ثقافة الاعتذار

[عبده احمد هيبه]

بالأمس وأنا أتصفح الانترنت رأيت مقطع فيديو أثار بداخلي الكثير من التساؤلات وأدهشني كما جعلني أشعر بشعور من الندم والخجل لقد رأيت خطابا للسيد الرئيس محمد حسني مبارك قد ألقاه في

الحزب الوطني ورأيت سامعي الخطاب من المواطنين الكادحين البسطاء وكيف كان يعاملهم الرئيس معاملة تفوق الوصف من المحبة والمداعبة واللين الشديد وموافقة سيادته على مطالبهم الكثيرة في غير ضجر أو سأم
كم امتلأ خطاب سيادته بالمعاني التي لا يفهما أصحاب المراهقة الفكرية والذين لا أنكر ولكن أسف وأندم أني كنت أحدهم كنت واحد من الذين ساروا خلف شعارات عمياء سوداء
ثم بدأت أسأل نفسي لماذا
لماذا تماديت في كراهية القائمين على الحكم
لماذا حملت كل هذا العداء للنظام الحاكم
لماذا تغنيت بمتاعبي وأناتي وأنا الذي بحمد الله أحيا حياة كريمة
لماذا دائما انكل بمن أهانونني ومن هم اصلا الذين أهانوني
وما علاقة سيادة الرئيس بعقدي النفسية اذا كنت مريضا فلماذ احمل غيري وزر مرضي
انني رأيت خطابات كثيرة لرؤساء كثيرين ولكني لم أر في حياتي رئيسا يتعامل مع شعبه بكل هذا الحنان والتواضع الشديد الذي جعلني أتمنى أن تقطع يدي قبل ان تتهم الناس بالباطل وتلقي اليهم بالتهم الفظيعة
انه أمر لا يقبله شرع أو دين ثم ان رئيس الدولة هو رمز الدولة واهانته اهانة للدولة بأكملها
هذا ما لم يفهمه الكثيرون من المعارضين للنظام الحاكم أينما كان وكيف كان
ممن لا يعرفون شيئا عن ثقافة الحوار والاعتراض ولكنهم يعترضون لمجرد الاعتراض انهم قالوا ما قالوه عن الرئيس عبد الناصر
من هو الرئيس عبد الناصر
انه من أعطى للمصريين حقوقهم المسلوبة الضائعة وأنهى عصور الاستعباد والمهانة ومع ذلك أهدره أهل المعارضه من المرتزقه وتجار البذائة حقوقه وضيعوا أفضاله وجعلوا كل ما فعله هبائا منثورا
ثم استلم الرئيس السادات رحمه الله الحكم واستلمه المعارضون
وعندما فتح لهم باب الديمقراطيه على مصراعيه استغلوا هذا الانفتاح وجعلوا منه رمحا يسددونه الى صدر الرئيس الذي سمح لهم بالظهور على الساحة وأمطروه وابلا من الاتهامات والاكاذيب والأباطيل حتى اغتالته الايدي الاثمة بعد ان ترك لنا السلام بعد معركة هزمت أقوى جيش ودمرت الكيان الصهيوني
ولكن المعارضون للنهاية كانوا ضده وسلبوه ما سلبوا سالفه الرئيس عبد الناصر كما فعلوا ويفعلون مع خالفه الرئيس مبارك
يقولون الفقر
ونحن اليوم في حالتنا الاقتصادية أفضل من كل العصور السابقة
ويقولون تدهور التعليم مع ان التعليم اليوم اصبح متاحا للجميع بخلاف العقود الماضية
وينسبون تخلفهم واضمحلالهم الثقافي الى القيادات فيجعلون منها الشماعة التي يعلقون عليها كوادرهم
ثم أنهم نسوا أو تناسوا فضل هذا الرئيس عليهم هو الذي لعب الدور الرئيسي وضرب الضربة الجوية في المعركة التي حققت لهم الاستقلال
ثم هو الذي حافظ على السلام ولولاه لكنا فريسة سهلة لأي قوة من القوى التي تطمع فينا
ثم اني كنت أتحدث عن سيادته وأذكره بالديكتاتورية وقمع المواطنين واستلابهم حريتهم
ولم أنظر لنفسي وأنا أهاجمه هجوما وقحا وضيعا يعاقب عليه القانون ومع ذلك أنعم بكافة سبل الأمان والراحة ولم أعاقب ولم أقمع على تجاوزاتي ووقاحتي مع أن هذا هو العدل
أن يجازى كل مجرم على اجرامه
ثم ان جرائد المعارضه الوقحه المرتزقه التي دائما وأبدا تسرف في تجاوزاتها ضد سيادة الرئيس ومع ذلك ينعمون بالحرية الامان
أليس هذا دليل قاطع بأن هذا الرئيس هو أفضل من حكموا مصر
أهذا الرئيس يستحق منا ما نقوله في حقه
ان خطأي الأول والأكبر أني سرت خلف أناس باعوا وطنهم
لمن دفع الثمن وأنا بسبب جهلي وقلة درايتي وثقافتي اعتبرتهم زعماء وسرت ورائهم سيرا أعمى دون أنه أنظر أو أفكر في باطنهم القذر الذي لا يستحق مني الا أن أتفل عليه وعلى أصحابه وعلى نفسي مادمت أسير خلفهم
وانه من العقل ومن الأدب أن يعتذر الانسان عندما يخطئ
ولقد أخطأت في حق سيادة الرئيس وفي حق القائمين على الحكم وتجاوزت معهم حدود الأدب بدون أي وجه حق
وهأنذا أعتذر لسيادة الرئيس ولكل من أخطأت في حقهم وأبدي ألمي وأسفي وألعن ثم ألعن ثم ألعن كل المعارضين شعراء أو أدباء أو مفكرين من الذين باعوا وطنهم وأسرفوا في سب رئيس دولتهم الذي هو علم ورمز للدولة
اعتذر وليس عيبا أن أعتذر لكن العيب أن أتمادى في خطأي
وأنا أستحق السجن والعقاب لما قلته من تجاوزات وسباب يعاقب عليها القانون فاذا وقع على العقاب فلست حزينا أو اسفا
بل بالعكس سأكون سعيدا اذا دفعت ثمن خطأي
واذا كان العفو فأنا شاكر لعفو صاحب العفو

عبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــده أحمد

abdoheba_1993@yahoo.com