اسرار وخفايا القلوب

[ملاك بريئ]

أسرار وخفايا القلب الجزء الثاني

كما رأينا في الجزء الأول أن القلب اذا كان سليم العقيدة
فهو يرى بواطن الأمور ويسمع الحق فيعرفه ويتبعه .

وأيضاً من أسرار القلب أنه أداة التخيل والإختراع والإبتكار وقد قال الله في حديثه القدسي :

{ أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا اُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر } ،

فالقلب أداة التخيل والإختراع ،

وأيضاً القلب أداة الفتوى لما رواه أحمد في مسنده أن وابصة ابن معبد سأل النبي عن البر والإثم فقال النبي :
( صلى الله عليه وسلم ) >> استفت قلبك واستفت نفسك ولو افتاك الناس << ، قالها ثلاثاً
وأيضاً الإنسان لا يحاسب بعمل الجوارح إلاّ اذا تعمد المعصية بقلبه ،

قال تعالى :

{ ..... وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ (5) } (سورة الحزاب)

والقلب أداة الصدق والكذب ،

قال تعالى :

{ .... يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ..... (11) } (سورة الفتح)

وقال أيضاً :

{ .... يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ .... (167) } (سورة آل عمران)

وأيضاً القلب أداة العلم والفهم والإدراك ،

{ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ .... (46) } (سورة الحج)
{ .... لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا .... (179) } (سورة الأعراف)
{ .... وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (93)} (سورة التوبة)

فإن تكلمنا عن العقيدة أين توجد وقد قلنا أن العقيدة معناها الإيمان المطلق بكل ما جاء في الكتاب والسنة الصحيحة من غيب
نقول : أن الإيمان مكانه القلب .

قال تعالى :

{ .... أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ .... (22) } (سورة المجادلة)

فهنا دليل على أن مستقر الإيمان الذي هو أصل العقيدة القلب .

ولذلك لما تعرض عمار ابن ياسر للعذاب حتى سب النبي ذهب باكياً إلى رسول الله والمعروف أن سب النبي كفر ، أي من سب النبي كان كافر العقيدة فأول ما سأله النبي عن القلب أي سأله عن مستقر ومكان العقيدة
فقال : إن القلب مطمئن بالإيمان ، قال : إن عادوا فعد ونزلت الآيات لتؤكد لنا أن القلب هو مستقر العقيدة السليمة ،

فقال تعالى :

{ .... إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ .... (106) } (سورة النحل)

وعلى ذلك فـ القلب هو مستقر العقيدة

ولكن إن تمت عملية نقل قلب من مؤمن إلى كافر أو الع** فهل تتغير عقيدة الإنسان إلى عقيدة صاحب القلب الأصلي سواء كان كافراً أو مؤمناً ،

نقول : إنه مما ثبت عند العلماء أنه عند زرع القلب فإن المريض المزروع له القلب يتأثر ببعض صفات وذكريات صاحب القلب الأصلي وقد اُجريت عملية زرع قلب لطفلة فلوحظ بعد العملية أن الطفلة أصبحت تخشى جداً من الماء بغير مبرر فرجعوا إلى ملف الطفلة المتوفاة صاحبة القلب الأصلي فوجدوا أنها قد ماتت بالغرق في حمام السباحة فانتقلت هذه الذكرى وهذا الخوف من صاحبة القلب الاصلي إلى البنت الاُخرى .

ومثل هذا قد حدث كثيراً ، وهذا أمر معروف عند الأطباء

السؤال هنا : هل تنتقل العقيدة مع القلب ؟

نقول أن العقيدة مقرها القلب ،
لكن لها اتصال خفي بالروح والعقل فاذا استقرت عقيدة الإيمان في القلب
فإن القلب يرسل أوامر إلى العقل والعقل هو المسيطر على الجوارح فهو
الذي يرسل إليها الأوامر فيأمرها بطاعة الله والسجود له بناءً على التعليمات التي يصدرها له القلب

واكتشف العلماء أن القلب يسيطر على العقل بأربع وسائل :

1-عصبياً : من خلال النبضات العصبية .
2-كيميائياً : بواسطة الهرمونات والناقلات العصبية .
3-فيزيائياً : بواسطة موجات الضغط .
4-بواسطة الطاقة : من خلال المجال الكهرومغناطيسي للقلب .

وقد اكتُشف حديثاً أن المجال الكهربائي للقلب أقوى من المجال الكهربائي للمخ بـ 60 مرة
والمجال المغناطيسي للقلب أقوى من المجال المغناطيسي للمخ بـ 5000 مرة
فالقلب يسيطر على المخ والمخ يسيطر على الأعضاء .

وهناك الروح هذا السر الخفي سر الحياة فهذه الأعضاء تدب فيها الحياة بقوة الروح
فإذا خرجت الروح أصبحت هذه الأعضاء مجرد قطع من اللحم لا حياة فيها .

ولذلك نقول أن العقيدة أمر متصل بين القلب الذي هو مستقر العقيدة
والمخ الذي يعطي الأوامر للأعضاء فتنفذ الطاعة أو المعصية .

والروح التي تبعث الحياة في هذه الأعضاء .

فإذا نُقل قلب من شخص إلى آخر يُنقل معه بعض الذكريات والخبرات ليس أكثر .

أما العقيدة فهي بالقلب والعقل والروح وهذا ما يجمعه الله بقدرته يوم القيامة حتى يحاسب الإنسان .

والله أعلم

منقول ادعو الله لكم التوفيق الدائم