..{ فع‘ــآآليـآآت المنتــدى }..



آخر 12 مواضيع
أيران وحرب الجرذان
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : Å Ṁ i ŗ â ® Ṁ ä r Ø - مشاركات : 4 -
واجب عزاء لأختنا لميـس في وفاه والدتها
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : مهيب الركن . - مشاركات : 13 -
أمل
الكاتـب : د/ عبد الله - مشاركات : 5 -
حقائق لن يخبرك عنها احد ...يمكنك نشرها
الكاتـب : out off box - آخر مشاركة : أمير عسكر - مشاركات : 3 -
خطيئتي الكبرى .. قلم مهيب
الكاتـب : مهيب الركن . - مشاركات : 8 -
ساحر الأحزان مع أعضاء بنات مصر في رمضان مع مـريم
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : مهيب الركن . - مشاركات : 4 -
تفرق معاه
الكاتـب : شاعر الحب الحزين - آخر مشاركة : ☆ شهـــاب ☆ - مشاركات : 7 -
بنفهم متأخر
الكاتـب : شاعر الحب الحزين - مشاركات : 6 -
ساحر الأحزان مع أعضاء بنات مصر في رمضان مع الملـكله كيلوباترا
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : واد حبيب - مشاركات : 2 -
الـيوم لك وغـدا عليك
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : مهيب الركن . - مشاركات : 5 -
يعز عليا
الكاتـب : شاعر الحب الحزين - مشاركات : 4 -
ساحر الأحزان مع أعضاء بنات مصر في رمضان مع حـياه
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : د/ عبد الله - مشاركات : 2 -

الإهداءات


رواية الرجل المشرقي

قصص - روايات - حكايات ...منقولة


1معجبون

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم منذ /12-11-2018, 03:00 PM   #101

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي 《..مِحْرابُ الْعَهد..》

..مِحْرابُ الْعَهد..
.. أرضُ الموسيقىٰ Land der Musik ..

قبيل بداية عطلة هذا الإسبوع؛ وبمجرد أن أدىٰ صلاة الجمعة.. حزم أمتعته وغير هندامه الخارجي إذ كان يجب عليَّه أن يمر رغماً عنه بمدينة العهد.. متجاه إلىٰ الشمال في القطار السريع المغادر المحطة الرئيسة في منتصف الرابعة بعد الظهر بتوقيت .. أرضِ الثقافة والحضارة Land der Kultur ....

رفيقي ومنذ سنوات خلت كان في نفس التوقيت يغادر مدينة „الإرهاق‟ في العمل لإحسانه ومن ثم الإشادة بقدرته.. مدينة „الإختفاء‟ بين زحام شبكة المواصلات العامة صاحبة أطول مسافات لمترو الأنفاق.. فمنذ سنوات كان يغادر .. مدينة الثقافة والحضارة ..بمفرده.. دون أن يلاحظ أحد غيابه طالما أنه ليس لديه ما يجب أن يقوم به.. يغادر مدينة عمله ليتقابل معها في نفس لحظة زمن وصول قطار مدينة «فيينا» المزدحم وقطار مدينة «جراتس» الهادئة نسبياً ليصلا معاً في نفس الوقت إلى .. مدينة الموسيقىٰ.. مدينة Wolfgang Amadeus Mozart.... فهو وهي لا يريدا إضاعة الوقت..
يكفي زمن الانتظار الطويل؛ يقصد:„ ما بين يوم الإثنين إلى منتصف يوم الجمعة‟.. ثم تقترب عطلة نهاية الإسبوع.. ويكفي وقت انتظار قدوم مترو الأنفاق رقم (1) أو أوتوبيس رقم (13 A) وزمن الرحلة من محطته إلى نهاية الخط.. ثم يكفي الإنتظار لمغادرة محطة القطار الرئيسة.. حين يدخل القطار الذي سيقله متبخترا متأنياً متمرجحاً متنقلا من سكة بقضبان إلى قضبان سكة آخرى.. كي يصل إلى الرصيف الذي هو واقف عليه ليركبه.. ويكفي طول المسافة بين مدينته ومدينة اللقاء..

فكما يقول -دائماً- : كانت تشرق الشمس في محطة القطار المغطاة بسقف من الزجاج بين صفائح من صلب وإن كان اليوم ممتلأ غيوما والسماء معبأة سحبا تنذر بقرب هطول الأمطار.. أو هبوب ريح خفيفة قادمة من فوق الجبال القريبة والمحيطة بمدينة اللقاء ..

يقول رفيقي:" تشرق الشمس وإن كان اليوم ممطرا حين تطأ قدمها على رصيف رقم (6) وهو في المقابل على رصيف رقم (01).. كان يقول لي أنه يراها بقلبه المشتاق الولهان قبل أن تراها عينه الباحثة عن نقاط جمالها ومحطات أنوثتها وأماكن حسنها.. وهذه كلها لا نهاية لها.. فمن مفرق رأسها الذي يعلو قليلاً عن موضع أذنيه إلى موضع المانكير فوق اظافر قدمها والتي تريد دائماً أن تلصقها بساقه أو تضع قدمها فوق قدمه إذا جلسا على طاولة كل في مقابل الآخر.. يبحث عن نقاط جمالها ومحطات أنوثتها وأماكن حسنها في مجموعات متناسقة من لوحات جمال ابدعها خالقها وتصاوير الحسن التي انشأها فيها.. وتناغم أحسن تقويم في أحسن إبداع في أحسن تصوير.. وكما نبهني أكثر من مرة أن لفظة „ أحسن‟ تعني هنا أصدق وأدق..

ويقول لي أنه يسمع وقع خطاها بحذائها المناسب مع لون شنطة يدها وحزام فستانها قبل ان يرى وجهها الصبوح المبتسم له دائما ماعدا يوم الفراق الأسود..

رفيقي يعلو بجسده قبل روحه في سماء زرقاء صافية حين يشم عطرها واسمه
«ELLE»(*)
وكان يقول لي أنه يمتلك الدنيا منذ أن عرفها.. فاسمها كبداية أول حرفين من لقبه..

وغالبا يحمل باقة ورد تتغير ألوان زهورها وفق المناسبة.. فهو من نوع الرجال الذين يحسنون الكلام في كل مناسبة.. بل لِنقُل أنه يخلق مناسبة.. بل يستحدث مناسبة.. بل يبدع مناسبة.. وكل مناسبة -عنده- تحتاج إلى إعمال عقل وتفتح ذهن وتشغيل فكر.. فماذا سيقول في هذه المناسبة أو تلك.. يقول لي أنها كانت ترهقه في اختيار الكلمات وترهقه في رص الحروف في جمل تعبر عن مكنون قلبه وتفصح عن صدق مشاعره..

في مدينة العهد كانا يختلسا من الزمان سويعات في نهاية الإسبوع.. فيرقد قلبه المتعب من وعثاء السفر وإرهاق العمل على صدرها الحنون؛ فتنام يده فوق خصرها حين يراقصها طوال الليل؛ وتهدأ رئته بعد أن لهثت اسبوعا كاملا في عمل دؤوب.. و -هو- يريد دائما أن يكون الرجل رقم واحد في المصلحة التي يعمل بها.. تهدأ رئته حين يشتم عطرها الخاص بها.. فهي تحسن الإختيار واشترط عليها منذ زمن أن جميع ما يلامس جسدها من عطر أو كريم أو ملابس -خاصةً الداخلية منها- ينبغي أن يختاره هو أو على الأقل يباشر معها عملية الإختيار.. وينظر بعين عاشق كيف سيكون فوق جسدها أو يلامس بشرتها.. تهدأ رئته حين تكون أنفه قريبة من كتفها.. وشعرها الذهبي الحريري مسندل على كتفيها.. وقد كان يقول لها هناك.. بين أضواء الشموع التي تحضرها معها في حقيبة سفرها لتضئ غرفة يمكثا فيها ساعات.. فقد كان يحكي بالقرب من قرطها المعلق فوق جانب أذنها الأيسر :"أن جنرال الحرب والسلام".. و "رجل العلم والإيمان" اشترى فيلا رائعة الأثاث جميلة البنيان على تل جبل كي تمكث بمفردها بجواره.. ويزيد -مفتخراً- أن رئيس البعثة الدبلوماسية الرسمية لدولته والمعتمدة من الحكومة النمساوية يعطيه مفتاح الفيلا ليقضي وقتاً ممتعاً هناك في فيلا الرئيس الذي اراد أن يكفر عن خطيئته وقت أن حبسه -دون جريرة يحاكم عليها- زمن دراسته الجامعية في قلعة القاهرة ضمن زمرة من الطلاب الأشقياء لنزوة سياسية قام بها وقت نشاطه في اتحاد الطلاب..

رفيقي يحسن جذب المرأة إلى جوار قلبه -قبل أن يشدها إلى جوار هندامه- لتسمع بدقة دقاته فشعر بما ينبغي أن تحس به.. قبل أن يسير بجوارها في شارع خطوات قد تطول احياناً.. أو يجلس أمامها في مقهى أو مطعم يستغرق فنجان قهوة ساعات من الأرتشاف أو نصف نهار حين يريدا مضغ طعام العشاء..

كان يقول لي أنه يرسم العالم بريشته كما يحلو له ويهوى.. وهي بجواره تمسك له علبة الألوان.. وتنظر إليه بإعجاب.. وكان يقول لي أنه يحسن تلوين الحارات الضيقة في كافة المدن العتيقة التي ينوي أن يزورها أو زارها بالفعل وهي ترافقه.. فيسمع غناء فئران المجاري فرحاً بقدومهما.. وتعلو أصوات الطيور بإنشادها وتغريدها وهي واقفة فوق أعمدة الكهرباء.. استبشارا بقدومهما وتتمحك القطط الجياع بساقه فهو وهي يحولا بعض كسرات الخبز بعد تناول طعام الإفطار.. إلى وجبة إفطار شهية لبقية المخلوقات.. وكان يقول رفيقي أنه اراد ذات مرة أن يسافر بها إلى مدينة على البحر الأدرياتيكي كي يحكي لها مدىٰ شوقه لمدينته العالمية الإسكندرية.. فهي تقع على الضفة الآخرى من امتداد الإدرياتيكي عند فتحته السفلية.. إنه بحق مجنون المدن العتيقة.. ولكنه لم يتمكن من السفر.. ولم يذكر لي السبب.

فهو -رفيقي- يحسن تسمية كل مدينة باسم له علاقة مع آحداهن.. وهنَّ كثيرات كعدد مدن القارات.. إنه ذٰلك الرجل المشرقي الذي يريد أن يثبت للعالم أجمع أن المشرقي الأصيل يحسن كل ما يجب أن يحسنه الرجل؛ لذا كان يكره لفظ «ذكر» في أوراقه الثبوتية.. ويستحسن كثيراً القول في أوراقها الثبوتية أنها «أنثى» ..

رفيقي بحكم تاريخ مدينته العريق يفتخر أن الذي بناها له هو ذٰلك المقدوني الـ «إكسندر الأكبر» وكان يقول لي.. الفارق بين مَن وُلد في الإسكندرية وعاش طفولته وصباه فشبابه فيها وبين مَن فقط سكنها.. أو مهاجراً لها من الأرياف أو جاءها من الصعيد.. هما -الأصيل والدخيل- كفارق بين مَن يعمل طبيباً جراحاً عالمياً وبين مَن هو في نفس المستشفىٰ لكنه المريض العليل اليائس من الحياة والذي سينقل له قلب ميت للتو وتجري له عملية جراحية بعد لحظات لإعادة الحياة إليه.. الأول جاهداً متمرساً يعطي للمريض أمل للحياة دقائق.. والثاني ينتظر تلك الدقائق وقد لا يحصلها..

رفيقي يحسن اختيار الأماكن.. المدن.. المطاعم.. المقاهي.. والنُزل والفنادق كما يحسن اختيار هندامه.. كبدلته التي يحيكها له خياط مكث بجنيف أكثر من عشرين عاماً في كبرى صالونات الأزياء العالمية ثم عاد لمدينة زغرب.. وعلى أطرافها بنىٰ بيتاً للسكن في الدور العلوي وورشة خياطة في السفلي.. وكان خياطا حاذقاً وكما يقولون يده تتلف في حرير..
فكان رفيقي يغادر فيينا مسافراً له لتفصيل ما يريد هو ويرسمه على ورقة صغيرة.. أما قميصه المطرز من جوانب ياقته الواقفة وأيضا على صدره واساور أكمام يديه فغالبا ما يكون في مكة المكرمة أو المدينة المنورة.. وكان يبلل القميص بقطرات من ماء زمزم.. أو دشداشته.

واثناء مؤتمر له في تونس الخضراء العاصمة تعرف على خياط آخر.. فهو كان يريد أن يتفس الهواء العليل الذي يرد الروح والقادم من مدينته.. فكان يمكث اياما معدودات في الحمامات الشمالية..
كذا حذاءه.. تفصيل.. فهو يختار ما يريد أن يرتديه كما يختار مَن تصلح لتسير بجواره في الطريق العام أو تمكث معه أمام منضدة كي يحتسي فنجانا من القهوة.. إنه رجل من طراز قد انقرض أو كاد..

مدن حياته والتي عاش أحلى لحظات حياته فيها.. «الإسكندرية» «سالزبورج» «فينيسيا» «باريس» ..

رفيقي عنده قائمة طويلة من المدن لها ذكريات مؤلمة لذا فهو فقط يحب ويهدأ حين يعود إلى مدينة «فيينا».. مدينة بلا آلام على الأقل عنده.. بلا ذكريات معه.. أو لنقُل كأنه لا يرى فيها نساء أو لا تعجبه تلك النساء أو هذا الخليط غير المتجانس من نساء الأناضول يجاورهن نساء الألبان فنساء يوغوسلافيا السابقة أو نساء المجر أو التشيك.. أو نساء حضرن مِن المسقط إلى الملقط.. وهو لا يؤمن بأنهن في الظلال يتساوون

Nachts sind alle Katzen grau

„ لا تعجبه هذه المقولة ويراها افتراء على القطط وظلم للنساء.. ولا يصح التشبيه! ‟
أو لنخفف معيار الكلام وميزانه فنقل مدينة زحام.. لكنه يتذكر ذٰلك الموقف المؤلم من مديرته إثناء وقت العمل الرسمي.. وهي صاحبة العقل الراجح؛ والتصرف الحكيم والتي تكلمت مع صاحبة العهد قائلة لها:
" أتركيه!!.. إنه رجل مزواج مطلاق.. لا يُحسن أن يرسو علىٰ مرفأ.. فشراع سفينته دائماً مفتوح تشده فتجره رياح دافئة لحسناء جديدة..".

ثم تكمل -هكذا أخبرته بعد حين- معها:
" وهنا مكان عمله لا أريد فضائح نسائية أو نزوات شبابية.. تحمل طابع أوراق الورد الملقى على الطريق..".

لكن تحت وطئة جريان دموعها على خدها اذعنت مديرته لطلبها أن تقابله لثوان معدودات..

قالت لها:
" أمامك دقائق وسوف احضره لكِ في مرفأ السيارات بين البناية هذه والتي يعمل بها والكنيسة العتيقة..".

وهو يتذكر هذه اللحظات الأمومية من مديرته كالحاضنة المشفقة عليه .. وجرته من يده كطفل مدلل نسىٰ لعبته في حديقة الدار خلف البناية ليحضرها بيده هو فلا تريد أن ترتيب اغراضه بنفسها بل تريد أن تعلمه دراساً لعله ينفعه..

لم يعلم لماذا عاملته مديرته هكذا أمام بقية الزملاء.. لكنه سار خلفها منجذبا مطيعاً..

يومها بكت كثيراً أمامه راغبة أن يعود إليها فوعدها في راحة الغذاء سيقابلها في مطعم يتردد عليه الجميع.. وكانت فضيحة آخرىٰ فقد كان المطعم ممتلؤ بالزميلات والزملاء كأننا في إخراج مشهد من فيلم هندي درامي فوق سفوح جبال النمسا..

يومها قبل يدها واعتذر قائلا :"نعم.. سأعود..".

محطة القطارات الرئيسة والتي يمر عليها ذهاباً واياباً.. حين يريد أن يذهب للشقيقة الكبرى للنمسا ألمانيا الإتحادية.. إنها مدينة العهد والتي تذكره بميثاق العهد بينها وبينه..

ففي محراب ملحق بكنيسة الفرنسيسكان..

Die roemisch-katholische Franziskanerkirchein Salzburg



كتبتْ وثيقة عهد بخط يدها ومع كل حرف ترسمه تنزف قطرة دم من قلبها لا تكتب بحبر قلمها وهي تنظر برهبة معباة أمل ويكسوها خوف إلىٰ صاحبة الرداء الأزرق.. كأنها تقول :" أن ما بيننا حب يجب أن يكون للأبد".

ووقع رفيقي بيده اليمنى بإرادته أمام أم الإله في محراب أطلق عليه اسمها وأقر أمامها :" نعم.. حب للأبد.."

ثم وقّع على ظهر يدها اليمنى قُبلة الإعتراف.. وصك العهد حفر في ناظره فتسلل بسكينة إلى قلبه وايضاً قلبها.. وانحنى أمام «المادونا» ليؤكد حب للإبد.. لكن حدث ما لم يكن في الحسبان.. تركها.. فليس عند الإنسان زمن للأبد.. بل زمن تعده أنفاس تدخل هواء وتخرج هواء.

حين يغادر القطار السريع محطة «Sankt Poelten» تبدء دقات قلبه تزداد بشكل مضطرب.. تتبعثر أمام عينيه الذكريات.. إنها امرأة بالفعل من طراز خاص لكنه لم يكن يستطع أن يكمل معها..

نعم تزداد ألامه الدفينة فوق ألام الذكريات وتعتصره ألام العهد الذي غدر به.. وتذبحه حروف وثيقة العهد الذي وقع عليه.. كما تذبحه ألام الغربة التي يعاني منها دون أن يخبر أحد بما يدور بداخله.. وتقتله ألام البعد والنوى عن مدينته.. ويتعلق في الهواء وكأنه يريد أن يرى بأم عينيه مشاهد ألام السيد المسيح كما رأها رفيقي على الشاشة الفضية في صباه.. أو المحطات الأربع عشر المعلقة على كل جدران الكنائس والمعابد..

..تليفونياً وبعد منتصف ليل الجمعة وبعد سفره لحضور مؤتمر يجب أن يشارك فيه.. دق المحمول من المدينة الجارة لمدينة العهد وبين المدينتين أقل من نصف ساعة.. تكلم بصوت خفيض أخبرني:" أنه يتألم!؟.. "

سألته ظناً مني أنه مريض بالرغم أنني كنت معه في صلاة الجمعة.. فأخبرني وكأن صوته يعلوه نبرات مَن يبكي.. قال :" لقد اقتربت أعياد الميلاد.. وقد فارقتها إلى الأبد.. وودت أن اذهب إلى كنيسة الفرنسيسكان.. وأدخل المحراب لأخرج دفتر الزيارات وامحو مداد وثيقة العهد.. ولكنه يستدرك بالقول ما مضى ثبت ووقع..

ثم يتـألم أكثر إذ يقول :" لكن زوجتي –يقصد الحالية- رفضت وكأنها علمت أن هناك ميثاق عهد يجب عليه أن يمزقه.."..

ولكنني لا أستطيع .. لعلي امزق قلبي ولا أمزقه وإن كان الأمر انتهى منذ سنوات...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) هذا العطر ولسبب لا يعرفه .. غير موجود في سوق العطور الأن!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ورقة من رواية الرجل المشرقي

محفوظة في

دفتر إسكندريات..

صاحب الدفتر:

محمد الرمادي من الإسكندرية

11/12/2018







  رد مع اقتباس
قديم منذ /12-18-2018, 10:29 PM   #102

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي 《ذات الجدائل》

ذات الجدائل


أوقدَ -رفيقي- شمعةً فوق حاملٍ أحضره من مكان لم يفصح لي عنه ومنذ سنوات طوال.. وكأن حامل الشموع له عنده ذكرى مؤلمة جداً.. أو مفرحة جداً.. فرفيقي يلمسه بشكل خاص كأنه يخشى عليه من أن الغبار يعتليه.. أو كأنه يخاف عليه من مرور الزمان فيصدأ.. فهو يريد أن يكون الحامل في حالة جيدة كمثل يوم أن اشتراه أو أُهدي له.. يكون كما كان.. حامل رفيقي من النحاس اللامع.. إذ أنه دائماً يعتني به؛ فقد أحضر أفضل أنواع تلميع المعادن.. لينظفه.. ويضعه في ركن من الغرفة يكون ناظره له.. كأنه يريد دائماً أن يراقبه.. وإن جلس أمام مكتبه ليقوم بكتابة تقرير ما ليقدمه في موعده بالمصلحة التي يعمل بها أو بحث له يرسله لجهة بعينها في وقته.. وكأن العناية بحامل الشمعة طقس من طقوسه الكثيرة.. والتي اعتدنا عليها دون معرفة أسبابها؛ لكن اللافت لي هو الشمع الذي يضعه فوق الحامل.. فدائماً نوع معين لم يتغير منذ سنوات.. تحمل الشمعة ثلاثة الوان هي ايضا لم تتغير.. فرفيقي له طقوس أحيانا لا يخبرني عنها!! ولا يفصح عن سببها!!.. ولا لماذا يفعلها!!.. وهي ليست طقوس ذات طابع ديني أو تحمل مغزى تعبدي أو كهنوتي.. ويضحك وهو يحكي لنا أنها عادة ترجع لعدة آلافٍ من السنين: ففي مصر القديمة، كان تاريخ تتويج الفرعون حدثاً جللاً، حيث كانوا يؤمنون بأن هذا الحدث هو وقت تحول الفرعون إلى إله.

ويذكر الإنجيل الاحتفال بعيد ميلاد الفرعون -حيث يعتقد عالم المصريات د/ جيمس هوفمير بأنه أشار لتاريخ التتويج بالفعل أو “ميلاده” كإله- ويعود تاريخه إلى الألفية الثانية قبل الميلاد، ووضع اليونانيون الشموع على الكعكات لسببٍ مختلف، فآرتيميس، ابنة زيوس والأخت التوءم لأبولو، كانت إلهة الصيد والقمر، ولتكريمها كان اليونانيون يخبزون كعكات العسل المستديرة أو تلك التي على شكل القمر لتقديمها وتزيينها بالشموع المضاءة لتماثل توهج القمر المكتمل. وللشموع تفسيرٌ أبعد من الرمزية، فبعض الحضارات القديمة آمنت أن بإمكان الدخان أن يساعد في رفع الدعوات للآلهة.
بالطبع رفيقي لا يؤمن بهذا لكنه يريد أن يوضح لي أنه يفعل ذلك دون ارتباط وثيق بما موجود في بطن التراث القديم ..
ويضحك عاليا ليكمل القول :" بأن أول شعبٍ بشكلٍ شبه مؤكدٍ أنه استخدم الكعك للاحتفال بأعياد ميلاد الأشخاص القدامى العاديين هو الشعب الروماني، فقد خبزوا الكعك بدقيق القمح وزيت الزيتون والعسل والجبن المبشور للاحتفال بأعياد ميلاد الأصدقاء والعائلة.
ويضحك ويقول اطمئن فإني لا ابدل الكعكة بالحامل النحاسي ..
ولأنه دائم الزيارة للشقيقة الكبرى للنمسا فيكمل القول :" إذ تعود كعكة عيد الميلاد الحالية إلى احتفالية الطفل الألماني في أواخر القرن الثامن عشر، فقد تم الاحتفال بالأطفال بكعكاتٍ تحمل الشموع، شمعةٌ لكل عام عاشه الطفل إضافةً لواحدةٍ تمثل أملهم بأن يعيش عاماً آخر، وتتضمن أيضاً إطفاء الشموع وتمني أمنية، وذلك للعودة إلى الوراء إلى أولى العادات الدينية.. وبما أنه يتعامل في مصلحته مع زملاء فبدءٍ من ديسمبر من كل عام توجد شموع توقد قبل أعياد الميلاد وهو الذي عاشر بنات المعابد ونساء الكنائس اللائي يوقدن شموع عند دخولهن كنيسة للصلاة تضئ على أرواح موتاهم.. لكنها شموع توقد عنده ليست في وقت بعينه ولا يقدم له منسك أو طقس يرى الناظر ما يفهم منه حالة تعبدية أو كهنوتية.. ولعل ضوء الشمعة يكمل بخور خاص -يحترق فوق جمرة- أحضره أيضا من مكان بعينة حيث أن العلبة هي هي لم تتغير إلا في زخرفة لها في طبعة جديدة لكن محتواها هو هو كما نشمه منذ المرة الأولى.. فهمت أنها مكملة لديكور الغرفة والذي يعتني بها كثيراً.. ويقول أن جدته لأبيه كان في غرفتها نفس الألوان ونفس الأشياء.. لون الستائر والسجاد والكراسي.. فهو تراه كلاسيكي للغاية في مثل هذه الأشياء.. وهو أيضا في الطعام فلا يتناول وجبة جديدة.. فقد اعتاد على طعام جدته كيفما طبخت ومطبخ أمه كيفما حضرت.. ولكنه غالبا ما يروي قصةً متعلقة بهذا الطقس أو ذاك المنسك وعليَّ أن افهم أو عليَّ أن استوعب أو أدرك ما يقصده..


ورفيقي حين يريد أن يخبرني يتكلم بعد مقدمةٍ طويلة عن موضوع بعينه إما يقلقه فيفكر في حله إثناء العرض أو موضوع يسعده فيتكلم عنه ليؤكد قدرته..

فهو اعتاد أن يبدء بها كمقدمة قصة أو واقعة حدثت له.. ويرتب افكاره حين العرض كما يرتب ما عنده في غرفته التي تعتبر مقدسة لما بها من أشياء مربوطة بذكرياته..


رفيقي يجلب لنفسه أو لنا أطيب أنواع البخور أو لنقل توليفة خاصة يحضرها بنفسه إثناء شراءه ما يريد من عطار ما في مدينة ما -كما يقول دائماً- يضعها في مبخرته الفخار ذات الطابع المتميز وأخبرني أنه أحضرها من جايبور من الهند.. ويمزح معنا -حيث أنه ليس لديه دليل مقبول- فهو يقول امتازت الهند بزهورها ذات العطر والشذى لأن آدم حين هبط من جنته أخذ معه زهور الجنة وغرسها في موضع قدمه الأول بالهند كي يتذكر ايام تواجده في الجنة.. ونكمل الضحك معاً.


رفيقي يحمل بين ثنايا قلبه وبين طيات جوانحه المتناقضات التي لا يعلمها إلا خالقه.. وشهر ديسمبر وفق التقويم الميلادي المعتمد في غالب الدول بالنسبة إليه -عنده من أكبر شهور المتناقضات- تماما كشهر الربيع اعتماداً على التاريخ الهجري يعتبر شهر له طقوس خاصة..


رفيقي بحكم علاقاته المتنوعة مع الكثيرين من الناس سواء من خلال عمله أو ما يقوم به من أنشطة إجتماعية أو ثقافية وتواجده الدائم بين المنتديات.. يعترف فيقول.. :« تعتبر هذه الواقعة نادرة بالنسبة لي.. فمن خلال آحدى المنتديات الخليجية.. » ويكمل القول : « يغلب على ظني أنها تصدر من لندن عاصمة الضباب.. شاركتُ في عدة مداخلات.. فلفت انتباهي أن آحداهن -خليجية- أرادت التواصل معي من خلال بريده الإلكتروني.. مع التحفظ الشديد والتكتم الأشد.. فلم تصرح باسم لها أعلمه ولا وصف ولا نعت.. كل ما هنالك.. أنها تريد أن .تفضفض: معي قليلاً.. »


ثم يضحك كثيراً بشكل هستيري..


رفيقي لا يفهم ولا يعترف بالصداقة البريئة بين ذكر وأنثى.. إذ الحقيقة عنده لا تصلح الصداقة بينهما.. ولا يفهم أو يعترف أن تتم محادثة في أمور عدة سواء في السياسة أو الطبخ مع امرأة.. إلا إثناء تجمع في مؤتمر أو ما أشبه وليس بمفردهما.. والجديد هذه المرة أن التي تريد محادثته من خلال الفضاء الإلكتروني والشبكة العنكبوتية.امرأة خليجية: والمعروف عنهن بحكم التربية والعادات والتقاليد والأعراف المعمول بها هناك في شبة جزيرة محبوسة بين بحار ومعيار ومقياس وجهة نظر خاصة في الحياة ويعلو الجميع أراء أهل الفقه كأنهم مازالوا يعيشون كبدو.. وتسلط افراد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سابقاً..


وهن لا يتحدثن مع غريب.. لدرجة أن الإدارة الأمريكية زمن حرب الخليج كانت توزع على جنودها بيانات تخبرهم فيها أنه لو أعجب بامرأة ما في السوق مثلا فلا يصح أن يتحدث معها حتى وإن كان يريد -فقط- معرفة مكان شراء شيئ ما.. فالفتاة الغربية تختلف مليار درجة عن الخليجية؛ وما قامت به الإدارة الأمريكية زمن حرب الخليج حماية لحسن العلاقات بين الدولة العظمى ودول العالم الثالث أو الدولة المحتلة..


ورفيقي يذكر تلك الواقعة في هيلتون مكة المكرمة وأمام السلم الكهربائي الصاعد إلى المطعم والمقهى أراد أن يقوم بدور الرجل الجنتلمان فافسح الطريق لفتاة خليجية لم ير منها طرف عين أو خط كحل.. فما كان منها إلا أنها تراجعت بإنكسار وخوف وانزوت بانكماش وإنحناء على أحشائها كأنها تريد حماية نفسها ولم ترد برفض أو قبول لعرض رجل غريب أن تتقدمه فوق السلم الكهربائي ووضعت وجهها في الأرض.. فعرف أنه في الخليج وليس في باريس أو لندن أو برلين.. فما كان منه ومنذ وقتها إلا ويعاملهن كما اعتدن أن يعاملهن الذكر الخليجي.. وكان هذا يؤلمه.


هما الأن.. -رفيقي وخليجيته الجديدة فوق سحاب الفضاء الإلكتروني.. لم ير لها صورة ولم يشم لها عطرا ولم ينظر لها جسما أو يعلم لها شكلاً أو يلمس نعومة هندام أو عباءة.. لا يعلم عنها شيئا سوى أرسال رقمي من خلال الحاسوب.. ولكنه تعلق بها.. بذكاء الأنثى -وإن كانت خليجية تقليدية- جعلته يكتب لها باستمرار ما يدور بخاطره عنها.. لم يقل أنه كتب شعراً بل خواطر ذات وزن وقافية وسجع.. وهي كانت جرئية حسب قوله في الحديث معه وفي الأسئلة التي تطرحها وتسألها لتعرف أكثر وأكثر عنه.. وكان عنوانها البريدي يحمل رمز.SChoSchoثم رقم أو أكثر..


وكان يسأل نفسه : « هل هذا اسم دلع لها!!؟. »


أو « مختصر لاسم حقيقي!!؟. »


أو « اختارته هكذا دون ادنى تفكير!!.. »


لكنه -بعد وقت قصير- لاحظ دخول ثانية -خليجية أيضاً- على الخط.. تخبره منبهة له وناصحة أن يبتعد عن الأولى.. وحتى هذه اللحظة هو لا يعلم إلا اسماء وهمية أو اسم يحمل رمز وليس بالحقيقة كما أن العنوان الإلكتروني عنوان يحمل حروف مجهولة أكثر من أن يحمل معنى..


الثانية نبهته أنها تعرف جيدا الأولى وهي فتاة فاسدة وعليه ان يحترس منها.. ثم بدء الكلام بينهما يأخذ منحى ذكر وأنثى.. رجل وامرأة.. وهو بالطبع يحسن هذا جيداً.. والظاهر أن الثانية دون الأولى كانت متعطشة لسماع -أقصد- قراءة حروف رسائله وجمل خواطره وتركيبة الخطاب من بدايته لنهايته..


رفيقي اعتبرها تسلية لكنها مكلفة للوقت وهو لا يحسن الحديث في فضاء أفتراضي.. يحتاج -حين يريد أن يتحدث- يحتاج إلى شئ ملموس أمامه ليتمكن من الحديث..


المهم الأن أن الثانية خلعت الأولى بدون حكم قضائي(!!) ولكن لأنه -كما أخبرني- وجد فيها صدق تعبير وصحة بيان.. أما الأولى فكانت من المتنزهات في الفضاء الإكتروني.. وكأنها عابثة.. وعرف بعد ذلك أنهما يدرسان في الجامعة.. لكن اي جامعة!!. أو في أي مدينة جامعية !!. وهو يريد مَن يرقد عندها قليلا ولو ساعة القيلولة.. أن يراها ويعرفها !!.


بدء الحديث؛ اقصد المراسلة مع الثانية فانتقل من SChoSchoمجهولة الهوية إلى آخرى مثلها تماماً ايضاً مجهولة الهوية.. لكن صدق تعبير حروفها.. جعلته يتمسك بها.. ويداوم على الكتابة لها أو الرد على اسئلتها.. ثم أنه قد بدء في الكتابة بصورة اقرب إلى الشعر عنها من النثر.. وأخذ ينشر ما يحس به تجاهها خيالا على صفحات المنتدى الذي يراه الكثير فيقرأه من يدخل فيه زائراً كان أو عضواً.. وكأن ما يفصح به عن مكنون قلبه افتراضيا فهمه البعض لمن وجهه ولمن يكتب !!.. فأخذت الثانية تنبهه بصورة واضحة من خلال مراسلتها البريدية الإكترونية.. وكأن هناك ملتقى ما آخر يجمع الجميع ويتكلمون عنه فقد صار أو هكذا فهم هو أنه صار مادة للحديث عن ما يكتبه للثانية من خواطر.. فقالت له بوضوح عبارة :« لا تكتب عني هكذا !"..»


فقال لها متسائلاً :« .. عنك أنتِ أكتب !!؟".. »


فقالت:« نعم !"... »


ثم اردفت شارحة:« كل معارفي صاروا ينتظرون ما تكتب عني في صفحة المنتدى عند باب خواطر.. ويقولون هذا التشبيه أو هذه اللفظة منكَ تخبر عني أنا.. »


ثم أكملت أقوالهم :« إن هذا المَصري يتكلم عنكِ.. يحكي عنكِ.. كلامه وإن كان مشفرا غير أنه يفضح حبه لكِ مع أنه لم يراكِ!..»


تحولت المراسلات إلى حالة بث شجون.. اعتراف بشكل خفي عن مكنون قلب ودواخل فؤاد فتاة مقهورة تحت حكم أب أو أخ ..


المتابع للحال هناك أن :" .. أب أسرة -بصفة عامة- يقترب من مرقد الفتاة الفليبينية -الخادمة- أثناء وقت النعاس للكل.. ويطلب منها احضار كوب من الماء من الثلاجة لأنه عطشان.. عطشان قوي.. والإبن يمارس في النهار نفس الدور مع الخادمة الفليبينية.. خرب المجتمع الخليجي.. وما زاد الطين بلة.. الخادمة الهندية والتي هي تعبد البقر.. وهما -الفليبينية والهندية- لا يحسنا اللغة العربية -لغة الطفل الذي ترعاه- ولا تحسن اللغة الإنجليزية.. وفضائح الخادمات المستجلبات من القارة الأسيوية الفقيرة لا تعد ولا تحصى.. وأظن أن المجتمع المصري رُمي بنفس الداء الذي أصيب به المجتمع الخليجي.. بل زاد عليه أكثر أن البائعات للبضائع الصينية غزون السوق المحلي بالتردد على البيوت.. في الشقق يحملن ما تحتاجه ربة البيت..


رفيقي ولأسباب أظنها تعود لتنشئته وفق مبادئ الزعيم الخالد عبدالناصر لا يعطي وزنا للهنود كما لا يعطي وزناً لأبناء القارة الأسيوية.. وينظر بعين من علوٍ لأفراد المجتمع الخليجي.. إذ أن عامل البناء وعامل الكهرباء وعامل الأدوات الصحية والممرضة المتخصصة يرافقهم جميعاً المدرس والمهندس والطبيب هم مَن بنوا اساس الخليج الحالي.. بل نزيد ودولة ليبيا والجزائر..


رفيقي يشعر بداخله بدرجة عالية من الإعتزاز بإنسانيته؛ ومِن ثم برجولته ففحولته.. فيرتقي إلى أعالي قمم المجد لـ تربيته على ايدي رجال قادوا أمم..


نعود إلى خليجياته الثلاث.. إنهن ثلاث خليجيات -وليس فقط اثنتين- لعبن دوراً يكاد يكون ثانويا.. فقط سطَّر بقلمه على صفحات منتدى خواطر تجربة عاشق فاشل.. وإن أعجب ما طرحه من خواطر الكثير من القراء أو المترددين على صفحته.. وقد اعترضت آحداهن ويظهر أنه من بر الشام لوضوح اسمها.. أو لقبها أو كنيتها.. أذكر أنه قال أن اسمها "تمر الشام" أو "عطر الشام".. رفضت أن يكتب هكذا بحوث في مواقع آخرى وهكذا يكتب خواطر على صفحات هذا المنتدى..


لقد أرادت تلك الشامية أن تلغي إنسانيته وتجمد مشاعره وتضعه فقط في خانة الكاتب أو المفكر أو الأستاذ أو المتخصص في مادته.. وهو يريد كــ جيله أن يكون متميزا مرموقا يحسن الكلام ولا يستطيع أحد أن يقترب من بلاغته أو اسلوبه.. أو تخصصه .. سمها ما شئت : عقدة النجاح أو مشكلة نفس عالية أو متعالية!!..


الثانية سماها نوال وصرح بسبب الاسم أنه بحث عن الخليجيات المشهورات فأعجبته قيثارة الخليج : نوال ******************ية:اعجب بها... فهي تملك مساحات عريضة في صوتها من الطرب العربي الأصيل في الغناء كما تمتلك مساحات انثوية آخرى..


قلتُ عن رفيقي أنه ينظر بعين الرجل للأنثى كما أنه ينظر بعين الرجل -ايضاً- لمن يقترب منه مِن ذكور فإما يضعه في مركز الرجل الفحل أو يهبطه إلى مقام المخنث أو شبه رجل.. أو يضعه في غرف الحريم. أما الثالثة فقد بقيت زمن تراسله وحين ألحت في السؤال هل هو متزوج أم لا !!؟.. وحين تهرب من الإجابة .. أهملته.. وكان يتسأل كيف يرتبط بزوجة لم يرى منها إلا حرف إلكتروني!..


لكن .. الذي أعجبه -بصدق- في الخليجية :

« مخرجها للحرف العربي»..
أعجبه « طريقة نطقها للكلمة»..
-أعجبه- « تركيبة جملتها»..
فهذا ما قدر على امتلاكه منها.. وهي -بالطبع- كضوء قمر في منتصف الليل.. تختلف عن آخرى كضوء شمس في رابعة النهار..


« الخليجية»عندها صوتٌ ينبعث من خلف جلبيتها أو ثوبها كـثوب "النغدة" المطرز بالخوص الذهبي أو الفضي فيبهرك لما فيه من النقوش،وهي تبدو بصورة تغطيها عبايتها فقط دون النظر إلى وجهها.. أو معرفة ملامح وجهها.. كما أن ثوب « النشل النجدي» يستهويه كثيراً.. وعباءة « الرفع»الحريرة المشغولة بـ « الشك والكريستال»؛ وتعجبه العباءة الإماراتية، إذ تمتاز بالقصات الفضفاضة التي تحدد معالم الأنوثة في جسم المرأة بشكل مموه، وتكثر فيها الحواشي الملفوفة والقصات غير المنتظمة، وتعتبر العباءة ******************ية الأكثر تميزاً بين العباءات الخليجية، إذ تحمل تفاصيل وملامح تراثية وتقليدية من خلال قصاتها المختلفة ولا تتمسك بطابع محدد، ما يجعلها محط أنظار الخليجيات، التي تفضل الكثيرات منهن اقتناء عدد منها، كما عرف عن العباءة ******************ية أيضاً تأثرها بالأزياء الأخرى كالهاشمية الأردنية والثياب الهندية والإيرانية؛ثم أعجبه كثيراً رداءها الساتر من مفرق رأسها إلى أخمص قدمها وذاك اللون الأسود الغامض المطرز بالذهبي كــ ليل بهيم يتمكن العاشق أن يؤلف قصة تستغرق ألف ليلة وليلة في روايتها وسردها.. ولعل صندوق ملابس جدته العتيق وما يحمل من عطر يملأ خياشيمه ذكّره أو أعاد لذاكرته طيبها.. كما قالت له ذات مرة:« أحضرته من الحجاز».. أعاد لأنفه الرغبة في استنشاق عطر الخليج.


يقف من مجلسه معي ويمشي خطوات قليلة ثم أجده وقف متسمراً أمام المرآة.. كي يضع فوق شعرات معينة إثناء تصفيف شعر رأسه عطرا يحضره بنفسه.. مستنشقاً إياه ثم يلتفت إليَّ قائلاً: « الخليجية عطر نادر».. « طيب فواح».. « مخلوط من مسك وعنبر».. ولكنه ابتعد عن المرآة وقال :« .. وهن وجد فيَّ أنا الرجل الغريب.. معي شعرن بمغامرة غير محمودة العواقب.. طريقة حديثي وكيفية عرضي لفكرة ما بذهني غريبه عنهن.. جعلهن في حلة ارتباك فخوف»..


وهذا غريب عن مجتمع مغلق.. أو الذي فُتح دون تمهيد جيد من أجهزة عدة لاستقبال الجديد الوافد.. كالمهاجر من دول تنتمي لعالم ما وراء البحار غلى دول من العالم الأول.


الرجل الغريب يجعل المرأة ترتبك.. ومَن لم تحسن فهم العبارات أو امرأة تحمل شخصية تابع للأب أو الأخ.. لا تملك إلا الهرب.. هكذا قالت له مديرته في المصلحة التي يعمل بها.. :« أنتَ رجل تربك المرأة التي تقف أمامك إذا كانت لا تعرفك من الوهلة الأولى!!.. ثم تسأل نفسها ماذا يريد مني.. تحيرها تركيبة جملك.. يا زميلي.. لا تقدر المرأة التي أمامكَ إلا الهرب أو الخضوع لما تريد أو ترغب.. والمرأة عموماً لا تريد ذلك بل تريد برغبتها وكامل رغبتها كامل إرادتها تفعل ما تريد بالفعل فعله .. وليس زائدة في سوق النخاسة المستعار عند الرجل أو زائدة في الحرملك.. فحكمُ كونكَ -تكمل مديرته- من أهل الإسكندرية فقد اعتدت على ركوب القوارب ذات الأشرعة أو المراكب ذات المجداف أو السفن ذات المحركات تحت الماء والمرأة العادية والتي لا تحسن السباحة أو لم تحسن ركوب البحر سيصيبها دوار البحر -حتماً- بمجرد أن تبدء بالفعل في سماع كلماتكَ..


مديرته منذ اللحظة الأولى فهمته أنه رجل لذا استعانت به جيداً في الوظيفة والعمل وتركت له حيزا كبيراً بأن يقوم بدور المتحدث اللبق مع زميلات ترى هي بعين الأنثى أنهن يعجبنه فلا ضرر سيأتي منه.. إنها هكذا طريقته وإن كان شرقياً.. وهذا في دول الغرب أما في دول الشرق فهذا ما اطلق عليه: « الأولى لكَ يا علي » (*).. أما في بلاد الإنجليز فمؤخراً اراد الأمير هاري ابن من قتلتها علاقة حب بالشاب الإسكندراني الوسيم الغني .. أراد الأمير حفيد لملكة بريطانيا إليزابث أنه أراد أن يحيّ امرأة محجبة في معرض للطبخ على طريق الإنجليز فترددت وتراجعت وتكعبلت في عباءتها وقام بتقبيل الهواء ثلاث مرات..


والعامةُ من الشعب المصري يتذكر الأزمة الشعبية لشعب له تقاليده وعاداته -وإن كانت تحت الحصيرة- وعُرفه ومنهاجه في الحياة وفي المقابل تقاليد وعادات وأعراف شعوب آخرى.. كما نشر عن رقصة الرئيس فورد الأمريكي مع السيدة الأولى لمِصر.. أو القبلة الدبلوماسية من الرئيس كارتر لنفس السيدة الأولى.. فقبلة بـيجن الإسرائيلي.. فتقاليد الأمريكان وتقاليد الإنجليز وبعموم القول تقاليد الغرب.. او حتى آداب المائدة في الغرب وكيفية وضع المعالق والشوك والسكاكين على يمين أو يسار الجالس لتناول طعامه.. إذا تحدثنا عن الدبلوماسية وكيفية القاءات فهناك بروتوكول معلوم قبل الزيارة ومن لا يعلمه سيقف في موقف حرج ليس فقط له بل أيضا لعموم الشعب


ويجب أن نعترف أن المسلم من اصول عربية أولا ثم زميله من اصول أعجمية اللسان يجد نفسه دائماً في مأزق أو موقف حرج بين ما يوجد في بطون التراث وبين ما هو موجود في الواقع المعاش بعد تبعيته الكاملة للغرب.. وما يحسن القول أنه ليس فقط تقاليد عربية اصيلة بل تصل إلى أحكام شرعية تقترب حيناً من المكروه تنزيهاً وتصل أحيانا إلى المكروه فنقف في حيرة فقهية مع المكروه تحريماً فنحن نتذكر قبلة الدبلوماسية الأمريكية على وجنة حرم رئيس زعيم مِصر.. ولنا أن نراجع بهدوء وضع المرأة في منطقة الخليج بدءً من وجود مقياس البترودولار إلى ليبرالية مملكة تعيش على أعتاب قرن جديد .


اعقد ما لا يمكن تصوره أو فهمه للمواطن العادي العربي يكمن في تصرفات رجال السياسة ومراعاة الدبلوماسية


أكمل خواطر رفيقي التي لم ترى النور بل مجرد أوهام شاب يتقلب بين منطقة وآخرى ولا يمكنه أن يرسو كقارب بدون شراع بين أمواج متلاطمة.. مع أنه أخيراً ومنذ سنوات استطاعت آحداهن أن تضعه في القفص الذهبي فلا يتمكن من الخروج منه إلا بإذن.. وأخيراً أدرك القول المشهور الصحيح « إذا أردت أن تعرف النساء جميعاً فيكفي أن تعرف امرأة واحدة » وإن كان مازال يمارس طريقته في الحديث حتى أمامها مع امرأة تعجبه أن تفتح له فقط مجرد شراعة واحدة من نافذة الحديث ..


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ[


ورقة من رواية الرجل المشرقي


محفوظة في :


دفتر إسكندريات..


صاحب الدفتر:


محمد الرمادي


18 ديسمبر 2018م


(*) تخريج حديث:" الأولى لك يا علي".فـ.عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَلِعَلِيٍّ:» يَا عَلِيُّ لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ »


[رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَأَبُو دَاوُدَ ، وَالدَّارِمِيُّ وقال صاحب المستدرك على الصحيحين "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ.]







  رد مع اقتباس
قديم منذ /08-23-2019, 06:45 AM   #103

عضو جديد

 

 رقم العضوية : 104959
 تاريخ التسجيل : Aug 2019
 الجنس : ~ بنوتة
 المكان : مصر
 المشاركات : 196
 الحكمة المفضلة : تبسمك فيه وجه اخيك صدقه
 النقاط : اميره الاميره has a reputation beyond reputeاميره الاميره has a reputation beyond reputeاميره الاميره has a reputation beyond reputeاميره الاميره has a reputation beyond reputeاميره الاميره has a reputation beyond reputeاميره الاميره has a reputation beyond reputeاميره الاميره has a reputation beyond reputeاميره الاميره has a reputation beyond reputeاميره الاميره has a reputation beyond reputeاميره الاميره has a reputation beyond reputeاميره الاميره has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 6187
 قوة التقييم : 0

اميره الاميره غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

MY MmS

أوسمة العضو
افتراضي

روٌأّيِّةّ حًلَوٌ أّوٌيِّ بًجّـدٍ تٌـسِـلَمً أّيِّدٍکْ







  رد مع اقتباس
قديم منذ /07-20-2022, 01:42 PM   #104

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي

(٢ ) منشأُ إنسان

«... الرجلُ تزوج امرأةً فرنسية.. وعمّها قسيس أثّرَ فيه بعمق ... »
.. نظرية وضعها د. محمد عمارة -الكاتب الإسلامي المتزن- حين أراد تحليل شخصية عميد الأدب العربي؛ والتحدث عن تأثره بفكرة الشك في كتاباته؛ الرجل صاحب مقولة „ التعليم كالماء والهواء.. حق لكل مواطن ” .. الحديث عن الدكتور طه حُسين.. ولعل هناك تقارب ما بين شخصية العميد وجانب من شخصية „ رفيقي ”..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
„ قبيل ميلاد „ رفيقي ”!
.. منذُ اللحظة الأولىٰ في الحياةِ الزوجيّة لــ أمهِ.. حين أنتقلت إلىٰ بيت أبيه.. أرادت أن تتميز عن بقية اقرانها وتختلف عن عامة أترابها.. وهذا سوف يظهر في مسيرتها التربوية/التعليمية والتثقيفية وعملية بناء النفسية والعقلية وفي كيفية تنشأة مَن سيصبح أبنها الوحيد طوال حياتها.. إذ لم تنجب غيره..
وهي قد تحصلت تعليماً متوسطاً في مقتبل عمرها.. وإن تربت في بيئة محافظة تقليدية لا تخرج عن ما هو متعارف عليه عند الطبقة المتوسطة -وقتذاك- ومعمول به في الأوساط المِصرية -آنذاك- مِن أعْراف سائدة.. وتقاليد متجذرة.. وعادات متوارثة.. جميعها متحكمة في المظهر الخارجي لــ الأمة المِصرية.. والتي تتمسك بها في مجتمع برمته وجميع فئاته يرغب في التغيير ويسعىٰ إلىٰ التحسين.. مع مفارقة غريبة وحالة عجيبة إذ تلاحظ أن الناس خاصةً في العاصمة -القاهرة- والمدن الكبرىٰ -الإسكندرية مثالاً- تجدهم يقبلون الأمرَ ونقيضه؛ ويتفهمون الشئ وعكسه؛ ومع أنه مجتمع بجناحيه الإسلامي والمسيحي تعلوه قشرةَ تدين لامعه فتجدها حاضرة في مناسبة السنة الهجرية؛ واحتفالات السنة الميلادية؛ وعيدي الفطر -الصغير- و-الكبير- الأضحىٰ؛ وعيد الميلاد المجيد.. وعيد الفصح والزعف؛ وموسم الربيع: المولد النبوي؛ ومواسم شم النسيم ورجب وشعبان علىٰ مدار العام.. بيد أنك تجد بجوار المصلىٰ خمارة لخواجة يوناني؛ وترىٰ مقابل الكنيسة بار طَلياني؛ وتلمح خلف المعبد بيت دعارة.. والكازينوهات الليلية تأخذ تصريحا رسميا ببيع الخمور ومزاولة المهنة.. فتذهب بائعة الهوىٰ المِصرية أو الأجنبية -الساقطة مِن نظر الجميع في قاعه- للفحص بشكل دوري للطبيب للكشف عليها وإعطائها شهادة صلاحية مزاولة وأنها خالية مِن الأمراض المعدية؛ وكأن الجميع أتفق تضامناً بأن مَن يريد الذهاب إلىٰ معبده أو مسجده أو مصلاه فليذهب.. وأما الآخر فيذهب حيث شاء.. مع وجود طبقة عريضة مِن المنتفعين مِن هذا الفساد أو من ادعياء الإصلاح والصلاح.. وهم ليسوا مِن الساسة أو الطبقة الحاكمة أو القصر بل هم يسيرون مع الرائجة وتجدهم خلف الرابحة.. مع وجود بشكل طافح فساد يزكم الأنوف في الحكم وتشم رائحة كثرة نزوات لملك البلاد وحاكم العباد.. والفسادان -فساد المنتفع وفساد الحاكم- مختلفان.. مع تفشي الخزعبلات والترهات والتخريفات والبدع ورواج عند العامة للمجاذيب وطلب الدعاء منهم.. فتطفو علىٰ السطح نزعة صوفية.. إنعزالية.. إذ أنه إذا ظهر في أرض وعمَّ الفساد بين العباد فتنسحب مِن المشهد العام جماعةٌ مِن القوم يرغبون في السلامة فيهتمون بدواخل أمورهم وخاصية نفوسهم وتربية النشأ داخل البيت دون مرعاة تأثير عناصر المجتمع وتأثره علىٰ الكل الصالح قبل الطالح.. ولقد أبدع صاحب الثلاثية والحاصل علىٰ نوبل للأدب في تشريح أعماق المجتمع المِصري في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي.. وكذلك غيره من الأدباء والكتاب والمفكرين الذين غاصوا في أعماق الحارة/الريف المِصري فخرجت لنا روايات تراها علىٰ الشاشة الفضية تفضح المستور وتكشف المحجوب!
.. أمُ „ رفيقي ” تحصلت قسطاً جيداً مِن التعليم.. فــ رغب ناظر مدرستها -سابقاً- أن يعينها عنده معلمة.. فاعترضت العائلة بحجةِ أنهم مِن أسرة ميسورة الحال وفي غنىٰ عن راتبها الشهري.. وسرعان ما سوف تتجوز وتذهب إلىٰ بيت اَلْعَدَل[(1)] ..
وكان يقول أخوها الكبير لمن يريد أن يسمع.. وكأن الكلام لكِ يا جارة : „ البنت -مِن دول- مصيرها تتجوز وتقعد في بيت رجلها.. وتخدمه هو وحماتها.. وبعدين يجي الحَبَل.. والولادة.. والرضاعة.. وتربية العيال.. ولما يكبروا تجوزهم.. وبعدين لما تفضىٰ تروح تعمل حجتها وتشفعها بعمرة مِن مسجد عِيشه.. مرات النبي.. وتزور قبر سيدنا النبي -عليه الصلاه- ” ..
.. وكان يتردد علىٰ مسامع „ رفيقي “ في صغره.. حين كان يرافق جدته لأبيه في درس ما بعد العصر.. فيسمع مِن الشيخ أحمد.. إمام وخطيب مسجد „ الراوي ” ؛ وايضاً في خطبة مسجلة لــ فارس المنابر: „ أن المرأةَ لها ثلاثة خروجات في حياتها الدنيا.. مخرجها مِن رحم أمها.. ساعة ولادتها.. وهذا الأول.. ومخرجها مِن بيت أبيها لبيت زوجها لمَا تتجوز.. وخروجها الأخير إلىٰ قبرها لتدفن فيه ”..
ثم يردف الأخ الكبير -ضاحكاً- سي محمد قوله هذا :" أو تفضل قاعدها في ارابيزنا وتصبح عانس.. ".
.. طفولة أُمِ „ رفيقي “ وسنوات صباها عايشت الساعات الأخيرة قبل القضاء علىٰ حكم المَلكية المِصرية.. فتصبح مِصر جمهورية.. ولم تحدثه البتة عن زمن الملكية والباشوية أو البَكاوات.. ولكنه يتذكر أنها أخبرته -ذات مرة- أن أحد أعمامها أصبح أو كاد يصبح من زمرة الباشوات!
.. كما واكبت -أمه- التغيرات الجذرية في البنية الإجتماعية لــ طبقات الشعب المِصري أولاً ثم تلتها بقية شعوب المنطقة العربية ومِن بعدهما شعوب إسلامية!
ولعل اسماء مثل: مرقص فهمي المحامي وكتابه:" المرأة في الشرق " وما كتبه قاسم أمين : "تحرير المرأة" و "المرأة الجديدة".. ودور السيدة هدىٰ شعراوي.. وصفية زغلول ونبوية موسىٰ.. والحركة النسوية في مهدها وقد قَدِمت إلى مِصر.. وقد قرأت شيئا ما عنهم.. أو تعرفت علىٰ افكارهم.. ولكن هذا لم يكن أبدا موضوعاً للمناقشة مع „ رفيقي ”.. ولعلها تابعت محاولات رفع شأن مِصر.. إذ يقول وزير المعارف -آنذاك- الدكتور طه حُسين: „ أننا قطعة مِن أورُبا ”!.. إذ أنه في كتابه: " مستقبل الثقافة في مِصر، يرسم خطة متكاملة للتعليم في مِصر [(2)] ".
..لعل هذا المناخ العام والخلفية الثقافية والبيئة الجديدة الحاضنة لأفكار جديدة غريبة مستوردة من خارج المنظومة الثقافية والفكرية لمجتمع محافظ تعلوه مسحة دينية اقرب ما تكون في ذلك الزمن إلىٰ الكهنوتية وتفشي الطابع الصوفي الدراويشي مع وجود حوارات ومعارضات من الكُتاب والمثقفين.. قد تكون آثرت في نفسية نساء الطبقة المِتوسطة وعُليّة القوم في باكر الحركة النسوية في مِصر؛ ثم سهل تنقلها إلىٰ بقية الأقطار..
.. وكما يروي لي „ رفيقي “.. سعتْ أمه أن تكون متميزة وليست فقط واحدة في صف الحريم.. وكأن لها نظرة مستقبلية تجمع بين عبق الشرق الأصيل بما يحمل من تراث غني بالمعارف وبين تقدم العلم في الغرب في كافة مجالاته!
.. لم يروِ لي كثيراً „ رفيقي “ عن أسرة أمه.. فقط كلمات قليلة عن خالته أمينة[(3)].. وزوج خاله إبراهيم.. ولعل قضية الميراث التي وصلت إلى أبواب المحاكم أوصدت الباب معهم.. إلا قليلاً.. وأما عائلة أبيه فكانت زوج عمه محمد هي المقربة لقلبه بابنائها وهو أكبرهم سناً.. ويكثر من زيارتها.. أما بقية زوجات الأعمام كان الأبناء كبار عن سنه فكانت تتم زيارات عائلية روتينية في المواسم والأعياد ومناسبات الزواج..
.. نشأ „ رفيقي “ في أسرة ميسورة الحال.. كانت جدته لأبيه تلاعبه وتكرمه وتعلمه.. وأبوه يصرف عليه ويحضر له ألعاباً.. وأمه تدلِلَه وتغذيه..

* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ
[ ( 1 ) ] تمنيات تسمىٰ وفق التراث "شعبية" أطلقتها عواجيز القرن الماضي لمن تنتظر عريساً؛ ويغلب علىٰ ظني أنها لا تستخدم اليوم!.. وانقرضت من علىٰ ألسنة الكثير.
[ ( 2 ) ] „ مشروع طه حُسين الثقافي والتربوي ”.. أعده عشية توقيع اتفاقية الاستقلال سنة 1936م، وقد أثارت فصوله الأولىٰ لغطاً بدعوتها إلىٰ اتباع الغرب، فكراً وفعلاً، لأن مِصرَ -بحسب العميد- جزءٌ مِن أوروبا في الواقع. بيد أن :"التركيز -فقط- علىٰ دعوته لتغريب مِصر، وتجاهل كل ما قاله عن كونية القيم، ودفاعه عن استقلال مِصر، الفكري والعملي، عن الغرب". يفقد مصداقية القراءة أو النقد [راجع: عدي الزعبي: قاص وصحفي سوري، حاصل علىٰ دكتوراه في فلسفة اللغة من جامعة ويست أنجيليا في لندن. ]!
[ ( 3) ] يظهر بوضوح أن اسماء خالاته وأعمامه وأخواله وعمته مِن الاسماء الإسلامية التقليدية !
[ ١ ] الجزء الأول من رواية «...الْرَجُلُ الْمَشْرَقِيُّ ... »
الورقة الثانية من كراسة إسكندريات
[1 . 2. ] منشأُ إنسان







  رد مع اقتباس
قديم منذ /07-20-2022, 01:44 PM   #105

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي

[ 3 ] الخطوبة

في مجتمعٍ يَسودُه العُرف الذي أخترعه الناس دون سندٍ يذكر؛ فتعارفوا حوله.. وتمسكوا به فتتسيد أعراف المجتمع علىٰ أفراده؛ وإن كانت بالية.. ويحكمه التقليد.. الذي نشأ في اذهان الجدود منذ عقود.. فيصبح قيداً ملزماً في الأعناق.. لا ينفك عنه أحد.. ومَن يرد تغييره يهاجم مِن الآخرين.. فتتحكم في جميع مفاصل هذا المجتمع التقاليد؛ وتعلوه العادة الموروثة مِن الأجداد فتتمسك بها الأحفاد عبر سنوات ويتناقلونها مِن خلال أعوام وكر أيام.. فتصبح العادات والتقاليد والاعراف محكمة في ظل العرش المَلكي المِصري.. الراغب في بقاء كل شئ علىٰ ما هو عليه.. وهذا ديدن كل فاسد ومتسلط وظالم.. دون أن يسأل أحد عن صواب العُرف أو حسن التقليد أو موافقة العادة لشعب عريق.. فيطلق عليه « سِلْوُ [(*)]» بلادنا.. إذ قد تراجعت المؤسستان الدينيَّتان -وإن تعانق الهلال مع الصليب؛ ولكن في وقت الأزمات-.. تراجعا عن دورهما في تحسين شأن البلاد وإصلاح العباد نتيجة حالة ضعف شديد أصابهما فانفصلت تعاليم الأديان عن الحياة المعاشة للــ إنسان.. فانعكس علىٰ الأتباع والمريدين فاصاب الأُولِيتان بحالةٍ مِن الجمود الفكري المقيت مع تمسك بقشور باهتة لـ دين.. وإنتكاسة في فهم صحيح الدين بشتىٰ الأمور.. فتقبل هذا الوضع المزري رجال دينيهما فأصاب الآخريان حالة من الكسل والتهاون في التطبيق.. فسار جُل الشعب خلفهما.. فقدم في خمارة والآخرىٰ بالقرب من بيت دعارة.. إلا قليلاً.. ثم وحدثت إفاقة(!) فنشأت حركات دينية لم يكتمل وعيها الديني أو نضجها السياسي.. كما وجرت مساجلات فكرية ومعارك كلامية في العديد مِن الساحات مِن افراد مِن الأتباع مِن مَن طل إطلالة علىٰ الغرب.. الذي فصل الدين عن الحياة؛ ففصل تعاليم الدين وإرشاداته عن الدولة والحكم والعرش.. خاصةً مَن طلَّ علىٰ فرنسا كــ السيدة „ نُور الهُدىٰ الشعراوي “ في مجال حقوق المرأة وإنسانيتها أو الدكتور „ طه حسين “ في مجال الفكر وتحرره والتعليم ومبادئه والثقافة واصولها.. وايضاً مِن مَن يشبههما في الفكر أو الرأي.. أو اقترب مِن مشربيهما وفكرهما..
.. وهما -الشعراوي وحسين سافرا ومكثا زمناً كافياً وتعلما اللغة الفرنسية وأتقاناها ؛ الأولىٰ في بيت أبيها الباشا „ محمد سطان “ الكائن في محافظة المنيا بــ „ صعيد “ مِصر لأسرة مِن الطبقة العليا.. والثاني المولود في قرية الكيلو قريبة مِن مغاغة إحدىٰ مدن محافظة المنيا في „ الصعيد الأوسط “ المِصري" - فحدث مِن خلال القراءة بالفرنسية والتحدث بها مع أهلها من ذوي الفكر المستنير التأثير الوجداني والشعوري؛ والتفاعل الفكري والثقافي بل وكيفية النظر إلىٰ الأمور كوجهة نظر في الحياة وكيفية معالجة القضايا وإيجاد حلول ناجعة للمسائل..
.. في تلك اللحظة مِن سرد „ رفيقي “ لأحداث ما قبل ميلاده.. لاحظتُ أنه رفع حاجبيه.. كأنه مستغرباً.. وحدق في السماء تكاد تكون لا سقف لها.. وضاقت عليه غرفة الجلوس بما كثر من افكار وشخوص.. وكأنه يتعارك مع أحداث زمان والتي لم يعشها ورجال ونساء لم يعرفهم إلا على صفحات الكتب أو قصاصات الجرائد.. أفكار يرغب في مراجعتها بدقة.. ثم يقول بصوت لم اسمعه جيداً كأنه يتسائل مع نفسه قبل محدثه : " مِن جنوب مِصر حدث تغيير جذري في المنطقة العربية وإن لم تكن الإسلامية بأكملها وما زال قائماً نتيجة أطروحات السيدة نور الهدىٰ وحضرة الدكتور!!؟.. بل حدث تصادم دموي بين دعاة المدنية الحديثة والدولة الوطنية/المدنية وفق وجهة نظر الغرب وبين دعاة السلفية التقليدية والطرق الصوفية والجماعات الرجعية والتي جميعها لم تصقل بصحيح الدين ومتين العلم ونحن نعيش بداية القرن العشرين.. إذ بقيَّ الدين أطروحة لم تنتهي بعد.. بين الفهم الصحيح ومحاولة تجديد الخطاب الديني ومقولات الإمام محمد عبده وتلاميذه.. وبين مَن يشد الجميع إلىٰ قوالب متحجرة صنعت في أزمان سالفة.. يراد صياغتها وفق عصر جديد حديث علمي!
.. في هذا المناخ العام.. ووفقاً للتقليد المتبع.. والعرف السائد والعادة المنتشرة بين العائلات.. ذهبتْ „ أمُ عبده “.. الست „ عديلة “ الأخت غير الشقيقة لأبي „ رفيقي “ ترافقها الحاجة „ السيدة “„ أم أحمد “ لخطبة عروس مِن عائلة سِي „ السيد “.. أصغر البنات وآخر العنقود.. والتي تمت لهما مِن بعيد بصلةِ قرابة.. لأبنها „ الوسطاني “.. ومعهما „ زيارة “.. أي هدية تناسب مقامهما ومقام مَن ذهبنا إليهم..
.. ولأن الست „ عديلة “ معروفة عند العائلة خاصةً وهي صديقة أخت العروس الكبرىٰ الست „ أم حسن “„ أمينة “ تمت الحفاوة بالوفد الزائر مع معرفة مسبقة بسبب الزيارة ودواعيها.. إذ أن عديلة وأمينة يتقاربا في السن وتجمعهما صداقة منذ الطفولة لقرب بيت الحاجة „ السيدة “„ أم أحمد“ أم العريس مِن بيت الحاجة „ السيدة“„ أم محمد “ أم العروسة فلا يفرق بين البيتين سوىٰ شارع راغب باشا.. ولعلهما تزوجا في نفس الوقت..
.. تم الترحيب بالضيفتين.. مع تقديم واجب الضيافة من أكواب الشاي وحلويات من صنع يد عروس المستقبل.. إذا تم توفيق رأسين في الحلال..
.. بيد أن الأخ الأصغر للعروس „ يُوسِف “ ابدىٰ عدم موافقته منذ البداية لمثل هذه الزيجة في الوقت الذي ما زالتا -الأخت والأم- تتحدثان عن مميزات أبنهما -العريس- ومحاسن زوج المستقبل.. وأنه راجل كسيب. ومعاه القرش.. وعلىٰ رأي المثل وكما يقولون „ الراجل ما يعيبهوش إلا جيبه “..وايضاً قامت „ أم حسن “ بتوضيح قدرات أختها العروس في الطبخ والغَرف والعَجْن والخَبْز.. وترتيب البيت وتنظيفه وأنها مدبرة مِن الدرجة الأولىٰ وشاطرة وشملولة ومطيعة.. ولا تقول تلث التلاته[(**)] كام!
.. وهي تلك المواصفات المرغوبة في العروس..
.. الظاهر أن الأخ الصغير لعائلة سي „ السيد “ كانت له كلمة مسموعة وسط إخوته الكبار.. فالأخ الكبير „ أبو إحسان “.. ومِن بعدها -إذ هي البكرية- أطلق عليه „ أبو السيد “ وهو الأسطىٰ „ محمد “.. وهو معلم كبير في ورشة لصناعة الأحذية لصاحبها الخواجه الطلياني.. لم يكن „ محمد “ يتمكن مِن مجاراة أخيه الصغير في الحديث أو المناقشة وكان الأخ الوسطاني „ إبراهيم “ „ أبو جابر “ لا يبدي رأياً ولا يعارض قولاً..
.. أبدىٰ „ يُوسِف “ أعتراضه لأسباب مقنعة عنده لم يُبدها.. ولم يقل أسبابه.. وكأنه اراد أن تقوم أخته الصغرىٰ بخدمة أمه المريضة.. وجرىٰ نقاش حاد بعد إنتهاء الزيارة بين أبناء العائلة -الرجالة-.. وبما أن الأب قد أنتقل إلىٰ جوار ربه.. فبدأت الأم في التنبيه بأن البنت كبرت.. واردفت أنه.. أي „ يُوسِف “ اعترض علىٰ الكثير مِن الخطاب وسوف يفوتها -أخته- قطار الزواج وتدخل في زمرة العوانس.. وأيدت قول الأم أخت العروس الست „ أمينة “.. فقبل أخوها علىٰ مضضٍ وانتهىٰ النقاش.. فقد كانت الأم „ السيدة “ „ أم محمد “ أصيبت بجلطة دماغية أفقدتها الحركة الطبيعية والحديث بكلمات مفهومة..
بعد عدة سنوات من مولد رفيقي وفي جلسة خاصة أخبرته أمه بهذه الحادثة!
.. يكمل „ رفيقي “ الحديث.. وهو يحاول استرجاع شريط أحداث مرت عليه أعوام ومضىٰ منذ أزمان.. فبعد برهة مِن الوقت.. قال لي:" وكان أبي يأتي مع أمه واخته لزيارة العروس فقط في المواسم.. كموسم رجب أو شعبان أو موسم العيد ".. ومِن المتعارف عليه أن زيارة المواسم للعروس أن يحضر لها الخاطب ما يصلح أن يكون مِن مستلزمات البيت.. مستقبلاً.. وكان في شارع راغب باشا محل للأطقم الصينية اسمه : „ أحمد براهيم[(**)] “ كأطقم القهوة والشاي وصحون الطعام بكافة أنواعها سواء أطباق لغَرف الشوربة أو الوجبة الأساسية من لحوم أو أسماك.. ثم أطباق صغيرة للحلويات وكذا أطقم السفرة مِن معالق وسكاكين وشوك.. وكل ما يحتاجه المطبخ وبقية الغُرف مِن نجف وما يشتريه الخاطب أو تجهزه العروس لبيت عُرْسِها..
.. تمت زيارات موسمية مع هدايا متعلقة بالشوار وتجهيزات بيت الزوجية..
ويغلب علىٰ ظن „ رفيقي “ أن فترة الخطوبة لم تتجاوز سنة!
.. وتمت الدخلة بسلام فقد تم حفل الزفاف للأخ الأكبر الشقيق „ محمد “ وأبي „ رفيقي “ وسكنا كل منهما في شقة واحدة لكل منهما غرفتان!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) *
[ ١ ] الجزء الأول
رواية«... الْرَجُلُ الْمَشْرَقِيُّ... »
الْوَرَقَةُ الْثَالِثَةُ مَنْ كُرَاسةِ إِسْكَنْدَرِيَّاتٍ
[ ١ . ٣ . ] الخطوبة وفق العرف والعادة والتقليد!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
‏الإثنين‏، 14‏ ذو القعدة‏، 1443هــ ~ 13‏ يونيو‏، 2022م ~ ‏13‏/06‏/2022‏ 0539 م

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
[(*)] أما عن “سلو” فى اللغة العربية: فـ سلو: المصدر سلا.. عن يَسلُو، اسْلُ، سَلْوًا وسُلُوًّا وسُلْوانًا، فهو سالٍ، والمفعول مَسْلُوّ.. فــ سلا سلوًا وسلوانًا: نسيَّه وطابت نفسه بعد فراقه [المعجم الوجيز].
السُلُوًّ : الهِجْرَانُ، النِسْيَانُ ، السُلْوَانُ [المعجم الرائد]
السُّلْوَانُ: ماءٌ كانوا يزعمون أَن العاشق إِذا شربه سَلا عن حبه؛ فــ
السُّلْوَانةُ: إذاً خَرزةٌ كانوا يزعمون أَنه إِذا صُبَّ عليها ماءُ المطر فشربه العاشقُ سَلا.
السُّلاَّءُ : شوكُ النخلة واحدتُهُ سُلاَّءةٌ؛ و
سَلْوى النَّحْلِ : العَسَلُ،
المَسْلاَةُ: ملهاةٌ، عملٌ مسرحيّ ترفيهيّ يتكوَّن من مشاهد تمثيليَّة وأغنيات ورقصات وغيرها.
سَقَيْتَنِي سُلْوانًا [سُلْوَةً:] طَيَّبْبتَ نفْسي.
سَلْوة من العيش: رغدٌ منه يُسلِّي عن الهمّ.
سَلاَهُ أَوْ عَنْهُ: طَابَتْ نَفْسُهُ بَعْدَ فِرَاقِهِ وَغَابَ عَنْهُ ذِكْرُهُ.
سَلاَّهُ عَنْ هُمُومِهِ: جَعَلَهُ يَنْسَاهَا.
وأكاد أميل أن اصل الكلمة عند الكثيرين ممن يستخدموها آتىٰ من تطيِّبب النفس وراحتها.. وهذا يعني أن المعنى المُدرج لدينا بأن السلو هو العُرف!..
لكن المؤلم.. ومازال يستخدمه البعض كلمة :" حق رقبتها ".. بدلا من استخدام عطية .. هدية للزوجة..
والقاعدة الأولى من سلو بلدنا هي أننا يجب أن نسير على سلو بلدنا ولا نخالفه. و«السلو» عمومًا مُجرد إرث سخيف ورثناه من أسلافنا وأجدادنا، وطبقناه بحذافيره، دون تفكير، مرددين جملة «هذا ما وجدنا عليه آبائنا وأجدادنا».. فأنت تسمع حكايات مضحكة أحيانًا، ومحزنة أحيانا أخرىٰ، عن عُرف المدن والقرىٰ المختلفة عند الزواج، وعن دفاعهم المستميت عن عُرفهم هذا، رغم غياب منطقيته أو عقلانيته.. «هو دا سلو بلدهم».. ما أرجوه منكم جميعا، أن تُعمِلوا عقولكم في بعض المفاهيم المتعلقة بالعُرف.. والتقاليد والعادات.. .
[(**)] أحياناً يغلب علىٰ رفيقي لهجته التي تربىٰ عليها سنوات طوال مع اقرانه فتَخرج مِن بين شفتيه المسميات كما ينطقها أهل الإسكندرية .







  رد مع اقتباس
قديم منذ /07-20-2022, 01:47 PM   #106

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي

„ دار إسماعيل ”
[ 4 ] „ مستشفىٰ البلدية لرعاية الأمومة والطفولة . „

رفيقي ” مغرمٌ بمِصرِهِ.. شعباً وأرضاً وهواءاً وبحراً ونهراً.. وتاريخاً وثقافةً.. مغرمٌ بمِصرِه غرام العاشق الولهان.. ثم هو متيمٌ بإسكندارِيَّتِه.. فهو يحبُ كل حبة رملٍ تستجم علىٰ شواطئها تحت أشعة ذهبية لشمس النهار وتغني عرائس البحر حين العزف علىٰ خيوط القمر الفضية وقت المساء..
.. وهو يحب كل قطرة ماءٍ عذب مِن ترعة المحمودية ترويه..
.. وكل قطرة ماء بحر لسقم جلده تشفيه..
.. وكل نسمة يستنشقها فجراً أو عصراً وعند لحظات السكينة حين يسدل الليل الستور وتغفو الطيور وتنعس الزهور..
.. وهو يعشق لهجتها ولكنتها..
.. وهو يدس أنفه في „ ملاية الإسكندرانيَّة الْلَف ”.. فجدته لأبيه؛ وعمته غير الشقيقة أحسنا كيفية لبسها؛ وهو مازال يذكر رائحة ملاية جدته.. إذ وضعتها في دولابها -صندوق ملابسها- وكانت تضع عطراً بين حوائجها أحضرته مِن الحجاز.. وآخر أهدته صديقتها وقريبتها الحاجة„ نبيه ” لها..
.. متيمٌ بالإسكندرية حتىٰ أنه كتب لها شعراً إثناء زيارة له لــ قرطاج.. تونس الخضراء واصفا إياها بأنثاه الوحيدة.. ويُشم من قوله أن هناك آخريات..
فــ حين يترك له المجال يتحدث عنها.. وبصوت خافت أخذ يردد مطلع قصيدته:
إسكندَرِيَّتي!
” ... فرمَالُكِ فراشي ...
و وشَاحُها.. كسماءكِ غطائي ...
ولستُ كآدمَ أمام حواء..„
إسكندرِيَّتي! ..
.. فلا تدري -وأنت تسمعه- أيتحدث عن مِصرِه أم يتحدث عن مسقط رأسه.. إسكندريته!..
.. ولعل ضريبة الغُربة له ولــ أمثاله تُدفع باهظة التكاليف لا ندفع نحن.. مِن ينصت إليه مصاريفها.. لكننا -نحن.. مَن نسمع صوت المغترب ولو مِن بعيد وندرك هزات رنات الأنين الصاعد مِن قلب العاشق الولهان المسكين- فــ نحن نُسعد بما يقول أو يكتب علىٰ قصاصات الورق في سفره أو ترحاله..
.. „ رفيقي ” في جلسةٍ هادئة بمفردنا علىٰ شاطئ الدانوب؛ والنهر يتدفق أمامنا بعد آداء صلاة العصر.. ننتظر رفع آذان المغرب لنعود لنصلي ثم نذهب للمرواح..
ونحن -هكذا- نجلس بدء يقول و:" بالقرب مِن المصلىٰ السعودي!.. "..
فــ قاطعته وصححت له مسماه فقلت له :" تقصد المركز الإسلامي!؟.."..
فــ ابتسمَ محلقاً في سماء مدينة „ ليالي الأنس ”.. كما غنت اسمهان لــ فيينا.. ومِن بعدها بسنوات طوال في آحدىٰ مدارس المدينة الرسمية غنت آحداهن.. وهي أبنة آحد مَن يتردد علىٰ مصلىٰ سلفي.. فغنت بلغة العرب في بلاد العم : „ جوته ”؛ ما رددته أسمهان والتي أتت مِن جبل لبنان.. وكأنه يريد أن يلمح بتضارب الأقوال بين المنع مِن سماع الموسيقىٰ وتحريم الغناء وبين إباحته للأطفال في سن ما قبل البلوغ وقبل مبلغ الأنثىٰ مبلغ النساء!.. وبين عورة صوتها وبين دخول الوجه والكفين فيها! ..
.. ثم اردف قائلا: « مِن العجب أن تجد في آحدىٰ شوارع فيينا العاصمة مقهىٰ لشد النرجيلة وسحب دخان الشيشية اسمه ليالي الأنس » ؛
ويكمل القول: « بل الأعجب أن بدروم في عمارة قديمة يسمي نفسه بالمركز الإسلامي التركي »..
ثم شهق شهقةً كأن روحه تريد أن تغادر المكان وليس الجسد.. وقال: « العبرة ليست بالمسمىٰ.. بل العبرة بواقع الحال وما يقدم للناس »..
ثم ابتسم وقال: « خلينا في إللي أحنا بتكلم فيه ! »..
.. أقول.. إن .„ رفيقي ” في ليلةٍ صفىٰ نسيمها؛ وتعطر هواؤها؛ وراقت سماؤها فلا تجد سحابة تحمل أو تكاد تحمل زخات مِن مطر السماء ترغب في إنزاله علىٰ غابات المدينة العتيقة أو أحراش ما حول المدينة.. أراد „ رفيقي ” أن يتحدث عن مِصرِه أو إسكندريته.. فقال بعد أن قذف حصاة في مجرىٰ الدانوب الأزرق كأنه يسعى لإعادة ذكريات أو كأنه يريد كتابة تاريخ بحبر جديد وقلم جديد عن بلد المنشأ.. فقال.. بصوت مبحوح يخرج من أعماق قلب مكلوم وصدر مألوم.. وكأني أرىٰ لمعان دمعة حزينة تلمع في عينيه ولم تسقط بعد ولكنه تمالك نفسه وبدء يتحدث: « انفتحت مِصرُ علىٰ جيرانها ومَن حولها منذ بدء التاريخ المعلوم »..
ثم أنتقل ببصره من نظرته إلىٰ الدانوب الساري إليَّ كي يطمئن أنني استمع إليه.. وكأنه أدرك أنني بالفعل أصغي إلىٰ كلامه.. فبعد برهة تكاد لا تحسب في الزمان أكمل.. فقال: « فــ فتحت -مِصرُ- أبوابها.. بل قل إن شئت ذراعيها.. بل الدقة في الحديث قلبها ».. كأنه يريد أن ينبهني لهذه الجزئية مِن كلامه ..
ثم قال: « فتحت.. صدرها بل قلبها.. فــ منذ كتابة التأريخ المسطور سواء أكان هذا الانفتاح تحت مسمىٰ هجرة الأنبياء إليها أو قدوم رسل السماء لأرضها الأمنة.. بدءً مِن أبي الأنبياء وجد المرسلين الخليل »..
.. ثم ذهب بصره مرة ثانية إلىٰ مجرىٰ الدانوب الأزرق.. كأنه يريد أن يعيد مجرىٰ التاريخ بتسلسل زمني في ذهنه أو سردي في كلامه.. ويشد علىٰ يدي جيداً..
ويقول: « أتذكر جيداً رحلة العائلة المقدسة.. هرباً مِن بطش الحاكم.. وخوفاً مِن قتل الوليد.. »؛ ثم كأنه يريد أن يعيد شريط الأحداث إلىٰ الأذهان..
فقال: « أم الوليد العذراء البتول لم تتجاوز الثالثة عشر ربيعاً من عمرها.. وعلينا أن نذاكر هذه التجربة الفريدة مِن نوعها علىٰ مر التاريخ وكر الأزمان.. فتاةٌ منذ قليل من عمرها عبرت سن الطفولة إلىٰ شط الصبايا.. فهي مازالت صبية كادت تصل إلىٰ مبلغ النساء منذ أيام معدودات أو شهور قمرية محسوبات.. فــ تصير حاملاً بجنين يتحرك في أحشائها الطاهرة.. وعند إكتمال عدتها تضعه بمفردها.. ثم يصدر قرار بشري بقتله.. فيأتي قرار آلهي بحفظه.. فيصبح مكان الحفظ والإيواء مِصر.. » ؛ ثم كأنه يريد أن يتذكر أو يذكرني بأمر هام
فيقول: « فلــ نترك جانباً الجدل الذي لن ينتهي.. أكان ابناً لــ آله بسبب الخطيئة الكبرىٰ الأبدية لأبي البشرية آدم.. أم اصطف بين الآله فصار مثلهم آلهاً.. أم أنه رسول رب العباد ونبي مالك الحياة.. » ؛
ويعلو صوته قليلا: « انظر إلىٰ هذه الحادثة.. فمكان الأمان لالهٍ أو لأبنه أو لرسوله.. مكان الحفظ والإيواء هو مِصر.. » ؛
.. توقف „ رفيقي ” عن الحديث.. وكأنه يريد أن يبكي.. لعل.. لتأثره بهذا الموقف..
ثم تدارك ما يريد أن يقوله: « قصة إبراهيم الخليل شكك في صحتها معالي الدكتور و.. » ؛
فــ أوفقته قبل أن يكمل..: « أي معالي دكتور شكك في صحتها يا دكتور المعالي!؟.. » ؛
فقال: « بلغني أن خريج السربون الدكتور طه.. الدكتور .„ طه حسين ” قال في كتاب له إنه لا توجد آثار تدل علىٰ وجود رجل في التاريخ اسمه إبراهيم »!..
فقلت مسرعاً: « ولكنه تراجع عن هذه المقولة سريعاً!!! » ؛
فرد حازماً: « تراجع فضيلة الدكتور عن مقولته في الطبعة الثانية بعد أن قُدم ضده بلاغاً للنائب العام » ؛
ثم قال مؤكداً: « ثوابت القرآن الكريم.. وما يثبت صحتها مِن آثار مادية أو اكتشافات علمية.. مسألة خطيرة جداً.. والخوض فيها لابد أن يكون من أهل التخصص » ؛..
ثم قال: « كيف نثبت قطعي الثبوت.. وهو كل القرآن.. بظني الثبوت.. وهو ما نتلقفه من علوم! » ؛..
فقلت له: « قاعات الدرس تصلح لخاصةِ أهل العلم.. وليس عرض مثل هذه المسائل علىٰ العامة! » ؛..
.. فسكت.. وكأنه يريد أن يقول شيئاً ما .. لكنه سكت!
ونظر إلىٰ مجرىٰ الدانوب الأزرق يريد أن يكمل ما بدأه.. فقال: « التأريخ المسطور يحدثنا عن هجرات القبائل مِن مناطقهم القاحلة الجافة إلىٰ بر الخير.. ومنبت الزهر وحصاد القمح.. وجني الخضروات والفواكه علىٰ مدار العام » ؛... « إنها مِصر » ؛
ثم التفت في شمخة العالم ببواطن الأمور.. وقال: « أو قدوم كبار الصحابة وصغارهم.. ومِن بعدهم التابعين.. لنشر الدعوة.. ومِن ثم البقاء بين ربوعها » ؛
ثم كأن في حلقه غُصة .. فقال: « أو الانفتاح القَصري تحت مسمىٰ بغيض „ استعمار خارجي ” أو „ غزو عسكري ”.. أو „ عملاء مِن الداخل ” لــ استنزاف خيراتها؛ وتعبيد مع إذلال شعبها الآبي.. أو „ لصوص ” يسرقون آثارها؛ أو إنفتاح مِن نوع آخر تحت مسمىٰ „ التجارة ” ومرور قوافلها المحملة بخيرات البلاد » ؛ ..
.. ثم كأنه تذكر: « أو قوافل الحجاج والمعتمرين مِن اقصىٰ الغرب؛ وذهاب المَحْمَل محملاً بكسوة الكعبة المشرفة عاماً علىٰ نفقة دولة مِصر وعاماً علىٰ نفقة الآخرين » ؛..
ثم قال: « لا تنس أن غالبية الحجيج في طريق العودة يفضلون البقاء في مِصر الخضراء علىٰ أن يكملوا الرحلة إلىٰ بلدانهم الأصلية! » ؛ .
ثم كأنه يستخلص زبد الكلام فيقول: « هي -مِصر- وبامتياز أرض معبر بين الغرب والشرق أو بين الجنوب والشمال أو عكسهما.. خاصةً.. وهي.. -مِصر- تطل برأسها تجاة القارة الأوربية وهي متربعة علىٰ قمة القارة الأفريقية الغنية بكل موارد الحياة الإنسانية.. وتمد قدميها إلىٰ عمق القارة التي هي جزء منها.. وقد صدر ما يشبه القرار السياسي دون القدرة علىٰ تنفيذه مِن قِبل الحكام أو الساسة بأن السودان بمفردها تعتبر سلة غذاء دول الجامعة العربية في ستينات القرن المنصرم.. » ؛
.. ثم بدء وكأنه يتغزل في امرأة يعرفها جيداً فــ
قال: « فــ مِصرُ تغسل شعرها في البحيرة المتوسطية عند بزوغ كل فجر جديد.. ولحظة شروق الشمس من مرقدها.. وعند سماع أول زقزقة العصافير.. وعند النعاس تزيل ما علق مِن أتربة الكد والكفاح مِن جسدها الطاهر.. تارة باغتسالها في البحر الأبيض المتوسط.. وتارة آخرىٰ بغرفات مِن الأحمر.. وتُسقي ضيوفها ومَن يمر علىٰ ترابها الطاهر بـ ماءٍ طهور مِن الرافد الفضي عذب الفرات يروي الظمأن.. نهر النيل؛ منبعه جنة الرضوان.. وقد قيل قديماً أن مصر „ هبة النيل ”.. فصحح المؤرخ العبقري هذه المقوله فكتب يقول أن مصر „ هبة المصريين ” وعلىٰ يمين الصاعد مِن القارة السمراء تجد بحر القلزم فتغسل قدميها صباح مساء.. فهذا ملح أجاج دواء.. وذلك عذب فرات غذاء.. فهي تملك مقومات الحياة ومستلزمات البقاء.. » ؛
وصدق مَن قال -ضاحكاً-: « أصله معداش علىٰ مصر » ؛ .. وأردف: « .. ولعل موقعها الجغرافي فتح شهية الآخرين.. ليس فقط للمرور.. بل.. وإما البقاء للعيش وللاستثمار أو الاستعمار ولنهب الخيرات والآثار.. إلىٰ حين..
.. „ رفيقي ” أحياناً كثيرة تشعر في حديثه عن بلده أنها صبية شابة فتية فــ مِصرُ عنده.. كما يقول: « بين حبات ترابها الصالح دوماً للزراعة ومنتجة لقوت البشر.. وفوق ذرات رمال شواطئها الشاسعة جذبت كل الناس إليها مِن كافة الأطياف فوجد كل فريق منهم رغيفَ عيشِ.. خبزةً مغموسةً بخضروات البلاد ومرقة لحوم الأضاحي فإن شبع حلىٰ فمه بفاكهة الشتاء أو الصيف.. » ؛
ثم أخذ يقهقه بصوت مرتفع إذ تذكر مقوله مفادها: « أن مِصر زمن الفساد الملكي.. كان البواب: سوداني.. والجرسون: إيطالي.. والمصوراتي: يوناني.. الحلاق: لبناني.. الحلواني: سوري.. والترزي: أرمني.. والجزار تركي » ؛ .
فقلت له: « لكن لمّا .. » ؛
فقال لي: « بس.. بس ما تكملش.. وحياة جوز خالتك! » ؛
فرديت عليه: « جوز خالتي.. تعيش إنتَ!.. » ؛ ..
فقال: « طيب وتربة جوز خالتك تسكت ! » ؛..
.. و.. كنا نمزح كثيراً..
.. „ رفيقي ” منذ طفولته وصباه عاصر وعايش حكم „ ناصر العروبة ” و „ جمال مِصر ”.. لم يعش العصر الملكي وإن ولد في لحظة نهاية النهاية.. وهو يذكرني -دائماً- ويلح في حديثه هذا بأن في زمن حكمِ صاحب الكريزما التي لا تقاوم والطاغية علىٰ جميع جوانبه.. سواء في طلته البهية أو حديثه العذب المتدفق أو كلامه بلهجته الإسكندرانية.. في زمنه تم تسجيل كامل „ القرآن الكريم ”[(*)] وهي لم تحدث مِن قبل.. وافتتاح إذاعة القرآن الكريم..
ولكنه أحياناً ما ينبه سامعه بأن في تعليمه درس مساوئ حكم أسرة „ محمد عَلِي ”.. ذٰلك العسكري الألباني..
.. ثم يكمل مباشرة فيقول: « وكنتُ أسمع مِن ابن خالتي „ المحامي ”؛ وكبير „ موظفي المستشفىٰ الأميري ” مساوئ حكم „ الامبراطورية العثمانية ”؛ أو ما كانت تسمىٰ بالــ „ خلافة العثمانية ”.. وأطلق عليها السلطنة العثمانية وحين شببتُ عن الطوق قمتُ بنفسي بدراسة لكل منهما.. كما أنني اهتممت بحال التُرك والعرب إذ أن أمير الشعراء „ أحمد شوقي ” في ابرز قصيدتين نظمهما في عام 1923م؛ وهو عام سقوط الخلافة العثمانية علىٰ يد الذئب الأغبر"أبي التُرك" أتاتُورك الذي خدع أمير الشعراء فتبرأ منه بعد أن أنقلب علىٰ الخلافة والإسلام والحجاب وترجم الأذان للغة التركية.. وقد فوجئت بأن أمير الشعراء أحمد شوقي رثىٰ سقوط الخلافة التركية بقصيدة مطلعها :
عادت أغاني العُرسِ رجعَ نواحِ * ونُعِيتِ بين معالمِ الأفراحِ
ثم يقول: « تخيل معي أعراب القرن الواحد والعشرين- الذين سخر منهم في فيلم ( لورانس العرب )- قال عنهم شوقي » :
نزعوا عن الأعناق خير قلادةٍ * ونضوا عن الأعطاف خير وشاحِ
هتكوا بأيديهم ملاءة فخرهم * موشيةَ بمواهب الفتاحِ
والقصيدة الثانية بعنوان :
الله أكبر كم في الفتحِ من عجبِ * يا خالد التُركِ جدد خالد العربِ
وينبهني بأنها القصيدة التي تبرأ منها شوقي بعد انقلاب أتاتورك علىٰ الخلافة والإسلام..
ثم ينهي الأولىٰ بقوله:
بكت الصلاةُ وتلك فتنةُ عابثٍ * بالشرعِ عربيدِ القضاء وقاحِ
أفتى خزعبلةً وقال ضلالةً * وأتى بكفرِ في البلادِ بواحِ
الحق أولٰى من وليكَ حرمةً * وأحقُ منكَ بنصرةِ وكفاحِ
ثم يختم شوقي رائعته الحزينة الغاضبة :
إن الذين جرىٰ عليهم فقههُ * خُلقوا لفقه كتيبةٍ وسلاحِ
إن حدثوا نطقوا بخُرسِ كتائبٍ * أو خوطبوا سُمعوا بصمِ رماحِ
أأقول من أحيا الجماعة ملحدٌ * وأقول من رد الحقوقَ إباحي؟
أستغفر الأخلاق لستُ بجاحدٍ * من كنتُ أدفعُ دونه وألاحي
***********
ثم ينظر رفيقي إلىٰ أفق بعيد لا أدركه.. وأظنه أيضاً لا يدركه.. فيقول متألماً: « ونتيجة رد فعل سقوطها نشأ تجمع إسلامي.. بل عدة تجمعات إسلامية نتيجة هذه الصدمة التي فاجأت الأمة الإسلامية وليس فقط الأمة المِصرية كبلاد الهند مثلاً.. لتعيد أمجاد الماضي » ؛
.. لاحظتُ ابداً أن .„ رفيقي ” في جملة واحدة يمكنه أن يخلط ورقة تسرد تاريخاً بورقة تبحث وتحلل سياسة ببيتِ شعرٍ وبقصيدةِ غزلٍ.. لم أتمكن كــ راوٍ عنه أن اتقن ما يريد قوله أو يبوح به! ..
.. وهو „ رفيقي ” يحسن يإجادة أن يُقدم لحديثه بمقدمة طويلة كي يقنع السامع بسطره الآخير في نهاية مقولته!
.. أعود لحال مِصر.. فــ في خضم هذه المتناقضات أو قُل وجهات النظر المتباينة بين رافض للنظام الجمهوري الوليد.. وبين مؤيد للملكية التي تربىٰ عليها وفيها.. كوالده -مثلا-.. وبين عضو في تنظيم سري أو جماعة.. وبين مَن يوالي الحاكم ويمسح جوخاً.. تربىٰ „ رفيقي ” وحيناً مِن الدهر لم يكن يهتم بالشأن العام أو يمارس دوراً إيجابياً في الحياة العامة؛ فقد عاش في طفولته وصباه ومقتبل شبابه كبقية أقرانه يتعلم كما يتعلمون وينتقل مِن مرحلة دراسية إلىٰ آخرىٰ كما ينتقلون.. ويسبح في البحيرة المتوسطية بلباس السباحة كما يسبحون. وقد تعجبه صبية أو فتاة مثل „ فاطمة ” القادمة مِن الأقاليم بــ المنديل : „ أبو أويه ” وعاش وفق ما هو متوفر في رغدٍ مِن العيش.. فطلباته مجابةوكان مرفه..
.. ولعل الطيف الصوفي كان مسيطراً بصورة ما علىٰ المناخ العام للحياة الإجتماعية في ذلك الحين.. ذٰلك لسهولته.. وإنعزاله عن الحياة.. وعدم اصطدامه برجال الحكم أو مخاصمة الوسط السياسي.. وهؤلاء الرجال الذين يرقصون حول الشموع المشتعلة.. كما وصفهم : „ رفيقي ” كثيراً .. فـ ينهد حيلهم بعد صلاة العشاء فلا يتبقىٰ لهم مِن قوة جسدية أو فكرية سوىٰ الخلود إلىٰ النوم كي يستعد ليوم عمل جديد..
-*/*-
.. وقد تربىٰ „ رفيقي ” علىٰ رفعة الرأس؛ وعلو الجبهة؛ وشموخ الأنف؛ إلا لبارئه وخالقه.. فبين جوانبه يحمل إنفةً دون كبرياء؛ وغنَى النفس دون التكبر علىٰ الآخرين؛ وثبوت القدم لما يقدم عليه؛ وشيم الأعزاء ونبل الكرماء.. ويغلب علىٰ ظني.. وأنا أروي عنه إنها تربية جدته لأبيه وأكملت التربية أمه.. اضف ما يردده كثيراً بأنه شبَّ في عهد: „ ناصر مِصر ”..
وكان يروي لي أن علىٰ ظهر كراسته المدرسية كتب:
„ أنت سيد في ظل الجمهورية ” ..
-*/*-
.. وبالتأكيد فقد لعبت أمه دوراً جوهرياً في بناء كيانه الفكري وإدراكه الذهني وبالقطع لعبت جدته لأبيه „ الحاجة السيدة ” دوراً مكملاً ولم يكن ثانوياً في تربيته..
في هذا المناخ العام..
.. „ أمه ” رفضت الأعراف المعمول بها في وسط عائلة مِن الطبقة المتوسطة.. محافظة متدينة.. فرفضت أن تأتيها الداية „ أم سماعين ” إلىٰ البيت لتساعدها في عملية التوليد.. بل صممت أن تلد في مستشفىٰ „ دار الخديو إسماعيل ”.. „ مستشفىٰ البلدية لرعاية الأمومة والطفولة ”.. „ مستشفىٰ.. المحافظة للولادة „ دار إسماعيل ” .. „ مستشفىٰ نساء وتوليد ”؛ وعنوانها: „ باب سدرة البراني؛ بحري.. قسم كرموز.. ” بدائرة مينا البصل غرب الاسكندرية
.. ولعل جرأتها في إتخاذ هذا القرار آثار حفيظة نساء العائلة جميعاً.. فهي الأولىٰ بينهن؛ والتي اصرت أن تلد علىٰ يد طبيب متخصص وليس الداية.. جهلت كمبتدئة أو صاحبة خبرة.. كــ : „ أم سماعين ” الداية.. بل وضد رضا رجال العائلة.. وقد فتحت الأبواب المغلقة عُرفاً وتقليداً أمام قريناتها مِن بنات العائلة أو نساء الجيران.. ولعل تحصيلها قدراً جيداً مِن التعليم ساعدها في اتخاذ هذا القرار..

.„ أُم رفيقي ” تروي له -في اقتضاب بالغ- بأن المولدة له كانت امرأة أنجِليزية.. وكان المشرف علىٰ عملية الولادة الطبيعية رجلاً.. لم تصفه ولم يدرِ أكان طبيبا مِصرياً أم أجنبياً.. وعلىٰ وصفها.. أنها كانت -المولدة- شابة في منتصف العقد الثالث مِن عمرها ووصفت جمالها كــ امرأة.. ورقتها في معاملتها كمتخصصة.. ولم تزد عن تلك الكلمات..
.. ولعل هذه الجرأة في اتخاذ هذا القرار مع عدم وجود معارض فعلي -أي والده- يمنع مثل تلك الولادة في مستشفىٰ عام وليس في المنزل يتناسب زمنياً مع الوضع الثقافي العام لزمن الملكية المِصرية.. وهي النظرة الجادة للعلم والأخذ بــ أدواته.. وإن كلَّف خزانة الملكية من الموال الكثير ومن الديون أكثر وأكثر.. .

* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
[(*)] " إذاعة القرآن الكريم مِن القاهرة ".. تأسست في الـ 25 مارس عام 1964م .. مع وضع آليات لتوثيق القرآن الكريم، مِن قِبل وزارة الأوقاف -آنذاك- وكانت البداية تسجيل المصحف المرتل برواية حفص عن عاصم بصوت القارئ الشيخ / محمود خليل الحصرى -رحمه الله-، لتوزيعها علىٰ المسلمين فى أنحاء العالم الإسلامي، ويعد هذا أول جمع صوتي للقرآن الكريم بعد أول جمع كتابي له فى عهد خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبي بكر الصديق .. لإذاعة المصحف المرتل الذى تم تسجيله بواسطة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وبعد موافقة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.
بدأ إرسال إذاعة القرآن الكريم بمدة إرسال قدرها 14 ساعة يومياً، مِن السادسة حتىٰ الحادية عشرة صباحًا، ومِن الثانية بعد الظهر حتىٰ الحادية عشرة مساءً علىٰ موجتين إحداهما قصيرة والأخرىٰ متوسطة، لتكون أول صوت يقدم القرآن كاملًا بتسلسل السور والآيات كما نزل علىٰ سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-..
والحكاية أصلها أن ثارت حالة مِن الاستياء والغضب في مِصر عام 1961م وعدد مِن الدول العربية والإسلامية، علىٰ خلفية تسرب أعداد كثيرة مِن طبعات للقرآن الكريم بها أخطاء إملائية، ما أدىٰ إلىٰ تدخل الرئيس جمال عبدالناصر بشكل مباشر في هذا الأمر..
فما هي قصة هذه الواقعة؟.
البداية كانت في عام 1961م، عندما اجتاحت مِصر في عصر الرئيس جمال عبدالناصر والعالم الإسلامي، مِن بعض دول الخليج، عدداً مِن الطبعات للقرآن الكريم فيها أخطاء إملائية وتشكيلية، وبالتوازي مع ذلك بدأت تتوافد أصوات مجهولة في الإذاعة العربية تقرأ القرآن الكريم بأخطاء في التلاوة، ما أدىٰ هذا الأمر إلىٰ غضبة كبيرة في مِصر.
قرار ناصر
وقتها، أصدر عبدالناصر قرارًا بإعدام أكثر مِن ألفِ نسخةٍ محرفة، ثم تم تكليف الإذاعة المِصرية بتشكيل لجنة بشأن هذا الأمر، فاقترحت اللجنة أن يتم تسجيل مصحف مرتل وطبع مصحف، فتم تكليف مطبعة "الشمرلي" التي تأسست سنة 1944م بطبعة نسخ جديدة من القرآن.
أما بخصوص التلاوة فاقترحت اللجنة وضع قيمة مالية كبيرة لأي قارئ يريد تسجيل المصحف، علىٰ أن يضع كل قارئ في ظرف مقفول قيمة المبلغ الذي يريده، وفتحت اللجنة كافة المظاريف.. والتفتت إلىٰ مظروف مكتوب فيه: „ لن أتقاضىٰ مليماً واحداً في حال عمل المصحف المرتل ”، وكان هذا القارئ هو: „ محمود خليل الحصري ” -رحمه الله- الذي سجل المصحف المرتل الأول في العالم الإسلامي سنة 1961م.
إذاعة القرآن الكريم
وبعد هذه الواقعة بثلاث سنوات تأسست إذاعة القرآن الكريم في مصر..
ومن أشهر برامج إذاعة القرآن الكريم منذ تأسيسها وحتىٰ يومنا هذا: "بريد الإسلام، ومضة تفسيرية، في ظلال الهدىٰ النبوي، خواطر الشيخ الشعراوي، طلائع الإيمان، دقيقة فقهية، منبر الفكر، مع الأحاديث القدسية، قطوف من حدائق الإيمان، موسوعة الفقه الإسلامى". .
[ (**) ] إعمار الإسكندرية: حدث عمران للإسكندرية في عهد محمد علي، وقد ازدادت عمراناً في عهد إبراهيم وعباس، ثم في عهد سعيد الذي كان يحب الإقامة فيها، ويؤثرها علىٰ عاصمة البلاد، وقد جدد بها مسجد البوصيرى بالميناء الشرقي، وبلغ عدد سكانها في عهده نحو مائه ألف مِن السكان. وازداد عمرانها في عهد إسماعيل.. فاختطَّ فيها شوارع جديده وأحياء جديدة، كــ شارع إبراهيم الممتد مِن مدرسة السبع بنات إلىٰ ترعة المحمودية، وشارع الجمرك، وشارع المحمودية، وفتح ستة شوارع أخرىٰ ممتدة بين سكة باب شرقي والطريق الحربي الذي كان يحيط بالمدينة.. وأنيرت أحياؤها بغاز الاستصباح بواسطة شركة أجنبية وأنشئت بلديتها للاعتناء بتنظيم شوارعها وللقيام بأعمال النظافة والصحة والصيانة فيها، وتم تبليط كثير مِن شوارع الإسكندرية، وعملت المجاري تحت الأرض لتصريف مياه الأمطار وغيرها، وعَهَدَ الخديوي إلىٰ إحدىٰ الشركات الأجنبية توصيل المياه العذبة مِن المحموديه إلىٰ المدينة وتوزيعها بواسطة وابور مياه الإسكندرية.
وعُمِرت جهة الرمل في عهدِه عمراناً كبيراً، واتصلت بالمدينة بخط سكة حديدي، وأنشأ بها الخديوي عدة قصور له ولذويه للإقامة بها في الصيف، واليه يرجع الفضل في جعلها مصيف القطر المِصري، وفتح شارعاً عظيماً يبتدئ من باب رشيد وينتهي إلىٰ حدود الملاحة بزمام (المندرة) ماراً بالسراي الخديوية بالرمل، طوله مِن باب شرقي إلىٰ السراي 400 متر في عرض 12 متراً ومِن السراي إلىٰ الملاحة 4000 متر عرض ثمانية أمتار، ومد طريقاً مِن الملاحة إلىٰ ترعة المحمودية. وأنشأ حديقة النُزْهة علىٰ ترعة المحمودية، وجعلها متنزهاً عاماً، وبنىٰ سراي الحقانية التي أنشئت بها المحكمة المختلطة -ولي حديث عنها في قابل الصفحات-، وأصلح ميناء الإسكندرية، وبلغ عدد سكان المدينة في عهده 212,000 نسمة. ..
.. „ ويُعد مستشفىٰ „ دار إسماعيل„ للولادة والأطفال بمنطقة كرموز؛ غرب الإسكندرية مِن أقدم المستشفيات المتخصصة في الولادة والذي يعود إنشاؤها إلىٰ ما قبل 117 عاماً؛ وذلك في عام 1905م.. وجرىٰ تشغيلها عام 1912م.. وتم بناءها علىٰ مساحة =4= آلاف متراً مربعاً وكان يطلق عليها قديماً اسم : „ مستشفىٰ المحافظة ” .
بيد أنه بتاريخ :" الإثنين: 16. أغسطس 2021م انتاب بعض الأهالي تخوفات مِن أن يكون مصير مستشفىٰ دار إسماعيل هو نفس ما آل إليه مستشفىٰ العجمى الذى تم إغلاقه منذ سبع سنوات ولم يجرِ افتتاحه حتىٰ الآن.".
[ ١ ] الجزء الأول
رواية «... الْرَجُلُ الْمَشْرَقِيُّ... »
الْوَرَقَةُ الرَّابِعُة مَنْ كُرَاسةِ إِسْكَنْدَرِيَّاتٍ
[ ١ . ٤ . ] „ مستشفىٰ البلدية لرعاية الأمومة والطفولة ”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
‏الخميس‏، 01‏ ذو الحجة‏، 1443هــ ~ ‏الخميس‏، 30‏ يونيو‏، 2022م ~ ‏30‏/06‏/2022‏ 03 : 12 : 29 م







  رد مع اقتباس
قديم منذ /07-20-2022, 01:51 PM   #107

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي الخمسون!

الخمسون
أخذ رفيقي ينظر إلىٰ تقاطيع وجهي بإمعان شديد.. وراح يتفحصه بشكل ملفت للنظر.. ومن عدة زوايا ومن مختلف الجوانب.. كأنه يراني لأول مرة في حياته فيتصفحه بدقة لأول مرة في رفقتنا الطويلة؛ والتي تُعد بالسنين.. ثم نظر إلىٰ أعلىٰ رأسي..
.. بدىٰ وكأنه يعد شيئا ما ظهر فجأة أمامه.. لم يراه من قبل أو لم يلتفت إليه منذ حين من الزمان..
.. ثم علت علىٰ وجهه ابتسامة باهتة..
وقال بصوت منخفض يملؤه الحزن ويعلوه الآسىٰ؛ وكأنه يتحسر علىٰ أمر ما.. قال : „ مر نصف قرن علىٰ وجودنا فوق هذا الكوكب!.. خمسون عاماً.. خمسون سنة.. عام يجري خلف آخر.. وسنة تتلوها سنة.. وقد نكون لم ننتبه.. أننا في عمر الخمسين.. ”
ثم شهق وأراد أن يملؤ رئتيه بهواء كثير وقال: „ ولعل هذه اللحظة مدعاة للتوقف قليلاً.. ليس للنظر إلىٰ الخلف فقد مضىٰ خمسون عاماً.. بل نظرة إلىٰ الأمام؛ إلىٰ مستقبل بناءً علىٰ معطيات الماضي؛ وما تحصلناه خلال السنين الماضية وما حصدناه من الأيام الفائتة.. وما نملكه في اليد اليوم.. ”
ثم اعتدل في جلسته وبدء يعد على اصابعه: „ من درجات علمية أو مركز مرموق ووظيفة جيدة ووضع إجتماعي وعلاقات جيدة مع الآخرين.. وأوسمة تقديرية من الوزارة أو المؤسسات الرسمية.. ”
وكأنه تذكر شيئاً ما فقال: „ وقد نُعيد بعض الحسابات مرة ثانية.. ونراجع بعض الملفات.. ونصحح بعض المسارات.. وقد نعتذر لبعض الناس.. ”
.. لم انتبه تماماً لمقصد „ رفيقي ”.. فهو غالباً يتحدث بشكل أقرب إلىٰ الرمز عن التصريح في الكلام.. وكأنه لم يتوقع أن تمر هذه السنين بهذه السرعة من عمره وعمري ونقطع تلك المسافات من أعوام حياتنا.
.. سألته مستفسراً ومندهشاً في نفس الحين: „ ماذا بكَ!؟.. ”..
ثم أسرعت في إكمال الجملة: „ .. حتىٰ تنتبه أن شعيرات قليلة دب فيها الوهن من طول الطريق؛ وضعفت مع مر الزمن فأبيضت من طول السفر وكثرة الترحال.. بمرور كل هذا الزمان عليها!؟.. خمسون عاماً كما تقول!؟ ”.
فأجاب؛ وكأنه تلقف السؤال ومنتظره؛ ويرغب في فتح موضوع للنقاش: „ ينبغي علينا أن نقسم أعمارنا إلىٰ فترات زمنية أو مراحل عمرية.. ويترتب علىٰ هذا التقسيم تصرفات معينة ومواقف بعينها وحسابات خاصة..” ..
ثم اردف بسرعة دون إلتقاط نفس عميق كي لا يعطيني فرصة الرد أو إجراء حوار -وهذا ديدنه- فحين يريد أن يتم حوار ما يترك فترة زمنية وجيزة للسامع.. إما للتفكير معه وينصت السامع ليكمل هو حديثه.. وإما لسماع سؤال أو استفسار من محدثه.. فــ اسرع قائلاً: „ جدي لأبي؛ رحمة الله عليه ووسع في قبره.. حضّر نفسه لرحلة الحج وآداء المناسك لما بلغ الأربعين من عمره علىٰ غير عادة رفاقه واقرانه زمن الملكية المِصرية والتي كانت تحكم مصر والسودان.. إذ وقتها كان المَحْمَل المِصري يحمل كسوة الكعبة الشريفة هدية من حكومة الملك وشعبه في عام والعام الذي يليه بقية دول العرب..
وكانت جدتي لأبي -أم أحمد- تقول له : « مبكر التحضير قوي.. لسه بدري »..
وتردف بقولها: « ربنا يطول في عمرك يا أبا محمد.. -فهو أي جدي لأبي زوجها الثاني بعد وفاة أبي أحمد- وتطلع لما تبلغ الستين! »..
فيرد عليها مازحاً: « الستون عاماً.. راح أكون كُهْنة.. لن اقدر علىٰ ركوب الجمل أو المشي إلىٰ الحجاز.. أو حتىٰ اركب بابور البحر من السويس.. ولا أنزل تحت.. في الصعيد لغاية عبّارة البحر لجِدة »..
ثم يضحك وتعلو فوق شفتيه مرارة غدر الزمان وتقلب الأحوال ”..
.. فقاطعته علىٰ الفور وقلت لـ„ رفيقي ” : „ لا أريد منك فلسفة في الإجابة؛ وسرد تاريخ؛ وحكايات زمان!.. كما لم أقصد تعميق أو تقعير السؤال! ”..
فابتسم وكأنه أوقعني فيما يريد.. أي: الاسترسال في الإجابة..
واراد إمساك خيط الحديث من بدايته فبادرني بالقول: „ جدي مات قبل أن يصل سن الخمسين؛ وجدتي بقيت بعده وحجت ثم بلغت سن السبعين.. والمسألة يجب حسبانها من البداية.. ”..
ثم سرح بفكره أو بنظره إلىٰ تلك الحقبة من الزمان.. لا أدري تماماً أي زمن سرح فيه ليعيده إلىٰ الحاضر المعاش اليوم.. ثم سريعاً أنتبه بأن جملته لم تنتهي بعد ولم يتم مقصوده في الحديث.. فقال: „ نمكث في ارحام أمهاتنا سبعة شهور أو تسعة شهور.. ومواليد ثمانية يموتون..”..
ثم قال: „ وفترة رضاعة.. قد تطول لعامين.. ثم زمن طفولة تزيد عن عشر سنوات!! ”
.. ثم أخذ رشفةً من فنجان قهوته الذي أمامه علىٰ طاولة في منتصف قاعة الضيوف.. عُبأت بكتب وكتيبات.. ووضع فوقها مجلات تخصصية ونشرات دورية مرتبطة بعمله.. وقصاصات جرائد..
ثم ابتسم ثانيةً وقال: „ لا تنسَ أننا جميعاً بقينا في اصلاب أباءنا سنوات طوال في حالة تأهب وليس موت.. ”
فقاطعته قائلاً: „.. وعليك أن لا تنسَ قوله تعالىٰ: { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُون } ”.. صدق الله العلي العظيم..
وأراد أن يبدءَ الحديث فأوقفته مردفاً: „ ألا تعلم ما قاله التابعي قتادة.. تلميذ عبدالله ابن العباس ”..
وكأنه لم يتوقع مني مقاطعته في الحديث!
ثم قلت له: قال قتادة، عن قوله تعالىٰ: { كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتًا }.. قال: كانوا أمواتًا في أصلاب آبائهم
ثم أوضحت له.. وهذا اقرب إلىٰ مجال تخصصي: „ صُلْب : وهو عظم الظهر من لدن الكاهل إلىٰ عجب الذنب ”؛ وأنت تقول : „ في حالة تأهب وليس موت ”..
ثم قلت له: „ عليكَ رفيقي!.. إلتزام الدقة العلمية في حديثكَ.. خاصةً وأنتَ تقول دائماً ينبغي أن نتحدث عن علم وليس مجرد كلمات أو أقوال عارية عن الدليل أو الحجة.. يعني كلام مرسل مالهوش رجلين! ”.
وكأنه انزعج من توقيفي له وحدة العبارات التي استخدمتها..
وهنا قال بصوت منخفض بالكاد اسمعه „ يا ليتني كنت مثل تشرشل!؟ ”..
فتضايقت مِن ملاحظته تلك.. إذ هي ليست في محلها من حيث النقاش.. نحن نتحدث عن الخلق والإيجاد من عدم وقرآن وسنة وهو يذهب إلىٰ عاصمة الإمبراطورية البريطانية زمن الحرب العالمية.. ويأتي بــ الخواجة الإنجليزي شاهداً علىٰ حديثنا..
فعلا صوتي بالقول: „ ونستون مين !؟ ”..
وأردت إحراجه فتابعت القول: „.. يا بتاع الأميرة صاحبة الواد الإسكندراني: „ مودي ”.. إللي كان قبلك في نفس المدرسة الثانوية: „ المرقسية ”.. وتفتخر دائماً بيه.. وإللي قُتل شهيدَ الحب العذري علىٰ الطريقة الإنجليزية.. والغرام العفيف علىٰ الطريقة البريطانية ” ..
ها ها ها.. ضحكة استهزائية مني فجرت الدم في عروق وجهه-
ثم أكملت: „ وأبوه -صاحب المليون- لم يقدر أن يفتح فمه.. وأُغلق المحضر علىٰ أنه: « حادث.. قضاء.. وقدر ».. وقُيد التحقيق ضد مجهول.. يا عم إنتَ لما بتتزنق في الحديث تنط بعيد !! أهو هو ده اسلوبك علىٰ طول!؟..”.
وظننتُ أنني أنهيت الحديث معه في هذ الجزئية!... وينبغي أن يتوقف النقاش!
فما كان منه إلا أنه ضحك بصورة هستيرية مقهقهاً..
ثم قال: „ إنتَ يا بني تربية الجماعة إياها.. تمسك في الفارغة.. وتتعلق في الهايفة.. سيبني أكمل كلامي! ”.
فقلت له: „ أسيبك آيه.. وهو إنت عندك لسه كلام تقوله.. إنت خلاص خبطت في الحيطة.. وحظك وحش دخلت كمان حارة سد.. يعني لا عندك علىطول ولا تعرف ترجع للورا! ”..
.. ثم قفشت معاه فقلت له: „ قولنا حنبني وأدي احنا بنينا السد العالي.. إخواني!.. يا استعمار بنيــــ ”.
فاسكتني „ رفيقي ” قائلاً : „ طيب.. طيب.. أسكت بقىٰ .. حارة آيه.. وسد آيه.. واستعمار مين!.. ما تفهم يا بني أصول الحوار الْأَول ”.
.. „ ..أنا.. ”.. يكمل „ رفيقي ” كلامه : „ أنا قصدت لما كان السير تشرشل!”.
قاطعته : „ راح يقول لي تاني شرشر.. وفلفل! .. ويجيب حكايات ميكي ماوس.. يا أبني إنتَ عيبك أنك لسه بتقرأ مجلة ميكي ماوس.. وسمير.. وتتفرج علىٰ الرسوم المتحركة لــ توم وجيري!”.
فقال غاضباً: „ يا ابني اسمع الْأَول.. الله يخرب بيت شيطانك ويلعنه ويحرقه بجاز وسخ.. ! ”.
ثم تلطف: „ يا أخي اسمع لما اقول لكَ ”
فقلت له: „ موش إنت إللي حضرتهم.. اصرفهم بقىٰ!”.
فقال بسذاجة أطفال الروضة أمام المربية: „ همَّ مين إللي راح نصرفهم!؟ ”..
فقلت „ موش إنت بتتكلم عن العفاريت والجن والشياطين! ”..
ثم قلت مستهزءاً: „ حوش يا حواش.. دَستور يا إخوانا دَستور.. الشر بره وبعيد.. بركاتك يا أبو العباس المرسي.. وربنا بتاع المسلمين.. راح أولع شمع ليلة الجمعة الجايه في مقام سيدنا.. ”.
.. فقاطعني بشدة: „ يا بني بلاش هبل إسكندراني.. اسمع أنا بقول آيه ! ”.
فقلت له : „ قوللي يا دكتور.. غَني لي شوية يا دكتور!”.
فقال: „ خليك جد شوية.. أحنا محناش في مدرسة المشاغبين ”.
فقلت: „ أحكي لي.. أنا كلي أذان صاغية.. ووعاء استماع!.. وحلة إنصات.. و.. ”.
فقال مبتسماً.. كأنه يريد أن يلطف الجو الساخن: „ الواد تشرشل بتاع بريطانيا اتلم علىٰ شوية عيال صيَّع.. علموه شُرب الدخان.. ”.
فقلت له: „ آيه ده! يا نهار مدُوحَس.. إنت بتنشر فضائح الإمبراطورية البريطانية التي كانت لا تغيب عنها الشمس.. وتأزأز لب تحت أضواء القمر الفضية.. دول يا بني يبعتولك عميلهم السري 008؛ لأن عميلهم السري 007 مات.. تعيش إنتَ.. فضائح الإمبراطورية بتكشف عنها كده دون أي أدلة.. و .. لا وثائق! ”.
فقال : „ يا أخي!.. أنا حبيت أفك الخط معاك ! ”.
فقلت: „ يا أخي ده إنت كده كهربت الخط ”..
فقال: „ .. وبعدين في يومك إللي موش راح يعدي بسلام النهارده”.
فقلت له : „ طيب ما تزعلش.. نفتعل الجدية.. ما له السير تشرشل!؟”.
فقال : „ عندما كان يسأل من قِبل الصحفيين كان يولع البايب بتاعه.. يريد أن يعطي لنفسه فسحة من الوقت للتفكير بهدوء قبل أن يجاوب !.. ”..
وكأنه استراح من عناء النقاش فقال منتصراً: „ فهمت بقىٰ كان قصدي آيه !.. ”.
فقلت له: „ يا قوة الله.. بقىٰ إنت تبْحِر المانش كله.. وتسافر لبلاد الإنجليز.. إللي احتلوا الشعب المِصري؛ وكانوا حبايب مع الخديوي.. علشان تجيب مثال من أيام الحرب العالمية.. ” ..
ثم سكتُ برهةً وقلت: „ علىٰ فكرة هي كانت الأولىٰ ولا الثانية -ها ها ها ها- ”.
.. فأوقفني مؤكداً علىٰ مقولته : „لا تنسَ أننا جميعاً بقينا في اصلاب أباءنا سنوات طوال في حالة تأهب وليس موت.. ”..
ثم اضاف بسرعة قبل أن ألتقط أنفاسي: „ تأويل الآية الكريمة اختلف فيه العلماء.. ومسألة التأويل والتفسير والتبيان لمراد الله في آيات القرآن بحر واسع لا يصح أن يحجر أحد علىٰ آخر بقول دون قول.. ولكي تتأكد اقرأ تفسير الشيخ أبي جعفر الطبري !؟”..
وبدىٰ عليه مظاهر العَالِم الجليل..
ثم ظهرت علىٰ اسارير وجهه علامات الظفر والنصر فقال : „ عليك أن تراجع الحديث إللي راح اقولك عليه فقهياً أولاً.. وعلمياً طبياً معملياً ثانيا؛ يعني وفق العلم الحديث وأدواته ومختبراته؛ وتاريخياً ثالثاً؛ يعني قبل النبوة وما قيل قبل ما يأتي لنا النص النبوي الشريف.. وعلىٰ فكرة ده موجود عند البخاري ومسلم؛ يعني متفق عليه وصحيح مية في المية ”..
وانتبهت.. من حديثه إنه يحسن ربط دماغ السامع باسلوبه في الحديث..
ثم اعتدل في مقعده واستوىٰ في جلسته وقال: روىٰ الشيخان؛ يعني: البخاري ومسلم.. وكمان غيرهما عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه وارضاه- قال: ده ابن مسعود: „ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ.. قَالَ: « „ إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ” » ..
ثم سكتَ برهةً واردف: « „ أنتبه لهذا التوقيت النبوي في زمن جاهلية العرب.. ويرافقها خزعبلات بقية الأمم ” » ..
: « „.. ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ” » .. انتبه لــ مثل ذلك؛ يعني أربعين..
: « „ .. ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ” » .. وأدي كمان أربعين..
ثم .. ثم آيه ..
:« „ .. ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ.. وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ ” » ..
أبدء معاك تاريخياً..
فقاطعته: „ هيَّ يا أبني محاضرة في مدرجات الجامعة .. ولا درس خصوصي لطتلميذ ابتدائي.. دي.. الساعة بقت اتناشر نصف الليل؛ وأنا بكره عندي شغل بدري ”
فقال: „ لأ.. دي لسه الساعة حداشر وربع.. والوقت لسه بدري ” ..
فقلت له: „ .. بدري من عمرك .. لسه لما أنزل وأركب.. وحياة جوز خالتك خلي الدرس ده ليلة الجمعة أو السبت إلي جايين!! ”
فقال بطريقة فيها عدم رضا: „ إنتَ حر.. العلم في الرأس وموش في الكراس.. خلينا يوم الجمعة الجاية نكمل.. تصبح علىٰ خير ”..
فكان ردي: „ وإنت من أهل الخير ..”..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
[ ١ ] الجزء الأول
رواية «... الْرَجُلُ الْمَشْرَقِيُّ... »
الْوَرَقَةُ الْخَامِسُةُ مَنْ كُرَاسةِ إِسْكَنْدَرِيَّاتٍ
[ ١ . ٥ . ] „الخمسون ”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
‏الأربعاء‏، 21‏ ذو الحجة‏، 1443هــ ~ ‏20‏ يوليو‏، 2022م ~ ‏20‏/07‏/2022‏، 11 : 00 : 32 ص







  رد مع اقتباس
قديم منذ /07-29-2022, 06:13 PM   #108

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي 6 - EllE

6 EllE
أداة التعريف
يصل الرجل إلىٰ ذروة جنونه حين يعشق امرأةً تستحق العشق ، امرأةٌ لا مثيل لها بين بنات حواء.. منذ أن خُلقت المرأة الأولىٰ لتسكن بجوار رجلها الأول والوحيد..
امرأةٌ انفردت بذاتها من نسل آدم.. منذ أن عَرف آدم معنىٰ الهدوء النفسي والسكينة الروحية والمودة المنبثقة من قلب محب والرحمة النابعة من علاقة خاصة جداً.. لا تقترب منها أي علاقة آخرىٰ بين بني البشر.. فلا تقترب من علاقة الأب بأبنته أو الأخ بأخته.. علاقة خاصة: رجل وبجواره امرأة يحبها ؛ وهذا هو الفارق بين علاقة رجل بــ امرأة يخالف تماماً علاقة ذكر بــ أنثىٰ..
فــ“ رفيقي„ لم يرَ مثلها.. ولم يصادف أحداً مِن جنسها قبلها تشبهها ؛ فلا مثيل لها.. ولا شبيه لها ، امرأة تستحق منه بجدارة العشق.. وتستحق الهيام بها.. فـ هي تسير بجواره أينما ذهب.. وتجلس بجواره أينما حلَّ.. وترقد بجواره أينما نعس أو تعب أو استغرق في نوم عميق.. وحينها يخلعُ عليها ألقاباً لم تطلق مِن قبل علىٰ امرأة من قبلها.. فيُكَنِيها بــ أعطر زهور العالم ، ويسميها بــ أجمل ورود الدنيا.. ويردف اسمها بمشبهات خيالية ورموز إيحائية لا توجد إلا في أوهام“ رفيقي„..
ثم ..
يرصع فستانها مِن ذيلِهِ حين يلامس كعب قدميها وهي تجره خلفها بــ تعالٍ وزهوٍ وخيلاء.. فهي الشريفة العالية الغالية الراقية العفيفة..
يرصعه مِن ذيل فستانها.. ومن كافة جوانبه إلىٰ حمالته فوق كتفيها بأوسمة ونياشين رُصعت بــ الأحجار الكريمة.. بــ أحجار نفيسة، بــ أحجار ثمينة، تلك الأحجار البترة.. والتي تكوّنت بقدرة الله جلّ وعلا في الطبيعة، ولا يتدخّل في تكوينها إنسان..
وهي- الأحجار النفيسة البترة - تماماً كـ تلك المرأة.. تشبهها من جانبها النفيس العزيز النادر.. وتختلف عنها من عدة جوانب..
المرأةُ التي عشقها “رفيقي„ تلك الأيقونة اليتيمة تشبه من جانب واحد تلك الأحجار الكريمة.. فهي نادرة الوجود.. جبلت في أغلب الأحيان مِن تلك المناطق البركانيّة وخاصةً في المناطق التي تجري فيها الأنهار البركانية؛ حيث إنّ بعض أنواع الأحجار الكريمة تتكوّن في باطن الأرض وتخرج إلىٰ سطحها عند حدوث البراكين والهزّات الأرضية مثل: الياقوت، والألماس، والزمرد. هذه الأحجار النفيسة تتواجد في الطبيعة لوحدها حرة، كما تتواجد الأحجار الكريمة في أعماق البحار والمحيطات مثل اللؤلؤ والمرجان، وبعضها يوجد فوق سطح الأرض نتيجة المملكة النباتيّة مثل الكهرمان الأصفر.. الأحجار الكريمة ذكرت في كلّ الديانات علىٰ الأرض مثل الديانة البوذية، والّتي تعتبر مِن أقدم المعتقدات والديانات على وجه الأرض حتى العهد الّذي أنعم الله سبحانه وتعالى على البشرية بالدّين الإسلامي، والّذي يعد آخر الديانات السماوية، كما تشترك جميع الديانات بذكر ووصف الأحجار الكريمة بدقة؛ حيث ذكرت الأحجار الكريمة في القرآن الكريم في سورة الرحمن لقوله تعالى: { يُخْرِجُ مِنها اللُّؤلؤَ والمرجان }، وقوله جلَّ وعلا في وصفه الحور العين في الجنة: { كَأَنَّهُن الياقوتُ والمُرجان }، وقوله تعالى:{ وحور عين، كَأمثال اللّؤلُؤ المكنون } صدق الله العظيم وسبحان رب العرش العظيم في خلقه وفي مخلوقاته..
تمتاز الأحجار الكريمة بأنّ تكوينها يكون بفعل الطبيعة، ولا دخل للإنسان فيها، وتكوينها يكون ضمن سلسلة من العمليّات البيولوجيّة، ويمكن للإنسان أن يقوم بتصنيع أحجار مشابهة للأحجار الكريمة تسمّى الأحجار المزيّفة؛ حيث يقوم الإنسان بتصنيع الأحجار المشابهة للأحجار الكريمة أو الأحجار الزائفة في المختبرات خلال سلسلة من العمليّات الكيميائيّة، لذا عرفت بالأحجار المقلّدة أو الزائفة، والاختلاف بين الأحجار الكريمة والأحجار المقلدّة أو الزائفة في طريقة التكوين والبناء المعدني أيضاً.. وتماما كــ بعضهن يتدخل مشرط جراح التجميل -مدفوع الأجر- في تعديل نتوءات بدنها أو وضعت مساحيق -مدفوعة الثمن- في تحسين أصل الخلقة..
“ رفيقي„ يرصع فستانها بالياقوت والزبرجد.. ويزينه بالماس.. ورشات حبات اللؤلؤ والألماظ ،
ثم..“ رفيقي„ يرفعها إلىٰ الثريا.. إذ لا يصح أن تسير علىٰ الثرىٰ.. فــ تغبر نعلها بتراب من سار فوقه غيرها..
.. يرفعها لــ يسكنها بين النجوم الزاهرات.. والكواكب اللامعات النيرات.. والمجرات السيَّارة..
.. ويصل بها لــ مقام الآلهة.. ويضع قدميها بين ملائكة السماوات والأرض.. ويناديها بأجمل النعوت ويصفها بأحلىٰ الأسماء ويعلق شِعرَه بمعلقات عنها في ذهنه.. كتبها بماء الذهب قبل أن يعلقها علىٰ جدران التاريخ ...
.. محاولات لتخليد الجميلة الحسناء التي عشقها لحين من الزمان ... أو أحبها عمره كله .
قلتُ : جُنَّ “ رفيقي„ بها لأنه لا يرىٰ لها شبيه ، وليس لها مثيل ، وتتسع الدنيا علىٰ قدر رضاها عنه ، وتضيق إذا أغضبته ، أو غضبت منه.. وقد يقوم بأعمال ، يوصفه الناظر أنه جنَّ ولكن المقصود ليس الجنون بل يخبرنا إنها المرأة الوحيدة في حياته ، والتي سلبته العقل ، فهي محبوبته التي ارتقت به إلىٰ درجة العشق ، ويالها من درجة يفتخر بها الرجل.. العاشق .. ولا عزاء لذكور تحركهم هرمونات!
“رفيقي„ .. وصفها بأنها التي عرّفته مغزى الحياة فأذاقها طعم الحياة فأطلق عليه اسم :"أداة التعريف".. " الـ.." ، „EL“ ، ولأنه يوجد الآن في الأسواق عطر „ELLE“ ، وكنا - أنا و “رفيقي„ - نحسن استخدام الرموز منذ شبابنا ، فضيفة صفحاتنا القادمات سنطلق عليها „ELLE“ ... عطر الحسناء المتميز لأجمل النساء ، وإن كانت تستخدم غيره واعتادت أنفه سواه .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
[ ١ ] الجزء الأول
رواية «... الْرَجُلُ الْمَشْرَقِيُّ ... »
الْوَرَقَةُ السَادِسةُ مَنْ كُرَاسةِ إِسْكَنْدَرِيَّاتٍ
[ ١ . ٦ ] أداة التعريف: „ELLE“
‏الجمعة‏، 01‏ محرم‏، 1444هــ ~ 29 يوليو 2022م ~ ‏29‏/07‏/2022‏ 05:00:34 م







  رد مع اقتباس
قديم منذ /07-29-2022, 07:17 PM   #109

حـكايـه حـياه

 

 رقم العضوية : 50632
 تاريخ التسجيل : Jun 2010
 الجنس : ~ رجل
 المكان : مصر حبيبتي
 المشاركات : 61,766
 الحكمة المفضلة : ان فعلت شىء يسعد غيرك فلا تحزن ولا تنتظر المقابل لصنعك
 النقاط : ساحر الأحزان has a reputation beyond reputeساحر الأحزان has a reputation beyond reputeساحر الأحزان has a reputation beyond reputeساحر الأحزان has a reputation beyond reputeساحر الأحزان has a reputation beyond reputeساحر الأحزان has a reputation beyond reputeساحر الأحزان has a reputation beyond reputeساحر الأحزان has a reputation beyond reputeساحر الأحزان has a reputation beyond reputeساحر الأحزان has a reputation beyond reputeساحر الأحزان has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 2416649
 قوة التقييم : 1209

ساحر الأحزان غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

MY MmS

أوسمة العضو

مسابقه الحج تالت تكريم من دمعه حائره والاعضاء 16 137 73 مسابقه القلم المميز 16 وسام التوقع الصحيح للتصفيات النهائية لشخصية العام  وسام التوقع الصحيح لـ تصفيات شخصية العام2015 وسام الاحساس الصادق فورم جود تالنت موسم رابع 

افتراضي

احسنت أستاذنا
صاحب جميل الانتقاء
وتميز العرض
دمت بخير وسعاده







  رد مع اقتباس
قديم منذ /08-04-2022, 08:31 PM   #110

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي 7 إحسان .. إتقان!

7 إحسان .. إتقان
رواية الْرَجُلُ الْمَشْرَقِيُّ
الْوَرَقَةُ الْسَابِعَةُ مَنْ كُرَاسةِ إِسْكَنْدَرِيَّاتٍ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
.. أشار „ رفيقي ” بــ اصبعه في الفضاء الــ لا مُتناهٍ أمامه.. في غرفة.. ملئت رفوفها بكتب التاريخ والدين والمعارف ولكن ليست بالواسعة.. إذ مساحتها تڪفيه ليسبح في ڪونه الافتراضي ڪما يحلو له.. وڪأن هناڪ لوحة ڪبيرة ڪاملة.. نتيجة إطلاعه على العديد من المصادر والمراجع.. أمامه لوحة رسمها التاريخ خاصةً له لأحداث متناثرة في أنحاء المعمورة المسڪونة والأرض المهجورة بڪافة جوانب هذا التاريخ وقضاياه ومسائله..
وابرزت لوحة „ رفيقي ” ڪافة ملامح الصورة أمامه.. واستوضحت ڪل المشاهد.. والتي يريد أن يراها ليتحدث عنها.. ويريد أن يحدد موضوعا منها.. أو يتكلم عن حدث بعينه؛ ڪي يبدء حديثه.. عنه أو من خلاله.. فأخذ يعيد وضع أجزاء الصورة أمام ناظريه ڪي يحسن الحديث والتڪلم عنها..
فــ „ رفيقي ” في حديثه يحسن مزج أو قل خلط الجانب السياسي بالجانب الديني.. والجانب الاقتصادي بالجانب الإجتماعي.. بالجانب الطبي العلمي بجانب الخزعبلات والدجل والشعوذة والأوهام.. والجانب العقائدي الإيماني السليم بجانب موروث الأجداد وانحراف بعض الطرق والجماعات..
يخلط „ رفيقي ” بذكاء وحنكة ومهارة الصورة بكل أبعادها التي يريد أن يتحدث عنها بمزيج قد لا تنتبه إليه عند السماع إليه من الوهلة الأولى.. ودائما يسعى إلى الفصل بمشرط جراح والتنقية بطريقته بين الصحيح السليم وبين الخطأ والفاسد.. أو ڪما يقول :" وضع الخط المستقيم بجوار الخط المعوج ليصحح الصورة!. فبعد العرض بكافة جوانب المشهد يعطيڪ المحصلة لتطمئن !
وهو يسعى دائما لإتمام الصورة التي يريد الحديث عنها.. أو إظهار المشهد الهام من وجهة نظره أمام نظر سامعه؛ وهو بذلك يريد أن يوثق ما اراد قوله..
فيحسن الإتمام ويجيد الإتقان..
وفي الحقيقة هذه جزئية هامة ينبغي أن نمارسها في الحديث.. والڪلام عن أي شئ.. ڪي نُقنع المتلقي بصحة ما نقول أو نبرهن على أذن السامع إثناء العرض على صواب الفڪرة..
ولعل رجال الدين بالمفهوم الڪهنوتي أو التقليدي بكافة مناهجهم ومدارسهم ومشاربهم.. وأهل الدجل والشعوذة والخزعبلات وساسة الدرجة الثالثة يحسنون هذا الاسلوب.. اسلوب الخلط بين الحقيقة والتي يراد سماعها وبين الوهم الذي يعيش داخل الكثيرين.. فهم يملكون بضاعة مُزْجاةٍ رديئة فاسدة وبأثمان ڪاسدة ولڪنهم يريدون ترويجها وبسرعة كي يتم حصد ما يرغبونه قبل انتباه الناس.. وغالبا يتقبل الدجل والخزعبلات السذج من الناس.. والقلة من أهل العلم يتحملون ما يدعون إليه.. و إن دفعوا الثمن باهظا.. إما أرواحهم وإما سنين أعمارهم..
إحسان الإتمام وإيجادة الإتقان..
ولا أدري بالضبط أين تعلم „ رفيقي ” هذا الاسلوب في الحوار أو المناقشة..
إحسان العرض وإتقان التعبير.. ودقة الكلمات مع اختيار اللفظة المناسبة لما يريد أن يقوله ..
ولعل هذا يحتاج إلى ثروة لُغوية عالية.. كما يحتاج لمعلومات أولية متوفرة وجاهزة إثناء الحديث أو ما يسمى الإعداد.. قبل العرض.. ومعلومات خاصة موثقة مؤڪدة.. صحيحة..
فقد توقف „ رفيقي ” طويلاً عند أهمية العشق عند الإنسان -رجل أو امرأة-.. بجانب بقية نواح متطلبات الحياة وما يحتاجه المرء أو يرغبه أو يريده الإنسان..
ذهب بي بعيدا فتحدث بإيجاز عن الحب عند قدماء المِصريين وعند أهل اليونان.. وفي الحضارة الهندية القديمة ومعابدهم وحضارة فارس.. ثم خجل قليلا عن ما يراه اليوم ويسمع أو يقرأ في العديد من مناطق العالم.. فالانحطاط ليس في الأفكار المطروحة من الساسة ورجال الكهنوت.. بل في الأخلاق وغياب القيم وفساد المفاهيم وتبدل القناعات..
و „ رفيقي ” وڪأيُّ عاشق مثله وإن لم يحسن كتابة الخط وتزويقه ويجيد تلوين الرسائل.. وإظهار مضامين محتواها.. إلا أنه يبدع ، يسعى أن يخترع نموذج في الرسائل لم تعهده بنات حواء..
اسألوها.. „ EllE ”.. إن لم تصدقوا ما اقوله (!) ..
ما يلونه في رسالته لها يريد أن يخبرها في جملة واحدة بقوله :" أنتِ شمس عمري ، أنتِ الشمس التي تضئ حياتي ، بل أنتِ كل الكون لي " ،
ثم يطرز المرسال من جميع أطرافة الأربعة، فقبل أن يَكتب حرفاً يحدد إطار الورقة ، يريد أن تكون رسالته لها „ وثيقة ” مسجلة ، تُثبت لها بمجرد ان تقع ناظرها على رسالته؛ وتؤكد مشاعره نحوها.. أنها المرأة الوحيدة في حياته.. وإن كذب!..
غالباً حين يكون في سفره - وما أكثر ترحاله وتنقله بسبب عمله أو ارتباطاته الآخرى - يضع ختمه.. : „ دمعة ” شوق من مقلةٍ سهرت في بعادها على وثيقة عشقه ، وفي أعلى الورقة شمس فاقع لونها الأصفر بإطار أحمر وضع في منتصفها أول حروف اسمها وحولها بالأزرق الخفيف سحابة ترافقها سحابة.. تعلوها سحابة.. تجاورها سحابة.. وفي أسفل الصفحة يأتي بعشب أخضر جميل من أعلى هضبة في مدينته الإسڪندرية أمطرت السماء منذ قليل فأنعش تربة الهضبة بعد أن بللها.. فينثره على ذيل الصفحة.. وتنبثق من عشبه الأخضر أزهار ملونه وورود متفتحة، وفي وسطها شجرة.. جذورها ثابتة.. ذات فروع خضراء تقترب من شمس الصفحة وسمائها.. ثم يبعثر بعض حبات التفاح بين أوراقها وعلى عشبها ، كأنه يقول لها : „ أريد أن ألون حياتي بجوارڪ ڪما ينبغي.. وڪما أريد! ” ..
ثم يوثق المرسال بتاريخ ويوم الڪتابة بل يزيد ويذڪر الساعة والدقيقة والثانية ، فالمرسال اقرب إلى وثيقة تحفظ في ذاڪرة الزمان.. وهو يبدأ بوصفها في أول سطر أو سطرين، وبنعتها.. ثم يبين مَن.. وما هي بالنسبة إليه ويتخيّر ڪلماته .. بل يتخير ڪيفية رسم حروف المرسال.. وڪيف يبدء السطر وڪيف ينهي الجملة ..
.. „ رفيقي ” ما استفاض معي في ڪلماته عنها ، أو ما ڪتب لها.. أو محتوى المرسال والخطاب..
ڪان يقول لي :" رسائلها ڪتبتها مرة واحدة فقط لها ، وأنتَ لا يصح لڪَ أن تعرف ماذا ڪتبت ، بل عليڪَ أن تتخيل تعبيرات وڪلمات وجمل ورسومات وألوان عاشق مشرقي لامرأة من الغرب شقراء فاقع لونها تسرني أنا وحدي دون غيري.. "..
غير أنه.. وليس بوقت بعيد يبدأ في أعادة ترڪيبة الڪلمات التي سطرها ، وڪأنه أراد أن يلغي التحذير الأول بأنه ڪتب لها وحدها.. وليس لأحد آخر.. وأن ما ڪتبه ليس للنشر ،
بيد أن التاريخ -خاصة قصص العشق- يخبرنا أن العاشق يريد فضح أمره وإن ڪنّى بأسماء واستعار معان وأخفى ملامح الصورة ، وستر اسمها ، ويحمّل الريح وجدانه فباح باسمها للزهور واعترف بما جرى بينهما في لحظات الوصال لأمواج البحر الأحمر وفي باطنه الأعشاب المرجانية التي منها صنع لها عقد فريد ، لُف حول عنقها.. فبڪل نبضة قلبها ينقل العقد حكاية عشقه.. فحملت جزيئات الماء من الأحمر إلى المتوسط الأبيض.. حملت مشاعره.. فحفظت داخل أصداف البحر الأبيض لحين يضع حبة اللؤلؤ في أصبعها ڪخاتم عشق إلى محبوبته ، وقصيدته التي رددتها أسماڪ المحيطات وتغنى باسمها على مسامع طيور السماء فتغني باسمها فوق الأشجار فينفضح أمره في ڪل الغابات ، العاشق وإن لم يرد فضح أمره ، إلا أنه من العسير أن يڪتم صدره سره.. وحبه الڪبير يغلي بداخله فتسمع أَزِيزا كأَزِيزِ المِرْجَل أو تلاطم الحمم كما يثور البرڪان ..
فقد اعترف عاشق بثينة باسمها ..
واعترف عاشق عزة باسمها ..
واعترف عاشق عبلة باسمها ..
واعترف عاشق ليلى باسمها..
هاتوا لي عاشقا لم يفضح امره ويڪشف سره!..
الإجابة : لن تجدوا واحداً!.. وهذا عند العرب في عصور الستر والمنعة!
و.. „ رفيقي ”.. حين ينتهي من ڪتابه لها يقول لي :" ڪنت أشعر بأنني أمير البلاد وملڪ العباد في القارة الأوروبية برمتها بل ڪنت أشعر بأنني حاڪم الڪون ڪله ، وڪنت أريد أن أقبل يد أول امرأة تقابلني في الطريق قد تحمل بعض ملامحها وڪنت أريد أن أنحني أمام ڪل النساء.. وڪان البعض منهن يفهمن إنني أريد مغازلتهن ، وهذا ليس بصحيح ، غير أن الغربيّات والشرقيّات على السواء - فهن نساء - لديهن فضول عجيب ، أُولَتهن تبدي تجاوباً فتسأل فيحدث حوار ، وثانيتهن تتحرج من السؤال فتنظر من تحت حجاب العين وليس من تحت حجاب الرأس وفضولها لم ينتهِ بعد ،
يڪمل فيقول لي :" حين أنتهي من مرسالي أبدأ افتش عن الثغرات بين السطور وبين الجمل وأزين وثيقتي ببعض الزهور أو رسم قلب هنا أو هناك على قدر المساحة المتبقية والمتاحة لي " ،
.. يتنهد طويلاً وينظر في سماء الغرفة.. فالمڪان يضيق به وإن اتسع لي..
ثم يردف :" ڪلماتي لها .. ڪنت أريد أن تُحفر في مخيلتها.. وفي ذهنها ، تحفر على قلبها.. ڪنت أجهد نفسي ڪثيراً.. فأنا لا أريد أن تقع عينها على الڪلمة المقرؤة ، بل أريد ان يقع التعبير الداخلي في ڪينونة روحي أولاً على قلبها "،
يتوقف عن الحديث لبرهة ثم يقول :" ويا لها من مهمة شاقة أن تعبر عن خيال المشرقي بــ... " ،
يتوقف مرة ثانية عن الحديث.. ويعبث بشئ ما تخيله أمامه ڪأنه يريد أن يمسڪه في فضاء ڪونِه الإفتراضي لا أراه بعيني ثم يڪمل بعد إخراج زفير طويل :" .. مهمة شاقة أن يعبر المشرقي عن خياله العربي الأصيل بڪلمات لغة غربية ليڪشف عن حاله " ،
يسمر „ رفيقي ” عينه على صورة نسجها أمامه دون أن يطلعني عليها ثم يقول:" ... وغالباً ڪانت تأتي منها مداخلة قائلة :" لقد فهمت قصدڪ وإن ڪانت الڪلمات المستخدمة ليست مناسبة للمعنى بالضبط ، أنت تأتي بڪلمات لم يستخدمها أحد من قبل من أدبائنا ، ڪما وليس لها وجود في قاموس لغتي القديم منه والجديد ، فڪلمة „Honigkeit“ مثلاً ليس لها وجود في القاموس ولڪنني أفهم ما تريد قوله ، لأنڪ تشرح الڪلمة ، في السطور التالية .. أقصد أنك تشرح مشاعرڪ تجاهي بڪلمات آخرى فتڪشف المصطلح الجديد .. وهذا ما يجعلني افهم ما تريد أن تقوله ، فأحيانا ڪثيرة تنحت ڪلمة جديدة من مخيلتڪ ، ڪلمة جديدة ليس لها أصول في لغتنا الألمانية ولم تستخدم من قبل ولڪنها وفق مقياس خاص بڪ.. وصغتها في قوالب صنعتها بيدڪ.. أقصد مشاعرڪ وأحاسيسڪ، أنتَ تڪتب بشكل جميل وافهم ڪل ما ترسله لي ، ڪم أنا سعيدة بمشاعرڪ وبتعبيراتڪ ، والغريب أنك تغوص في مسائل عدة ، واجلس وقتاً طويلا افڪر في تلك الآطر التي تضعني فيها رغما عني ، لأفڪر ڪيف تڪتب.. وڪيف تصفني.. وڪيف تعبر عن حبڪ لي ، بل ڪيف تفڪر .. ڪم أنا أحبڪ ... وڪم أنتَ .. حقاً .. مجنون! ، وڪم هو جميل أن تُجنَّ بسبب حبي وأخشى منڪ العدوى !!" .
ابتسم لها ڪالنشوان ، ومد يده ليمسڪ معصمها ليحلق بها فوق سحاب ما يعلوه سحاب ... ومددتُ أنا يدي لمعصمه لأتمنى له الشفاء .
.. „ رفيقي.”.. لا يترڪها طويلا تفڪر في ڪلماته بل يلمس أطراف أصابعها فيقرب يدها من شفتيه ليضع قبلة الغرام مع انحناءة الأمير العاشق ، قائلا لها :" أنا أڪتب فقط لڪ ، فأنتِ أمام عيني دائماً وفي مخيلتي ، أينما ذهبت فأنتِ ترافقينني في حلي وترحالي .. وفي خيمتي التي صنعتها لكِ وحدڪ ، وفي يقظتي ومنامي ، في مترو الأنفاق حين أتحرڪ داخل مدينتي وإثناء تواجدي في غرفة عملي ، وبين أوراق الملفات التي فوق مڪتبي ، أنتِ بجواري على دَرج بيتي أو في المصعد وحين أزور اصدقائي ، في جلستي مع أعضاء المؤسسة الخيرية التي أنشط فيها ، وإثناء عضويتي مع الجماعة الإسلامية التي انتمي إليها ، فأنتِ التي تقدمين لي منشفَ قطنٍ حين انتهي من وضوءي.. وتعدّلين حذائي في رفه حين أصلي الجمعة أو صلوات الأعياد في المرڪز الإسلامي أو المصلى المِصري ، وتسرعين الخطى حين أهم بالخروج وأريد أن أرتدي جاڪتتي فأنتِ معي في كل الأماڪن ، أنتِ زماني الذي أعيش معه.. والمڪان الذي أعيش فيه "..
وبكلمة مختصرة قال :" يجب على العاشق أن يستحوذ على معشوقته.. فكرا وتفكيرا.. إحساسا وعواطف روحا ونفساً .. قبل بالتأكيد الجسد والبدن "..
.. ثم فجَّر „ رفيقي.” قنبلة ڪاتمة للصوت .. ضحڪتُ أنا وهو إذ قال مفتخراً :" ليست فقط المرأة الشقراء البيضاء ذات العينين الزرقاء ڪتبتُ لها مثل هذه الرسائل بل .. ڪل الفتيات والنساء اللآئي عرفتهن منذ نهاية الصف الخامس الابتدائي.. ڪلهنَّ حظين بمثل هذه المكاتبات والرسائل والمراسلات!.. وحتى هذه.. المرأة الغربية.. لعلها ليست الآخيرة "...
وضحڪ بشڪل هستيري عالياً...
ثم توقف عن الضحڪ وأردف قائلا :" لعل هذا يعود لــ أستاذ الرسم .. في مدرسة سيد درويش الإبتدائية .. الأستاذ .. „ موسىٰ.” .. إنه بحق استاذ فنان.. وقد تعلمت منه الڪثير .. خاصة مزج الألوان وتناسقها ولغتها "..
ثم اراد أن يشرح لي ما قصده بڪلمته:" ڪل الفتيات والنساء اللآئي عرفتهن منذ نهاية الصف الخامس الابتدائي وحتى الأن .. أتذكر جارتنا.. والتي أرسلت إليها أول مرسال في مشبك الغسيل.. البنت فــ.. !! "...
فأوقفته مزمجراً.. قائلا:" ڪفاية ڪده النهاردة .. يا ڪذاب .. أقصد يا فنان!.. ".
وضحڪنا.. ونظر ڪل منا إلى صاحبه وڪأن هناك لحظة عتاب!..
فأنا ڪاتم اسراره.. وهو يختلف تماماً عني!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) *
[ ١ ] الجزء الأول
رواية «... الْرَجُلُ الْمَشْرَقِيُّ... »
الْوَرَقَةُ الْسَابِعَةُ مَنْ كُرَاسةِ إِسْكَنْدَرِيَّاتٍ
[ ١ . ٧ . ] „.إحسان .. إتقان.”..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
‏الخميس‏، 07‏ محرم‏، 1444هــ ~ 04 أغسطس 2022م ~ ‏04‏/08‏/2022‏ 0312 م







  رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المشرقي, الرجل, رواية

« قصة التاجر رشيد وابنه الغشاش | فاقد اليدين »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

Posting Rules
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رواية مؤثرة best frend قصص - روايات - حكايات ...منقولة 5 08-27-2019 03:36 AM
جسر الموت رواية أحمد الخزرجى قصص - روايات - حكايات ...منقولة 3 02-10-2013 04:38 PM
رواية الغريبة PrinCesS Gege قصص - روايات - حكايات ...منقولة 5 10-19-2012 11:54 AM
رواية فتح الاندلس نزارالفاضل مكتبة بنات مصر - قسم الكتب 1 10-21-2011 02:47 AM
رواية فارس أحلامى ( رومانسية مصرية ) رواية روووووووووووعة ياسمينة عمرى قصص - روايات - حكايات ...منقولة 1 06-10-2010 01:01 PM

مجلة الحلوة / مذهلة

الساعة الآن 11:09 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 RC 1
منتديات بنات مصر . منتدى كل العرب

a.d - i.s.s.w


elMagic Style.Design By:۩۩ elMagic ۩۩