقوف أمام هولم ومواجهتها بأسلوب الملاكمة في محاولة منها لتوجيه رسالة مفادها أنها تستطيع الفوز على أي كان وبأي أسلوب، وهو ما أثبت فشله التام.
وتطور أداء روزي التي أحرزت ميدالية برونزية بلعبة الجودو في أولمبياد بكين 2008 كثيرا منذ نزالها الأول في ufc العام 2013، واستطاعت تنويع أساليب القتال داخل القفص خصوصا من الناحية الهجومية بعدما هيمنت على منافساتها لفترة من الوقت مستخدمة مسكة الذراع "آرم بار"، لكن القتال أمام منافسة شرسة في اللكم والركل يثبت أنها بحاجة لمزيد من الوقت لتبرع في هذه الناحية.
أمر آخر مثير للسؤال، هل ستحتفط روزي بمدربها الرئيسي إدموند تارفيرديان؟ التجربة تثبت دائما أن التربع على هرم اللعبة يحتاج معسكرات إعداد قوية بوجود مدربين متمرسين ومعروفين، وتدرك روزي ان تارفيرديان لا يملك تلك الخبرة التدريبية التي يتمتع بها مدربون آخرون مثل غريغ جاكسون الذي أشرف على معسكر هولم قبل فوزها باللقب، كما أن والدة روزي آنماري دي مارس اشتكت من وجود المدرب الأرمني الأصلي إلى جانب ابنتها مدعية أنه يستغل شهرتها في صالح سيرته الذاتية المتواضعة.
ويحتاج نزال الإعادة مع هولم إلى مواقفة روزي التي ربما تأخذ استراحة طويلة عن اللعبة، أو تختار اللعب أمام البرازيلية كريس "سايبورغ" جوستينو التي بدورها تحاول جاهدة النزول بوزنها إلى فئة الديك من أجل إتمام التعاقد مع ufc والمنافسة على اللقب.
أمام روزي خيارات عديدة تحكمها رغبتها وحالتها المزاجية بعد الخسارة، ويتطلع دانا وايت لعودتها قريبا إلى القفص، غهو لا يريد خسارة نجم آخر في منظمته خصوصا وأنه لا يستطيع تكهن قدرة هولم على جلب مشجعين جدد للعبة منذ الآن، كما أن شخصية روزي الإستثنائية ترغم ufc على دفع الغالي والنفيس للمحافظة عليها تحت مظلته.