[د/ عبد الله]

ممدّدٌ هو في فراغات فضائه, مرهقٌ كقادمٍ من سفح جبلٍ
بعدما أعياه طولُ الزمن نظر فوقه, فرأى جبلين.
لطالما كان هو هو لزمنٍ طويل
أمّا الآن فقد أدرك أن ذاته اُستبدلت
كخرقةٍ باليةٍ تحوّل هدفُها من اللبس إلى تنظيف المطبخ
فماذا بعد؟
ومَن يئوي النفوسَ إذا كانت بلا مأوى؟
تطلّب منه الأمرُ عمرًا بأكمله حتى يُدركَ أنه كان يحتفظُ
بذاتٍ قويةٍ تمكنه من الولوج إلى لا ذات.
تلمزُه الذكرى بين الحين والآخر, فيستلُّ من بين جذورِ الضعفِ
حنينَه الواهن, كلقمةٍ ينتزعُها من جوفِ ليث
فما عاد يقوى على الحنين
وما كان إلاهُ يبقيهِ متشبّثًا في طرفٍ من جلبابِ ذاته.
فليس أوحشَ للمجهول من جاهلٍ يتبرأ منه
وليس أنقصَ للقوة من قوةٍ يزدانُ بها قلبٌ خاوٍ
من صفعة ذاك الضعف تناثرت أشباحُ ذاته في غياهب المجهول
شاردةً في ملكوتٍ لم تكن يومًا خطت فيه خطواتها.
مستوحشةٌ هي ولا ترجع
وهو لاهثٌ خلفها, كلما أدركها تباعدت وأبعدته معها
يحمل بين يديه قنديلا مكسورا قد صدأ فتيله
فإن أبعدَ في الرحيل تاه ولن يعود
وإن عاد بغيرها... فلمن يعود؟