[ahmed 22]

كنت اتمني ان اكون هناك عندما تمكن احدهم من الترحال واكتشاف قارة بكاملها
او ان امتلك الفرصة للذهاب الي اقصي الأرض لكي استقصي المجهول
منتظرا ان يحدث جديد ممتلئا بالادرينالين من شدة الاثارة

كنت اتمني ان اكون هذا الرجل الذي يستيقظ صباحا في يده فنجان قهوة
ممسكا الصحيفة اليومية ويقرأها ويستمع الي هذا الراديو العتيق
متمتما بعد اغاني التراث القديم او اذاعة القرآن الكريم ..
أو ان اكون في مجتمع يوفر اماكن لممارسة الهوايات المختلفة
كأن اتعلم الة موسيقية مثل البيانو
أو حتي اجد مكتبة لا تبيع الكراريس فقط وملخصات الامتحانات
وفيها ما يحفز الفرد منا الي ان يقتني ما تنوع من الكتب من صغره ويتربي علي ذلك ..

كنت اتمني ان اكون رجل من هذا الطراز القديم الذي ما زال ينتظر مدفع رمضان
والايات القرآنية قبل الافطار علي القناة الأولي
ولكن للاسف مدفع الافطار الآن برعاية حلاوة رشيدي الميزان
والاذان اصبح برعاية 50 شركة تتمني لنا كل يوم صوما مقبولا وافطار شهيا
بدلا من القرآن في قتل لروح مجتمعنا ..

كنت اتمني اعيش يوم عادي ينظر فيه الناس الي بعضهم لا الي هواتفهم ..
يستمعون الي بعضهم عندما يتحدثون لا الي الحسابات الخاصة بهم يتصفحون ..
كنت اتمني ان ننتظر صوت المؤذن لا صوت الماسنجر ..
كنت اتمني ان اكون في مجتمع طبيعي ..
لا مجتمع مدمن بطبعه ولكن يدعي الافاقة ..

ولكن انا الآن في العام 2016 حيث اصبح العالم مجرد سجن صغير نراه بعيون الكترونية ...
نراه عبر عيون بضع شبكات للتواصل نضع عليها اسرارنا
وندحض الغموض الذي يثير فضول الاخرين في شخصياتنا ..
بل أننا احيانا نعطيهم الانطباع الخاطئ عنا ...
ونظن اننا نصنع عالم خاص بنا .. ولكنه من يصنع منا ادوات يحركها وقت ما اراد

بأمانة العالم اصبح مجرد ملل كبير واصبح الكل مشاركا في هذا الملل بإرادته الحرة
بل يزيده دون وعيا ويملئ الدنيا شكوي وضجيجا بسبب هذا الملل مع انه هو تسبب به لنفسه ..
فتخيل ان هناك من يدخلك سجن بإرادتك .. بل أنك تقدم كل يوم جديد لهذا السجن ..
مؤسف ان تكون دمية يحركها شخص يتربح منك يوميا
وفي خياله انه يقدم لك خدمة كبيرة وفي خيالك انك تعيش تجربة العصر الجديد ....

ولكن الأمر انه اصبح ظاهرة عالمية يآثر الجميع
وحتي أن خرجت من سجنه ستجد من حولك عالقين فيه وقت حريتك ...
فتجد الفراغ من حولك فتعود اليه بإرادتك ..

عبقري من وجد في نقص الناس ضالته .. فأكمله بما يملئ جيوبه ..
وغبي من وجد في بساطة العيش مللا واختار ان يشغل نفسه بما يزيد وهمه
ويكثر من تناقضاته فينفض عن واقعه ..

هكذا هي شبكات التواصل الاجتماعي ... تواصل بلا فواصل .. تجمل بلا عوائق .. حياة بلا حياة ..
ناس بلا ناس .. فهذ هو الإفلاس ..

تحياتي للجميع