التسامح ( رواية حقيقية من الزمن الجميل )

[العفريت]

في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كانت هناك حملات اعتقال واسعة بين طلاب الجامعات وكان من ضمن المعتقلين طالب في كلية الطب وعند اعتقاله قام بتعذيبه ضابط حديث التخرج وعند تعذيبه كان يتوسل للضابط ويقول له (حرام عليك انا هتخرج وابقا دكتور ، كدا مستقبلي هضيع وأنا برئ ) ولم يستمع له الضابط وأخذ الضابط يسب عليه وعلى جميع الدكاترة ويقول له انت ستكون أفشل دكتور إذا تخرجت من أساسه ، وأخذ يعذبه أكثر وأكثر حاقدا عليه عندما عرف أنه طالب بكلية الطب ، حتى أحدث فيه عاهات مستديمة من قوة التعذيب على ظهره ، وتعاقبت السنوات حتى صار تلك الضابط في رتبة لواء ويريد أن يلحق ابنه الضابط حديث التخرج يريد أن يلحقه بقسم أمن الدولة وهذا كان من رابع المستحيلات وأخذ يبحث عن وزير أو شخص مرموق وله كلمة حتى يلحق ابنه بأمن الدولة ، حتى حصل على رقم أحد أصدقاء الرئيس السادات وأحد الشخصيات المهمة بل وأحد صانعي القرار ، وقال له أصدقاؤه أن هذا الشخص هو الوحيد الذي يستطيع أن يخدمك ، ويذهب اللواء بصحبة عائلته بما فيهم زوجته وأولاده ويدخل مكتب الشخصية المهمة التي سوف تقدم له الخدمة الجليلة ويسلم عليه ويعرض عليه طلبه ( وبالطبع مرت أكثر من 25 سنة على حادثة الاعتقال والتعذيب ) ولكن الذي تعرض للتعذيب أو الظلم لا ينسى مهما مر الزمان فتذكر الشخصية المهمة على الفور هذا الضابط الذي كان يعذبه دون رحمة أو شفقة يطلب منه خدمة وقد أصبح كبيرا في السن في رتبة لواء ، فتخيل يا أخي الكريم لو أنك تعرضت لظلم وتعذيب من أحد ووجدته أمامك يستسمحك ويتودد إليك لقضاء حاجة وهو أمامك تستطيع بعلاقاتك أن تخفيه من على وجه الأرض ، أنا أتخيل إن لم أفعل ذلك فعلى الأقل أن أرفض طلبه وأطرده من مكتبي أو إذا كنت أنا مهذب ومحترم سوف آخذ رقم تلفونه وأقول له سوف أتولى الأمر وأتصل بك وبعد خروجه أمزق الورقة أليس كذلك ؟! فالذي حدث هو أن الشخصية المهمة هذه قام بتذكير الضابط بتلك الأحداث في تلك الفترة وأخذ يحكي معه على طلبة الجامعة الذين قبض عليهم وقام بتعذيبهم ثم يقوم هذا الشخص المهم بخلع ملابسة ويكشف ظهره للواء ويقول هذه آثار تعذيبك لي قبل 25 عاما ، وإذا باللواء يغشى عليه ويسقط على الأرض من هول الصدمة والمفاجأه فقد تخيل أن مستقبل ابنه ومستقبله هو أيضا ضاع لأن الذي كان يقوم بتعذيبه قد أصبح من صناع القرار ، ولكن قام الشخص المهم بتقبيل اللواء حيث كان اللواء يبكي بحرارة وأخبره الشخص المهم أنه يسامحه من قلبه وقام بالفعل بتأدية الخدمة للواء ونقل ابنه حيثما يريد .
انظروا إخواني فهذه قمة التسامح ، ليس أن تعفو عند المقدرة فقط ولكن أن تعفو وتقوم بخدمة من عذبك وأهانك ، إنه الدكتور محمود جامع الطبيب الخاص للرئيس أنور السادات أطال الله في عمره .
فهذا هو التسامح من الزمن الجميل

[هدوء الكون]

يسلمووووووووووو ايدك على الموضوع الرائع
منتظرين منك الجديد