..{ فع‘ــآآليـآآت المنتــدى }..



آخر 12 مواضيع
واجب عزاء لاخونا كريم عاصم
الكاتـب : ^^khL oUD - آخر مشاركة : همس الحنين - مشاركات : 7 -
وجع لبنان
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : شاعر الحب الحزين - مشاركات : 2 -
هل انتصرت اسرائيل؟
الكاتـب : همس الحنين - آخر مشاركة : شاعر الحب الحزين - مشاركات : 4 -
حسن نصرالله راعب العدو
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : شاعر الحب الحزين - مشاركات : 4 -
الزمالك يهزم الأهلي ويتوج ببطولة السوبر الأفريقي
الكاتـب : 7laa - آخر مشاركة : Å Ṁ i ŗ â ® Ṁ ä r Ø - مشاركات : 7 -
صرخه ودمعه
الكاتـب : همس الحنين - آخر مشاركة : إيلاانا - مشاركات : 6 -
بعد شربة المباه نطق بالشهاده هل ستقتله
الكاتـب : كريم عاصم - مشاركات : 9 -
يا يومَ مولِدي ….
الكاتـب : إيلاانا - آخر مشاركة : همس الحنين - مشاركات : 6 -
حلا اهلا وسهلا بك في بنات مصر
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : 7laa - مشاركات : 13 -
اسرائيل والطوق الكبير
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : مهيب الركن . - مشاركات : 7 -
توقع من يفوز بكأس السوبر الافريقي الاهلي ام الزمالك
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : شاعر الحب الحزين - مشاركات : 17 -
متستغربش
الكاتـب : شاعر الحب الحزين - مشاركات : 8 -

الإهداءات


مكتبة الشعراء

قسم الخواطر - وهمس القوافى حصرى بقلم الأعضاء


إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم منذ /10-16-2010, 10:34 AM   #21

مميزة في الاقسام الأدبية

 

 رقم العضوية : 47099
 تاريخ التسجيل : Apr 2010
 الجنس : ~ امرأة
 المكان : فــلسطين
 المشاركات : 5,553
 الحكمة المفضلة : إذا كان لايمكنك القيام بأعمال عظيمة..
 النقاط : حـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ has a reputation beyond reputeحـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ has a reputation beyond reputeحـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ has a reputation beyond reputeحـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ has a reputation beyond reputeحـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ has a reputation beyond reputeحـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ has a reputation beyond reputeحـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ has a reputation beyond reputeحـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ has a reputation beyond reputeحـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ has a reputation beyond reputeحـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ has a reputation beyond reputeحـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 509709
 قوة التقييم : 255

حـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو
افتراضي

اقتباسالمشاركة الأصلية كتبت بواسطة بحرولاكن
أختي الغالية



مكتبتك مليئة بكل الاحترام لهذه البلد

بكتبها

واولدها

بنتها

امهتها

كل ما فيها

بالاديان

والعبادات

بلد الرجال

وبلد الشهداء

وبلد الكرامه

يا اختي


اشارك معكي مكتبتك بيكي انتي


السيده عيون الغد


الكاتبه

المتالقه

المعانقه للبلد الطيبه


راقية هي


وصاحبة قلم لا يتجراء احد علي مجاراته







احييكـ بحر ولكن

ويُسعدُني تشريفك

بمكتبه الشعر والشعراء

واكن ممتنه اذا كان هُناك بصمه ابداع من انتقائك

لااحد الشعراء... لنتعرف اكثر واكثر على

نشأتهم ودافعهم للبوح المعطاء.

فمعنا لنحي ركناَ تشهدُ به العيان

ويزهر بوجود هالخلان

فمرحبا بكـ









  رد مع اقتباس
قديم منذ /10-16-2010, 05:35 PM   #22

قلم مميز

 

 رقم العضوية : 40821
 تاريخ التسجيل : Jan 2010
 الجنس : ~ رجل
 المكان : المدينه المنوره
 المشاركات : 1,708
 النقاط : سلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 41994
 قوة التقييم : 21

سلطان الزين غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

الشاعرة ريتا عودة

نبذة
شاعرة وقاصّة فلسطينيّة
من مواليد النـّاصرة
حاصلة على شهادة اللقب الأول في اللغة الانجليزية والأدب المقارن

صدر لها :
ثورة على الصمت (قصائد نثرية) 1994
مرايا الوهم (قصائد نثرية) 1998
يوميات غجرية عاشقة (ومضات شعريـّة) 2001
ومن لا يعرف ريتا (ومضات شعريـّة) 2003
قبل الإختناق بدمعة ( أمواج دمعيّة )2004
أبعد من أن تطالني يد( مجموعة قصصيّة ) قيد الطبع

البداية

خمس ُ لوحات ٍ لجنون ِ لحظة
(1)
أفـْـتــَقـِدُكَ
وأشعرُ أنــّي بدأتُ أفقِدُ
بَعـْضَ نَـبـْضَ إحساسي بكَ
وأنـــَّكَ
تتسربُ منَ الذ ّاكرة
كما الرّمل
فأتورط بالتفكير بكَ
للتكفير عن
غيابِ وشم ِ ملامـِحِكَ
عن جسدِ الحُلم
(2)
أفـْـتــَقـِدُكَ
وأكبــِتُ وَخــْزَ حنينـِي
وأكتبُ جنونَ اللحظة
رموزا هيلوغرافيــّة
على جناحيّ سنونوة ٍعاشقة
تحملها إليكَ
وترحل
تبحثُ لكَ عن عُنوان
خلفَ الطرقات ِ المستحيلة
والنوافذ المُوْصَدة
وأنتظرْ ..
أخشى أنْ ..
تكونَ قـَدْ ..
أسقــَطــْتَ جنينَ حُبــّي
من رَحـِم ِ العاطفة
(3)
أفـْـتــَقـِدُكَ
ويهزمــُنـــِي ضعفي
وحاجتي إليكَ
لتكونَ لي وطنـــًا
يُهدينـــــي مساحاتــِهِ
من جنوبــِها لشمالـِها
ويدًا
تأتينــــي كلَّ غروب ٍ
بعِقــْدِ فــُلّ
(4)
أفـْـتــَقـِدُكَ
وأجتهدُ أنْ
أمحو بصماتِكَ
عن خلايا شغفي بــِكَ
فتنبعثُ ذبذباتُ صوتــِكَ
من حضن ِ الماضي :
" أ ح ِ بُّ كِ "
لـِتــُبـَعـْـثـــِرَنــــِي
" أحـِبـــُّــكِ "
وتــُلــَمـْـلــِمـَنـــِي !
(5)
أفـْـتــَقـِدُكَ
وأتأرجحُ هذي اللحظة
ما بينَ لونــَيّ الفرح ِ والحُزن
أستجديكَ وأدْعـُوكَ :
تعالَ
لتأتي معكَ ألوانُ الطـّيف
ِ تعالَ
لم نَعُدْ أنا وأنتَ
خطــَّين ِ متوازيين
نحنُ قلبان تائهان
حولَ محور دائرة
تعالَ
لستَ حُـلمــًا
أنتَ أكبرُ من كُلّ أحلامي
لستَ لــُغتي
أنتَ أكبرُ من كلِّ اللغاتِ
تعالَ
قد تكونُ المسافة ُ شاسعة
ما بينَ حلمنــا والواقع
مع ذلك
ها أنا أمارسُ أولى الخطواتِ
فتعالَ .. تعالَ .. تعالْ
البداية

فلسطين صرخة آخر الليل!!
موجوعة هذي الحجارة
في أيدي
صغار العصافير
موجوعة هذي الصخور
من مناقيـــــر النسور
موجوعة ظلالنــــُا
على خريــــطة
الصقور
: ياأيها الوجع
آن الأوان
لاعلان
هـُوية النـَّدى
: ياأيها الوجع
آن الأوان
لعودة
فقراء الفـــَرَاش
المُــرهــَق
من قهر الشتات
آن الآوان
لتنمو وتتكاثر النوارس
على ضفافك
يا فلسطين
فأنت الحلم الأكبر
المُلقى على
كفة المَوازين
وأنتِ الأخضر
الممتدّ عبر قحط
المـَعايير
وأنتِ صـَرخةُ
آخر الليل
يا فلسطين!
البداية

ناديت
ناديتُ .. ناديتُ
لعلّكَ ترحم حُزني وآلامي
لعلّكَ تُدركُ أنّي
وحدي قادرةٌ على
منحِكَ كلّ الدفء كلّ الحنان
ناديتُ .. ناديتُ
لعلّكَ يوما تتوقفُ عن
مُطاردة فراشاتِ الحقل
لعلّكَ يوما تكُفّ عن الرّكض
فوقَ الطرق
لعلّكَ تُدركُ وحدَكَ أنّكَ
لا تزالُ وسوفَ تظلّ
في بحث مُتواصل عنّي
.. ناديت
لم تسمعني إلا الرّيح
لم يَسْكُنّي إلا المطر
البداية

الحقيقة والظل
"الظل"
في القلب فراشة
صغيرة صغيرة
منسيّة
بينَ دفاتر صمتي
تُرفرفُ تُرفرفُ
داخلَ جُدران قلبي
لتنفض عنه وعنّي
غُبارَ العُزلة
تتنقلُ باصرار
بينَ مدن مللي
لتُشعِلَ فيها
كبرياء الثقة بالنفس
تتمردّ تتمردّ
على صمتي
تثيرُ إرادتي
تُضيءُ شمسَ ايجابيتي
تزرعُ اشجارَ وُجودي
" الحقيقة"
أحاولُ رويدا رويدا
فتحَ أبواب قلبي
أحطّمُ شيئا فشيئا
قضبانَ العُزلة
وأخرُجُ عن حُزني
بحثا عن
حزن الإنسان الآخر
أخرجُ عن صمتي
وأنا أعلن بكبرياء
ملء صوتي
عن ميلادي أنا
ك:
"كيان"
البداية

مَدْخَل
أسيرُ
حول أسوار اللغة
ثلاث عشرة مرّة
فتسقط أسوار الكلمة
وأبتدئ رحلتي
عبر فيض النّور
البداية

ومضات متفرقة
صرخة إعراب
إلى متى
يظلّ الإنسانُ الصادقُ
ضميرا مستترا
وتظلّ الأقزام
المشبّهة بالأفعال
تنصب وترفع
ما تشاء
!! .. متى تشاء
*********
علاقة
اكتشفتُ
أنّ بحرَ مشاعركَ
مُعْرَب
فتمنيتُ
لو لم تكنْ
علامة بنائي أنا
السّكون
*********
توأم الرّوح
كأنّني
ولدتُ يوما توأما
نصفُهُ الأوّل
أنا
ونصفُهُ الثّاني
أنت
*********
همسة ماطرة
حينما
جاءني صوتُكَ
دونما استئذان
أحسستُ أنّني شجرة
تستقبلُ عُصفورا
جاء ببراءة
ليبني عشّا
على أغصانِها
الخضراء
*********
حروف الأبجديّة
نثرتَ
داخلَ أتلام أفكاري
...بذورا
... بذورا
وبعدَ المطر
نمتْ على أوراقي
أشجارٌ
منَ الأبجديّة
*********
قيثارة صامتة
حينَ تُبعثرُ
دفء يديكَ
على أوتار القيثارة
تتمنى
لو لم تُوْلد صامتة
لتعرفَ كيفَ
تُبادلُكَ
هذا الحنين
*********
سندريلا
تمنيتُ
مرارا مرارا
تمنيت
لو أنّ حذائي
يرتدّ عن قدمي
سهوا
ليتوهَ أميرٌ ما
في رحلةٍ بحثِ مُضن
عنّي
*********
زقزقة الهاتف
أعتبُ عليك
كيفَ يغمَضُ لكَ جَفن
لتبحثَ عنّي
داخل سراديب الخيال
وصوتي يُعَشّش
! داخلَ أسلاكِ الهاتف
*********
وجع المَدى
أمُدُّ يدي اليكَ
فتبعثرُني الرّيح
ويكويني
صمتُ المدى
أصُدُّ يدي عنكَ
فيبكيني الهمسُ
الجريحُ
ويضيعُ صوتي
والصّدى
*********
الوداع
عندما
غابَ وجهُكَ
داخلَ الزقاق الطويل
...رويدا
... رويدا
حسدتُ الزقاقَ
لأنّهُ
عانقَ ولو لحظة
خُطواتِكَ المُهاجرة
*********
لماذا
تقولُ وداعا
أما كانَ بإمكانِكَ
تجميلَ الفراق
باحتمالِ لقاء..؟
البداية

اغتراب
رماد سيجارة
يعانق حضن منفضة
...وأنا
خلف النافذة
وحيدة
اتلّهى بجريدة
ذَوَتْ على شفتيها
كلُّ الكلمات
وشارع
يحتلّهُ
عويل ثرثرة
وصدى خطوات
البداية

لقاء يتجدد
نلتقي صُدفة
تتفجّرُ براكينُ شوقي
تُشرقُ شمسي
يُشرقُ قمري
تُسافرُ مراكبُ فَرَحي
تُسافِرُ قطاراتُ عطري
.. أتمنى لو
أخبِرُكَ .. أن
لا رجُلَ على الأرض سواك
!... أتمنى
تقولُ وداعا
!.. وتترُكنِي رمادا
البداية

مرايا الوهم
أما آنَ لي أن
احرّرَ من قارورة العطر
... جسدي
أحرّر من توابيت القبيلةِ
... وجعي
أحرّر من مشنقة الغبَن
... عُنُقي
ومن مرايا الوهم
... وجهي
لأبحثَ عن صوتي
في ثرثرة النّوارس
لأمواج البحر
وأرسم بطاقة كِياني
في وشوشة الورق
لأمواج الحبر ..!!
البداية

كلمة
في البدء كانت :
"كلمة"
اقتحمتْ نوافذ وجودي
كما الإعصار
وفكّتْ أزرارَ مشاعري
دونما اعتذار
أيقظتْ نوارسَ أفكاري
فانطلقتْ تُغرّدُ
خلفَ أسوار جسدي
كصفارّة إنذار
منحتني تأشيرة دخول
لمدن الدّهشة
وأسرار الكتابة بالنّار
غسلتني بصابون اللهفة
وعمّدتني بعطر الإنتظار
ثمّ...
استراحتْ
في اليوم الثامن
البداية

أنا امرأةٌ أخرى
إلى الشاعر نزار قباني ردّا على قصيدة إلى امرأة لا تقرأ ولا تكتب
أنا امرأة
تقرأ وتكتب
وتتذوّق سفرَ الكلمة
فوق آفاق اللغة الثائرة
****
أنا امرأةٌ أخرى
مجبولة
من طين الأرض
مولودة
من براكين التعب
ووجع الأحلام
التائهة
****
قلبي أنا
زورقُ كبرياء
حينَ تشتدّ العاصفة
قلبي أنا
نداءٌ متواصل
للقلوب الحائرة
****
أيّا شاعر النساء
في عصر الظلمة
ألم تعلم بعد
أنّي أنا
أنا
استثناء القاعدة
البداية

يوميّات غجريّة عاشقة
همسة
هذي جراحي َ
فادخلوها َ
آمنين
**********
وِلاَدَة
كُلَّمَا
كَتَبْتُ
أُولَدُ
مِنْ
جَدِيدٍ
**********
اعتراف
عَاشِقَةٌ أَنَا
لاَ لِرَجُلٍ مَا
إِنَّمَا
لكلِّ مَفَاتِنِ
اللُغَةِ
**********
ذَاكِرَةُ الْقصِيدَة
أَتَقَلَّبُ
عَلَى جَمْرِ الْقَصِيدَة
أُقَلِّبُ أَلْبُومَ الرُّوح
فَتَنْقَلِبُ قَارُورَةُ الْقَلْب
لِيَتَدَفَّقَ الْحُلُمُ
عَلَى الْوَرَق
**********
فَوْضَى الذَّاكِرَة
أُبَ عْ ثِ رُ
أَوْرَاقَي بِفَوْضَى
وَأَسْتَلُّ مَا أَشَاءُ
مِنْ جِرَاحِي
لأُعَمِّدَ الذَّاكِرَة
بِحنان حُضُورِكَ
الْمُقَدَّس
**********
دُمُوع الْقَصِيدَة
لاَ تَغْتَسِلْ
بِمَطَرِ حُزْنِي
كَيْ لاَ تُصَابَ فِي
لَحْظَةِ احْتِرَاقْ
بِعَدْوَى الْكِتَابَة
مِنْ عمقِ الأَعْمَاقْ
**********
مملكة الحلم
خَيَالٌ
لاَ شِفَاءَ مِنْهُ
يَظَلُّ يُلْبِسُنِي
غَارَ الْكَلِمَات
**********
فَضْفَضَة
أَحْلُمُ لِكَيْ أَحْيَا
أَحْيَا لِكَيْ أُحِبَّ
أُحِبُّ لِكَيْ
أَزْدَادَ إِنْسَانِيَّةً
أَزْدَادُ إِنْسَانِيَّةً
لِكَيْ تُحِبَّنِي أَكْثَر
**********
مَدِينَةُ الأَحْلاَم
أَسْبَحُ فِي بَحْرِ الْكَلِمَات
كَسَمَكَة
أَصْطَادُ فَيْرُوزَ اللُّغَة
وَلاَ تَصْطَادُنِي
صِنَّارَةُ الضَّجَر
**********
أُسْطُورَة
أَسْدَلْتُ حُلُمي
فَزَلَّ قَلْبُ فَارِسِي
وَتَسَلَّقَ جُدْرَانَ حُزْنِي
بِلَهْفَةٍ.. بِشَغَفٍ
لِيَفُكَّ أَسْرِي وَيَتَعَثَّرَ بِحُبِّي
**********
زَخَّةُ حُبّ
بَلَّلَتْنِي زَخَّةُ حُبِّكَ الْمُفَاجِئ
وَأَنَا أَتَسَفَّع
عَلَى شَاطِئِ اللَّهْفَة
تَغَلْغَلَتْ
فِي دَوْرَتِي النَّفْسِيَّة
وَصَارَ حُبُّك
حَالَةً مُزْمِنَة
**********
أجنحة الحلم
لاَ تَدْخُلْ قَفَصَ قَلْبِي
كَطَائِرٍ أَلِيف
كُنْ حُرًّا حُرًّا
طِرْ عَالِيًا عَالِيًا
لأَنِّي هكَذَا فَقَطْ
مُمْكِنٌ أَنْ أَعْشقك
**********
عقَارِبُ الْقَلْب
إِنَّهَا الثَّالِثَةُ بَعْدَ مُنْتَصَفِ الْحُبّ
وَقَلْبِي قُنْبُلَةٌ مَوْقُوتَة
لاَ أَقْوَى عَلَى إِبْطَالِ مَفْعُولِهَا
مَا زِلْتُ ثَمِلَةً مُنْذُ الْبَارِحَة
مُنْذُ احْتَسَيْتُ نَبِيذَ انْبِهَارِي بِكْ
حَتَّى آخِرِ قَطْرَة
**********
خَاتَمُ الشِّعْر
لِنَزْرَعَ حُبَّنَا جَنِينًا
فِي رَحِمِ الرُّوح
كَيْ نُؤَثِّثَ مَعًا
شِقَّةَ الْحُلُم
وَنْسْبُكَ خَاتَمَ الشِّعْر
وَنُوَزِّعَ عَلَى القُرَّاء
بِطَاقَاتِ فَرَح
**********
حَبِيبَتُه
أَغَارُ مِنْ أَشْعَارِي
لأَنَّهَا تَسْكُنُ عَيْنِيْك
دُونَمَا تَأْشِيرَةِ دُخُولٍ
تُدَاعِبُ رُوحَكَ وَيَدَيْك
تَغْفُو كَقِطَّةٍ
عَلَى وِسَادَةِ قَلْبِك
تَتَدَثَّرُ بِأَحْلاَمِك
فَتَنْسَانِي
**********
شَبَكَةٌ الرُّوح
مُخْتَالاً تَأْتِي
كَمَا الشِّبْلُ
تَدْخُلُ شَبَكَةَ الرّوحِ
تَطْلُبُ أَنْ أَصْطَادَك
وَقَدْ تَمَّ اصْطِيَادُنَا
فِي شَبَكَةِ الْحَيَاةِ
!!.. حَبِيبِي
**********
زَوَاجٌ رُوحِيّ
أُعْلِنُنَا
رَجُلاً وَامْرَأَةً
أَمَامَ مِحْرَابِ الْعَاطِفَة
فِي السَّرَّاءِ وَفِي الضَّرَّاء
نُبْحِرُ فِي زَوْرَقِ الْحُبِّ
يَدًا بِيَد
نَسْتَقِلُّ قِطَارَ الرُّوحِ
قَلْبًا بِقَلْب
أَطْفَالُنَا أَشْعَارُنَا
:شِعَارُنَا
اصْطِيَادُ أَشِعَّةِ الحلم
الآنَ
وَكُلَّ آن
آمِين
**********
إِخْتِنَاق
أُجَفِّفُ كَلِمَاتِك
بَيْنَ أَوْرَاقِ
حَوَاسِيَّ الْخَمْس
عَلَّهَا تُرَوِّينِي
كُلَّمَا قَهَرَنِي
العَطَش
وَازْدَادَ شَوْقِي
إِلَى الْهَوَاءِ
**********
عَلاَقَة
كَخَطَّيْنِ مُتَوَازِيَيْنِ الْتَقَيْنَا
وَكَانَ لِقَاءُ الصَّيْفِ بِالشِّتَاء
كَمُثَلَّثٍ مُنْفَرِجِ الزَّوَايَا افْتَرَقْنَا
وَكَانَ الأَلَمُ غَانِيَةً سَمْرَاء
تَرْقُصُ بِحُرْقَةٍ فِي دَائِرَةٍ
مِنَ دُمُوعٍ عَلَى أَمَلِ لِقَاء
**********
أَنْتَ أَمِ الْقَصِيدَة
لَطَالَمَا
لاَحَقْتُ خُطُوَاتِ رَجُلٍ مَا
بِصِنَّارَتِي
لاصْطِيَادِ قَصِيدَةٍ مَا
وَحِينَ أَحْبَبْتُ
صَارَتِ الْقَصِيدَةُ
تَصْطَادُ ضَعْفِي
وَتَصْطَادُ قُوَّتِي
**********
صَمْتٌ قَاتِل
بَكَى الْعُصْفُورُ
وَنَاحَ
أَمَّا الشَّجَرَة
فَظَلَّتْ صَامِتَة
**********
مَحْلُولُ الرُّعْب
بَعْضُ الْقُلُوبِ مَغَائِرُ رُعْبٍ
تَدْخُلُهَا مَرَّةً وَمَرَّة
بِفَرَحِ اكْتِشَافِ خَبَايَاهَا
وَتُغَادِرُهَا مَذْعُورًا
مُشْبَعًا بِمَحْلُولِ رُعْبٍ
مُكَوَّنٍ
مِنْ ذَرَّةِ أُكْسِيدِ مَكَائِد
وَذَرَّتَيْ ثَانِيَ أُكْسِيدِ دَسَائِس
**********
حَظْرُ تَجَوُّل
تَسَلَّلْتُ بِحُرِيَّة
إِلَى مَدِينَةِ أَفْكَارِك
فَاسْتَوْقَفَنِي جُنْدِيٌّ عَابِر
عَلَى بَوَّابَةِ أَسْرَارِك
! "وَصَرَخَ: "هُوِيَّة
وَحِينَ أَدْرَكَ أَنِّي عَرَبِيَّة
صَادَرَ أَحْلاَمِي
البداية

مَنْ أنْتَ..؟
أيُّهَا الْوَجْهُ الْغَجَريُّ َ
الصَّاعِدُ مِنْ ضَبَاب ِ الْحُلُمْ
تَقْرَعُ بَابَ الأمَلْ
تُبَاغِتُنــِي
وَأنـَا أتَثَاءَبُ
فَوْقَ وسَادَةِ الضَّجَرْ
تَخْلَعُ حُزْنَكَ الْقَديم
عَلَى أعْتـَاب ِ انْتِظَاري
وَتَنـْتـَظـِرُ
شُرُوقَ الْقَمـَرْ
تُرَاودُنـِي عَنْ احْتِضَاري
بـِسـَلام ٍ فـَيــْروزيٍّ
واحْتِمَالاتِ قُبَلْ
قـُلْ لِي
قَبْلَ أنْ تَعْشَقَ زَهْرَ اللَّيْمُون ِ
قَلْ يَا تَوْأم حُلُمـِي
الْمُشْبَع ِ بــِرَائـِحَةِ الْبَحْرْ
مَــنْ أنــْتَ...!!
البداية

رؤيا
قَطْرَةٌ
وَقَطْرَةٌ
وَقَطْرَةٌ
تَتَسَاقَطُ مِنَ الْمِحْبَرَة
يَنْهَضُ الْحُلُم
فَيُشْعِلُ
مِصْبَاحَ الرُّوح
صَبَاحٌ
مَسَاءٌ
وَلَيْلٌ
يَمُرُّ
وَأَنَا هُنَا وَهُنَاك
أَنْظُرُ وَأَنْتَظِرُ
وَلاَ يَأْتِي وَلاَ
أَحَد
فَتَهْوِي فِي نَبَضِي
اللَّهْفَة
البداية

2- ومضاتٌ متفرقة
تـَحْذيــِر
: قـِيـِلَ
" أعْذَبُ الشِّعـْرِ أكْذَبـُهُ "
: وَأقُولُ
بَريئــةٌ أنــَا "
" مِن نــَزيـِفِ حِبــْري
********
لصوصيّة
الحياةُ قنديلٌ
لكن
من سرقَ زيته
!؟
********
مَكِيدَة
أصْعَبُ الَقصَائِد
تلْكَ الّتي تُداهمُِكَ
أثْنــَاَء الـ...
فَتَحْتــَار
أيُهُمَا َتخْتـــَار
********
شِيزُوفْرينْيـــَا
قَرَنْفُلَةً مَزْهُوَّةً
بــِشَمْسِهَا
كَانـــَتْ
.. قَطَفَهَا
وَعَلى رَفٍّ مـــَا
في مَنْزلٍ نــــَاء
.. خَلَّفَهـــــَا
مِنْ غَيْر مـــَا
مـــَاء
وَإلَى الآنْ هِيَ
أنــــــَا
********
رسالة
لَقَدِ اقْتـَرَفـْتَ
جـَريـمـَتـَكَ الأخِيـرَة
بحَقِّ قـَلبـِي
فَأرْدَيــْتــَنــِي
صــَديــِقــَة
********
إنسـِجَـام
أنا الخُطْوَة
أنـْتَ الطـَّريق
********
حُلُم عَلَى مُفْتَرَقِ القَصِيدَة
:كَذَبَ مَنْ قَال
الــطّيُورُ عَلَى أشْكَالِهَا"
" تَــــقَعُ
ها أنـَا، مَا أنـْتَ
طَائـِران تـَوْأمـَان
لـَمْ نَــــقـــَع
يـوْمــًا فِـي جُـــبّ
حَلّقْنـــــــــَا
فِي فَـضَـاءِ الكِتَـابــَة
تـُطـْعِـمـُنـِي حَبــّةَ قـَمْـح ٍ
أطْعِـمُـكَ حَبَّات ٍ وَحَبَّاتْ
بــِمُنْـتـــَهَى
الـحَــبّ
********
هَنـْدَسـَة
إلـْتـَقـَيْنـَا
فَصـَارَ حـُبـًّا
قـَائـِم
الزَّاوِيــَة
مُتـَسـَاوي
الأَضـْلاَع
********
خَـاتَـمُ الشِّعْر
لِنَزْرَعَ حُبَّنَا
جَنِينًا فِي رَحِمِ الرُّوح
كَيْ نُؤَثِّثَ مَعًا شِقَّةَ الْحُلُم
وَنْسـْبـُكَ خـَاتَمَ الشِّــعْر
وَنــُوَزِّعَ عَلَى القُــرَّاء
بــِطـَاقَــاتِ الفَـرَح
********
أيَجُوزُ عُبُور النّهْر مَرّتَيْن؟
قُلْتُ لَكَ
قَدْ تَعُودُ مَسَاءً
مُشْتَاقًا
مُلْتَاعًا
فَأكُونُ أنـَا
وَلا تَكُونُ القَصِيدَة
وَحينَ عُدْتَ
كَانَت القَصِيدَة
وَلَمْ أكُنْ أنـَا
أنـَا
********
بَيْضَاء كَالثّلْج
تَمْتَّدُ يَدٌّ عَبْرَ الْمِرآة
تُكَفْكِفُ الْعَبَرَاتِ
التِّي بَلَّلَتْ زُجَاجَهَا
وَتَنْقِشُ عَلَى جَبيـنِهَا
رُمُوزًا مَا
مِنْ شَاعِر مَفـْتـُون
********
لا أمْلِكُ إلا أن أحْلُـم
أعـْرِفُ أنَّ القـَلبَ
سَيـَتـْعـَبْ
وَأنَّ الغـُروُبَ يَقـْتَـرِبُ
يَقـْتَرِبْ
مِنْ شـَظـَايَا الـحُلـم
المُغـلـَقْ
لكنّي لا أمْلِكُ أمَلا
إلا أنْ أحْلُــُمْ
أنـِّي بـِحُـبّ مَـلائـِكِــي
ســَأغْـرَقُ إنْ يَومـًا أغـْ....رَقْ
فالسّاكِتُ عن الحُلمِ
يا أنا
أحْمَقْ
********
ضَرْبــَةُ جَزَاء
أمْس ِ
تَسَلَّلْتَ بــِشَقَاوَةٍ
إلَى مَلْعَبِ أ َفْكَاري
غَافـَلْتَ حَارسَ الْمَرْمَى
وَسَدَّدْتَ حُلُمًـا
إلَى شَبَكَةِ مَشَاعِري
فـَصَفَّقَ قـَلْبـِي بـِجُنُون
أمَّـا عَقْلِي
فَشَهَرَ فِي وَجْهــِكَ
بــِطـَاقـَة ً حَمـْرَاء
********
الوَجـْهُ الآخـَرُ للحُـبّ
أَعْشـَقُ
فَتـَتـَوَهَجُ القـَصـِيدَة
********
أَيـْنَ المَفـَرّ ؟
أَسـْتـَقـِلُّ القـِطـَارَ
وَأُسـَافـِرُ فـِي رِحـْلـَةِ
نـَقـَاهـَةٍ مـِنْ قـَدَرِكَ
فـَأَجـِدُكَ وَقَد
شَـغـَلتَ المـَقـْعـَدَ الشـَّاغـِر
فـِي قـَلْبـِي
وَفـَي يـَدِكَ تـَذْكـَرَة
بـِاتجـَاهٍ وَاحـِد
********
لـَنْ أرْحـَلَ عـَنْكَ
حِيـِنَ تـُقـْلِعُ بـِي
الطـَّائـِرَة
بـَعـِيدًا عـَنْ مـَطـَارِ حـُبِّكَ
سـَأُتـَوِجـُكَ مـَلـِكـًا
عَلـَى عـَرْشِ كُلِّ قـَصـِيـدَة
جـَديـِدَة
********
حـُبّ مـُفَـخَخّ
كُنْتَ كَمـَا السّيَارَة
المُفَخَخّة أمَامَ شُرْفــَة
فَحِـينَ دَنَــــوْتُ
لأتَحَسَسَ نَبْضَ حُلمِكَ
انْفَجَرَتْ
وَكَانَ مَوْتـِي أنِّـي
كُنْتُ شّاهِدَةَ العَيَانِ
الوَحِيــدَة
عـَلَى نَـصّ غــَدْركَ
********
إصـْرَار
وُلـِدْتُ
دَاخِلَ قِطَارٍ مُسَافـِرٍ
مُنـْذُ الشَهْقـَة الأُولـَى
نـَحـْوَ الحـُلُم
وَقَد مَلـَّتِ المـَحـَطَّاتُ
صـَبـْري
وَطـُولَ انْتـِظـَاري
********
عَلَى قَارعـَةِ الْحـُلم
وَقَفْنــَا عَلَى بَابِ الْحُلُم ِ
دُونَـمـَا رُخْصَة
بُولِيصَةِِ تَأمِين ٍ وَأحْزمــَة
فاسْتَوقَفَنــَا شُرطِيُّ مُرُور
وَحَرََّرَ لَنــَا مُخَالَفـَة
جَرّاءَ حُلْم مُجْهـَض
عَلَى الْقَارعـَة
********
تَعَاقُبِ الْفُصُول
أيُّهَا الرَّبـيــع الذِّي
سَيَسْكُنُنِي
حَتَّى أقْصَى الْغُرُوب
لا تَغـْرُب
لأنَّكَ حِينَ تَعُود
لَنْ أكُون
********
حِوَارُ الخَرَائِب
ماذا تَقُولُ شَجَرَةُ الزَّيْتُون
لِحِجَارَة المَنْزل التِّي تَتَسَاقَطُ
عَلَى غُـصـُونـِهـَا
وَهِيَ تُوَاجِهُ إبَادَةً قَصْريَّة !؟
********
هَامِش
تُهْمَتـــُكَ أنــَّكَ
قَد تُشْبــِهُنــِي
تـُهـْمـَتـِـي
أنّي لا أُشْبـِهُ نَفْسـِي
البداية

مـَرَايـَـا
نَظـَرَ الأوّلُ
فـِي عَيـْنَي إمـْرَأة
رَأى مِرْآةً عَكَسَتْ ذَاتـَهُ
"!قَالَ: " أنْتِ إمـْرَأةٌ فَاتِـنَة
نَظَرَ الثّانِي
فِي عَيْنَيّ ذَات ِ الْمَرْأة
رَأى مَا رَآهُ الأوّلُ
حِينَ عَكَسَتِ المِرْآ ة ذَاتـَهُ
"!! فَقَالَ: " كَمْ أنـْتِ إمـْرَأةٌ مَاكِرَة
نَظَرَ الثّالِثُ فِي عَيـْنَيّ تِلْكَ المَرْأة
رَأى مَا لَمْ يـَرَهُ الأوّلُ وَلا الثّانـِي
حِينَ نـَزَفَتِ المَرْأةُ المَوْجَ
مِنْ مَرَايــَـا عَيـْنـَيـْهـَا
فـَهـَتـَفَ: " أيتـُهَا المَرْأة
كَمْ أنْتِ عَذْبـَة!!
"! ..وَكَمـَا البَحْر.. حَالـِمَة
البداية

أأنــَا أنـَا
أحـَاولُ
.. أنْ أصـْعـَدَ.. أصـْعـَدَ
فَأسْقُطَ
فـَوْقَ مَقْعَد ٍ مُقْعَد ٍ
دَاخِل عَتْمَةِ حَوَاسّي
: أرَاقـِبُ حـَرَكـَةَ ذَاتــِي
! .. أأنـَا .. أنـَا
أمْ أنـَا.. لا تَسْتـَقِرُّ عَلَى.. أنـَا
أمْ لَحْظَةَ إدْرَاكِي لِكَنْهـِي
تَسـْتـَقِيــلُ أنــَا مِنَ الأنـَا
وَأعُودُ مـُنـْهـَكـَةً
أنـَا تـِلْوَ أنـَا
أنـَا تـِلْوَ أنـَا
وَيـُعـَاودُنـِي
القُنُوط
البداية

وَجْهٌ لِلأمَل ِ وَآخـَر
هِيَ نـِـهـَايـَة:
فِي الثّانـِيـَةِ عَشْر لـَيـْلا
حِينَ كَانَتْ كُلّ النّقَاط ِ فَوْقَ الحُرُوف ِ
أتـَى الوَجْهُ الذّي اعْتـَادَتْ أنْ تـَرَاهُ
قـَرّرَتْ أنْ تـُحَدّقَ فِي مـَخـَالـِبـِهِ
زَادَ النـّـزيـِفُ.. زَادَ.. زَادَ
وَفـَرّ هُوَ بـَاحـِثـًا عَنْ آخَرَ يـَسْكُنـُهُ..
ظَلّتْ تـُرَاقـِبـُهُ
إلَى أنْ أتَى الوَجْهُ الآخـَرُ لـَهُ
وَرَاحَ يـُحَررّ
كُلّ النـّقَاط ِ عَنْ كُلّ الحـُرُوف ِ
فِيـمـَا يـُقـَاربُ الثـّانـِيـَةَ عَشَر لَيـْلا
حِينَ رَأتْ أنْ تـِلْكَ
هِيَ بـِدَايـــَة
البداية

وَمـَنْ لا يعرفُ ريتــا
ريتــــا
زَيتــُونـَة شـَهـِيـَّة
نـَاحـَتْ
مـَخـَاضـًا خـَلـْفَ مـَخـَاضٍ
عـَبْرَ عـُصـُورِ الصـَّمـْتِ الفـَاضـِح
:وَحْدَهــــــَا
تَحَــدَّت عـَذَابَ المـِقـْصـَلـَة
:وَحْدَهــــــَا
تحـَدَّتْ ضـَبـَابَ المـَرْحـَلـَة
:وَحْدَهــــــَا
نـَادَتْ كُلَّ فـِئـَاتِ الطـُّيُورِ التـِّي
رَحـَلــَتْ
لَحـْظـَةَ حـَرَثَ البــُلـْدُوزَرُ أرْضَهـَا
عـِرْ ضـَهـَا
:وَحْدَهــــــَا
مَـدَّتْ أشـْلاءَ جـُذُورِهـــَا
فـِي التـُّرْبــَة الخـصـْبـَة
فـَانـْتــَفـَضـَــــــتْ
الأرْضُ شُـمـُوخـًا وَعـِزَة
:وَحْدَهــــــَا
رَفَـعـْتْ حـِمــْلـَهـَا
حُــلــْمــَهــَا
عَلـَى كـَتـِفَـيّ كُلِّ القَضـِيـَّة
وَلَم تَـــرَ عـَيـــْن
وَلَم تَـسـْمـَعْ أُذُن
وَلَمْ يَعــْرفْ أحــَدْ
مَـن هــِيَ ريتـــــا
(هـَل عـــَرَفَ أَحــــــَد؟)
البداية

دَوّامـــــَة
وَعَــدْتَــنـِـي
بــِصَدَاقـَة غـَلـِيـظـَة
وَغِـبـْتَ
فَـكَــانَ غـِيـَابـُكَ
أغْـلَظَ من هـذي الصّدَاقـَة
ثمّ عُـدْتَ
تَــسْتـَجْدي حَريرَ العَلاقَـة
: فَقـُلـتُ
أتَسْـألـُـنِي عَن ِ الغِيــَابِ)
وأنــْتَ
مَنْ مــَزَجْـتَ عَنــَاصِـرَهُ
: حين قُـلْـتَ
أنّ المخبـرينَ وَجـَدُوا ريــتـَا
(! "مَيـّتـةً في قـَلبــِكَ "
وَجَــلَسْــتَ
تَــتَــأمَلُ ثـَاني أكْسـِــيـد الغـِيـَاب
النـَاتِـج عـَن
كيــمـيــَاء مَا قُـلْـتَ حـينَ مَـزَجْـتَ مَا مَـزَجْـتَ
وَغِـبْــــــــــــــــــــــــتَ
ثُمَّ عـــــــــــــــــُدْتَ
تـَتـــَربـَصُ ثـَانــيـَةً بـِطُـيـُور الصّــدَاقـَة
التّي لمـَّا تُـحَلّق في فَـضـَاء هذي العـَلاقَـة
وَغِـــــــــــــبْــــتَ
ثُمّ عُــــــــــــــدْتَ
ثُمّ غِـبْــــــتَ
ثُمّ عُــــدْتَ
ثُمّ
ثُمّ
ثُمّ
.
.
.
البداية

المُعَادَلاتُ الصَّعْبـَة في العِشْق
لَو افـْتَرَضـْنـَا أنـّنـَا
قَد قَسَّمـْنـَا مَسـَافـَةَ
سـُهُولِ عِشْق غَجـَري
÷
سُرعـَةِ غـَدْر بَـدَوي
لكـانَ النـَّاتـِجُ
" زَمـَنَ العَلاقــَة "
وَلَو افـْتـَرَضـْنـَا أنـَّنـَـا
ضـَرَبنـَـا سـُرْعـةَ النِفـَاق
X
زَمــَنِ العـَلاقــَة
يَكونُ النـَّاتـــِجُ
مَســـَافـَة
بَل
مَسَافـــَات
مـَا فـَاتــَه مـِن حـَريــِر العـَلاقـَة
بَعْدَ أوجـــــَاع الفُـرَاق
البداية

؟؟؟؟؟!
أضَعُ اللَّوْنَ عَلَى اللَّوْنِ
عَلَى اللّوْحــَة
أضَعُ الْخَطَّ عَلَى الْخَطِ
أبْحَثُ لَهُ عَنْ هَيـْئــَة
أرْســـُمـُهُ سَمَـــــاءً
مـــَاءً .. هـــَوَاءً
يَمْتَزجُ الأحْمـَرُ بالأزْرَقْ
تَتَأوَهُ باقي الألوان
عَبـَثًا ..تَتَذَمَرّ ُ..تَتَلَوَى
أتـــْرُكُهـَا تَـــجـــِف ُّ
وَأعـــود ُ
أطِـــلُّ عَلَى عَالـــَمــِهَا بــِحُرْقــَة
فَتـــُطلُّ عَليّ
بــِعَلامَةِ تـــَعَــجُبّ خَضــــــْرَاءْ !
وخَمْسُ عَلامــَاتِ اسْتِفــــْهَام
صَـــــفـــْرَاء ؟؟؟؟؟
البداية

أحبــّكَ إلى ما بعـد الحُلـم
1
أصنعُ من حـُلمي
لحظة
بينَ أحبـــُّكَ ولا أحبــُّكَ
كي أحبـــــّكَ
أبعدَ
من كلِّ احتمالات
كهذا انفجار
2
أصنعُ من حـُلمي
مشهدًا
كي أحبـــــّكَ
حروفــًا , نقاطـًا
وفواصلا
و أحبـــــّكَ
فصلا ًفصلا
إلى ما بعد إسدال ِ
الســــِتار
3
أصنعُ من حـُلمي
قنديلا
كي أحبـــــّكَ نورًا
ينتشلُ عويلَ ظلــِّي
عن ظـــَلام ِ الجدار
4
أصنعُ من حـُلمي
يــَدًا
تمتــــــَدُّ
عــَبـــْرَ المـــَدَى
تصيـــرُ لبـــَردي
نــارًا
ولمنفاكَ
وطنــًا وديــار
5
أصنعُ من حـُلمي
ظلا
يــَتـْـبــَعــُنــــِي
لا يــُتـــْعــِبـــُنــي
ولا يــَتـــْعــب
حتـــّى لو
تمطــَّى انتظارٌ
أو تثاءبَ حــِصـَار
6
أصنعُ من حـُلمي
لحنـــًا
وأ ُنـــصـــِتُ ..
لأحبـــَّكَ همســــًا
بعدما
ضجَّ بكَ الفــِكــْرُ
ليلَ ..نــَهــَار
7
أصنعُ من حـُلمي
ســُنبــلة
أقطفــُهــَا وأُخفيها
بينَ ضفتيّ دفتـــر
كي لا
تحسدني عليها عينٌ
ولا يــَطالــُها
مــِنـْــقــَار
8
أصنعُ من حـُلمي
خمرًا
وأحبـــُّكَ ماض ٍ ,
مضارع
وأمــْرًا
فـَقــَدْ يأتي
الــغــَدُ
دون أن يأتــي
بالمزيد والمزيد
من حكايا شهرزاد
لشهريار
9
أصنعُ من حـُلمي
حـُلــمــًا آخــَرَ
كي أحبـــــّكَ
إلى ما بعدَ ما
سيأتي به الحلم
من انبهار
أو انكســـَار
البداية

يحـِــقّ لي كلّ ما يحِــقّ لكم
(1)
يحـِــقّ لي
أنْ أوقــِدَ القصيدة
بقليل ٍ منَ الحـُبّ
وكثير ٍ منَ الحـُلم
فأبجديتــي
قابلة ٌ دوما
للألقْ
(2)
يحـِــقّ لي
أن أستعيرَ
من صغار العصافير
أحلامها
كي أغرّدَ
فألف زغرودة
تروادني
على أوردة من وَرَقْ
(3)
يحـِــقّ لي أن أموتَ
وأنبعثَ من رماد
ِ الحــُبّ
لأغــرقَ وأغـرقَ
وأعشقَ
رقــّة َ الغـَرَقْ
(4)
يحـِــقّ لي
أن أعيشَ شيهانة
حينَ ثلاثــــًا
تــُنكرنــي
القبيــــــلة
وتــُرديني قتيـــلة
القلق , الأرق
(5)
يحـِــقّ لي أن أهوي
في اغراءات ِ
الشــَفــَق
لأرى
فعيني الثالثة
قلم ٌ نــَزقٌ
يهوَى
فــَضَّ بياض
الحبر
ليفيضَ البحرُ
نوارســـًا
تـُسبّحُ ربَّ
الفــَـلـَق
(6)
يحـِــقّ لي كلّ ما يحقّ
للشعراء
ولا يحقّ لغيرهم
من بهاء النبوؤة
من مطلع القصيدة
وحتــّى آخر رَمَق
البداية

3- ومضات متفرّقة
صمــت
لـنصمتَ قليلا
لنـُنـْصتَ طويلا
:هاهـُم
إنَّّ
وأنّ
وليتَ
ولعلّ
يهرولون إلينـــا
ونحن
وحيدان وحيدان
*********
تــوأم الحــُلـــُم
أشتهي أن تظلَّ حلما
كي لا أفقدك
ولا أدري لمَ كلَّما
لمحتُ عاشـِقـَيـْن ِ
أفـتـَقـِدُك
*********
أمـــَل ٌ رَمـْـلــِيّ
منذ تـوقدَ حلمُنــا
ونحن نكدّسُ أكياسَ الرّمل
ِ على أبوابهِ والنـَّوافذ
كم منَ الرّمل ِ
بقيَ في صحاري
الـكوْن ..!؟
*********
انتمـــَاء
قدرُكَ أن تكونَ مبتدأ
وقدري أن أكونَ لكَ خبرًا
وقدرُنــــَا
ألا ّ نكون َ يومًا معًا
في جملة ٍ مفيـــدة
*********
إلهام
ذهبتُ للبحر لم أجد حورية ً
ذهبتُ للحقل لم أجد قمحا
ذهبتُ إلى القصيدة
: وجدتكَ أنتَ
بحرًا وحقلا
*********
ازدواجيــّة
التجـأتُ لكفـِّكَ
عـَدوًا خلفَ
قمح ِ حـَنـَان ٍ
فاكتشفتُ أنّها
قادرة ٌ
أيضـًا على الصَّـفع ِ
*********
إختنــَاق
أمْـلــكُ أمَلا
لكن
لا أملك نافذة ً
أ ُطـِلُّ منـها
عليـه
*********
ضــَيـــَاع
مــَرَّ بــِي الأمــَلُ
فأبــْصــَرتـــُهُ
كــَفــيفـــًا
تمـــَامــًا
كـَمـَا فــَرَحــِي
*********
صـِرَ ا ع
يُحاصرُني الحزنُ
فأحاصرُه ُ حتـّى آخر رَمَــق
حقــًا: البقاءُ دومًا للأقوى
*********
أحلامُ سـِنْدْريـِلا
لا زالتْ
تمسحُ الغبار َ
وتحلـمُ
أن تتحرّرَ
من نصّ أسطورة
ألا تكون مسحورة
أن يُبصرهَا فارسُها
فيهيمُ شوقــًا لأنــَاهُ
فيما يُشبهُ
الثانيّة عشر ليلا
أو ما يُقارب
*********
الحبر أبقى
كــَفاكَ عويلا
على حلم ٍمٍَســْكـُوب
كـَفـْكـفْ دَمعـَكَ
: واكتـُبنـي
الحبـرُ أبقـَى
مِن الحُـــبّ
البداية

أحبكَ.. والبقية تأتي
أحبـــّكَ
يا بعضي وكلــّي
ونجم جبـــيني
أوسع من كلّ مدى
أبعد من كلّ اتجاه
أنقى من كلّ اعتراف
وأكثر حدّة من وابل شجن
أحبـــّكَ
وأدركُ أنّّي
لا أستطيع الذهابَ إليكَ
مع ذلك سأذهبُ
فقلبك صراطي المستقيم
الذّي عليه سأسير وأسيـر
حتـّى لو كانَ في ذلك
حتفي وحتفك
فأنا أحبّكَ حتـّى أقاصي التعب
وأتحدى بك كلّ مقاصل العتَب
فقد أيقظت طائر حُبّ يتيم
اشتدّ به وَهنُ الوَسَن
أحبّكَ
أرضًا خصبة لسنابل الحنين
وأعدُكَ أن نلتقي
كالتقاء جبل بـ جبل
ولتتغيّر بعدنا معالمُ الوطن
فللحبّ بقيّة
لا بُدَّ أن تأتي وستأتي
مهما تمهَّلَ
مخاضُ الزمن
البداية

العَامّ ُ الأوّل على حبّنَا
(1)
حين يُراودني الحزنُ عن نفسي
أهرعُ للبحر ,
أسألُ الرّياحَ أنْ تجري كما يشتهي القلب ,
كي أبحـِرَ إليــكَ
فالرحلة التي تمتــّدُ ألف ميل
حتــّى شواطئ الحلم الشهيّ ,
تبـــدأ دومــًا بنبـــضة :
" أحبـــّـك "
(2)
لا أقلّ من بــَحــر ,
أهديـــكَ في مطلع العام الأوّل على حبــّنـــا
فأنتَ أكثر من البحر صخبــًا ,
حينَ تعصفُ بصخرة الحلم أمواجُ الغيـــِـرة
فتــُخــَلــِّفَ فيها أكثرَ من ثــُــقــب !
وأنتَ أكثرُ من البحـر حيـــِـرة ,
حينَ تستكينُ حروفــُـكَ كقط ّ قــُربَ مدفأة
لتبوحَ بأغلى أسراركَ
(3)
حبيبـــي
يا وطني ومنفــَايَ
ألـَمْ تستوطن غرفَ القلب الأربعة ؟
ألم تمحو عن جدران الذ ّاكرة كلّ إسم ووشم؟
ألم تجلسَ سـُـلطانـــًا على عرش نبضي
تتحكم بمجرى كــُريــَات ِ الحــُـبّ ؟
ألا تكفيكَ كلّ ُ السـّجلاتِ التي وقــّعـتـــُها
راضيّة ً مرضيــّة
في أنـــّــكَ وحدكَ
مالكُ كلّ بقاع القلب؟
(4)
غريبــــِي
يا أملي ويا ألمي
أما آنَ لقمر حبــّنا أن يكتمل ؟
أما آنَ لكَ أن
تنظرَ مليـــًّا في مِرآة هذا القلب ,
(الذي لا يستحق أن يُصابَ بفقر ثقة)
لن تـــَرى إنعكاســًا شهيـــّا
سوى لملامحكَ أنـــتَ
البداية

في الرّحيل الصغير
1.
حين تـعلِـنُ عـَن
إقلاعــِكَ
عَن قِلاع ِ العَاطِفـــَة
لترحلَ إلى مَطار آخر وآخَر
كما العصافير الشَّريدَة
لا
تـَلـْعـَنَ تـَفـاصـيلـَنــَا
الصغيــِرَة
فقد كنتَ فـُراتــــًا
قبلَ أن أفتقدك وفي ومضة
صِْرتَ سَرَابــًا
وصَارَ سَرابـــُكَ وحلاً
كثيفـــًا.. كثيفــًا
2.
إرْحَلْ كما أتيتَ مـِلـحـــًا
إرحَلْ كَمـا انتَهَيْتَ صَريرا
كـــــَفَاكَ وُقُوفـــــًا
عَلَى أعْتــــَاب ِ الذّاكرَة
إرْحَلْ وَدَعـــْنــــــِي
لا
!.. تُوَّدعــــْنــــِي
مـَا كَانتِ الطُّيــُورُ
لِتُسْجَنَ في أقفاص ِ
الغيـــــِرَة
إرْحَلْ لأبـــْقـــَى
سُنــونــُوَّةً طليقَة
مصيرُهـَا سَمـَاء
حنانُهَا شِتَاء
دَلالًهَا كِبْريَاء
إرْحَلْ لأَتـــــَحـــَرَّرَ
مِن حُــبٍّ
احتَلَّ حُضُوري
كما يحتَلُّ مطرُ حزيران
هـَدْأةَ المــــَســــَاء
ارحَل كما أتيتَ صَغيرا
ارحَل كما انتهيتَ صغيرا
البداية

بداية ُ الحُبِّ حُلــُم
تـُـرَفــْرفُ رُوحُهـَا وَتـَطِـيـرُ , لـَمــَّا
يـَفيـضُ هديلُ قلبــِهِ , تــُرَاهـــَا تـُحـِبــُّـهْ ؟
تــَصـِيرُ سحابة ً وتهيمُ , لـَمــَّا
يطـُولُ غـِـيــَابُ ظلـِّهِ , تــُرَاهـــَا تـُحـِبــُّـهْ ؟
يذ وبُ حـَـنيــــــــنــُهـَا ويثــُورُ لمـــــَّا
يـعــُودُ لـعـُـشِّ عشقـِهِ , تــُرَاهـــَا تـُحـِبــُّـهْ ؟
يـقولُ أهــْوَاكِِ فتصــيــــــــــــرُ عــِطـْرًا
! يفـُوحُ شــَذاهُ : هيَ تــُحــِبــُّهْ .. هيَ تــُحــِبــُّهْ
البداية

بـــِكَ انتهيـــْـتُ
لم أخــبــِـــر العصافير
الصغيرة عنـــَّــا
فالعصافيــــرُ كانت
تسكــُننـــــــــا
وهاجرت
حين نحن هجرنا
هديلــــنــــا ورحلنــــا
فككتَ حبيبــــي
أصفادي
ومنحتنـي هـُويّة الدموع
فككتُ حبيبي أصفاد َكَ
ومنحتـــُكَ حُريــَّة الرجوع
لأنـــّكَ كنتَ وستبقى
صلتي الوحيدة
بالبحار والحقول والشّموع
البداية

أحلامٌ خاصّة جـدا
أحبـــّك بالثلاثــــة
وأحلمُ
أن نــقرأ قصيدة
الحــُبّ
صباحَ مساء
لتحلّ بنا روحُ العشق
فنحيا مــَلاكين
في فردوس السماء
(2)
أحبـــّك بالثلاثــــة
وأحلمُ
أن نصعدَ
من بئر الرثـَاء
لنغتنم معا
ما تبــقــَّى
لنا في قصر فرعون
من وعد ٍ
بسنابل وَ لــَه ٍ وَثـــَرَاء
(3)
أحبـــّك بالثلاثــــة
وأحلمُ
أن نعبــُرَ
نهرَ العـَـنــــــَاء
لنـــَعـُودَ
إلى أرض ِ العسل ِ
أدْمــَث آدم
وأحــَنّ حواء
البداية

كــُن ربيعــًا .. لأحبـــَّكَ
(1)
لا أريدُ منَ
الآنَ
أنْ تــَحـلـُم َ بكَ
القصيدة
أريدُ
أنْ أحلم بكَ
أنــــــَا
لأنـــّي لا أرى
الآنَ
ســـِوا كَ
وبعضــًا من حريــر
ِ الغـــَد ِ
(2)
لا أريدُ منَ
الآنَ
أنْ أحدّقَ
في الظلام ِ طويلا ً
يكفيني أن أوقدَ
أملا ً واحدًا
لأبصرَكَ
وأبصرَ النوافذ َ
والمنافذَ
فوقَ جدران ِ الأماني
المتصــــ..... ـدِّعــَة
(3)
أيــّها الحزن
أ ُغــْرُب عــن
أحلامي
لن تكونَ من الآن
حقيقيتي الوحيدة
فقد سقطتْ
من حقائبـــِكَ
كــُلّ ُ أوراق ِ
الخـــَريف
سقطت
كأوراق
الخريف
البداية

ثــُمَّ ماذا ...!؟
ثــُمَّ ماذا ...!؟
هل أستجديكَ
بجملة أو شبه جملة
أن تمرَّ ببحري
بعدما مررتَ
ولم تـَرَه
فأقفرَ الحـُلمُ
من ثاغ ٍ ومن راغ ٍ
وحلَّ موسمُ البُــكاء
ثــُمَّ ماذا ...!؟
هل أقـَشــِّرُ قلبي كبـُرتقالة
لأهبــَكَ اللُبَّ
بعدمــا
سقطتْ الأسوارُ
من حول ِ قصرنــا
ففرَّتْ خيولُ أفكاركَ
وأطلَّ وطالَ
موسمُ الجفاء
ثــُمَّ ماذا ...!؟
أيــُساورُنـــِي نـَدَمٌ
على هجرة ِ طيوركَ
بعدمــَا
لمحتــُكَ حــُلمــًا
وحينَ دنوتُ راحَ يــَنــــفينـــِي
ويــُفــْنــــِيــــِني
وقد كنتَ لونــــي
وكنتُ لكَ
كلَّ ألوان ِ الرجاء ..!؟
البداية

رسائلي إلى نجوى
قــبــل الاختِنــاق بدمعــة
(رسائلي إلى نجوى_1)
آه نجوى!
النافذة هنا مُشرّعة على ألم..
والريح تعصف بستائر الندم منذ رحيلــــه!
هنا أنـــا..
وحيدةٌ كما شجرة زيتون على سفح جبل..
أرتدي معطف الذكريات ولا أبحث عن مدفأة..
المطر خفيـــف ٌ.. مـُخيـــِف ْ..
وفي الغابة على مدى الحلم..
ألف ذئب ما زال يترّصد بسلة أزهاري
يتلهف ليعيثَ فيها نفاقاً !
وحدي هنا.. لا أنتظر أحدا..
لا أحد ينتظرني !
لا أحد يستحق الانتظار سواه..
له وحده
انحنتْ سيقان قمحي, التي ضجّت بسنابل الغرور دهرا!
حصدَ شوقي..
ناولني صليبـًا من خشب النسيان
وقال: اتبعيني.. فتبعته بفرح , دون أن أتلفت حولي ,
دون أن تشلّني صيحات الغربان على الطريق!
وتدحرجتُ خلفه ككرة ثلجية..
خطوة خطوة في درب الغيرة والحيرة.
تدحرجتُ .. تدحرجت .. وجمعتُ في طريقي كلّ قشّ الخصام.!
ثمّ سقطتُ في أتون الفُراق!
آه نجوى!
هل بقي في القلوب متّسع للحبّ ؟
أما استحالت زوارقنا, أوراقا تبحر في محيط القلق ؟!
أما استحالت عصافيرنا, حبرا لا تغرد إلا على ورق ؟
أيتها الصديقة الحنون,
هل تأتين كل فجر ..
لتضعي ولو وردة جافة واحدة على قبري
لعل مناقير الطيور تهبط.. تحملَها
فلا يبقى من الحلم إلا ذكريات
ذكريـــات
********
قبلَ أن يُدركنــَا فـُراق
(رسائلي إلى نجوى-2)
آه نجوى !
هل أقصّ عليكِ أسراري من ياء اليباب
إلى ألف اللقاء الأوّل الشهيّ..
حينَ أدركَ أنـّهُ يعشقني...!
بدأ يُبعـِدُني عن منهل حنانه..
وهو ُيدركُ أننـّي..
كما الفراشة الصغيرة في مهبّ العاصفة.!
لا أقوى مقاومة جفاف النفي عن قلبه.
آه أيتها الصديقة الدافئة ..
الرّوح تهجر الجسد مرّة , وأنا هجرتني روحي ألف ألف مرّة منذ غيابه !
وحده .. كانَ قادرا أن يتمدّد ويتقلص
يثور وينحسر , كما البحر
داخل محارة حواسي!
مرّ بقلبي..
كما التاجر الأنيق.. فاشترى كل منتوجات كياني.. من حنان وحنين
غيرة وحيرة, جنون وظنون..
وحينَ منحته وسام الترقيـة..
تاهَ في سوق الغُربة!
دنوتُ منه ..
كما سنونوة يصطادها حب استطلاعها للحياة.!
إلى اسلاك قفص .
اقتحمتُ قلبه.. فأبْقَى نافذة مُشرعّة للرحيل..
لكنني رفضتُ أن يُقصيني عن وطن..
أعلنت انتمائي لدفئه.
دنوتُ من حنانه حتّى ثمالة الفرح ..
فراحَ يبتعدُ مرتعدًا..
كقطار سريع ٍ ينزلقُ على سكّة حديديّة مألوفة!
آه يا غالية ..
أخبريني بربّك ِما السبيل للّحاق ِ به؟!
أو.. أخبريه أن يتوقف حيث هو..على جسر الشوق..
لآتيه حوريّة ًبحلم ٍحريريّ.
آه يا عمري .. توّسلي إليهِ
أن يتوقفَ حيث هو.. لأدركَهُ قبل أن يُدركَنَا فُراقٌ.. فنندم..!
حيثُ لا ينفع ألم... ولا ندمْ!
********
يحبني..؟ لا يحبني ..! يحبني..!!
(رسائلي إلى نجوى_3)
آه ٍ نجوى ...!
من سواكِ شاهدَ حوريــّةً تغرق في بـــحـــر العمر !!
تتعلّق بقشّة صبر ..
ويمرّ بآخر خيوط الأمل مركبُ أحلام ٍ فردوسيّة, يعجّ بالملائكة, والأنغام السماويّة ..
فتتدلى يدان لتنتشلا الحوريّة من موجة قهر ..
وتوّقعا على وثيقة انتمائها لقلب
صار أوسع من وطن منذ قررتْ أن تمارس حق اللجوء إليه!
آه ٍ نجوى .. يا رفيقة الكتابة والكآبة ..!
يقولون: (الأقحوان لا ينمو إلا على الأرض.!)
لكنّني شاهدته بساتينا في عينيه..
فأثملني الشذى !
يقولون: (الكروان لا يحلّق فوق الشّمس..!)
وأنا شاهدته يرفرف فوق جبينه..
يغرد على أغصانه, فأثملني الصوت والصدى!
آه نجوى .. يا تربة أسراري ..!
منذ التقى واحدُنا نصفه الآخر والبشر يحيون الجفاف ونحن نحيا المطر..
نبني عُشّ أحلامنا كلّ فجر قشّة قشّة..
ونوقد كلّ القشّ مساءً لنحتمي بالدفء حين يجمعنا حضن واحد..
أوسع من رحم العاطفة!
آه ٍ يا غالية ..
لماذا ..
كلـّما قطفتُ في غيابه أقحوانة..
أعرّي بتلاتها بتلةً بتلة ..
أستطلع خفايا قلبــِه:
يــُحــِبــُّنــِي..!
لا يحبني..!
يحبني..!
تسقطُ كلّ ُ اللاءات
حتّى آخر بتلة!
********
الحبّ كالعمر لا يأتي إلا مرّة
(رسائلي إلى نجوى_4)
آه ٍ نجوى..!
في القلب أكثر من دمعة ..
وأنا عاجزةٌ عن السير عكس اتجاه القلب !
ألم يأتني كعندليب يتحـرّش ُ بشجرة..
فاحتويته بين أغصان حناني..!
وحلمتُ أن يحملنا الحُبّ على جناحيه إلى الذُروة..
دون أن نتقهقر كـ (سيزيف..!)
خلف صـُخـور خيباتنا..
لكـننـّا تقهقرنا..
مرّة ومرّة ..!
وها هو ..
يهددني بنزق طفوليّ بإجهاض جنين حبـّنا من رحم العاطفة..
وهو راغبٌ بلبــَن حنينــِي حتـّى الثمالة!
رجلُ البحر هو ..
يعيشُ المتناقضات داخله في حالة توازن خفيّ
تارةً يـُنعشنــِي بأمواج هادئة
وأخرى يـُغرقنــِي بثورة صاخبة!
معه تعلمت أن أقرأ نقاط الغيرة قبل حروف الحيرة!
فما بين اندلاع ثوراته الفُروسيّة وعودته الطفوليّة لحضن حنيني..
تضيقُ بي كلّ الآمال ..
فأحمل حلمي على كتفي وأسير حافية في صحارى قتلها العطش!
وكلـّما كسر لوحة من الوصايا العشر العالقة بين قلبينا..!
تتناثرُ ال..
تنزفُ الذاكرة.. وينفرط عـِقدُ الثقة ..
وفجأة يعود حالمـًا نادمــًا يستجدي مطر الغفران.!
يمـدّ جذوره في تربتـي حتــّى آخر ذرّة دونما استئذان!
آه ٍ يا غالية ..
زهرة عباد الشمس أنا.. وهو شمسي!
له وحده تشرئـِب ُّ بتلاتي وذاتي ..
فهو الذي يمدّ أنوثتي بكلوروفيل الكبرياء!
آه ٍ نجوى ..
الحبّ كالعمر لا يأتي إلا ّ مـَرّة ..!
وأنا أحبـــّه ..حتــّى الرمق الأخير..
وأنا أحبـــّه .. حتــّى أقاصــِي المستحيل!
********
الآخرون هم الجحيم ..؟!
(رسائلي إلى نجوى_5 )
آه ٍ نجوى ..
كلّ الطرقات ِ التي كانت تُؤدّي إلى قلبي
نبذَتني!
وبقيتُ هنا.. وحدي ..
كصخرةٍ عاريــة في جوف بحر كفيف!
يضربُني بأمواج ِ العتاب تارةَ وبالجفاء أخرى..
ولا يستكين ..!
أهٍ يا رفيقة أحلامي ..
ما زالت طواحينُ الغدر تدور وتدور..
وطيوري ترفرف حولها بصمت مشلول!
الريحُ عاتية..!
وما من إبحار سوى في محيط الحلم,
مرتعنا الأبدي للأمل..
وربـّما.. ربـّما.. للجنون !
مـُتعبة أنا يا غالية ..!
مـُتـْعـَبــَة ٌ من النظر في وجوه فقدت ملامحها
وصارت أشبه بأكواز الصـّبار !
متعبة من الصبر على أحلامي المجهضَة !
كلّ فجر أصنع من الأمل خمسة أرغفة..
وأهيمُ..أهيمُ في الطرقات بحثا عن تّنور حنان نقيّ!
أوّزعُ خطواتي هنا وهناك بعفويـّة ..
فتتلقفني حفرةُ خصام مُباغتة...
أهــوي .. أهــــوي .. ولا أفيقُ إلاّ
وقد أ ُجهـضَـتْ كلّ آمالي فوق أشواك الوجع.
آهٍ نجوى ..
من سواكِ يدركُ أنـّه أيقونة أحلامي ,
وأنـّي أحبـّه .
كما هو أحبـّه .
يجلدني بسياط العتاب... وأحبــّه !!
يُجافيني في اليوم ثلاث مرّات وأكثر ..
وأحبّه!
يُجهضني فوق منفى الفراق.. وأحبّه !!
ويأتيني بعد كلّ نوبة جنون
يقول: أحبــُّكِ يا صغيرتي..!
وأحبّه !! آه ٍ نجوى ..
أنا في طريقي إلى الجنون..
والجنون ضربٌ من ضروب الجحيم.
الآخرون ليسوا جحيما ..
نحن .. نحن من نصنع لنا الجحيم..!
********
يليق بي أن أفيضَ أنوثة
(رسائلي إلى نجوى_6)
آه ٍ نجوى ..
ها هو الطائر الدوريّ يُدركُ
أنـّه أينما هاجر سأكونُ لأجنحته سمــاءً ,
وأكونُ حضنـًا يستوعبُ نزقَ مزاجيتـِهِ.
ها هي النجوم ُ تعودُ لتزيـّنَ أوراقي..
ها هي سحبُ الوجوم تنقشع من آفاقي ..
آهٍ يا رفيقة أفراحي ..
في قلب العاصفة, رأيتُ النـّور !
عبرتِ الطيورُ وألقتْ أغصانَ الزيتون ِ الأخضر
على كتفي المثقل بأكفان همّ أسود, رفعتُ رأسي
إلى السماء, فأبصرتُ أجنحة ً بيضاء تُرفرفُ
على خلفية حمراء وسمعتُ صوتـًا كما التهاليل
يقول:
لا تخافي ! رحلَ الفارسُ لكنّ قلبَهُ معك ِ,
فانتظري عودته.
وانتظرتُ ...
ها قد عاد َ ليشيّدَ لي حصنـًا يطرح خارج أسواره
كلّ حطب الغيرة والحيرة والحزن المزمن ..
ها قد عدتُ لأشيّدَ له أسرارًا أسطوريـّة
في أقاصي القصيدة.
أتدرين يا رقيقة ..
الأصل في الأشياء السكون, ما لم تكُن هنالك قوّة !
وهو القوّةُ التي أيقظتني من سبات "أمرأة الكهف ".
أفلا يليق ُ بي أن أمتلئ دهرًا بالشوق فأفيضَ
أنوثة ً كي أسلّمَهُ مفاتيحَ أحلامي
بعدما عاد عاشقـًا مُتأملا غجريـّا حالمـًا
لكي نبدأ الحكاية
البداية

حُضُور أكثر مِن عَادي
سَــآتيكَ كَمَا أشَاء
مَتَى أشَاء.. كَيْفَمَـا أشَاءُ
قَدْ آتيـــكَ فَجْرًا
بَعدمـَا يُغَادرُكَ حـُلمُ أنْ آتـِي
وَيَجِـفّ هَذَيـَانُكَ
فـِي انتظـَار غُبَار خُطُواتـِي
فَــآتـِي
قَد آتيكَ غُرُوبــًا
بَعْدَ أنْ تُعِيدَ الأمـَلَ
لـِغـِمـْد المـُحــَال
فـآتـِيكَ صُورةً شـِعْريـَّة
تـَروي غُيُومَـكَ بـِالخـَيـَال
وَقَد آتـِيكَ غـُرُورًا
والحَنـَانُ في كَبدِ الحُلـُم
لأبُـُوحَ بِحـَنـِيـني
لمَطْـلَع هَـذَيـَانـِكَ الآتي
البداية

هواجسُ الميلاد
أسيرُ مُمتـــَـلئــــَة ً ببوحــِكَ الشهيّ
بين مـئـــَات ِ الوجوه المُــتـــْعــَبــَة
المــُــثــقــَلة بقـــَـلق
المــُهرولة مساءً إلى
شجرة الميلاد , وأنيـــن ِ مـدْفــَأة
وأدركُ أنْ وَحــْـدَه قـــلـــبــــَكَ
وطنــــي
**
تعلو ترانيـــمٌ فيروزيــّة
من مـُكـــبـــّر صوت ٍ
(المجدُ لله في العُـــلـَى)
فيخفق قـــَلبــــي
ويردّد :
(وعلى الأرض إحتــــلا ل
والقلوبُ عــَطــْـشَـــى للمــَســـَرَّ ة)
**
تقرعُ أجراسٌ
تشـــُـقّ ُ ضبابَ القدس
كطبـــول حــَربٍ
فأرَى
أشباحَ طائرات ٍ
تنفثُ الحقدَ منَ السماء
وتترنــّمُ فيــــروز
) ثــــلج .. ثـــــلج
شــَتـــّي خــَيـــر وحــُبّ وثـــلج )
فيتراكمَ الهــَمّ
في مـــِذ ْوَد ِ القـــلـــب
***
المطرُ خفيفٌ .. خفيف
وعلى درب الآلام جياع ُ وعـِطــَاش
ما زالوا يحاصرون حصارَهم
ويحلمون بنبوءة السلام
***
ما زال صوتُ فيروز ينخرُ العظام:
( ثــلج ...ثــلج )
أتــَد ثــَّرُ
بوَعــدٌ وعــَهــد
أن أبقى طوعَ حبـــّـــنــــَا
مدَى الأحلام
بعدما عـَصـَــفـــَتْ أمواجُ الحــُبّ
بصخور قــَـلبـــي
فتـَـشـــَظـــّى
وتـــَلـــَوَّى
ثــُمّ تـــَلـــَى سـُـورة َ النـــّور
وسقطَ كما السمكة في بحــْركَ
راضيــًـا مَرْضــيــّا
***
غريبـــــي
أيــُّها القابعُ في ثــَلج ِ الشــّـتـــات ِ
كلّ ليلة تكون فيها شهريــــَاري ,
تــُنــْصــِتُ لحكايــــَاتي
المــريرة النـــقـيــــّة
عن جفاف ِ منفى ووجع ِهـُــــويــّة
إلى أن أحــْــتـــّــلَ عــَرْ شَ
عواطفــِكَ
هــــي َ .... هــــي َ
ليـــْــلــَة ُ الميـــــــلاد
2003
البداية

ومضات
غياب
كالنهر
الذي فرّ
من مجراهُ
أنتَ
كالسكة
التي غادرها
قطارها
أنا
*********
صرخة
إلى متى
يظلّ الإنسانُ الصادقُ
ضميرا مستترا
وتظلّ الأقزام
المشبّهة بالأفعال
تنصب وترفع
ما تشاء
متى تشاء..!!
*********
انعتاق
أكون لكَ
سنونوّة
حينَ لا تكون
ليَ القفص
*********
قبل ميلادى وُلدتُ
هل أتاكَ
حديثُ عشقي
أنْ...
منذُ الفجر الأوّل
لميلاد ِ حزن
من حزن
والعُميُ يُبصرونْ
والعُرجُ يسيرونْ
والعشّاقُ
يتناسلونْ
نجومًا
على جبين ِ
القمرْ ..؟!
*********
كروانُ
دثِّرنِي
قمِ الآنَ الآنَ
بحبِّكَ
زمِّلنِي
كنْ خرزةً زرقاءَ
على جبيني
كُنْ
بخورًا مغربيًا
في محرابِ
أنيني
كنْ حارسًا فرعونيًا
على بابِ
أمنياتي
وكاهنًا دمشقيًا
يستقبلُ بفتور ٍ
كلّ اعترافاتي
*********
شتاءُ ريتا
لا ...
تستعجل الطعنة
لا...
توقظ الجوعى
لفتات حقد
لا ترقص
الفالس ولا
التانجو
نخب شتاء ريتا
الأخير
ما زال يا صاح
في القنديل الدري
زيت ،
ما زال فيه فتيلْ
*********
ولادة
بين الفكرة والورقة
حبلُ سريّ
لا أتخلص منه
إلاّ حين أتأكد
من سلامة المولود
*********
أسطورة
يا لهُ
من فجر ٍ عظيم
فقد استيقظ
المجنونْ
ليبصرَ:
أميرة ً تتهادَى
كغزالة ٍ شاردة
على سفح القمر
تحملها الملائكة
في موكب
أسطوريّ
وتزفّها
آمرة ً ناهية
على قلبه
.
.
.
قبره







  رد مع اقتباس
قديم منذ /10-16-2010, 05:37 PM   #23

قلم مميز

 

 رقم العضوية : 40821
 تاريخ التسجيل : Jan 2010
 الجنس : ~ رجل
 المكان : المدينه المنوره
 المشاركات : 1,708
 النقاط : سلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 41994
 قوة التقييم : 21

سلطان الزين غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

الشاعر عز الدين المناصرة
نبذة
مواليد محافظة الخليل بفلسطين في 11/4/1946
حصل على شهادة الدكتوراه (ph.D) في الأدب المقارن ـ جامعة صوفيا 1981.
يعمل منذ يوليو 1995 ـ أستاذا مشاركا بجامعة فيلادلفيا الأردنية
عاش متنقلا في البلدان التالية :
فلسطين (1946 ـ 1964
)
الأردن (1970 ـ 1973)
لبنان (1973 ـ 1977)
بلغاريا (1877 ـ 1981)
لبنان (1981 ـ 1982)
تونس (1982 ـ 1983)
الجزائر (قسنطينة) (1983 ـ 1987)
الجزائر (تلمسان) (1987 ـ 1991)
الأردن (1991 ـ ...)

صدرت له المجموعات الشعرية التالية:
يا عنب الخليل 1968 ـ القاهرة
الخروج من البحر الميت ـ 1969, بيروت
قمر جرش كان حزينا ـ 1974, بيروت
بالأخضر كفناه ـ 1976, بيروت
جفرا, 1981 بيروت
كنعانيادا, 1983, بيروت
حيزية ـ ,1990 عمان
رعويات كنغانية ـ ,1991 قبرص
لا أثق بطائر الوقواق ـ ,1999 فلسطين
مجلد الأعمال الشعرية الكاملة ـ (725 صفحة), المؤسسة العربية للدراسات والنشر, بيروت 1994 (الطبعة الرابعة)

(باللغة الفرنسية): مختارات من شعره بعنوان (رذاذ اللغة). ترجمة محمد موهوب وسعد الدين اليماني, صدرت عن دار سكامبيت, ,1997 فرنسا.
(باللغة الفارسية): مختارات من شعره بعنوان (صبر أيوب), ترجمة موسى بيدج, طهران 1997. كما صدرت له الكتب النقدية التالية:
الفن التشكيلي الفلسطيني, بيروت, 1975
السينما الإسرائيلية في القرن العشرين, بيروت 1975
(جمع وتحقيق) الأعمال الكاملة للشاعر الفلسطيني الشهيد عبد الرحيم محمود, دمشق 1988
المثاقفة والنقد المقارن, عمان 1988.
الجفرا والمحاورات (قراءة في الشعر اللهجي بفلسطين الشمالية), عمان. 1993
جمرة النص الشعري, عمان, 1995
المسألة الأمازيغية في الجزائر والمغرب, 1999 عمان.

جوائز وأوسمة:
وسام القس, 1993 ـ فلسطين
جائزة غالب هلسا للإبداع الثقافي 1994 الأردن
جائزة الدولة التقديرية في الأدب 1995 ـ الأردن
جائزة (سيف كنعان) 1998 فلسطين

البداية

وجهة نظر
قال لي
عن زبد البحر
بقايا الكلام
وهو يومئ للنرجسة
وموضع غمازة الخد
أنظر إلى مشية الفارسة
قال لي أنه قارئ الشد
أكتب عن الخنفساء
تهرش أطرافك الواهية.
عن القز والنحل، أكتب عن الساقية.
في مكاتبها الأبنوس تنم لكي تطعم المتعبين
عن الطبل والزمر أكتب عن الحاشية.
تشعلق قلبي طيور الخيام
أخي، ترجموك إلى كومة من عظام
أكتب عن الخنفساء
وهي تدخل في الليل فوق سريرك
تهرش أطرافك الواهية.
قال لي - وهو يومئ للراعية:
عن القز والنحل، أكتب عن الساقية.
- أراه: لن تتعب الماشية
في مكاتبها الأبنوس تنم لكي تطعم المتعبين
قال: وانظر لقبعة الجنرال الموشاة بالمادحين
عن الطبل والزمر أكتب عن الحاشية.
قلت : مهلا
تشعلق قلبي طيور الخيام
أخي أيها الثلج في طرقات النعاس
أخي، ترجموك إلى كومة من عظام
وأنا يانع مثل نعناع مريام صعب المرام.
البداية
مفاوضات
الينابيع والورد كانت وهشت لمقدمها وانحنت
الرصين.
في جبال اليقين
بعشب يغطي تصحر أفئدة في الصقيع.
حيث الرخام العريق
كانت التينة النبوية تهذي
في السلاسل خروبة وشوشت جارة الماء في الليل
زغرغتها العصافير فانفلقت فلقتين
هوت في البقيع.
تتلولح مفتونة في فضاء البراري العتيقة
تجهز أكواب فرحتها، ليلة الأقحوان.
يطرزن عرقا من السعف فوق الصدور
كانت السعفة المائلة
كان شيخ يقص الروايات في ساحة البئر
وعن عشبة المريمية حيث تخبأ فيها
كانت المطبعة
الينابيع والورد كانت وهشت لمقدمها وانحنت
في كمال غلالتها في الربيع
تتقصع سيدتي الغالية
عندما وز من جهة الرمل هذا الرصاص الجديد
حسدتها طيور الحديد.
كانت الأمهات
يطرزن عرقا من السعف فوق الصدور
يهاهين فوق شواهدهم في الخلاء
كانت السعفة المائلة
تجرجرني في الكلام عن النبعة الجارية.
كان شيخ يقص الروايات في ساحة البئر
عن غضب البحر: زلزالة في الضلوع
وعن عشبة المريمية حيث تخبأ فيها
يسوع
كانت المطبعة
تحرك أسنانها بالمناشير قرب الحدود.
الينابيع والورد كانت وهشت لمقدمها وانحنت
عندما هبطت تحمل الشمع في درج الغرفة العالية
في كمال غلالتها في الربيع
قالت الدالية:
تتقصع سيدتي الغالية
بكمال غلالتها.... وأمام الجميع
عندما وز من جهة الرمل هذا الرصاص الجديد
هوت في الينابيع في مرمر التجربة
حسدتها طيور الحديد.
البداية
جفــرا
أرسلتْ لي داليةً 00 وحجارةً كريمة
مَنْ لم يعرفْ جفرا 000 فليدفن رأْسَهْ
من لم يعشق جفرا 000 فليشنق نَفْسَهْ
فليشرب كأس السُمِّ العاري يذوي , يهوي 000 ويموتْ
جفرا جاءت لزيارة بيروت ْ
هل قتلوا جفرا عند الحاجز, هل صلبوها في تابوت ؟؟ !!
**
جفرا أخبرني البلبلُ لّما نَقَّر حبَّاتِ الرمِّانْ
لّما وَتْوَتَ في أذني القمرُ الحاني في تشرينْ
هاجتْ تحت الماء طيورُ المرجانْ
شجرٌ قمريٌّ ذهبيٌّ يتدلّى في عاصفة الالونْ
جفرا عنبُ قلادتها ياقوتْ
هل قتلو ا جفرا..قرب الحاجز هل صلبوها في التابوت ؟؟
**
تتصاعدُ أُغنيتي عَبْر سُهوب زرقاءْ
تتشابه أيام المنفى ,كدتُ أقول :
تتشابه غابات الذبح هنا وهناك .
تتصاعد أغنيتي خضراء وحمراءْ
الأخضر يولد من الشهداء على الأحياء
الواحةُ تولد من نزف الجرحى
الفجرُ من الصبح إذا شَهَقَتْ حبّاتُ ندى الصبح المبوحْ
ترسلني جفرا للموت، ومن أجلك يا جفرا
تتصاعدُ أغنيتي الكُحيَّلة.
منديلُكِ في جيبي تذكارْ
لم ارفع صاريةً إلاَّ قلتُ : فِدى جفرا
ترتفع القاماتُ من الأضرحة وكدتُ اقولْ :
زَمَنٌ مُرٌّ جفرا ... كل مناديلك قبل الموت تجيءْ
في بيروت ، الموتُ صلاةٌ دائمةٌ والقتل جريدتُهُمْ
قهوتُهمْ ، والقتل شرابُ لياليهمْ
القتل اذا جفَّ الكأس مُغنّيهمْ
وإذا ذبحوا ... سَمَّوا باسمك يابيروت .
سأعوذُ بعُمّال التبغ الجبليّ المنظومْ
هل كانت بيروتُ عروساً ،هل كانت عادلةً ... ليست بيروتْ
انْ هي إلاّ وجع التبغ المنظومْ
حبَّاتُ قلادته انكسرتْ في يوم مشؤومْ
انْ هي إلاّّ همهمة لصيّادين إذا غضب البحر عليهمْ
انْ هي الاّ جسد إبراهيم
إنْ هي الاّ ابناؤك يا جفرا يتعاطون حنيناً مسحوقاً في فجرٍ ملغومْ
إنْ هي الاّ اسوارك مريامْ
إنْ هي الاّ عنبُ الشام
ما كانت بيروت وليستْ ، لكنْ تتواقد فيها الاضدادْ
خلفكِ رومٌ
وأمامكِ رومْ. !!!
**
للأشجار العاشقة أُغنّي.
للأرصفة الصلبة ، للحبّ أُغنّي .
للسيّدة الحاملة الأسرار رموزاً في سلَّة تينْ
تركض عبر الجسر الممنوع علينا ، تحمل أشواق المنفينْ
سأغني .
لرفاقٍ لي في السجن الكحليّ ، أُغني
لرفاقٍ لي في القبر، أغني
لامرأةٍ بقناعٍ في باب الأسباط ، أغني
للعاصفة الخضراء ، أغني
للولد الاندلسيّ المقتول على النبع الريفيّ ، اغنّي .
لعصافير الثلج تُزقزقُ في عَتَبات الدورْ
للبنت المجدولة كالحورْ
لشرائطها البيضاء ْ
للفتنة في عاصفة الرقص الوحشيْ
سأغنّي .
هل قتلوا جفرا ؟؟
الليلةَ جئنا لننام هنا سيّدتي ... يا أُمَّ الأنهارْ
يا خالة هذا المرج الفضيْ
يا جدَّة قنديل الزيتونْ
هل قتلوا جفرا ؟؟
الليلة جئناكِ نغّني .
للشعر المكتوب على أرصفة الشهداء المغمورين ، نُغنّي
للعمّال المطرودين ، نغّني
ولجفرا ... سنُغنّي .
جفرا ... لم تنزل وادي البادان ولم تركضْ في وادي شُعَيبْ
وضفائرُ جفرا ، قصّوها عن الحاجز ، كانت حين تزور الماءْ
يعشقها الماء ... وتهتز زهور النرجس حول الاثداء
جفرا ، الوطن المَسْبيْ
الزهرةُ والطلْقةُ والعاصفة الحمراءْ
جفرا...إنْ لم يعرفْ من لم يعرفْ غابة تُفَّاحٍ
ورفيفُ حمام ٍ... وقصائد للفقراءْ
جفرا...من لم يعشق جفرا
فليدفنْ هذا الرأس الاخصر في الرَمْضاءْ
أرخيتُ سهامي ، قلتُ : يموتُ القاتل بالقهر المكبوتْ
منْ لم يخلع عين الغول الاصفر ... تبلعُهُ الصحراء .
جفرا عنبُ قلادتها ياقوتْ
جفرا ، هل طارت جفرا لزيارة بيروت ؟
جفرا كانت خلف الشُبَّاك تنوحْ
جفرا ... كانت تنشد أشعاراً ... وتبوحْ
بالسرّ المدفونْ
في شاطيء عكّا ... وتغنّي
وأنا لعيونكِ ياجفرا سأغنّي
سأغنّي
سأُغنّي .
لصليبكِ يا بيروتُ أُ غنّي.
كانتْ ... والآنَ : تعلّقُ فوق الصدر مناجل للزرعِ وفوق
الثغر حماماتٌ بريّةْ.
النهدُ على النهدِ ، الزهرةُ تحكي للنحلةِ ، الماعز سمراء،
الوعلُ بلون البحر ، عيونكِ فيروزٌ يا جفرا.
وهناك بقايا الرومان : السلسلةُ على شبكة صليبٍ ... هل
عرفوا شجر قلادتها من خشب اليُسْرِ وهل
عرفوا أسرار حنين النوقْ
حقلٌ من قصبٍ ، كان حنيني
للبئر وللدوريّ إذا غنَّى لربيعٍ مشنوقْ
قلبي مدفونٌ تحت شجيرة برقوقْ
قلبي في شارع سَرْوٍ مصفوفٍ فوق عِراقّية أُمّي
قلبي في المدرسة الغربيّةْ
قلبي في النادي ، في الطلل الأسمر في حرف نداءٍ في السوقْ.
جفرا ، أذكرها تحمل جرَّتها الخمرية قرب النبعْ
جفرا، أذكرها تلحق بالباص القرويْ
جفرا ، أذكرها طالبةً في جامعة االعشّاقْ.
من يشربْ قهوته في الفجر وينسى جفرا
فَلْيدفنْ رأسَهْ
مَنْ يأكلْ كِسْرتَهُ الساخنة البيضاءْ
مَنْ يلتهم الأصداف البحرية في المطعم ينهشُها كالذئبْ
من يأوي لِفراش حبيبتهِ، حتى ينسى الجَفْرا
فليشنقْ نفَسَهْ.
جفرا ظلَّتْ تبكي ، ظلَّتْ تركض في بيروتْ
وأبو الليل الاخضرِ ، من أجلكِ يا جفرا
يشهقُ من قهرٍ شهقتَهُ... ويموت .!!!
البداية
بالأخضر كفناه
بالأخضر كفناه بالأحمر كفناه
بالأبيض كفناه بالأسود كفناه
بالمثلث والمستطيل بأسانا الطويل
نزف المطر على شجر الأرزيل ذكراه وعلى الأكتاف حملناه
بكت النزل البيضاء لمرآه
دمه ينزف والبدوي تنتظر الأيام
دمه ينزف زغرد سرب حمام
والبدوية تنتظر حبيبا سيزور الشام
بالأخضر كفناه بالأبيض كفناه
بالأسود كفناه بالأحمر كفناه
كان خليلا من صيدون حمصيا من حدروب
بصريا من عمان وصعيديا من بغداد
كان جليليا من حورام
كان رباطيا من وهران
مطر في العينين وتحت القلب دفناه







  رد مع اقتباس
قديم منذ /10-16-2010, 05:39 PM   #24

قلم مميز

 

 رقم العضوية : 40821
 تاريخ التسجيل : Jan 2010
 الجنس : ~ رجل
 المكان : المدينه المنوره
 المشاركات : 1,708
 النقاط : سلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 41994
 قوة التقييم : 21

سلطان الزين غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

الشاعر سالم جبران

نبذة
(1941)
"البقيعة - الجليل"
أعماله الشعرية :
  • <LI class=MsoNormal style="MARGIN-BOTTOM: 12pt">قصائد ليست محدّدة الإقامة (دار الآداب، بيروت، 1970م).
    <LI class=MsoNormal style="MARGIN-BOTTOM: 12pt">كلمات من القلب (دار القبس العربي، عكّا، 1971م).
  • رفاق الشمس (دار الحرية للطباعة والنشر، الناصرة، 1975م).
البداية

سالم جبران يطلق الكلمة
سالم جبران في ديوانه الثالث رفاق الشمس * يستمر في عرض وطنيته الصادقة وإنسانيته الثائرة بكلمات جماعها الثورة والرفض ، وهو لا يجد متسعًا من وقته أو من ذاته لانتقاء العبارة ذات الإيحاءات أو الجمالية ، فشأنه أن يصل إلى الجمهور ، والجمهور بحاجة إلى شعراء يسجلون ألمه وأمله بطرق تعبير مختلفة كاختلاف مشارب الناس .
وأنا أرى أن الشعر على أصناف ، ولكل صنف رواده ومحبوه ، فكم من مستوى معروض في واجهات واقعنا ، وشاعر الزجل شاعر يألفه البعض بينما يمر عنه البعض ضاربًا كشحًا ، وشاعر يرقع العبارات أو يسرقها خلسة لا تكسد سوقه.
إذن فالمسألة أصعب من جعل الدائرة مربعًا ، وأنت المشتري ، فما هي خبرتك في الشراء أولا ؟
وسالم جبران لا إنكار أنه علم بين شعرائنا ، ويعود ذلك في حسباني لموقفه السياسي ، فهو يصف الواقع بجرأة.. بتحد ..وبعنفوان ، وهذه أضفت على شعره مسحة البطولة ، فهو إذ يقول :
" ابن العشرين يقاتل
وابن السبعين يقاتل
والتي مات أخوها
تنسج الصوت لمن قام مكانه
والتي مات فتى أحلامها
خرجت تحمل بارودته " (رفاق الشمس ص37)
لا يملك الفلسطيني إلا أن يحس فعل الشعر ، فليست القضية في نظره مفتقرة إلى خيال وإيحاء وجمالية ، بل إنها حكاية موت.
ومرة أخرى ، فإن حقل الأدب يتسع لجميع الأزهار ، وزهرة سالم سقاها من دم قلبه الغض أعوامًا وأعواما (رفاق الشمس ص 47).
وهي مطلة علينا رغم أنها تقول لنا كل شيء وتحكي لنا نثرًا ، وهي لا تعرف نصف الإضاءة أو الشفافية، إنما الجهارة المكشوفة .
وشعر سالم ليس على نسق فني واحد ، فهو إذ يصعد بنا يجعلنا نهبط بلا سابق تنبيه . يقول الشاعر :
" أبحث عن أغنية جديدة
عذراء خضراء
تمد راحتيها
عبر ليل الموت " (رفاق... ص30)
فهذا صعود وتحليق فيه نشوة الامتزاج وفيه لذة الاستكشاف والافتضاض *
ولكنه يقطع علينا رحلتنا الماتعة إذ يقول متابعًا :
" للعوالم السعيدة "
فهنا نحس ( أو أحس ) كأن حجرًا ثقيلاً يلقى ، فينغص علينا هذه العوالم من قبل أن نلقاها ...
ولننظر إلى قوله :
" أجمع أشلاء اللوز المذبوح على أطلال قرانا " (رفاق... 11)
فهنا نرى صورًا غنية بالفاجعة موقظة للضمير الإنساني ، وإذا بالشاعر يقول بعدها : " وأجادل "
وهاك مثلا آخر على أن الشاعر لا يعدم التركيز والكثافة ، لكنه سرعان ما يغير عليها مبسطًا ، وكأنه يفطن إلى مستوى معين بين جمهور القراء يريد الوصول إليه .
يقول الشاعر :
" عيون أطفالي عصافير تجيء دائما
ترف فوق السجن ثم ترتمي " (رفاق.... 21)
ولا يقف الشاعر عند هذه الروعة ، بل يضيف :
" راجعة فهكذا أوامر السجان "
ولا أدري ما ضرورة إظهار السجان هنا ، ألا يدعنا نتخيل لماذا تجيء العصافير وترتمي ؟
_ ربما لأساها عليه وعلى نكده .
_ ربما لأن الأب لا يستطيع أن يفعل شيئا ، والعصافير قاصرة ، وهذه صورة لتجسيم المأساة .
_ ربما لأن السجان أو السلطة تمنع اللقاء ، واحتمالات كثيرة أخرى تتلاقى في جو مأساوي أراد سالم إظهاره في كل كتاباته الشعرية بلا هوادة .
وسالم محارب كلمة ، يقف ضد الجراد (رفاق... 7) ، وضد التتار (رفاق... 52) ، وكما أن المحارب يطلق الرصاصة واضحة الهدف ، فهكذا يطلق سالم الكلمة :
" الموت لكل خائن حقود
براغ اطمئني أن حلف وارسو
يقسم لن يعود
لأرضك النازي " (رفاق.... ص 28)
وهو حقا يشعر أن الكلمة مقاتلة ، وهذا الشعور نلمسه في قوله :
" فالأغاني
سوف تحتل بين الرفاق مكاني
وتحارب عني " ( رفاق... 26)
فسالم مقاتل ومتفائل معًا ، والموت يرصد له ، وهو بقايا رجل ممزق الفؤاد والأعصاب (ص 78) ، لكنه يقول :
" دمي النازف مطر
لحمي المطحون سماد
وأنيني أهزوجة
الغد مرج سنابل
الغد عرس سنابل " (رفاق... ص 15)
وسالم أسوة بشعرائنا المحليين يمازج بين التفاؤل وبين رنة الأسى ، يرسمون المستقبل برغم الوصمة .
ويتميز في هذا الديوان بشيوعيته الحادة ، فهو يرفض الثورة الحمراء في أذهان المدعين من الأنبياء الكذبة الذين يتخذون مواضيع الثورة موضوعات للتلهي (ص 79) ، وهو يتعاطف في قصيدة طويلة مع الشفيع الشيخ أحمد السوداني (ص 67) ، كما يطلب أن نتخذ من فيتنام مثلاً لنا (ص 90) ، ونجد للأصداء السياسية وللأنباء آثارًا واضحة (ص 20 ، 27 ، 43 وغيرها ) .
ومن جهة أخرى فهناك بعض معالم الصوفية _ ولعل في هذه الظاهرة غرابة على الواقعية _ فمن الصوفية الجبرانية * يقول سالم :
" يخيل لي أنني ما ولدت
ولكنني كنت منذ الأزل
هنا بين الحواكير " (رفاق.... ص4)
ففي هذه القصيدة عصارة حبه لأرضه يقدمها باسترجاع طفولي وحلم ووعي تتداخل فيما بينها ، وهو إذ يفطن أن الجراد يمتص آخر نقطة ماء في حنجرته الظامئة فإنه يقول بنظرية الحلول في المقولة المشهورة " أنا من أهوى ومن أهوى أنا "
" لست أعرف اسما لهذا المكان
فهذا المكان أنا وأنا هذا المكان " (رفاق... ص8)
وثمة مثال آخر على الروح الصوفية رغم أن المعنى يدل على المرأة أكثر منه على الوطن :
" وأنا وأنت نذوب
شيئًا واحدًا بين الشجر " (رفاق... ص65)
وقصيدة " هذا المكان " أولى قصائد الديوان هي تطوير لقصيدة " حواكير الطفولة " التي نشرت في ديوانه ( كلمات من القلب ص75 ) ، فحتى النباتات التي يستعملها للدلالة على ارتباطه بالأرض ، وجو التفاؤل والعودة إلى الحلم ، كل هذه مشتركة بين القصيدتين .
وملاحظة أخرى أن الشاعر لا يتابع نفسه أحيانًا : ففي قصيدة " عطشان " (رفاق... ص57) يحمل الشاعر زجاجتيه ويبحث عن كأس وندمان ، فإذا ما وجد الكأس كانت الزجاجة قد كسرت ، وهذه ترمز إلى الخيبة ، ولو قرأنا هذه القصيدة وقارناها وقوله :
" جيراني غنوا شربوا
أكواب الخمر
حتى الفجر
وأنا وحدي يا عيد الميلاد " (رفاق....61)
فإننا لا نجد مبررًا ، وإن وجدناه فإن رموز الشاعر غير مستقرة لا تقدم صورة متكاملة ومتوائمة .
وظاهرة شكلية أخرى في إثبات عدم متابعة الشاعر نشره القصيدة في أكثر من ديوان :
_ قصيدة " حنين " كلمات من القلب ص 19
رفاق الشمس ص 58
(وقع تغيير واحد لاشتراء _ لشراء)
_ " في غرفة لينين " كلمات من القلب ص 99
قصائد ليست محددة ص 51
_ " أحب " كلمات من القلب ص 102
قصائد ليست... ص 53
وبعد :
فهذا سالم وجه صارخ متحد، هو من رواد التغيير والأدب أداة، لا يضيره إن وصفت كلماته بالنثرية أو التقريرية بالمباشرة أو الشعارات الخطابية، فإنه بصدقه وإيمانه بدور الكلمة يقول ما يقول... وحسبه أنه يصول ويجول.
------------------------------------------
* مجموعات سالم جبران هي :
1- كلمات من القلب _ مطبعة دار القبس ، عكا _ 1967
2- قصائد ليست محددة الإقامة _ مطبعة النهضة ، الناصرة 1972
3- رفاق الشمس _ دار الحرية للطباعة والنشر ، الناصرة 1975
* نماذج أخرى : أنا صمتي يكون مطلع القصيدة ص 32 ، عيناك مينائي ص 41
ومضات شعرية تشع بين أكوام من النثر المتمرد .
* أنظر مثلا : " رماد الأجيال والنار الخالدة " ( المجموعة الكاملة لمؤلفات جبران العربية ص 45 )
البداية

ما يشاء
كان الجليل ناسا
وتربة وخضرة وماء
وبعد أن حرمت أن أزوره
صار الجليل جنة
وناسه آلهة
وصار حتى ليلة ضياء
أقول للقياصر الصغار: ما أضعفكم
قدتحبسون خطوتي
لكن قلبي هائم في وطني
يزور أي بقعة يشاء
يفعل ما يشاء...
البداية

الشبح
أشعر بالحزن وبالفرح
جميع أياميالتي مرت وأحلامي عن
المستقبل
ملفوفة ببعضها تطل لي
أشعرأن العمر ليل دامس
وأنه أجمل من قوس قزح
خرائب خلفي،
وأحلام أمامي تبتني القصور
وبين وعد ظل في عوالم الأمس ووعد لغد
من حيرة أدور
أشعر أن قلبي
في وحشة القبر... وفي نضارةالزهور
أشعر بالحزن وبالفرح
العالم الملموس في يدي ما أطيبه
وفي صميمي رهبة
من طلة الشبح







  رد مع اقتباس
قديم منذ /10-16-2010, 05:45 PM   #25

مميزة في الاقسام الأدبية

 

 رقم العضوية : 47099
 تاريخ التسجيل : Apr 2010
 الجنس : ~ امرأة
 المكان : فــلسطين
 المشاركات : 5,553
 الحكمة المفضلة : إذا كان لايمكنك القيام بأعمال عظيمة..
 النقاط : حـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ has a reputation beyond reputeحـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ has a reputation beyond reputeحـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ has a reputation beyond reputeحـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ has a reputation beyond reputeحـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ has a reputation beyond reputeحـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ has a reputation beyond reputeحـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ has a reputation beyond reputeحـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ has a reputation beyond reputeحـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ has a reputation beyond reputeحـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ has a reputation beyond reputeحـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 509709
 قوة التقييم : 255

حـ,ـكـ,ـآيـ,ـهـ,ـ ۅطـ,ـنـ,ـ غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو
افتراضي

برافو اخي العزيز سلطان

ابدعت بالانتقاء

مشكور

ملاحظه

اختصر شوي من الاسطر حتى لا يمل القارئ

موفور احترامي

لشخصكـ يا الق


كن دائما هنا







  رد مع اقتباس
قديم منذ /10-16-2010, 05:48 PM   #26

قلم مميز

 

 رقم العضوية : 40821
 تاريخ التسجيل : Jan 2010
 الجنس : ~ رجل
 المكان : المدينه المنوره
 المشاركات : 1,708
 النقاط : سلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 41994
 قوة التقييم : 21

سلطان الزين غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

الشاعر سميح القاسم

نبذة
يعد سميح القاسم واحداً من أبرز شعراء فلسطين، وقد ولد لعائلة درزية فلسطينية في مدينة الزرقاء الأردنية عام 1929، وتعلّم في مدارس الرامة والناصرة. وعلّم في إحدى المدارس، ثم انصرف بعدها إلى نشاطه السياسي في الحزب الشيوعي قبل أن يترك الحزب ويتفرّغ لعمله الأدبي.
سجن القاسم أكثر من مرة كما وضع رهن الإقامة الجبرية بسبب أشعاره ومواقفه السياسية.
شاعر مكثر يتناول في شعره الكفاح والمعاناة الفلسطينيين، وما أن بلغ الثلاثين حتى كان قد نشر ست مجموعات شعرية حازت على شهرة واسعة في العالم العربي.
كتب سميح القاسم أيضاً عدداً من الروايات، ومن بين اهتماماته الحالية إنشاء مسرح فلسطيني يحمل رسالة فنية وثقافية عالية كما يحمل في الوقت نفسه رسالة سياسية قادرة على التأثير في الرأي العام العالمي فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينية.
مؤلفاته :
1- أعماله الشعرية:
مواكب الشمس - أغاني الدروب - دمي على كتفي -دخان البراكين - سقوط الأقنعة - ويكون أن يأتي طائر الرعد - رحلة السراديب الموحشة - قرآن الموت والياسمين - الموت الكبير - وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم - ديوان الحماسة - أحبك كما يشتهي الموت - الجانب المعتم من التفاحة، الجانب المضيء من القلب - جهات الروح - قرابين - برسونا نون غراتا : شخص غير مرغوب فيه - لا أستأذن أحداً - سبحة للسجلات - أخذة الأميرة يبوس - الكتب السبعة - أرض مراوغة - حرير كاسد - لا بأس سأخرج من صورتي ذات يوم .
السربيات:
إرَم - إسكندرون في رحلة الخارج ورحلة الداخل - مراثي سميح القاسم - إلهي إلهي لماذا قتلتني؟ - ثالث أكسيد الكربون - الصحراء - خذلتني الصحارى - كلمة الفقيد في مهرجان تأبينه .
أعماله المسرحية:
قرقاش - المغتصبة ومسرحيّات أخرى
الحكايات:
إلى الجحيم أيها الليلك - الصورة الأخيرة في الألبوم
أعماله الأخرى:
عن الموقف والفن / نثر - من فمك أدينك / نثر - كولاج / تعبيرات - رماد الوردة، دخان الأغنية / نثر - حسرة الزلزال / نثر .
الأبحاث:
مطالع من أنطولوجيا الشعر الفلسطيني في ألف عام / بحث وتوثيق .
الرسائل:
الرسائل/ بالاشتراك مع محمود درويش .

البداية
في حوار مع الشاعر الكبير سميح القاسم
حوار: الشاعر طلعت
الإنسان الضعيف تسكره النجومية وتفقده القدرة على الاتزان تتفاوت أدوات التعبير بتفاوت الزمن والتجربة هناك نقاد ساعدوني على معرفة ذاتي، أعني النقاد الذين لم يقتصر نقدهم على المعنى آمنت دائماً أن الدراما هي عنصر جوهري وأساسي في العمل الشعري في طفولتي عايشت مناخات وأجواء متعددة ومدهشة لا يتحول الشاعر إلى رمز إلا من خلال قصيدته الحضور الأساسي للقصيدة وليس للشاعر أحبُّ المغامرة الفنية وأمارسها بكامل حريتي وكان الشعر عنقود فرح.. كان صرخة غضب.. وكان كما قال روزنتال: «إن الحياة التي تخلو من الشعر لهي حياة غير جديرة أن تعاش»، أو كما قال جان كوكتو: «الشعر ضرورة ويا ليتني أستطيع أن أعرف لماذا» أو على رأي سومرست موم: «الشعر هو تاج الأدب، هو غايته ومنتهاه. إنه أرقى فعل يقوم به العقل البشري».. وكان لابد من لقاء الشاعر الكبير سميح القاسم ـ حاورته يوم الأحد 19/11/2000 ـ الشاعر الذي أعطى الشعر صفوة الروح والعمر، فانتصبت القصيدة شجرة عطاء لا ينضب..
ربما يبقى القول الأوجز في تعريف الشاعر الإنسان، والشاعر الصديق سميح القاسم، متمثلاً في أنه لا يبرح الشباب وعنفوان الإنسان الممتلئ بالحيوية والمرح والأمل، ليكون شاعر المقاومة ورئة الكلمة الصامدة.. ويطول الحديث مع الشاعر الكبير سميح القاسم.. أقرأ من دفتر شعره:
طعام الشهيد يكفي شهيدين
يا أمنا الريح .. يا هاجر المتعبه
أعدي الطعام القليل لأبنائك العائدين على عربات المنافي
خذي كفني شرشفاً للأواني العتيقة
قومي افرشي للضيوف الأحبة كوفيتي..
إنهم متعبون جياع
أعدي لهم وجبة من بقول الخراب
أعدي كؤوس العذاب
وإبريق أحزانك المرعبه
سيجمعنا الخبز والملح عما قريب
وتجمع أشلاءنا لقمة العودة الطيبه
وأفتح دفتر أمسية شاعرنا سميح القاسم التي امتد فيها الحضور دالية شغف.. ويحدثني عن علاقته الجميلة بالجمهور، عن القصيدة التي تشعل فتيل التواصل، فيكون الشعر أغنية ممتدة من الأعماق للأعماق..
وإذا أردنا أن نوجز في التعريف عن شاعر مثل سميح القاسم نقول إنه عرف بمقاومته الدائمة للاحتلال الإسرائيلي، وسجن مرات عديدة، وفرضت عليه الإقامة الإجبارية والاعتقال المنزلي وطرد من عمله عدة مرات بسبب نشاطه الشعري والسياسي.. اشتغل معلماً وعاملاً وصحفياً.. أسهم في تحرير «الغد» و «الاتحاد» ثم رئس تحرير مجلة «هذا العالم» عام 1966، ثم عاد للعمل محرراً أدبياً في «الاتحاد» وسكرتيراً لتحرير «الجديد» ثم رئيساً للتحرير.. وأسس منشورات «عربسك» في حيفا مع الكاتب عصام خوري عام 1973، وفيما بعد أدار «المؤسسة الشعبية للفنون» في حيفا.. وهو اليوم رئيس مجلس إدارة تحرير «كل العرب» الصادرة في الناصرة، ورئيس تحرير الفصلية الثقافية «إضاءات»..
صدر له أكثر من أربعين كتاباً في الشعر والقصة والمسرح والمقالة.. وصدرت أعماله في سبعة مجلدات عن ثلاث دور نشر في القدس وبيروت والقاهرة.. ترجم عدد كبير من قصائده إلى الانجليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والإسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفيتنامية والفارسية ولغات أخرى.. حصل على الكثير من الجوائز عن شعره منها «غار الشعر» من اسبانيا، وجائزة البابطين للإبداع الشعري.. وأسأل..
l بعيداً عن المقدمات المعروفة في الأسئلة، أدخل مباشرة إلى صلب الموضوع لأطرح موضوعة تقول كيف ينظر سميح القاسم إلى مسيرة شعره.. ليتك تستحضر الناقد عندك؟؟..
ll يجوز القول إن الشاعر هو أفضل ناقد لنتاجه، وهو أسوأ ناقد لنتاجه في الوقت نفسه.. أميل إلى إعفائي من الحالتين.. لكن استجابة لإلحاح سؤال كهذا أستطيع القول أو التحدث عن الأمور العائمة على السطح، كتحول القصيدة من الإيقاعات الحادة والألوان الزاهية والقوية في مرحلة الصبا والشباب، إلى حالة التداخل الإيقاعي والتداخل اللوني.. خفوت الصوت بعض الشيء واقتحام ألوان الشك لمواقع اليقينية المطلقة التي تميز روح الشباب.. لكن يبقى هناك الخط السري الذي يصل بين القصائد الأولى والقصائد الجديدة بدون شك.. بكلمات أخرى تتفاوت أدوات التعبير بتفاوت الزمن والتجربة وتراكم معرفي ووجداني هو من طبيعة الحياة.. ويبقى الهاجس الأساسي، هاجس الحرية والعدل الإنساني، بحيث يشتبك السياسي بالوجداني بالمجرد بالمطلق، والشك باليقين.. هذه سمة تجربتي بخطوط عريضة بين الأمس واليوم..
l تأخذني هنا للسؤال عن النقد والنقاد.. كثيرون تناولوا شعرك.. تجربتك الشعرية درست بغزارة.. هل وصل النقاد إلى العمق.. ماذا أخذت من هذا النقد، ما رأيك فيه؟؟
ll هناك نقاد ساعدوني على معرفة ذاتي بدون شك وأعني النقاد الذين لم يقتصر نقدهم على المعنى، ولا على الخطوط العريضة في الشكل، بل تعمقوا في هذه التجربة واستشفوا أموراً تتصل بالذات بالسايكولوجي، باللغة.. وعلى سبيل المثال فوجئت بدراسة كبيرة من ناقدة وباحثة أمريكية هي الأستاذة تيري دي يونك التي كتبت دراسة عميقة وهامة بعنوان «سميح القاسم وتحديث الجناس» حيث نظرت في تحديث الجناس العربي في قصيدتي، وبهذا لفتت نظري إلى مسألة كنت أعيشها دون أن أنتبه لها، وهي مسألة المحاولة المستمرة لتكوين حداثة على أسس تراثية أصيلة، حداثة لا تتنكر للماضي، ولا تتقزم أمام حداثة الآخر الغربي أو الأجنبي، لكن تكون ذاتها من خلال التجربة في سياق عملية الكتابة وبالرجوع بقدر كبير من الحب والحنين إلى مقومات فنية متوفرة في تراثنا بشكل ملحوظ..
l في شعرك دراما.. لنقل هناك إصرار على محاورة الذات الخارجة عن الذات الشاعرة، أي ذات المتلقي.. هذا يشدّ السامع أو القارئ؟؟
ll آمنتُ دائماً بأن الدراما هي عنصر جوهري وأساسي في العمل الشعري، وقد يعود ذلك إلى بدايات ثقافتي الشعرية، قد يعود ذلك مثلاً إلى مغني الربابة الذي سمعته في بيت جدي، وتتبعت أداءه عبر وجو الحضور.. أيضاً أنا أحب المسرح، وقد كتبت المسرح من وقت لآخر. فمن الطبيعي أن يكون العنصر الدرامي قائماً، وهي مسألة أشار لها معظم النقاد الذين كتبوا عن تجربتي.. نعم إنه شديد الحضور في قصيدتي.. والعنصر الدرامي حتى في صيغة المونولوج يفترض ويستدعي الآخر..
l ألاحظ أن قارئك ومستمع شعرك يعيش فسحة الشعور بأنه كاتب القصيدة، مشارك في صياغتها، كأن القصيدة تنبع منه هو.. ألا تطرح هذه النقطة تساؤلاً؟؟..
ll أنا معك في ذلك.. هنا تدخل نظرية التقمص.. وهي نظرية بدون شك تنبع من خلال تراث الموحدين وقد كان لي أن نشأت في بيئة مدهشة في تنوعها وتعدديتها.. نشأت بين جد فقيه علامة في شؤون الدين وجد علماني حداثي بشكل متطرف.. في الحقيقة في طفولتي عايشت مناخات وأجواء متعددة ومدهشة في رحابتها وفي ثرائها، وهذا بطبيعة الحال انعكس أيضاً في تجربتي، وهذا ما ساعدني بعض النقاد على رؤيته من أنني أستفيد كثيراً من الرموز الدينية القرآنية والتوحيدية والمسيحية وحتى من البوذية ومن ديانات قبائل الإنكا.. قصيدتي بالطبع لا تستطيع أن تكون إلا علمانية كصاحبها، لكن لم تجد هذه القصيدة غضاضة في وجود هذا التداخل، هذا التنوع الجميل في رأيي بين القرآن الكريم وأبي ذر الغفاري وكارل ماركس وابن خلدون.. جمعت ما يبدو مجموعة من التناقضات، لكن هذه التناقضات وجدت صيغة من التناغم، من التعايش، من خلال تجربتي..
l هناك شعراء يتحولون إلى رمز، أنت واحد منهم..
ll لايتحول الشاعر إلى رمز إلا من خلال قصيدته.. في الحقيقة الشاعر يستفيد من «قصيدته» في هذا.. الحضور الأساسي للقصيدة وليس للشاعر.
l ربما أشير هنا إلى هذا التواصل والتماهي الحميم بينك وبين الجمهور.. ومن ثم فالشاعر هو صاحب القصيدة؟؟..
ll أولاً أنا سعيد بهذا التواصل الحميم بين قصيدتي والجمهور.. وهذه المشاركة تنجم أيضاً عما يجوز تسميته بالتماهي بين ذاتي وذات الآخر.. هناك شيء من التماهي لم أخطط له.. لكن كما يبدو من ردود الفعل على هذه القصيدة يبدو أن هناك تماهياً إنسانياً ووجدانياً وفكرياً أيضاً بيني وبين عدد كبير من الناس..
l في سنوات مضت اعتبرت غزيراً في نتاجك، ثم بدأت في الإقلال والتأني.. برأيك ما هو سبب التحول إلى الإقلال؟؟
ll أعتقد أن هناك خطأ بصرياً في الشطر الأول من عمري، ربما كنت أكتب القصائد بالمقاييس العادية وبتوهج الشباب.. كل قضية تصادفني تتفجر من خلال قصيدة.. بمرور الزمن تصورت لدي صيغة السربية أو المطولة حيث ظهرت سربيتي الأولى «إرم» لكن لم أعتمدها شكلاً أساسياً إلا في العقدين الأخيرين.. وهذا الشكل من المطولات الشعرية السربيات التي تقوم على التداعي ولا تقوم على وحدة الشكل، تقوم على تعددية الحالات واللمحات والإيقاعات والأشكال، لكن ينتظمها هاجس واحد أساسي من بدايتها حتى نهايتها مع تشعبات واستطرادات كثيرة في الشكل وفي المضمون وفي الصور. هذا هو الشكل الذي أسميته بالسربية والذي كما يبدو استراح له عدد من الشعراء، من أصدقائي الشعراء، ومنهم شعراء كبار تبنوا هذا الشكل وكتبوا به.. لذلك أصبحت عناويني أقل غزارة.. لكن العمل الشعري حافظ أو ربما صعد من وتيرته..
أقرأ هنا في كتابك الشعري الجميل:

تقدموا.. تقدموا
كل سماء فوقكم جهنم
وكل أرض تحتكم جهنم
تقدموا..
يموت منا الشيخ والطفل
ولا يستسلم
وتسقط الأم على أبنائها القتلى
ولا تستسلم..
تقدموا..
بناقلات جندكم..
وراجمات حقدكم
وهددوا..
وشردوا..
ويتموا..
وهدموا..
لن تكسروا أعماقنا
لن تهزموا أشواقنا
نحن قضاء مبرم..
l من قصيدتك «رسالة إلى غزاة لا يقرؤون».. أسأل: الانتفاضة كتبها سميح القاسم بتميز.. ماأثرها على أدبك بشكل عام، وعلى أدبنا الفلسطيني بامتداده؟؟..
ll هناك نقاد كثيرون بحثوا عن إرهاصات الانتفاضة في قصائدنا، في الشعر العربي الفلسطيني، وألمحوا إلى مقاطع وإلى أبيات وإلى قصائد كأنما بشرت بالانتفاضة وحرضت عليها، وهذا اقتراح مشروع ومبرر عند الناقد.. لكن الانتفاضة الأولى لم أكن مراقباً فيها بل أتيح لي أن أشارك في بعض فعالياتها. لذلك قصيدة «رسالة إلى غزاة لا يقرؤون» كانت من قلب الحدث وعرفت بشكل واسع..
l أعتقد أنها قصيدة الانتفاضة، وأنها أول قصيدة عن الانتفاضة؟؟
ll كانت أول عمل شعري متكامل كتب في قلب الانتفاضة، وبدأت إيقاعاته على إيقاع قنابل الغاز والرصاص المطاطي والشظايا التي كانت تتطاير من حولي في القدس.. إيقاعاتها بدأت هناك.. أخذت إيقاع الشارع وإيقاع المظاهرة ورائحة الغاز المسيل للدموع التي دخلت رئتي.. كأنما كل هذه الأمور كتبت نفسها في هذه القصيدة.. رغم البساطة الظاهرية والمباشرة الفنية الموجودة فيها دون شك..
l إنها من نوع الشعر الذي نطلق عليه تسمية السهل الممتنع؟؟
ll قد تكون تسمية السهل الممتنع هي التسمية الأدق نعم.. بحيث يعتقد كل قارئ أنه يستطيع أن يكتبها، ولكن اكتشفت أنا شخصياً أنني لا أستطيع أن أكتبها مرة أخرى.. لا أستطيع أن أكتب مثلها مرة أخرى.. هذه القصيدة لم تكن من خارج الانتفاضة، بل كانت من داخلها وكانت إيقاعها وكانت لحمها وكانت دمها، لذلك بقيت وترددت كثيراً.. هي قصيدة الانتفاضة بالفعل.. في كل أمسية شعرية أطالب بقراءتها، أحياناً أشعر بضيق، أريد أن أقرأ شيئاً جديداً مختلفاً، ويصر الجمهور على قراءتها.. أحياناً أدعي أنها ليست معي لأتهرب..
l لكن لا تنسى أن الجمهور صار يحفظها.. فهو يردد معك ما تقرأ حين تقرأها..
ll نعم حين أقرأ هذه القصيدة يرددون معي.. نعود لشعر الانتفاضة بشكل عام.. ليس بالضرورة أن كل ما يكتب عن الانتفاضة هو شعر جيد، وليس بالضرورة أن يكون الموضوع العادل والجميل والجيد كافياً لتبرير قصيدة. هناك قصائد جيدة كتبت عن الانتفاضة، وهناك قصائد رديئة كتبت عن الانتفاضة. الانتفاضة تحولت إلى هاجس ليس في الشعر الفلسطيني فحسب بل في الشعر العربي ككل، لأنها تحولت من حدث سياسي إلى هم قومي ووطني وإنساني.. فوجئت في بلجيكا بشاعر يقرأ لي قصيدة عن الانتفاضة باللغة الفرنسية، فوجئت بألمانيا بشاعر ألماني يقرأ لي قصيدة عن الانتفاضة بالألمانية.. فوجئت في أكثر من بلد أجنبي بشعراء وشاعرات كتبوا قصائد بعنوان «انتفاضة» لفظ الكلمة بالعربية وبحروف أجنبية..
l قد أقف هنا عند نوع من الأدب الإسرائيلي الذي كتب عن الانتفاضة.. ماذا نقول عن هذا الأدب أو هذا النوع؟؟
ll ليس لدي قدر كاف من العنصرية بحيث أنفي الصدق عن كل ما كتب، قد يكون هناك شاعر عبري شعر بالفعل بالإهانة من تصرفات دولته وجيشه وشرطته واستفذ وكتب قصيدة صادقة، قد يكون ذلك.. لكن على العموم تظل الكتابة العبرية بمعظمها نوعاً من تبرئة الذمة، تسجيل موقف، ولم يزل هناك وقت حتى يتحول الإنسان الفلسطيني والإنسان العربي إلى هم حقيقي أو إلى نقطة قلق عند الكاتب الإسرائيلي.. ما زال يكتب بفكره وبآرائه وأشك في أن يكون الإنسان العربي قد تحول إلى هم وجودي عند الكاتب العبري..
l قيل الكثير عن الأدب المقاوم، لن أدخل في التوصيفات الجاهزة.. لكن هناك من رأى بشيء من الغباء ربما أن الأدب المقاوم كله سيطير بنفخة حين يحل السلام.. أصر على أنه رأي عجائبي.. لكن هنا أريد أن أسألك ماذا تقول عن هذا الأدب حاضراً ومستقبلاً؟؟.
ll لنقل لهذا الرأي العجائبي أولاً ليسترد شعبنا حقوقه وليطر أدب المقاومة في الهواء!!.. نحن لم نطلب النكبة ولم نطلب النكسة ولم نطلب الكوارث لنقاومها ولنكون شعراء مقاومة.. وثانياً نحن لم نطلق على أنفسنا شعراء المقاومة أو أدباء المقاومة التسمية أطلقت علينا من الخارج ونعتز بهذا اللقب، وأولئك الذين يقفون هذا الموقف من أدبنا هم محرجون، نظروا لنوع آخر من الأدب ولم تقدم نظرياتهم إبداعاً استحق الحياة أو استحق الوجود، بالمقابل ظهرت ظاهرة شعرية وأدبية أقبل عليها الشعب العربي والقارئ العربي وعانقها وأحبها واحتضنها وحفظها عن ظهر قلب، لذلك اعتبروا هذا الأدب كأنما هو صخرة تحطمت عليها أمواجهم وتطايرت عليها رذاذاً.. أنا مع تعايش التجارب الأدبية، ليبدع كل من شاء كيف شاء، لا أضع مواصفات للشعر ولا للنثر ولا للنقد، أقول قصيدتي كما يقولها زملائي، بتجربتنا، بطاقتنا الفنية، بوعينا وبوجداننا، ونتابع الحياة كما ينبغي أن نتابعها، ولكن كما يبدو فإن السلام والحرب معاً لا يستطيعان محو وجدان شعب وذاكرة شعب، نرجو أن تنتهي الانتفاضة إلى نصر وألا يضطر شعبنا إلى الانتفاض على الاحتلال طبعاً من خلال زوال الاحتلال.. لكن أعتقد أن جمهور الشعر العربي سيحن دائماً إلى نماذج كثيرة من شعر الانتفاضة وسيحفظها عن ظهر قلب بمثل ما يحفظ صورة جده وجد جده، مضى الأجداد من العالم ومازالت صورهم في قلوبنا وفي منازلنا وفي دفاترنا وفي مكتباتنا، لذلك أعتقد أن التعامل النقدي مع هذه التجربة يجب أن يكون أرقى وأكثر صدقاً وبعيداً عن العقد الذاتية والإحباطات والشعور بالقزامة أمام هذه التجربة أو تلك..
l حبك للتجديد واضح جلي في شعرك ونثرك.. ما مفهومك للتجديد من جهة وللحداثة من جهة أخرى؟؟..
ll أنا بطبعي ملول، هذا ينعكس على تجربتي.. لا أحب التكرار، أحب المغامرة الفنية وأمارسها على مزاجي وبكامل حريتي وأحترم حس الآخرين بالمغامرة الفنية.. لذلك من الطبيعي أن يلتقي في تجربتي المناخ الكلاسيكي بالمناخ الحديث، السريالية بالواقعية الاشتراكية.. هذه شخصيتي في الحياة..
l أخيراً أنت من الأسماء القليلة جداً التي عرفت بشكل واسع لتكون نجماً.. أسأل ما تأثير النجومية على شعرك وأدبك.. ألا تشعر بأن حب الناس يحاصرك ويطالبك بالمزيد دائماً؟؟..
ll تسمية النجومية تسمية من خارجنا.. أما تأثير هذه «النجومية» ـ أصر الشاعر سميح القاسم على وضعها بين قوسين ـ فربما لاشيء، فهي لا تؤثر على القصيدة وعلى السلوك الشخصي.. برأيي فقط الإنسان الضعيف، ضعيف الشخصية، تسكره النجومية وتفقده القدرة على الاتزان.. الأمر الأساسي عندي هو هذا الاكتشاف الجميل لأصدقاء لقصيدتي، في كل مكان أذهب إليه هناك أصدقاء محبون أوفياء لهذه القصيدة وهذا عزائي الوحيد..
وتبقى القصيدة طائر العمر ونسمع من الشاعر القاسم:
هلا .. يا هلا
إلى عرسنا .. أولاً ..
إلى شمسنا .. أولاً ..
إلى قدسنا .. أولاً ..
هلا .. يا هلا ..
بأبيض
أسود
أخضر
أحمر
طعام الشهيدة يكفي شهيدين
والله أكبر
الله أكبر
الله أكبر..
البداية

ضيف الحلقة
الشاعر سميح القاسم

أحمد علي الزين: لا أعرف من أين أبدأ كي أصل, الآن هنا وليس لديّ خريطة كما يفعلالسائح، أو كما يفعل عالم الآثار، ولست مستشرقاً أبحث عن مصادر اللغات القديمة،ولست مستوطناً حملته الوكالة بين البضائع المشحونة من الغرب تكفيراً عن ذنب. أذكركأني عبرت هذه الحدود مرة إلى الجليل, أو أنّ أبي فعل ذلك ليفي بنذر أو أمانة أو فيمقايضة الزيت بالحرير، الآن هنا الشجر الدهري دليل قاطع على أنّي لم أضل الطريق, وإن عملت أيادٍ سود على إبادته ومحت معالم الدرب والقرى, الآن هنا ولكن أمام الشريطكأني أبحث عن ظلّي في يومٍ غائم, كان ينبغي أن نلتقيه هنا في بيته, ولكن هذا يستدعيأن نبدأ كل شيء من جديد, أن نمنع مثلاً حدوث "سايكس بيكو" أو أن نستهلّ أعمارنا منالبداية ونمنع رسم الحدود، ونعترض سفن الوكالة، وجيوش الغزو، أو أن ننتصر ولو فيحرب واحدة أو أن تكون الخسارات أقل فداحة, ولكن كلّ هذا لم يحدث فكان أسهل عليهقليلاً أن يقوم بزيارة لأهله على الضفة الأخرى خارج البلاد. أستاذ سميح القاسمبدايةً لمنع الالتباس فقط إنّو هذه العكازة التي تتكئ عليها هي مش نتيجة للزمنووطأة العمر, أتت نتيجة حادث مرور على ما أعتقد.
القصيدة عكّاز الروح
الشاعر سميح القاسم: نعم نحن نقول العصا لمن عصى, لكن هذه العصا بالذات هي نتيجةلحادث طرق صعب، لكنه أقل صعوبة من حوادث التاريخ التي يتعرض لها الشعب والوطنوالأمة في هذه المرحلة. والتي تستدعي عكازاً من نوع آخر, عكازاً سرياً ربما هو عكازالروح.
أحمد علي الزين: عكاز الروح كلام جميل, وهذه العكاز.. يعني عكاز الروح هيالحافز اللّي بتخليك تصرخ على طريقتك عبر القصيدة؟
الشاعر سميح القاسم: لعلّالقصيدة هي عكاز الروح.
أحمد علي الزين: لعل القصيدة هي عكاز الروح, يعني لازمنسألك مثل ما بيسألوا الغيّاب بعضن, إنه كيف تركت فلسطين؟
الشاعر سميح القاسم: المألوف هو الإجابة بالقول: بألف خير, لكن لا أحب مجاملة المألوف, لأنّ المألوف فيغاية التعقيد والصعوبة, لسنا بخير في هذه الأيام, وتعلمون أنّ شعباً عربياً بأسرهيتعرض للاجتياح والقتل والدمار والقمع لا لسبب سوى أنّه يشتهي ما يشتهيه كل إنسانمن معاني الحرية, والكرامة الوطنية, والقومية, وحقوق الإنسان, والديمقراطية, والعدالة التي يتغنّى بها أعداء شعبنا, وأعداء جميع الشعوب.
أحمد علي الزين: يعني بدايةً سميح القاسم عبر الحدود إلى البيوت العربية, عبر القصيدة اللّي مابتستدعي جواز سفر، الناس بيعرفوك شاعر المقاومة شاعر فلسطين شاعر القضية، يعني حبذالو نعرف الوجه الآخر لسميح القاسم يعني البدايات الأولى اللّي هي بلشت قبل النكبةالأولى قبل 48 يعني كيف أتيت إلى هذه الرحلة الطويلة؟
الشاعر سميح القاسم: أريدأن أوضح قلقي وعدم ارتياحي لوضعي في خانة إقليمية ضيّقة، أعتز بأن أكونَ كما ذكرت.. تفضلت شاعر فلسطين, وشاعر القضية, والمقاومة, لكن حين تعود إلى أعمالي الشعريةستكتشف أنّ وجعي ليس إقليمياً, ليس فلسطينياً فحسب لدي وجعي اللبناني ووجعي العراقيووجعي
أحمد علي الزين: الإنساني.
الشاعر سميح القاسم: القومي ووجعيالإنساني أيضاً. إذاً اسمحوا لي أن أحتج أيضاً على مفاهيم سايكس بيكو فيالثقافة.
أحمد علي الزين: الصورة يا ابن عمي عاجزة أن تجعلني أهتدي إلى البيوتثم الصورة اليوم غيرها القديمة في حقيبة الشتات الآن هنا أعيد الشريط من أولهوذاكرتي من أولها أعيد التأمل في الطريق نحو أهلي القدماء نحو موطئ الأنبياءوالرعاة ولا أصل إلا في الكتاب ولو وقفت على قمة جبل متاخم لمرمى الحدود مشرفٍ علىغابة الزيتون على ظل فتى لاستطعت المقارنة بين الصورة والأصل وتعلم ليست بعيدةالبلاد التي حفظناها في قرانا النائية ولكن رغم ذلك لم أصل.
أحمد علي الزين: بكونك عشت التجربة بكل آلامها..
الشاعر سميح القاسم: نعم.
إسرائيلي والحق على العرب
أحمد علي الزين: وبكل أوجاعها يعني هذا يستدعيني أو بحفزني أسأل سؤالاً آخر هوالازدواجية بكونك مستلب الهوية الحقيقة، هويتك الحقيقية، وتحمل جنسية أخرى تعبر بهاالأمكنة يعني على ما أظن أنك تعيش آلام هذه الازدواجية كيف تغالب هذه الآلام؟
"هويتي لايقررها مجلس وزراء أو شرطة أو وزارة داخلية وكما قلت مراراً جواز سفري هو قصيدتيوهويتي غير قابلة للحوار وللنقاش وللمساءلة "
الشاعر سميح القاسم: ستكون إجابتي مستفزةبعض الشيء فاعذروني كنت أتمنى على 300 مليون عربي أن يكون لديهم وضوح الهوية الذيأتمتع به، هويتي لا يقررها مجلس وزراء أو شرطة أو وزارة داخلية وكما قلت مراراًجواز سفري هو قصيدتي وهويتي غير قابلة للحوار وللنقاش وللمساءلة أنا ابن هذه الأمةوابن هذا الوطن، أرفض التجزئات المفتعلة، أرفض مشروع سايكس بيكو في السياسة، وفيالجغرافية، وفي الثقافة، وفي الفكر، وفي كل شيء، وأرفض محاولات تغريبي الفكريوالروحي، ومحاولات محو ذاكرتي العربية الفلسطينية والمقدسية إذا شئنا، لكن هذاالصراع يظل في السياسة يظل خارج الروح والوجدان، لن تقوى أية قوة غاشمة وظالمةخارجية وداخلية على محو هذا الالتحام العميق والأصيل، والعفوي بين جسدي وروحي ووطنيوأمتي، وإنسانيتي، والهوية التي تحركني وأحتمي بها وتحتمي بي أحياناً.
أحمد عليالزين: ولكن هو أنا مش اتهام أنك تحمل يعني جنسية إسرائيلية؟
الشاعر سميحالقاسم: نعم أنت تتعاطف معي أنا أعرف..
أحمد علي الزين: مش اتهام ولكن مجبر أخاكلا بطل، ربما الخيار الآخر أنك تترك وتغادر ربما يكون أكثر مرارة وشفنايعني..
الشاعر سميح القاسم: نعم أنا رفضت وتعلمون أني رفضت بأي شكل من الأشكالأن أغادر وطني وبصراحة مُتناهية لو خيرت بين أن أدمغ على جبيني وعلى أي مكان منظهري بنجمة داود، وبين البقاء في الوطن فسأبقى في الوطن مدموغاً ولن أغادر الوطنلأن الفيزياء السياسية والتاريخية لا تقبل الفراغ أيضاً ورحيلي يعني استقدام قادمجديد من روسيا أو من أثيوبيا أو من أي مكان آخر ولدي وطن جميل وقرية *************** وبيتأيضاً يطل على البحر المتوسط وعلى بحيرة طبريا فلا أستبدل هذا البيت بالبيت الأبيض،وبيتي هو أبيض لكنه أصغر من البيت الأبيض في واشنطن لكني لا أستبدل هذا البيت بأيمكان في العالم.
أحمد علي الزين: طيب يعني هذا الوعي المبكر عندك يعني هذا الوعيهو أتى نتيجة ضرورة كفاحية أنه بقاءك داخل الأرض المحتلة مُجدي أكثر منغيابك؟
الشاعر سميح القاسم: حين حدثت النكبة كنت في الثامنة أو في التاسعة منالعمر، لكن الذي فتحوعيي على هذه المسألة كان أحد أجدادي الذي قال لابنه المحاميالقادم من دمشق للترحيب بالعائلة حين تذهب إلى دمشق قال له والده الشيخ المرحومحسين علي أسعد الحسين أنا أعتز بهذا الشخص قال له موت في الوطن ولا حياة فيالغربة.
الشاعر سميح القاسم:
حمامٌ مقيمٌ على سطح داري
غمامٌ جديدٌ علىشُرفات النهارِ
سلامٌ على غضب العمرِ
يوماً فيوماً وشهراً فشهرا وعاماًفعاماً
سلامٌ على قرحتي وليالي انتظاري
سلامٌ على نكبتي وعلى نكستيوانكساري
سلامٌ على فرحتي بانتصاري
بخفق الخطى العائدات إلى البيت
فيتعتعات الطريق وعزف المسار
وبعد المزار
أحمد علي الزين: الآن هنا لا بأس سأتخيل أنني عبرت الحدود في نهار ربيعي تسللتبين الشجر، تماهيت بظله استعنت ببعض القصائد والحكايات التي حفظناها صغاراً فيالصباحات النائية، وببعض خرائط الثوار القدماء سأتخيل أنني في الطريق تلتبس عليّاللغة ويلتبس عليّ صوتي حين أسأل العابرين أو أتخيل ذلك، أسألهم عن سور قديم وبيتوشرفة وشجرة ياسمين. أعلم أن الصور القديمة التي حُملت في حقائب الشتات هُدمتقاماتها الأصل ولكن تقول لي قامات أهلها وإن حنا بعضها أمام الزمان تميل نحو ترابهاالأحمر وجذورها المتفرعة تحت الصخور. أما الصورة الأكثر غوراً في القلب والوجدان هيتلك الجموع التي تودع الجموع على الأكف إلى ترابها وتعود لتعيد بناء البيت وغرسشجرة الود للوليد القادم أما الحكمة تقول مجنونة هي الجزيرة التي تعادي المحيط.
ثمن البقاء في الأرض
أحمد علي الزين: أستاذ سميح يعني نتيجة هويتك أو الجنسية اللي بتحملها يعنيمفروض تقوم ببعض المساومات أو بعض التنازلات يعني حتى تكون حياتك يعني أقلمرارة؟
"أختار البقاءفي الوطن أنا على استعداد لدفع الثمن الكامل مُقابل هذا البقاء، وأنا أنتظراللاجئين أنتظر المُشردين ولا أريدهم أن ينتظروا "
الشاعر سميح القاسم: اصطدمت ببعض الحالاتفي بعض الأقطار العربية مثلاً بذريعة أن استضافتي في هذا البلد أو ذاك يجب أنتسبقها إجراءات للالتفاف على جواز السفر الرسمي أو الأوراق الثبوتية الرسمية، لكننيدائماً أصر على رفض هذا التوجه، هذه الحالة الاستثنائية لم أخترعها أنا، فُرضت عليّوأنا أحمل أشقائي العرب مسؤولية كبيرة فيما أصاب طفولتي وأرفض أن يزاود عليّ أحدأرفض رفضاً قاطعاً أن يزاود عليّ أحد من المحيط إلى الخليج، أنا أختار البقاء فيالوطن أنا على استعداد لدفع الثمن الكامل مُقابل هذا البقاء، وأنا أنتظر اللاجئينأنتظر المُشردين ولا أريدهم أن ينتظروا.
أحمد علي الزين: جميل، طيب السلطاتالإسرائيلية وقت يعني إذا أردت أن تغادر إلى مكان ما، أحياناً تتدخل أو تمنعك يمكنحدث ذلك أكثر من مرة منعتك؟
الشاعر سميح القاسم: نعم، نعم منعت مثلاً من زيارةلبنان وخيرت بين أن أزور لبنان وأبقى في لبنان في أحد المخيمات في لبنان، وبين عدمالسفر فاخترت عدم السفر أُجبرت على عدم السفر إلى لبنان لأن المسألة وضعت أماميبهذا الشكل إذا سافرت فلا يوجد لك مجال لك بالعودة.
أحمد علي الزين: وشو خشيتهمكانت؟
الشاعر سميح القاسم: يخشون التواصل شكلاً خاص ليس مع جميع الآخرين ربمابشكل خاص.
أحمد علي الزين: مع اللبنانيين؟
الشاعر سميح القاسم: مع لبنان معسوريا مع الأردن مع بلاد الشام التي هي بيئتنا الطبيعية وهي امتدادنا الإنساني هذهالتجزئة المروعة التي فرضتها جريمة سايكس بيكو والتي نتواطأ نحن معها إلى يومنا هذانحن نتواطأ مع السفاح والمجرم ومع العدو نتواطأ ببشاعة وبفظاعة لا توصف لكن التواصليتم، يتم التواصل لأن الانتماء القومي والإنساني كالريح وكالماء وكالنار يجد لهمنفذاً بشكل أو بآخر لابد من ذلك.
مع الحزب الشيوعي الإسرائيلي
أحمد علي الزين: أستاذ سميح بتجربتك الموازية لتجربة القصيدة كان عندك تجربةحزبية عملت بالشأن السياسي.
الشاعر سميح القاسم: نعم.
أحمد علي الزين: كنتبالحزب الشيوعي.
الشاعر سميح القاسم: نعم.
أحمد علي الزين: الحزب الشيوعيالإسرائيلي.
الشاعر سميح القاسم: نعم.
أحمد علي الزين: يعني هذه التجربة كنتفي موقع قيادي على ما أعتقد؟
الشاعر سميح القاسم: نعم.
أحمد علي الزين: يعنيتلك التجربة ماذا حققت على أرض الواقع اليوم؟
الشاعر سميح القاسم: نعم، فكري منتربيتي ربما المنزلية ومن ثقافتي هو فكر قومي أممي. وهي خلطة تبدو غريبة بعض الشيءأن تكون عروبياً معتزاً بعروبتك، وأن تكون في الوقت نفسه إنساناً كونياً. هذه هيثقافتنا. وحتى أتحرك سياسياً حتى أشارك في مسيرة أو في مظاهرة أو في اعتصام أو فيمواجهة لا.. كان لابد من إطار قياسي منظم والإطار الوحيد المعادي للصهيونية الذيأُتيح لي آنذاك كان الحزب الشيوعي وبالمناسبة أنا أعتز بهذه المرحلة أعتز بهاكثيراً، رغم أنني لعقدين من الزمن أو أكثر لست حزبياً أنا مُستقل، لكنني أعتزبمرحلة الانتماء لهذا الحزب الذي قاد كفاح الجماهير العربية حمى اللغة العربية منالضياع، حمى ثقافتنا، حمى ذاكرتنا، وكان الإطار الأول الذي شكل لجان الدفاع عنالمقدسات الإسلامية والسنية والدرزية والشيعية والمسيحية في بلادنا وادعاءاتالتكفير والتخوين المنحطة التي توجه إلى هؤلاء الأبطال مرفوضة عندي رفضاًقاطعاً.
أحمد علي الزين: يعني داخل الحزب الشيوعي آنذاك كان فيه أعضاء يهودإسرائيليين..
الشاعر سميح القاسم: نعم، نعم.
أحمد علي الزين: ولابد من سجالاتكانت تدور بينك وبينهم..
الشاعر سميح القاسم: نعم، نعم.
أحمد علي الزين: يعنيبأي حدود كانت تلك السجالات؟ يعني هل هم أولئك هل هم مضللون بالادعاءات ادعاءاتالنصوص ادعاءات الصهيونية.
الشاعر سميح القاسم [مقاطعاً]: الله يطعم الأمةالعربية مضللين كهؤلاء.
أحمد علي الزين: نعم.
الشاعر سميح القاسم: أيمضللين؟
أحمد علي الزين: أسأل..
الشاعر سميح القاسم [متابعاً]: كانوا ضدالصهيونية بشكل جليّ، وأول محاولة اغتيال سياسي في الكيان العبري تعرض لها مايرفيلر زعيم الحزب الشيوعي الإسرائيلي قبل رابين وقبل سواه. أول محاولة اغتيال سياسي. هؤلاء مناضلون شُركاء ونعتز بتاريخهم وبنضالهم ولنذكر دائماً أننا لسناعنصريين.
أحمد علي الزين: يعني بتقديرك عايش أنت بقلب الصورة وعايش بقلب القضيةمنذ 65 سنة.
الشاعر سميح القاسم: لا، منذ عشرين، وعشرين، وخمس وعشرين.
أحمدعلي الزين: كيف، كيف فينا نقرأ أو كيف تقرأ صورة المستقبل داخل الأرض المحتلة؟
"الحقبةالذهبية في تاريخ اليهود هي حقبة اليهود في كنف العرب والمسلمين، العصر الذهبياليهودي في الفلسفة وفي الفكر وفي الثقافة وفي الدين هو العصر الأندلسي، تحت كنفالعرب والمسلمين "
الشاعر سميح القاسم: أولاً بالنسبة للسياسةجورج أرويل كاتب لا أحبه لكنني أتفق معه في قوله عن القرن العشرين نحن نعيش في قرنسياسي. أما بالنسبة لمصير إسرائيل هناك ضرورة لتجزئة مسألة المصير: مصير ناس همالإسرائيليون، ومصير إطار هو الدولة العبرية. أعتقد أنه على مستوى مصير الناساليهود لدينا إجابة واضحة عبر مئات السنين عبر التاريخ كله، ونستعمل هذا الكلام فيحوارنا مع المثقفين الإسرائيليين أيضاً نقول لهم دائماً أن الحقبة الذهبية في تاريخاليهود هي حقبة اليهود في كنف العرب والمسلمين، العصر الذهبي اليهودي في الفلسفةوفي الفكر وفي الثقافة وفي الدين هو العصر الأندلسي، تحت كنف العرب والمسلمين. ونحننقول لهم دائماً أفران الغاز ليست عربية وليست مسلمة. المذابح، المحارق، اللاسامية،الفاشية، النازية، هذه الكوارث التي تعرضتم لها لم تكن من صنعنا نحن. عليهم أنيختاروا بين الاحتلال والعنصرية والتنكر لحقوق الشعب العربي الفلسطيني والأمةالعربية وبين الزوال. الاستمرار في مواجهة هذه الأمة سيعني زوالهم لن يعني بأي شكلمن الأشكال زوالنا نحن، ونذكرهم دائماً بالمثل الصيني الذي يقول مجنونة هي الجزيرةالتي تعادي المحيط.
أحمد علي الزين: الكثير من الأسئلة تخطر بالبال عندما يلتقيأحدنا بقادم من الأرض المحتلة. فكيف إذا كان هذا القادم سميح القاسم؟ الشاعر الذياختار مرارات البقاء في البلاد على مرارات الشتات، والذي وصل صوته قبله بعشراتالسنين إلى البيوت العربية. وشكل حالة ثقافية بموازاة التجربة بشقها النضاليوالسياسي. الكثير من الأسئلة تخطر في البال ربما هو الشوق للتعرف أكثر على أرض سكنتالوجدان بأهلها وعلى شاعر فتح نافذته للصباحات والأمل هي الرغبة في تلمس بعض ملامحالدرب نحو المصير والمستقبل بعض هذه الأسئلة سنتابعها مع سميح القاسم إنما في زيارةمعاكسة.
البداية

القاسم بين الشعر والسياسة
مقدم الحلقة: بسام القادري
تاريخ الحلقة: 30/10/2004
بسام القادري: مشاهدينا السلام عليكم وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج أوراق ثقافية في هذه الحلقة نلتقي وإياكم مع شاعر كبير حمل روحه على كفه من أجل بلاده وفي انتظار طائل الرعد ظل الشاعر يغني منتظرا فجر الحرية والتحرر الذي طال كثيرا، أنه الشاعر العربي الفلسطيني سميح القاسم كتب القاسم ما يزيد على الخمسين كتابا ما بين ديوان شعري ورواية ومسرحية وغيرها من دروب الإبداع التي أصابها القاسم بصاعقة إبداعه وفي إبداعاته كلها ظل القاسم مشدودا إلى فلسطين دون سواها مُغنيًا تاريخها وحقولها أرضها وسماءها أطفالها وشهداءها دون أن يتخلى عن فنية قصيدته التي حملت القضية الفلسطينية إلى العالم بأسره لتصبح جزءا من ضمير هذا العالم كقضية شعب مكافح يحمل السلاح بيد والكتابة أو القصيدة بيد أخرى.
الراهن الفلسطيني واليقين الشعري
سميح القاسم: الآن يغطس عرشك المائي أمواج من الظلمات تغمر بهجة الأعياد.. تقترب الملوحة من قباب الملك.. تغرق غابة أخرى.. تغيب القمة الخضراء في أوكيانوس الظلمات.. تفغر جوفها الأعماق.. تقبل شهوة الحيتان.. يهرع من مكامنه السحيقة.. يهرع من مكامنه السحيقة.. موكب السرطان.. ينشر إخطبوط اليأس أذرعة مدربة.. ويا مولاي في شرك مميت أنت.. في شرك مميت أنت.. في شرك مميت تختفي المدن الكثيفة والقرى المعزولة الثكنات.. أبراج المعابد والمصانع والحدائق.. تختفي الأشجار والطرق المعبدة الموانئ والمقاهي.. وتظل ربانا على برج السفينة.. رافعا كفيه صوب يد الإله.. تتلاطم الأمواج حولك.. يستعد القاع للحفل للكبير.. والماء يصعد أنت تهبط.. تختفي قدماك.. ربانا بلا قدمين.. يعلو الماء.. ربان بلا ساقين.. يعلو الماء تهبط أنت.. سرتك احتفاء الأهل.. بالطفل الجديد على السرير.. وسريرك المائي يغطس.. تختفي كتفاك تحت الماء.. يهبط رأسك المائي.. يسبح شعرك المائي.. في ماء بلا حد.. على ماء بلا حد وروحك عائد للماء .. فوق الغمر يطفو.. يستعيد الله آياته القديمة.. وتغوص في القيعان اطلانتس.. وتغوص في القيعان اطلانتس.. يغوص الملك في الظلمات.. أنت تغوص في القيعان.. في أحلام يقظتك الوخيمة.. وتغوص أسرار الجريمة.. وتغوص أسرار الجريمة.. وتغوص أسرار الجريمة.
بسام القادري: سميح القاسم سأبدأ هذا اللقاء من حيث انتهيت في قصيدتك، لنبدأ من الراهن الفلسطيني رئيس محاصر قيادات مستهدفة بشكل دائم اغتيالا وسجنا وشعبا يكاد يفقد آخر ما تبقى له من فسحة الأمل سميح القاسم كيف تنظر إلى الصورة في فلسطين حاليا؟
" اغتيال القياديين ومحاصرة الشعب والتخريب الروحي والمعنوي والاقتصادي والسياسي، أمور مستمرة فالنتيجة الحتمية هي المقاومة ورفض كل معادلة أخرى تطرح "
سميح القاسم: نحن دائما نبحث عن العزاء في ظواهر الطبيعة من ظواهر الطبيعة مثلا أن حلكة الظلام تشتد في نهاية الليل ونتوقع بزوغ الفجر فلذلك أستعير الطبيعة مرة أخرى لكن لا أكتفي بالعودة إلى الغيبيات وإلى أسرار الطبيعة هناك حقائق تاريخية وتطور تاريخي لا يمكن أن يستمر، الوجع الفلسطيني والنزيف الفلسطيني بلا حدود لابد من نهاية قريبة والنهاية مرهونة بنهاية الاحتلال هذا ما نقوله دائما ما دام الاحتلال مستمرا ما دام القمع والتجريف وهدم المنازل وقتل طالبات المدارس واغتيال القياديين ومحاصرة الرئيس ومحاصرة الشعب بأسره والتخريب الروحي والمعنوي والاقتصادي والسياسي مادامت هذه الأمور مستمرة فالنتيجة الحتمية هي المقاومة، نرفض كل معادلة أخرى تطرح نرفض محاولة تلويث معنى المقاومة بمفاهيم الإرهاب الدولي والإرهاب الإسلامي والإرهاب الفلسطيني نرفض هذا التهريج الإرهابي ونرفض الممارسات الإرهابية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني ويبقى اليقين وهو ليس يقينا شعريا فحسب بل هو يقين تاريخي علمي ثوري مبرر ستنتصر إرادة الشعب العربي الفلسطيني.
بسام القادري: سميح القاسم لنعد قليلا إلى الوراء كنتم ثلاثة شعراء حملتم قضية شعبكم على أكتافكم وتعهدتم بأن تبقوا كالصبَّار في حلق العدو أحدكم غادر فلسطين في مطلع السبعينيات والآخر مات وبقيت أنت العمر الطويل إن شاء الله كيف ترى إلى تلك الصحبة وإلى ذلك المشروع الذي تبنَّى الشعر في مواجهة السيف؟
سميح القاسم: أنا مبدئيا أرفض الحديث عن مشروع شعري لم يكن هناك مشروع، المشروع الشعري يتحقق نتحدث عنه بعد تحققه لكن لا يمكن لشاعر أو لشعراء أن يضعوا مشروعا مسبقا هذا منافي للعملية الإبداعية منافة تامة يعني لا يجوز تصور أن شاعر يقول سأفعل كذا وسأكتب كذا هذا غير وارد بالحسبان والحقيقة أيضا الإحصاء حصر هذه الظاهرة في ثلاثة أسماء أيضا فيه ظلم لعشرات آخرين سبقوا جيلنا وعايشونا.
بسام القادري: من الأقل الأسماء لمعت يعني شعبيا وإعلاميا.
سميح القاسم: نعم أعتقد أن هذا لا يكفي أيضا الوميض الشعبي لا يكفي هناك حركة شعرية عربية داخل الشعب الفلسطيني فيما تسمونه عرب الثامن وأربعين لكنه غير منسلخ عن الحركة الشعرية بين أشقائنا في المنافي وغير منسلخ عن الحركة الشعرية في لبنان وفي سوريا وفي مختلف أرجاء الوطن العربي لذلك أنا لا أحب التعامل مع الثقافة بمنظور إقليمي أو جهوي أو حزبي.
بسام القادري: هنا سميح القاسم لابد أن نسأل عن حال الثقافة العربية بشكل عام وكيف تنظر إليه؟
سميح القاسم: سأكون صريح كالعادة رغم أن ذلك يكلفني باهظا أحيانا فيما يسمى العالم الثالث أنا شخصيا أرفض هذه التسمية لكن يبدوا لي أن الكثيرين من المثقفين بين أقواس تبنوا مقولة العالم الثالث ويتصرفون بعقلية العالم الثالث، العالم الثالث هو سوق للأغذية الفاسدة وللأدوية التي انتهت صلاحيتها هذه مسألة معروفة للأسف الشديد أيضا في الثقافة تتحول ديار العرب إلى سوق لثقافة فاسدة وثقافة انتهت صلاحيتها بمعظمها هي ثقافة تقليد استنساخ لتجارب أجنبية استنساخ متخلف غير مثقف لذلك أنا أرى مقبرة نفايات ثقافية أكثر مما أرى حركة ثقافية.
سميح القاسم وزيرا
بسام القادري: سميح القاسم بحال كلفت أو عُينت وزيرا لوزراء الثقافة العرب ما أول خطوة تقوم بها؟
سميح القاسم: أنت تريد أن تقطع رزقهم سأصرفهم من العمل جميعا بدون استثناء لأن المثقف لا يمكن أن يكون ضابطا في المخابرات أو جزء برغيا من آلة السلطة وتفوز وطاغوت وزراء الثقافة إذا كان لابد من وزراء ثقافة فليكونوا من المبدعين الحقيقيين ليس من الشعراء أنصحكم بالابتعاد عن الشعراء عن توزير الشعراء.
بسام القادري: لماذا؟
سميح القاسم: ربما من الفنانين التشكيليين من الموسيقيين.
بسام القادري: قبل اللقاء المصوَّر أو بدأ التصوير سميح القاسم تناولت معرض فرانكفورت الأخير والذي كان العالم العربي ضيف شرف فيه ويبدوا أن لك مآخذ على المشاركة العربية.
" معرض فرانكفورت الأخير هو سيرك عربي في بلد أوروبي فهذا الأسلوب في التعامل كأنك تفتح سوق خضار ببعض الكتب معظمها تافه تشويه لصورة العربي المسلم "
سميح القاسم: أنا أراه سيرك.. سيرك.. سيرك عربي في بلد أوروبي يعرضنا إلى المزيد من السخرية والاحتقار بدون شك أنا أعرف ألمانيا أعرف الشعب الألماني قرأت كثيرا في ألمانيا ومترجم إلى الألمانية وشاركت في ندوات وحاورت كثيرين من الألمان على امتداد عقود من الزمن هذا الأسلوب في التعامل كأنك تفتح حسبة سوق خضار ببعض الكتب معظمها تافه وقطيع من الشعراء والمغنيين والراقصات والفنانين بهذا الأسلوب أنت تزيد من تشويه صورة العربي وصورة المسلم أيضا في ألمانيا، ماذا فعلت جامعة أنتوني إدن إعدادا لهذا العرض الكبير هذا الشو الثقافي كم من الكتب العربية ترجمت إلى اللغة الألمانية في غضون العام الأخير أو العامين الأخيرين ماذا هيئت الإدارة إدارة الموظفين التي أعدت لهذا المعرض ماذا هيئت لدى الشعب الألماني كم ألبوم لرسامين تشكيليين فنانين تشكيليين عرب قدم للشعب الألماني.
بسام القادري: أنت لم تكن حاضرا هذا المعرض من أين لك بهذا التقييم وهذه الملاحظات؟
سميح القاسم: أنا تابعت أتباع أخبار الفاعليات الثقافية في العالم بما فيها هذه الحسبة.
بسام القادري: لماذا لم تحضر ألم تُدعَى أم أنت رفضت؟
سميح القاسم: لا علاقة لي قلت لك قبل قليل أنا لست موظفا في أي مؤسسة عربية.
بسام القادري: ليس كل من شارك في المعرض هم موظفون يعني؟
سميح القاسم: لا أعرف من شارك ولا يعنيني من شارك تعنيني الظاهرة موظفون يختارون موظفين للمشاركة في فعاليات كما يحدث دائما لا علاقة لي أنا لا أنتمي لدولة لا أنتمي لحزب لا أنتمي لمؤسسة أنا أنتمي لقصيدتي فقط وأتكلم بصفتي الفردية لا علاقة لي لا أعلم مَن شارك ومَن لم يشارك هذا لا يهمني كل موظف يختار موظفيه كما يشاء سمعت لاحقا الصراع كم عدد المصريين كم عدد اللبنانيين كم عدد الفلسطينيين وهو نقاش تافه أيضا ووضيع وإقليمي ومريض ومعادي للثقافة ومعادي للحضارة أن يدور النقاش كم عدد المصريين وكم عدد السوريين وكم عدد هذا النقاش؟
بسام القادري: ذكرت أستاذ سميح.
سميح القاسم: الضحل.
بسام القادري: ذكرت أكثر من مرة بأن هذا الموضوع لا يعنيك وإلى ملاحظات وإلى أخره ولكن الكل متفقون على أن العمل الثقافي هو عمل جماعي يعني الشعر هو جزء من هذا الكل.
سميح القاسم: لا بالنسبة لي أعذروني أنا خارج هذا الإطار بالكامل.
بسام القادري: سميح القاسم أسمح لي هنا بأن أقاطعك ولكن لابد من هذا الفاصل مشاهدينا نعود ونتابع وإياكم ما تبقى من حلقة أوراق ثقافية والشاعر سميح القاسم.
لقاسم يقدم وردة الدم
بسام القادري: البعض يرى أن شعر سميح القاسم ظل تحريضيا كونك بقيت داخل البلاد فيما انفتح أفاق أرحب ولنقل تجريبية أمام العديد من الشعراء غيرك من الذين استطاعوا أن يخرجوا من سجن الاحتلال ورقبته إلى رحابة العالم هل هذا صحيح؟
سميح القاسم: هذه من النظريات المضحكة أيضا وغير المثقفة السائدة للأسف الشديد فيما يسمى الساحة الثقافية العربية، نظرية تافهة وسخيفة وخطيرة أيضا كأنما يقال لي إذا أردت أن تتطور فنيا غادر وطنك وكأن ما يقال لك ولأي شاعر ولأي مبدع عربي إذا أردت أن تتطور هاجر هذه نظرية خطيرة وأنا أرفضها وأعتقد أنني في إطار تجربتي حققت من التطور ما لم يُتح لأي شاعر آخر والدليل عندكم أرجعوا إلى الدراسات النقدية كبار النقاد العرب لتكتشفوا هذه الحقيقة وأنا يعني أشعر بكثير من الاشمئزاز حين أسمع مثل هذا الكلام الذي يعني لي شيء واحدا كأنني أعاقب لأنني بقيت في وطني أنا باقي في وطني ولا تشديد لا يمكن التشديد دون التحام حقيقي بمفهوم الشعب والوطن والإنسان والحرية والإبداع بدون هذه النار لا يوجد إبداع يوجد بلاستيك زهور بلاستيك تبدو أجمل من الزهور الطبيعية لكنها بلاستيك بلا حياة بلا دم بلا ماء بلا رائحة إذا كنتم تحبون زهور البلاستيك لديكم أطنان منها يعني أنا خارج لعبة زهور البلاستيك أنا أقدم وردة الدم.
بسام القادري: ولكن ألم تمنعك المقاومة والانتفاضة من التطور؟
سميح القاسم: أنا أشكر المأساة ماذا تريد أكثر من ذلك أنا أشكر مأساتي لأنها أتاحت لي أن أطور وأن أعبر عن ذاتي وأن أجترح في المجال الإبداعي ما يجترحه المناضل والجريح والشهيد والأسير نحن شركاء في هذا.
بسام القادري: الذين خرجوا من الداخل الفلسطيني خرجوا إلى دول عربية وأنت قبل قليل.
سميح القاسم: أيش عندكم بالدول العربية يعني أنتم قمة الحضارة والتطور الموجودة بالدول العربية.
بسام القادري: ليس بالضرورة هذا ما أعنيه.
سميح القاسم: ولا لفرنسا.
بسام القادري: ولكن خرجوا إلى دول عربية وأنت كنت تنادي بأن يكون المثقف أو الشاعر أو الأديب مثقف عربي وليس إقليمي فأنت ضد هذا كيف تفسر هذا التناقض؟
سميح القاسم: لا أبدا أنا ضد الإقليمية بالكامل ومن حقي أن أزور الدول العربية وأنا أتجول في الدول العربية بسعادة كبيرة والتقى جمهور الشعر في كل مكان لكن أنا أرفض الادعاء بأن تطوير القصيدة ينبغي أن يكون ملازما لترك الوطن هذا كلام سخيف، ببساطة كلام سخيف ومنحط وساقط يستطيع المبدع القطري أن يبدع وأن يحافظ على قطريته على إقليمه على بيته فليهاجر ليسافر فليغامر في جميع أرجاء الأرض أنا أسافر دُرت حول الكرة الأرضية عدة مرات لكن عنواني يبقى هو سجني وطني سجني هو عنواني.
بسام القادري: كتبت بغزارة شعرا ورواية ومقالة ولكن هذا الاندفاع أخذ يتراجع أو يأخذ اتجاهات متغيرة في الآونة الأخيرة هل كانت غزارتك الإبداعية شكلا من أشكال المقاومة؟
" كل أشكال الفن والتعبير الفني هي شكل من أشكال الدفاع عن النفس والدفاع عن النفس هو المقاومة "
سميح القاسم: بدون شك قلتها كثيرا إن الفن كل أشكال الفن كل أشكال التعبير الفني هي في نظري شكل من أشكال الدفاع عن النفس والدفاع عن النفس أطلق عليه تسمية المقاومة أنا أدافع عن نفسي، أدافع عن نفسي من الأخطار الجغرافية في الجغرافيا الأخطار على جبل هنا وواد هناك وتل هنا وكرم زيتون هناك وشجرة تين هنا وشجرة صبار هناك، هناك معركة دفاع عن هذه الجغرافيا الضيقة والصغيرة والأخيرة وهناك الدفاع عن الذات أيضا لأننا تعرضنا منذ عام النكبة تعرضنا إلى محاولة لمحو الذاكرة ولغسل الدماغ ومحو الشخصية الثقافية وإلغاء اللغة حتى كانت هناك مؤامرة لإلغاء اللغة العربية الفصحى لذلك فالدفاع عن الجغرافيا والدفاع عن التاريخ والدفاع عن الروح وعن المنزل وعن الأغاني الشعبية وعن القصيدة كل هذا خلق حالة من الازدواجية القسرية من الإدغام بين ما يُسمى ذاتيا وما يسمى عاما الذاتي والخاص وأعتقد أن هذه الصيغة أوجدت هذا التراكم أو هذه الغزارة نتيجة لرغبة أو لشهوة قوية دائما في ظروف الحصار والضغط تتوالى الانفجارات على شكل قصيدة أو مقالة أو مسرحية أو.
بسام القادري: سميح القاسم ماذا عما تردد عن قبولك لجائزة إسرائيلية رغم أنك في الماضي رفضت جائزة أخرى وقد قبلها الراحل إيميل حبيبي وهنا أيضا يدفعني هذا السؤال إلى سؤال آخر وهو هل صحيح ما نسب إليك بأنك رفضت جائزة نوبل؟
سميح القاسم: يعني لا تتحدث عن جائزة نوبل بهذه الفخامة هي كانت جائزة محترمة بدون شك لكنها في الأعوام الأخيرة تحولت إلى جائزة سياسية تبت فيها أجهزة المخابرات والحكومات والوزارات أكثر مما يبث فيها الإبداع هذه حقيقة معروفة، تمنح لكويتب من الصين لا لسبب إلا لأنه مثلا هاجم النظام أو تمنح لكويتب روسي لا سبب إلا لأنه هاجم النظام، إذاً أصبحت نوبل جزءا من اللعبة السياسية من لعبة العولمة ولا تعنيني حقيقة لا من قريب ولا من بعيد لكن ما حدث متصل بالجائزة الإسرائيلية حقيقة عُرضت علي جائزة إسرائيل وقيل لي في حينه نحن باتجاه السلام قلت أنا أتمنى أن نكون باتجاه السلام الصحيح لكن أريد قبل كل شيء وقلت هذا الكلام على (CNN) بالمناسبة ليس سرا في الوقت الذي يمنح فيه رئيس دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس جائزة فلسطين لكاتب يهودي أو لشاعر يهودي أو لفنان يهودي إذا عُرض علي جائزة إسرائيل سأفكر في الموضوع آنذاك، لم أعد قلت سأفكر في الموضوع وما لم يتحقق هذا فمن غير الوارد بالحسبان أن أقبل جائزة إسرائيل فكانت الإجابة السريعة هي خشبة القفز إلى نوبل وكانت إجابتي أيضا البسيطة والعادية لست من الذين يحلمون لا بنوبل ولا بألفريد ولا بأي جائزة، لا تعنيني هذه المسألة إذا جاءتني جائزة من جهة محترمة وغير مشروطة وغير مسيسة فلا بأس في ذلك هذا شيء أعتز به بكل بدون شك لكن أرفض أن تشترط نوبل بشروط سياسية مسبقة، التساهل مع الاحتلال مهاودة السلطة الإسرائيلية أو أي سلطة في المنطقة أو في العالم يعني لست على استعداد لمهادنة الأمم المتحدة من أجل نوبل.
بسام القادري: سميح القاسم الشاعر الفلسطيني وتاليا العربي شكرا لحضورك ومشاركتك معنا في هذه الحلقة من أوراق ثقافية مشاهدينا إلى هنا ونصل وإياكم إلى ختام حلقة هذا الأسبوع من برنامج أوراق ثقافية هذه تحية فريق البرنامج وإلى اللقاء.
البداية

ليلاً ، على باب فدريكو
فدريكو..
الحارس أطفأ مصباحَُه
انزل
أنا منتظر في الساحة
فد.. ري.. كو
قنديل الحزن قمر
الخوف شجر
فانزل
أنا أعلم أنك مختبئ في البيت
مسكونًا بالحمى
مشتعلاً بالموت
فانزل
أنذا منتظر في الساحة
مشتعلاً بلهيب الوردة
قلبي تفاحة..
الديك يصيح على قرميد السطح
فدريكو
النجمة جرح
والدم يصيح على الأوتار
يشتعل الجيتار
فد .. ريكو
الحرس الأسود ألقى في البئر سلاحه
فانزل للساحة
أعلم أنك مختبئ في ظل ملاك
ألمحك هناك
زنبقة خلف ستارة شباك
ترتجف على فمك فراشة
وتمسّد شعر الليل يداك
انزل فدريكو
وافتح لي الباب
أسرع
أنذا أنتظر على العتبة
أسرع
في منعطف الشارع
جلبة ميليشيا مقتربة
قرقعة بنادق
وصليل حراب
افتح لي الباب
أسرع خبئني
فدريكو
فد.. ري.. كو
البداية

قراءة في القصيدة
وفيدريكو أولاً هو الشاعر الأسباني لوركا (1898 – 1936)، الذي صرعته كتائب الفاشيين الأسبان في حربها ضد الجمهوريين، وهو يمثل الإنسان المناضل في سبيل الحرية والكفاح ومواجهة الظلم والظلام.
وقصيدة سميح القاسم التي أرخها في مدريد 27.5.1985 فيها استلهام من بطولة هذا الشاعر ومشاركة له في الموقف، وحتى في الموت وفي الحياة.
وكثيرًا ما تناول الشعر الفلسطيني موضوعات إنسانية عالمية، بما فيها من مواقف بطولية ودعوات يسارية في نشدان الحرية والعدالة والمساواة... وقد أكثر القاسم من الكتابة في هذه المقولات، وحسبنا نظرة إلى المجلد الأول من مجموعة أشعاره الكاملة حتى نرى أنه تناول في قصائده أسماء وشعوبًا من هذا العالم الباحث عن حقه في الحياة، نحو قصائده في بتريس لومومبا، إيفان الكسبيفتش وجوني وديمتروفا وكذلك عن الكونغو وأرتيريا....
غير أن قصيدته هنا عن لوركا فيها مرآة للشاعر نفسه، فيها شعور عارم مذعور يحس بالنهاية والفجيعة.
وقد تمثلت هذه النهاية فيما توجه به الراوي الشاعر للوركا وهو يستنجده ويستصرخه "خبئني"، يقول ذلك مرتجفًا هلعًا (انتبه إلى تقطيع فد... ري..كو، وكذلك إلى إلحاحه " أسرع" التي كررها ثلاث مرات).
الراوي الشاعر منذ مطلع القصيدة يعلن للوركا أنه ينتظره في الساحة، فالحارس قد نام... يطلب منه أن ينزل (كررها أربع مرات) رغم أنه يعلم أن لوركا قد شبع موتًا.
وسؤالنا: لماذا يطلب منه النزول؟ وإلى أين سيتوجهان؟ وقد وجدت صعوبة ما في تحديد الغرض من النزول، وسأحاول أن أجتهد:
- الهروب... ولكن كيف يصح ذلك إذا كان الراوي يطلب منه في نهاية القصيدة أن يفتح له الباب... ثم أن يخبئه (بعد سماع صوت المليشيا المقترب)؟ ربما عزم على الهرب بعيدًا مع لوركا لينقذه- وكأن لم يمت- ثم قرر الاختباء بعد سماع جلبة العسكر.
- لعله يطلب منه المكوث معه في الساحة، وذلك بعد أن اطمأن أن الحارس نام (أطفأ مصباحه) وأن الحرس الأسود ألقى سلاحه نهائيًا... وبهذا المعنى تكون الساحة رمزًا، للنضال وأن عليهما واجبًا مشتركًا في التصدي لمظاهر الموت الرهيبة التي تتجلى فيما يلي:
1. الديك انزعج، وأحذ يصبح ليلاً.
2. النجمة غدت جرحًا بدل أن تكون نورًا.
3. الأوتار تعزف الدماء بدل الأنغام.
4. الجيتار مشتعل ...والنار تلتهم معاني الجمال.
5. وإذا أضفنا إلى هذه ما كان قد وصفه في المقطوعة الثانية بتشبيهات بليغة نستطيع هنا قلبها:
القمر كأنه قنديل حزن...
الشجر كأنها خوفٌ رهيب...
إذن، لم يبق أمام هذا المد الجارف من الرهبة إلا التصدي... ولكن، لماذا يطلب شاعر فلسطيني معتبر من "شعراء المقاومة" أن يشارك شاعرًا صريعًا؟
إن الراوي الشاعر - قناع سميح القاسم - يرى لوركا مختبئًا (كررها مرتين) وليس ميتًا...
إذن لوركا مختبئ لا يتصدى ولا يتحدى، فهل الراوي يعطيه جرعة جرأة؟
ولماذا يطلب منه أن ينزل ولوركا في عليين وهو:
1. في ظل ملاك
2. كزنبقة خلف ستارة شباك.
3. ترتجف على فمه فراشة.
4. يداه تمسدان شعر الليل (تستلطف برومانسية)
وتبقى الأسئلة من غير إجابة قاطعة.
وازدادت تساؤلاتي في فهم القصيدة بعد أن اطلعت على قصة مقتل لوركا في كتاب عرس الدم ( عرض وتحليل د. علي سعد، دار الفارابي، بيروت- 1985) فقد نقل د. علي سعد عن كتاب "بارو" الصادر سنة 1947 وعن المجموعة الكاملة لآثار لوركا التي أصدرها توري سنة 1938 مادة لعل فيها بعض الغناء.
يقول د. سعد:
وجد لوركا في منزل روزاليس بعض الراحة، ومن نافذة غرفته التي تطل على ساحة بيبارميلا الكثيرة الحركة... كان يتطلع إلى المدينة الثائرة في عيشها ونبضها... وساد المدينة شيء من الهدوء الظاهر" (ص50)
ورأيت في هذا الوصف مفتاحًا مهمًا في خدمة القصيدة، فالشاعر مختبئ في الأعلى (في دارة في غرناطة)، والحارس فذ أطفأ مصباحه، والحرس الأسود ألقى سلاحه، وهذان دليلان على الهدوء الظاهر- هذا الهدوء سرعان ما يزول بعد سماع جلبة المليشيا وصليل الحراب... إذن إنها- كما قالت العرب قديمًا – هدنة على دخن. لقد توهم الراوي بالهدوء... ويمكن- تبعًا لذلك- أن الراوي يطمئن لوركا، ويلح عليه بالنزول، وهنا نفهم التشبيهات البليغة فهما آخر- فقنديل الحزن كأنه قمر (وضوح واطمئنان) والخوف الذي كان أضحى كأنه شجر (فلا بأس ولا خوف) وأنت يا لوركا مسكون بالحمى ومشتعل بالموت، بيد أني أنا كلي حياة وتفاؤل وقلبي تفاحة ( وبهذا أتفوق عليك، أنا مرشدك، وحيويتي كأنها مشتعلة- ولكنها بلهيب أو بحدة احمرار الوردة وتفتحها، أي أنك تشتعل موتًا وأنا أشتعل حياة).
واعترف أن هذه القصيدة مشحونة بإمكانيات تفسير وتأويل متباينة، ومن ضرورة الاحتمال أو إمكانية التفسير أن تتوافى مع استمرارية النص، ولعل هذه الإمكانات المفتوحة المتاحة سر نجاح كل نص أدبي كنصنا هذا. (1)
ــــــــــــــ
(1) ومع ذلك لا أوافق، الناقد رجاء النقاش (أبو سميح... تيمنًا بالشاعر) الذي رأى أن الحارس الذي معه سلاحه في قصيدة سميح إنما هو "يحرس قصائد الشاعر واسمه وذكراه ويمنع الاقتراب منه ....والحارس معنوي وهو رمز الخوف من أشعار لوركا... والنداء في القصيدة فيه إغراء للشاعر لوركا والتأكيد له بأن الجو مناسب للظهور بلا خوف" (أُنظر: المجموعة الكاملة لأشعار سميح القاسم، المجلد السابع، مقال رج اء النقاش ص412) وفي رأيي أن النقاش لم يحل اللغز: لماذا طلب منه أولاً أن ينزل، ثم سرعان ما طلب منه أن يخبئه... ثم لماذا يطفئ الحارس مصباحه في هذا المعنى؟
ولم يعطنا النقاش شرحاً أو تأويلاً لحركة الراوي ودراميته سوى قوله التعميمي " صورة غريبة ورائعة" (ص414). وكذلك لا أوافق ما أرتآه رؤوبين سنير من أن الراوي الشاعر منذ البدء كان يائسًا، وتنامى هذا اليأس مع صياح الديك- طلوع الفجر-، والراوي يصل تدريجيًا إلى منطقة يطل فيه على غرفته، فهذه الفراشة التي ترتجف على شفتي لوركا تعني أن الموت قد أصابهم وروحه ترتعش، وأن الحرس ألقى سلاحه بعد أن قتلوا لوركا...
وكأن سنير بهذا المعنى يرى أنهم قتلوه وأخذوا سلاحه وألقوا به في البئر، ولم يكلف الباحث نفسه لشرح: لماذا ينتظره الراوي في الساحة؟ ولماذا يلح عليه أن ينزل؟
(أُنظر: عيتون 77 العدد 100-مايو 1988، ص 87)
وأعترف أنني – في أثناء تحليلي النص – استذكرت إلقاء الشاعر لقصيدته في " مهرجان الثقافة في لندن سنة 1988 ، وكان سميح ممثلاً مبدعًا يحس القصيدة بكل خلجة من خلجاتها ...وأتساءل الآن : هل يختبئ الراوي الشاعر من الطغمة المعتدية كما كانت تقول لك حركات الشاعر التمثيلية؟
المنطق أن يقول إن لوركا في داخل المنزل ميت، ولن يستضيف الراوي، وتبعًا لذلك سيقبض عليه... سيقتل. لماذا القتل؟
لأن نتيجة لوركا المحكيّ عنه كانت القتل... وإلا فلماذا قتل لوركا المسالم الإنسان؟
لكن لغة الشعر لا تغلق بابًا، بل تفسح المجال لنهوض القتيل واحتضان الراوي.. وفي هذا الاحتمال الذي يغدق علينا في الشعر نرى موتًا آخر والتحامًا جديدًا... ومع ذلك فهل لوركا ميت حقًا؟ ألا تزال أشعاره حية ووجوده قائمًا في وجدان عشاق الحرية والكلمة؟
الراوي الشاعر يبحث عن الموت لا من خلال اليأس، كما ذهب سنير في الملاحظة أعلاه، وإنما من خلال البحث عن الذات وعن مرايا هذه الذات السكونية، حتى ولو برومانسية.
وأتساءل:وما الذي ذكّر سميح القاسم بلوركا في أثناء زيارته لمدريد؟
- يبدو لي أن زيارته في أيار 1985 كانت كذلك إلى نزل الطلبة الذي كان يقيم فيه لوركا في مدريد، وفي هذا النُزل المعدّ للطلاب التقى لوركا بسلفادور دالي وخيمينيث وماخادو وألبرتي وماكس جاكوب... وقد أقام فيه لوركا في العشرينيات من هذا القرن... واليوم يرتاد سميح القاسم هذا النُزل، فأوحى ذلك إلى شاعرنا ما أوحى، فاختار هذا الموقع حكاية النهاية (مع أن مقتله كان في غرناطة، ونحن لا نسأل عن ذلك.... لأنه ليس على الشعر فرض وتأريخ وتقنين).
واطلاع سميح على سيرة لوركا أوحى له نوعًا من التوجس الشرّي، تمامًا كما توجّس لوركا في رواية (ماريانا بنيدا-1924)، حيث صور الشاعر الهلع الذي كان يخيم على الحياة الإسبانية في أيام الملك فرناندو السابع، وقد قتلت جنود فرناندو مريانا الشجاعة_ لأنها طرزت العلم الذي كان معدًّا لأن يقود الثوار الجمهوريين- ومن العجيب أن نهاية لوركا كانت تطبيقًا لما وصفه هو في نهاية مريانة بطلته: فاقرأ معي نصًا قصيرًا من هذه الرواية، وأرجو أن تتبين هذا الجو المذعور الذي تشي به قصيدة القاسم كذلك:
يقول لوركا:
يا ألم النجمة العتيقة
الذي يغص بها حلقي
كان على الكواكب أن تطل على نافذتي
وأن تنفتح ببطء على الشارع الموحش
أي جهد يبذله الضوء
في مغادرة غرناطة
أن يتلولب على أشجار السرو
وذلك الليل الذي لا يأتي
ليل الرعب والأحلام
الذي يجرحني من بعد
بسيوف طويلة... جد طويلة
(مقدمة د. علي سعد لكتاب عرس الدم، ص23)
واقرأ نصً آخر في وصف مونتيلاّ:
صريعًا في الوادي
ملء جسمه الزنابق
وعلى صدغه الجلنار" (ص62)
وفي مقطع آخر:
"ريح شرقية
ومصباح درب
والخنجر
في القلب
والشارع يهتز
كالوتر المشدود" (ص63)
وسميح القاسم يرى لوركا: "زنبقة خلف ستار شباك"، فهل هذه الرؤية بعيدة عن معرفة الجو الذي وصف لوركا به نفسه: "إن مت دعوا الشرفة مفتوحة"
(انظر كتاب عبد الغفّار مكاوي: ثورة الشعر الحديث ج2، ص54)
ولغة" قنديل الحزن القمر" فيها تجميع من القاموس الشعري اللوركيّ... ألفاظ ثلاثة تتوارد في شعره بنفس روح التشبيه القاسمي، وقلبي تفاحة... ومشتعلاً بلهيب الوردة والجيتار المشتعل... عيّنات أخرى لا يصعب علينا إيجاد مثائل لها في شعر لوركا...
والتحليق في أجواء الشاعر الذي يكتب عه دليل عافية للقصيدة المستخدمة، ودليل على أن الشاعر يعيش بكليته في تجربة.
وفي ختام القول لن أذهب ما ذهب إليه سنير- في مقالته التي أشرت إليها –أن الشاعر يرى الكتائب السوداء وكأنها الجيش الإسرائيلي المحتل، وأن الشاعر الفلسطيني ضحيّة لهذا الاحتلال...
ذلك لأني أرى أن القصيدة تصب في وجهة المقارعة ومناهضة الاحتلال لا في جهة اليأس والانعزال.
وتوجه القاسم إلى لوركا فيه تمثل لمعاناته، كأنني أنا أنت، ولكن نهايتي ستؤول إلى نهايتك...
ستكون الزنبقة والرهفة (الفراشة) والتمسيد برومانسية حالمة وحياة وادعة... أما الكتائب السوداء- وهي عنصر الشر أنّى حل –فهي تحيق بنا منن كل حدَب...
وهذا الاستصراخ المعبّر عنه بتقطيع لفظه فدر.. ري... كو تارة ...وبتكرار الاستغاثة والاستجارة تارة أخرى ، وببحر الخبب/ المتدارك، كل هذا يؤدي بالتالي إلى شحن الجو بالفجيعة والدرامية، بسبب ما يراه الشاعر على أرض الواقع من انتصارات الشر على البراءة وعلى الإنسانية العذبة.... ويبقى مع ذلك خلود الخير، فهو لا يموت، حتى لو شبع موتًا، وهو يضم كل باحث عنه ولاجئ إليه.

البداية

مجموعة متنوعة من قصائده
أغاني الدروب
من رُؤى الأثلام في موسمٍ خصبِ
و من الخَيْبةِ في مأساةِ جدْبِ
من نجومٍ سهرت في عرشها
مؤنساتٍ في الدّجى قصةَ حبِّ
من جنون اللّيل..من هدأتهِ
من دم الشّمس على قطنة سُحْبِ
من بحار هدرتْ..من جدولٍ
تاهَ..لم يحفل به أيُّ مَصَبِّ
من ذؤابات وعت أجنحةً
جرفتها الريح في كل مهبِ
من فراش هامَ في زهر و عشبِ
ونسورٍ عشقت مسرحَ شُهب
من دُمى الأطفال.. من ضحكاتهم
من دموع طهّرتها روحُ رَبِّ
من زنود نسّقَتْ فردوسها
دعوةً فضلى على أنقاض حرب
من قلوب شعشعت أشواقها
شُعلاً تعبرُ من رحب لرحب
من عيون سمّمت أحداقها
فوهةُ البركان في نظره رعب
من جراحاتٍ يضرّي حقدَهـا
ما ابتلى شعبٌ على أنقاض شعب
من دمي.. من ألمي.. من ثورتي
من رؤاي الخضرِ.. من روعة حبّي
من حياتي أنتِ.. من أغوارها
يا أغانيَّ ! فرودي كل درب
جيل المأساة
هنا.. في قرارتنا الجائعهْ
هنا.. حفرت كهفها الفاجعهْ
هنا.. في معالمنا الدارساتِ
هنا.. في محاجرنا الدامعهْ
نَبوخَذُ نصّرُ و الفاتحون
و أشلاء رايتنا الضائعهْ
فباسمكَ يا نسلَنا المرتجى
و باسمكِ يا زوجنا الضارعه
نردُّ الزمان إلى رشده
و نبصق في كأسه السابعه
و نرفع في الأفق فجر الدماء
و نلهمه شمسنا الطالعه !
ما زال
دم أسلافي القدامى لم يزل يقطـــرُ منّي
و صهيل الخيل ما زال ، و تقريعُ السيوفْ
و أنا أحملُ شمساً في يميني و أطــوف
في مغاليــقِ الدّجى.. جرحاً يغنـّي !!
لأننــا
أحسُّ أننا نمــوت
لأننا..لا نتقن النّضال
لأننا نَعيد دون كيشوت
لأننا... لهفي على الرجال!
في القرن العشرين
أنا قبل قرونْ
لم أتعوّد أن أكره
لكنّي مُكره
أن أُشرِِعَ رمحاً لا يَعيَى
في وجه التّنين
أن أشهر سيفاً من نار
أشهره في وجه البعل المأفون
أن أصبح ايليّا (1) في القرن العشرين
أنا.. قبل قرون
لم أتعوّد أن أُلحد !
لكنّي أجلدْ
آلهةً.. كانت في قلبي
آلهةً باعت شعبي
في القرن العشرين !
أنا قبل قرون
لم أطرد من بابي زائر
و فتحت عيوني ذات صباح
فإذا غلاّتي مسروقه
و رفيقةُ عمري مشنوقه
و إذا في ظهر صغيرتي.. حقل جراح
و عرفت ضيوفي الغداّرينْ
فزرعوا ببابي ألغاماً و خناجر
و حلفت بآثار السكّينْ
لن يدخل بيتي منهم زائر
في القرن العشرين !
أنا قبل قرون
ما كنت سوى شاعر
في حلقات الصوفيّينْ
لكني بركان ثائر
في القرن العشرين
..................
(1) نبيّ يهوديّ حارب الأوثان، و ينسب إليه أنّه قتل كهنة بعل
أمطار الدم
((النار فاكهة الشتاءْ))
و يروح يفرك بارتياحٍ راحتين غليظتينْ
و يحرّك النار الكسولةَ جوفَ موْقدها القديم
و يعيد فوق المرّتين
ذكر السماء
و الله.. و الرسل الكرامِ.. و أولياءٍ صالحين
و يهزُّ من حين لحين
في النار.. جذع السنديان و جذعَ زيتون عتيـق
و يضيف بنّاً للأباريق النحاس
و يُهيلُ حَبَّ (الهَيْلِ) في حذر كريم
((الله.. ما أشهى النعاس
حول المواقد في الشتاء !
لكن.. و يُقلق صمت عينيه الدخان
فيروح يشتمّ.. ثم يقهره السّعال
و تقهقه النار الخبيثة.. طفلةً جذلى لعوبه
و تَئزّ ضاحكةً شراراتٌ طروبه
و يطقطق المزراب.. ثمّ تصيخ زوجته الحبيبة
-قم يا أبا محمود..قد عاد الدوابّ
و يقوم نحو الحوش.. لكن !!
-قولي أعوذُ..تكلمي! ما لون.. ما لون المطر ؟
و يروح يفرك مقلتيه
-يكفي هُراءً.. إنّ في عينيك آثار الكبَر ؟
و تلولبت خطواته.. و مع المطر
ألقى عباءته المبللة العتيقة في ضجر
ثم ارتمى..
-يا موقداً رافقتَني منذ الصغر
أتُراك تذكر ليلة الأحزان . إذ هزّ الظلام
ناطور قريتنا ينادي الناس: هبوا يا نيام
دَهمَ اليهود بيوتكم..
دهم اليهود بيوتكم..
أتُراك تذكرُ ؟.. آه .. يا ويلي على مدن الخيام !
من يومها .. يا موقداً رافقته منذ الصغر
من يوم ذاك الهاتف المشؤوم زاغ بِيَ البصر
فالشمس كتلة ظلمة .. و القمح حقل من إبر
يا عسكر الإنقاذ ، مهزوماً !
و يا فتحاً تكلل بالظفر !
لم تخسروا !.. لم تربحوا !.. إلا على أنقاض أيتام البشر
من عِزوتي .. يا صانعي الأحزان ، لم يسلم أحدْ
أبناء عمّي جُندلوا في ساحة وسط البلد
و شقيقتي.. و بنات خالي.. آه يا موتى من الأحياء في مدن الخيام !
ليثرثر المذياع (( في خير )) و يختلق (( السلام )) !!
من قريتي.. يا صانعي الأحزان ، لم يَسلم أحدْ
جيراننا.. عمال تنظيف الشوارع و الملاهي
في الشام ، في بيروت ، في عمّان ، يعتاشون..
لطفك يا إلهي !
و تصيح عند الباب زوجته الحبيبه
-قم يا أبا محمود .. قد عاد الجُباة من الضريبه
و يصيح بعض الطارئين : افتح لنا هذي الزريبه
أعطوا لقيصر ما لقيصر !!
***
و يجالدُ الشيخ المهيب عذاب قامته المهيبه
و تدفقت كلماته الحمراء..بركانا مفجّر
-لم يبق ما نعطي سوى الأحقاد و الحزن المسمّم
فخذوا ..خذوا منّا نصيب الله و الأيتام و الجرح المضرّم
هذا صباحٌ.. سادن الأصنام فيه يُهدم
و البعلُ.. و العزّى تُحطّم
***
و تُدمدم الأمطارُ..أمطار الدم المهدوم.. في لغةٍ غريبهْ
و يهزّ زوجته أبو محمود.. في لغة رهيبه
-قولي أعوذُ.. تكلّمي !
ما لون.. ما- لون المطر ؟
ويلاه.. من لون المطر !!
أطفال سنة 1948
كَوَمٌ من السمك المقدّد في الأزقة . في الزوايا
تلهو بما ترك التتار الانكليز من البقايا
أُنبوبةٌ.. و حطام طائرةٍ.. و ناقلةٌ هشيمه
و مدافع محروقة.. و ثياب جنديٍّ قديمه
و قنابل مشلولة.. و قنابل صارت شظايا
***
((يا اخوتي السمر العراة.. و يا روايتيَ الأليمه
غنّوا طويلاً و ارقصوا بين الكوارث و الخطايا ))
لم يقرأوا عن (( دنُ كشوت )) و عن خرافات القتال
و يجنّدون كتائباً تُفني كتائب في الخيال
فرسانها في الجوع تزحف.. و العصيُّ لها بنادق
و تشدّ للجبناء، في أغصان ليمونٍ، مشانق
و الشاربون من الدماء لهم وسامات الرجال
***
يا اخوتي !
آباؤنا لم يغرسوا غير الأساطير السقيمه
و اليتم.. و الرؤيا العقيمه
فلنجنِ من غرسِ الجهالة و الخيانة و الجريمه
فلنجنِ من خبز التمزّقِ.. نكبة الجوع العضال
***
يا اخوتي السمر الجياع الحالمين ببعض رايه
يا اخوتي المتشرّدين و يا قصيدتيَ الشقيّه
ما زال عند الطيّبين، من الرثاء لنا بقيّه
ما زال في تاريخنا سطر.. لخاتمة الروايه !
غرباء ..!
و بكينا.. يوم غنّى الآخرون
و لجأنا للسماء
يوم أزرى بالسماء الآخرون
و لأنّا ضعفاء
و لأنّا غرباء
نحن نبكي و نصلي
يوم يلهو و يغنّي الآخرون
***
و حملنا.. جرحنا الدامي حملنا
و إلى أفق وراء الغيب يدعونا.. رحلنا
شرذماتٍ.. من يتامى
و طوينا في ضياعٍ قاتم..عاماً فعاما
و بقينا غرباء
و بكينا يوم غنى الآخرون
***
سنوات التيهِ في سيناءَ كانت أربعين
ثم عاد الآخرون
و رحلنا.. يوم عاد الآخرون
فإلى أين؟.. و حتامَ سنبقى تائهين
و سنبقى غرباء ؟!
القصيدة الناقصة
أمرُّ ما سمعت من أشعارْ
قصيدةٌ.. صاحبها مجهول
أذكر منها، أنها تقول:
سربٌ من الأطيارْ
ليس يهمّ جنسُه..سرب من الأطياء
عاش يُنغِّمُ الحياه
قي جنَّةٍ..يا طالما مرَّ بها إله
***
كان إن نشنَشَ ضَوءْ
على حواشي الليل..يوقظ النهار
و يرفع الصلاه
في هيكل الخضرة، و المياه، و الثمر
فيسجد الشجر
و يُنصت الحجر
و كان في مسيرة الضحى
يرود كل تلّة.. يؤم كل نهرْ
ينبّه الحياة في الثّرى
و يُنهِض القرى
على مَطلِّ خير
و كان في مسيرة الغيابْ
قبل ترمُّد الشعاع في مجامر الشفق
ينفض عن ريشاته التراب
يودّع الوديان و السهول و التلال
و يحمل التعب
و حزمة من القصب
ليحبك السلال
رحيبةً..رحيبةً..غنيّة الخيال
أحلامُها رؤى تراود الغلال
و تحضن العِشاشُ سربَها السعيد
و في الوهاد، في السفوح، في الجبال
على ثرى مطامحِ لا تعرف الكلال
يورق ألف عيد
يورق ألف عيد..
***
و كان ذات يوم
أشأم ما يمكن أن يكون ذات يوم
شرذمةٌ من الصّلال
تسرّبت تحت خِباءِ ليلْ
إلى عِشاشِ.. دوحها في ملتقى الدروب
أبوابها مشرّعةْ
لكل طارقٍ غريب
و سورها أزاهرٌ و ظل
و في جِنان طالما مرَّ بها إله
تفجّرت على السلام زوبعهْ
هدّت عِشاشَ سربنا الوديع
و هَشَمتْ حديقةً.. ما جدّدت (( سدوم ))(1)
و لا أعادت عار (( روما )) الأسود القديم
و لم تدنّس روعة الحياه
و سربُنا الوديع ؟!
ويلاه.. إنّ أحرفي تتركني
ويلاه.. إنّ قدرتي تخونني
و فكرتي.. من رعبها تضيع
و ينتهي هنا..
أمر ما سمعت من أشعار
قصيدة.. صاحبها مات و لم تتم
لكنني أسمع في قرارة الحروف
بقيّة النغم
أسمعُ يا أحبّتي.. بقيّة النغمْ
بوابة الدموع
أحبابنا.. خلف الحدود
ينتظرون في أسى و لهفة مجيئنا
أذرعهم مفتوحة لضمنا لِشَمِّنا
قلوبُهم مراجل الألم
تدقّ.. في تمزّق أصم
تحارُ في عيونهم.. ترجف في شفاههم
أسئلة عن موطن الجدود
غارقة في أدمع العذاب و الهوان و الندم
***
أحبابنا.. خلف الحدود
ينتظرون حبّةً من قمحهم
كيف حال بيتنا التريك
و كيف وجه الأرض.. هل يعرفنا إذا نعود ؟!
يا ويلنا..
حطامَ شعب لاجئ شريد
يا ويلنا.. من عيشة العبيد
فهل نعود ؟ هل نعود ؟!
صوت الجنة الضائع
صوتها كان عجيباً
كان مسحوراً قوياً.. و غنياً..
كان قداساً شجيّاً
نغماً و انساب في أعماقنا
فاستفاقت جذوة من حزننا الخامد
من أشواقنا
و كما أقبل فجأة
صوتها العذب، تلاشى، و تلاشى..
مسلّماً للريح دفئَه
تاركاً فينا حنيناً و ارتعاشا
صوتها.. طفل أتى أسرتنا حلواً حبيباً
و مضى سراً غريبا
صوتها.. ما كان لحناً و غناءاً
كان شمساً و سهوباً ممرعه
كان ليلا و نجوما
و رياحاً و طيوراً و غيوما
صوتها.. كان فصولاً أربعه
لم يكن لحناً جميلاً و غناءا
كان دنياً و سماءا
***
و استفقنا ذات فجر
و انتظرنا الطائر المحبوب و اللحن الرخيما
و ترقّبنا طويلا دون جدوى
طائر الفردوس قد مدّ إلى الغيب جناحا
و النشيد الساحر المسحور.. راحا..
صار لوعه
صار ذكرى.. صار نجوى
و صداه حسرةً حرّى.. و دمعه
***
نحن من بعدك شوق ليس يهدا
و عيونٌ سُهّدٌ ترنو و تندى
و نداءٌ حرق الأفقَ ابتهالاتِ و وجْدا
عُدْ لنا يا طيرنا المحبوب فالآفاق غضبى مدلهمّه
عد لنا سكراً و سلوانا و رحمه
عد لنا وجهاً و صوتا
لا تقل: آتي غداً
إنا غداً.. أشباح موتى !!
أنتيــجونا
أنتيــجونا
((ابنة أوديب_ الملك المنكوب_التي رافقته في رحلة العذاب..
حتّى النهاية ! )) (1)
خطـوه..
ثِنْتـان..
ثلاث..
أقدِمْ.. أقدِمْ !
يا قربانَ الآلهة العمياء
يا كبشَ فداء
في مذبحِ شهواتِ العصرِ المظلم
خطـوه..
ثِنْتـان..
ثلاث..
زندي في زندك
نجتاز الدرب الملتاث !
***
يا أبتاه
ما زالت في وجهك عينان
في أرضك ما زالت قدمان
فاضرب عبر الليلِ بِأشأمِ كارثةِ في تاريخ الإنسان
عبرَ الليل.. لنخلق فجر حياه
***
يا أبتاه !
إن تُسْمِـلْ عينيك زبانيةُ الأحزان
فأنا ملءُ يديك
مِسرَجَةٌ تشربُ من زيت الإيمان
و غداً يا أبتاه أُعيد إليك
قَسَماً يا أبتاه أُعيد إليك
ما سلبتك خطايا القرصان
قسماً يا أبتاه
باسم الله.. و باسم الإنسان
***
خطـوه..
ثِنْتـان..
ثلاث..
أقدِمْ.. أقدِمْ !
...........................................
(1) انتيجونا هي بطلة المسرحي الاغريقي سوفرخليس، التي تمثل رمز الوفاء للأب. و التضحية في سبيله. طلت تقود خطوات أبيها الأعمى، الملك أوديب ، إلى أن حكم عليها بالإعدام.
بابل
أنا لـم أحفـظ عـن الله كتابا
أنا لـم أبنِ لقـديسٍ قبـابـا
أنا ما صليت.. ما صمت.. و ما
رهبت نفسي لدى الحشر عقابا
و الدم المسفوك من قافيتـي
لم يراود من يَدَيْ عَدنٍ ثوابا
فهو لو ساءلتـَه عن مَطْمَـحٍ
ما ارتضى إلا فدى النور انسكابا
***
غضبي.. غضبة جرح أنشبت
فيه ذؤبانُ الخنا طفراً و نابا
و انتفاضاتي عذابٌ.. ودَّ لو
ردّ عن صاحبِهِ الشرقُ عذابا
و أنا أومن بالحق الذي
مجدهُ يؤخذ قسراً و اغتصابا
و أنا أومن أني باعثٌ
في غدي الشمسَ التي صارت ترابا
فاصبري يا لطخة العار التي
خطّها الأمسُ على وجهي كتابا
و انظري النار التي في أضلعي
تهزم الليل و تجتاح الضبابا
شعشعت في آسيا فاستيقظت
و صحت افريقيا.. غاباً فغابا!
***
يا حمام الدوح! لا تعتب أسىً
حسبنا ما أجهش الدوحُ عتابا
نحن لم نزجرْك عن بستاننا
لم نُحكّمْ في مغانيك الغرابا
نحن أشباهٌ و قد أوسعنا
غاصب الأعشاش ذلاً و اغترابا
فابكِ في الغربة عمراً ضائعاً
و ارثِ عيشاً كان حلواً مُستطابا
علّ نار الشجو تُذكي نخوةً
في الأَُلى اعتادوا مع الدهر المصابا
فتهد اللحدَ عنـها جُثــثٌ
و يمور البعث شِيـباً و شبابا
***
يا قرى.. أطلالُها شاخصةٌ
تتقرّى غائباً أبكى الغيابا
يا قرىً يُؤسي ثرى أجداثها
أنّ في النسل جراحاً تتغابى
يا قرانا.. نحن لم نَسْلُ.. و لم
نغدر الأرض التي صارت يبابا
خصبها يهدر في أعراقنا
أملاً حراً، و وحياً، و طِلابا
و الذرى تشمخ في أنفسنا
عزةً تحتطبُ البغي احتطابا !
***
يا بلاداً بلّلت كلَّ صدىً
و صداها لم يَرِدُ إلا سرابا
يا بلادي نحن ما زلنا على
قسم الفدية شوقاً و ارتقابا
يا بلادي! قبل ميعاد الضحى
موعدٌ ينضو عن النور حجابا !
***
نكبةُ التيهِ التي أوردت بنا
فطرقنا في الدجى باباً فبابا
عَمّقت سكِّينها في جرحنا
و جرت في دِمنا سُمّاً و صَابا
و تهاوينا على أنقاضنا
فخرابٌ ضمّ في البؤسِ خرابا
و من الأعماق.. من تُربتنا
هتف التاريخ.. و المجد أهابا
فإذا أيامنا مشرقةٌ
بدمٍ.. من لونه أعطى الترابا
و إذا روما نداءٌ جارحٌ
طاب يومُ النارِ يا نيرونُ طابا!
***
أيها العاجمُ من أعوادنا
نحن ما زلنا على العَجمْ صِلابا
فاسأل الجرح الذي عذّبنا
كيف ألّبنا على الجرح العذابا
نكبةُ التيه التي سّدّت بنا
كل أُفق ضوّأت فينا شهابا
فأفاقت من سُباتٍ أعينٌ
وُلِدَ الدهرُ عليهنّ و شابا
و اشرأبّت في المدى ألويةٌ
خفقت في الأربع الجُرد سحابا
و على وقعُ خطانا التفتت
أمم أغضت هواناً و اكتئابا
و رؤانا أخصبت فاخضوضرت
أعصُرٌ ناءَت على الشرق جِدابا
***
شعَفَاتُ الشمس من غاياتنا
فازرعي يا أمتي الليلَ حِرابا
و إذا الأسداف أهوت جُثثاً
و إذا أحنى الطواغيتُ رقابا
و إذا فَجّرْتِ أنهارَ السنى
و سنون الجدبِ بُدّلن خِصابا
فانشري النور على كل مدى
و ابعثي أمجاده عجباً عجابا
نحن أحرى مستجيباً إن دعا :
من يُفَدّي؟ و هو أحرى مستجابا !
أكثر من معركة
في أكثر من معركةٍ دامية الأرجاءْ
أشهر هذي الكلمات الحمراء
أشهرها.. سيفاً من نارِ
في صفِّ الإخوة.. في صفِّ الأعداء
في أكثر من درب وعْرِ
تمضي شامخةً.. أشعاري
و أخافُ.. أخاف من الغدرِ
من سكين يُغمد في ظهري
لكني، يا أغلى صاحب
يا طيّبُ.. يا بيتَ الشعرِ
رغم الشكّ.. و رغم الأحزانِ
أسمعُ.. أسمعُ.. وقع خطى الفجرِ!
رغم الشكّ.. و رغم الأحزانِ
لن أعدم إيماني
في أنّ الشمس ستشرقُ..
شمس الإنسانِ
ناشرةً ألوية النصرِ
ناشرةً ما تحمل من شوقٍ و أمانِ
كلماتي الحمراء..
كلماتي.. الخضـراء !
الساحر والبركان
((أسطورة مهداة إلى الحكم العسكري))
و شَعوذَ الساحر فانطلقْ
من قُمقُمِ البحار.. ماردٌ صغير
يريد للزورق.. أن يقبّل الغرق
يريد للحريّة الحمراء
أن تقطن في كوخ.. من الورق
يريد للجذور أن تحيا بلا شجر
يريد للأشجار أن تحيا بلا ثمر
يريد للإنسان أن يموت في الحياة!
يريد أن...
و انفجر البركان !
و التهمت ساحِرَهُ النيران
فعاد للقمقمِ يستجير
بساحرٍ جديد
بساحرٍ.. ليس له وجود !!
أخوة ..
((إلى الذين يعرون الأخوة من جلدها,,
((و يتركونها مرتجفة في صقيع الزيف!
***
أيا سائلي في تحدٍّ و قوّهْ
أتُنشدُ ؟ أين أغاني الأخوّه؟
قصائدك السود بركان حقد
و مرجل نار، و سخط و قسوه
فأين السلام.. و أين الوئام
أتجني من الحقد و النار نشوة
و صوتُك هذا الأجشّ الجريح
صئمنا صداه الكئيبَ و شَجْوَه
فهلاّ طرحت رداء الجداد
و غنيت للحبّ أعذبَ غنوه
***
أيا سائلي! خلّ عنك العتاب !
تلوم جريحاً إذا ما تأوّه
أخوك أنا! هل فككتَ القيود التي
حَفرتَ فوق زنديَّ فجوه
أخوك أنا! من ترى زج بي
بقلب الظلام.. بلا بعض كوّه .؟
أخوك أنا ؟ من ترى ذادني
عن البيت و الكرْم و الحقل.. عنوه
تُحمّلني من صنوف العذاب
بما لا أطيق و تغشاك زهره
و تشتمني.. و تُعلّمُ طفلَك
شتمَ نَبيّ..بأرض النبوه
تشكُّ بدمعي إذا ما بكيت
و تُسرف في الظن ان سِرتُ خطوه
و تُحصي التفاتاتي المُتعبات.
فيوماً ((أشارَ)) و يوماً ((تفوّه ))
***
و إن قام، من بين أهلك، واعٍ
يبرّئُني.. تردريه بقسوه
و تزجره شاجباً ((طيشه ))
و تعلن أنَّى توجّهتَ (( لُغوَه ))!
و إما شكوتُ.. فمنك إليك..
لتحكم كيف اشتهت فيك شهوه
فكيف أغني قصائد حبٍ
و سلمٍ.. و للكُره و الحربِ سطوه
و أنشد أشعار حريه..
لقضبان سجني الكبير المشوّه
أيا لائميّ أنتَ باللوم أحرى!
إذا شئتَ أنتَ.. تكون الأخوه !!
السلام ...
ليُغنِّ غيري للسلامْ
ليُغنِّ غيري للصداقة، للأخوّةِ، للوئامْ
ليُغنِّ غيري.. للغراب
جذلانَ ينعقُ بين أبياتي الخراب
للبوم.. في أنقاضِ أبراجِ الحمام !
ليُغنِّ غيري للسلام
و سنابلي في الحقل تجهشُ بالحنين
للنورج المعبود يمنحها الخلود من الفناء
لصدى أغاني الحاصدين
لِحُداء راعٍ في السفوح
يحكي إلى عنزاته.. عن حّبّه الخَفِرِ الطموح
و عيونهِا السوداء.. و القدِّ المليح
***
ليُغنِّ غيري للسلام
و العينُ ما عادت تبلُّ صدى شُجيرات العنب
و فروعُ زيتوناتها.. صارت حطب
لمواقد اللاهين.. يا ويلي.. حطب!
و سياجُنا المهدودُ أوحشهُ صهيل الخيل في الطِّفلِ المهيب
و الُجرن يشكو الهجرَ.. و الإبريقُ يحلم بالضيوف
بالـ (( يا هلا )) ! .. عند الغروب
و رؤى البراويز المُغَبَّرةِ الحطيمه
تبكي على أطرافها، نُتفٌ من الصور القديمة
و حقائبُ الأطفال... أشلاءٌ يتيمه
لبثت لدى أنقاض مدرسةٍ مهدّمةٍ حزينه
ما زال في أنحائها.. ما زال يهزاُ بالسكينه
رَجعٌ من الدرس الأخير..
عن المحبة و السلام !!
***
ليُغنِّ غيري للسلام
و هناك.. خلف حواجز الأسلاك.. في قلب الظلام
جثمت مدائن من خيام
سُكّانُها..
مستوطنات الحزن و الحمّى، و سلّ الذكريات
و هناك.. تنطفئ الحياة
في ناسِنا..
في أبرياء.. لم يسيئوا للحياة !
و هنا... !
هَمَت بيّارةٌ من خلقهم.. خيراً كثير
أجدادهم غرسوا لهم..
و لغيرهم، يا حسرتي، الخير الكثير
و لهم من الميراث أحزان السنين !
فليشبع الأيتام من فضلات مأدبة اللئام !!
***
ليُغنِّ غيري للسلام..
و على ربى وطني، و في وديانه.. قُتِل السلام ؟
(الأسطر الثمانية الأخيرة من هذه القصيدة محذوفة بالشكل التالي:
)X X X X X X X X
لا نُصبَ.. لا زَهرةَ.. لا تذكار
لا بيتَ شعرٍ.. لا ستار
لا خرقة مخضوبة بالدم من قميص
كان على إخوتنا الأبرار
لا حَجَرٌ خُطّت به أسماؤهم
لا شيءَ.. يا للعار
***
أشباحُهم ما برحت تدورْ
تنبش في أنقاش كَفْر قاسم القبور
(الأسطر الثمانية الأخيرة من هذه القصيد أيضاً محذوفة بإشارة الرقيب الصهيوني...)
روما
روما احترقت قبل قرون
لكنَّ الجدرَ الضارب في أرضهْ
لم يفقد في النكبة معنى نبضه
روما عادت.. يا نَيرون ..
كرمئيــل
كرمئيــل
((مدينة الحقد و الجوع و الجماجم))
صباحَ مســاء
يطالعنا.. و جهُها و السماء
و نبسمُ.. لا بسمةَ الأغنياء
و لكنها بسمةُ الأنبياء
تَحدّاهم صالبٌ تافه
يغطي الشموس.. ببعض رداء !
***
غداً.. يا قصوراً رست في القبور
غداً يا ملاهي,, غداً يا شقاء
سيذكر هذا التراب، سيذكرُ
أنّا منحناهُ لون الدماء
و تذكر هذي الصخور رعاةً
بنوها أدعيةٍ من حداء
و تذكر أنّا..
***
هنا سِفرُ تكوينهم ينتهي
هنا.. سفر تكويننا.. في ابتداء !
من وراء القضبان
السجين الأول
دوريّة البوليس لا تنامْ
ما فتئت تبحر في مستنقع الظلام
تجوس كل قرية.. تطرق كل بابْ
و تَنْكُتُ العتمةَ في الأزقة السوداء
من غيظها.. تكاد أن تُقلّب الجيوب
لعابرٍ.. كان لدى أصحاب !
***
((يا بيتنا الوديع,, يا شبّاكنا المضاء
((ما أجمل السلامَ في حَلْقةِ أصدقاء
((يطالعون الشعرَ، يشربون، يَرَون من النّكات
((ما يُضحك الأحياءَ من بليّةِ الحياة !
((محارب مخضّبُ لواء
((سلاحه.. أشعار
((تقطر من حروفها الدماء !
***
و داهمت مجلسَهم دوريةُ البوليس
لتلقيَ القبضَ على محارب وِجهتُهُ النهار
. . . . . . . . . . . . .
و باتت الخمرة في الكؤوس
(حذف الرقيب الصهيوني المقطعين الثاني و الثالث من هذه الصفحة و هما على سعة سبع صفحات من الديوان)
رسالة من المعتقل
ليس لديّ ورقٌ، و لا قلمْ
لكنني.. من شدّة الحرّ، و من مرارة الألم
يا أصدقائي.. لم أنمْ
فقلت: ماذا لو تسامرتُ مع الأشعار
و زارني من كوّةِ الزنزانةِ السوداء
لا تستخفّوا.. زارني وطواط
وراح، في نشاط
يُقبّل الجدران في زنزانتي السوداء
و قلتْ: يا الجريء في الزُوّار
حدّث !.. أما لديك عن عالمنا أخبار ؟..؟!
فإنني يا سيدي، من مدّةٍ
لم أقرأ الصحف هنا.. لم أسمع الأخبار
حدث عن الدنيا، عن الأهل، عن الأحباب
لكنه بلا جواب !
صفّق بالأجنحة السوداء عبر كُوّتي.. و طار!
و صحت: يا الغريب في الزوّار
مهلاً ! ألا تحمل أنبائي إلى الأصحاب ؟..
***
من شدة الحرّ، من البقّ، من الألم
يا أصدقائي.. لم أنم
و الحارس المسكين، ما زال وراء الباب
ما زال .. في رتابةٍ يُنَقّل القدم
مثليَ لم ينم
كأنّه مثليَ، محكوم بلا أسباب !
***
أسندت ظهري للجدار
مُهدّماً.. و غصت في دوّامةٍ بلا قرار
و التهبتْ في جبهتي الأفكار
. . . . . . . . . . . . . .. . . . .
أماه! كم يحزنني !
أنكِ، من أجليَ في ليلٍ من العذاب
تبكين في صمتٍ متى يعود
من شغلهم إخوتيَ الأحباب
و تعجزين عن تناول الطعام
و مقعدي خالٍ.. فلا ضِحْكٌ.. و لا كلام
أماه! كم يؤلمني !
أنكِ تجهشين بالبكاء
إذا أتى يسألكم عنّيَ أصدقاء
لكنني.. أومن يا أُماه
أومن.. .. أن روعة الحياه
اولد في معتقلي
أومن أن زائري الأخير.. لن يكونْ
خفّاش ليلٍ.. مدلجاً، بلا عيون
لا بدّ.. أن يزورني النهار
و ينحني السجان في إنبهار
و يرتمي.. و يرتمي معتقلي
مهدماً.. لهيبهُ النهار !!
يهـوشع مــات
((على حد ما يبدو من القصيدة، فإن يهوشع هو اللفظ الآخر الذي يقصد به الشاعر به يشوع بن نون، القائد العسكري اليهودي الذي عبر الأردن من تيه سيناء، و احتل أريحا، و أحرقها..{ و كان بعد موت موسى، عبد الرب، أن الرب، كلم يشوع بن نون خادم موسى قائلا*موسى عبدي قد ما
العهد القدم_ يشوع_الأصحاح الأول ))
يا حائرين في مفارق الدروب !
لا تسجدوا للشمسِ
لن يرقى لها صدى صَلاتكم
بينكمُُ و بينها سقفٌ من الذنوب
لا تسكبوا الدموع، لن ينفعكم ندم
الشمس في طريقها.. راسخةُ القدم
لا تركعوا.. لا ترفعوا أيديكم إلى السماء
تدمّرتْ و اندثرت أسطورة السماء
و أطرقتْ على متاه بؤسكم جنازة الهباء
يا حائرين في مفارق الدروب !
أغواركم خاوية.. إلا من الخواء
صلاتكم خاوية.. إلا من الخواء
يا ويلكم ! يا ويلكم
سرعان ما تغوص في أعماقكم
أظافر الغروب !
***
يهوشَعٌ ماتَ
فلا تستوقفوا الشمس، و لا تستمهلوا الغروب
سور أريحا شامخٌ في وجهكم إلى الأبد
يا ويلكم ! يا ويلكم !
سرعان ما تغوص في أعماقكم
أظافر الغروب
يَهوشَعٌ راح.. و لن يؤوب
يهوشع مات !!
الذئاب الحمر
حُمّت سراياك فاشربْ من سرايانا
كأساً جَرَعت بها للذلّ ألوانا
أركانُ عرشِكَ، آلينـا نقوّضها
فاحشد فلولَكَ.. حيّاتٍ و عُقبانا
أسطورة الأسَدِ المهزوم تمهرها
جداولٌ من دمٍ تجتاح (( ردفانا ))
بلادنا.. القَدَرُ المحتوم قاطنها
مُذْ كانت الشمسُ، ما لانت و ما لانا
يا عابد النار ! ما زالت مُؤَرَّثةً
على القَنال.. فماذا تعبد الآنـا
يا غازياً غُسِلتْ بالنار حملتُه
لقد فتحتَ لدفن التاج كثبانا
بلادنا.. القَدَرُ المحتوم قاطنها
مُذْ كانت الشمسُ، ما لانت و ما لانا
و طارفُ المجدِ أقسمنا نشيّده
على التليد الذي شادت ضحايانا
يا عابد النار ! ما زالت مُؤَرَّثةً
على القَنال.. فماذا تعبد الآنـا
توتم
((توتم_رقصة إفريقية. تمثل صراع القبيلة
((مع وحش أسطوري مخيف.. يهاجم مضاربها من
((الغابة و لكنها تنتصر عليه !..
ألسنةُ النارِ تزعردُ في أحشـاءِ الليلْ
و يُدمدم طبلْ
و تهدُّ بقايا الصمت طبولٌ ضارية و صنوج
و يَهيجُ الإيقاعُ المبحوحُ.. يهيج
فالغابة بالأصداء تموج
صرخاتُ وحوشٍ تطفو فوق هدير السيل
و أفاعٍ جائعةٌ تحت الأعشاب العملاقة تنسَلّ
و يُحلّقُ حولَ النار زنوج !
أشباحٌ ترقص حول النار
و إلى أطراف الغابة يمتد الظل
بخطى تترددُ.. هيابه
و يمزّق قلب الليل دويُّ الثار
تَوْتَمْ.. تَوْتَمْ.. تَوْتَم !
و أكفٌ سودٌ تُلهب جلدَ طبول
فتدمدم من ألمٍ.. و تدمدم
دُم دُم.. دُ.. دُ.. دُم
دُم دُم.. دُ.. دُ.. دُم
أحقاد قرون تتضرّم
و يعود يمزق قلب الليل دوي الثار
تَوْتَمْ.. تَوْتَمْ.. تَوْتَم !
و تُشَرّعُ في وهجِ النيران رماح
تنقضّ لتعصر عار عصور الظلمة بالدمّ
((الغابة قبركَ..يا استعمار !!
باتريــس لومومبا
باتريــس لومومبا
((شاعر الحرية و رسولها. في مجاهل
غابات الكنونغو الزنجي المعذب ! ))
لاطم الريح بالجناجين.. و اصعد.. يا حبيب الحرية المتمرّدْ
أيهذا النسر الذي راعه العيشُ بوادِ كابٍ.. ذليلٍ.. مقيّد
فتلوّى في بؤرة الوحل و الشوك.. بشوقٍ إلى السنى متوقّد
و أضاءت أحلامُه برؤى موسى، و عيسى، و أمنيات محمد
و أضاءَ الحنينَ للذروة الشماءِ.. بين النجوم.. أعلى و أبعد
فنَزاه للعلاء.. ميناؤه الشمروخ، في قمة الإباء الموطّد
***
يا هتافا، لوقعه زُلزِلَ الكونغو الحزين المعذبُ المستعبَد
أغفلته عصابةٌ ساقت الشعب عبيداً.. لأجنبيّ مسوّد
نسرَ إفريقيا العظيمَ.. نداءُ الشمسِ دوّى على الوجود و أرعد
فاستجبتَ النداءَ.. لبيكِ أمي.. غدا في أفق البطولات موعد
و شددتَ الجناح، في القلبِ نبضٌ لهبيٌ.. و أدمعٌ تتجلّد
بعد عهد من الظلامِ، طويلٍ، في سماء العبيد أشرقت فرقد
فاحمل المشعل العظيم و مزّقْ ما أراد الغزاةُ ليلاً مُخلّد !
في صف الأعداء
أمس استوقفني في الشارع يسأل عن (( بارْ ))
يقضي فيه بقيّةَ ليله
زنجي بحّار
يعمل عتّالا في إحدى سفن الدولار
و تحدّثنـا فإذا بي أستلطف ظلّهْ
_هل نشرب كأساً يا صاحب ؟..
و لدى مائدةٍ واجمةٍ في المقهى الثرثار
كان صديقي يشربُ.. يشربُ باستهتار
هذا الزنجيُّ يحبّ النسيان
فلماذا؟.. من أيةِ أغوار
ينبع هذا الإنسان ؟
_قل لي.. حدّثني عنكم في أميركا الحرّة
عن مدرسة البيِض، كنيستهِم، فندقهم، و عبارات
كتبتْ بالفوسفور و جابت كل الحارات:
((ممنوع إدخال كلاب و يهودٍ و زنوج )) !
_او.. وه.. اتركني باسم الشيطان
هل حولَكَ لي أُنثى؟ فقُبَيْلَ الفجر
سنُسيّبُ هذا الميناء.. و نمضي عبر الأخطار !
_حسناً ! حدثني عن وطنِ النارِ السوداءْ
هل تسمع عن أسدٍ يُصطاد
عن أدغالٍ تهوي تحت الليل رماد
عن حقل مزروع شهداء
عن شعب يَنْبَتُ في أرضٍ
بدماء القتلى مرويّه
عن شمسٍ تولّد حاملةً
خبزاً.. أحلاماً.. حريّه
هل تسمع عن افريقيّة ؟!
_أسمع.. أسمع.. دقات طبول (( السمبا ))
و أرى الحسناء الزنجيّه
تترجرج كالنار الغضبى
في رقصة حبّ دمويّه
_حسناً.. حسناً.. حدّث عن كوبا
هل تعرف شيئاً عن شعبٍ
ما عاد مسيحاً مصلوبا
لو أنشد هذي الليلةَ أغنيّه
_كوبا؟ لو أحمل هذه الليلة قيثاره أغنيّه
فتزاح ستاره
عن جسدٍ بضّ في إحدى الشرفات
***
يا ساقية الحانه
وَيْلمِّكِ.. فارغةٌ كأسي
و أنا ما زلتُ أُحُسُّ على عنقي، رأسي
و رفيقُكِ.. ما لرفيقِكِ أخمدَ ألحانه ؟ ..
أمس استوقفني في الشارع يسأل عن بار
و اليوم صباحاً كان من الأخبار
أمريكيٌ أبيض مات
مات و في شفتيه نداءٌ:
فلتسقط كلمات
كتبت بالدمّ و بالأحزان
فليسقط عارُ الإنسان
يرفعه الفاشست على وحل الرايات
((ممنوع إدخال كلابٍ و يهود و نزنوج )) !
من أجل
من أجل صباح !
نشقى أياماً و ليالي
نحمل أحزان الأجيالِ
و نُكوكِبُ هذا الليل جراح !
***
من أجل رغيف !
نحمل صخرتنا في أشواك خريف
نعرى.. نحفى.. و نجوع
ننسى أنّا ما عشنا فصلّ ربيع
ننسى أنّا..
خطواتٌ ليس لهنّ رجوع !!
عروس النيل
أسمعُهُ.. أسمعُهُ !
عبرَ فيافي القحط، في مجاهلِ الأدغال
يهدرُ، يَدْوي، يستشيط
فاستيقظوا يا أيها النيام..
ولْنبتنِ السدود قبل دهمة الزلزال
تنبهوا.. بهذه الجدران
تنزل فينا من جديد نكبة الطوفان !
***
لمن تُزَيّنونَها.. حبيبتي العذراء !
لمن تبرّجونها ؟
أحلى صبايا قريتي.. حبيبتي العذراء !
حسناؤنا.. لمن تُزَفّ ؟
يا ويلكم، حبيبتي لمن تُزَفّ
لِلطّمْيِ، للطحلب، للأسماك، للصّدف ؟
نقتلها، نُحْرَمُها، و بعد عام
تنزل فينا من جديدٍ نكبةُ الطوفان
و يومها لن يشفع القربان
يا ويلكم، أحلى صبايا قريتي قربان
و نحن نستطيع أن نبتنيَ السدود
من قبل أن يداهمنا الطوفان !
***
بَدارِ.. باسم الله و الانسان
فانني أسمعُهُ.. أسمعُهُ :
و لي أنا.. حبيبتي العذراء !!
الجنود
الجنــود
قوموا اخرجوا من قَبْوِكم، يا أيها النيام !
اليوم للأعراس
دُقّوا له الأجراس
و ارفعوا الأعلام
لاقُوه في حماس
لاقوه بالهتاف.. بالأفراح.. بالأغاني
هبّوا اصنعوا أعظم مهرجانِ
غَطُّوا المدى بأغصنِ الزيتون
و طيّروا الحمام
جاءكم السلام
يا مرحبا.. جاءكم السلام !
نحن على الحدود
نحن على الحدود.. لا ننام
أكُفُّنا لصيقةٌ على مقابض الحديد
عيوننا ساهرةٌ.. تجود في الظلام
قلوبنا تدق في انتظارهم..
أعدائما الغزاة
نحن تعلّمنا.. تعلّمنا..
أن نسلب الحياة !
***
نحن على الحدود.. كالكلاب، كالقرصان !
لا نعرف الهدوء.. لا ننام
فاستقبلوه.. استقبلوا السلام
عاش السلام.. عاش السلام !!
إلى صاحب ملايين
نَمْ بين طيّاتِ الفراش الوثيرْ
نَمْ هانئَ القلب، سعيداً، قريرْ
فكل دنياك أغَاني سرور !
***
المال في كفّيـك نهـر عزير
و القوت، أغلاهُ، و أغلى الخمور
و ألفُ صنفٍ من ثياب الحرير
و الصوف و السجاد، منه الكثير
(( و كادِلاك )).. في رحاب القصور
و الغيد، و اللحن و سحر الدهور !
نَمْ خالياً.. لا قارَبَتْك الشرور
و كلّ ما تبغيه.. حتماً يصير
إن شئت.. فالليل صباح منير
أو شئت.. فالقفر ربيع نضير
و القبر إن ترغبْ.. حياةٌ و نور
و اطلب.. ففي الجلمود يصفو غدير
و الآن ! يا نجلَ العلى يا أمير
يا عالي المقامِ.. يا .. يا خطير
يا تاجَ رأسي.. يا زعيميَ الكبير
إسمحْ لهذا الشيء.. هذا الفقير
إسمح له بكلمةٍ لا تضير
عندي سؤالٌ مثل عيشي حقير
أرجوك أن تسمعه، ألاّ تثور
من أين هذا المال.. يا (( مليونير )) ؟!
المطر والفولاذ
و ينتصب المصنع الماردُ
إلهاً.. كلانـا لـه عابدُ
و تَدوي الدواليبُ مزهوةً
و يدري بنا شوقُنا الصامدُ
فيا سُحُبَ الغيثِ مُدّي يداً
سحابُ مداخننا صاعد
و صبّي الحياة على شرقنا
فقد هيّأَ المنجل الحاصد
و آلتنا وَعَدَتْ طفلَنــا
بكعكٍ.. فهل يكسف الواعد ؟
***
تهلّل بنا يا غداً لم يكن
سوى مطمحٍ.. فالسنى عائد
تهلّل! ستخضرّ أشواقُنا
و ينبض شريانُها الخامدُ
ففي كل أُفقٍ لنا مشرقٌ
و في كلِّ دربٍ لنا رائد
و مِغْزَلُنا بعد طول انتظارٍ
تحرّكَ منوالهُ البارد
و ضم غيوم البحار و غيم الـ
مصانعِ.. منهجُنا الواحد
إذا ماتَ من يأسِهِ عاجزٌ
فإنّ الرجاءَ.. بنا خالد
السرطان
((إلى قابين و هابيل العصر اللذين
لم يصرع بعد، أحدهم الآخر !؟؟))
_1_
شواهد الرخام
تجثمُ في الطين، تغطي الشاطئَ المديد
و لم تزل سفائن العبيد
مُثقَلةً بالنارِ، بالسموم، بالحديد
تَمخرُ بحر الدمع و الصديد
و خلفها مدائن الموتى
و الصمتُ، و الخراب، و الدخان
و في مغاور المدى الدفينِ في الظلام
يَعوِي مخاضُ الرعب و القَتامْ
و السرطان يُطفئُ الشمس و يستفيق
يشبّ من شهوتِه حريق
متى تزلزل الوجود صرخة اللئام؟
إلى الأمام.. إلى الأمام !!..
_2_
من ألفِ ألفِ عام
لا يَنْشفُ السكينُ.. و الجراحُ لا تنام
حمائمُ القماش في الفضاء
مطلقة بالمعدنِ الممسوخِ.. بالرياء
و خلف بيرق السلام
تَغلي صنابيرُ الدماء
و يرجف التراب في الأعماق
و يَهْلَعُ الاسفنجُ في القيِعان
و الرعب يُقلِقُ النجوم
و السرطان يطفئُ الشمس و يستفيق
ينتظر الدم المراق
و فُضلة الجذورِ و العظام
من ألف ألف عام
_3_
مفترق الطريقِ
من أين يا قوافلَ الرقيق ؟
في أي شعْبٍ تزحفين ؟
لأي أُفْق ترحلين ؟
تمهلوا يا حاملي الصخور
تمهلوا.. مفترق الطريق
و البحر من ورائكم يموجُ
و العدو من أمامكم يموج
و الشواظ.. و الحريق
يُفَزِّع الغِلال و المروج
و الصخرُ في الأغوار
يضخمُ.. يعلو.. ينذرُ الخليج
و خلفكم، يا ضائعون، ماتت الشطآن
و لم يعد مكان
تُغرَسُ في جراحه شواهد الرخام
خلفكمو لم يبق غير البومِ و الديدانِ و الغربان
و الرّعبِ، و الأوباءِ، و الظلام
و القيظِ، و الصدى، و الازدحام
و خطوة المصير في مفترق الطريق
و السرطان !
يطفئ الشمس و يستفيق !!
طفل يعقوب
((إلى فمك بالبوق، كالنسر على بيت
الرب، لأنهم قد تجاوزوا عهدي،
و تعدوا على شريعتي )).. التوراة
من هذا الصخر.. من الصلصالْ
من هذي الأرض المنكوبه
يا طفلاً يقتُل يعقوبَهْ
نعجن خبزاً للأطفال !
من ترمي في ليلِ الجُبِّ
أُنظر.. و احذر
من حفرة غدرٍ تحفرها في دربي
يا خائنَ عهدِ الربِّ !!
اقطاع
يا ديداناً تحفر لي رمسي
في أنقاض التاريخ المنهار
لن تسكت هذي الأشعار
لن تخمد هذي النار
ما دامت هذي الدنيا
ما دمنا نحيا
في عصر الاقطاع النفسي
فسأحمل فأسي
سأشُجُّ حماقات الأوثان
و سأمضي.. قُدماً، قُدماً، في درب الشمسِ
باسم الله الطيب.. باسم الانسان !!
الانسان الرقم
رفَعَ المقعدُ لي نظارتيه
سيدي ماذا تريد ؟
و مضى.. بالقلم المسلول، و الوجه الكليل
يحرث الأوراق في صمت بليد
و الحروف الصمّ و الأرقام ثلجٌ في يديه :
سيدي.. ماذا تريد ؟
***
و تنحنحتُ.. أنا أبحثُ عن نفسي هنا
رَقَمي.. خمسةُ آلافٍ و تسعه
***
و مضى يبحث عن خمسةِ آلافٍ و تسعه
ليس يعنيه (( أنا )) !
***
ثم عاد الأخطبوط الأصفر الشاحبُ من وعرِ الرحيل
غاضباً.. بالقلم المسلول و الوجه الكليل :
(( سيدي.. ليس له أي وجود )) !!
***
ثم عاد المقعد الميّتُ يجثو من جديد
كُوَمَ الأوراقِ
يغتالُ الحروفَ السودَ و الأرقامَ في صمتٍ بليد
***
رقمي ليس له أي وجود
و (( أنا )) .. ليس له.. أي وجود !!
مرثيــة أغنية قديـمة
كم استثرتِ عندهم كوامنَ الأشواق
كم كنتِ بينهم حمامة السلام
فعاودتْ قلوبَهم نوازغُ الغرام
و دمعت عيونهم من الفرح
فاختصروا العتاب
و عمّروا مجالس الشراب
***
من سنةٍ.. آخرهم.. يرحمه اللهُ
و يومها..
_و لم يكن يفهم ما تحكين إلاّهُ_
من سنةٍ يرحمكَ الله !
يا طابعاً أهمله البريد
فلن يُعيد
من حلوةٍ جواب
لمدنفٍ مُتيّمٍ.. لن يجمع الأحباب
***
لن تستثيري عندهم كوامنَ الأشواق
لن تبعثي أجدادَنا العشاق
يا جدّةً طاهرةَ الرفات
يا حيّةَ الممات..
يا مَيْتَةَ الحياة !!
درب الحلــوة
عيناك!!.. و ارتعش الضياء بسحر أجمل مقلتينْ
و تلفّتَ الدربُ السعيد، مُخدّراً من سكرتين
و تبرّجَ الأُفُقُ الوضيء لعيد مولد نجمتين
و الطير أسكتها الذهول، و قد صدحتِ بخطوتين
و الوردُ مال على الطريق يودّ تقبيل اليدين
و فراشةٌ تاهت إلى خديكِ.. أحلى وردتين
ثم انثنيت للنور في عينين.. لا.. في كوكبينْ
و نُحَيْلةٌ همْتْ لتمتص الشذى من زهرتين
رحماك!.. ردّيها.. و لا تقضي بموتي مرتين
فأنا.. أنا دوّامةٌ جُنّت ببحرٍ من لُجين
أصبحتُ، مذ نادى بعينيك السبيل.. كما ترين
سُكْرٌ غريب الخمر.. منكِ.. اجتاحني قلباً و عين
ماذا؟.. أحُلماً ما أرى.. أم واقعاً.. أم بين بين
يا طلّة الأسحار قلبي ذاب في غمّازتين
و ثوى هنالك ناسكاً، ما حمّلَ المعبودَ دَين
يا حلوة العينين، إنكار الهوى زورٌ، و مَيْن
فتشجّعي .. و بقبلةٍ صغرى أبيعك قبلتين
و تشجّعي .. و الحبّ يخلقُ هيكلاً من هيكلين
إن تعطِني عيناكِ ميعاداً ألمّ الفرقدين
أيكون من حظي لقاءٌ يا ترى ؟ و متى ؟ و أين ؟ ..
يوم الأحد
((إلى الجنة الحزينة.. و اللقاء الأول..
و شجرة الكرمل ))
***
المواعيد سَهتْ عن موعدي
فتشـرّدتُ بتيـه الأبـَدِ
أنكرتْ سود الليالي أرَقي
و جناح الدفء جافي مرقدي
و القتينا صدفةً قِدّيسةً
جمعتْ قلبين يومَ الأحدِ
فغدى يوم المسيح المفتدى
بدءَ تاريخي، و ذكرى مولدي
***
حلوتي، يا جنّةً مخزونةً
أنا من قبلُ، بها لم أنشد
طائري ما كان يبني عُشّه
في جِنانِ الحب لو لم توجدي
فاحضنيني.. أدمعاً حائرةً
أقسم الحرمان ألاّ تهتدي
رُوِيتْ منها قلوبٌ جّمّةٌ
و أنا.. منبعُها الثرّ.. الصدي
عانقيني بهجةً ناسكةً
غير أرباب الهوى لم تعبدِ
و خيالاتٍ تجلّت في دُنىً
لم تطُفْ أشباحها في خَلَدِ
عالمٌ للروح طوّفت به
شطه استعصى على كل يد
أنا أهواكِ.. هوىً نيرانُه
اتخذت أحطابها من جسدي
طهّرتْ روحي، و مسّتْ شفتي
فإذا فيها الذي لم يُعهَدِ
قُبَلٌ تسألني عن شفةٍ
لم تنَلْ.. كالوهم في ظنِّ الغد
و حروف يسجد الوحيُ لها
لسوى عاطفتي لم تسجد
يا ابنة الأحلام في غيبوبتي
جسّدي أحلامَ حبي.. جسّدي
المواعيد التي لم نَحْيَها
أمسِ.. نحياها غداً.. في موعدِ
غوانتانامو
هنا يَفسُدُ الملحُ. يأسنُ ماءُ الينابيعِ. يؤذي النسيمُ. ويُعدي الغمامُ
هنا تثلجُ الشمسُ. مبخرةُ الثلجِ تُشعلُ شعرَ الحواجبِ والأنفِ. تدنو الأفاعي. وينأى الحمامُ
هنا يسهرُ الموتُ في اليومِ دهراً. وروحُ الحياةِ تنامُ نهاراً ودهراً تنامُ
بكاءُ الرجالِ هنا. وبكاءُ النساءِ. ليضحكَ ملءَ البكاءِ لئامٌ لئامُ
هنا غوانتانامو..
وجوهٌ وما من وجوهٍ. وصوتٌ ولا صوتَ. والوقتُ لا يعرفُ الوقتَ. لا ضوءَ. لا همسَ. لا لمسَ. لا شيءَ. لا شمسَ. ليلٌ. وليلٌ يجبُّ النهارْ
وقيدٌ يُسمَّى السِّوارْ
وقيدٌ دماءٌ. وقيدٌ دمارْ
وراءَ الجدارِ. وراءَ الحديدِ. وراء الجدارْ
هنا قلقٌ لا يفيقُ. هنا أرقٌ لا ينامُ
هنا غوانتانامو..
تدفُّ رفوفُ العصافيرِ رُعباً. وتخفقُ أجنحةُ الموتِ في فخِّ أسلاكِهِ الشائكهْ
ويسطو طنينُ الذبابِ على ثَمَرِ الأعينِ الهالكهْ
وتعلو على لهبِ الدمِّ والدّمعِ أبخرةٌ فاتكهْ
ويهوي الظلامُ
هنا غوانتانامو..
أتعلمُ أُمُّكَ أنّكَ تذوي حنيناً إليها؟ أتعلمُ أمّكَ يا أيّهذا الأسيرُ الغريبْ
أتعلمُ أنّك تلمحُ في الموتِ كفَّ الطبيبْ
أتعلمُ أمكَ أنكَ في ربقةِ الأسرِ تحلمُ حرّاً
بدفءِ يديها
وتبكي عليكَ. وتبكي عليها
وأنّك تدعو وتدعو. وأنّ السماواتِ لا تستجيب
لأنك في غوانتانامو
وبعضُ الدّعاءِ مَلامُ..
تضنُّ القلوبُ بأسرارها. ويبوحُ المسدَّسُ. ما الحلُّ؟
يا جنرالَ الظلامِ . ويا سيّدَ النفطِ والحلِّ والرّبطِ . ما الحلُّ
يا سيّدَ البورصةِ الخائفهْ
ويا قاتلَ الوقتِ في رَحْمِ ساعاتِنا الواقفهْ
إلى أين تمضي جنائزُ أحلامِك النازفهْ
إلى أين يمضي السلامُ؟
إلى أين يمضي الكلامُ؟
إلى غوانتانامو..
تعيشُ اللغاتُ هنا. وتموتُ اللغاتْ
على الملحِ والدمعِ والذكرياتْ
وتؤوي بقايا الرفاتِ بقايا الرفاتْ
وأحذيةُ الجندِ لا تستريحُ. وقبضاتُهم لا تريحُ. وما من شرائعَ. ما من وصايا. ولا دينَ. لا ربَّ. لا شرقَ. لا غربَ. ما من حدودٍ. وما من جهاتْ
هنا كوكبٌ خارجَ الأرضِ. لا تُشرقُ الشمسُ فيه. وما من حياةٍ عليه. وما من حروبٍ. وليسَ عليه سلامُ
هنا كوكبٌ خارجَ الجاذبيَّهْ
وما من معانٍ إلهيَّةٍ تدَّعيهِ
وما من رؤىً آدميَّهْ
ظلامٌ
ظلامٌ
ظلامُ
هنا.. غوانتانامو..
جناحُ الفراشةِ ينسى زهورَ الربيعِ. جناح الفراشةِ ينسى الربيعَ القديمَ الجديدَ القريبَ البعيدَ. ويسقطُ في النارِ. لا طَلْعَ. لا زرعَ. كفُّ الأسيرِ جناحُ الفراشةِ. مَن أشعَلَ النارَ في البدءِ؟ مَن أرهبَ النسمةَ
الوادعَهْ
ومن أرعبَ الوردةَ الطالعهْ
لتسقطَ كفُّ الأسيرِ. ويسقطَ قلبُ الطليقِ. على لهبِ الفاجعَهْ
ويرحلَ بالراحلينَ المقامُ
إلى غوانتانامو..
كلامٌ جميلٌ عن العدلِ والظلمِ. والحربِ والسلمِ. في مجلسِ الحسنِ والصونِ والأمنِ. في كافيتيريا الرصيفِ. وفي البرلمانِ. وفي المهرجانِ. وبين القضاةِ. وفي الجامعاتِ. كلامٌ غزيرٌ. وحلوٌ
مريرٌ. ومَرَّ الكرامِ يمرُّ عليه الكرامُ
ويمضي الصدى. ويضيعُ الكلامُ
ولا شيءَ يبقى سوى.. غوانتانامو..
ويبقى غبارٌ على صُوَرِ العائلهْ
ووجهٌ يغيبُ رويداً رويداً. وتشحُب ألوانُه الحائلهْ
وسيّدةٌ عُمرُها ألفُ عُمرٍ. تقاومُ قامتُها المائلهْ
لترفعَ عينينِ ذابلتينِ إلى صورةِ الأُسرةِ الذابله
"تُرى أين أنتَ؟"
"متى ستعودُ؟"
"وهل ستعودُ قُبيل رحيلي؟"
"لأمِّك حقٌّ عليكَ. ترفَّقْ بأمِّك يا ابني. تعالَ قليلاً. ألستَ ترى أنّني راحلهْ؟"
"تُرى أين أنتَ؟"
وتجهلُ أُمُّ الأسيرِ البعيدِ مكاناً بعيداً
يسمُّونَهُ غوانتانامو
وتبكي.. وتبكي عليها العنادلُ. تبكي النسورُ. ويبكي اليمامُ..
هنا وطنُ الحزنِ من كلِّ جنسٍ ولونٍ. هنا وطنُ الخوفِ والخسفِ من كلِّ صنفٍ. هنا وطن السحقِ والمحقِ والموتِ كيف تشاءُ المشيئةُ موتٌ ترابٌ. وموتٌ رخامُ
هنا غوانتانامو
أراجيحُ ضوءٍ شحيحٍ عقاربُ ساعتِهِ المفلتهْ
ورقّاصُ ساعتِهِ الميّتهْ
هنا غوانتانامو
يغنّي المغنّي الأسيرُ دماً. يا صديقي المغنّي
لجرحِكَ إيقاعُ جرحي
لصوتِكَ أوتارُ حزني
لموتِكَ ما ظلَّ لي من حياتي
وما ظلَّ للموتِ منّي
وكلُّ زمانٍ هُلامُ
وكلُّ مكانٍ هُلامُ
سوى غوانتانامو..
لبرجِ المراقبةِ الجهْمِ أن يستثيرَ الرياحَ وأن يستفزَّ الجهاتْ
وللحارسِ الفظّ أن يشتُمَ الأمَّهاتْ
وللثكناتِ .. وللأسلحهْ
ممارسةُ الحلمِ بالمذبحهْ
وللزيتِ والشَّحم والفحمِ أن تتحدّى طموحَ الزهورِ
وأن تتصدّى لتوقِ النباتْ
وللقبضاتِ. وللأحذيهْ
معاقبةُ الأغنيهْ
وقمعُ الصَّلاةْ
هنا ما يشاءُ النِّظامُ
وفوضى تُرتِّبُ فوضى
ويُسكِتُ جوعاً صِيامُ
هنا غوانتانامو..
ينامون بين الأسرَّةِ والريحِ. أهدابُهم في النجومِ. وأطرافُهم في مياهِ المحيطِ. ينامونَ صفراً عُراةً وسوداً وبيضاً عراةً وسُمراً عُراةً. لحافُ السماءِ غطاءٌ ثقيلٌ. ينامون بين شفيرِ الجحيمِ وحبلِ الخلاصِ.
وهل من خلاصٍ سوى ما تُتيحُ حبالَ المشانقِ؟ هل من خلاصٍ سوى ما تُتيحُ حبالُ المشانقِ؟ مَن يُصدرُ الحُكمَ يا حضراتِ القضاةِ الغزاةِ الطغاةِ؟ ينامون أسرى الحنينِ وأسرى الجنونِ. ولا نومَ . لا صحوَ. ما
من أسِرَّهْ
سوى شُهُبٍ من شظايا المجرَّهْ
وما من لحافٍ سوى ما يُهيل القتامُ
على غوانتانامو
وأكفانِ حزنٍ. ونيرانِ حَسْرَهْ
هنا غوانتانامو
تقولُ الدساتيرُ ما لا تقولُ البنادقْ
تقولُ المغاربُ ما لا تقولُ المشارقْ
تقولُ الأراجيحُ ما لا تقولُ المشانقْ
يقولُ الأساطينُ في فنِّ قتلِ المحبَّةِ. ما لا
تقولُ أناشيدُ عاشقْ
فماذا يقولُ لنا الاتهامُ؟
وماذا يقولُ لنا غوانتانامو؟
وماذا يقولُ رمادُ المحارِقِ. ماذا يقولُ رمادُ المحارقْ؟
وماذا يقولُ زجاجُ النوافذِ للشمسِ والريحِ؟ ماذا
يقولُ القميصُ العتيقُ لعاصفةِ الرملِ والثلجِ؟ مِن
أينَ تأتي الأفاعي إلى غُرفِ النّوم؟ ما يفعلُ الطفلُ
بالقنبلهْ
وكيف يردُّ الذبيحُ على الأسئلهْ
وماذا تقولُ لصاعقةٍ سُنبُلهْ
وماذا تقولُ الصبيّةُ بعد اقتناصِ أبيها
وكيف يجيبُ الغُلامُ
على غوانتانامو؟
لأنَّ دماءَ المسيحِ تسحُّ على شُرفةِ الأرضِ
من شُرفةِ الآخرهْ
لأنَّ دموعَ النبيّينَ تنفعُ إن لم تعُدْ تنفع الآصرهْ
وتَشفع للأُممِ الصابِرهْ
لأنّ الخليقةَ مؤمنَةٌ أوّلَ الأمرِ بالله. موعودةٌ
آخرَ الأمرِ بالرحمةِ الغامرهْ
لأنّ النفوسَ البسيطةَ طيّبةٌ غافرهْ
فهل تتخلَّى السماءُ؟ وهل يستريحُ الأنامُ
إلى الصمتِ والموتِ في غوانتانامو؟
لإيكاروسِ العصرِ حكمةُ ذيذالوسِ العصرِ..
O.K... فهمنا الرسالةَ. لكنَّ أجنحةَ الطائراتِ الرهيبةِ أقوى من الرّيشِ والريحِ. أسرعُ من نبضةِ القلبِ في قلعةِ البنتاغونِ القصيَّهْ
ويسقطُ إيكاروسُ العصرِ. تسقطُ حكمةُ ذيذالوسِ العصرِ،
بين المارينـزِ وحاملةِ الطائراتِ العصيَّهْ
وتبقى التفاصيلُ. لكنْ تضيعُ القضيَّهْ
ويبقى الحلالُ. ويبقى الحرامُ
ويبقى النـّزيفُ على غوانتانامو..
متى تسقطُ الكأسُ من كفِّ يوضاسَ؟ أين الوصايا؟ وأين المرايا؟ أليسَ هنا أَحَدٌ؟ أين أنتم؟ وهُم؟ أين نحنُ؟ وأين قضاةُ النظامِ الجديدِ؟ ألم يفرغوا من طقوسِ العشاءِ الأخيرِ؟ ومن خطّةِ الضَّربِ والصَّلبِ؟ أين رُعاةُ
الحقوقِ؟ وأينَ حُماةُ الحدودِ؟ ألم يشبعوا من طعامِ العشاءِ الأخيرِ؟ ألم يكفِهم جسدي خبزهم ودمي خمرهم؟ يتخمونَ على رسلِهم. يثملونَ على رِسلِهم. يصخبونَ. وشاهدةُ القبرِ بينهم المائدهْ
ووجبتُهم جثّتي الخامدهْ
هنا غوانتانامو
هنا تتهاوى النواميسُ. يسقطُ سرُّ اللّغاتِ. هنا تتشظّى الجراحُ. هنا تتلظّى الرياحُ. متى تنهضُ الشمسُ من قبرِها؟
متى تُسفرُ الأرضُ عن فجرِها؟
متى تتصدَّى حياةٌ لموتٍ؟ متى تتحدّى الحروبَ السلامُ؟
كفى غوانتانامو
كفى غوانتانامو
كفى غوانتانامو
كفى
البيان قبل الأخير ..
البيان قبل الأخير عن واقع الـحال مع الغزاة الّذين لا يقرأون
----------------
لاَ. لاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ..
يَوْمُ الْحِسَابِ فَاتَكُمْ
وَبَعْثَرَتْ أَوْقَاتَكُمْ
أَرْقَامُهَا الْمُبَعْثَرَهْ
فَلاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ...
تَدَفَّقُوا مِنْ مَجْزَرَهْ
وَانْطَلِقُوا فِي مَجْزَرَه
أَشْلاَءُ قَتْلاَنَا عَلَى نَهْرِ الدِّمَاءِ قَنْطَرَهْ
فَلاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ..
تَزَوَّجُوا دَبَّابَةً
وَأَنْجِبُوا مُحَنْزَرَهْ
وَحَاوِلُوا
وَعَلِّلُوا
وَقَاتِلُوا
وَقَتِّلُوا
كُلُّ شَهِيدٍ غَيْمَةٌ
تَصْعَدُ مِنْ تُرَابِنَا
تَهْمِي عَلَى حِرَابِكُمْ
وَمَرَّةً أُخْرَى وَرَاءَ مَرَّةٍ أُخْرَى
يَعُودُ غَيْمَةً مِنْ بَابِنَا
كُلُّ شَهِيدٍ غَيْمَةٌ
كُلُّ وَلِيدٍ شَجَرَهْ
فَلاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ..
يَا أَيُّهَا الآتُونَ مِنْ عَذَابِكُمْ
عُودُوا عَلَى عَذَابِنَا
عُودُوا إِلَى صَوَابِنَا
أَلشَّمْسُ فِي كِتَابِنَا
فَأَيُّ شَيْءٍ غَيْرَ هَذَا اللَّيْلِ فِي كِتَابُكُمْ
يَا أَيُّهَا الآتُونَ مِنْ عَذَابِكُمْ
لاَ. لاَ تَعُدُّا الْعَشَرَهْ
وَغَازِلُوا قَاذِفَةً
وَعَاشِرُوا مُدَمِّرَهْ
وَأَتْقِنُوا الْمَكَائِدَ الْمُحْكَمَةَ الْمُدَبَّرَهْ
خُذُوا دَمِي حِبْرًا لَكُمْ
وَدَبِّجُوا قَصَائِدَ الْمَدِيحِ
فِي الْمَذَابِحِ الْمُظَفَّرَهْ
وَسَمِّمُوا السَّنَابِلْ
وَهَدِّمُوا الْمَنَازِلْ
وَأَطْلِقُوا النَّارَ عَلَى فَرَاشَةِ السَّلاَمْ
وَكَسِّرُوا الْعِظَامْ
لاَ بَأْسَ لَوْ تَصِيرُ مَزْهَرِيَّةً
عِظَامُنَا الْمُكَسَّرَهْ
لاَ. لاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ
مَنْ أَوْصَدَ السِّحْرَ عَلَى قُلُوبِكُمْ؟
مَنْ كَدَّسَ الأَلْغَازَ فِي دُرُوبِكُمْ؟
مَنْ أَرْشَدَ النَّصْلَ إِلَى دِمَائِنَا؟
مَنْ دَلَّ أَشْبَاحَ الأَسَاطِيرِ عَلَى أَسْمَائِنَا؟
مَنْ أَشْعَلَ الْفَتِيل؟
مَنْ لاَطَمَ الْقَتِيلَ بِالْقَتِيلْ؟
لاَ تَسْأَلُوا
لاَ تَقْبَلُوا
لاَ تَعْبَأُوا بِالدَّمْعَةِ الْمُفَكِّرَهْ
وَلاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ..
مِنْ هَهُنَا كَرَّتْ جُيُوشٌ مِثْلَكُمْ
وَهَهُنَا فَرَّتْ جُيُوشٌ قَبْلَكُمْ
فَاقْتَحِمُوا
وَالْتَحِمُوا
وَأَخْطِئُوا
وَاتَّهِمُوا
مَا دَامَ فِي الدُّنْيَا لَكُمْ
قَاضٍ، بِمَا تَرَوْنَهُ حَقًّا وَعَدْلاً يَحْكُمُ
وَنَحْنُ لَسْنَا غَيْرَ اُسْطُوَانَةٍ مُكَرَّرَهْ
أَقْوَالُنَا. فِي عُرْفِكُمْ. مُزَوَّرَهْ
كُوشَانُنَا، شُهُودُنَا، عُقُودُنَا مُزَوَّرَهْ
وَجَدُّنَا مُزَوَّرٌ
وَأُمُّنَا مُزَوَّرَهْ
وَلَحْمُنَا وَدَمُّنَا شَهَادَةٌ مُزَوَّرَهْ
لاَ.. لاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ...
جِئْتُمْ
إِذَنْ، فَلْيَخْرُجِ الْقَتْلَى إِلَى الشَّوَارِعْ
وَلْيَخْرُجِ الآبَاءُ وَالأَبْنَاءُ.. لِلشَّوَارِعْ
وَلْتَخْرُجِ الأَقْلاَمُ وَالدَّفَاتِرُ الْبَيْضَاءُ
وَالأَصَابِعْوَلْتَخْرُجِ الْمَكَاحِلْ
وَخُصَلُ النَّعْنَاعِ وَالْجَدَائِلْ
وَلْتَخْرُجِ الأَفْكَارُ وَالأَشْعَارُ وَالآرَاءُ
وَالْفَصَائِلْ
وَلْيَخْرُجِ الْمُنَظِّرُ الْمُبَشِّرُ الْمُقَاتِلْ
وَلْتَخْرُجِ الأَحْلاَمُ مِنْ كَابُوسِهَا
وَلْتَخْرُجِ الأَلْفَاظُ مِنْ قَامُوسِهَا
وَلْتَخْرُجِ الْبُيُوتُ وَالْوَرْشَاتُ والْمَزَارعْ
وَلْتَخْرُجِ الْمِحْنَةُ وَاللَّعْنَةُ لِلشَّوَارِعْ
وَلْتَخْرُجِ النَّكْبَةُ وَالنَّكْسَةُ لِلشَّوَارِعْ
وَلْيَخْرُجِ الدَّجَاجُ وَالسِّيَاجُ لِلشَّوَارِعْ
وَلْتَخْرُجِ الْبُطُونُ وَالأَفْخَاذُ وَالأَحْلاَفُ
وَالأَحْزَابْ
وَلْتَخْرُجِ الأَدْيَانُ وَالشَّرَائِعْ
وَلْتَخْرُجِ الأَشْيَاءُ وَالأَسْمَاءُ وَالأَلْقَابْ
وَلْيَخْرُجِ الْحُبُّ عَلَى أَجْنِحَةِ الضَّغِينَهْ
أَبْيَضَ فِي أَزِقَّةِ الْمُخَيَّمْ
أَسْوَدَ فِي كُوفِيَّةِ الْمُلَثَّمْ
أَخْضَرَ فِي حَارَاتِنَا الْحَزِينَهْ
أَحْمَرَ فِي انْتِفَاضَةِ الْقَرْيَةِ
وَالْمَدِينَهْ
وَلْتَخْرُجِ الأُهْزُوجَةُ الشَّعْبِيَّهْ
وَلْتَخْرُجِ الْقَضِيَّهْ...
حِئْتُمْ
إِذَنْ فَلْتَخْرُجِ السَّاحَاتُ وَالشَّوَارِعْ
فَيْضًا مِنَ النُّورِ
عَلَى الْعَتْمَةِ فِي السَّاحَاتِ وَالشَّوَارِعْ
سَدًّا مِنَ اللَّحْمِ
عَلَى مَدٍّ مِنَ الْفُولاَذِ وَالْمَطَامِعْ
أَلْكُلُّ.. لِلسَّاحَاتِ وَالشَّوَارِعْ
وَالْكُلُّ.. فِي السَّاحَاتِ وَالشَّوَارِعْ
وَلْتُدْرِكِ الْمَصَارِعُ الْمَصَارِعْ
وَلاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ
لاَ. لاَ تَعُدُّوا الْعَشَرَهْ...
جِئْتُمْ
إِذَنْ فَلْيَأْخُذِ الْفُولاَذُ مَا يَشَاءْ
وَلْتَأْخُذِ الْهِرَاوَةُ الْحَمْقَاءْ
وَلْيَأْخُذِ الْمَطَّاطُ وَالرَّصَاصْ
وَلْتَأْخُذِ الأَسْلاَكُ وَالْغَازَاتُ مَا تَشَاءْ
أبْرَقَتِ الْكَآبَهْ
فِي أُفُقِ الْكَوَارِثِ الصَّمَّاءْ
وَأَرْعَدَتْ إِرَادَةُ الْخَلاَصْ
فَلْتَخْتَصِرْ تَارِيخَهَا السَّحَابَهْ
وَلْتُمْطِرِ الدِّمَاءْ
وَلْتُمْطِرِ الدِّمَاءْ
وَلْتُزْهِرِ السُّفُوحُ وَالسُّهُولُ وَالْوِدْيَانْ
قَتْلَى وَزَيْتُونًا وَزَعْفَرَانْ
وَلْتَقْدَحِ الشَّرَارَهْ
بِحِكْمَةِ الْحِجَارَهْ
وَلْيَخْتَرِعْ إِنْسَانَهُ الإِنْسَانْ
فَلاَ تَعُدُّا الْعَشَرَهْ
وَلاَ نَعُدُّ الْعَشَرَهْ
تَرَاجَعَ الصِّفْرُ إِلَى الصِّفْرِ
انْطَلِقْ
مِنْ قُمْقُمِ الْمَوْتِ
إِلَى سَمَائِكَ الْمُحَرَّرَهْ
وَأَرْضِكَ الْمُحَرَّرَهْ
عِمْلاَقُنَا مِقْلاَعُنَا
مِقْلاَعُنَا عِمْلاَقُنَا
وَلاَ تَعُدَّ الْعَشَرَهْ
لاَ
لاَ تَعُدَّ الْعَشَرَهْ!!
مزامير ..!
مزمور الجنرالات
اسمعوا يا آل إسرائيل صوت الأنبياء
واسمعوا يا آل هارون النداء
نصدر الأمر لكل الملحدين الأشقياء
ولكل الطيبين الأتقياء :
اعبدوا أصنام واشنطن ، قوموا واعبدوها :
خالطوا أوثان بون القاتلة
واجعلوا أبناءكم قربان آي . بي . سي.
وفي القلب احفظوها
باسمها . . دكوا البيوت الآهلة
وأريقوا تحت رجليها الدماء
وعلى أقدام كنعان اسجدوا ، يا آل يا هودا،
ولا بأس إذا صارت مغانيكم ، صحاري قاحلة !
هللويا . . هللويا !
مزمور بقايا الفلسطينيين
من هنا
من مطهر الأحزان في ليل الجريمة .
أيها العالم ، تدعوك العصافير اليتيمة .
من هنا من غزة الموت،
زمن جينين ، والقدس القديمة ...
أيها العالم ندعوك
فرد الغاز ، والنابالم ، والأيدي الأثيمة !
هللويا ..
ذات يوم
كان في غزة صبر وحنين
وفلول من أناس طيبين
ذات يوم ، كان موال حزين
يشعل النكبة في كل خيام اللاجئين
ذات يوم ،
كان في القدس صغار ينشدون :
راجعون .. راجعون .. راجعون !
هللويا
كان في القرميد أعشاش ، وفي الأفق سنونو
كان في المنفى قلوب وعيون
تحت لفح الشمس .. تحت الريح ..
كانت تتمنى ،
"يا إله المجد ! جُربنا طويلا ..
فأعِدنا .."
هللويا .. هللويا
كان يا ما كان ،
وانقضت نسور معدنية
لم تكن حاملة من آل صهيون – إلى صهيون-
أفواج البقية .
لم تكن حاملة لحائط المبكى .. مزامير تقيه .
يا إله المجد .. ماذا حملت . ؟
نارا .. وغازا .. ودخانا
ومجاعات .. وصلبانا .. ويتما .. وهوانا ! !
يا إله المجد فاسمع
صوت شعب – يتفجع
يا إله المجد .. يكفيننا قرونا ما حملنا
نحن جربنا طويلا .. –كيف لا تقنع ؟
جُربنا طويلا .. فأعِدنا ..
هللويا .. هللويا .. هللويا..
مزمور أطفال العالم
يا إله الانتقام !
يا إله الانتقام اظهر .. ورد الخيلاء !
رد من يذبح في القدس اليتامى
والثكالى والايامي ..
رد من يظلم ميراثك
من يصلب في القدس سلاما
كيف لا يسمع من كوّن سمعا للبشر؟
كيف لا يبصر ، من سَوى البصر
يا إله الانتقام
هللويا
شق للفاسق حفره
رد للماكر مكره !
مزمور أحفاد أشعياء
نحن أحفاد إشعياء،
نناديه،
ننادي وجهه السمح الهلامي ،
الذي يرتج ، من خلف الدموع القانيه !
نحن أحفاد إشعياء نناديه .. غضابا مجهشين :
يا إشعياء الذي أغفى قرونا وقرون !
كيف صارت هذه القرية .. صارت زانية ؟!
زغلا فضتها صارت ،
على أيدي الطغاة الأغبياء
كيف يقضون بعسف لليتيم ؟
كيف لا تبلغهم دعوى الأرامل ؟
يا أشعياء المناضل
هللويا
......
رسل السلم هنا يبكون حقدا ومرارة
بعد أن حز رؤوس الآمنين
أدعياء الحق .. أعداء الحضارة .
يا أشعياء الحزين .
فانهض اليوم في قرية
تهوي على سفح المهالك :
"بعد سبعين ، رعاك الله يا هذي،
"فلم عدت إلى الأجرة،
"تزنين مع التجار ، من كل الممالك ؟
أنهض اليوم ، وصح في تل أبيب:
"ألف ويل للذي لا يطلب الرب
"ويمضي نحو مصر
"حاملا للشرق أعواد الصليب.
يا إشعياء الحبيب .
ذاك وحي جاء من تيماء ، من أرض العرب :
احملوا الماء ولاقوا اللاجئين
أيها الناس :
ووافوا الهارب الجائع أياما بخبزه ..
ضمدوا للمرة الأخرى جراح النازحين
من أمام السيف ولو هاربين
ومن القوس الذي شدته للحرب أكف المجرمين
يا أشعياء الشجاع
إنهض اليوم لكي يلعب أطفال فلسطين
ولا يخشون أنياب الصلال
ولكي يأمن حملان ، بآجام السباع
.......
هللويا ..
ثم يقضي في الأمم
دون أن يزهق حق
دون أن يكتم فم
........
يا أشعياء المناضل .
ثم تغدو سككا كل السيوف
ورماح القوم تنصب مناجل
ثم لا ترفع سيفا أمة كما تقاتل .
وصغار القوم لا يدرون ما الحرب وما سفك الدماء
وسيحلو ليهودا وفلسطين الغناء :
هللويا .. هللويا ..
يا إله المجد حارنا طويلا وذُبحنا .. وذَبحنا
وسفحنا دمنا ، دهرا ، سفحنا
يا إله المجد .
جُربنا طويلا .. واسترحنا ...
هللويا .. هللويا .. هللويا ..
تعالي لنرسم معاً قوس قزحنازلاً كنت : على سلم أحزان الهزيمة
نازلاً .. يمتصني موت بطيء
صارخاً في وجه أحزاني القديمة :
أحرقيني ! أحرقيني .. لأضيء !
لم أكن وحدي ،
ووحدي كنت ، في العتمة وحدي
راكعاً .. أبكي ، أصلي ، أتطهر
جبهتي قطعة شمع فوق زندي
وفمي .. ناي مكسّر ..
كان صدري ردهة ،
كانت ملايين مئه
سجداً في ردهتي ..
كانت عيوناً مطفأه !
واستوى المارق والقديس
في الجرح الجديد
واستوى المارق والقديس
في العار الجديد
واستوى المارق والقديس
يا أرض .. فميدي
واغفري لي ، نازلاً يمتصني الموت البطيء
واغفري لي صرختي للنار في ذل سجودي :
أحرقيني .. أحرقيني لأضيء
نازلاً كنت ،
وكان الحزن مرساتي الوحيدة
يوم ناديت من الشط البعيد
يوم ضمدت جبيني بقصيدة
عن مزاميري وأسواق العبيد
من تكونين ؟
أأختاً نسيتها
ليلة الهجرة أمي ، في السرير
ثم باعوها لريح ، حملتها
عبر باب الليل .. للمنفى الكبير ؟
من تكونين ؟
أجيبيني .. أجيبي !
أي أخت ، بين آلاف السبايا
عرفت وجهي ، ونادت : يا حبيبي !
فتلقتها يدايا ؟
أغمضي عينيك من عار الهزيمة
أغمضى عينيك .. وابكي ، واحضنيني
ودعيني أشرب الدمع .. دعيني
يبست حنجرتي ريح الهزيمة
وكأنا منذ عشرين التقينا
وكأنا ما افترقنا
وكأنا ما احترقنا
شبك الحب يديه بيدينا ..
وتحدثنا عن الغربة والسجن الكبير
عن أغانينا لفجر في الزمن
وانحسار الليل عن وجه الوطن
وتحدثنا عن الكوخ الصغير
بين احراج الجبل ..
وستأتين بطفلة
ونسميها " طلل "
وستأتيني بدوريّ وفلـّه
وبديوان غزل !
قلت لي - أذكر -
من أي قرار
صوتك مشحون حزناً وغضب
قلت يا حبي ، من زحف التتار
وانكسارات العرب !
قلت لي : في أي أرض حجرية
بذرتك الريح من عشرين عام
قلت : في ظل دواليك السبيه
وعلى أنقاض أبراج الحمام !
قلت : في صوتك نار وثنية
قلت : حتى تلد الريح الغمام
جعلوا جرحي دواة ، ولذا
فأنا أكتب شعري بشظية
وأغني للسلام !
وبكينا
مثل طفلين غريبين ، بكينا
الحمام الزاجل الناطر في الأقفاص ، يبكي ..
والحمام الزاجل العائد في الأقفاص
... يبكي
ارفعي عينيك !
أحزان الهزيمة
غيمه تنثرها هبة الريح
ارفعي عينيك ، فالأم الرحيمة
لم تزل تنجب ، والأفق فسيح
ارفعي عينيك ،
من عشرين عام
وأنا أرسم عينيك ، على جدران سجني
وإذا حال الظلام
بين عيني وعينيك ،
على جدران سجني
يتراءى وجهك المعبود
في وهمي ،
فأبكي .. وأغني
نحن يا غاليتي من واديين
كل واد يتبناه شبح
فتعالي . . لنحيل الشبحين
غيمه يشربها قوس قزح !
وسآتيك بطفلة
ونسميها " طلل "
وسآتيك بدوريّ وفلـّه
وبديوان غزل !!
الخفافيشالخفافيش على نافذتي،
تمتصّ صوتي
الخفافيش على مدخل بيتي
والخفافيش وراء الصّحف
في بعض الزوايا
تتقصّى خطواتي
والتفاتي
والخفافيشُ على المقعد،
في الشارع خلفي..
وعلى واجهة الكُتب وسيقان الصّبايا،
كيف دارت نظراتي!
.......................
الخفافيشُ على شرفة جاري
والخفافيش جهازٌ ما، خبّيءٌ في جدار.
والخفافيشُ على وشك انتحار.
......................
إنّني أحفرُ درباً للنهار!
بطاقات معايدة
أُسْوَةً بالملائكةِ الخائفينَ على غيمةٍ خائفهْ
في مَدى العاصفهْ
أُسْوَةً بالأباطرةِ الغابرينْ
والقياصرةِ الغاربينْ
في صدى المدنِ الغاربَهْ
وبوقتٍ يسيرُ على ساعتي الواقفَهْ
أُسْوَةً بالصعاليكِ والهومْلِسّ
بين أنقاضِ مانهاتن الكاذبَهْ
أُسْوَةً بالمساكينِ في تورا بورا،
وإخوتِهم، تحت ما ظلَّ من لعنةِ التوأمينِ،
ونارِ جهنَّمها اللاهبَهْ
أُسْوَةً بالجياعِ ونارِ الإطاراتِ في بوينس إيريسْ،
وبالشرطةِ الغاضبَهْ
أُسْوَةً بالرجالِ السكارى الوحيدين تحت المصابيحِ،
في لندنَ السائبَهْ
أُسْوَةً بالمغاربةِ الهائمينَ على أوجه الذلِّ والموتِ ،
في ليلِ مِلِّيلَةَ الخائبَهْ
أُسْوَةً بالمصلّينَ في يأسهم
والمقيمينَ ، أسرى بيوتِ الصفيح العتيقْ
أُسْوَةً بالصديقِ الذي باعَهُ مُخبرٌ ،
كانَ أمسِ الصديقَ الصديقْ
أُسْوَةً بالرهائن في قبضةِ الخاطفينْ
أُسْوَةً برفاقِ الطريقْ
أُسْوَةً بالجنودِ الصِّغار على حربِ أسيادهم ،
وعلى حفنةٍ من طحينْ
أُسْوَةً بالمساجين ظنّاً ،
على ذمّةِ البحثِ عن تهمةٍ لائقَهْ
أُسْوَةً بالقراصنةِ الميّتينْ
بضحايا الأعاصيرِ والسفنِ الغارقَهْ
بالرعاةِ الذين أتى القحطُ عاماً فعاماً
على جُلِّ إيمانهمْ
وعلى كُلِّ قُطعانهمْ
أُسْوَةً بالشبابِ المهاجرِ سرّاً ،
إلى لقمةٍ ممكنَهْ
خارجَ الجوعِ في وطنِ الفاقةِ المزمنَهْ
أُسْوَةً بالفدائيِّ أَوقَعَهُ خائنٌ في كمينْ
أُسْوَةً بالنواصي التي جزَّها النزقُ الجاهليّ
والرقابِ التي حزَّها الهَوَسُ الهائجُ المائجُ الفوضويّ
أُسْوَةً بالمذيعِ الحزينْ
مُعلناً ذَبْحَ سبعينَ شخصاً من العُزَّلِ الآمنينْ
باسم ربِّ السماءِ الغفورِ الرحيمْ
والرسولِ العظيمْ
والكتابِ الكريمْ
وصراط الهدى المستقيمْ
أُسْوَةً باليتامى الصغارْ
بالمسنّينَ في عزلةِ الزمنِ المستعارْ
بينَ نارٍ وماءٍ.. وماءٍ ونارْ
أُسْوَةً بالجرار التي انكسرتْ ،
قبلَ أن تبلغَ الماءَ ،
في واحةٍ تشتهيها القفارْ
أُسْوَةً بالمياهِ التي أُهرقتْ في الرمالِ ،
ولم تستطعْها الجرارْ
أُسْوَةً بالعبيد الذينْ
أَعتقتْهم سيولُ الدماءْ
ثمَّ عادوا إلى رِبْقَةِ السادةِ المترفينْ
في سبيلِ الدواءْ
وبقايا بقايا غذاءْ
أُسْوَةً بالقوانين ، تقهرها ظاهرَهْ
بالبحارِ التي تدَّعيها سفينَهْ
بالجهاتِ التي اختصرتْها مدينَهْ
بالزمانِ المقيمِ على اللحظةِ العابرَهْ
أُسْوَةً برجالِ الفضاءِ وحربِ النجومِ اللعينَهْ
أُسْوَةً بضحايا الحوادثِ في الطرقِ المتعَبَهْ
وضحايا السلامْ
وضحايا الحروبِ وأسرارِها المرعبَهْ
وضحايا الكلامْ
وضحايا السكوتِ عن القائلينَ بحُكم الظلامْ
وبفوضى النظامْ
أُسْوَةً بالمياهِ التي انحسرتْ ،
عن رمادِ الجفافْ
والجذوعِ التي انكسرتْ ،
واستحالَ القطافْ
أُسْوَةً بالشعوبِ التي أوشكتْ أن تبيدْ
واللغات التي أوشكتْ أن تبيدْ
في كهوفِ النظامِ الجديدْ
أُسْوَةً بضحايا البطالَهْ
يبحثونَ عن القوتِ في حاوياتِ الزبالَهْ
أُسْوَةً بالطيورِ التي هاجرتْ
ثم عادتْ إلى حقلِهَا الموسميّ
في الشمالِ القَصِيّ
لم تجدْ أيَّ حقلٍ.. ولا شيءَ غير المطارْ
والفراشاتُ ظلُّ الفراشاتِ في المشهد المعدنيّ
ظِلُّ نفاثةٍ قابعَهْ
خلفَ نفّاثةٍ طالعَهْ
بعدَ نفّاثةٍ ضائعَهْ
خلفَ نفّاثةٍ راجعَهْ
لم تجدْ غير دوّامةٍ من دُوارْ
أُسْوَةً بغيومِ الشتاءِ على موتها مُطبِقَهْ
بالبراكينِ في آخرِ العمرِ.. مُرهَقةً مُرهِقَهْ
بالرياحِ التي نصبتْ نفسها مشنقَهْ
وتدلَّتْ إلى قبرِهَا
بين قيعانِ وديانها الضيّقَهْ
أُسْوَةً بالشعوبِ التي فقدتْ أرضَها
بضحايا الزلازلِ والإيدز والجوعِ والأوبئَهْ
أُسْوَةً بالبلادِ التي خسرتْ عِرضَها
ومواعيدَ تاريخها المُرجأهْ
في سُدى هيئةِ الأُمم المطفَأَهْ
أُسْوَةً بي أنا
نازفاً جارحا
غامضاً واضِحا
غاضباً جامحا
أُسْوَةً بي أنا
مؤمناً كافراً
كافراً مؤمِنا
أُسْوَةً بي أنا
أرتدي كفني
صارخاً: آخ يا جبلي المُنحني
آخ يا وطني
آخ يا وطني
آخ يا وطني !
مقاطع من 30 آذار(أعلناه يومًا للأرض . . وأعلنته دماء شهدائنا عيدًا فلسطينيًا من أعياد الصمود والفداء . .)
1 – مع الشهداء . .
"كل عام وأنتم بخير"
صاحها دمكم وانكفا
ساخنًا نابضًا في وحام الجذور
نيزك الحب والحقد صاح: انهضوا !
أجّ في الليل نارًا ونور
أشعل الحب والحقد في دمنا
زلزل الطمي في غورنا وانكفا
دمكمدمنا
سال ، لكنه ما انطفأ . .
(يا أم الشهيد زغردي
كل الشباب أولادك)
الإذاعات والصحف المترفه
تجهل الفرق يا أخوتي
بين معرفة الدم، والمعرفه
فاكرزوا في الشعوب ، اكرزوا باسمنا
دمكم صوتنا !
أين سخنين ، عرابة ، كفر كنَّه ؟
أين بحر البقر ؟
أين يا أخوتي دير ياسين أو كفر قاسم ؟
أين يا أخوتي عين جالوت أو ميسلون ؟
أين ؟
لا نسأل !
أين ؟
لا نجهل !
نحن لا نجهل الفرق يا أخوتي
بين معرفة الدم، والمعرفة
نحن لا نسأل الخارطة
دمكم وحده الخارطة
ليس للنقب أو الجليل
دمكم شارة في الطريق الطويل !
عندما يفقد الزمن النذل أعصابه
عندما يفتح الموت أبوابه
تنتخي أختنا ، يرتخي المستحيل
ويصيح العذاب الفتي العجوز :
لعناوينها شفرة (أيها الموت خذ بيدي)
لدمي شفرة . .
فانهضوا !
حكمة الدم يا فتيتي أن يسيل !
(تنقذني من موتي البسمة
يا وطني تنقذني البسمة
حين أرى أطفالك في الساحات
شررا يحرق أعصاب الدبابات
حين أرى أطفالك
يلقون قشور الموز على الطرقات
فعسى ولعل
يتزحلق علج من جيش المحتل!)
يا له من عَماس
أن تداس الشفاه التي أقسمتْ
أنها لن تُداس.
عارنا فادحْ. حقدنا فادح. والألم
هل بكينا؟ أجل !
غير أن دموع الغضب
لهجة في بلاد العربْ
فاسمعي يا جميع الأمم
موتنا جملة كامله
فلنفك الرموز معًا
ولتكن بئرنا راحة القافلة
بئرنا ؟
بحَّةُ الموت في صوتنا
صوتنا ؟
يعلم الله يا صاحبي !
يعلم الله يا صاحبي !
بين ليلين : ليل الهلاك وليل الهلاك
تقرعُ الأرض أقدامنا الحافيه
ترصد الخطوة الباقيه
غير أن الألم
لم يزل جاهزًا للقتال
والمطر
جاهزٌ للقتال
فاسمعي واشهدي يا جميع الأمم
(بالروح بالدم
نفديك يا وطن)
عندما أطلقوا النار صاح الشهيد :
أطلقوا النار كيف اشتهيتُم
طلقة . . طلقة . . وانتهيتم .
ثم غاص الشهيد
في مطاوي جذور الجدود
واستوى في ذرى مكَّةٍ صائحًا :
وها أنا يا يوم القيامة عاظِبُ
يبددني وكْس ويجمع لازِبُ
تُدثرُ أثواب الأفاعي جوارحي
وينهشني همٌّ من الروح ناصب
ولكن لي سرًا قديمًا ذخرته
يشع ، فدرب في الدجنات لاحب
أناقب فيه كل وجه نسيته
وكم شام وجهي في ثناياه ناقب
مقيم على ضيم مقيم . . وانني
مقيم ، وطاغوت الطواغيت ذاهب
فيا قاتلي استكملوا كل عدة
وصولوا وجولوا واحشدوا وتكابلوا
تقمصت الحوباء مني عوالمًا
إذا غاب منها نابض ، عاد غائب
ويا قتلي اليوم ، صدق شهادتي
وموت المحبين المعاميد كاذب
أنا الحق . جلت عن نكوص مشيئتي
وها آنذا قد شئت . والحق غالب !
ثم ضجت شرابينه
وعلى مسمع الخوذ البربرية
صاح في الساحة المركزية :
جسدي غيمة . صخرة . مدرسه
جسدي ألف طفل جديد.
جسدي قبلة صاغّة.
جسدي أرغن الموت والبعث
فلتسمعي يا جميع الأمم :
أهديل ؟ أم غرغرات دماء ؟
أم لواء مصفق للواء ؟
أم تراها زغرودة للسرايا
أطلقتها ((سكينة)) من خباء ؟
لا تسل . والجواب في كل وجه
من وجوه العروبة السمراء
غمغمات وجلجلات تدوي
بين فجر كابٍ وليلٍ مضاء
يقتل الجزر مدَّه . ثم يعلو
ألف مد على رقاب الفداء
انها سُنَّة البطولات : كر
بعد فرّ . ومطرح للرجاء
فتقر القبور . لا لوقوف
وبكاء . . لكن للاستيحاء !
(يسعدني أن أعلن للعالم
أنك يا وطني ترجيء موتي حتى ميعاد آخر
حتى يتضح الفرق الهائل
بين المعرفة ومعرفة الدم
فلتأتِ شعوب الأرض إلي اليوم
ولتسمع أرغن جسدي
يتفجر بالدم الصاخب
بين الكدف الأحمر والعشب الأخضر
ولتشهد وجهي الساطع في ليل الأعداء
شمسًا تحرق ذيل العصفورة
نارًا تأكل جذر الأسطورة
ولتدلِ شعوب الأرض بأقوال شهادتها
في محكمة العدل الدولية
لا في لاهاي . . ولكن في سخنين !)
آن أن يزهق الباطلُ
آن أن يعلم اللصُّ والقاتل
بين كفِّ الشعوب ومخرز أعدائها
لن يطول الحوار
بعد ليلٍ قصيرٍ يطل نهار
تجمع الأرض أشتات سيمائها
ينطقُ الأخرس
ينهضُ المقعد
تبرأ الشمس من كل أوبائها !
عاودَ الفرسُ والروم كراتها
لحمُنا نهبُ أنيابهم . .
آن يا أخوتي
آن أن نبعث الثائر المصطفى
آن أن تشهر الثورة الرمح والمُصحفا
آن أن يعلم اللصُّ والقاتلُ
أنَّه زائل
زائل
زائل !
رماد ..!!
ألا تشعرين؟....
بأنّا فقدنا الكثير.
وصار كلاماً هوانا الكبير.
فلا لهفةٌ .. لا حنين...
ولا فرحةٌ في القلوب، إذا ما التقينا
ولا دهشةٌ في العيون..
ألا تشعرين؟..
بأنّ لقاءاتنا جامدة.
وقُبلاتنا باردة.
وأنّا فقدنا حماس اللقاء
وصرنا نجاملُ في كل شيءٍ.. وننسى
وقد يرتمي موعدٌ.. جثّةٌ هامدة.
فنكذبُ في عُذرنا.. ثم ننسى
ألا تشعرين؟..
بأنّ رسائلنا الخاطفة.
غدت مبهماتٍ .. قصيرة.
فلا حسّ .. لا روح فيها.. ولا عاطفة.
ولا غمغماتٌ خياليةٌ
ولا أمنياتٌ.. ولا همساتٌ مثيرة!
وأن جواباتنا أصبحت لفتاتٍ بعيدة.
كعبءٍ ثقيلٍ..نخلّصُ منه كواهلنا المتعبة.
ألا تشعرين؟..
بدنيا تهاوت.. ودنيا جديدة.
ألا تشعرين ؟..
بأن نهايتنا مرّةٌ .. مرعبة.
لأنّ نهايتنا .. لم تكن مرّةٌ .. مرعبة؟!..







  رد مع اقتباس
قديم منذ /10-16-2010, 05:56 PM   #27

قلم مميز

 

 رقم العضوية : 40821
 تاريخ التسجيل : Jan 2010
 الجنس : ~ رجل
 المكان : المدينه المنوره
 المشاركات : 1,708
 النقاط : سلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 41994
 قوة التقييم : 21

سلطان الزين غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

الشاعر طارق علي الصيرفي
نبذة
وُلدالشاعر الفلسطيني طارق علي الصيرفي عام 1977م في مخيم عسكر القديم ، قضاء مدينةنابلس التي هاجر إليها أهله أثر النكبة التي حلت بفلسطين عام 1948م ،فاضطروا إلى ترك قريتهم المسعودية المستلقية على شواطئ يافاأمثال آلاف الفلسطينيين .
درسالمرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدرسة المخيم التابعة لوكالة الغوثالدولية .
درسالمرحلة الثانوية في مدرسة قدري طوقان الثانوية بنابلس .
حصل علىشهادة البكالوريوس في تخصص اللغة العربية وأساليب تدريسها من كلية العلوم التربوية ( دار المعلمين ) رام الله ، يعملالآن مدرساً للغة العربية في مدرسة مخيم عسكر .
كتبالشعر في بداية المرحلة الثانوية ، ونشر العديد من القصائد في الصحف المحليةوالمجلات الأدبية ، نشرالعديد من قصائده في صفحات الإنترنت والمنتديات الأدبية ، أجرى بعضالمقابلات مع إذاعة فلسطين ، أصدرديوانه الأول ( رحلة إليك ) عام 2001م ، يستعدلإصدار الديوان الثاني ، عضو فياتحاد الكتاب الفلسطينيين ، عضو فيملتقى بلاطة الثقافي .
البداية
الإِهْداء
أبي وَأمّي وَيا مَنْ بـِتُّ أعـْشَقُها أهدي كِتابي الذي يَكْتَظُّ بالـشِعْـرِ
لروحِ جَدّي الذي للـشِعْـرِ قَرَّبنا لَكُمْ جميعاً ، لَكُمْ أهدي شَـذا عُمْرِي
رحلة إليك ( 1 )
رِحلةٌ إليكِ
إِنّـي تَـعِبتُ.. مِـنَ الـرَّحيلِ إِلـيْكِ وَتعِبتُ مِنْ صَبري الطويلِ عَليْكِ
لأنـالَ شَـيئاً مِـنْ وِصـالِكِ فَـانْعِمي أنـتِ الـكَريمةُ.. والـوِصالُ لَـدَيْكِ
أو خَـلّصيني مِـنْ هَـوائلِ رِحلَتي وَتَـشـوُّقي دَومــاً... إلــى عَـيـنيْكِ
فَالشوقُ يحرِقُني، وَيحرِقُ مُهجتي وَالـنَّـارُ حـولي.. فَـابْعثي زَنْـدَيْكِ
يـا أجـملَ امرأةٍ تُضيءُ قَصائدي قَـلبي رَهـيناً... صـارَ بـينَ يَدَيْكِ
فَسُهولُكِ الخضراءُ صعبٌ غَزوُه وَوُرودُكِ الـحـمراءُ.. فـي خَـدَّيْكِ
وَجِـبالُكِ الـشَّمَّاءُ كَيف أطولُها ؟ وَرِيـاحُـكِ الـهـوْجاءُ.. فـي رِئَـتَيْكِ
قَـلَقي عـليكِ يَـكادُ يَـعصِرُ خـافِقي لا أطْـمَـئـنُّ... فَـسَـبّـلي جَـفـنَـيْكِ
شَـفَتي تُـردّدُ لَـحْنَ أغْـنِيَةِ الـهوى وَالـلـحْنُ مَـنـقوشٌ عَـلى.. شَـفَتَيْكِ
إِنـي تَعبتُ مِنَ الرَّحيلِ.. حَبيبتي وَتـعبتُ مِـنْ عَـدَمِ الـوُصولِ إِلَـيْكِ
البداية

أحبيني
أيـــا نَــزَّاعَـةَ... الـبَـشَـرِ ألَـمْ تُـبقي.. وَلَـمْ تَـذَري؟
أيــا مـحَـبوبتي.. الـشَّقرا ءَ، يـــا مَـجـهـولَةَ الـقَـدَرِ
أنــا الـمسْجونُ فـي عـينيْ كِ.. قـبلَ الـخَلْقِ والـبَشَرِ
أحِـبـيـني... أيـــا وَعْـــداً يـجـيءُ... بـآخِـرِ الـعُـمُرِ
خُـــدودُكِ دائــمـاً أحــلـى مِــنَ الـتـفّاحِ... وَالـزَّهَـرِ
وَصـوْتُكِ.. باتَ يُطرِبُني كَــآهٍ فــي صَــدى.. وَتَـرِ
وَذِكـرُكِ فـي كِـتابِ الله، فـــي عَـــدَدٍ مِــنَ الـسُّـوَرِ
وَحُـبُّكِ، صـارَ لـي وَطَـناً أيــا أغْـلـى.. مِـنَ الـدُّرَرِ
أيــا مَـنْ لَـوَّعَتْ... قَـلبي أحِـبـيـني.. أو اسْـتَـتِـري
أحِـبـيـنـي ... لأَحــزانـي لأَلـحـانـي.. أو انْــدَثِـري
فُــؤادي... كَـعـبةُ الأحـزا نِ حِـجّي لـي أو اعْـتَمِري
أنــا فـي الـحبّ.. مُـبتَدِئٌ خُــذي بـيَديَّ وَاصْـطَبِري
عـلى شمسي على غَيْمي على صَيفي على مَطَري
عـلى روحـي عـلى قَلبي عـلى شِـعْري عـلى فِكَري
وضُـمـيني إِلــى صَــدْرٍ، بِــهِ مَـوْتـي.. بِــهِ قَـدَري
وَكـوني أنـتِ ... مُلْهِمَتي وَكـوني البَدْرَ في سَهَري
وَكـوني فَـرْحَتي الـكُبرى وَكوني الخيْرَ.. وَانْهَمِري
فَـلِـي قَـلْـبٌ.. بِــلا عِـشْقٍ فَـصُبّي العِشْقَ وَانتَظِري
إِلـى أنْ تَـسمَعي.. صَـوْتاً كَـصَـوْتِ الـرَّعْدِ وَالـمطَرِ
وَذوبــي فـي خَـلايا الـقَلْ بِ ذوبـي فيهِ، وَانصَهِري
أحِــبُّـكِ... حـيـنَ يَـأتـيني خَـيـالُكِ.. سـاعَـةَ الـسَّحَرِ
أحِـبُّكِ ... صِـرتُ أكْـتبُها عَـلـى الـنَّـجماتِ وَالـقَمَرِ
أحَـبّـيـني... كَــمـا أهــوا كِ سَـيّـدتـي أو اعْـتَـذِري
أحِـبّـيـني ... لأَشــعـاري أحِـبّـيـنـي... لـتِـفْـتَـخِري
فَـتِـلكَ قَـصـيدةٌ ... بُـنِيَتْ عَــلـى الأَحْــكـامِ وَالـعِـبَرِ
بِـهـا وَعْـظٌ ... بِـها عِـبَرٌ أحِــبّـيـنـي... لِـتَـعْـتَـبِري
أحِــبّـيـنـي، وَلا تَــسَــلـي أيـنْـهي حُـبَّـنا سَـفَـري ؟
فَـحُـبُّـكِ ســاكِـنٌ ... أبَــدَاً بِـقَلبِ الـقَلبِ.. يـا عُمُري
وَلـكـنْ... جـاءنـي طَـيْـرٌ يـحـادِثُني.. عَــنِ الـخَـبَرِ
عَــرَفْـتُ... بِــأنَّ عُـشَّـاقاً أتَــوْكِ فَـحـاذِري خَـطَري
أنـــا كَـالـسَّـيفِ سَـيّـدتـي أقــاتـلُ... دونَــمـا حَــذَرِ
وَلـكـنْ ... قُـوَّتـي عَـبَـثٌ وَقَـلـبـي... غَـيْـرُ مُـقْـتَدِرِ
عــلـى إِيـــذاءِ.. سَـيّـدتي وهـلْ أؤْذيكِ يا نَظَري ؟
لأجـلـكِ بـعـتُ أصـحابي فـصارَ الـقلبُ.. كَـالحَجَرِ
وَصـارَ الـجُرحُ.. أغْنِيَتي أغَـنّـيـها... مَــعَ الـشَـجَرِ
سَـأنـسـى قِـصَّـةً رَحَـلـتْ وَقَـلـبـاً... غَـيـرَ مُـنـتَظِرِ
فَـهِـمـتُ الـلـعبَةَ الـكُـبرى، فَـقـلـبُكِ.. لـيـسَ كَـالـبَشَرِ
وَشُـكـراً.. يــا مُـراوِغَتي سَـأَرحلُ عَـنكِ فَانتَصِري
البداية
آهاتٌ وأناتٌ
ماذا أخْبِرُكُمْ عن نَفسي ؟ مِنْ قَلبي... تَنبعُ آهاتي
أقضي للنَّاسِ حَوائِجَهُمْ وَأنا لا تُقضى حاجاتي
أكتُبُ لِلعِشقِ وَيُؤسِفُني أنْ أنسى حُبّي.. وَحَياتي
أمسَحُ للعاشِقِ.. أدمُعَهُ وَأنا تُحرِقُني.. دَمْعاتي
وَحَبيبةُ قَلبي... راحِلَةٌ تُبْحِرُ في عَكْسِ المَوْجاتِ
مَنْ يَشعرُ في هذي الدنيا؟ مَنْ يَشعرُ بي وبمأساتي ؟
أسْهَرُ في الليلِ وَأوراقي وَأعُدُّ... قَصائِدَ أنّاتي
كَمْ هذا الحزنُ.. يُؤَرّقُني يَحرِمُني لَمْسَ وِساداتي
مازالَ الهمُّ... يُرافِقُني وَيَعيشُ عَلى حِبرِ دَواتي
يَتَغذَّى شِعراً.. أو وَرَقاً يَتَسلَّلُ... بينَ الكَلِماتِ
يَشربُ مِنْ جُرحي خَمْرَتَهُ وَيَثورُ.. يَثورُ عَلى ذاتي
فَمَتى أتَخَلَّصُ مِنْ حُزني ؟ وَأعيشُ... بدونِ الآهاتِ
البداية

عيناكِ والليلُ والحزنُ
الليلُ الدَّامِسُ يـأْتي مِن خَلفِ العَينيْنْ..
عَينيكِ السَّوْداوَيـْنْ
يأتي مَسكوناً وَمَليئاً بالحزْنْ
يختارُ طريقاً نسْلُكُهُ..
ما بينَ الوترِ المهمومِ.. الوترِ المجنونِ..
وبينَ اللحْنْ
يسكَرُ أحياناً مِن كأسي
أو مِن حِبري..
ويدمّرُ كلَّ الشِعرِ وَكلَّ النَّثرِ وكلَّ الفَنْ
يسكرُ.. يسكرُ.. يسكرُ..
ليسَ لديهِ فُروقٌ..
ما بينَ الإنسِ وبينَ الجِنْ
نحنُ المأْساةُ بمعناها..
نحنُ المأْساةُ وَلَسنا نخجَلُ سيّدتي
مِن دمعِ العيْنْ
نحنُ الألوانُ ..
وَلَسنا نـعرفُ مَعنى اللوْنْ
نحنُ الأَشكالُ وَلكِنَّا..
نحتاجُ _ لِـتشكيلِ الحُبّ _ إِلى بَعضِ العَوْنْ
ما بالُ دموعِكِ سيّدتي
تنزلُ كالنهرِ على الخَدَّيـْنْ
أمطارُ الحزنِ تجيءُ إِلينا..
مِن عينيكِ المُمْطرتَيْنْ
وَتجيءُ طُيورٌ مُرهقةٌ..
تحمِلُ أحزاناً سيّدتي
فوقَ جناحَيْها المكسورَيْنْ
وَيجيءُ الليلُ الدَّامِسُ..
مِن خلفِ العينينِ الواسِعتَيْنْ
وَأجيءُ أنا..
أحملُ أحزاني سيّدتي.. فوقَ الكَتِفَيْنْ
أبكي مِن حُملي أحياناً..
أبكي مِن حُزني مِن هَمّي..
أبكي مِن ناري سيّدتي
والنار تحُيطُ مِن الجنبَيْنْ
حُبُّكِ مَزروعٌ في قلبي..
مثلُ السّكّينِ ، وفي الرّئَتَيْنْ
لكنَّ الحزنَ يُرافِقنا..
آهٍ.. آهٍ.. آهٍ..
أخَذَتنا الموجةُ سيّدتي
وَرَمتنا في أعماقِ البَحْرْ
وَغَرِقنا في مأساةِ العُمْرْ
الحزنُ يسيرُ بأَعصابي..
وأنا أتَقَلَّبُ فوقَ الجَمْرْ
ويسيرُ بأَورِدَتي
وبأَقلامي..
حتى يتغلغلَ في أوزانِ الشِعْرْ
وتسيرُ الأَحزانُ..
بعينيكِ كَبَحْرْ
قدْ ضاعَ الأَملُ وضاعَ الصَّبْرْ
قدْ ضاعَ الصَّبْرْ
سبحانَ الله..
فبَعدَ العُسرِ يجيءُ الـيُسْرْ
بعدَ الظلماءِ أتانا الفجْرْ
وَنجونا سيّدتي.. مِن هذا القَهْرْ
مِن هذا القَبْرْ
آهٍ.. آهٍ.. آهٍ..
لكنَّ فؤادي يا سيّدتي
يلهَثُ في وَسَطِ الصَّحراءْ
سبحانَ الله..
فكيفَ أكون بعمقِ البحرِ..
وقلبي يلهَثُ ..
في وَسَطِ الصَّحراءْ؟!!
لا ظِلَّ هناكَ سِوى ظِلّ فُؤادي
لا يُوجَدُ إنسٌ أو جِنٌّ.. لا يُوجدُ ماءْ..
هل يمكِنُ أنْ يحيا قلبي مِن غيرِ الماءْ؟
مِن غيرِ هَواءْ؟
مِن غيرِ رَجاءْ؟
هل يحيا مِن غيرِ لَيالٍ ظَلماءْ؟
مِن غيرِ الحزنِ القادمِ مِن خَلـفِ العَينَيْنْ؟
أبَدَاً.. أبَدَاً يا سيّدتي
لولا عيناكِ..ولولا الليلُ..
ولولا الحزنُ لما عِشتُ..
ولا عاشَ فؤادي في حُبّكِ يَومَيْنْ
البداية
مَررْتِ في خَيالي
مَررْتِ في خَيالي..
فَراشةً بَيضاءَ في خَواطرِ الـجـبالِ
مَررْتِ يا حَبيبتي
قصيدةً طويلةً..
تَبْحثُ عَن شاعِرِها
وقصَّةً جميلةً..
تَبْحثُ عَن كاتِبِها
مَررْتِ كالجوابِ يا أميرتي
يَبْحثُ عَن سُؤالِ
مَررْتِ في خَيالي..
مَررْتِ مثلَ كوكبٍ..
يدورُ في مَداري
مَررْتِ كالشهابِ يا حَبيبتي
يُضيءُ ليلَ غُرفتي..وَداري
قولي إذنْ..
قولي أيا أميرتي:
إِنكِ بانتِظاري
إِنكِ قد مَررْتِ في خَيالي
البداية
حَبيبتي وَالقُدْسُ
تَـسْريحَةُ شَـعْرِكِ تُـعجِبُني بـاتَتْ... كَـجراحٍ تُـؤلمني
وَطَــنٌ.. وَبــلادٌ.. أجْـهَـلُها وأفَـتّشُ عَنكِ وعَن وَطَني
قـــد قـلـتُ أحِـبُّـكِ..سيّدتي فَـتـحَجَّرَ قَـلـبي... كَـالوَثَنِ
أحـزانُـكِ، لـيـسَتْ أحـزاناً وأنـا.. كَالغارِقِ في الحَزَنِ
لا يُـوجَدُ صَـدْرٌ فـي الدُّنيا يَـتَحَمَّلُ هَمّي... أو شَجَني
الـصَّخْرةُ تَبكي..والأقْصى فَـتَعالي قُـدْسُ... وَلا تَهَني
سُـفُـنٌ... وَبـحـارٌ أجْـهَـلُها فَصَنَعتُ شِراعاً، مِن كَفَني
وبَـدَأتُ رَحـيلي.. في بَحْرٍ لا مَـرسـى.. فـيهِ يـا سُـفُني
قـد كُنْتُ وَحيداً في سَفَري فَـأُحِـيطَ فُـؤادِيَ... بـالعَفَنِ
سَـفَـرٌ... ورَحـيـلٌ أتـعَبَني ما أسرعَ... تيَّارَ الزَمَنِ ‍‍‍‍ ‍‍‍‍‍‍ ‍‍‍‍‍
وَهَـجرتُكِ دَهْـراً يـا حُـبّي فَـنَسيتُ... خَـوازيقَ الثَمَنِ
أنـــي ضَـيَّـعتُكِ.. سـيّـدتي وَأضَـعتُ عَـناوينَ الوَطَنِ
البداية
ذِكرى
وَعَدتْ.. بأَنْ تأْتي إِلَيّْ
قالتْ سَتأتي..
حينَ يغمرُُنا الغُروبُ اللؤلؤيّْ
وَأنا ببستانِ اشتياقٍ.. مثلُ صوفيٍّ وَلِيّْ
أنا بانتظارِ حَبيبتي..
إِيقاعُ مَشيَتِها يرِنُّ بمسمَعيّْ
خُطُواتُها نَغَمٌ ، وَصَوتُ ثِيابِها نَغَمٌ..
وضِحْكَـتُها.. وأصواتُ الحِلِيّْ
أنا بانتظارِ حَبيبتي..
والقلبُ في شَوقٍ تـَربَّـعَ في يَدَيّْ
جاءتْ تُسابـقُها الغيومُ لموعدِي..
وَتَأَخَّرتْ..
جاءتْ تُسابـقُها النُّجومُ لموعدِي..
وَتَأَخَّرتْ..
مَرَّ الـغُروبُ بصَمتِهِ..
وَبحزنِهِ الحُلْوِ الشَّهِيّْ
وَأتى المَساءُ الفُستُقِيّْ
وَالليلُ جاءَ ،
يَزيدُ في الأَرضِ احتراقاً..
وَالنُّجومُ تَزيدُ ناراً في العِلِيّْ
وَأنا عَلى الكُرسِيّ محُتَرِقٌ..
أفَكّرُ ، هلْ سَتأْتي _ مِثلما وَعَدتْ _ إِلَيّْ
أمْ أنـَّهـا كَذَبَتْ عَلَيّْ؟
لم تأْتِ سيّدتي _كَما وَعَدتْ _ إِلَيّْ
كَذَبـتْ عَلَيّْ..
كَذَبـتْ عَلى قَلبي الوَفِيّْ
مَرَّتْ دُهورٌ عَشرةٌ وَأنا أفَكّرُ..
هلْ سَتأتي _مِثلما وَعَدتْ _ إِلَيّْ
مَاذا أقولُ؟..
بِداخِلي مَطَرٌ، وفي قَلبي اشتياقٌ جاهِلِيّْ
أنا بانتظارِ حَبيبتي..
لا بُدَّ في يومٍ مِنَ الأَيّامِ..
أنْ تأتي _ وَلَوْ ذِكرى _ إِلَيّْ
البداية
أحِبُّكِ أكثَرَ مِنّي
أحِبُّكِ أكثرَ مِنّي
أحِبُّكِ أكثرَ مِن أيّ إنسٍ..
وَمِن أيّ جِنِّ
فَأنتِ حَياتي ، وأقربُ دَوماً..
إلى القلبِ عَنّي
فماذا تريديـنَ مِنّي ؟
وَكيفَ تريدينني أنْ أغَنّي ؟
وَقَلبي حَزيـنٌ..وَصَوتي حَزيـنٌ
وَشِعري حَزيـنٌ..
كَذلـكَ لَحني
أحِبُّكِ سَيفاً يُقطّعُ أشجارَ حُزنٍ
وَيَزرعُ أشجارَ حُزنِ
أحِبُّكِ سَيفاً يُمزّقُ كِبْدي..
يُمزّقُ كُلَّ شَرايينِ قَلبي..
يُمزّقُ شِعري وَفَنّي
يُمزّقُ أهدابَ عَيني
فَكيفَ تُريدينني أنْ أغَنّي؟
أحِبُّكِ سِرَّاً..
يُسافِرُ ما بينَ قَلبي وَبيني
فَليسَ يُقالُ..
وَليسَ يُباحُ..وَلكنْ يُغنّي
أحِبُّكِ سِرَّاً حَزيناً كَحُزني
أحِبُّكِ...
كَيفَ تُريدينني أنْ أقولَ:
(أحِبُّكِ أنـتِ..) ؟
أحِبُّكِ..
سَوفَ أقولُ بأَعلى صُراخي وَصَوتي
أحِبُّكِ أنـتِ..
فإني وُلِدْتُ بعينيكِ..
حيَن رَأيتُكِ أوَّلَ مَرَّةْ
وَأفنَيتُ عُمْرِيَ بينَ الرَّحيلِ..
وَبينَ الـبُكاءِ..
وَسَوفَ تَتِمُّ بقلبِكِ كُلُّ مَراسيمِ مَوتي
فَكيفَ تريدينني أنْ أغَنّي ؟
أحِبُّكِ أكثرَ مِنّي..
لأني أحِبُّكِ أكثرَ مِنّي
فإني..
لأجلِكِ سَوفَ أغَنّي
وَسَوفَ تَتِمُّ بقلبِكِ
كُلُّ مَراسيمِ دَفني
البداية
رِحلةُ العَذابِ
لا تـسأَليني عـن مَـتاعِبِ.. رِحـلتي يـا مَـنْ سَـكَبْتِ الـنَّارَ فـوقَ جِراحي
سَـفَري عَـذابٌ.. طـالَ دونَ مَـحطةٍ أمـحطَّتي.. هـي مَـوطنُ الأَشباحِ ؟
هــل تـذكرينَ حَـنانَ قـلبي... دائـماً حينَ احْتضنتُكِ تحتَ ريشِ جَناحي
والآنَ... أصـبحَ كُـلُّ شَـيءٍ ضـائِعاً قــد دَمَّـرَتْـهُ عـواصِفي... وَرِيـاحي
أسِـلاحُكِ الجرحُ الذي في خافِقي ؟ والـشِـعرُ أصـبحَ مِـدفعي وَسِـلاحي
وَوَقـعتُ فـي سجنِ الهُمومِ ولم أمُتْ هــا قــد سـألتكِ تُـطلقيَن.. سَـراحي
لا تـسـأَلـيني... عـــن نِـهـايَةِ حُـبِّـنا فَـأَنا الـذي سَـرَق الـغَباءُ.. وِشـاحي
فَـهَل انـتِهائي أو دَمـاري في الهوى هُوَ نَصرُكِ الموعودُ.. دونَ كِفاحِ ؟
بَـكَـتِ الـعـيونُ.. فـأُحرِقتْ أهـدابُها مِــن كََـثـرةِ الأَحــزان... والأَبـراحِ
حـتى الـخدودُ تـجَوَّفتْ مِـن أدمُـعي والـقـلـبُ شـــابَ... لِـقـلَّةِ الأَفــراحِ
لا تـقـفلي الأَبــوابَ... بـعدَ دُخـولنا فَـلـقَـدْ وَهـبـتُكِ... بـالـهوى مِـفـتاحي
هـل تُـشعلينَ الـنَّارَ، بعدَ خُمودِها ؟ وَهَـل الحرائِقُ يا تُرى.. أفراحي ؟
هـل تُـطفئينَ الـنُّورَ.. بـعدَ رَحيلِنا؟ وأنــا ظـنـنتُكِ.. بـالهوى مِـصباحي
لَــنْ يـكتُبَ الـقَلمُ الـحزينُ.. قَـصيدةً فَـقَصيدتي احـترقَتْ.. بوهجِ صَباحِ
ضـاقتْ بِـيَ الـدُّنيا فـهل مِنْ عاشقٍ سَـمِع الأَنينَ بداخلي.. وَصِياحي ؟
هـل فـكَّرَ الـتاريخُ بِـي.. وَبـمهجَتي أو بـاحـتراقِ الـقـلبِ.. وَالأرواحِ ؟
سَـفَـري وتِـرحـالي... أحِــنُّ إِلـيهِما وكَــأَنَّـهُ.. شـــوقٌ.. إِلـــى الأَقــداحِ
فَـسَكِرتُ مِـن خَمْرِ العذابِ برحلتي فـالـكأْسُ كـأْسُكِ.. والـرَباحُ رَبـاحي
لا تـطـلبي مِـني الـسَّماحَ ، حَـبيبتي إِنــي فَـقَـدتُ مـحَـبَّتي... وَسَـمـاحي
البداية
أهْواكِ وَلا تَدرينْ
إني أهواكِ أيا سيّدتي ..منذُ سِنينْ
حُبُّكِ يَتغلغَلُ في قلبي...
مثلَ السّكّينْ
ويَسيرُ يسيرُ بأورِدَتي..
وَبأَعصابي...
وَيُثيرُ عَواصفَ أشواقٍ..
ويُثيرُ حَنينْ
حُبُّكِ جَبَّارٌ دَمَّرَني..
حُبُّكِ مجنونْ
يا مَنْ أحرقْتِ حُروفَ الضَّادْ
وَقَتلتِ الهَمْزةَ وَالتنويـنْ
مِنْ بعدِكِ صارَ الشِعرُ حَزيـنْ
والقلبُ حَزيـنْ
يقتُلُني شَغَفي أحياناً..
يقتُلُني شَوقي أحياناً..
يقتُلُني حُزني أحياناً..
لكنْ..
يـُؤسِفُني أكثَرَ سيّدتي .
يُـؤلمِنُي أكثَرَ..
يـُحْزِنـُني..
أني أهواكِ ولا تَدريـنْ
أني أهواكِ...
وَلا.. تَدريـنْ
البداية
رحلة إليكِ ( 2 )
مرَّةً جَديدةً
وَمرَّةً جَديدةْ

والشارعُ الحزيـنُ في ضبابِهِ مُلَّبَّدُ

وقلبيَ الحزينُ..

في جـِراحِهِ مُقيَّدُ

يُغرّدُ..

يُغرّدُ..

جُرحٌ جديدٌ في فؤادي يُنشِدُ

أنشودةً حزينةً يُردّدُ

عَيني أنا..

في الليلِ دوماً تَسهدُ

قلبي أنا..

في الليلِ دوماً يَسهدُ

لا شَيءَ فينا يَسعَدُ

ما دُمتِ يا حَبيبتي.. بَعيدةْ

فَكيفَ كيفَ أسْعَدُ؟

وَكيفَ ناري في فؤادي تَبرُدُ؟

ما دُمتِ يا حَبيبتي.. بَعيدةْ

.. وَمرَّةً جَديدةْ

رَجَعتُ نحوَ غُرفتي..

محُطَّماً..

سَكرانَ لا أصحو.. ولا أستَرقِدُ

سَكرانَ..

لا أحيا ولا أستشهِدُ

رَجَعتُ نحوَ غُرفتي..

مُلَطَّخاً بالحزنِ والجراحْ

فَكيفَ يا مَراكبي

نبحرُ في دُنيا الهوى..

وَكُلُّها عَواصِفٌ..

وَكُلُّها رِياحْ؟!!

مِنْ يومِ أنْ هَجَرتـِني
تَـأَكَّدي...
لا ليلَ في عينيَّ أو عينيكِ سوفَ يَرقُدُ

ولنْ يجيئنا الغَدُ

مِنْ يومِ أنْ هَجَرتِني..

ما عادَ في عينيكِ..

يا صَغيرتي لي مَعبَدُ

لكنني..
لكنني بالله يا حَبيبتي مُستنجـِدُ
بالله يا حَبيبتي..
أستنجـِدُ
البداية
إِلى أمّي

لِعينيكِ سوفَ أغَنّي

وأطربُ كلَّ النّساءِ وكلَّ الرجالِ بِفَنّي
لأَجلكِ أنتِ أغَنّي
فأنتِ التي تَشعُريـنَ.. بحزني

لأَجلكِ أمّي..
فأنتِ التي تَشعُريـنَ.. بِهمّي
وأنتِ التي تمسحينَ دموعيَ..
عندَ البُكاءْ
وأنتِ التي تُرجعينَ الحياةَ..
الهواءَ.. الفؤادَ.. لقلبِ ضُلوعيَ عندَ الشَّقاءْ
وأنتِ التي تُوقدينَ شموعَ الحنانِ..
إذا جاءَ ليلُ الشّتاءْ
أيا سِتَّ كلّ الحبيباتِ..
يا سِتَّ كلّ النّساءْ
تُرى أيَّ شيءٍ سَأهدي إِليكِ؟
أيكفيكِ قلبي؟
أتكفيكِ روحي؟
فأنتِ التي تعرفينَ وأنتِ التي تَشعُريـنَ..
وأنتِ التي تمسحينَ دموعَ جروحي
دعيني أنامُ على ركبتيكِ.. كطفلٍ صَغيرٍ
فإني تعبتُ مِنَ العُمرِ أمّي..
وناري تحيطُ مِنَ الجانِبَيْنْ
دعيني أنامُ بحضنِكِ أمي لثانيتينِ اثنَـتـيْنْ
فإني سأَشكو إليكِ جميعَ هُمومي
دعي دمعَ حزني وهَمّي..
وشِعري وقلبي.. يسيلُ مِنَ المقلَتَيْنْ
أحِبُّكِ يا موطِناً منْ حَنانِ
يُغنّي..
فيملأُ كلَّ الدُّنى بالأَغاني
ويملأُها بالأَماني
أحِبُّكِ بالصوتِ.. بالصمتِ..
بالحزنِ.. بالفرْحِ.. بالبحرِ.. بالبرِ..
بالغيمِ.. بالشمسِ..
في كلّ شيءٍ فأنتِ كياني
لِعينيكِ سوف أغَنّي..
وأكتبُ أحلى قَصيدةْ
أحِبُّكِ حينَ تكونينَ عنّي بَعيدةْ..
وحينَ تكونينَ قُربي
جميعُ النساءِ اللواتي دَخلْنَ فؤادي
خَرجنَ..
وأنتِ بقيتِ المليكةَ داخِلَ قلبي
وأنتِ بقيتِ على العرشِ..
وحدَكِ داخِلَ قلبي
البداية
أفْكارٌ
هذا أنا.. بجميعِ أفكاري حُزني أنا.. لحَني وَأوتاري
إِني أحبكِ... يا مُعذّبَتي وأحبُّ في عينيكِ أسفاري
عيناكِ مُلهِمتانِ لي... أبَدَاً فَصنعتُ مِن عينيكِ أشعاري
إِني الْتجأْتُ.. إِليكِ سيّدتي فَهَواكِ يكتُبُ.. كُلَّ أقداري
إِني أحبكِ... والهوى خَطَرٌ قد لا أبوحُ.. بكُلّ أسراري
غاباتُ صدرِكِ كُلُّها... ثَمَرٌ عَشِقَتْ ثمِارُكِ لِينَ مِنْشاري
نارُ الهوى.. دَخلتْ لمملَكَتي فَتَكوَّمَتْ نارٌ... على نارِ
أحْرقتِ كُلَّ قَصائدي غَضَباً وَنسيتِ أحزاني، وأخباري
إِني سَئِمتُ العَطفَ سيّدتي وَمَللتُ مِنْ قلبي.. وأفكاري
سافرتُ في عينيكِ دونَ هُدى يا ليتني استكملتُ مِشواري
فَغَرِقتُ وَحدي في بحِارِهِما وَذَرفتُ مثلَ الطّفلِ أمطاري
لكنني سَأَعودُ... فانتَظِري لأُعيدَ في عينيكِ.. إِبحاري
لا تَيْأَسي في الحبّ سيّدتي هذا أنا.. بجميعِ أفكاري
إِني أحبكِ... والهوى قَدَرٌ وأحِبُّ في عينيكِ أسفاري
شُكراً لحبكِ… يا مُراوِغَتي فَهَواكِ يكتُبُ.. كُلَّ أقداري
البداية
إِلى حبيبةٍ قاسيةٍ

أحِبّيني..
وضُمّيني..
وعيشي في شَراييني
أنا بالحبّ مجنونٌ.. فكوني مِن مجانيني
وكوني مثلَ آلافِ الملايينِ
ومثلَ الوردِ والأَزهارِ في أحلى بساتيني
فأنتِ الشِعرُ أنتِ النثرُ..
من قبلِ الدواوينِ
وأنتِ الماءُ أنتِ النَّارُ..
أنتِ الدمُّ في أقصى الشرايينِ
أحِبّيني
فَنارُ الشَّوقِ تُحرِقُني وَتفنيني
ونارُ الوجدِ تبدِئـُني وَتُنهيني
أميتيني على حبٍ.. على حزنٍ وأحييني
ولا تَنْسَيْ
قوانينَ الهوى في قلبِ مملكـتي
ولا تَنسيْ قوانيني
فتنسيني..
ولا تَقسي على قلبي ، ولا بالعشقِ تكويني
أريحيني
لكي أنسى جروحَ القلب يا قمري ، وضمّيني
فلن أبقى جَريحاً..
أو حَزيناً مثلَ أصحابي المساكينِ
ولن أبقى كقيسٍ أو كمَن _ في الحبّ _ صارَ مِن المجانينِ
*****
أحبيني..
إِلى حدِّ الدَّمار.. إِلى حُدودِ القبرِ والموتِ
أحبيني فمازالتْ لنا قِصَصٌ
ومازِلـتِ..
أحبَّ النَّاسِ يا قمري
إلى قلبي وأغنِيَتي
فأنتِ حبيبتي دوماً.. وطولَ العُمْرِ سيّدتي
أحبيني قليلاً أو كثيراً يا مُراوِغَتي
أحبيني أيا سيفاً يمزّقُ كلَّ أنسِجَتي
يمزّقُ كلَّ أوْرِدَتي..
أحبيني بلا صَمْتِ
ولا تتقيَّدي بالدّهرِ والوقتِ
فإني أكره الأَيامَ والأَعوامَ والأَحزانَ يا أنتِ
فقلبي ماتَ من زَمَنٍ..
وَلا يأتي
إليهِ الحبُّ لا يأتي..
أحبيني.. فقلبي شاشةٌ صُغرى
بلا لونٍ ولا صوتِ
وباتَ يَئنُّ في الدنيا..
بلا وطنٍ بلا مأوى بلا بيتِ
أحبيني..
فإنَّ الحزنَ بَكَّاني
وليلُ الحبّ سَهَّرني وألقاني
إِلى عينيكِ سيّدتي..
إِلى وَجَعي وَأحزاني
إِلى شِعري وألحاني
ولكنَّ الهوى يَغدو وَينساني..
ويذبَـحُني وَيدفنني بأشجاني
فأرداني
قتيلاً.. في سبيلِ الحبّ أرداني
وفي عينيكِ..
بعدَ العمرِ أحياني
أحبيني ولا تَتَساءلي إنْ كانَ لي وَطَنٌ
فقلبكِ وحدَهُ وَطَني..
وهمسُكِ مثلُ ضَوْءِ البدرِ سَهَّرَني
وشَوَّقَني..
أنا أحتاجُ سيّدتي
إِلى قلبٍ مَليءٍ بالحنانِ...
وبالهوى العذريّ والسُفُنِ
فلا مرسى بِهِ أنجو مِن الحَزَنِ
فما أقساكِ سيّدتي! فَحبكِ كادَ يَقتُلُني
أنا قد عِشْتُ في وَهْمٍ..
فلن أبقى طَوالَ العمرِ والزَمَنِ
أنامُ أنا على أذُني
*****
أحبيني..
ولا تتساءلي عن أيّ مُشكلةٍ
فإني لستُ حلّالاً لِكلّ مَشاكلِ الحبِّ
وإني مثلُ كلّ الناسِ في حُبي
وأنتِ الكرُّ أنتِ الفرُّ أنتِ السيفُ..
أنتِ الترسُ في الحربِ
( فوا أسَفي على حبٍ بلا قلبِ )
( فوا أسفي على قلبٍ بلا حبِّ )
مَشاعِرُنا مُعلَّبةٌ.. صَنعناها بأنفُسِنا
عَواطِفُنا مُكلَّفةٌ..
وَضِحكـتُنا مُبطَّنةٌ..
ولهفَتُنا مُثلَّجةٌ ، وبارِدَةٌ ومَيّتةٌ
وأشواقٌ بنيناها على أسُسٍ مِن الكِذْبِ
سنشربُ نخبَ قِصَّتِنا التي فيها..
يَفوزُ الحزنُ والفَشَلُ
ونكسِرُهُ..
فما الأَشواقُ ما الأَحزانُ نَصنَعُها؟
وما العَمَلُ؟
فليس لقِصَّتي وَلــِحُبِنا أمَلُ
فكيفَ نعيشُ في مَدٍ وفي جَزْرٍ؟
وأنتِ البحرُ أنتِ الموجُ سيّدتي..
وقلبي البَرُّ والطَّلَلُ
وأنتِ النحلُ أنتِ الوردُ أنتِ الشَّهدُ..
أنتِ المرُّ والعَسَلُ
سننهي ما بدأناهُ
ولن نبقى بمجرى الحبِ..
لن نبقى بمجراهُ
فهذا الحزنُ يقتلنا..
وهذا الحبُّ في صمتٍ قتلناهُ
وفي قبرِ القلوبِ لقد دفناهُ
فمِن سوقٍ قديمٍ قد شَريناهُ
بلا ثَمَنٍ وَبعناهُ
وقلبكِ ذلك الغَدَّارُ..
ما أقساكِ سيدتي وأقساهُ!
دعيني في اللظى وحدي
فقد غَنَّى
بقلبي الحزنُ والآهُ
البداية
خمسونَ عاماً
لا الوضعُ الماضي أعْجَبَنا أو هذا الحاضِرُ.. أقْنَعَنا
خمسونَ مِنَ الأَعوامِ مَضَتْ والخَيمةُ قَد أضحَتْ وَطَنا
قد بِعنا القُدْسَ.. بِكامِلِها وقَبَضنا الذُّلَ... لهَا ثَمَنا
نشتاقُ.. ليافا.. ولحيفا ونذوبُ حَنيناً.. أو شَجَنا
شُكراً لدموعٍ... كاذِبَةٍ نسكُبُها... نشكو نكْبَتَنا
هذا كَذِبٌ.. يا سيّدتي أنْ نغرقَ شَوقاً.. أو حَزَنا
خمرٌ.. ونساءٌ.. ونقودٌ نسكَرُ كَي ننسى ضَيعَتَنا
فاليأْسُ يُحيطُ بِنا دَوماً والحزنُ.. أحاطَ بِنا زَمَنا
فكأَنَّ الرُّوحَ قد اهْتَرَأتْ والقلبَ يضخُّ بِنا.. عَفَنا
اخترنا السِّلم.. ولا سِلمٌ وقَبِلنا الصَّمتَ.. لَنا كَفَنا
فسواءٌ عِشنا.. أم مُتنا لا بَيتَ لَنَا... لا قَبْرَ لَنَا
بحرُ الأَحزانِ... ينادينا فنعودُ مَراكِبَ.. أو سُفُنا
نرجعُ لا نعرفُ أرضاً، أو وَطَناً يستنظِرُ.. عودَتَنا
مِن جبلِ النَّارِ أتيتُ لَكُمْ أقرأ مِن قَهري... خَيبَتَنا
والآنَ أعودُ... إِلى قلبي علّي أهدمُ... فيهِ الوَثَنا
والآنَ أعودُ.. إِلى شِعري علّي ألقى... فيهِ الوَطَنا
البداية
نزار قباني
( دخلتُ إلى منزلنا وكان أبي وأمي يتحادثان )
..وفجأَةً..
وفجأَةً..
سالتْ دموعٌ مِن أبي
وقالَ لي :
( ماتَ الهوى والشِعرُ ماتَ يا بُنيّْ)
وضمَّني لِصَدرِهِ..
وشدَّ _ في رِفقٍ _ يَدَيّْ
فقلتُ ما الذي جَرى ؟
فقال لي :
( اليومَ قد ودَّعَنا نزارْ،
عادَ إلى خالِقهِ نزارْ )
رَحلتَ يا نزارْ
وماتت الأَشعارْ..
وماتت الأَقوالُ والأَفكارْ
وماتت الحريةُ الخضراءُ والطيورُ والأَسماكُ والأَشجارْ
وأصبحتْ حَزينةً مِن أجلكَ الأخبارْ
بعدَكَ يا عزيزَنا نزارْ..
ليس لنا معلمٌ..
ليس لنا مدرسةٌ..
ندرسُ فيها العِشقَ والغرامَ يا أستاذَنا الكُبَّارْ
بعدَكَ يا حَبيبنا نزارْ..
ليسَ لنا مَزارْ
محطَّةٌ حزينةٌ تلك الدُّنى..
محطَّةٌ مليئةٌ بالوردِ والأَزهارْ
مليئةٌ بالعشقِ والعشاقِ والأَخيارْ
تنتظِرُ القِطارْ..
وأنتَ يا حَبيبنا القِطارْ
بعدَكَ يا نزارْ..
يا مَن زرعتَ الضَوْءَ في ظلامِنا..
يا مَن زرعتَ الحبَّ في أعماقِنا..
ليس لنا مِظلَّةٌ تحمي لنا
ثيابنا.. مِن شِدَّةِ الأَمطارْ
تحمي لنا أجسادَنا مِن شِدَّةِ الشُّموسِ في نيسانْ
وشِدَّةِ الشُّموسِ في أيَّارْ
بعدَكَ يا نزارْ..
حُريّةُ النساءِ صارتْ قِصَّةً قديمةً
مُهملةً.. في عالمِ النّسيانْ
سَأَلتهُ.. سَأَلتهُ :
وكيفَ ماتَ يا أبي ؟
أجابني : مَشيئةُ الأَقدارْ
مَشيئةُ الرحمنْ
ذهبتَ يا كبيرَنا..
تركتَ في قلوبنا بحراً مِن الأَحزانْ
نزارُ يا أميرَنا..
كيفَ رحلتَ صامتاً ؟!!
وأنتَ حتى الآنْ

تنامُ في عيوننِا..
تأكلُ مِن طعامِنا..
تشربُ مِن شرابنا
تقرأ مِن أشعارِنا..
ولم تزلْ في القلبِ والوِجدانْ
يرقصُ قلبي في الهوى..
_ وليس هذا طَرَباً _ لأنني
ذُبحِتُ مثلَ الطيرِ يا حَبيبَنا..
في ذلك الميدانْ
حَبيبتي..
لا تلبسي السَّوادَ.. يا حَبيبتي
حُزناً على نزارْ
فاختارهُ الرحمنْ..
لا تحزني.. وادْعي لهُ الرحمنْ
يرحمهُ.. يُسكِنُهُ الجِنانْ
البداية
أنا لا أظنُّ
أنا لا أظنُّكِ... لُعبةً بيَديَّا يا مَن رَجَعتِ.. مع الشُّروقِ إِلَيَّا
أنتِ الرَّفيقةُ.. والصَّديقةُ والهوا ءُ، أنا بدونِكِ.. لا أساوي شَيَّا
لا حُبَّ غيرَكِ في الفؤادِ، تأكَّدي أنتِ الحبيبةُ... والحَنانُ لديَّا
اليومَ نعشقُ.. والورودُ تَفتحتْ وَشِفاهُكِ اشتاقتْ.. إِلى شَفَتيَّا
هل تذكرينَ وأنتِ نائِمةٌ على كَتِفي على صَدري على زَنديَّا؟
حينَ احتضنتُكِ بالحنانِ وبالهوى فَجَعلتُ قلبَكِ... جَنَّةً بيَديَّا
ماذا جرى؟ فالحقدُ جاءكِ فجأةً أتُرى... لماذا تحقدينَ عَليَّا؟
ماذا تريدينَ انطُقي.. وتَكَلَّمي ؟ فالقلبُ أصبحَ في الهوى.. مَنفيَّا
جُرحانِ في صَدري أعاني مِنْهُما فمتى سَأَشكو للهوى جُرحيَّا؟
جُرحُ الكِتابَةِ.. إذْ أخُطُّ قَصيدةً جُرحُ الحَبيبةِ... باتَ في رِئَتيَّا
الظُّلمُ في عَينيكِ كانَ.. ولم يَزَلْ والحزنُ محفورٌ... على عينيَّا
تَتَسلَّحينَ... بمِدفعِ الحبّ الذي تركَ الفؤادَ مَعَ اللظى... مَنسيَّا
فَنَسيتُ أفراحي بمملكةِ الهوى فالنارُ مِن فوقي.. ومِن جَنبيَّا
البداية
المحارِبُ المهزومُ
لماذا أحاربُ بالشِعرِ ألـفَ بلادٍ قريبةْ
وألـفَ بلادٍ غَريبةْ ؟
لماذا أحاربُ بالشِعرِ حتى
بلادَ العروبةْ ؟
لماذا.. لماذا ؟؟
وليسَ لَديَّ حَبيبةْ
لماذا أحارب بالشِعرِ..؟
ما عُدتُ أدري
فنارٌ تثورُ برأسي..
ونارٌ تثورُ بصدري
لماذا أحبُّكِ ؟ ما عُدتُ أدري
لماذا طلبتُ اللجوءَ إليكِ..
لماذا طلبتُ الحنينَ إليكِ..
وكيف عشقتكِ ، كيفَ كرهتكِ؟
ما عُدتُ أدري
لماذا أحاربُ كلَّ اللغاتِ بشِعري؟
أنا لستُ أدري..
لماذا يطيبُ بقلبيَ جرحٌ..
وتصحو جِراحْ ؟
لماذا أسافرُ عكسَ الرياحْ ؟
دَعيني..
دَعيني أعالجُ جُرحي بنفسي
وأسكرُ وَحدي..
وأقرعُ كأسي بكأسي
وأكتبُ شِعر عِتابٍ بيأسي
دعيني أفكّر فيكِ قَليلاً..
وأنسى عذابَ هَواكِ قَليلاً..
وأبكي وأشكو إليكِ..
دعيني أذوبُ قَليلاً بحزني..
وهمّي وبؤسي
دعيني أذوبُ بغيمي وشمسي
دعيني أذوبُ بجوّي وطقسي
دعيني أموتُ قَليلاً..
لعلّي..
إذا مُتُّ أشعرُ أني قتلتكِ داخل نفسي
ولكنَّ قتلَكِ صعبٌ..
فما مُتِّ أنتِ..
ولكنَّني قد قُتلتُ بنفسي
البداية
أنا وأنتِ والقرارُ
لماذا نقولُ بأنّا قويانِ جِدَّاً

عنيفانِ جدَّاً..
رهيبانِ جدَّاً ؟
ونحنُ ضعيفانِ جدَّاً أمامَ القرارْ
بشأنِ هوانا..
بشأنِ الذَّهابِ وشأنِ الرُّجوعِ..
وشأنِ الحضور وشأنِ الغيابِ..
بشأنِ البناءِ.. وشأنِ الدَّمارْ
ضعيفانِ جدَّاً..
بشأنِ الكلامِ الجميلِ..
وشأنِ الحوارْ
بشأنِ احتراقي..
وشأنِ احتراقِكِ ليلَ نهارْ
ضعيفانِ جدَّاً ، أمامَ القرارْ

فحينَ أكونُ بحالةِ شوقٍ إليكِ..
وحينَ تكونينَ أنتِ..
بحالةِ شوقٍ إليَّ..
تُسمينَ هذا انتحارْ
فكيفَ نعيشُ نهاراً بثلجٍ..
وكيف نعيش نهاراً بنارْ ؟
وليس لدينا اختيارْ
أحبكِ جداً..
وأحتاجُ دوماً إليكِ..
فكيف تكونُ الحياةُ بغيرِ بحارْ ؟
وكيف تكون البيوتُ..
بغيرِ جِدارْ ؟
وكيفَ يكونُ مَساءٌ بغيرِ نهارْ ؟
وكيف تذوبينَ أنتِ اشتياقاً..
وكيف أذوبُ انتظارْ ؟
ونحن ضعيفانِ جداً ، أمامَ القرارْ
إلامَ سنبقى بهذا الدُّوارْ ؟
إلامَ..
إلامَ سنبقى بهذا الحِصارْ ؟
فنحنُ بجنَّةِ حُبٍ تحيطُ بها..
ألـفُ نارٍ ونارْ
فكيف النَّجاةُ ونحنُ غريبانِ جداً ؟
فقلبُكِ هذا ككتلةِ ثلجٍ..
وقلبي كبحرِ جمارْ
لماذا التناقُضُ بيني وبينَكِ ؟
إني أحبكِ..
لكنني لستُ أملكُ بالحبّ أيَّ خِيارْ
ولا تملكينَ بحبي وحبكِ أيَّ خِيارْ
فإنــَّا ضعيفانِ جداً أمامَ القرارْ
حزينان جداً..
غريبانِ جداً..
أمام القرارْ
أمام القرارْ
البداية
في عيدِ الحُبّ

ماذا أهديكِ بِعيدِ الحبّْ ؟

ماذا أهديكِ أسيّدتي ؟
هل يكفي أن أهدِيَكِ القلبّْ ؟
لكنَّ القلبَ كثيرُ الوَجْسْ
وأنا.. لا أملكُ شيئاً في الدُّنيا

لا أملك شيئاً لا في الشرقِ ولا في الغربْ
لو كنتُ غنياً يا قمري..
لجعلتُ البدرَ كـقُرْطٍ في أذْنِكِ والشمْسْ
وجمعتُ نجوماً في طَوْقٍ..
وضممتُ الرأسْ
وأحطتُ الجيدَ بعِقدٍ من فُلٍ ووُرودْ..
وبعثتُ إليكِ رسالةَ حبٍ سيّدتي..
زيَّنتُ سُطورَ مساحَتِها بحروفِ الهمسْ
وحروفِ الهجسْ..
أنا لستُ غنياً سيدتي..
فالفقرُ يكاد يُدمّرني ، ويكاد البُؤسْ
حُزني..
آهٍ يا حُزني.. يا أكبَرَ من حُزنِ القُدْسْ
تُضربُ أمثالٌ في حظّي من هذا النَّحسْ
لا أملك شيئاً يا حبي..
لا أملك إلا عِزَّةَ نفس0ْ
فَتَّشتُ كثيراً.. وكثيراً
وتعبتُ كثيراً يا قلبي..
واحترتُ كثيراً في أمري
وقرأتُ الصُحفَ اليَوميَّةَ..
عمَّا أهديهِ لمولاتي
في أجملِ يومٍ يجمعنا
يحبسنا.. آهٍ سيّدتي..
في أجملِ حبسْ
فقرأتُ اليومَ ببرجِ القوسْ:
( ستكونُ بأفضلِ حالاتِكْ..
فاهدِ المحبوبَ جميعَ الحبّ..
ولا تنظرْ أبداً للأَمسْ
لا تبخلْ..
كُنْ مثلَ جميلٍ أو قيسْ )
ماذا أتمنّى سيّدتي في هذا اليومْ..
في هذا العيدْ ؟
آهٍ.. لو كنتِ معي يا سيدتي
لصنعتُ سِواراً مغزولاً..
بخيوطِ الشمسْ
ومن القمرِ الأبيضِ سيّدتي ثوبَ العُرسْ
لو كنتُ غنياً يا قمري..
أهديتُ إليكِ كنوزَ البحرْ
فكّرتُ كثيراً..
حتى ضاعَ بعقلي الفِكرْ
وصبرتُ كثيراً آهٍ..
من قلبي قد نفدَ الصبرْ

فكرتُ كثيراً يا قمري
فيما أهديكِ.. بِعيدِ الحبّ وعيدِ الخيرْ
فكرتُ بأن أهديكِ قصيدةَ شِعرْ
هلا ترضيكِ قصيدةُ شِعرْ ؟؟
البداية
رحلة إليكِ ( 3 )
حَبيبتي

حَبيبتي..

يا دمعةً حزينةً ، تعيشُ في عيوني
ومركباً مسافراً..
وطائراً مهاجراً.. يحومُ في ظنوني
يُشعلُ نارُ الشَّوقِ والحنينِ
يبكي بلا صوتٍ..
بلا دمعٍ بلا رنينِ
حبيبتي..
يا كعبتي ، وقِبلتي ، ومُهجتي..
يا حُرقةَ الآهاتِ والأَنينِ
حبيبتي..
يا قمري المضيءَ في سمائي
يا قطرةً ثمينةً..
عزيزةً تسيرُ في دِمائي
حبيبتي..
يا هِبَةَ الله مِن السماءِ
لا تحزني..
فالحزنُ في عينيكِ من أعدائي
هيا اجرحيني مَرَّةً..
جرحُكِ يا حبيبتي دوائي
هيا اقتليني في الهوى..
فالموتُ فيكِ إنمَّا..
رفعٌ إلى السَّماءِ..
البداية
إِنـــَّـهُ الحُـبُّ
قالَ الصِّحابُ: لَنا يا صاحِ أشواقُ وإِنَّنا في بِلادِ الحُبِ... عُشَّاقُ
كَمِ ابْتَسَمتُ ، فَما للصَّحبِ مِن عَمَلٍ إِلا الغَرامُ.. وإِلا العِشقُ.. لو تاقوا
فَحاوَلوا _ أبَداً_ وَصْلاً فَما اتَّصَلوا وَحاوَلوا قُدُماً... لكِنَّهُمْ ضاقوا
يا أصدقاءُ.. أطالَ الله عُمرَكُمُ الحُبُ سُمٌّ.. وَما لِلحُبِ.. تِرياقُ
لَكَمْ عَذَلتُ أصَيحابي.. بِعِشقِهِمُ فَلُمتُ نَفسِيَ.. لَمَّا ذُقتُ ما ذاقوا
كَمِ اشتَكوا لِيَ شوقاً في جَوانِحِهِمْ ما كُنتُ أحسَبُ أنّي سَوفَ أشتاقُ
رَأيتُ ظَبياً.. رَمى قلبي بِنَظرَتِهِ والقلبُ _ سيدتي _ لِلموتِ سَبَّاقُ
فَإِن جَرَحتِ.. فَإِني مُخلِصٌ أبَداً وإِن ذَبَحتِ... فَلي بالحُبِ أخلاقُ
يا مَن بِحُبِكِ آمالي.. مُعَلَّقَةٌ أصبو إِليكِ... فإِنَّ القلبَ مُشتاقُ
لَقَدسَهِرتُ.. وعيني ما غَفَتْ أبَداً وقَد لَقيتُ أنا... أضعافَ ما لاقوا
ذُبنا نُحولاً ، فَصارَ الجِسمُ سيدتي كَالغُصنِ مُلتَوِياً... ما فيهِ أوراقُ
ماذا أقولُ ؟ بُكائي ليسَ يُسعِفُني فَالدَّمعُ _ وا وَجَعي _ في العينِ رَقراقُ
هل ذلكَ الحُبُّ ثلجٌ.. لا انصِهارَ لَهُ أمْ أنهُ لَهَبٌ ، في الصَّدرِ حَرَّاقُ ؟
بَكَتْ حَمائِمُ روحي حينَما رَحَلتْ هَلِ الحَمامُ.. كَما الإِنسانُ يَشتاقُ ؟
قَد صارَ لِلقلبِ بَعدَ الحُبِ أجنِحَةٌ وصارَ لِلرُّوحِ... بَعدَ الحُبِ آفاقُ
ما غابَ مَشهَدُها عن خافِقي أبَداً الله أكبرُ.. هَلْ للقَلبِ أحداقُ ؟
إِني أحِبُّ ، فَجَمرُ العِشقِ في كَبِدي وَالرُّوحُ مُرهَقَةٌ... والقلبُ خَفَّاقُ
هذا هُوَ الحُبُّ ما جَدوى مُكابَرَتي إِني أحِبُّ... وَفي عَيْنَيَّ أشواقُ
لا تَعذُلوا أحَداً في العِشقِ حَدَّثَكُمْ بَلِ اعذُلوا بَشَراً ، شابوا وَما اشتاقوا
الحُبُّ شَمسٌ أضاءتْ كَيفَ نُنكِرُها؟ بَعدَ الغُروبِ.. وَبَعدَ الليلِ إِشراقُ
البداية


جُروحٌ وأحْزانٌ

كلُّ الجروحِ تَلتـئِمْ

إِلا جُروحي وحدَها..
لا تلتـئِمْ
عادتْ إِليَّ النارُ والأَحزانُ والجروحُ يا حبيبتي
فليسَ باستِطاعَتي أنْ أنتقِمْ
مِن الهوى.. ومنكِ يا حبيبتي
مُشكِلَتي غَريبةٌ..
دمي أنا مُسمَّمٌ..
بالحبّ والبترولِ يا عزيزتي
فكيفَ ، كيفَ أقتحِمْ ؟
هذا المكانَ المُزدحِمْ
قلبَكِ يا حبيبتي..
هذا المكانَ الملتحِمْ

اعْتَرِفي سيّدتي..
أنَّ بلادي اخْشَوشَنتْ..
ترفضُ أنْ أكونَ مِن أبنائِها..
ترفضُ أنْ أكونَ مِن سُكَّانِها..
.. يروي لــِيَ التاريخُ عن أحزانِهِ
أمّا أنا لم أتّهِمْ
شخصاً مِن التاريخِ يا حبيبتي..
أو ذلك التاريخَ ، لا..
لم أتّهِمْ
شخصاً بقتلِ الحبّ لا لم أتّهِمْ
فنحنُ مَن خانَ الهوى..
لأننا لم نحترِمْ
هذا الهوى لم نحترِمْ..
الله يا حبيبتي..
وقفتُ في دَوَّامَةِ التاريخِ وَحدي أحتدِمْ
والنارُ مِن قلبي ومِن روحي ومِن جِسمي..
ومِن لحَمي ومِن عَظمي ومني تلتهِمْ
الله يا حبيبتي..
هاأنَذا.. في الطّينِ وَحدي مُرتطِمْ
في البحرِ وحدي مُرتطِمْ
في الحزنِ وحدي مُرتطِمْ
والجرحُ لا يُشفى..
ولمّا يلتـئِمْ
******
حبيبتي..
تجوّلي..
وامشي على شوارعِ الدُّموعِ في عيوني
تكلّمي..
فالصمتُ نارٌ أحرقَتْ لي مُهجتي
وأحرقَتْ جُفوني..
حبيبتي..
ما أنتِ ما الأَشعارُ ما الأَوراقُ ..
ما الأَقلامُ ما ؟ بِدوني
حبيبتي..
تَشجَّعي.. تَقَدَّمي.. وكوني
كَموطِنٍ حَنونِ
وبادليني الحبَّ والشُّعورَ والأَشواقَ ..
والأَحزانَ بادليني
تَحرَّكي..
بِكلّ ما لَديكِ مِن عَواصفِ الأَشواقِ والحنينِ
وحاذِري مني.. ومن جنوني
ومن لَظى الأَحزانِ من سُكوني
تقدَّمي بكلّ ما لديكِ من مُجونِ
لا بَأْسَ يا حبيبتي..
فَغازِلي..
وصاحِبي..
غيري أنا وخوني
وقطّعي أزاهِري..
ودَمّري لي ثَمَري..
وحطّمي غُصوني
لا بأْسَ يا حبيبتي..
فلا ولنْ تكوني
سيّدةً فاتِنةً ساحِرةً بَرَّاقةَ العُيونِ
بدون أشعاري..
وأوراقي التي أحرقتُها بدوني
أمّا أنا سيّدتي ، حاولتُ أن أفنيكِ في فُنوني
لأنني متّهَمٌ بكثرةِ الخيالِ والجنونِ..
متّهَمٌ بكثرةِ الأَحزانِ والجروحِ ..
والدُّموعِ والهمومِ والظُّنونِ
حبيبتي..
نامي ولو لمرَّةٍ واحِدةٍ..
في بُؤبُؤيْ عُيوني..
نامي ولو لِلحظةٍ في بُؤبُؤيْ عُيوني
البداية
حَوَّاءُ
الحبُّ أشرقَ يا حَوَّاءُ.. والغَزَلُ والقلبُ يَأْمرُنا.. عِشقاً..فنمتَثِلُ
أحبُّ وجهَكِ يا حَوَّاءُ مُبتَسِماً فالليلُ يَبسمُ... حينَ البدرُ يَكتَمِلُ
يَسترسِلُ الشَّعرُ حينَ المِشطُ يلمَسُهُ ويبرِقُ الدُّرُّ في عَينيكِ.. والخَضَلُ
أسنانُكِ البيضُ مثلُ المِشطِ أعشَقُها كالأُقحوانِ... بِلونِ الثَّلجِ تحتَفِلُ
والوردُ يخجَلُ مِن خَدَّيكِ سيّدتي نِعمَ الجَمالُ، ونِعمَ الحُسنُ.. والخَجَلُ
كُلُّ الكواكبِ تَغدو.. نحوَ خالِقِها وكلُّ نَجمٍ إِلى... عَينيكِ يبتَهِلُ
أدْمنتُ حبَّكِ حتَّى زادَ في وَلَهي إِني بحبكِ سَكرانُ الهوى... ثَمِلُ
دَلالُ حَوَّاءَ لَنْ تَلقوهُ.. في امْرَأةٍ يَكادُ يَقتُلُني _ في حُبّها _ الدَّلَلُ
أسرتِ قلبي، ووِجداني وهاأنَذا بنارِ حبّكِ... يا حَوَّاءُ أشْتَعِلُ
خَوفي عليكِ.. مِن الهِجرانِ مزَّقَني إِني أخافُ... ويغزو قلبيَ الوَجَلُ
الموتُ أرحَمُ... مِمَّا أنتِ فاعِلَةٌ فالبُعدُ يَنهشُ مِن قلبي، وينتَشِلُ
ما فارقَ الدَّمعُ عيني في النَّ‍وى أبَدَاً فَبِتُّ والعينُ... بالدَّمعاتِ تَكْتَحِلُ
كلُّ الجروحِ... سَأُبقيها مُفتَّحَةً كلُّ الجروحِ... بقلبي ليسَ تندَمِلُ
عيني مِن الشَّوقِ لم تَرحمْ مَدامِعَها فالدمعُ يلمعُ في عيني.. وَيَنهَمِلُ
مَلَلْتُ أعزِفُ ألحاناً... لأُغنِيَةٍ يَنتابُها الهَمُّ.. والأَحزانُ.. والمَلَلُ
جُودي بِوصلِكِ، إنَّ الشَّوقَ يَغمُرُني ما عُدتُ _ هَجرَكِ ، حَوَّاءُ _ أحْتَمِلُ
عيناكِ بَحري، وأسفاري، وأمْنِيَتي لكنَّ قلبكِ... في أحشائِهِ الجَدَلُ
باتتْ عُيوني.. على المَأْساةِ باكِيَةً وباتَ قلبي... على الأَطلالِ يَعتَوِلُ
مَراكبُ العُمرِ في دُنياكِ... مُبْحِرَةٌ تاهَ الفؤادُ... وضاعَ العُمرُ والأَمَلُ
أبوابُ حُبّكِ... في وَجهي مُغلَّقَةٌ إِني على الله يا حَوَّاءُ... أتَّكِلُ
يَسِنُّ حُبّيَ عَذْلٌ... لا مثيلَ لَهُ لا يقتلُ الحبَّ... إِلا اللومُ والعَذَلُ
(ما كلُّ ما يَتَمنَّى القلبُ يُدرِكُهُ ) تمضي السُّنونَ ويأْتي الموتُ والأَجَلُ
لكنَّ حُبَّكِ يُحييني... وَأقبلُ أنْ أبقى وراءكِ _ بعدَ البَعثِ _أرْتَحِلُ
البداية
أحِبُّكِ كيْ أتَحَضَّر
أحـبُّكِ في اليومِ.. عاماً وَأكبرْ وإِنـي أحـبُّكِ... كيْ أتَحَضَّرْ
أحـبُّكِ شـمساً تُضيءُ حَياتي وَبـدراً.. يُـسهّرني ثُـمَّ يسهَرْ
يُـسافر في الليلِ.. بينَ النُّجومِ ويـغرقُ خلفَ الغُيومِ.. ويظهَرْ
أذوبُ بِـناري.. وبُـعدِكِ عني وألَـتذُّ لـيلاً... بِحُزني وأسهَرْ
فـهجرُكِ نـارٌ... ووَصلُكِ نارٌ ونـارُكِ بَـردٌ.. ومُرُّكِ.. سُكَّرْ
فـعِندَ غِـيابِكِ.. أشـتاقُ دَوماً وعِـندَ حُضورِكِ.. أشتاقُ أكثَرْ
دَعـيني.. أفـسّرُ هذا الشُّعورَ دَعـيني... وَلـكنَّهُ لا يُـفسَّرْ
فـؤادي يَـعومُ... بِبحرِ هَواكِ فـمُنذُ سِـنينَ... بـحبّكِ أبحَرْ
دَعـيني... أشُـمُّ أريجَ هَواكِ فـحبُّكِ طِـيبٌ... بِـهِ أتَعَطَّرْ
وحـبُّكِ مِـسْكٌ... يُضرّجُ قلبي ورائِـحَةُ الـمِسكِ... لا تتغَيَّرْ
وحـبُّكِ.. فَـتَّحَ أبوابَ شِعري وإنـي بـحبّكِ قد صِرتُ أشْعَرْ
عـصافيرُ حـبّكِ جاءتْ تُغنّي إِلى القلبِ هلْ في فؤادِيَ بَيْدَرْ؟!
عـيونُكِ فـيها الـنَّبيذُ... مُثيرٌ وإِنـي بخمرةِ عَينيكِ... أسْكَرْ
جَـمالُكِ سِـرُّ الإِلهِ.. وسِرُّ ال حَـياةِ.. وسِـرُّ الفؤادِ.. المُسيَّرْ
ولـستُ أرى فـي جَمالِكِ إِنْساً كَــأَنَّ جَـمالَكِ... لا يَـتَكَرَّرْ
لآلِـئُ عـينيكِ... كََـنزٌ ثمينٌ نَـقِيٌّ بـمالِ الدُّنى... لا يُقدَّرْ
لَـينمو بـخدَّيكِ... وردُ الرَّبيعِ ويـنمو عـلى شَفَتيكِ الشَّمنْدَرْ
وشَـعرُكِ فاقَ الليالي... سَواداً وفـاقَ السَّنابِلَ... طُولاً ومَنظَرْ
أحـبُّكِ جِـدَّاً... ولا.. أتَـذَكَّرُ أنّــي نَـسيتُكِ... لا أتَـذَكَّرْ
أحـبُّكِ فـي اليومِ عاماً وقلبي يـحبُّكِ في اليومِ.. قَرناً ويكبرْ
البداية
لا تَسأَليني الحُبَّ
لا تَـسأَليني الحبَّ سيّدَتي فالنارُ في قلبي.. وأورِدَتي
لا تَطْلبي مني الهوى.. أبَدَاً فَـأَنا حَزينٌ... مثلُ أغنِيَتي
إِيَّـاكِ مِن قلبي ومِن فِكَري إِيَّاكِ مِن شِعري ومِن لُغَتي
إِنَّ الحروفَ.. جَميعَها حِمَمٌ تَغلي كَبُركانٍ.. على شَفَتي
لا تَـطلبي مُـلْكاً.. ومملَكَةً نـارٌ أنـا.. نارٌ.. كَمَملكَتي
هـذا أنا... طَيرٌ بِلا وَطَنٍ وَحَـقيبتي بَيتي وَأشرِعَتي
عُـودي لِعقلِكِ، إِنني رَجُلٌ أقْسى وأصعَبُ مِنكِ مُشكِلَتي
البداية
إِلى مُسافرةٍ

مادُمتِ سيّدتي مُصمّمةً على هذا السَّفَرْ

فَلَقد عَرَفتُ الآنَ.. ما مَعنى السَّهَرْ
وعَرَفتُ كيفَ أرى خَيالَكِ في القَمَرْ
لا تَذهَبي.. لا تَذهَبي..
قد كادَ يَقـتُلُني القَدَرْ..
*****
مادُمتِ يا حُبّي مُصمّمةً على هذا السَّفَرْ
فأَنا حَزيـنْ
عُودي إِلى قلبي الذي.. مازالَ يُشعِلُهُ الأَنينْ
لا تَذهَبي.. لا تَذهَبي..
قد كادَ يَقـتُلُني الحنينْ..
*****
مازلتُ أسأَلُ: كيفَ أبتَدِئُ الوَداعْ ؟
أو كيفَ أحتملُ الوَداعْ ؟
وأنا حَياتي كُلُّها صارتْ ضَياعْ

لا تَذهَبي.. لا تَرحَلي..
قلبي تَمَزَّق بِالرَّحيلِ حَبيبتي..
مثلَ الشِراعْ..
البداية
يافا وَحَبيبتي
عيناكِ باقيتانِ في يافا وقلبي هائِمٌ..

مُتَنقّلٌ بينَ الحقيقةِ والخيالْ
لا شيءَ يبكي في الرَّحيلِ حبيبتي
إلا حُقولُ البُرتقالْ..
يافا تُنادينا وتَسأَلُنا ، وفي قلبي اشتياقٌ هائِلٌ
لا.. ليسَ يُوصفُ أو يُقالْ
أينَ الرَّحيلُ ؟؟..
وكم يُمزّقُني ويُحزِنني السُّؤالْ
*****
يافا.. تُنادينا الشَّوارعُ والمنازلُ والمقاهي والمرافِئْ
يافا.. تذكَّرتُ السَّفائِنَ والمراكبَ والموانِئْ
ولقد تَذكَّرتُ الطُّفولَةَ والمدارِسْ
يافا.. تُنادينا الجوامِعُ والكنائِسْ..
يافا تنادينا النَّوارِسْ
وتقولُ: عودوا للمَنازلِ والشَّواطِئِ والرّمالْ
عودوا إِلى أوطانِكُمْ..
فُكُّوا قُيودَ الذُّلّ عن أطرافِكُمْ
وَتَعلَّموا الحريَّـةَ الخضراءَ مِن أطفالِكُمْ..
وَتَعلَّموا فنَّ القِتالْ
*****
في القلبِ جَمرٌ ، وَانطِفاءُ دَمي اشتعالْ
إنَّ الطريـقَ بَعيدةٌ..
وتصيرُ أقربَ بالنضالْ
الموت ليسَ نِهايتي.. فهو ابتِدائي
يافا أحبكِ والهوى..
زادي ومائي
وهو احتِرافي وانتِمائي
في القلبِ جَمرٌ يا هوى..
والسَّلْوُ يا يافا مُحالْ..
*****
يافا.. تُنادينا قُراكِ
أحياؤُكِ الشَّمَّاءُ شامخةٌ بِوَجهِ الرّيحِ..
والإِعصارِ والطُّوفانِ تَسأَلُ عن هواكِ
والبحرُ يسأَلُنا الرُّجوعَ.. لِكي نَهيمَ بملتقاكِ
بالله مَن إِلاه يحملُ لي شَذاكِ ؟
القلبُ يا يافا فِداكِ..
والرُّوحُ يا يافا فِداكِ..
يا حُلوتي.. وعزيزتي
يافا وأنتِ حبيبتي
ما عاشَ في قلبي سِواكِ..
*****
في القلبِ ثلجٌ يا هوى
والقلبُ دافِئْ
قلبي يخافُ مِن الهوى ، ويخافُ مِن جُرحٍ مُفاجِئْ
ويخافُ مِن موتٍ مُفاجِئْ
يافا.. لَقد طَرَدوا فؤادي مِن ضُلوعي..
(ثُمَّ قالوا: أنتَ لاجِئْ )
أحبيبتي..
عيناكِ باقيتانِ في يافا ، وقلبي ليسَ لاجِئْ
مازالَ في يافا يَلُمُّ اللؤلُؤَ البَحريَّ..
مِن عينيكِ سيّدتي ، ففي عينيكِ تُختزنُ اللآلِئْ
الرُّومُ مُنتشرون في يافا..
ومن عينيكِ قد أخَذوا اللآلِئْ
مَرُّوا على قلبي.. وقلبي مُتْعَبٌ
يبكي عليكِ حبيبتي وَعَلى اللآلِئْ
وبكى الغروبُ على الشواطِئْ..
عيناكِ مُرهقتانِ راحِلتانِ عن يافا..
وقلبي للأَسى قد صارَ لاجِئْ..
البداية
وِقفةٌ عَلى الأَطلالِ
قِـفا عـندَ الـطُّلولِ.. وَحَدِّثاني فـبَعدَ الـهجرِ... هـاأنَذا أعاني
صِـفا لـليلِ، كيفَ الرُّوحُ تَبكي ويـبكي فـي فـؤادِيَ... خافِقانِ
فَـما بَـقِيَتْ دُموعٌ.. في عُيوني وقـدْ غَرِقَ الزَّمانُ... مَع المكانِ
إِلـى أينَ الرَّ‍حيلُ.. وكيفَ أحيا بَـعيداً عـنكِ.. يا وَطنَ الحنانِ؟
فـبَعدَكِ تاهَ.. في الصَّحراءِ قلبي وأمْـسى الشِعرُ بَعدَكِ.. لا يَراني
وبَـعدَكِ لا أرى يـوماً... سَعيداً وبَـعدَكِ لم أذُقْ ... طَعمَ الأَمانِ
وَقـفتُ على الطُّلولِ، وكانَ قلبي يُـردّدُ مـا يَشاءُ... مِن الأَغاني
رَحـلتِ، وهـلْ رَحيلٌ بَعدَ هذا؟ فـكيفَ أعيشُ.. يا بَدرَ الزَّمانِ؟
عـلى لَـهَبِ الفِراقِ.. يَنامُ قلبي ويـصحو شاكياً.. جَمرَ الأَماني
سَهِرتُ مع النُّجومِ.. أصوغ شِعراً وتَـكويني الـدَّقائِقُ... والثَّواني
وتُـحرِقُني جمارُ الشوقِ.. دوماً فـهذا الـبُّعْدُ... آهٍ كـم شَجاني
وهـذا الـبُعْدُ.. يَـرسمُها بقلبي ويـحفرُها.. كَـنقْشٍ.. بِـافتنانِ
فَـوَجهٌ مثلُ بَدرِ الصَّيفِ، يَشدو وَشَـعرٌ... مـثلُ أنـهارِ الجِنانِ
وَثَـغرٌ... كـادَ مِـنهُ الدَّمُّ يحكي وأسـنانٌ... كَـزَهرِ الأُقْـحوانِ
وَرَمـشٌ كـاد يَـقتلني... بِسَهْمٍ فَـفي القلبِ الحزينِ.. لقد رَماني
أصـيحُ.. وليسَ يَسمَعُني صَديقٌ وقـدْ جَـمُدَ الكَلام.. على لِساني
فـأَركبُ نـاقتي... وألـومُ قلبي وأمـسحُ دَمـعَتي... مِمَّا دَهاني
وأقـطعُ هذه الصَّحراءَ.. وَحدي وأطـويها... كـما حُزنٌ طَواني
خَـليليَّ احـذَرا... فالحبُّ بَلوى ولـيتَ الله... فـيهِ مـا ابتلاني
قِفا وقتَ الغُروبِ غُروبِ شمسي وفـي صَمتٍ حَزينٍ... وَدِّعاني
البداية
نِهايةُ حُبٍّ
لا تَـظُنِّي أَنَّ شـمسي تَنطَفي أَو خَـيالي ذاتَ يَـومٍ يَـختَفي
كَـمْ تَـخِذتِ الغَدرَ شُغْلاً مُمتِعاً وزَرَعـتِ الهَمَّ في قلبي الوَفي
واقِـفٌ قُـدَّامَ ريـحٍ صَرْصَرٍ لَـم أَخَـفْ مِـنها وَلم أَرتَجِفِ
وَجـهُكِ الحُلوُ الذي... كانَ لَنا دائِـمَ الـنُّورِ... مُـثيرَ الكَلَفِ
كـان بَـدراً ساحِراً... سيّدتي واخـتفى حُسنُكِ، خلفَ النَّجَفِ
وعـيونٌ... مـاتَ فـيها أمَلي وشِـفاهٌ... صِرنَ مثلَ الصَّدَفِ
لا تَـقولي عنْ هَوانا... لم يَزلْ عـائِشاً عِـندَكِ... أو في كَنَفي
فـالهوى مـاتَ... وماتَتْ مَعَهُ قِصَصُ الحبِّ... وَعهدُ التَّرَفِ
أحـملُ الجرحَ بقلبي... ضاحِكاً وَجـبالُ الحزنِ هَدَّتْ... كَتِفي
كُـلَّما قُـلتُ لِقلبي... لا تَخُضْ فَـنَهارُ الـحبّ... مثلُ الشَّدَفِ
ردَّ قـلبي قـائلاً.. لا، لا تَخَفْ ما الهوى ما العشقُ إِنْ لم أخَفِ؟
آهِ مِـن حـبّكِ... قـدْ دَمَّرَني وَرَمـاني... في بحارِ الخَرَفِ
وَصَفوا لي الحبَّ... للقلبِ دوا أيّ حُـبٍ.. سوفَ يُشفي دَنَفي
إِنـني مُـستسلِمٌ ... فاسْتَسلِمي إِنْ أرادَ الحبُّ عَدْلاً... يَنْصِفِ
سَـيجيءُ اليومُ... حتى تَندَمي وَيـجيءُ اليومُ... حتى تَنزِفي
فاسمَحي للقلبِ أن يَنسى الهوى واسمحي لي.. أن أسَوّي مَوقِفي
واترُكيني... في هُمومي غارِقاً فَـأَنا... بـالحزنِ خِـلاً أكْتَفي
وَدَعـيني.. لِـنَبيذي.. وارحَلي لم يَعُدْ في القلبِ بعضُ الشَّغَفِ
أسَـفي كانَ.. على حُبٍ مَضى وعـلى حُـبٍ... سَيأْتي أسَفي
فـإِليكَ الله... أشـكو مِـحنتي وَعَـذاباً.. كـادَ يُـدني.. تَلَفي
غَرَبتْ شمسُ الهوى.. وانطَفَأَتْ كـانَ ظَـنّي... أنها لا تَنطَفي
البداية

قصائدشعرية 1
قصائد شعرية 1 ، 2 ، 3 هي قصائد ديوان ( لن تصلبونيمرة أخرى ) ولوحة الغلاف إهداء من الفنان الفلسطيني إسماعيل شموط ، كتبت هذهالقصائد بين عامي 2000 - 2003
مَدخَلٌ
إِنْ كانَ شِعري طَرَباً
أَرجوكُمُ أَنْ تَغضَبوا
أَو كانَ شِعري غَضَباً
أَرجوكُمُ.. لا تَطرَبوا
عائِدونَ
وَدِّعْ طُلولَكَ في حَيفـا ، وَفي يافـا وَقَبِّلِ الـبَحرَ..أَسـماكاً وَأَصدافـا
هذي البِلادُ التي كانَتْ... لَنـا وَطَناً هـانَحنُ،نَنْزِلُ فيهـا الآنَ أَضيافـا
طَبِّبْ جِراحَكَ ، لا تَيْأَسْ وَإِن كَثُرَتْ وَازْرعْ مَكانَ جُروحِ القَلبِ صَفْصافا
وَاحْمِلْ سِلاحَكَ ، إِنَّـا عائِدونَ لَها وَزِدْ جُهـودَكَ، أَضعافـاً وَأَضعافـا
أَيْقِظْ ضَميرَ بِـلادِ العُرْبِ… قاطِبَةً إِنَّ الـضَّميرَ.. إِذا أَيْقظْتَهُ... وافـى
أَنتَ الشُّجاعُ ، وَنَحنُ الصَّابرونَ هُنا مـا هانَ قَلبُكَ في الدُّنيا، وَلا خافـا
سَنُرجِعُ الأَرضَ كُلَّ الأَرضِ يا عَرَبٌ سَـهلاً وَمـاءً، وَأَجبالاً وَأَريـافـا
وَتَرجِعُ القُدسُ… وَالأَحبابُ يا وَطَني لَـو يُرهِفونَ سُيوفَ الثَّـأْرِ ، إِرهافا
لا تَجبُنوا أَبَـداً.. وَابْقوا عَلـى أَمَلٍ لا يُصبِحُ الـشَّعبُ ، وَالثُّوارُ أَطيافـا
لا قِمَّـةٌ عُقِدَتْ.. إِلا وَقَـدْ عُقِرَتْ فَالفِعلُ يُنْسى،وَيُضحي القَولُ سَفْسافا
دَعُوا الكَلامَ لَهُمْ ، وَامضوا بِعَودَتِكُمْ إِنَّـا سَـنَرجِعُ أَحفـادًا..وَأَسلافـا
دَعُوا الكَلامَ.. وَلا تَنْسَوا بَـنادِقَكُمْ هِيَ الطَّريقُ- وَإِنْ طالَتْ – إِلى يافـا
يا عائِدونَ إِلـى أَرضي، وَأَرضِ أَبي خُـذوا الفُؤادَ فَيكفيهِ الذي عـافـا
تَنْسابُ روحِيَ في وَجدٍ ، وَفي وَلَـهٍ وَالعَينُ سـاهِرَةٌ وَالـنَّومُ قَد جافـى
هذا خَيالُ فِلَسطيـنٍ ، وَأَعـرِفُـهُ يـا طولَ لَيْلِيَ بِالأَشواقِ إِن طافـا
سَأَجعلُ القَلبَ مِرسـاةً… وَبُوصَلَةً وَالرُّوحَ أَشْرعَةً… وَالنَّفسَ مِجدافـا
وَأَجعلُ الـفَجرَ… ميلادَاً لأُغْنِيَتـي وَأُشهِرُ الليلَ، فـي الأَعداءِ أَسيافـا
إِنَّـا سَنَرجِعُ إِن طالَ الرَّحيلُ ، وَإِنْ جارَ الزَّمانُ عَلى شَعبـي، وَإِنْ حافا
هذي البِلادُ لَنـا يا قُدْسُ ، فَاحْتَفِلي بِـالعائِدينَ فَلَنْ يَـأْتوكِ أَخيـافـا
البداية
لَنْ تَصلُبوني مَرَّةً أُخرى
(( وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا)) سورة النساء – 157
- 1 -
لَيلٌ وَأُغنِيَةٌ وَنايٌ..
يَصنَعُ اللَّحنَ الحَزينْ
وَدُموعُ أُمي تَحتَ نَخلَتِها ،
تُعَلِّمُني القِراءةَ وَالكِتابَةَ..
وَالكَلامَ ، وَلم أَزلْ في الغَيبِ طِفلاً أَو جَنينْ
حَكَموا عَليَّ بِأَن أَموتَ قُبَيْلَ أَن آتي إِلى الدُّنيا..
وَجِئتُ ، وَجِئْتُ أَمتَلِكُ اليَقينْ
نَفْيٌ.. وَتَشريدٌ وَتَغريبٌ.. وَتَعذيبٌ..
وَإِنّي عائِدٌ..
لِلبَيتِ مَرفوعَ الجَبينْ
لا تَحزَني أُمَّاهُ !‍‍‍‍‍‍ سَوفَ نَعودُ..
سَوفَ نَعودُ لِلمَهدِ – العَرينْ
- 2 - ‍‍
طَرَدوا جَميعَ الأَنبِياءْ..
طَرَدوكُمُ..
لا تَيأَسوا إِنْ عَيَّروكُمْ ، أَو نَفوكُمْ
خارِجَ الدُّنيا وَما بَعدَ السَّماءْ
طُوبى لَكُمْ..
طُوبى فَأَنتُم مِلحُ هذي الأَرضِ..
أَنتُم كُلُّ ما في الأَرضِ مِن لَبَنٍ ، وَمِن عَسَلٍ
وَمِن رَمْلٍ وَماءْ
لا تَحزَنوا ، لا تَيأَسوا..
روما لَهُم ، روما لَهُم
والله مَوْلانا..
سَيَنصرُنا وَيهزِمُ مَنْ يَشاءْ
- 3 -
أُمَّاهُ ، إِنِّي قَد تَعبتُ مِنَ الرَّحيلِ إِلى الرَّحيلْ
وَحدي أُحَدِّقُ في الظَّلامِ وَلا أَرى شَيئاً..
أُحَدِّقُ في الفَراغِ وَلا أَرى أَحَدَاً..
(( أَضاعوني وَأَيَّ فَتىً أَضاعوا ))
لمْ أَثِقْ بِهِمُ..
أُحَدِّقُ في الحُقولِ ، وَلا أَرى شَجَرَ النَّخيلْ
هُزِّي إِليْكِ بِجذْعِها..
مِنْ أَينَ يا أُمِّي النَّخيلْ ؟!
سَرَقوا النَّخيلَ ، وَأَرضَنا وَسُهولَنا..
وَجِبالَنا وَمِياهَنا..
سَرَقوا الشَّواطِئَ وَالأَغاني وَالأَماني وَالرُؤَى..
وَالقدسَ وَالمَهدَ الجَميلْ
نَهَبوا الجَليلْ..
سَلَبوا الخَليلْ.
صارَعْتُ مَوتي وَانْتَفَضْتُ..
كَسرتُ قَيدي عَن يَدي..
وَنَزَعتُ تاجَ الشَّوكِ عَن رَأْسي ،
وَعَن وَجْهي وَعَنْ جَسَدي النَّحيلْ
أُمَّاهُ لا تَتَأَثَّري أَو تَحزَني..
أُمَّاهُ لا تَبكي فَإِني عائِدٌ..
وَالرُّوحُ يَحمِلُ مَوتَهُ مُتَفائِلاً..
وَالليلُ أَطوَلُ مِن طَويلْ
- 4 -
وَطَني هُنا ، شَعبي هُنا ، وَأَنا هُنا..
مِنْ بَيتِ لَحمَ إِلى الجَليلِ..
مِن الجَليلِ لِبيتِ لَحمَ..
وَرُبَّما تَغتالُني الطُرُقاتُ يا أُمي
فَأَمضي لِلمَدى ، وَإِلى جُروحي الثَّائِرَهْ
- باعوكَ بَل صَلَبوكَ..
كَيْ يَرِثوا المَكانَ – كَما يُحَلِّلُها المُؤَرِّخُ وَالرُّواةُ –
وَلا مَكانَ لَهُمْ ، وَلا حَتَّى زَمانَ لَهُمْ..
وَجاؤُوا.. مِن فَيافي الأَرضِ جاؤُوا..
مِن مَنافي الكَونِ ، كَي يَرِثوا البِلادَ الصَّابِرَهْ
- الله ما أَحلى بِلادي كُلَّها‍‍‍‌‌‍‍‍‍‍‍ ! ‍‍‍
مِنَ بَيتِ لَحمَ أَجوبُها لِلنَّاصِرَهْ
مِن أُورْشَليمَ ، تَجوبُني لِلسَّامِرَهْ
حُرَّاسُ هَيْكَلِهِمْ – وَما في القَلبِ هَيْكَلُهُم – ذِئابٌ كاسِرَهْ
الله يا الله ، طَهِّرْ أُورْشَليمَ..
مِنَ الوُجوهِ الكَافِرَهْ
طَهِّرْ بِلادَ القُدسِ ، مِن رِجْسِ الكِلابِ الماكِرَهْ
- 5 -
لمَ تَكتَمِلْ بَعدُ القَضِيَّهْ
وَالمَسرَحُ المُكتَظُّ بِالتَّمثيلِ وَالجُمهورِ..
قَد سَقَطتْ سَتائِرُهُ..
وَقَدْ بَدَأَتْ بِصَلبي المَسرَحِيَّهْ
وَأَنا أَصيحُ ، أَصيحُ يا أُمِّي..
(( أَضاعوني وَأَيَّ فَتىً أَضاعوا ))
لَمْ تَزَلْ أُمِّي هُناكَ بِأَرضِنا..
مَزروعَةً تَبكي عَلَيَّهْ
تَبكي عَلى عُمري الذي سَرَقوهُ مِنْ أَحضانِها..
وَبَكَتْ عَلَيَّ المَجْدَلِيَّهْ
غَسَلَتْ بِأَدمُعِها لُعابَ الذِّئْبِ عَنْ قَدَمي ،
وَعَنْ جُرْحَينِ نَزَّا في يَدَيَّهْ
- 6 -
أَيْنَ الأَرامِيُّونَ ؟ هَلْ ذَهَبوا وَهَلْ هَرَبوا ؟
وَإِسرائيلُ تَقْصِفُ كُلَّ ثانِيَةٍ – بِمِدفَعِها –
وَكُلَّ دَقيقَةٍ فَرَحي وَأَحلامي..
وَلَيْلَ قَصيدَتي وَطُفولَتي..
أَيْنَ الأَرامِيُّونَ ؟ هَلْ سَكَتوا وَهَلْ صَمَتوا ؟‍‍‍ ‍
وَكمْ أَنْكَرتَني يا بُطْرُسُ العَرَبِيُّ ، كَمْ أَنْكَرْتَني
- 7 -
إِنِّي أُواجِهُ دَوْلَةً..
جَيشاً بِأَكمَلِهِ..
أُواجِهُ طائِراتٍ قاصِفاتٍ.. قاذِفاتٍ بارِجاتٍ..
كُنْتُ وَحدي آهِ.. يا أُمِّي ،
وَلَمْ تَتَحَرَّكِ الدُّنْيا..
وَلا الأَعرابُ ، لكِنِّي صَمَدْتُ أَمامَهُمْ
وَصَرَختُ مِنْ فَوقِ الصَّليبِ..
صَرَختُ : لا.. لَنْ تَصْلِبوني مَرَّتَيْنْ
وَتَكاثَروا حَوْلَ الصَّليبِ ، تَكاثَروا مِثلَ الجَرادِ..
وَدَمْعُ جُرحي سالَ مِنْ كِلْتا اليَدَيْنْ
لَنْ تَصلِبوني مَرَّةً أُخرى..
بَني صَهيونَ لا..
لَنْ تَسْلُبوا حُرِّيَّتي أَبَدَاً..
( قَيافا ) حُكْمُكَ القاسي يُرَدُّ إِلَيْكَ يَومَاً ما ،
وَلا.. لَنْ تَصلِبوني مَرَّتَيْنْ
- 8 -
شُكْراً لِروما ، فَصَّلَتْ صُلبانَها..
فَبِحَجْمِ هذا الكَوْنِ كانَ صَليبُها..
وَأَنا وَحيدٌ في المَدى
بِيلاطُسُ البُنْطِيُّ ، يُعْلِنُ عَنْ بَراءَتِهِ
قُبَيْلَ الصَّلْبِ.. يَغْسِلُ بِالمِياهِ..
يَدَيْهِ يَرْجِعُ كَالمَلاكِ بَراءةً
وَيُشِعُّ نُورَاً أَو نَقاءً أَبْيَضَاً..
هذا المَلاكُ بِقلبِ شَيطانٍ رَجيمْ
هذا يَهوذا الخائِنُ العَرَبيُّ..
لَن يَتَكرَّرَ التَّاريخُ ثانِيَةً..
يَهوذا سَوفَ تُصْلبُ ، سَوفَ تُقتَلُ وَانْتَظِرْ
لَن يَرجِعَ التَّاريخُ ثانِيَةً..
وَسَوفَ تَذوبُ في نارِ الجَحيمْ
- 9 -
لَن تَصلِبوني..
رُبَّما سافَرْتُ في رُؤْيايَ..
لِلوَطَنِ – المَدى ، المَنْفى – المَدى
وَصَرخْتُ مِن فَوقِ الصَّليبِ..
صَرَختُ لَن أَتَرَدَّدَا
رَجَعَ الصَّدى وَتَرَدَّدَا
نَزَفَ الوَريدُ فَقُلتُ : لَنْ أَتَجَمَّدَا
عانَقتُ مَوتي..
وَاتَحَدتُ مَعَ الرَّدى
لأَعيشَ ، لا لأَموتَ..
في دَوَّامةٍ..
وَأَتى فَراشُ العُمْرِ من عُمْقي البَعيدِ مُقَيَّدَا
أَطْلَقْتُهُ ، فَصَحا الفُؤادُ وَغَرَّدَا
صَرَخَ الفُؤادُ وَأَنْشَدا..
لَن تَصلِبوني مَرَّةً أُخرى..
وَلَنْ أَتَقَيَّدا
- 10 -
لَمْ تَكْتمِلْ بَعدُ القَصيدَهْ..
هَلْ غادَرَ الشُّعَراءُ مِن زَمَني ؟‍‍‍‍‍‍!
لَمْ تَكتمِلْ بَعدُ القَضِيَّةُ وَالعَقيدَهْ..
هَل غادَرَ الشُهَداءُ مِن وَطَني ؟!
وَصَرَختُ :
(( يَمَّا مويلِ الهَوى
يَمَّا مويلِيَّا..
ضَرْبِ الخَناجِرْ وَلا..
حُكمِ النَّذِلْ فِيَّا..
يَمَّا مويلِ الهَوى
يَمَّا مويلِيَّا..
ضَرْبِ الخَناجِرْ وَلا..
حُكْمِ الصَّهْيونِيَهْ.. ))
البداية
مِنْ ذِكرَياتِ كَنعانَ
- 1 -
مِنَ الأَرضِ نَخرُجُ ، كَي تَبدَأَ الأَرضُ مِنَّا
وَكيْ نَستَعيدَ الحَياةَ..
رُويداً.. رُويداً...
وَنحيا..
وَنحلُمَ بِالحُبِّ وَالخيرِ
وَالقَمحِ ، وَالخُبزِ وَالأَرضِ..
لَيسَ لِشيْءٍ ، وَلكنْ لِنَحيا
مِنَ الليلِ نَخرُجُ ، كي نَلِدَ الفَجرَ نحنُ
وَنحمِلَ شمسَ نَهارٍ سَيأَتي،
وَندخُلَ أَجْمَلَ دُنيا
مِنَ الموتِ نُولدُ نحنُ..
مِنَ الموتِ تَبدَأُ فينا الحَياةُ وَنحيا
وَنَنبُشُ نحن بَقايا الرَّمادِ..
فَنَخرجُ بُركانَ نارٍ..
وَثَورةَ شَعبٍ ، تَطولُ الثُّرَيَّا
- 2 -
هُوَ الشَّوقُ يُشعِلُني في المساءِ
وَيجعلُ قلبي رَماداً..
فَأَمضي وَأَلجأُ لِلحُلمِ..
يَكسِرُني الليلُ..
يَجعَلني قِطعَتينِ ، وَيَسحَقُني ثُمَّ يَغفو
تَناثَرتُ فَوقَ الرَّصيفِ ، كَأَنّي غُبارٌ
تَناثَرتُ فَوقَ الشَّواطِئِ ، مِثلَ الرِّمالِ..
فَعُدتُ إِلى الحُلمِ أَجْمَعُ نَفسي..
أُلملِمُ ذِكرى غَدَتْ زَمَناً ماضِياً
أَو غَدَتْ وَطَناً ماضِياً..
وَأُلملِمُ أَوراقَ شِعري
وَأَكتُبُ فَوقَ جِدارِ الزَّمانِ :
(( هُنا قَد وُلِدتُ ، وَسَوفَ أَموتُ
وَأُبعَثُ حَيَّا ))
- 3 -
إِلى أَينَ تَرتحِلينَ ؟
فَإِنَّ تُرابَكِ يَسري بِأَورِدَتي كَدَمي
وَإِنَّ حُروفَكِ..
صارتْ قَصائِدَ ثائِرَةً في فَمي
إِلى أَينَ فاتِنَتي القُدسَ تَرتَحلينَ ؟
فَإِن بَهاءَكِ يُفدى بِأَرواحِنا وَالدَّمِ
- 4 -
عَلى أَرضِنا يا حَبيبةَ قَلبي
كَتَبنا الملاحِمَ حَرفاً فَحَرفاً..
كَتَبنا الأَساطِيرَ سَطْراً فَسَطْرا
عَلى أَرضِنا يا حَبيبةَ عُمْري..
كَتبنا الحُروبَ ، كَتبنا المَعارِكَ
شِعراً وَنَثرا
وَأَشياءَ أُخرى..
وَكانَتْ دِماءُ الأَعادي مِنَ العابِرينَ..
مِداداً وَحِبْرا
وَكانَت جُسومُ الرِّجالِ الذينَ..
رَوُوا أَرضَنا بِالعَبيرِ..
إِلى القُدسِ جِسرا
- 5 -
مِنَ الأَرضِ نَخرجُ
نادي ( عَناةْ )
وَقولي لِشَمسِ الشُّموسِ :
بَأَنَّا عَلى قَيدِ هذي الحَياةْ
وَقُولي لَها : إِنَّ ( بَعْلاً )
عَلى قَيدِ هَذي الحَياةِ كَذلِكَ..
نادي وَقولي لَها : إِنَّ ( بَعلاً ) سَيَرجِعُ..
مِنْ باطِنِ الأَرضِ يُولَدُ..
يا ( بَعلُ ) إِنَّا نُجَدِّدُ ( بَعلاً ) ، فَعُدْ ( لِعَناةْ )
وَدَعْ باطِنَ الأَرضِ وَاخرُجْ ،
بِباقَةِ وَردٍ مِنَ الزَّنبقاتْ
مِنَ الأَرضِ نَخرجُ وَردَاً..
لِكَي تَبدَأَ الأُمْنِياتْ
مِنَ الأَرضِ نَخرجُ لَحناً..
لِكَي تَبدَأَ الأُغنياتْ
وَنَمضي وَنَعشَقُ بَينَ كُرومِ ( الخَليلِ )
وَبَينَ كُرومِ ( الجَليلِ )..
وَنَصنَعُ خُبزاً وَنَملأُ جَرَّاتِنا بِالنَبيذِ..
وَنَركُضُ بَينَ حُقولِ ( يَبوسَ )..
وَبَينَ حُقولِ ( شَكيمَ )..
وَنَحتَفِلُ اليومَ بَينَ الأَيائِلِ وَالقُبَّراتْ
بِعِيدِ الشَّعيرِ ، وَعِيدِ الحَصادِ ، وَعِيدِ الكُرومِ
وَنَدفِنُ ( مَوتَ ) وَ( يَمَّ ) بِقَبرِ السُّباتْ
مِنَ البَحرِ نَبدَأُ حُلمَ الرُّجوعِ..
لِكَي نَجْعلَ الرِّيحَ – حينَ نَعودُ –
كَمَا نَشتَهي وَنُريدُ..
وَيَبتَدِئَ الكَونُ مِنَّا..
وَتَبدَأَ فينا الحَياةْ..
وَنُرجِعَ ما كان في الأَرضِ مِنْ ذِكْرَياتْ.
البداية
الغامِضُ الواضِحُ
يُغضي عَلى جِراحِهِ..
يُغْضي عَلى أَحزانِهِ..
يُغْضي عَلى بُركانِهِ
الجَمرُ في وَريدِهِ..
وَالنَّارُ في شَريانِهِ
زَمانُهُ يَحبو عَلى مَكانِهِ
مَكانُه يَصبو إِلى زَمانِهِ
يَعيشُ أَوْ يَموتُ كَالزَّيتونِ واقِفاً..
أَتَعرفونَ مَنْ ؟؟
يَبكي بِلا دُموعْ..
يَموتُ أَو يَذوبُ أو يَجوعْ
وَيَرفُضُ الرُّكوعْ..
يَحمِلُ جَمرَ الحُزنِ في الضُّلوعْ
وَيَرفُضُ الخُنوعْ..
يَصرُخُ في الأَعداءِ : لا
وَلَمْ وَلَنْ..
يَكْرهُ أَن يَقولَها : نَعمْ
أَتعرِفونَ مَنْ ؟؟؟
يَمشي عَلى الحُطامْ
لكِن إِلى الأَمامْ
يَخافُهُ الموتُ البَطيءُ وَالزُّؤامْ
يُحَطِّمُ الأَصنامْ..
وَيُوقِظُ الأَحلامْ
وَينْحني أَمامَ كِبريائِهِ الوَثَنْ
يا سيِّداتي سادَتي
أَتعرفونَ مَنْ ؟؟
البداية
حُروفٌ مِنْ ذَهَبٍ
الفاء :
فَتَحتُ فُؤادِيَ لِلعِشقِ لَيلاً..
وَكانَ بِهِ جَنَّةٌ مِنْ خَيالٍ،
وَقَصرٌ يَضُمُّ هَوانا..
وَكانَ عَلى بابِهِ حارِسانْ
وَكانَ يُزَقْزِقُ فِيَّ الهَوى وَالحَنانْ
وَكانْ..
فَراشُ الرَّبيعِ المُلوَّنُ..
وَالعِطرُ وَالظِّلُ وَالفُلُّ وَالبَيْلسانْ
وَزَهرُ البَنَفْسجِ، وَالياسَمينُ المُعَرِّشُ وَالأُقْحُوانْ
يُغَنِّي ، كَأَنَّ الفُؤادَ بِهِ مَهْرَجانْ
فَأَفْقِدُ هذا الشُّعورَ بِجمرِ الوُجودِ..
وَبَردِ الزَّمانْ
فَدَيْتُكِ سَيِّدتي فَادْخُلي بِسلامٍ..
إِذا شِئتِ هذا المكانْ
اللام :
لَكِ الحُبُّ، آهِ لَكِ العُمْرُ وَالذِّكْرَياتْ
لَكِ الصُّبْحُ وَالليلُ وَالأُمْنِياتْ
لَكِ الشِّعرُ وَاللحْنُ وَالأُغنياتْ
لِيَ الحُزنُ حينَ تَغيبينَ، حينَ تَجيئينَ،
حينَ تَكونينَ مِثلَ ( عَناةْ )
وَبِنتَ ( عَناةْ )
لَنا دينُنا، وَلَهمْ دينُهُمْ
لَهُمْ حَتْفُهمْ وَلَنا نَحنُ أَحلى حَياةْ
السين :
سَأَبقى أُحِبُّكِ ما سارَ فِيَّ الدَّمُ
سَأَبقى أُحِبُّكِ كَي يَفْهَموا
وَلَنْ يَفهَموا..
سَأَزرَعُ حَقلَ أَبي بِالنُّجومِ
وَأَبني عَلى لَيلِهِ كُوخَنا الأَبَدِيَّ..
سَنَبقى هُنا سَوفَ نَبقى هُنا..
وَلَنْ يَفرحَ المُجْرِمُ
سَلامٌ عَليكِ..
سَلامٌ عَلى القَلبِ حينَ يَراكِ
سَلامٌ عَلى الجُرحِ حينَ يُعانِقُهُ البَلْسَمُ
الطاء :
طَريقي إِليكِ طَويلٌ طَويلْ
وَإِنِّي أُحِبُّكِ وَالحُبُّ ضَرْبٌ مِنَ المُستَحيلْ
( فَلا بُدَّ لليلِ أنْ يَنجَلي ) وَيَزولْ
طَرِبْتُ، وَصَوتُكِ كانَ حَزيناً
طَرِبْتُ فَأَشعَلَ قَلبي الهَديلْ
طُيورٌ مِنَ القَلبِ طارتْ إِليكِ..
تُسابِقُ شَوقَ الرِّياحِ..
فَأَحرَقَها الحُبُّ..
عادَتْ تُعانِقُ هذا الغَرامَ الجَميلْ
طُموحي بِغَيرِ حُدودٍ،
وَشَوقي وَرُوحي بِغَيرِ حُدودٍ..
لِذاكَ أَشُدُّ إِليكِ الرَّحيلْ
الياء :
يُقَيِّدُني الشَّوقُ حينَ أُسافِرُ..
بَينَ حُروفِكِ وَالقَلبُ مَلَّ القُيودْ
وَيَرسُمُني نَخلَةً..
وَيَرسُمُني الحُبُّ زَيتونَةً مُنذُ عَهدِ الجُدودْ
يُدَوْزِنُ قَلبيَ عُودَ أَبي..
وَيَضْبِطُ لَحنَ الرُّجوعِ وَلَحنَ الخُلودْ
( يَبوسُ ) تُغنّي عَلى لَحْنِنا..
وَنُغنِّي عَلى لَحنِها وَنَجودْ
يُسافِرُ قَلبي بِغيرِ جَوازٍ..
فَحاصَرَهُ العابِرونَ عَلى جُرْحِهِ بِالحُدودْ
النون :
نَراكِ هَوانا، وَلَسنا نَراكِ
نَعيشُ لِعيْنيكِ دَهراً وَلسنا نَعيشُ..
نَموتُ حَنيناً وَشَوقاً إِليكِ..
وَلَسنا نَموتُ..
نُحِبُّ وَلَسنا نُحِبُّ سِواكِ
نُسافِرُ في الليلِ مِثلَ النُّجومِ،
وَيَسبِقُنا لِلمنافي هَواكِ
( نَبوخَذَنَصَّرَ ) حينَ أَتى قَدْ أَتى عاشِقاً..
لِيَنالَ رِضاكِ
نَعودُ فِلَسطينُ إِنَّا نَعودُ
فَأَرواحُنا خُلِقَتْ مِنْ ثَراكِ
نَعودُ فِلَسطينُ، أَثْمَلَنا الحُبُّ،
هَل تَقبَلينَ الهَوى يا مَلاكي ؟
البداية
عَنْ غِيابِ الشَّمسِ
إِلى فَدوى طُوقان
- 1 -
كَالحُلْمِ جاءَتْ ، كَالهَوى
جاءَتْ كَزهرَةِ جُلَّنارْ
جاءَتْ تُضيءُ ظلامَنا..
وَكَأَنَّها نَجمَهْ
وَهَبَتْ إِلينا روحَها نَسمَهْ
بَسَطتْ عَلينا قلبَها خَيمَهْ
وَمَضتْ عَلى مَهَلٍ..
تُسافِرُ وحدَها
وَكأنَّها غَيمَهْ
ماذا سَأَكتُبُ عَنكِ سَيِّدتي ؟
وَهَلْ تُجدي وَتَمسحُ دَمعَنا الكِلْمَهْ ؟
ماذا سَأكتبُ عَنْ غِيابِ الشَّمسِ
في وَضَحِ النَّهارْ ؟
كَلِماتُنا مَمزوجَةٌ بِالحزنِ سَيِّدتي..
وَفي أَرواحِنا مَليونُ نارْ
ماذا أَقول ؟
مَضى القِطارْ
مازِلْتُ وَحدي في المَحَطَّةِ راثِيَاً
رُوحي وَروحَ الإِنتِظارْ
- 2 -
يا أنتِ يا زَيتونَةً عَرَبِيَّةً
في أرضِ كَنعانٍ..
وَيا حُلُماً يُسافِرُ في قُلوبِ العاشِقينْ
تَتَبَسَّمينَ لِطِفلَةٍ فَقَدَتْ ذَويها مِنْ سِنينْ
كُنَّا نُسمِّيها بِلادَ التِّينِ وَالزَّيتونِ..
وَالنَّخلِ الحَزينْ
وَتُسافِرينَ عَلى غَمامٍ مِنْ حَنينْ
وَتُعانِقينَ تُرابَكِ الغالي..
تَشُمِّينَ الأَريجَ..
وَتَرحَلينَ بِصَمْتِكِ الأَزَلِيِّ
آهٍ تَرحَلينْ..
- 3 -
تَبكي عَليكَ مَدائِنُ الدُّنيا
وَكُلُّ بُيوتِها تَرثيكِ سَيِّدتي..
وَيَبكي كُلُّ طائِرْ
تَبكيكِ طالِبةٌ بِمدرَسَةِ الزَّمانِ..
وَطالِبٌ يَشدو حَزيناً..
شِعرَكِ المَحبوبَ ،
تَبكيكِ الدَّفاتِرْ
( عِيبالُ ) يَسأَلُ عَنكِ ( جَرزيماً )..
فَتَحْتَرقُ الحَناجِرْ
فَدوى إِذا مَرَّتْ عُيونُكِ لحَظَةً..
في روحِنا
فَدوى فَأَنتِ بِبالِنا أَحلى الخَواطِرْ
وَإِذا رَحَلتِ..
فَقَدْ وَلَدتِ حَبيبتي في بَيتِنا..
مَليونَ أُغْنيةٍ وَشاعِرْ
البداية
قصائدشعرية 2
أُغنِيةٌ إِلى غَزَّةَ

هُنا يا بنَ غَزَةَ ، لَن نَتْرُكَ الأَرْضَ..
لَن نَترُكَ البَحرَ ، لَن نَترُكَ الرَّمْلَ..
لَن نَترُكَ الأُمْنِياتْ
تَمَتْرَسْ تَحَدَّ ،
وَقِفْ يا بنَ غَزَّةَ ، قِفْ جَبَلاً..
قِفْ بِوَجْهِ الأَعاصيرِ وَجْهِ الرِّياحِ..
وَوَجْهِ الذينَ أَتَوا مَعَ مُوسى ،
فَقَدْ كَذَّبوهُ وَقَدْ عَذَّبوهُ..
وَمَنْ يَدَّعونَ بِأَنَّ البِلادَ لَهُمْ وَحدَهُمْ..
مِنَ النِّيلِ حَتى الفُراتْ
وَحيداً بِوَجهِ الجَحيمِ صَمَدتَ..
فَأَنْتَ خَلَقْتَ الثَّباتْ
وَحيداً بِدونِ مَتاريسَ..
كانَ الفَراغُ مَتارِيسَ بَينَكَ أَنتَ ،
وَبَينَ مُدَرَّعَةِ الحِقدِ وَالحاقِدينَ..
وَصَهيونُ يَفَتحُ بابَ جَهَنَّمَ ، مِن كُلِّ صَوبٍ
مِنَ البَرِّ وَالبَحرِ وَالجَوِّ..
يَفتَحُهُ مِن جَميعِ الجِهاتْ
تَنامُ عَلى شاطِئِ الليلِ غَزَّةُ..
مِثلَ عَروسٍ وَتَحلُمُ بِالفَجْرِ..
وَالغَدِ وَالأَمسِ وَالذِّكْرَياتْ
تُوَدِّعُ غَزَةُ كُلَّ نَهارٍ شَهيداً..
وَتَزرَعُ حَقْلاً مِنَ الشُّهَداءِ..
وَيَنمو النَّخيلُ عَلى كُلِّ قَبرٍ..
وَتَبدَأُ مِنهُ الحَياةْ.
البداية
نَجمةٌ في سَماءِ العُروبَةِ



مُتَشبِّثونَ بِأَرضِهِمْ

يَتَمتْرسونَ بِدورِهِمْ
يَتَمتْرسونَ بِروحِهِمْ..
وَيُبَشِّرونَ بِثَورةٍ وَبِثَورَةٍ..
وَيُحارِبونَ، يُحارِبونْ
وَيُبَشِّرونَ بِجَنَّةٍ..
سَتُقامُ فَوقَ الأَرضِ مِن ( فِلسٍ وَطينْ )
حَمَلوا المُخَيَّمَ نَجمةً بِسَماءِ أُمَّتِنا،
أَضاؤُوا لَيلَنا..
وَالعالَمُ العَربيُّ يَغرقُ في السُّكونْ
وَعَلى سَماءِ الكَونِ قَد كَتَبوا :
(( هُنا في أَرضِ كَنعانٍ
هُنا كُنَّا هُنا.. وَهُنا نَكونْ
سَنَكونُ فَوقَ الأَرضِ أَشجاراً..
وَتَحتَ الأَرْضِ جَذْراً للذينَ سَيُبعَثونْ ))
- وَقَعَ الجِدارُ..
- سَنَحتَمي بِصُدورِنا..
- سَقَطَ المُقاتِلُ..
- سَوفَ نَنْتَظرُ ابنَهُ حتى يَكونْ
- فَرَغتْ بَنادِقُكُمْ ، وَلا أَحَدٌ سِواكُمْ في اللظَى..
- سَنُحاربُ الدُّنيا بِأَيدينا..
أَصابِعِنا أَظافِرِنا وَأَهدابِ العُيونْ
لم يَرفَعوا العَلَمَ المُضَرَّجَ بِالهوانِ وَبِالبياضِ..
وَبِالبياضِ وَبِالهوانِ..
تَقَدَّموا، حَفَروا بِفُوْهاتِ البَنادِقِ..
فَوقَ جُدرانِ الزَّمانِ :
(( نموتُ فيها كَي تَعيشَ بِنا جِنينْ ))
البداية
النَّسْرُ العائِدُ

- 1 -
مَطَرٌ عَلى قَلبي خَفيفٌ ناعِمٌ..
وَالدَّرْبُ سَيَّدتي بَعيدْ
وَالأَرضُ مِن تَحتي تَميدْ
وَالأُفْقُ مُمْتَدٌّ ، وَلَيسَ لَهُ انْتهاءٌ في المَدى
وَأَنا عَلى ظَهري صَليبٌ.. لَيسَ يَرحَمُني
وَأمشي ، لَيسَ يَرحَمُني ، وَأَمضي مِنْ جَديدْ
هذا أَنا..
مَطَرٌ عَلى جُرحي نَما عُشْبٌ..
نَما شَعبٌ نَما حُزنٌ وَلكنِّي سَعيدْ
يا أَيُّها القَلْبُ المُسافِرُ في اللظَى
يا أَيُّها الشَّعبُ المُسافِرُ في الأَسى
هَيَّا لِنَرحَلْ مِنْ هُنا..
هَيَّا لِنَبْحثْ عَن مَكانٍ آخَرٍ ،
كَي نَستَعيدَ وِلادَةَ الأَرواحِ وَالأَفْكارِ..
في وَطَنٍ يُعيدُ تَكَوُّني..
وَيُعيدُ تَكوينَ المَلامِحِ..
وَالمَلاحِمِ وَالقَصيدْ
أَنا عاشِقٌ أَنا شاعِرٌ وَمُهاجِرٌ
أنا عائِدٌ..
حُرُيَّتي بَحرٌ ، وَحُزني لا يُقَيِّدُني
وَفي ( إِلْياذَتي ) أَمْحو وَأَكْتُبُ ما أُريدْ
أَحَبيبتي..
أَمشي إِلَيْكِ وَأَنتِ تَبْتَعِدينَ..
في الأُفُقِ المَديدْ
وَيَشُدُّني شَوقي إِليكِ..
يَشُدُّني شَغَفي إِليكِ..
يَشُدُّني حُزني الشَّديدْ
قِنديلُ عُمْري مُطْفَأٌ..
وَالشَّوقُ في قَلبي يَزيدْ
هذا أَنا ، أَمشي وَلَستُ أَرى سِوايَ
عَلى طَريقِ الحُزنِ..
أَمشي لَيسَ يَتْبَعُني..
سِوى ظِلِّي فَأَبدَأُ بِالنَّشيدْ
يا مَنْ نَقَشتِ الجُرحَ في قَلبي
سَأَكْتُبُ مِن دُموعي أَلفَ أُغنِيَةٍ..
لِعَيْنَيْ مَوطِني.
لا شَخصَ يَسمَعُني
وَلكنِّي أُغَنِّي كَمْ أَنا رَجُلٌ عَنيدْ
لا شَيْءَ يَسمَعُني..
فَإِنِّي دائِماً نَسرٌ وَحيدْ
لا شَيْءَ يُشبِهُني سِوى شِعْري..
وَشِعْري غاضِبٌ مِثلي..
وَقَلبي مِنْ حَديدْ
وَيُبَشِّرُ الدُّنيا بِميلادٍ وَنَصرٍ ،
يَأْتِيانِ وَثَوْرةٍ تَأتي وَعيدْ
مَطَرٌ رَوى أَرضي رَوى وَكْري..
رَوى رُوحي وَهذا ما أُريدْ
- 2 -
سَفَري أَنا لا يَنْتَهي..
وَحَقائِبي دَوماً مُسافِرَةٌ مَعي
وَقَصائِدي ، وَمَدينَتي وَحَبيبتي أَيْضاً
وَلكنَّ الوُصولَ إِلى مُرادي مُستَحيلْ
وَطَني عُيونُ حَبيبتي ،
لَكنْ عُيونُ حَبيبَتي رَحَلتْ..
وَهاأَنَذا بِلا وَطَنٍ أَعودُ..
وَمَرَّةً أُخرى ، بِلا وَطَنٍ أَعودُ إِلى المَدى
كَمْ مَرَّةً سَيُهاجِرُ الإِنْسانُ مِن أَرضٍ إِلى أَرضٍ..
وَمِن بَيتٍ إِلى بَيتٍ وَمِن قَبرٍ إِلى قَبرٍ..
كَفى إِنَّ البِعادَ يُذيبُني..
وَيُذيبُني سَفَري وَتِرحالي..
وَبُؤْسي وَالعَويلْ
أَحَبيبَتي..
فَلْتَعذُريني إِن جَرَحتُكِ
أَو قَتلتُكِ بِالخَيالِ وَبِالحَديثِ ؛
فَإِنَّني مِن جُرحِ قَلبي تَخرُجُ الأَحلامُ الكَلِماتُ
سَكرى فَاعذِريني..
وَاعْذري قَلبي النَّحيلْ
هذا زَمانُ الضَّيْمِ وَالحَظِّ القَليلْ
ماذا سَنفعَلُ ضاعَ جودي..
ضَاعَ جودُكِ إِنَّهُ الزَّمَنُ البَخيلْ
يا بائِعي وَطَني وَيا مَن قَد سَلَبْتُمْ روحَهُ
فَلْتسمَعوا..
لا القُدْسُ عائِدَةٌ وَلا يافا..
ولا حَيْفا وَلا حَجَرٌ يَعودُ مِنَ الجَليلْ
لا بَيتُ لَحْمَ وَلا الخَليلْ
مادُمْتُمُ بِعتُمْ بِلادي كُلَّها..
وَبِلادَ مَن صَمَدوا وَمَنْ صَبَروا
وَوَجْهَ حَبيبَتي..
فَكَفى كَفى! فَالحِملُ فَوقَ القَلبِ..
أَثقَلُ مِن ثَقيلْ
أَحَبيبَتي الشَّقراءَ يا قَمَري الجَميلْ
الجُرحُ يُؤْلِمُني أُغَطِّي الجُرحَ – في خَجَلٍ –
فَما جُرحي أَمامَ جُروحِ أَقْصانا العَليلْ ؟
أَمشي بِدَربي تائِهاً ..
وَالدَّربُ سَيِّدتي طَويلْ
لا يَنتَهي..
ضاعَتْ بِعُرضِ البَحرِ بُوصَلَتي
وَهاأنَذا أرى قَلبي يُشيرُ..
إِلى فِلَسطينَ الحَبيبةِ ، أَنتَ يا قَلبي الدَّليلْ
وَالدَّربُ سَيِّدتي طَويلْ
لا يَنتَهي..
يا سارِقي وَطَني وَروحَ مَدينَتي
يا واقِفونَ أَمامَ وَجهِ قَصيدَتي
ذوقوا حَريقَ جَهَنّمي..
ذوقوا عَذابَ الشِّعرِ..
أَنتُمْ مَن أَضَعْتُم دَربَكُمْ
وَاخْترتُمُ هذا السَّبيلْ
لكِنَّنا سَنَعودُ..
في يَومٍ مِنَ الأَيَّامِ يا وَطَني
وَإِنْ طالَ التَّغرُّبُ وَالتَّشَتُّتُ وَالرَّحيلْ
- 3 -
ثَلْجٌ عَلى أَوراقِ قَلبي
وَالرِّياحُ مِنَ الشَّمالْ
يا أَيُّها الوَطَنُ المُحاصَرُ بَينَ جُرحي وَالمُدى
بَينَ الإِجابةِ وَالسُّؤالْ
بَينَ الحَقيقةِ وَالخَيالْ
أَمضي أَتيهُ بِحُزنِيَ الأَزَلِيِّ وَالأَبَدِيِّ..
يَصْرَعُني التَّمزُّقُ وَالأَسى
وَالقَلبُ يَشتَعِلُ اشتِعالْ
يافا تُناديني : تَعالْ
وَإِليكِ سَيِّدتي إِليكِ..
أَشُدُّ سَيِّدتي الرِّحالْ
فَيَكادُ يُثمِلُني عَبيرُ البُرتُقالْ
تَتَكاثَرُ الذِّكرى بِعقلي..
أَستَفيقُ عَلى الخَيالْ
فَيَشُدُّني شَغَفي إِلى شَيْءٍ أَراهُ ،
وَلا أَراهُ ، وَلا أَزالْ
أَصبو إِلى امْرَأَةٍ تُبادِلُني الهَوى
أَصبو إِلى وَطَنٍ يُناديني وَيَصرُخُ بِي تَعالْ
هذا أَنا نَسرٌ بِلا وَطَنٍ..
وَلكنِّي أَرى الدُّنيا بِلادي
عائِدٌ أَنا عائِدٌ..
لا المَوتُ يُرْهِبُني وَلا الشَّيْءُ المُحالْ
- 4 -
وَحدي أَنا في غُربَتي
وَطَني هُناكَ ، هُناكَ خَلفَ الليلِ
إِني قادِمٌ..
وَمَعي جِراحاتي وَحُزني
وَأَنا المُغَنِّي
فَالقَولُ قَولي وَالأساطيرُ القَديمَةُ..
وَالهَوى وَالعودُ لي..
وَاللحنُ لَحْني
أَحَبيبَتي..
يا أجْمَلَ امْرأَةٍ
وَيا قَلبي وَروحي وَالهَنا..
وَضِياءَ عَيني
إِني قَريبٌ كيفَ تَبتَعِدينَ عَنِّي
وَإِذا ابْتعدتُ فَلستِ تَقتَرِبِينَ مِنِّي
ماذا يُبَدِّدُ وَحشَتي ؟!
يا مَن تُزَيِّنُ كُلَّ أَشعاري وَفَنِّي
- 5 -
أَمشي إِلى الإِنسانِ في ذاتي
تَضيعُ الذَّاتُ فِيَّ مِنَ البِدايَهْ
أَمشي إِلى الإِنسانِ في جَسَدي ،
أُعانِقُ – مُتْعباً – روحَ المَدى
فَيُغادِرُ الإِنسانُ مِن جَسَدي..
وَأَبقى دونَما جَسَدٍ ، وَأَبْقى..
دونَما روحٍ ، أَضيعُ كَنَجْمَةٍ في اللانِهايَهْ
وَحِكايَتي صارَتْ حِكايَهْ
فَنَثرتُ أَيَّامي وَأحزاني وَأَوراقي ،
أَمامي كَي أَرى نَفسي..
وَلكنْ ما رَأَيتُ سِوى بَقايا هَيْكَلٍ
فَحَزِنتُ لَملَمْتُ البَقايا..
وَانْتَشيتُ ، نَقَشتُ فَوقَ ضَريحِ صَمْتي
ألفَ آيهْ
هَل تُصبحينَ قَبيلَتي ؟
هَل تُصبحينَ مَدينَتي ؟
كوني إِذَنْ سَيفاً وَرايهْ
فَسَتُصبحينَ وَسيلتي
مادُمْتِ لي هَدَفاً وَغايَهْ
يا أَجْمَلَ امْرَأَةٍ وَيا أَحْلى رِوايَهْ
- 6 -
مادُمتِ سَيِّدتي مَعي..
سَأَمُوتُ كَالأَشجارِ – في وَطَني –
وُقوفاً لا أَهونُ وَلنْ أَهونْ
مادُمتِ سَيِّدتي مَعي..
سَأُحاربُ الدُّنيا بِأَكمَلِها ،
لأَخْلُدَ في العُيونْ
فَأَنا أُحِبُّكِ كَي أَرى أَبعادَ روحي..
كَي أَرى وَطَني أَرى حُرِّيَّتي
وَأَنا أُحاربُ كَي تَكوني أَنتِ لي..
وَأَنا أُحبكِ كَي أَكونْ
نَسراً أُحَلِّقُ في سَما وَطَني..
وَإِلا لَن أَكونْ
لَولا هَواكِ لَضاقَتِ الدُّنيا..
وَضاقَ الشِّعرُ وَالقَلبُ الحَنونْ
هذا هُوَ السِّرُ الإِلهيُّ اجْمَعيني ،
وَانْثُريني.. وَاجْمَعيني..
كُلَّما حاوَلتُ أَن أَمتَدَّ..
في الأُفُقِ البَعيدِ وَفي المَدى
ثُمَّ اجْمَعيني مَرَّةً أُخرى..
وَكوني مَرَّةً أُفُقاً ، وَكوني مَرَّةً بَحْراً
لأَعرِفَ مَن أَنا في اللانِهاياتِ..
امْنَحي جَسَدي وَروحي مُتعَةَ الإِحساسِ..
بِالموتِ البَطيءِ وَبِالهَوى
وَبِما يُخَلِّفُهُ الجُنونْ
ثُمَّ امْنحيني مَوطِناً لأَقولَ :
إِنَّا عائِدونْ
- 7 -
يَمَّمتُ وَجهي شَطرَ وَكْري ،
فَوقَ هذي القِمَّةِ الشَّمَّاءِ..
عاوَدَني الحَنينْ
جَسَدي يُحاصِرُني وَقَد أَشْعلتُهُ لَيلاً
فَأَطفَأَني ، وَأشعَلَني الهَوى
وَاشْتدَّ في صَدري الأَنينْ
وَلَقد خَرَجتُ مِنَ الرَّمادِ..
نَهَضتُ مِنَ عَدَمي ، لأَبدأَ رِحْلَتي
وَخَفقْتُ أَجْنحتي بِجُدرانِ المَدى
وَفَتحتُ بابَ الليلِ للأَشعارِ وَالذِّكرى
وَللأَشواقِ سَيَّدتي لِحُزني للوَجى..
وَلِكُلِّ ما يَأْتي بِهِ أَزَلُ السِّنينْ
وَنَشرْتُ أَشرِعَتي وَغَنَّى البَحرُ
وَالنَّايُ الحَزينْ
الأَرضُ لي وَلإِخوَتي..
فَلَنا جُذورٌ مُنذُ كَنعانٍ ،
لَنا جِذعٌ طَويلٌ في مَدى التَّاريخِ..
قَد وَصَلَ السَّماءَ وَليسَ يَقْطعُهُ الزَّمانُ ،
وَلا المَكانُ ، فَتِلكَ تِلْكَ بِلادُنا..
كانَت وَمازالتْ لَنا..
وَالنَّاسُ كانوا عابِرينْ
أَحَبيبتي..
كوني مَعي
قولي بِوجهِ الخَائِنينْ
قولي بِوجهِ الهارِبينْ
قولي بِوجهِ الظَّالِميْن
لا البُعدُ يَمحو ما بِذاكِرَتي..
وَلا يَلغي الرَّحيلُ هُوِيَّتي
فَهُوِيَّتي.. فِلْسٌ وَطِينْ
البداية


غَريبُ الدَّارِ

- 1 -
غَريبُ الدَّارِ وَالأَحلامِ وَالمَنفى..
غَريبُ الطِّينِ وَالتُّربَهْ
وَحيدٌ في مَدينَتِكُمْ..
وَحيدٌ في بِلادِ الليلِ وَالغُربَهْ
بِلا صُحبَهْ..
غَريبٌ تُتْعِبُ الطُرُقاتُ أَقدامي
وَتُوجِعُها..
وَأَمشي ، آهِ لا أَشكو وَلا أَسْأَلْ
وَيَمتَصُّ الدُّجى فَرَحي..
وَلا أَزعَلْ
أَنا أَتَجَرَّعُ الحِنْظَلْ..
مَدينَتُكُمْ حَلاوتُها كَما الحِنظَلْ
يُجَرِّدُني الأَسى وَالليلُ مِن فَرَحي
وَمِن أَمَلي مِنَ الأَشواقِ وَالأَحلامِ..
تَرسُمُ غُربَتي مَنفىً عَلى قَلبي
بِحَدِّ الحُزنِ وَالمِنجَلْ..
- 2 -
- غَريبُ الدَّارْ ؟
- أَتَسأَلُني ؟! أَتَسْأَلُني ؟!
أَجلْ إِنِّي غَريبُ الدَّارْ.
وَقَلبي كُتلةٌ مِن نارْ
مَدينَتُكُمْ بِلا شَمسٍ وَلا أَقمارْ
بِلا حُبٍّ وَلا أَشعارْ..
بِلا فَرَحٍ وَلا أَمطارْ
نِساءٌ ما لَهُنَّ قَرارْ..
عُيونٌ كُلُّها أَسرارْ
وَحيدٌ ، آهِ في بَحرِ الهَوى
لا البَحرُ يُرسيني عَلى بَرٍّ وَلا التَّيَّارْ
وَحيدٌ تُهتُ في دُنيا مَدينَتِكُمْ
وَيَبقى اللحنُ مَهمومَاً..
وَإِنْ تَتَبَدَّلِ الأَوتارْ
فَهلَ مازلتَ تَسأَلُني..
غَريبُ الدَّارْ؟
- 3 -
غَريبٌ كُلُّ ما في الكَونِ يَجهَلُني
وَنَفسي آهِ..
حَتَّى النَّفسُ تَجْهَلُني
بَعيدٌ عَن حِمى أَهْلي
بَعيدٌ عَن رُبى وَطَني
قِطارُ العُمرِ في سَبْقٍ مَعَ الزَّمَنِ
أَحِنُّ إِليكِ يا أُمِّي..
وَكَم أَحتاجُ حينَ الليلُ يَغمُرُني
وَحينَ أَتيهُ في شَجَني
إِلى قِنديلِ عَينيْكِ..
وَكَم أَحتاجُ حينَ أَلوبُ..
حينَ أَذوبُ ، حينَ أُحِبُّ ، حينَ أَموتُ يا أُمِّي
إِلى تَمسيدِ كَفَّيْكِ..
خُذيني وَانْفُضي عَنِّي
غُبارَ الغُربَةِ الصَّفراءَ..
ضُمِّيني بِزَندَيْكِ..
فَإِنَّ الغُربَةَ اتَّسَعَتْ
وَإِنَّ الحُزنَ يَسكُنُني
وَكُلَّ الكَونِ يُنكِرُني
- 4 -
وَحيدٌ ..
في لَيالي الغُربةِ السَّوداءِ..
لا امرَأَةٌ تُدَلِّلُني لأَسكُنَها
وَتَقرأَ قِصَّةً أَو قِصَّتينِ ، وَتُرجِعَ الدُّنيا
وَتُرجِعَ لي طُفولَتِيَ التي شاخَتْ
وَتُرجِعَني إِلى الماضي إِلى الذِّكرى..
وَتَحمِلَني إِلى وَطَني
قُبَيْلَ النَّومِ..
لا أَحبابَ لا أَصحابَ لا أَوطانْ
وَلا امرأَةٌ أُلَحِّنُها كَأُغنِيَةٍ
فَتَنشِدُني..
وَأَكتُبُها فَتمْحوني
وَأَمْحوها فَتَكتُبُني
وَأَقرَأُها ، وَأَزرعُها بِأَعماقي
وَأَعشَقُها ، وَأَرسُمُها
بِأَجْمَلِ أَجْمَلِ الأَلوانْ
وَأَنشُدُها بِأَعذَبِ أَعذَبِ الأَلحانْ
وَلكِنِّي حَزينٌ..
لا الدُّموعُ تُفيدُ في المَنفى
وَلا الأَحزانْ
أُسافِرُ فيكِ يا دُنيا..
غَريبَ الدَّارِ وَالأَشجانْ
وَعِنواني..
بِلا عِنوانْ..
البداية


غَزالٌ مِن أَرضِ كَنعانَ

أَتيتَ تُخَلِّصُ فِردَوسَكَ الدُّنْيَوِيَّ..
مِنَ الإِثْمِ وَالآثمينْ
وَهاهُوَ فِردَوْسُكَ الأَبَدِيُّ ، يُناديكَ..
فَادْخلْ سَلامٌ عَليكَ..
سَلامٌ عَلى أَجْمَلِ الدَّاخلينْ
عَلى عَرشِكَ الطِّفلِ..
كانَ الرَّبيعُ يُغَني..
وَكانتْ مَلائِكَةُ الله حَولَكَ..
فَافْتحْ فُؤادَكَ لِلعاشِقينْ
صَغيرٌ ، وَلكنَّ فَهمَكَ لِلقُدسِ..
أَكبرُ مِن كَونِنا..
آهِ كَمْ أَنتَ عَذبٌ..
تُسافِرُ مِثلَ غَزالٍ رَشيقٍ
عَلى أَكتُفِ الحَالِمينْ
جَميلٌ ، كَأَنَّكَ زَهرُ الرَّبيعِ..
رَقيقٌ طَرِيٌّ..
كَأَنَّكَ مِثلُ الفَراشِ..
عُيونُكَ لَيلٌ يُسافِرُ في أَرضِ كَنعانَ..
يَمسحُ وَجهَ المَدى وَالفَضاءَ..
وَقَلبُكَ حَقلٌ مِنَ الياسمينْ
تُعَلِّمُنا الحُبَّ..
وَالأَرضَ ، وَالحقلَ وَالقَمحَ..
أَنتَ مُعَلِّمُنا الأَزَلِيُّ ،
وَأَنتَ مُعَلِّمُنا الأَبَدِيُّ ،
وَعُمْرُكَ تِسعُ سِنينْ
البداية


أَينَ السَّلامُ ؟؟

أَتُوَقِّعونْ ؟
بِدَمي..
وَلَحمي فَوقَ مائِدَةِ السَّلامْ
هَلْ تَشرَبونْ ؟
نَخبَ الفِلَسطينِيِّ يا عَرَبَ الكَلامْ
شُكْراً لَكُمْ..
مازلتُ أَبْحَثُ في الظَّلامْ
مازلتُ أَبْحَثُ عَن يَدي..
بِيَدي التي فيها السِّلاحُ..
فَلَمْ أَجِدْها ،
كانَتِ الدُّنيا ظَلاماً دامِساً..
وَالكوْنُ نامْ
وَمَدَدْتُ أَقدامي ، لأَبْحثَ مَرَّةً أُخرى..
وَلكنْ دونَ جَدْوى..
ضَاعتِ الأَقدامُ أَيضاً في الظَّلامْ
وَأَطَلَّ نَجمٌ مِن بَعيدٍ قَد أَزالَ..
أَزالَ عَن لَيلي اللِثامْ
فَرَأَيْتُ جُزءَاً مِنْ يَدي..
فَوقَ الثَّرى..
وَرَأَيْتُ فيها غُصنَ زَيتونٍ..
تُضَمِّخُهُ الدِّماءُ..
فَأَينَ ما سمَّيتموهُ سلامَكم
بئسَ السَّلامْ ...
البداية
قصائدشعرية 3
العُصفورُ والصَّيَّادُ



أَشتاقُ كَالعُصفورِ سَيدتي..

إِلى لَونِ السَّماءْ
أَشتاقُ لليلِ المُكَلَّلِ بِالنُّجومِ ، وَبِالكَواكِبِ وَالفَضاءْ
وَحدي أُحَدِّقُ مِن وَراءِ نَوافِذي..
أَصِلُ المَدى - المَحدودَ في هذا المَدى..
فَيَصُبُ في أُذُني هَديرَ الطَّائِراتِ ،
أَشُمُّ رَائِحَةَ الدَّمِ المَسفوكِ..
وَالسِّكِّينِ وَالكِبريتِ ، وَالذَّبحِ المُعَدِّ لَنا..
أَشُمُّ المَوتَ عَبرَ الشَّارِعِ المُمْتَدِّ..
أَو عَبرَ الهَواءْ
الحُزنُ صورَتُنا عَلى جُدرانِنا
وَالدَّمعُ ساعَتُنا التي فَرَّتْ عقارِبُها..
وَضاعَتْ في الثَّرى أَرقامُها
وَالليلُ تَرجَمَ لَونَنا أَو شَكْلَنا..
وَالحُبُّ داءْ
فَأَطُلُّ مِن بابِ القَصيدةِ مَرَّةً..
وَأَطُلُّ مِن جُرحي مِراراً..
كي أَرى غَدِيَ المُقَيَّدِ..
بِالغُموضِ وَبِالضَّبابِ وَبِالهَباءْ
ماذا أَقولُ أنا إِذا جاءَ الغُزاةُ ؟
وَحاصَروا قَلبي وَأحلامَ الصِّبا
وَتَغَلْغلوا بَينَ الوِسادَةِ وَالغِطاءْ
أَو تَحتَ أَجنِحَتي..
وَأَكمامي وَجَيْبي وَالحِذاءْ
ماذا سَأَفعلُ عِنْدَها ؟
سَأَمُرُّ بَينَ قَذيفَتَينِ كَأَنَّني حُلُمٌ..
فَأَصحو ، وَالمَكانُ مُضَرَّجٌ بِلَظى الدِّماءْ
وَأُلَملِمُ الأَشلاءَ – أَشلائِي وَأَجْمَعُها
لأَرسُمَ صورَتي ، أَو صورةً صَفراءَ تُشْبِهُني
وَأَبدَأَ بِالمَسيرَةِ مِنْ جَديدِ
وَأُلَملِمَ الأَوراقَ – أَوراقي وَأَفكاري ، حُروفي
صَوْتِيَ المَبحوحَ ، ذِكرى الحُبِّ سَيَّدتي
وَأَيَّامَ الهَوى ، لُغَتي لأَبدَأَ بِالنَّشيدِ
لَمْ أَستَطِعْ أَبَداً..
حِصارٌ في حِصارٍ حَولَ روحي مِنَ حَديدِ
بَيني وَبَينَ حَبيبَتي دَبَّابَةٌ – حُبْلى
تُراقِبُ كُلَّ أَشواقِي لِعَينَيْها ، وَتَقصِفُها
وَتَقْصِفُ كُلَّ ما في القَلبِ..
مِن فَرَحٍ وَمِن حُبٍّ وَمِن أَمَلٍ عَنيدِ
صَبُّوا عَلى لَيلِ المُخَيَّمِ نارَهُمْ
في الشَّارِعِ الخَلْفِيِّ – وَالمَذبوحِ مِن شَريانِهِ
وَمِنَ الوَريدِ إِلى الوَريدِ..
هُناكَ يَتَّكِئُ الشَّهيدُ عَلى الشَّهيدِ عَلى الشَّهيدِ
قِمَمٌ عَلى قِمَمٍ..
بِها يَستَعرِضونَ دَمي وَلَحْمي
لِلمَزادِ وَلِلعِبادِ وَلِلعَبيدِ
عَرَبٌ عَلى عَرَبٍ.. يَبيعونَ العُروبَةَ ،
وَالكَرامَةَ ، وَالقَصيدَةَ لِليَهودِ
البداية
النَّسرُ الذي تَخَلَّى عَن أَجنِحَتِهِ

لِماذا تَركتَ السَّماءَ ، وَجِئتَ إِلى الأَرضِ ؟
هَل جِئتَ تَمشي عَلى قَدَميْكَ ؟
لِتَنسى جَناحيْكَ..
أَمْ جِئتَ لِلأَرضِ كَي تَتَصادَقَ أَنتَ
وَمَن يَعشقونَ اصْطِيادَ النُّسورْ ؟
أَيا سَيِّدَ الجَوِّ ، ماذا اعْتراكَ ؟
لِماذا تَخلَّيتَ عَن سِربِكَ الوَطَنِيِّ ؟
خَسِرتَ كَثيرًا..
خَسِرتَ المَدى وَالفَضاءَ..
خَسِرتَ الحُضورْ
لِماذا نَزَلتَ إِلى الأَرضِ ؟
هَل يَتعبُ النَّسرُ يَوماً مِنَ الطَّيرانِ ؟
وَهَل تَتْعَبُ الثَّوْرَةُ الأَزَلِيَّةُ ، وَالأَبَدِيَّةُ حينَ تَثورْ ؟
رَجَوناكَ أَلا تُغادِرَ هذا الفَضاءَ..
وَلا تَترُكَ الجَوَّ ، مَهما دَعاكَ الحَنينُ إِلى الأَرضِ..
إِنْ مُتَّ مُتْ في السَّماءِ..
وَأَنتَ تُحَلِّقُ..
(( فَالشَّمسُ مَقبَرَةٌ لِلنُّسورْ ))
البداية
قِراءةٌ في كَفِّ المَدى

- 1 -
أَرى في المَدى أُفُقاً بَعثَرَ الغَيْمَ..
قُربَ الغُروبِ
وَيَختَرقُ الغَيمَ أَلفُ شُعاعٍ..
مِنَ الشَّمسِ..
تَرسُمُ في الأُفْقِ لَوحاتِها ، بِهُدوءٍ وَصَبرٍ
- وَبَينَ الأَشِعَّةِ كانَ الرَّذاذُ..
يُضيءُ شُموعاً –
وَتَرسُمُ ماضِيَّ ، تَرسُمُني غَيمَةً.. غَيمَةً
وَشُعاعاً شُعاعاً عَلى مَهَلٍ..
وَتَذَكَّرتُ وَجهَ حَبيبي
وَتَرسُمُ حاضِرَنا غامِضاً..
مِثلَ يَومِ القِيامَةِ..
لا يَعرِفُ المَرءُ هل سَوفَ يَنجو..
وَيَدخُلُ فِرْدَوسَهُ خالِداً..
أَم سَيَخلُدُ بَينَ الجَحيمِ ، وَبَينِ اللهيبِ
وَتَرسُمُ مُستَقبَلاً مُعْتِماً مُظْلِماً..
مِثلَ لَيلٍ تَراكَمَ في شَهرِ كانونَ..
لا قَمَرٌ في السَّماءِ ، وَلا أَنجُمٌ في الدُّروبِ
أُحَدِّقُ في الأُفْقِ..
أَقْرَأُهُ طائِراً طائِراً..
وَأَعُدُّ شَرايينَ عَيني
لِكَثرَةِ ما كُنتُ أَتْرُكُها..
تَتَبَصَّرُ خَلفَ الغُيوبِ
أَرى ما أَرى..
وَرَأَيْتُ القَتيلَ يُصافِحُ قاتِلَهُ وَيُقَبِّلُ كَفَّيْهِ..
يَدعو لَهُ بِالمَزيدِ مِنَ العُمرِ ،
يَدعو لَهُ أَنْ تَزولَ جَميعُ الذُّنوبِ
أَرى ما أَرى..
وَرَأيْتُ طُيوراً مُهاجِرَةً للشَّمالِ
وللشَّرقِ للغربِ أو لِلجَنوبِ
- 2 -
وَأَرخى المَساءُ سَتائِرَهُ فَوقَ بَحري ،
أَمُدُّ شِراعي وَأَنشُرُهُ في الظَّلامِ
أُجَدِّفُ وَحدي ،
وَما مِن شِراعٍ سِوايْ
لَقَد سَبَقوني جَميعاً..
وَقَد تَرَكوني وَحيداً..
فَأَغرَقُ أَغْرَقُ ، ثُمَّ أَعودُ وَأَطْفو ،
وَأَغْرَقُ ثانِيَةً ثُمَّ أَطْفو..
أُفَتِّشُ عَن ..
لَستُ أَدري ..
فَما عَثَرتْ في الظَّلامِ عَلى أيِّ شَيْءٍ يَدايْ
أُحَدِّقُ في لُجَجِ البَحرِ..
أَمواجُهُ مِن بَعيدٍ تَجيءُ كَأَشباحِ مَوتَى ،
فَلَيسَ أَمامِيَ ضَوْءٌ ، وَلَيسَ وَرائِيَ ضَوْءٌ
وَلا عَن يَميني ، وَلا عِن شِمالي
وَلا ضَوْءَ فَوقي ، وَلا ضَوْءَ تَحتي..
صَرخْتُ إِلى أينَ أَمضي ؟
صَرخْتُ وَما مِن مُجيبٍ..
تَذَكَّرتُ أنِّيَ وَحدي ،
وَأَمَّا رِفاقي فَقَدْ وَصَلوا شَطَّهُمْ بِأَمانٍ
وَضاعتْ بِهذا الظَّلامِ رُؤايْ
- 3 -
أَرى في المَدى سُحُباً أَثقَلَتْها الرُّعودُ
أَرى سُحُباً سَوفَ تُمطِرُ فَوقَ مَسائِي
وَتُغرِقُني بِالحَنينِ لأُمِّي..
فَهل يا تُرى سَأَعودُ ؟
أَرى ظِلَّ زَيتونَةٍ فَوقَ أَرضِ أَبي..
أَحرَقوها..
وَقَد صادَروا الظِّلَ مِنَّي
وَقَد جَرَّدوني مِنَ الذِّكْرياتِ
مِنَ الأُغنِياتِ..
مِنَ الأُمنِياتِ..
وَمِنْ أَرضِ جَدِّي وَزيتونِهِ..
وَالتَّأَمُّلِ في الأُفقِ حينَ يَمرُّ الجُنودُ
أَضاءَ شِهابٌ مُفاجَأَةً ، فَتَهَزْهَزَ قَلبي
وَطارَ ، وَصارَ يُغَنِّي..
أُحَدِّقُ مِلْءَ عُيوني
وَأَختَرِقُ الأُفقَ سَطراً فَسَطراً..
وَأَخترِقُ الليلَ مِن غَيرِ جَدوى
ظَلامٌ.. ظَلامٌ
وَضاعَ الشُّعاعُ الوَحيدُ
البداية
لَنْ نَرحَلَ
- 1 -
سَأَظلُّ يا وَطني هُنا أَلعبْ
لي ذِكرَياتٌ هاهُنا..
فَالليلُ أُغنيةُ الهَوى..
وَقَصيدةٌ عَربيَّةٌ ،
وَالشَّمسُ لي مَلعبْ
لَن يَمحُوَ التَّاريخُ ذاكِرتي..
فَذاكِرتي تُنيرُ كَأَنَّها كَوْكبْ
سَأَظلُّ يا وَطَني هُنا أَكتبْ
قَلَمي عَدُوُّي حِينَ لا يَكتبْ..
قَلبي جَبانٌ حينَ لا يُحببْ
سَأَظلُّ حَتَّى تَرْحلَ الحَشَراتُ مِن دَمِنا..
فَلنْ أَتعبْ.
الصَّلبُ يَرجفُ حينَما أُصلَبْ
وَالموتُ يَخشاني ،
وَحينَ أَطُلُّ مِن جُرحِ الهَوى يَهربْ
سَأَظلُّ يا وَطني وَلنْ أَذهبْ.
- 2 -
سَأَظلُّ يا وَطَني وَلن أَرحلْ
أُعطيكَ أُغنِيَتي ، وَكُلَّ قَصائِدي ، وَمَشاعِري
أُعطيكَ يا وَطَني وَلا أَبخلْ
وَطَني ، هَواكَ هَوايَ ، أَنتَ العَينُ
أَنتَ القَلبُ أَنتَ الذِّكرياتُ جَميعُها..
أَنتَ الهَوى الأَوَّلْ
سَأظلُّ مَهما جاءَ مُحتَلٌّ..
وَجاءَ بُعيْدَهُ مُحتَلْ
سَرَقوا هُويَّتَنا ؟؟!!
هُويَّتُنا تُرابُ الحَقلِ وَالمِعوَلْ
وَالقمْحُ والمِنجَلْ
لا نَرتَضي بِالذُّلِّ جَنَّتَكمْ
وَكَأْسَ حياتِكم أَبَداً..
وَنَرضى لَو شَربنا بِالمَعزَّةِ أَلفَ بَحرٍ
مِن عَصيرِ المُرِّ وَالحَنظَلْ
سَنَظلُّ يا وَطَني فَأَنتَ رِباطُنا الأَزَليُّ ،
وَالأَبَديُّ ، أَنتَ حَبيبُنا الأَوَّلْ
أَنتَ النَّدى أنتَ الصَّدى ، أَنتَ الدَمُ العَرَبيُّ
في دَمِنا ، وَأنتَ الرُّوحُ في أرواحِنا..
وَالدفءُ والمَنزلْ
سَنَظلُّ في هذي السَّماءِ طُيورَها..
سَنَظلُّ في هذي الحُقولِ تُرابَها..
زَيتونَها أو تينَها...
سَنَظلُّ يا وَطَني وَلن نَرحلْ
البداية


اعْتِذارٌ صَريحٌ لِحَبيبَتي

- 1 -
مَطَرٌ عَلى جُدرانِ لَيلَتِنا..
وَمازالتْ عُيونُ الليلِ باكِيَةً..
وَكَمْ أَحتاجُ هذا الوَقْتَ أَن أَبكي ،
وَلكنِّي عَصِيُّ الدَّمعِ يا فِردَوسِيَ المَفقودَ..
في هذا المَساءْ
ضاعَتْ جَميعُ الأَبجَديَّاتِ احْتَرقْتُ..
لِكي أُكَوِّنَ أَبجَدِيَّةَ حُبِّنا
لَكنَّهُمْ قَد صادَروا كُلَّ الحُروفِ..
وَأَبجَديَّةَ حُبِّنا ،
قَد صادَروا لُغَتي ، وَحُنْجُرَتي ،
وَعَينيْكِ اللتينِ إِليهِما آوي..
إِذا ضاقَ الفَضاءْ
عَيناكِ تَحتَرِقانِ في قَلبي..
وَعُمْري في مَحَطَّتِهِ الأَخيرَةِ..
يَسأَلُ الرُّكَّابَ عَن عَينيْكِ..
هَل رَحَلَ الرَّبيعُ وَلَمْ تَزَلْ عَيناكِ في الدُّنيا ؟
وَهَل رَحَلتْ عُيونُكِ أَم سَتَبقى ؟
هَل سَنَبقى دُونَما شَمسٍ وَلا قَمَرٍ
- إِذا ما سافَرتْ عيناكِ سَيدتي - إِلى يَومِ اللقاءْ ؟!
- 2 -
تَتَلأْلَئينْ..
كَسَنىً بَهيجٍ تَلمَعينْ
يا مَن يُغَطِّي جِسْمَها ،
عِشرونَ حَقلاً مِن حُقولِ الياسَمينْ
يا مَن يَسيرُ وراءهَا،
سِربٌ مِنَ الغِزلانِ ، كَي تَتَعَلَّمَ المَشيَ الأَنيقَ..
عَلى غُيومِ القَلبِ ، في فَصْلِ الهَوى
تَمشي فَراشاتٌ مُلَوَّنَةٌ ، وَراءَ مَليكَتي
وَأَنا حَزينْ
- 3 -
مُرِّي مُرورَ سَحابَةٍ بَيضاءَ..
فَوقَ حُقولِ قَلبي ،
وَاهطِلي بَرَداً وَثَلجَاً ، طَهِّريهِ مِنَ الفُتورْ
تَتَراقَصُ الكَلِماتُ فَوقَ يَدي..
وَبَينَ أَصابِعي..
وَأَنا أُحاوِلُ أَنْ أُشَكِّلَ مِنكِ أُغنِيَةً..
وَلكنَّ الحُروفَ تَضيعُ ما بَينَ السُّطورْ
مازِلتُ أَبْحَثُ عَن رَحيقِ الحَرفِ في لُغَتي..
وَلكنِّي وَجَدتُ حَريقَهُ
فَتَقَلَّبتْ بَعضُ الحُروفِ..
وَغَيَّرتْ مَعنى السِّياقِ ،
فَغِبتِ أَنتِ مَعَ الحُضورْ
مَن ذا يُعيدُ كِتابَتي وَقِراءتي ؟
وَالحُزنُ أَرهَقَني وَأَرهَقَ ما تَبَقَّى
في إِناءِ الرُّوحِ مِنْ رَمَقٍ..
وَمِن وَشَلٍ وَمِن صَبرٍ صَبورْ
- 4 -
أَحَبيبَتي..
قَدْ نَلتَقي في غُربةِ الرُّوحِ ،
اترُكيني هائِماً بَينَ المَنافي وَالفَيافي وَالضِّفافِ..
فَقد أَجِيءُ وَلا أَجيءُ..
فَحاوِلي أَن تَقرَئِيني مَرَّةً أو مَرَّتَيْنِ ،
وَحاوِلي أن تَعشَقيني مَرَّةً أَو مَرَّتيْنِ ،
وَحاوِلي أن تَقتُليني مَرَّةً أو مَرَّتيْنِ ،
لِكي أَعيشَ أنا وَأنتِ بِروحِنا الأَبَدِيِّ..
في وَطَنٍ يُعَلِّمُنا تَرانيمَ الهَوى
فَسَنَملأُ الجَرَّاتِ بِالخَمرِ المُقَدَّسِ وَالمُعَتَّقِ ،
ثُمَّ نَمزُجُهُ وَنَشرَبُهُ بِدَمعِ الزَّنْجَبيلْ
وَسَأَجْمَعُ النَّجمَ المُسافِرَ بَينَ أَحضانِ المَدى..
تاجاً يُزَيِّنُ رأسَكِ العالي..
وَأَجْمَعُ مِن عُيونِ الليلِ كَأْساً..
كي أُكَحِّلَ مِنهُ عَينيْكِ المُسافِرَتَيْنِ في قَلبي ،
وَأَصغي يا مُعَذِّبَتي لِصَوْتِكِ وَالهَديلْ
- 5 -
شَفَتاكِ أَشهى مِن نَبيذِ الليلِ..
لَكنِّي تَعبتُ..
تَعبتُ مِن تَفكيرِيَ المَسجونِ في عَقلي..
فَحولَ العَقلِ أَلفُ كَتيبَةٍ
لا أَنتِ قادِرةٌ عَلى الأَحلامِ سَيِّدتي..
ولا أَنا قادِرٌ ، وَالحُلْمُ عيدْ
بَيني وَبَينَكِ حائِطٌ يَعلو.. وَيَعلو..
كُلَّما حاوَلتُ أَنْ أَعلو ، عَلا..
عَيناكِ تَبتَعِدانِ في الأُفُقِ البَعيدْ
وَالرُّوحُ هائِمَةٌ..
وَقَلبي وَالمزامِيرُ العَتيقَةُ وَالنَّشيدْ
- 6 -
أَعداؤُنا أَخَذوا عُيونَكِ..
يا مُعَذِّبَتي وَراحوا
أَخَذوا النَّشيدَ - نَشيدَ إِنشادي وَراحوا
وَضَعوا القَصيدَةَ في وُجاقِ النَّارِ سَيِّدتي ، وَباحوا
لليلِ ما لا يُستَباحُ
سَحَبوكِ مِن روحي وَثاروا وَاستَراحوا
وَالقَلبُ تَمْلأُهُ الجِراحُ
يا طائِرَ الفينيقِ في قَلبي أَفِقْ..
أَنا طائِرٌ لَكِ مِن بَقايا العُمرِ..
مِن صَمْتِ الرَّمادِ..
فَحَرَّضوا بَعضي عَلى بَعضي ،
فَما خَفَقَ الجَناحُ
- 7 -
أَعداؤُنا يَتكاثَرونَ يُحاصِرونَ قَصيدَتي
فَخُذي سَديمَ الرُّوحِ وَانْتَشِري..
دُهوراً حَولَ أَيَّامي وَلا لا تَرحَلي..
أَبَداً وَظَلِّي مِثلَ ظِلِّي لا يُفارِقُني ،
خُذي ما شِئتِ أَنتِ حَبيبَتي ،
وَطَني وَداري
وَأَنا المُحاصَرُ بَينَ حُزني وَانْكِساري..
بين وَجْهَكِ وَاحْتِضاري..
بَينَ أَشواقي وَناري
فَلِذا أُقَدِّمُ يا مُعَذِّبَتي اعْتِذاري
البداية


استمرِاريَّةٌ

حينَ يَجيءُ الليلُ..
وَتَقْدحُ في القَلبِ شَرارَهْ
تَنمو تَكْبَرُ تُمسي شُعْلَهْ
تُشْرقُ فِكْرَهْ..
تَغدو جَمرَهْ
تَتَكاثَرُ تُمسي – حينَ يَنامُ الكونُ وَراءَ الليلِ –
لَهيباً كَالبُرْكانْ..
فَيَثورُ ، يثَورُ وَيَهدَأُ..
لا يَخمَدُ ، لا ، بَل يَهدأُ..
حينَ يَفيقُ الكَونُ بُعَيْدَ الليلِ..
وَيَرقُصُ في الأُفْقِ بَعيداً..
خَيطُ دُخانْ
يُفصِحُ عَن ميلادِ شَرارَهْ..
إِلى آخِرِهِ.. إِلى آخِرِهِ..







  رد مع اقتباس
قديم منذ /10-16-2010, 06:02 PM   #28

قلم مميز

 

 رقم العضوية : 40821
 تاريخ التسجيل : Jan 2010
 الجنس : ~ رجل
 المكان : المدينه المنوره
 المشاركات : 1,708
 النقاط : سلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 41994
 قوة التقييم : 21

سلطان الزين غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

الشاعر عز الدين المناصرة
نبذة
مواليد محافظة الخليل بفلسطين في 11/4/1946
حصل على شهادة الدكتوراه (ph.D) في الأدب المقارن ـ جامعة صوفيا 1981.
يعمل منذ يوليو 1995 ـ أستاذا مشاركا بجامعة فيلادلفيا الأردنية
عاش متنقلا في البلدان التالية :
فلسطين (1946 ـ 1964
)
الأردن (1970 ـ 1973)
لبنان (1973 ـ 1977)
بلغاريا (1877 ـ 1981)
لبنان (1981 ـ 1982)
تونس (1982 ـ 1983)
الجزائر (قسنطينة) (1983 ـ 1987)
الجزائر (تلمسان) (1987 ـ 1991)
الأردن (1991 ـ ...)

صدرت له المجموعات الشعرية التالية:
يا عنب الخليل 1968 ـ القاهرة
الخروج من البحر الميت ـ 1969, بيروت
قمر جرش كان حزينا ـ 1974, بيروت
بالأخضر كفناه ـ 1976, بيروت
جفرا, 1981 بيروت
كنعانيادا, 1983, بيروت
حيزية ـ ,1990 عمان
رعويات كنغانية ـ ,1991 قبرص
لا أثق بطائر الوقواق ـ ,1999 فلسطين
مجلد الأعمال الشعرية الكاملة ـ (725 صفحة), المؤسسة العربية للدراسات والنشر, بيروت 1994 (الطبعة الرابعة)

(باللغة الفرنسية): مختارات من شعره بعنوان (رذاذ اللغة). ترجمة محمد موهوب وسعد الدين اليماني, صدرت عن دار سكامبيت, ,1997 فرنسا.
(باللغة الفارسية): مختارات من شعره بعنوان (صبر أيوب), ترجمة موسى بيدج, طهران 1997. كما صدرت له الكتب النقدية التالية:
الفن التشكيلي الفلسطيني, بيروت, 1975
السينما الإسرائيلية في القرن العشرين, بيروت 1975
(جمع وتحقيق) الأعمال الكاملة للشاعر الفلسطيني الشهيد عبد الرحيم محمود, دمشق 1988
المثاقفة والنقد المقارن, عمان 1988.
الجفرا والمحاورات (قراءة في الشعر اللهجي بفلسطين الشمالية), عمان. 1993
جمرة النص الشعري, عمان, 1995
المسألة الأمازيغية في الجزائر والمغرب, 1999 عمان.

جوائز وأوسمة:
وسام القس, 1993 ـ فلسطين
جائزة غالب هلسا للإبداع الثقافي 1994 الأردن
جائزة الدولة التقديرية في الأدب 1995 ـ الأردن
جائزة (سيف كنعان) 1998 فلسطين

البداية

وجهة نظر
قال لي
عن زبد البحر
بقايا الكلام
وهو يومئ للنرجسة
وموضع غمازة الخد
أنظر إلى مشية الفارسة
قال لي أنه قارئ الشد
أكتب عن الخنفساء
تهرش أطرافك الواهية.
عن القز والنحل، أكتب عن الساقية.
في مكاتبها الأبنوس تنم لكي تطعم المتعبين
عن الطبل والزمر أكتب عن الحاشية.
تشعلق قلبي طيور الخيام
أخي، ترجموك إلى كومة من عظام
أكتب عن الخنفساء
وهي تدخل في الليل فوق سريرك
تهرش أطرافك الواهية.
قال لي - وهو يومئ للراعية:
عن القز والنحل، أكتب عن الساقية.
- أراه: لن تتعب الماشية
في مكاتبها الأبنوس تنم لكي تطعم المتعبين
قال: وانظر لقبعة الجنرال الموشاة بالمادحين
عن الطبل والزمر أكتب عن الحاشية.
قلت : مهلا
تشعلق قلبي طيور الخيام
أخي أيها الثلج في طرقات النعاس
أخي، ترجموك إلى كومة من عظام
وأنا يانع مثل نعناع مريام صعب المرام.
البداية
مفاوضات
الينابيع والورد كانت وهشت لمقدمها وانحنت
الرصين.
في جبال اليقين
بعشب يغطي تصحر أفئدة في الصقيع.
حيث الرخام العريق
كانت التينة النبوية تهذي
في السلاسل خروبة وشوشت جارة الماء في الليل
زغرغتها العصافير فانفلقت فلقتين
هوت في البقيع.
تتلولح مفتونة في فضاء البراري العتيقة
تجهز أكواب فرحتها، ليلة الأقحوان.
يطرزن عرقا من السعف فوق الصدور
كانت السعفة المائلة
كان شيخ يقص الروايات في ساحة البئر
وعن عشبة المريمية حيث تخبأ فيها
كانت المطبعة
الينابيع والورد كانت وهشت لمقدمها وانحنت
في كمال غلالتها في الربيع
تتقصع سيدتي الغالية
عندما وز من جهة الرمل هذا الرصاص الجديد
حسدتها طيور الحديد.
كانت الأمهات
يطرزن عرقا من السعف فوق الصدور
يهاهين فوق شواهدهم في الخلاء
كانت السعفة المائلة
تجرجرني في الكلام عن النبعة الجارية.
كان شيخ يقص الروايات في ساحة البئر
عن غضب البحر: زلزالة في الضلوع
وعن عشبة المريمية حيث تخبأ فيها
يسوع
كانت المطبعة
تحرك أسنانها بالمناشير قرب الحدود.
الينابيع والورد كانت وهشت لمقدمها وانحنت
عندما هبطت تحمل الشمع في درج الغرفة العالية
في كمال غلالتها في الربيع
قالت الدالية:
تتقصع سيدتي الغالية
بكمال غلالتها.... وأمام الجميع
عندما وز من جهة الرمل هذا الرصاص الجديد
هوت في الينابيع في مرمر التجربة
حسدتها طيور الحديد.
البداية
جفــرا
أرسلتْ لي داليةً 00 وحجارةً كريمة
مَنْ لم يعرفْ جفرا 000 فليدفن رأْسَهْ
من لم يعشق جفرا 000 فليشنق نَفْسَهْ
فليشرب كأس السُمِّ العاري يذوي , يهوي 000 ويموتْ
جفرا جاءت لزيارة بيروت ْ
هل قتلوا جفرا عند الحاجز, هل صلبوها في تابوت ؟؟ !!
**
جفرا أخبرني البلبلُ لّما نَقَّر حبَّاتِ الرمِّانْ
لّما وَتْوَتَ في أذني القمرُ الحاني في تشرينْ
هاجتْ تحت الماء طيورُ المرجانْ
شجرٌ قمريٌّ ذهبيٌّ يتدلّى في عاصفة الالونْ
جفرا عنبُ قلادتها ياقوتْ
هل قتلو ا جفرا..قرب الحاجز هل صلبوها في التابوت ؟؟
**
تتصاعدُ أُغنيتي عَبْر سُهوب زرقاءْ
تتشابه أيام المنفى ,كدتُ أقول :
تتشابه غابات الذبح هنا وهناك .
تتصاعد أغنيتي خضراء وحمراءْ
الأخضر يولد من الشهداء على الأحياء
الواحةُ تولد من نزف الجرحى
الفجرُ من الصبح إذا شَهَقَتْ حبّاتُ ندى الصبح المبوحْ
ترسلني جفرا للموت، ومن أجلك يا جفرا
تتصاعدُ أغنيتي الكُحيَّلة.
منديلُكِ في جيبي تذكارْ
لم ارفع صاريةً إلاَّ قلتُ : فِدى جفرا
ترتفع القاماتُ من الأضرحة وكدتُ اقولْ :
زَمَنٌ مُرٌّ جفرا ... كل مناديلك قبل الموت تجيءْ
في بيروت ، الموتُ صلاةٌ دائمةٌ والقتل جريدتُهُمْ
قهوتُهمْ ، والقتل شرابُ لياليهمْ
القتل اذا جفَّ الكأس مُغنّيهمْ
وإذا ذبحوا ... سَمَّوا باسمك يابيروت .
سأعوذُ بعُمّال التبغ الجبليّ المنظومْ
هل كانت بيروتُ عروساً ،هل كانت عادلةً ... ليست بيروتْ
انْ هي إلاّ وجع التبغ المنظومْ
حبَّاتُ قلادته انكسرتْ في يوم مشؤومْ
انْ هي إلاّّ همهمة لصيّادين إذا غضب البحر عليهمْ
انْ هي الاّ جسد إبراهيم
إنْ هي الاّ ابناؤك يا جفرا يتعاطون حنيناً مسحوقاً في فجرٍ ملغومْ
إنْ هي الاّ اسوارك مريامْ
إنْ هي الاّ عنبُ الشام
ما كانت بيروت وليستْ ، لكنْ تتواقد فيها الاضدادْ
خلفكِ رومٌ
وأمامكِ رومْ. !!!
**
للأشجار العاشقة أُغنّي.
للأرصفة الصلبة ، للحبّ أُغنّي .
للسيّدة الحاملة الأسرار رموزاً في سلَّة تينْ
تركض عبر الجسر الممنوع علينا ، تحمل أشواق المنفينْ
سأغني .
لرفاقٍ لي في السجن الكحليّ ، أُغني
لرفاقٍ لي في القبر، أغني
لامرأةٍ بقناعٍ في باب الأسباط ، أغني
للعاصفة الخضراء ، أغني
للولد الاندلسيّ المقتول على النبع الريفيّ ، اغنّي .
لعصافير الثلج تُزقزقُ في عَتَبات الدورْ
للبنت المجدولة كالحورْ
لشرائطها البيضاء ْ
للفتنة في عاصفة الرقص الوحشيْ
سأغنّي .
هل قتلوا جفرا ؟؟
الليلةَ جئنا لننام هنا سيّدتي ... يا أُمَّ الأنهارْ
يا خالة هذا المرج الفضيْ
يا جدَّة قنديل الزيتونْ
هل قتلوا جفرا ؟؟
الليلة جئناكِ نغّني .
للشعر المكتوب على أرصفة الشهداء المغمورين ، نُغنّي
للعمّال المطرودين ، نغّني
ولجفرا ... سنُغنّي .
جفرا ... لم تنزل وادي البادان ولم تركضْ في وادي شُعَيبْ
وضفائرُ جفرا ، قصّوها عن الحاجز ، كانت حين تزور الماءْ
يعشقها الماء ... وتهتز زهور النرجس حول الاثداء
جفرا ، الوطن المَسْبيْ
الزهرةُ والطلْقةُ والعاصفة الحمراءْ
جفرا...إنْ لم يعرفْ من لم يعرفْ غابة تُفَّاحٍ
ورفيفُ حمام ٍ... وقصائد للفقراءْ
جفرا...من لم يعشق جفرا
فليدفنْ هذا الرأس الاخصر في الرَمْضاءْ
أرخيتُ سهامي ، قلتُ : يموتُ القاتل بالقهر المكبوتْ
منْ لم يخلع عين الغول الاصفر ... تبلعُهُ الصحراء .
جفرا عنبُ قلادتها ياقوتْ
جفرا ، هل طارت جفرا لزيارة بيروت ؟
جفرا كانت خلف الشُبَّاك تنوحْ
جفرا ... كانت تنشد أشعاراً ... وتبوحْ
بالسرّ المدفونْ
في شاطيء عكّا ... وتغنّي
وأنا لعيونكِ ياجفرا سأغنّي
سأغنّي
سأُغنّي .
لصليبكِ يا بيروتُ أُ غنّي.
كانتْ ... والآنَ : تعلّقُ فوق الصدر مناجل للزرعِ وفوق
الثغر حماماتٌ بريّةْ.
النهدُ على النهدِ ، الزهرةُ تحكي للنحلةِ ، الماعز سمراء،
الوعلُ بلون البحر ، عيونكِ فيروزٌ يا جفرا.
وهناك بقايا الرومان : السلسلةُ على شبكة صليبٍ ... هل
عرفوا شجر قلادتها من خشب اليُسْرِ وهل
عرفوا أسرار حنين النوقْ
حقلٌ من قصبٍ ، كان حنيني
للبئر وللدوريّ إذا غنَّى لربيعٍ مشنوقْ
قلبي مدفونٌ تحت شجيرة برقوقْ
قلبي في شارع سَرْوٍ مصفوفٍ فوق عِراقّية أُمّي
قلبي في المدرسة الغربيّةْ
قلبي في النادي ، في الطلل الأسمر في حرف نداءٍ في السوقْ.
جفرا ، أذكرها تحمل جرَّتها الخمرية قرب النبعْ
جفرا، أذكرها تلحق بالباص القرويْ
جفرا ، أذكرها طالبةً في جامعة االعشّاقْ.
من يشربْ قهوته في الفجر وينسى جفرا
فَلْيدفنْ رأسَهْ
مَنْ يأكلْ كِسْرتَهُ الساخنة البيضاءْ
مَنْ يلتهم الأصداف البحرية في المطعم ينهشُها كالذئبْ
من يأوي لِفراش حبيبتهِ، حتى ينسى الجَفْرا
فليشنقْ نفَسَهْ.
جفرا ظلَّتْ تبكي ، ظلَّتْ تركض في بيروتْ
وأبو الليل الاخضرِ ، من أجلكِ يا جفرا
يشهقُ من قهرٍ شهقتَهُ... ويموت .!!!
البداية
بالأخضر كفناه
بالأخضر كفناه بالأحمر كفناه
بالأبيض كفناه بالأسود كفناه
بالمثلث والمستطيل بأسانا الطويل
نزف المطر على شجر الأرزيل ذكراه وعلى الأكتاف حملناه
بكت النزل البيضاء لمرآه
دمه ينزف والبدوي تنتظر الأيام
دمه ينزف زغرد سرب حمام
والبدوية تنتظر حبيبا سيزور الشام
بالأخضر كفناه بالأبيض كفناه
بالأسود كفناه بالأحمر كفناه
كان خليلا من صيدون حمصيا من حدروب
بصريا من عمان وصعيديا من بغداد
كان جليليا من حورام
كان رباطيا من وهران
مطر في العينين وتحت القلب دفناه







  رد مع اقتباس
قديم منذ /10-16-2010, 06:03 PM   #29

قلم مميز

 

 رقم العضوية : 40821
 تاريخ التسجيل : Jan 2010
 الجنس : ~ رجل
 المكان : المدينه المنوره
 المشاركات : 1,708
 النقاط : سلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 41994
 قوة التقييم : 21

سلطان الزين غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

الشاعر معين بسيسو
نبذة
ولد معين بسيسو في مدينة غزة بفلسطين عام 1926 ، أنهى علومه الابتدائيةوالثانوية في كلية غزة عام 1948 .
بدأ النشر في مجلة " الحرية " اليافاوية ونشرفيها أول قصائده عام 1946 ، التحق سنة 1948 بالجامعة الأمريكية في القاهرة ، وتخرجعام 1952 من قسم الصحافة وكان موضوع رسالته " الكلمة المنطوقة و المسموعة في برامجإذاعة الشرق الأدنى " وتدور حول الحدود الفاصلة بين المذياع والتلفزيون من جهةوالكلمة المطبوعة في الصحيفة من جهة أخرى
.
انخرط في العمل الوطنيوالديمقراطي مبكرا، وعمل في الصحافة والتدريس
.
وفي 27 كانون الثاني ( يناير ) 1952 نشر ديوانه الأول ( المعركة
) .
سجن في المعتقلات المصرية بينفترتين الأولى من 1955 إلى 1957 والثانية من 1959 إلى 1963
.
أغنى المكتبةالشعرية الفلسطينية والعربية بأعماله التالية :

أعماله الشعرية :
  • <LI dir=rtl>المسافر (1952م).
    <LI dir=rtl>المعركة (دار الفن الحديث، القاهرة، 1952م).
    <LI dir=rtl>الأردن على الصليب (دار الفكر العربي، القاهرة، 1958م).
    <LI dir=rtl>قصائد مصريّة / بالاشتراك (دار الآداب، بيروت، 1960م).
    <LI dir=rtl>فلسطين في القلب (دار الآداب، بيروت، 1960م).
    <LI dir=rtl>مارد من السنابل (دار الكاتب العربي ، القاهرة، 1967م).
    <LI dir=rtl>الأشجار تموت واقفة / شعر (دار الآداب، بيروت، 1964م).
    <LI dir=rtl>كرّاسة فلسطين (دار العودة، بيروت، 1966م).
    <LI dir=rtl>قصائد على زجاج النوافذ (1970م).
  • جئت لأدعوك باسمك (وزارة الإعلام، بغداد، 1971م
    <LI dir=rtl>الآن خذي جسدي كيساً من رمل (فلسطين، بيروت، 1976م).
    <LI dir=rtl>القصيدة / قصيدة طويلة (دار ابن رشد، تونس، 1983م).
    <LI dir=rtl>الأعمال الشعرية الكاملة / مجلد واحد (دار العودة، بيروت، 1979م).
    <LI dir=rtl>آخر القراصنة من العصافير.
  • حينما تُمطر الأحجار.
أعماله المسرحية :
  • <LI dir=rtl>مأساة جيفارا (دار الهلال، القاهرة، 1969م).
    <LI dir=rtl>ثورة الزنج (1970م).
    <LI dir=rtl>شمشون ودليلة (1970م).
  • الأعمال المسرحية (دار العودة، بيروت، 1979م) يشمل :
    - مأساة جيفارا.
    - ثورة الزنج.
    - الصخرة.
    - العصافير تبني أعشاشها بين الأصابع.
    - محاكمة كتاب كليلة ودمنة.
أعماله النثرية:
  • <LI dir=rtl>نماذج من الرواية الإسرائيلية المعاصرة (القاهرة، 1970م).
    <LI dir=rtl>باجس أبو عطوان / قصة (فلسطين الثورة، بيروت، 1974م).
    <LI dir=rtl>دفاعاً عن البطل (دار العودة، بيروت، 1975م).
    <LI dir=rtl>البلدوزر / مقالات (مؤسسة الدراسات، 1975م).
    <LI dir=rtl>دفاتر فلسطينية / مذكرات (بيروت، 1978م).
    <LI dir=rtl>كتاب الأرض / رحلات (دار العودة، بيروت، 1979م).
    <LI dir=rtl>أدب القفز بالمظلات (القاهرة، 1982م).
    <LI dir=rtl>الاتحاد السوفيتي لي (موسكو، 1983م).
    <LI dir=rtl>88 يوماً خلف متاريس بيروت (بيروت، 1985).
    <LI dir=rtl>عودة الطائر / قصة.
    <LI dir=rtl>وطن في القلب / شعر مترجم إلى الروسية - مختارات موسكو.
  • يوميات غزة (القاهرة).
و شارك في تحرير جريدة المعركة التي كانت تصدر في بيروت زمن الحصار مع مجموعة كبيرة من الشعراء و الكتاب العرب .
ترجم أدبه إلى اللغات الانجليزية والفرنسية والألمانية والروسية ، ولغات الجمهوريات السوفيتية أذربيجان ، أوزباكستان و الإيطالية و الإسبانية و اليابانية و الفيتنامية و الفارسية
.
حائز على جائزة اللوتس العالمية وكان نائب رئيس تحرير مجلة " اللوتس " التي يصدرها اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا
.
حائز على أعلى وسام فلسطيني ( درع الثورة
) .
كان مسؤولاً للشؤون الثقافية في الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين
.
كان عضو المجلس الوطني الفلسطيني
.
استشهد أثناء أداء واجبه الوطني وذلك إثر نوبة قلبية حادة آلمة في لندن يوم 23 / 1 /1984 .

البداية

مقال بقلم رشاد أبو شاور
عام 1984، رحل الشاعر الكبير معين بسيسو في العاصمة البريطانية (لندن)، ولم تكتشف وفاته إلاّ بعد 14 ساعة لأنه كان يعلّق علي باب غرفته بالفندق الذي نزل فيه عبارة: الرجاء عدم الإزعاج.
رحل معين بسيسو شّاباً في السابعة والخمسين، فهو ولد في (غزّة) بتاريخ 10 تشرين الأوّل (أكتوبر) 1927.
كان يريد أن ينام، أن يرتاح، ولكن قلبه الذي أجهد نبض نبضات سريعة، ربّما احتجاجاً علي إرهاق الشاعر له، فمدّ معين يده إلي الهاتف يريد طلب المساعدة، ولكن الوقت كان قد فات...
عندما فتح باب الغرفة، وجد الشاعر نائماً، ويده ممدودة إلي الهاتف في مشهد جامد.
مفارقة هذه، أن يموت شاعر فلسطيني في (لندن) عاصمة السياسة التي كانت أس المصائب، وأصل النكبة والخراب في فلسطين، وأن لا يحظي بالراحة، ولا يصل نداء استغاثته بطلب العون، ثمّ ينقل جثمانه ليدفن في القاهرة، محروماً من دخول غزّة ، حتى بعد أن مات، وهذا ما يدّل علي مدى حقد عدونا على الشعر والشعراء.
كأنما هذه حكاية الشعب الفلسطيني، مع فارق أن شعبنا حي، وأنه يمضي علي طريقه، وأنه يتقوّي بصوت الشاعر، وبالشعر، حداءً لأمل سيتحقق. معين بسيسو، الفلسطيني، الغزّي، المدفون في ثري مصر الطهور، بين من أحبهم، لم تسمح سلطات الاحتلال الصهيوني لجثمانه بالدخول ليدفن هناك في تراب غزة الذي درجت عليه أقدامه، والشاهد الأول لتفجّر موهبته الشعرية.
حدث في زمن بعيد، أن أخرج أبي يده من تحت عباءته ومدّها وقد طوت كتاباً رقيقاً غير مدرسي، وقال لي محتفياً:
ـ هذا شعر لمعين بسيسو.
ثمّ طلب منّي أن أقرأ، فقرأت...
كان الأب الأمّي فخوراً برفيقه، رغم أنه لا يعرفه، وكان يريد لابنه أن يحفظ هذا الشعر، وأن يصونه في ذاكرته، فهذا الشعر يصل كالمنشورات السريّة، وهو بذور لا بدّ لها من تربة لتخصب فيها، وتربة الشعر هي النفوس، والعقول...
كبرت، وعرفت من هو هذا الشاعر، وصرت أقرأ شعره دون حّث من الأب، ولكن بحافز منّي، فشعر معين بسيسو يشّد العزيمة، ويقوّي المعنويات، وهو قريب إلي روحي.
ردد أبي وقد حفظ لفرط ما تلوت علي مسمعه:
من لم تودّع بنيها بابتسامتها
إلي الزنازين لم تحبل ولم تلد
وحفظ عن ظهر قلب:
أنا إن سقطت فخذ مكاني يا رفيقي في الكفاح
واحمل سلاحي لا يخفك دمي يسيل من السلاح
وكان يدخل السجن، ويخرج، وفي يقينه أنه ينبغي أن يكون إبناً لائقاً، شجاعاً ومفتدياً، ومضحيّاً، لتباهي أمّه به، وليعش هو في أفئدة الجماهير مكرّماً، تماماً كما يقول شعر رفيقه معين بسيسو. هذا شعر يشجّع، يغذّي الروح بالإيمان، يدحر الشعور بالعزلة بعيداً عن ضمير المناضل المضحّي، الذي يتعرّض لكّل ما يتسبب له بالأذي، والإحباط.
صوتان وصلانا من غزّة: صوته وصوت هارون هاشم رشيد، وبشعرهما عشنا مع (غزّة) المأساة والمعجزة.
شعرهما انتشر موحّداً مشاعر الفلسطينيين، ومنشئاً صلة وصل بينهم، إن في منافيهم البعيدة، أو في مخيّمات اللجوء في الضفّة الفلسطينيّة، وسوريّة، ولبنان.
صورة معين بسيسو وصلت إلينا كما يليق بالشاعر، فهو يتقدّم المظاهرات، بقميص مفكوك الأزرار عن الصدر، مشرع للاستشهاد، هاتفاً بشعره، رافضاً مع شعبه التوطين في سيناء، فلا بديل عن فلسطين.
تلك كانت صورة الشاعر، الذي ينتسب إلي سلالة شعراء، حملوا دمهم علي راحاتهم، ومضوا في مقدمّة الصفوف، بكامل عدّتهم: الموهبة الشعرية، الالتزام، حمل المبادئ، الجاهزية للتضحيّة، بمصداقية القول المقترن بالفعل. إن دور شعرائنا التنويري، التثويري، قد دشّن منذ بداية الصراع والاشتباك مع الحركة الصهيونيّة، والاستعمار البريطاني، والمؤامرات المحليّة المتصاعدة علي عروبة فلسطين، وها هم شعراؤنا أحياء يرزقون بيننا: إبراهيم طوقان، عبد الرحيم محمود، عبد الكريم الكرمي (أبو سلمي)، مطلق عبد الخالق، حسن البحيري، نوح إبراهيم الشاعر الشعبي، محمد العدناني، كمال ناصر، فدوي طوقان، علي فودة، فوّاز عيد... ومن بعد، حين وقعت النكبة، وهيمن اليأس، والشعور بالعجز، ارتفعت أصوات شعرائنا، حاضة علي الصبر، والتشبّث بفلسطين، والاعتماد علي النفس، وفاضحة الخيانة وأسباب الهزيمة والكارثة، ومحرّضة علي مواصلة المعركة.
قد يقال بأن هذا الشعر فيه مباشرة، وتحريض آني، والحق أن تلك المباشرة حملتها مواهب أصيلة ذكيّة، عرفت كيف تغوص في عمق الحدث، وتستخرج منه قيماً إنسانيّة جوهرية لا تموت مع الزمن.
ما كان صدفة أن عنوان أحد بواكير أعمال معين بسيسو هو (المعركة)، فشعراء فلسطين قديماً وحديثاً يعيشون في المعركة، وفي نيرانها يكتبون، وهم يكتبون عن الوطن، والشهادة، والبطولة، والتضحية، والحب، والمنفي، والعودة التي ستتحقق، وهم يتأملون في مصائر البشر، والحياة، والكون، فهم لا يغلقون علي أنفسهم، وما هو بغريب أن الفلسطينيين كانوا في مقدمة من ترجم عن الغرب روائع أدبية، وفلسفيّة ...
معين بسيسو شاعر معركة، واشتباك، يحيا، ويتألّق، ويجوهر في الميدان، بين الناس في أتون المعركة... من عرفه في غزّة رآه شاعراً ومناضلاً في الميدان، يتقدّم جموع الفلسطينيين الرافضين للتوطين في صحراء سيناء، والمطالبين بالتسلّح للتصدّي لاعتداءات المحتلين الصهاينة، وكانت آنذاك قد ازدادت علي قطاع غزّة.
كان معين بسيسو يباهي بأن أهل غزّة أفشلوا مشروع التوطين، وكانوا السبب في صفقة الأسلحة التشيكيّة التي أبرمتها مصر الناصرية، ليتمكن جيشها من الرّد علي الاعتداءات، وتدشين حقبة العلاقة مع الاتحاد السوفييتي، أي أن هذا التحوّل الاستراتيجي كان فيه دور بارز لفلسطينيي غزة الأباة العنيدين المكافحين.
من عرفوا معين بسيسو آنذاك، رأوه وهو يشرّع صدره للبنادق، هاتفاً باسم فلسطين، معلياً من شأن البطولة والتضحية. هنا كان صوت عبد الرحيم محمود يتجاوب، يتناسخ، يتواصل في حنجرة معين وكلماته...
إنه صوت معين بسيسو الذي تحدي قوات العدوان الثلاثي عام 56:
قد أقبلوا فلا مساومة
المجد للمقاومة
لم يكن هذا مجرّد شعار، لقد كان قرار حياة، فيه تتجاوب روح عبد الرحيم محمود:
فإمّا حياة تسّر الصديق وإمّا ممات يغيظ العدا يستمّد شعر (معين) قيمته من أنه يكتنز معني الحياة، كرامتها، قيمتها، في كلمات قليلة، يقولها شاعر أصيل الموهبة، عميق الثقافة، صاحب مباديء.
من غزة انتشر صوت معين بسيسو في بلاد العرب، فالتقطه الفلسطينيون، وأنشدوه، وعمموه، وتبنّوه. معين ابن الشعب، وصوت الضحايا، كما وصفه شاعر مصري شعبي:
يا معين يا صوت الضحايا
معين هذا تعرّض للسجن، للمنافي، للمطاردة، في عدّة أقطار عربيّة، وحافظ علي صلابته الروحيّة، وتقوّي بالشعر علي المصائب والصعاب. كل من تعرّف بمعين، لمس فيه روح ابن البلد، الطيّب، العفوي، البسيط، الشعبي، القريب إلي القلب، والذي تبلغ فيه حدود البساطة مدي يسهّل علي المخادعين أن يستغلّوا كل هذه المناقب.
معين بسيسو وفي، وأنا رأيته مراراً يزور مخيّم (اليرموك) قرب دمشق العاصمة السوريّة، ليلتقي برفاقه (الشيوعيين) الغزازوة الذين أقام كثير منهم في المخيم، وكان يعني بهم وبأسرهم بصمت وتواضع ووفاء نادر. هذا الشاعر إبن الشعب، صوت الضحايا، ما في جيبه ليس له، سعادته أن يسمع كلمة طيبة وكفي. في المعركة يجوهر معين، ولذا امتلأ حماسة أثناء معركة (تل الزعتر). كان يكتب ليل نهار، يرسل صوته إلي المحاصرين بين أنياب الانعزاليين الوحوش، يحمل مسدساً ويمشي في الشارع، فهو في (المعركة) وهو يقول الشعر، يندفع في الشوارع ممتلئ الصدر صهيلاً.
كان يصيح من جذور قلبه:
الآن، خذي جسدي كيساً من رمل
الشعر عند معين هو دعم لوجستي، كالذخيرة، كالتموين، به يصمد المحاربون، فالروح بحاجة للغذاء، والشعر غذاء الروح، به تتقوّي وتنتصر...
عام 82 كان يشارك في مؤتمر أدبي في (طشقند)، وعندما سمع ببدء العدوان علي الثورة الفلسطينيّة والحركة الوطنيّة اللبنانيّة، بادر بالعودة سريعاً إلي (بيروت) مخترقاً الحصار، ليكون مع الفلسطينيين واللبنانيين في المعركة، إذ لا يعقل أن تكون معركة، ويكون معين بعيداً يتفرّج. منذ لحظة وصوله انخرط (معين) في المعركة شعراً، ونثراً، وبدأ يكتب زاويته (متاريس) حاضّاً علي الاستبسال:
ولدي محمّد: في ظلي الدامي تمدد
أو فوق ركبة أمك العطشي تمدد
وإذا عطشت وجعت فاصعد
هي الكلمة الشجاعة في وجه الظلم والجور والطغاة ، وقد قالها معين صادقةً، ودفع الثمن مراراً ولم يركع. ولأنه شاعر مقاومة، ولأننا في بيروت قررنا أن نقاوم مع البنادق بالكلمات، فقد أسسنا صحيفة (المعركة) اليوميّة، واقترح بعضهم أن نضع ترويسة علي صفحتها الأولي مقطعاً من قصيدة شاعر المقاومة الفرنسي (أراغون):
اللعنة علي العدو المحتل
ليدو الرصاص دائماً تحت نوافذه
وليمزّق قلبه الرعب
ولكننا ثبّتنا منذ العدد الخامس مقطعاً من قصيدة معين:
اقبلوا فلا مساومة،
المجد للمقاومة...
في (المعركة) التقي الكتّاب والشعراء من كل الأقطار العربيّة : فلسطين، الأردن، مصر، لبنان، سوريّة، العراق، وقاوموا بكلماتهم، وبعضهم شارك في إذاعة (صوت الثورة الفلسطينيّة)، وكانت تلك أيّاماً مجيدة لتلاحم الكلمة والبندقيّة، تعبيراً عن صمود الناس، والتصدّي للإعلام الصهيوني والكتائبي الانعزالي، وحربهما النفسيّة.
معين بسيسو كمبدع يتمتّع بموهبة فذّة، وثقافة إنسانيّة فسيحة، وهو لا يكتفي بالتعبير عن رؤيته بالشعر، فقد كتب للمسرح، وقدّمت مسرحياته في القاهرة، ودمشق، وبعض الأقطار العربيّة.
نثره يعتمد الجمل القصيرة المتوترة، وإذ تقرأه تحسب أن الشاعر يكتب وهو يركض في الشوارع، والأزقّة، والحواري، وفي القطارات، وعلي سطح سفينة تضربها أمواج عاتية، فهو يكتب ويركض من جهة إلي جهة، للتواري عن عيون مطارديه، لا خوفاً ولكن ليكتب ويوّزع ما يكتبه كالمنشورات السريّة، حريصاً علي تأدية دوره علي أتّم وجه للمساهمة في إنقاذ السفينة، وبلوغها شاطئ الحريّة والأمان.
المرحلة المصرية في حياته صبغت شعره، وذوقه، ومزاجه، فهو ترعرع ونما في أحضان الحركة الثقافية في مصر، وارتبط بصداقات هي الأعمق في حياته، وبخّاصة مع عبد الرحمن الخميسي، الشاعر، والقّاص، والفنان، والممثل، والمخرج السينمائي.
ودائماً تكلّم بحب عن الخميسي، وهو الذي استضافه مراراً في (بيروت) وقدّمه، وعمل علي إعادة طباعة أعماله الشعرية.
ثمّة ما هو مرح، وفكه بينهما، وفي حياتهما، فالمقالب لا تنتهي بينهما، معين كان مصري المزاج، والذوق، وهو ما نلحظه في شعره، ومسرحه الشعري، وأسلوب حياته.
إنه معين، إبن البلد، صوت الضحايا...
في الملعب البلدي، يوم 21 آب (أغسطس)، تعانقت ومعين، وبكينا واحدنا علي كتف الآخر، فقد ازدادت علاقتنا حميمية أثناء معركة بيروت، وهو ما أشار له في كتابه (88 يوماً خلف المتاريس).
معين بسيسو كان مؤمنا بطليعيّة الاتحاد السوفييتي، وبدوره القيادي علي الصعيد العالمي، في مواجهة الإمبرياليّة الأمريكيّة.
كان زائراً دائماً لموسكو ـ بل صاحب بيت ـ التي له فيها رفاق، من الشعراء، والمبدعين الروس (سوفرونوف) الشاعر الروسي، ومن شعوب الاتحاد السوفييتي، ومن بلدان العالم الثالث (فايز أحمد فايز) الشاعر الباكستاني المنفي عن بلده. كان معين محترماً ومحبوباً جداً في (موسكو)، وأذكر أنه عندما زار موسكو بعد معركة بيروت كان الإعلان عنه في نشرة الأخبار الرئيسة مع تقديم ريبورتاج جوانب حياته الأدبيّة والنضاليّة.
كتب معين (الاتحاد السوفييتي لي)، وهو كان وفيّاً للاتحاد السوفييتي، والكتاب عن رحلاته في جمهوريات الاتحاد السوفييتي الأوروبيّة والآسيويّة.
في البرافدا كتبوا عن معين، وترجم لنا الدكتور شوقي العمري، وهو شاعر غزّي من تلاميذ ومريدي معين، درس في موسكو وأتقن الروسية كأفضل الناطقين بها، وأكّد لنا بالفم الملآن أن جائزة لينين ستكون من نصيب معين... التقيته في موسكو بعد خروجنا من بيروت، في عام 83، وهناك احتفي بي كثيراً، وكانت روايتي (البكاء علي صدر الحبيب) قد ترجمت مع بعض قصصي القصيرة، فبقيت في موسكو قرابة الشهر ، ولست أنسي اهتمام معين بي.
القصيدة :
في المجلس الوطني الفلسطيني بعد الخروج من بيروت، عام 83، قرأ معين قصيدة كانت قد كتبت على عجل، ولقد رأيت أنها أقّل من قيمته الشعرية، فعتبت عليه جداً.
من الجزائر توجهنا إلي تونس، وذات يوم تلفن له (زياد عبد الفتاح) رئيس وكالة (وفا)، وأخبره بوجودي، فطلب أن يحكي معي، وبطريقته الشعبية اللطيفة طلب مني أن أزوره مع زياد، فقلت له :
ـ شريطة أن تبدي استعداداً لسماع ما سأقوله لك، لأنه جدّي وخطير، فهل تقبل ؟
صمت علي الهاتف، ثمّ جاءني صوته:
ـ تعال...
أعدت عليه ما قلت، فألّح علي حضوري، وقد لمس جديّة في صوتي، وعرف أنني لا أمزح.
رحنا إلي نزل (أبو نواس) ، وكان يقيم في غرفة وصالة علي التلة المجاورة، وما أن دخلنا حتى بادرني مستفسراً :
ـ ماذا تريد أن تقول ؟!
جلست، وسألته بلهجة هجومية لم يتوقعها :
ـ هل ما قرأته في المجلس الوطني شعر يا (أبو توفيق)؟!
سألني بانزعاج:
ـ وما هو الشعر برأيك ؟
فأخذت اقرأ له ما أحفظ من شعره، ولعله دهش لما أحفظ، ولما أختار، وختمت بقصيدته المهداة إلي شهيد معركة جبل (صنين) جورج عسل :
استشهد الماء ولم يزل يقاتل الندى
استشهد الصوت ولم يزل يقاتل الصدى
وأنت بين الماء والندى
وأنت بين الصوت والصدى
فراشة تطير حتى آخر المدى
مدّ يده، وتناول كومة أوراق، وأخذ يقرأ، وأنا لا أستقبل أبداً، فاستنتج أنني لم أعجب بما سمعت، فقال بلهجته المحببة:
ـ طيّب : اسمع...
وأخذ يقرأ مقاطع من قصيدته (القصيدة) ، آخر قصائده، قصيدة الوداع.
صفّقت له واقفاً، وأنا أردد :
ـ هذا شعر، أي والله هذا شعر يا أبو توفيق...
أمسية لندن :
في عام 83 أقيم أسبوع ثقافي فلسطيني في العاصمة البريطانية (لندن)، وكان معين يشارك مع شعراء فلسطينيين آخرين. جاء إلي الأمسية متأنقاً، وكما هو شأنه فشعره ينفر كما لو أنه عرف حصان. جلس بجواري، وكنت أجلس أنا وصديقي ياسين رفاعية وزوجته الشاعرة أمل جرّاح.
قلت له:
ـ الليلة ستكون ليلتك، صدّقني...
استفسر :
ـ بجد ؟
ـ نعم يا (أبو توفيق). الليلة ستكون ليلتك، ليلة (القصيدة)، الليلة ستتألّق، وتنال ما تستّحق من ثناء.
وهذا ما كان. صعد معين، وفي القاعة كان شعراء، سياسيون، فنّانون عالميون، تتقدمهم صديقة الشعب الفلسطيني، الفنّانة البريطانية العالمية (فانيسيا ردغريف)، والصحافي البريطاني الكبير (مايكل آدمز) ، ومئات من حركات التحرر العالمية. استحوذ معين علي الجو، شعراً وإلقاءً، وصفّق له الجمهور واقفاً، صفّق للقصيدة:
مطر علي الشبّاك
في لون البنفسج والخزامي
مطر علي المرآة
في لون الدوالي والندامي
مطر علي البحر المسيّج
زبد وعوسج
موج يعبئ بالنوارس
لي المسدس
كانت تلك ليلة (معينيّة) حقاً، أفرحت معين.
في تونس، في المؤتمر العام لاتحاد العمّال الفلسطينيين تكررت تلك الأمسية، حيث قرأ معين (القصيدة).
بعدئذ لم ألتق بمعين، وجاء الخبر الفاجع: رحل معين بسيسو!
لم تسمح سلطات الاحتلال لجسد معين أن يدفن في غزّة، فدفن في مقبرة آل بسيسو في القاهرة...
الاحتلال يخاف أجساد الشعراء، لأن الشعراء أمثال معين بسيسو لن يصمتوا بعد الموت، فهم أحياء بشعرهم الذي تتناقله الأفواه، وتردده الحناجر، وتختزنه الذاكرة الجمعية لشعبهم، وأمّتهم.
الاحتلال يكره الشعر والشعراء، لأن أجساد الشعراء الراحلين ستتحوّل إلي مزارات تتجدد عندها نداءات الحريّة والمقاومة...
من وقّعوا علي اتفاق (أوسلو) لم يتفطنوا إلي بند ينص علي عودة جثامين المبدعين الفلسطينيين، علي الأقل الذين من مدن وقري الضفّة والقطاع... من العجيب أننا كلّما انتقدنا مسيرة الخراب الاستسلاميّة فلا نسمع سوي : تعالوا ناضلوا معنا!
طيّب، أيها المناضلون: لماذا (نسيتم) أن تصطحبوا معكم في (عودتكم) المظفّرة جثامين : كمال ناصر (بير زيت)، وحنّا مقبل (الطيبة)، وعلي فودة (علاّر)، ومعين بسيسو (غزّة)، وجبرا إبراهيم جبرا (بيت لحم)، وائل زعيتر (نابلس) وماجد أبو شرار (دورا).
نحن لا نريد أن نحرجكم، ونطالبكم بإعادة جثامين: غسّان كنفاني، ناجي العلي، سميرة عزّام، وأحمد عمر شاهين، فهؤلاء من: عكّا، الشجرة، الناصرة، الرملة،...
يا لهذا (السلام) الذي يحرم جثامين الشعراء، والكتّاب، والصحفيين، من حق العودة والدفن في مساقط رؤوسهم !
شاعر الوحدة الوطنيّة :
ظلّ معين بسيسو شيوعيّاً حتى رحيله، ولكنه لم يكن متعصّباً، فهو كتب شعراً جميلاً في جمال عبد الناصر، رغم أنه سجن في مصر مع مئات الشيوعيين... وهو رغم أنه علي النقيض مع (الإخوان المسلمين) ، سار هو وشيوعيو غزّة، والقوميون، كتفاً لكتف، معاً، يتقدمون الجماهير، رافضين التوطين، مطالبين بالسلاح للمقاومة.
في مذكراته (دفاتر فلسطينيّة) يسرد معين ملامح تلك المرحلة في منتصف الخمسينات، ويقدّم رموز (الإخوان المسلمين) بكّل الاحترام، والإنصاف، رغم الخلاف الفكري، معتزاً بروح الوحدة الوطنيّة.
لقد حافظ شاعرنا الكبير علي صلاته الحميمة مع كل مناضلي تلك المرحلة حتى أيّامه الأخيرة...
اليوم، ونحن نستعيد ذكراه، ونقرأ شعره، ونحن نري ما يحدث في وطننا فلسطين بكّل فخر ـ ما جاءت به الانتخابات التشريعيّة الفلسطينيّة ـ نجدنا مدعوين لصيانة روح الوحدة الوطنيّة التي ميّزت معين، ومنحته إضافة لقيمته الشعرية احتراماً وطنياً، ودوراً قياديّاً.(...)
هذا هو الشعر، وهذا هو دوره :
في آخر مقابلة أجراها معه تلفزيون الإمارات العربية ـ المذيع أحمد زين العابدين ـ قال معين: الدور الذي يجب أن ينهض به الشعر العربي الآن هو أن يقف مع الإنسان العربي، يقف مع الأمة العربيّة، يقف مع كل صديق لهذه الأمة، في سبيل نهوضها، وفي هذه المرحلة علي الكلمة أن تكون صادقة، شجاعة، وصريحة...
معين يفهم الحداثة كما يلي : أنا حينما أقرأ بعض القصائد أحس أنني أقرأ باللغة الهيروغليفية . بعض الشعراء اعتقدوا أنهم حينما يتنكّرون للتراث، للتقاليد الشعرية العظيمة يصبحون شعراء معاصرين...
وبطريقته التهكمية يسخر ممن يدّعون أنهم يكتبون لأنفسهم : حسناً، إذا أردت أن تكتب لنفسك، أن تكتب شيئاً لا يفهمه الناس، ولا يتفاعلون معه، فاكتب علي المرآة، وانظر فتجد قصيدتك، وتري أيضاً وجهك، وهذا يكفي لتحقيق كل طموحك... معين بسيسو من أوائل من كتبوا القصيدة الحديثة، قصيدة التفعيلة، وهو مع كونه شاعراً جماهيريّاً لا يغيب عن باله سؤال الشعر العظيم.
قرأت مرّة للناقد السوري الصديق الراحل محيي الدين صبحي أن شعر معين ينطبق عليه مصطلح الشعر الخشن الذي ورد في كتاب (الشعر) لأرسطو، وهذا ما جعل الكتابة عنه صعبة رغم سهولة وبساطة هذا الشعر...
من جهتي فأنا أشارك محيي الدين صبحي هذا الرأي، فالشعر العظيم لا يحتاج لفّك الطلاسم، ورسم المثلثات، والمكعبات، وتقويله ما لم يقل...
معين يا صوت الضحايا :
اليوم نردد مع الشاعر المصري :
يا معين يا صوت الضحايا
تملّي صوتك معايا
ومع معين ننشد :
قد أقبلوا فلا مساومة
المجد للمقاومة
المجد لمقاومة الإنسان العربي في فلسطين، في العراق، في لبنان، المجد للمقاومة الإنسانيّة تتحدّي ظلم أمريكا، وعدوانيتها وحليفتها الصهيونيّة...
المجد للشعر، للكتابة تنحاز للإنسان، للعدل، للكرامة الإنسانيّة، للحب بكّل تجليّاته...

البداية

إلى طفلتي دالية
وكمصلوب يحلم.
الأرض النائية كنجم.
لو يسمع وقع خطاه...
أنا أحلم أن نمشي.
في كفي شعلة أزهار.
وورائي أعلام الدمية.
تتلوى فوق الأسوار.
مصلوبك يا وطني يحلم
الأرض النائية كنجم
لو يسمع وقع خطاه...
وورائي أعلام الدمية.
أمراس جليد.
تتلوى فوق الأسوار.
ألف شتاء قد مر وما زال
مصلوبك يا وطني يحلم
لو تلمس قدماه،
الأرض النائية كنجم
لو يمشي
لو يسمع وقعخطاه...
البداية

المعركة
أنا إن سقطت فخذ مكاني يا رفيقي في الكفاح
وانظر إلى شفتي أطبقتا على هوج الرياح
أنا لم أمت! أنا لم أزل أدعوك من خلف الجراح
واقرع طبولك يستجب لك كل شعبك للقتال
يا أيها الموتى أفيقوا: إن عهد الموت زال
يا أيها الموتى أفيقوا: إن عهد الموت زال
ولتحملوا البركان تقذفه لنا حمر الجبال
هذا هو اليوم الذي قد حددته لنا الحياة
هذا هو اليوم الذي قد حددته لنا الحياة
للثورة الكبرى على الغيلان أعداء الحياة
فإذا سقطنا يا رفيقي في حجيم المعركة
فإذا سقطنا يا رفيقي في حجيم المعركة
فانظر تجد علما يرفرف فوق نار المعركة
ما زال يحمله رفاقك يا رفيق المعركة
ما زال يحمله رفاقك يا رفيقالمعركة
البداية

ثلاثة جدران لحجرة التعذيب
(عند طلوع الفجر )
ساقاومْ...
ما زالَ في الجدارِ صفحةٌ بيضاءْ
ولم تذبْ أصابعُ الكفينِ بعدُ...
هناكَ من يدَقْ
برقيةٌ عبر الجدارْ
قدْ أصبحتْ أسلاكُنا عروقُنا
عروقُ هذه الجدرانْ...
دماؤنا تصبُّ كلُّها،
تصبُّ في عروقِ هذه الجدرانْ...
برقيةٌ عبرَ الجدارْ
قد أغلقوا زنزانةً جديدهْ
قد قتلوا سجينْ...
قد فَتَحوا زنزانةً جديدهْ
قد أحضروا سجينْ...
********
(عندما ينتصف النهار )
قد وضعُوا أمامي الورقْ،
قد وضعُوا أمامي القلمْ
قد وضعوا مفتاحَ بيتي في يدَي
الورقُ الذي أرادوا أن يُلطِّخوهُ
قال: قاومْ َ
والقلمُ الذي أرادوا أن يُمرِّغوا جبينَهُ في الوحلِ
قالَ: قاومْ
مفتاحَ بيتي قالَ: باسمِ كلِّ حجرٍ
في بيتكَ الصغيرِ قاومْ
ونقرةٌ على الجداره
برقيةٌ عبرَ الجدارِ من يدٍٍ محطّمهْ
تقولُ: قاومْ
والمطرُ الذي يسقطُ
يضربُ سقفَ حجرةِ التعذيبْ
كلُّ قطرةٍ
تصيحُ: قاومْ...
********
(بعد غروب الشمس)
لا أحدٌ معي
لا أحدٌ يسمعُ صوتَ ذلك الرجلْ
لا أحدٌ يراهُ
في كلِّ ليلةٍ وحينما الجدرانْ
تُغْلقُ والأبوابْ...
يخرجُ من جِراحَي التي تسيلْ
وفي زنزانتي يسيرْ
كانَ أنا،
وكانَ مثلما كنتُ أنا...
فمرةً أراهُ طفلاً
ومرةً أراهُ في العشرينْ
كانَ عزائيَ الوحيدْ
وحبيَ الوحيدْ
كان رسالتي التي أكتبها في كلِّ ليلةٍ
وكانَ طابعَ البريدْ
للعالم الكبيرْ
للوطنِ الصغيرْ
في هذهِ الليلةِ قد رأيتُهُ
يخرجُ من جراحي، ساهماً معذباً حزينْ
يسيرُ صامتاً ولا يقولْ
شيئاً كأنهُ يقولْ:
لن تراني مرةً ثانيةً لو اعترفتْ
لوكتبتْ...







  رد مع اقتباس
قديم منذ /10-16-2010, 06:04 PM   #30

قلم مميز

 

 رقم العضوية : 40821
 تاريخ التسجيل : Jan 2010
 الجنس : ~ رجل
 المكان : المدينه المنوره
 المشاركات : 1,708
 النقاط : سلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond reputeسلطان الزين has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 41994
 قوة التقييم : 21

سلطان الزين غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

الشاعر معين شلبية

نبذة
ولدت في الرابع عشر من تشرين أول عام 1958 في قرية المغار الجليلية التي تطل على بحيرة طبرية وتحيطها غابة من أشجار الزيتون الخضراء. عشت طفولة معذبة شأن أطفال فلسطين بعد نكبة شعبنا؛ تأثرت بحالات المعاناة التي عشناها حتى رافقتني إلى يومنا هذا، وكانت كافية لأن تجعلني أسيرها ومحكوما بها إلى الأبد.
أنهيت دراستي الابتدائية في قريتي المغار عام 1972 والثانوية في قرية الرامة عام 1976.
خلال دراستي الثانوية أصابتني أعراض الشعر الحقيقية وبدأت أتعرف على الثقافات واطلع على شعرها؛ ثم بدأت بنشر قصائدي في المنشورات الوطنية، الصحف الفلسطينية والعربية واختار قراءاتي من الإغريق مرورًا بالمتنبي حتى محمود درويش.
التحقت بقسم اللغة العربية والإدارة العامة في جامعة حيفا حيث بدأت مرحلة جديدة من الحياة حيث مارست النشاط السياسي، الثقافي، الاجتماعي، والنقابي إلى يومنا هذا.
شاركت في أمسيات ومهرجانات ثقافية، شعرية، محلية، عربية وعالمية عديدة..خاصة في مصر والأردن وحزت على شهادات تقدير عديدة وأخيرًا على درع تكريم شعراء ومبدعي فلسطين.
عضو في اتحاد الكتاب العرب وأحد مؤسّسي جمعية إبن رشد للثقافة والفنون.
تناولت نتاجي الأدبي عدة دراسات نقدية داخل البلاد وخارجها.
عملتُ بكد وجهد على تحقيق التطلعات الوطنية لشعبنا من خلال المواقع الوطنية العديدة؛ وأعتبر أن حياتي ليست سوى وميض في خوالد المكان والزمان، ولكنها دائمة الصراخ، دائمة السفر، دائمة التخيّل.
الكتابة، سفر تكويني الخاص، تسوية أخلاقية بين تجربتي الإنسانية وبين هاجس البحث عن سؤال الحرية، الحقيقة والعدالة في جو استثنائي شخصي وذاتي يبدأ من الصرخة الأولى ويمتد نحو التصاعد الغامض المتوتر والقلق الذي لا يتوقف على حال من اجل بناء تجانس كينوني بين الجماعي والفردي، بين الأنا والآخر، بين العشق والمرأة، بين الأرض والوطن.
ولكن يبقى سؤال الكتابة مبحراً في الأزرق كما يبدو، معاناة لا شفاء منها، دهشة مشبعة بالوعي والهوس، تحك المخيلة، تداعب اللاواعي كي تصل إلى اللذة التي لا أحب الوصول إليها في هذا العالم الغائب، الضيق والسحيق.
وهكذا، ولدت من رحم المعاناة حاملاً جواز سفر في عالم الفن والجمال، أحك الفضاء الواسع المسكون بالإبداع والظمأ، أعانق رجالا في الشمس، باحثا عن أوراق الزيتون في هذا الزمن الخريفي، راسما جدارية الحياة والموت حاملا سؤال الحرية والحقيقة في عالم مختل، مدهش وغريب.
كنت ابحث عن الحلم الأول، عن الألم الأول مشعلا الحرائق في كل مكان، محترفا الحزن والانتظار، تائها في سبر غور حالة القدرة على معرفة نفسي وموسيقى الكون.
كنت ابحث عن الوعي الأول المثير، المغامر العنيد والمشتعل بنار العشق، طارحا السؤال الثقيل: سؤال الحياة والموت.
في تلك الحالة الاستثنائية، الإنسانية الشاملة في جوهرها المتألق، المتوتر، الحائر والمأزوم، كنت اسأل لأعود مع اقرب عاصفة كي أخترق جدار الذاكرة، وكلما داهمتني هذه الحالة كنت استعيد توازني في عالم لا يرحم. كنت استرخي في غيبوبة الوجع، هناك، على شاطئ البحر، اتألم زرقته وأتمنى الخلاص حتى تفيض الروح دهشة، تمردا ورؤىً.
هذا الرحيل المستمر، تعبيري عن التجربة الحياتية على حقيقتها؛ يتداخل صراخي في غمار الأحزان، تتشابك الصور المضطربة، يتسع الهامش.. وتمضي غيمة.
وهكذا استمر هذا الحضور اللامتناهي حتى يومنا هذا.
لقد أصبت بخيبات أمل عديدة منذ طفولتي الأولى؛ أخذتني حالات الخوف والقلق في غمرة الدفاع عن دفاعي الذي تجلّى إمامي كلمح الوطن. قاومت بشتى أشكال التعبير الإنساني الظواهر السلبية وعبّرت عن انفعالي بتطويعه الطوعي لذاك الصوت الذي يسكن شقوق السؤال.. ولكن هيهات يشبعني هاجس يسكن الأفق.
سكنت غابات عينيها، سكنت الضلوع، وقلت:
الحب دائماً...
واستمر قلبي يرفع صرخات الاحتجاج وهو ينادي:
القلب لا يتحمل زمنين رديئين. التفت فلم أجد إلا ظلي... وسقطت جميع الأقنعة.أنا ألان وحدي أقاسي عذاب النص، أعانق بشغف ورغبة حرارة المرأة التي ما زالت النيران تشتعل في ثيابها، وتعود كما تعود الدائرة إلى نقطة البيكار، وكأن لسان حالها يهمس:
أيها الفتى: أنت قد رأيت في غربتك مدنا كثيرة، فخبرني: أية مدينة أطيب؟
قلت: تلك التي فيها من اختطفت قلبي!
فدعيه يستدفئ حول بيتك، ونامي.
الأعمال الشعرية:
1. الموجة عودة 1989 دار الأسوار للثقافة الفلسطينية - عكا
2. بين فراشتين 1999 المؤسسة العربية الحديثة - القدس
3. ذاكرة الحواس 2001 المؤسسة العربية الحديثة - القدس
4.طقوس التَّوحد 2004 دار الأسوار - عكا
5.هجرة الأشواق العارية. 2005 دار الأسوار - عكا (تحت الطبع).
الأعمال النثرية:
1. تأملات 1992 النهضة للنشر والتوزيع - حيفا
2. مساء ضيّق 1995 أبو رحمون للنشر - عكا
3. شطحات 1998 منشورات البطوف - حيفا

Muein_shalabeya@yahoo.com
Muein_shalabeya@hotmail.com
البداية

الموجة عودة
ولماذا أسامح يا أصحاب ؟
هل أحد منكم يحمل أمتعة الصبح مكاني
هل من يقرأ في حزني النكبة
ويشارك في موت الليل مقاساة العتمة
ويمزق شريانا في أحشاء زماني
كانت في قلبي تتفتح زهرة
كانت في روحي زنبقة مرة
مر العمر ويا ليته... ما مرّ.
كانت في قلبي تتفتح طفلة
تتململ في رحم الأحزان.. تعاني
كانت في روحي أنثى
ترسم أجنحة الشمس وأعقاب البسمة
لكن سهاما من قوس أحبائي
بعثت في عز الصبح إلى روحي ... فأصابت !
ماذا أفعل يا أصحاب ؟
هل يوجد من يحمل منكم أتعاب الأمة
هل أحد منكم يقرأ أسفار البحر
ويرشف من قاع الكأس بقايا الجمرة ؟
وتقول الطفلة:
ماذا أفعل كي تجعلني حبلى!؟
ماذا أكتب يا أغراب؟
هل يوجد من يفهم فيكم ما قد أكتب؟
قد أكتب عنكم كل خطاياكم
وأعانق فيكم في عز الظهر عذابي
لتكون الثورة
لتكون الثورة
لتكون الثورة..
ماذا أعمل يا عشاق؟
هل أحد منكم يعرف طعم الجرح المالح
في صدر القبلة؟
هل أحد منكم يعرف كيف يكون الحب
على جسر العودة؟
هل أحد منكم يعرف كيف تغيب الروح
على خصر الخيمة؟
هل أحد منكم يعرف كيف يجوع القلب
وتنتحر الشهوة...؟!
ماذا أفعل يا أحباب؟
سراب هذا ... هذا سراب
واصل شهوتك المائية
واصل أحلام الزوجة
فغدا ستعانق تلك الموجة
الموجة عودة
الموجة عودة
الموجة عودة.
البداية

دع الشمس وانصرف
وهج خفيض
يومض خلف مشكاة الضباب
يتهجَّى سؤال الغيب
كما يتهجَّى موت وجوه الأنبياء
وقبل أن يمهلني الرَّديد
حطَّ عليه الرِّحال
وغاب.
مسيَّجا بنفسي
وصلت منعطف الرَّحيل
على ضفاف الرِّيح نزلت
لتأخذنا الى العلويِّ
فلتتوتر شعاب الليل سهما
حين ينهمر الشعاع على الأصيل.
لن نطفئ الوعد الذي
نسجته روحك
مذ سافرت بخطاك ناصية السراب
لن نطفئ الباب الذي
نبشته فيك مصطبة الغياب
كأنما ذرفتك لؤلؤة التَّمنِّي
حين دثَّرك الفناء
فكيف تومئ رغبتك البهيَّة
وفوق البحر رائحة تهبُّ
كلما لاذت بنفسجة عصيَّة
تحت نافذة الخراب.
لم ينبجس وهم لثأرك في الوعود
حين ضاق الأفق وانكمش الفضاء
تركوك خلف مفازة الأحلام تعدو
ليندمل فيك التَّحدي
وينقشط عنك القرار
لكنَّ وهجك ظلَّ منتصبا
يؤرِّث ما تخضِّبه المواجع والرعود.
هل عشقت *************** لتبتليك
وأنت على معبر لا يمسِّد إلا
غموض التُّراب؟!
هل عشقتك ***************
لتحمل هذا العذاب العذاب؟!.
ليل بعيد
والطريق يمطُّ نسغ الوصول
على سياج الروح
يكفتون الشَّوق في صمت
ويمحون الفصول
وأنا حلم يحلِّق في المنافي
وبعث خلَّفته الآلهة
يا أيُّها الوثنيُّ:
وقع الفداء يزيل الطُّغاة
يبيد الغزاة..
يا أيُّها الوثنيُّ:
دع الشَّمس في خدرها
وانصرف !!!.
البداية

رحيل الروح
رأيتك ترسمين الحلم بين النار والغسق
وفوق الليل أقمار
وخلف الروح أحزان
ولون الحزن كالشفق.
رأيتك تحملين البحر في عينيك مغتربا
وألواحا من الإيمان والكفر
سألت البحر هل يدري بحامله
فرد البحر أمواجا من الأرق.
رأيتك تغرقين الحزن في شفتيك صامتة
ألا تتساءلين الآن عن غرقي؟
فقلت: بلى
لماذا النهر لا يجري كما نبغي
ولا نبغي عبور الحب كالورق.
رايتك تحضنين الشوك
والأشواك جارحة
فقلت: كفى
جروح الشوك في القلق.
رأيتك خلف أحزاني وداخلها
فهل تتحملين الحزن في السفر؟
تعبت أنا من الأحزان لا أدري
هل الأحزان يمحوها
رحيل الروح
عند مشارف الغسق؟
تعبت أنا من الأحزان لا أدري
هل الأحزان يمحوها
رحيل الروح للعنق !؟.
البداية

طقس التّوحد
مِن سدَّة العبث المكثَّف
هيَّأت نفسي للصُّعود
يسكنني قمر الضَّياع
يجتاحني طقس التَّوحد
يبزغ من الصَّحراء كتابي
علَّ الحبر يبوح
ببعث أو وداع.
كفراشة يصطادها عابر، نزحتُ
على نقوش كنعان اتَّكأت
وفضت في الرَّحب الخصيب
تلمَّست الفصول الأربعة
كتبت فوق الريح
مأساتي الأخيرة
لكنَّ المغني جفَّ من سيل الحنين
وغاب يلحس ما تقشَّر من شفاه متعَبة.
كان ليلا واضحا
لكي أبني بالمكابدة سقفا ينزُّ
كان المكان ينأى ويدنو
لخيام شرَّدتني
كما يشرط ضوء فاتر
وجه الرُّخام
كان الزمان يعلو ويهبط
لكن ..
على الدنيا الرُّكام.
مِن رحلة التيه
من نار الشُّموس الباقية
رجعت كزهرة النُّعمان
قربانا يئنُّ
لوطنٍ
كلَّما فركته ذاكرتي
فاح بين البحر والصَّحراء.
مِن سيرة الغيب
من عتبات سومر عدت
رافعا وجع الدُّعاء :
يا بحر
يا شوقا يخيط لي الشِّراع
متى أعود الى الجليل
متى أعود ؟.
يا راحلاً في دعسات الموت
يا زبد اللهاث وباحة الجرح العتيق
سلاماً من الباقين .. هيَّا
عليك سلام الغائبين
سلاماً يوم تموت وتطفو
ثمَّ تموت وتطفو
وتُبعثُ حيَّا.
البداية

قبل الماء
غبش على سطح المرايا والدخان
خيول تسحب الأحلام
من غسق البحار الى البحار
غضب الزرقة يمحو لذيذ الأقحوان
والريح تخلع صمتها العاري وتزحف
على رصيف الأقحوان
وأنا خيام من ظلال اللازورد تفترش الغمام
تقرأ ما رسمت من المدن الكئيبة
ثمَّ تمضي في هطولنا السري
تلعن شوقنا الوحشي
في سكة النسيان.
-
هي سطوة الحزن المقيم
وشهوة بحرية علقت على طقس الضياع
هي ومضة العشق المؤجل وحبل أمشاج الوداع
على مرابطها اتكأت وبت في السمح الرطيب
نبضي تصدع قيد أنفاس حميمة
جسدي طامح بسكينة اللقيا
ماء في كل المهابط فجرته الآلهة
لم يبق في رئة المواجع ما ينفس رغبتي بين يديَّ
فالمسافات تنزُّ وتشلح رجعها العاتي
على شفة يتيمة.
-
مِن إسار الدمع في عيني ومن صمتي العصي
تبعثرت ارتباكاً حول منحدر الفنون
ما دلني أحد عليها لأجمع دهشتي مني إليها
لعلي طائر النار الحرون..
تورطت وعياً على ركبة الأمكنة
لأسقف المنفى بأجنحة الضباب
فانثال قبلي الماء ما بين الأنوثة والغياب
كأن الناء بين نارين
والماء يسند حلمه المائي ويجري
في رهام الأزمنة.
-
مطر على حرير خريفنا المحزون
ليس فيَّ سوى تجاعيد التوتر والتأزم
يا تواشيحي الدفينة
صوتي تسمر عند منعطف الرهان
والروح غافية على وجع
تجمد في مفاصلها الحنان
سالت؛ وطال انهماري في خروم ترددي
عن موجة صخرية سقطت
في لجة الموت العتيقة
وقفت؛ والقلب يرفو من تعرقه
قمراً تجلى خلف طيات الركون
قالت:
سأعود من رحلة التيه المسجَّى
فوق أروقة الشتات
سأرجع؛ ما دام لي نجم ترابي
وتحتي ذكريات !
قلت؛ وكان الكلام خطيئتي ومشيئتي:
لا شيء يؤول الأحلام في هذا الزمان
لا شيء يؤول الأحزان في هذا المكان.!؟







  رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مكتبة, الشعراء

« عشقتك انت ..ومن أنت ؟؟ | شمس حبك »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

Posting Rules
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مكتبة عالم الحياة الزوجية مكتبة المنتدى تجد فيها ما كتب لكبار المؤلفين والكتاب نقوش على صفحات الورد مكتبة بنات مصر - قسم الكتب 2 10-28-2011 07:06 PM
مكتبة كاملة لافلام بروسلى بطل الكونغ فودخـــــول التـنيـن Enter The Dragon Bluray مكتبة كاملة لافلا raaaam تحميل افلام اجنبية 2022 - احدث الافلام الاجنبيه 1 05-15-2011 12:40 AM
اكبر مكبتة اناشيد اسلامية واناشيد طيور الجنة مجمعة هنا مكتبة مميزة جدا بروابط مباشرة eiadlight منتدى الجوالات 2022- نوكيا - ايفون - بلاك بيرى - هواوي _سامسونج _اوبو _شاومي 4 09-22-2010 11:23 AM
ديوان الشعراء الجنرال كوكو قسم الخواطر - وهمس القوافى حصرى بقلم الأعضاء 1 08-10-2010 06:56 AM


الساعة الآن 11:43 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 RC 1
منتديات بنات مصر . منتدى كل العرب

a.d - i.s.s.w


elMagic Style.Design By:۩۩ elMagic ۩۩