[طبيب الهوى]

كَعَاداتي كُلَ مساء أجلِسُ أمامَ البَحرِ

أبحِرُ في بِحورَ الماضي وَالذكريات

وَتأسِرُني الذِكرَيات وَتأخُذُني بعيداً

وَبدأتُ أسْتَعيدُ شِريطَ الذِكريات في مَرحلَة الصِبا والشَباب

وَكَيفَ كانت عِلاقَتي بِوالِدي رَحَمَهُ الله ووالدتي وأخوَتي

خاصة القريبينَ مِني في العُمر

وَكَيفَ كُنا نَحتوي بَعضِنا البَعضْ بالحُب لِنَتَرابط

وكانت لُغَة الحِوارِ هيَ السائِدة بَينَنا

وَكيفَ كانت عِلاقَتِنا بالجيران خاصة في شهر رمضان المُبارك

كُنا نتعاون في تنظيف الشارع وفرش الحصير علىَ الأرض

ثُم نَذْهَبُ للمَسجِدَ لأداء صلاة المغرب ثُمَ نَفطَرَ سَوياً

وأثناء حَنيني لِهذه الذِكريات قفزَ في رأسي سؤالاً غريباً

أينَ أنتَ الأن؟

وَتلاهُ سؤالاً أخر

ماذا تفعل؟

وَسؤالاً أخر

ألا زِلتَ تَهْرُبَ؟ أليسَ لديكَ شَيئاً سِوىَ الهروب؟

وَاسْتَيقَظْتُ مِن غفوة حَنيني للذِكريات

علىَ واقِع أليم أحيا فيه وَوَقعتَ تَحتَ تأثيره

السوشيال ميديا

الاستعمار الحديث بتقنية جديدة تجعلك مُسْتَعْمَر بإرادَتُك

فَقَدْ هَرِبْتُ مما حدث لي وَتَرَكتَ أبنائي وذهبتُ بَعيداً

وَعَلِلتَ ذَلِكَ بأني ذاهِبٌ للعَمَل والتجارة

وبدأتُ مَرحَلَةٍ جَديدة في حياتي ليسَ فيها سِوىَ الهروب

وَكيفَ أقنَعْتُ نَفسي بالتسجيل في مُنتدىَ اجتماعي

بأني سأكتفي فقط بالقراءة والكِتابة لإشباعَ موَهِبَتي

وها أنا الأن أقِفُ أمامَ مِرآةِ نَفسي عارياً مُكَبَلاً بأغلالِ الهِروب

واسْتَيقَظتُ مِنْ غَفوتي تِلك وَجَسَدي يَرْتَعِش رُعباً

علىَ أبنائي وَمُسْتَقْبَلَهُم لِهذا قررتُ فَكِ تِلكَ الأغلالِ

والعودة لِنَفسي مِنْ جَديد

لأن هذا الإنسان مَغلولَ الأيدي والأقدام ليس أنا

بل إنساناً أخر لا أعرِفَهُ

هذيان قلمي المجنون

أبو عصام