العوائل العربية مابين غلاء المعيشة في الإمارات وسوء الخدمات في بلدانهم

[مازن الصايغ]

العوائل العربية مابين غلاء المعيشة في الإمارات وسوء الخدمات في بلدانهم

دبي-مكتب الرياض،تحقيق- عزالدين مسمح

مع بداية الإجازة الصيفية بدأت العائلات العربية المقيمة في دولة الامارات السفر لقضاء الاجازة الصيفية بين أهلهم وذويهم في أوطانهم ، يأتي ذلك في ظل استمرار تأثير الأزمة المالية العالمية على بعض العائلات حيث قرر بعضهم مغادرة الامارات دون عودة ، فيما كان للبعض الآخر رأيا مختلفاً حيث قام بتسفير عائلته وبقائه وحيداً خاصة بعدما قامت بعض الشركات بخصم جزء من الراتب.

"الرياض" استطلعت آراء بعض العائلات العربية المقيمة في الإمارات حول مستقبل حياتهم واستمرارهم في دولة الامارات حيث قال الكثير منهم الى أنهم لا يفكرون في المستقبل القريب مغادرة الامارات رغم الغلاء الفاحش الذي تشهده الامارات خاصة العقارات ، الايجارات والوقود الذي يشكل اغلى سعر في دول المنطقة قائلين "نار الخليج ولا جنة هلي" خاصة مع تدني بعض الخدمات في بلدانهم.


فيما ذهب الطرف الآخر الى أنه يفكر جدياً بمغادرة الامارات فور انتهاء العام الدراسي لعدة أسباب اهمها فقدان الوظيفة ، والحياة المعيشية التي أصبحت لاتطاق خاصة وأن الأسرة تتكون من عدد كبير تحتاج لمصاريف شهرية لا يستطيع أن يوفرها مثل رسوم المدارس وتسديد فواتير الماء والكهرباء ورسوم الاقامة فضلاً عن زيادة غلاء الايجارات.

وتعزو العديد من الدوائر الاقتصادية المتخصصة السبب الرئيسي لهذا الى الأزمة المالية العالمية التي أثرت بشكل كبير على اقتصاد دبي، عندما قامت بعض الشركات بإنهاء وظائف الآلاف من الموظفين ، اضافة الى ارتفاع اسعار السلع والخدمات الاساسية ومن بينها الغذاء والتعليم والرعاية الصحية وتكفل ارتفاع تكاليف المعيشة ومأساة الازدحام المروري وضغوط العمل بجعل الحياة اكثر صعوبة مما كانت عليه فقدان الرفاهية في ظل ارتفاع درجة الحرارة والتوتر النفسي.

هذا وتخوف العديد من السكان المقيمين في الإمارات من تولد أزمة أخرى في السلع الأخرى خاصة مع اقتراب شهر رمضان المبارك والأسعار لا تناسب الكثير من ذوي الدخل المحدود والتي تزيد معاناتهم يوماً بعد يوم حيث أصبح قرار الرحيل يراودهم يومياً.

"الرياض" استطلعت آراء العديد من المقيمين العرب من مختلف الجنسيات والأعمار حول أثر الأزمة المالية وما آلت إليه.


بداية سمير صالحة أردني الجنسية يعمل مديراً تنفيذياً في إحدى الشركات قال إن الأزمة المالية العالمية كان لها أثر سلبي خاصة بعدما فقد الآلاف وظائفهم قائلا افكر بشكل جاد بترك الامارات وانهاء كافة أعمالي والذهاب لبلدي والإقامة هناك على أن أبقى هنا في ظل غلاء الإيجارات وغلاء المواد الغذائية موضحاً أن الأغذية الأساسية تشهد موجة كبيرة من الغلاء والتي تعتبر البنية الأساسية للسلم الغذائي.

من جانب آخر يقول عبدالله الغليبي فلسطيني الجنسية ويعمل في شركة استيراد وتصدير أن راتبه متواضع جداً بالكاد يكفي فقط لبعض احتياجته ، ومع بداية الأزمة المالية العالمية قررت الشركة تخفيض راتبه مما أثر على حياته الشخصية بشكل كبير ، وحاول إيجاد فرصة عمل بديلة ومناسبة لكنه لم يجد ، وقال أفضل البقاء دون زواج إلى أن أتمكن من التماشي مع متطلبات الحياة اليومية، ويشير حتى لو تحسن مستواه الوظيفي فإن الغلاء والتضخم المستمر يحول بينه وبين التخطيط لوضع برنامج معين يمكنه من الاستقرار والعيش في وضع مقبول إلى حد ما.

أما عبدالله مواطن سوري يعمل في مصنع للأخشاب فقال إن بعض الشركات قامت بانهاء خدمات بعض الموظفين او تخفيض الرواتب في الفترة الأخيرة إلا أنه وفي المقابل ارتفعت الأسعار وبشكل جنوني والتي شملت مستلزمات الحياة اليومية وخصوصاً المواد الغذائية والتي وصلت من 20% - 60%، وبدون رحمة لذوي الدخل المحدود، وقال إن الغلاء ليس في الأسعار فقط بل طال المواصلات والبترول ، ويعتقد أن استمرار الغلاء بهذا الشكل سينجم عنه بطء في النمو الاقتصادي في دولة تشهد أكبر وأسرع نمو اقتصادي في المنطقة.

أما أبو عبدالله مواطن سوداني قال ل"الرياض" لم أر مثيلا لهذا الغلاء في دول الشرق الأوسط حيث زرت اغلب البلدان العربية ولم ألاحظ غلاء بهذا الشكل الكبير، موضحاً أن دبي تعتبر من أغلى مدن العالم مفضلاً الإقامة في دولة خليجية أخرى على أن يقيم في دبي .


أما مهند السيد مصري يعمل محاسباً قال أفضل ترك الإمارات والذهاب إلى بلدي على أن أعيش في ظل غلاء غير محتمل يكاد يشل حركتي اليومية، وأشار أن ذلك جعله يعيش في وضع غير مستقر نتيجة للالتزام بدفع بعض القروض والمتطلبات اليومية.

وقال أبو خالد مواطن عربي عندما كنا في الإمارات خلال السنوات القليلة الماضية كنا نجد على الأقل خدمات مناسبة وبيئة نظيفة وعلاقات اجتماعية وطيدة بين الجيران ، ولكن في الظروف الحالية الوضع أصبح لا يطاق حيث ارتفعت الأسعار وخصوصا المواد الغدائية بعد ارتفاع البنزين مما رفع كل الكماليات الاخرى، وقد تورطنا في "القروض الربوية" التي أكلت الأخضر واليابس سواء في شراء السيارة أو لتأمين دراسة الاولاد مما ترتب علي ديون من أثر القروض التي لا تنتهي بفضل الفوائد "الروبوية " ، وبعد ان فقدت نصف راتبي أصبحت لا استطيع حتى أستقبل ضيفاً واحداً في الشهر وكذلك تبدلت العلاقات الاجتماعية ما بين الجيران بسبب الضغوط والظروف النفسية وتلاشت العلاقات الاسرية واصبح الكل يشكو ، ولذلك ما عادت الامارات مغرية بالنسبة لنا ، حيث كنا سابقاً عندنا نسافر الى أوطاننا ينظر لنا بأننا قادمين من عالم آخر سواء في السيارة الفارهة او الملبس الجديد ، ولكن الآن تغيرت المفاهيم وأفكر بالعودة الى بلدي على الأقل أحافظ على العلاقات الاجتماعية وأعيش حياة طبيعية غير مشوهة.

ويضيف الشاب عبدالله صالح من سوريا بالقول كانت لدينا نحن الشباب عقدة اسمها "دبي" فحلمنا أن نحصل على سيارة تحمل رقم دبي حتى وان كان الشخص يعمل في عجمان او رأس الخيمة كي يسافر بها بلده للتباهي انه يعيش في دبي ، أما الآن تلاشت هذه العقدة وأصبحت النعمة نقمة وغرقنا في الديون والالتزامات المالية والمصاريف بفعل غلاء المعيشة وتكلفة الحياة الصعبة سواء كنت أعزب أو متزوجاً.

أما ظافر عصام : رجل أعمال عربي سألته "الرياض" عن وجهته المفضلة لقضاء الإجازة الصيفية فقال : الغيت السفر نهايئا هذا العام في ظل الظروف غير المناسبة لتحملي اعباء السفر، قائلا "نار دبي ولا جنة وطني" ، على الاقل هنا مع ارتفاع درجات الحرارة يوجد مكان نظيف والكهرباء بدون انقطاع، ولكن اذا ذهبت الى وطني العراق اذا لم اتعرض للقتل يتعرضون اولادي لقطع الكهرباء فأصبحت أوطاننا غير آمنة بفضل الفوضى والسرقة والنهب وقطع الكهرباء بدون انذار، متسائلاً فما بالك انساناً مع اسرته وتنقطع عنه الكهرباء في الصيف ،لذلك فضلت الغاء الاجازة والعيش في الامارات لأضمن السلامة والأمان.

واخيراً أجمع مواطنو الدول العربية وأغلبهم من سوريا وفلسطين والأردن ومصر ولبنان والعراق عن نيتهم ترك الإمارات والعودة لبلدانهم أو السفر لدولة خليجية أخرى لتكوين مستقبلهم والخروج من الوضع الصعب.

من جانب آخر شهدت المكاتب السياحية في دولة الامارات اقبالا كبيرا للظفر بالعروضات التي تقدمها الشركات السياحية ، حيث أكد مديرون وعاملون في قطاع السفر والسياحة أنه يوجد ضغط في الحجوزات والطلبات على التذاكر وبرامج العطلات خلال الفترة الراهنة، بعد ارتفاع درجة الحرارة غير العادية.