..{ فع‘ــآآليـآآت المنتــدى }..



آخر 12 مواضيع
واجب عزاء لأختنا لميـس في وفاه والدتها
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : واد حبيب - مشاركات : 6 -
أمل
الكاتـب : د/ عبد الله - آخر مشاركة : نغم الشام بعد المغيب.. - مشاركات : 3 -
حقائق لن يخبرك عنها احد ...يمكنك نشرها
الكاتـب : out off box - آخر مشاركة : أمير عسكر - مشاركات : 3 -
خطيئتي الكبرى .. قلم مهيب
الكاتـب : مهيب الركن . - آخر مشاركة : أمير عسكر - مشاركات : 4 -
ساحر الأحزان مع أعضاء بنات مصر في رمضان مع مـريم
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : مهيب الركن . - مشاركات : 4 -
تفرق معاه
الكاتـب : شاعر الحب الحزين - آخر مشاركة : ☆ شهـــاب ☆ - مشاركات : 7 -
بنفهم متأخر
الكاتـب : شاعر الحب الحزين - مشاركات : 6 -
ساحر الأحزان مع أعضاء بنات مصر في رمضان مع الملـكله كيلوباترا
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : واد حبيب - مشاركات : 2 -
الـيوم لك وغـدا عليك
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : مهيب الركن . - مشاركات : 5 -
يعز عليا
الكاتـب : شاعر الحب الحزين - مشاركات : 4 -
ساحر الأحزان مع أعضاء بنات مصر في رمضان مع حـياه
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : د/ عبد الله - مشاركات : 2 -
قفلنا الباب
الكاتـب : شاعر الحب الحزين - مشاركات : 4 -

الإهداءات


رواية الرجل المشرقي

قصص - روايات - حكايات ...منقولة


1معجبون

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم منذ /01-02-2023, 05:54 PM   #121

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي ١٨ « ليل طويل ساهر«

18 - ليل طويل ساهر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
ألْمَحَت المرأةُ مِن وجهها: أمكنتْ مَن أْن يُلْمَح.. تفعلُ ذلك الحسناءُ تُرِي محاسنهَا مَنْ يتصدَّىٰ لها.. وتشعر فتحس برغبته منها.. ثم سرعان ما تُخْفيها.. تحت برقعٍ أو حجابٍ أو غطاء للرأس.. ساتر لوجهها.. وقد تُمعن في الإخفاء -ظاهراً- وإن ارادت أن تُبين م***************ا وفق مظهر غريزة أنوثتها المتمكنة منها.. من خلال الملاية اللف « „ الْإِسْكَنْدَرَانِيَّة ” » فــ ترغب أن تخفي نفسها خلفها.. فتلم الملاية جيداً وتحبكها بشدة حولها وتحكمها.. وفي الحقيقة هي تريد كشف المحاسن وإخفاء العيوب.. وقلما توجد في المرأة عيب!
مُحَمَّدٌ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[**١٨**]: الْوَرَقَةُ الثَامِنَةُ عَشرَةُ مِنْ ڪُرَاسةِ إِسْڪَنْدَرِيَّاتٍ
ـــــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
« ليل طويل ساهر »
خرج „ رفيقي ” بعد تناول وجبة العشاء في كامل إناقته متعطراً بعطر المساء؛ وهذا العطر تركيبته الخاصة به لا تجدها في محلات بيع العطور فهو يَخلِطه بطريقته وغالباً ما يتم بعد أداء صلاة الفجر مستحماً.. فهو „ رفيقي ” له طقوس لم يغيرها أو يبدلها منذ زمن بعيد.. هذا العطر يسميه بين معارفه « „ عطر الشباب والرجولة ” » والذي جلبه خصيصاً مِن المدينة المنورة التي هاجر إليها نبي الإسلام ثم دفن بها ولم يدفن في مسقط رأسه « „ مڪة ” » ؛ ولعلها إشارة واضحة لمن يكلف نفسه بنقل جثمان قريب به أو يوصي لنفسه بالدفن فيدفع مصارف تلقىٰ علىٰ تراب الأرض لرغبته أن يدفن بجوار الأباء والأجداد..
.. أحضر „ رفيقي ” عطره مِن المدينة التي طيَّب الله تعالىٰ هواءها وثراها بأن مشي خاتم رسله ما يزيد عن عشر سنوات فوق ترابها وفيها.. ثم زاد الهواء والثرىٰ والبقعة طيباً بمرقده وبجواره صاحبيه ووزيريه « الصديق » و « الفاروق »؛ و „ رفيقي ” يعتقد أن عطر المدينة المنورة أطيَّب من عطر سواها من أمَّات المدن وحَضر الأقاليم في مشارق الأرض ومغاربها.. والمرء منا له ما يعتقد في صحته طالما أنه لم يخالف ما ثبت بتواتر نقل أو بما هو قطعي الثبوت..
.. خرج „ رفيقي ” يتمشىٰ لا يقصد مڪاناً بعينه غير أنه قابل „Sylvia“ ومعها „ Maria ” في الطريق حيَّاهما بتحية المساء.. وأڪمل الطريق مسرعاً.. مظهراً أنه سيذهب لمڪانٍ ما ينتظره أحد فيه أو عنده موعدا هاما لا يصح أن يـتأخر عنه.. وڪأنه يُمني نفسه بلقاء سيدة القاعة المجهولة!
يخبرني „ رفيقي ”؛ أنه كان متأڪداً أن المقابلة مع النزيلة الجديدة المجهولة ستتم حتماً بالرغم من أنه لا يدري رقم غرفتها ولا اسمها ولا أي شئ مرتبط بها..
ظن أنه في صباح الجمعة سيقابلها عند تناول الفطور في قاعة الطعام الكبرىٰ ، لكن لم يحدث!؟ ..
أين هي إذاً! ؟
.. أخذ يفڪر.. ويفڪر!
ما الذي جذبه إليها!؟..
ما الذي بهذه السيدة المجهولة جعله هڪذا يريد أن يراها!؟..
ويريد أن يتحدث معها!!.
رغم أنها غريبة عنه!!
لم يرها من قبل.. ولڪنها.. هي تلك المرأة التي يريد أن ينظر إليها بل يرغب أن يمعن النظر في وجهها الصبوح ويقلب ناظره فوق شعرٍ ذهبي ملقىٰ علىٰ ظهرها وبين بياض بشرة ونعومة أطراف.. يريد أن يتحدث معها وإليها، ويجلس بجوارها..
.. العجيب أنه مڪث أڪثر من إسبوعين في منتجعه الصحي التأهيلي ولم يلفت إنتباهه امرأة.. والنساء ڪثيرات.. وعلىٰ طاولة الطعام ڪان دائما تجلس بجواره نساء أو حوله أو في سيره بين طرقات المنتجع التأهيلي أو في الشارع خارج المصحة، وڪن نساء يحملن مواصفات الجمال في قاموسه الذڪوري .. ڪــ :
- الشعر الشمسي، ڪــتاج ذهبي فوق رأسها يتلألأ ضياءً
- بياض الجسد الخلاب ڪحَلْبَةِ الفجر : الحليب الطازج الڪامل الدسم ،
- الطول المعتدل ،
- القوام الرشيق ،
- الصوت الملائڪي ،
- العطر الجذاب الذي يفوح في المڪان ڪأنه خرج للتو من أڪمام الزهور.. ونبع حالاً من بين أوراق الورود
ومع ڪل هذا لم يڪن ير أمامه نساء إلىٰ أن قدمت هذه المرأة المجهولة..
.. إنها تملك هذه المغناطيسية ذات الجاذبية العملاقة، والتي لا يملك إلا أن يتقدم إليها ويقف أمامها منحنياً ڪــأنه أمام أميرة مِن أميرات القصر الإمبراطوري الهابسبورجي مُقَبلاً يدها ـ إذ سمحت ـ .. وغالب النساء يعجبهنَّ هذا النوع من الترحاب وهذا القدر من التحية؛ وهذا القدر من الاهتمام..
وهو „ رفيقي ” يعجبه -جداً- هذه المجاملات؛ ثم ويطلب منها أن تبادله الحديث من خلال خطوات في طريق يحدد هو معالمها بعد التعارف..
مضىٰ اليوم سريعاً وجاء الليل.. وذهب إلىٰ مخدع نومه يحلم، فليس أمامه سوىٰ حلم جميل طويل؛ قد يستغرق منه الليل كله!
-*/*-
« القدر »
**[ 19 ] القدر
.. وقدراً يراها أمامه، في منتصف يومه التالي لمجيئها، تطل ڪـشمس الصباح المشرقة لطيفة الحرارة رقيقة الأشعة لا ترهق النظر بقدر ما تفتن الناظر إليها فتشرأب أعناق الزهور لطلتها وتتطاول عيدان الورود لأشعتها، وبرائحة الزهرة الندية تعبق المڪان، تتهادىٰ في مشيتها ڪأنها تقول له :
« „ أنتظرتك طويلا ، أين ڪنت! ” »؛.
إنها تتحدث بعينيها الزرقاويتين دون أن تحرك شفتاها، دون أن تنطق بحرف أو بڪلمة واحدة.. رأها وأخيراً وجدها أمامه وفي مسافة قريبة جداً منه..
رأها بعد أن جلست وهي ترتدي قطعة السباحة الواحدة، قطعة سمراء.. سوداء تكاد تغطي مساحة عريضة بيضاء .
امرأة يظهر مِن الوهلة الأولىٰ أنها تتخيَّر ملابسها.. حتىٰ قطعة السباحة التي تغطي م***************ا.. أو بتعبير أدق تڪشفها، فهو لا يملك إلا أن ينظر إليها وهو ينظر فقط لعينيها..
قطعة السباحة التي ترتديها ڪأنها فُصِلَتْ لها خصيصاً، ڪأنها ترافق جسدها منذ لحظة خلقها ڪامرأة، منذ لحظة مولدها ڪأنثىٰ، لا تحتاج إلىٰ ضبط أو تعديل ولا تدخل بين ثنايا الجسد في مناطق تحرجها، ولا تظهر ما لا تريد أن تظهره ولڪنها ڪغلالة رقيقة تڪسيها، ڪورقة التوت نمت علىٰ قدر حجم بضعة من جسدها..
تقابلا هڪذا دون ملابس المدنية الحديثة ودون تلك القطع الصناعية ودون قطعة قماش تسمىٰ بدلة أو قميص أو فستان أو جلباب يحشر المرء جسده فيها أو رابطة عنق يقف خلفها إنسان، ثم بعد مرور قليل من الوقت تمتلئ الثياب برائحة العرق أو العطر حسب مَن يرتديها.. وبدون جوارب ذات ألياف صناعية أو أحذية جلد أصلي أو بلاستيك!
فــڪان.. إذاً.. موعدهما الأول هڪذا..
أُريد -القدر- لهما أن يلتقيا دون ملابس الزينة أو طواقم الثياب ودون إڪسسوارات الموضة أو تدخل صناع الموضة حسب المواسم ووفق الأزمان أو مكملات ما يرتديه الإنسان في عصر أن الملابس تصنع إنساناً ودون تقليعات بيوت الأزياء العالمية أو المحلية، سواء غالية السعر أو باهظة الثمن أو رخيصة تلبس لمرة واحدة ثم تلقىٰ في أول كيس للمهملات..
تلاقيا هكذا ڪــ « آدم » و « حواء » ،
وڪــ لحظة الخلق الأولىٰ للبشرية جمعاء.. دون وجود إبليس اللعين -فقط- برفقة الملآئكة..
ولحظة التعارف بين ڪائنين مختلفين لڪنهما يڪملان بعضهما البعض..
لحظة الإحتياج الروحي
ولحظة الشوق الجسدي
ولحظة الراحة
لحظة الهدوء النفسي
ولحظة السكينة
لحظة يبدي كل منهما للآخر مودة
لحظة أن تشبع الروح فيرتوي ظمأ الجسد،
وهما بشران خُلقا بعلوية آلهية فحق أن تسجد الملآئڪة لحسن الصنعة وتمام الخلقة وليس سجود لجسد بالٍ.. بعد شراب هنيئ يبول.. وبعد لحظات من الطعام الشهي يختلي في الخلاء..
ففي أولىٰ لحظات بداية الخلق كانا يسبحان في علوٍ..
في جنةٍ عرضها السموات والأرض فيها ما لم تراه عين.. ولا سمعت عنه أذن.. ولا خطر علىٰ قلب بشر.. ولا توارد علىٰ ذهن أو عقل مخلوق.. فقد صنعهما الخالق بيده وابدع في التكوين فنفخ من روحه فخُلِقا.. وأحسن في التقويم فوجدا؛ بيد أنهما بآدمية أرضية ترابية طينية.. صلصال ڪالفخار من حمأ مسنون.. ثم هو من مني يمنى فنطفة فعلقة.. لذا فلهما متطلبات وإشباعات ورغبات وأهواء وميول وجوعات فيلزم أن ينجدلان وهما تحت نجوم السماء وكواكبها وتحت نور ضوء القمر وبعد لحظة الخلق ينجدلان تحت غطاء العفة وغلاف التقوىٰ وشغاف[(*)] ستر العورة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
[(*)] الأصل في الشَّغَافُ أنه غِلاف القلب، أَو سويداؤُه وحَبَّته..وهنا استعارة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

**[ 20 ] الخطة
لم يكن متوقعاً ولم يكن في الحسبان أن يتم اللقاء الأول بين „ رفيقي ” وبين مَن أعجبته -المرأة المجهولة- مِن الوهلة الأولىٰ والتي طلت بوجهها الصبوح عشاءً منذ ساعات قلائل؛ يمڪنك أن تقول تدخل القدر أو النصيب أو ما قُسم للإنسان.. فمنذ سويعات اسرعت الخطىٰ مغادرة قاعة الطعام والأن يتقابلا وجها لوجه في غرفة ضيقة لا تسع لأڪثر من خمسة أشخاص..
« مڪان اللقاء الأول »
„Tepidarium“غرفة „ البخار المتطاير في السماء ڪالسحاب ” ذات الأصول الرومانية أو الحمام الترڪي مع التعديل، إنها غرفة صغيرة يتصاعد منها بخار وتسمع خلفك خرير ماء ينسڪب مذاب فيه أملاح، وأنوار خافتة مختلفة تتغير ڪل لحظة ڪـأنها تتساقط علىٰ جدران المڪان ڪأنها أضواء تتساقط من نجوم سماء.. تريح الأعصاب..
هي جلست في هذه الغرفة مقابل باب الدخول الزجاجي مباشرة؛ فهي أول مَن قدم ويصلح لها أن تڪون أول من يغادر.. وجلس „ رفيقي ” في رڪن منها.. يمڪنه أن يراها منه جيدا، ألقىٰ عليها التحية.. خصها بها وحدها وأخذَ يلقي نظرة تلو نظرة عليها ڪأنه يريد أن يقول لها :
„ إني أخصك أنتِ بالتحية وأخصك بالنظر ” ..
„ أخصك دون سواك ” ،
„ فلا نساء بجوارك تصلح أن أنظر إليها ” ،
„ بل لا نساء -أصلاً- غيرك في هذا العالم أو تلك الدنيا” ،
و „ أخصك دون غيرك ”
و „ أخصك دون بقية الموجودين بـ « غرفتنا »!” .
و .. النساء يعجبهنَّ هذا الإهتمام الزائد.. وذلك الإختصاص المعين.. والتخصص بذاتها.. وهو يحسن القيام بهذا الدور؛ في حالة لو أعجبته امرأة .
ما نغص المشهد الذي لم يكن يتصوره أو يظن أو يحلم بحدوثه أبداً ..
إذ .. ڪان معهما في « غرفتِهما(!) » رجلا يڪبره في العمر وأبدىٰ مباشرة استيائه منه؛ ومن نظراته لها؛ وهو يعلم عنه بعض الشئ، فشريك « غرفتهما » أدرك أن „ رفيقي ” يتحدث لغة قوم « جوته »؛ بشڪل جيد مع بعض أخطاء قواعد اللغة لا ينتبه لها إلا الدارس ذات المستوىٰ العال لقواعد اللغة، و „ رفيقي ” ينطق الألمانية بلڪنة أجنبية إلىٰ حدٍ ما فقد تعلم لغة ساڪني ضفاف الدانوب الأزرق في وسط العشرينيات من عمره ، وهو - شريك الغرفة - علم انه حاصل علىٰ درجة علمية اڪاديمية عليا، ولا يستطع أن يقول ڪلمة لها ناصحاً اياها أمامه باللغة التي تفهمها و „ رفيقي ” يتقنها، بأن يخبرها -مثلا- أن تبتعد عن هذا الأجنبي، أو تحترس من أمثاله؛ ڪل ما استطاعه وقدر عليه أن يُظهر استيائه من خلال نظراته إلىٰ „ رفيقي ”، ثم توالت الضيوف علىٰ « غرفتهما »، وقد ڪان بعضهم يعرفه فتمتم عدة مرات برد التحية ولڪن بقى تخصص التحية لها وحدها،
وابتسمت إحداهنَّ له مظهرة أنها أدرڪت أنه معجب بالمرأة الجديدة علىٰ المنتجع لم تقل شيئا سوىٰ النظرات إليه وڪأنها تشجعه علىٰ الإستمرار في تخصصه..
والنساء يحسنَّ قرأت الرسائل المشفرة بين إثنين: أحدهما رجل والآخر امرأة!
في « الغرفة » ڪل منهما يلتف بملاءته القطنية لترشف العرق وهي لفت ملاءتها حول وسطها وأردافها وساقيها وترڪت الصدر مڪشوفاً عارياً ولڪنها حين أرادت الإستئذان وانتهىٰ الوقت المخصص للبقاء في غرفة « الغاز المتطاير في السماء ڪالسحاب » غطت صدرها، فتذكر سريعاً الملاية اللف « „ الْإِسْكَنْدَرَانِيَّة ” » والمرأة تڪشف الساق أو الذراع حين تريد وتغطيهما حين تريد.. فالدلال والعفاف والڪشف والغطاء والتبختر والحجاب وڪيفية رسم الخطوة فوق الطريق وإن كان ترابي ورنة الخلخال -إن وجد- لعبتها.. فتتقنها ڪل النساء الجميلات منهن ـ وڪلهنَّ جميلات وأيضاً المرأة التي يقول عنها الرجل إذا نظر إليها إنها ليست " حسناء " .
لم يستطع أن يقول لها شيئا، بحث عن ڪلمة أو مناسبة ليبدأ تبادل الڪلمات معها، أية ڪلمات غير أن الذاڪرة توقفت عن استحلاب ڪلمه وتحجرت خلايا مخه فلم تسعفه في فك ڪلمة ناهيك عن فتح موضوع يطول الحديث به أو عنه.. فقد جف حلقه.. وبلع لسانه، وتجمد نظره إليها .. ولعل هذا يڪفي بدايةً.. أو ربما لم يرد „ رفيقي ” أن يُقحم نفسه عليها فلعلها متزوجة أو لها صديق، فنحن نعيش في بلاد الغرب، أو صديق لها.. -احتمال-.. أو رفيق حياة يعاشر المرأة معاشرة الأزواج..
فهذه مسألة شخصية، اعترف بها النظام وقررتها القوانين وسنت اللوائح الدستورية لما يترتب علىٰ هذه المعاشرة من حقوق وأغمض رجال الدين العين وأغلق الوعاظ الأذن واسڪت المرشدون اللسان عن مثل هذه العلاقة؛ فصارت عرفاً مقبولا في العديد من البلاد . . وحتى العربية/الإسلامية منها.. ولعل قصة ألفها إحسان عبدالقدوس تحولت إلىٰ فيلم « أختي » تمثيل محمود ياسين ونجلاء فتحي يثبت مقولة „ رفيقي ” .. ولعل من الصدف السيئة أن يعرض الفيلم في الفاتح (01) من يناير عام 1971م(ونحن الأن في يناير) ببلد الأزهر والكنيسة المرقسية = مِصر .. أي منذ 52 عاماً ..
قلت لــ „ رفيقي ” .. مڪشراً : « „ أليس هذا من باب إعداد أجيال فاسدة منذ أكثر من نصف قرن من الزمان ” » ..
ابتسم وسڪت.. بيد أنه ابدى تألما ما .. فنحن -الأثنين- ابناء هذا الجيل بأمتياز!
**[ 21 ]
« الخطة »
خطته أن يبدأ الحديث عفوياً دون إقحام أو إفتعال، يعيش „ رفيقي ” دائماً حالة معينة ڪأنه يصنع عالمه بنفسه ويلون دنياه بفرشته ويخطط المدن ويرسم الشوارع ڪما يريد ويهوىٰ، وهو يريد صنفا معينا من النساء، سيدات المجتمع اللآتي تعود عليهنَّ، منذ أن تعرف علىٰ السيدة « فَوْزِيَّة »، « „ الْإِسْكَنْدَرَانِيَّة ” » ونزيلة مصحته للتأهيل البدني ومن ثم النفسي هي بالقطع من طراز سيدة « „ الْإِسْكَنْدَرَانِيَّة ” ».. و بالقطع سيخبرني „ رفيقي عنها.. أو.. عنهما ” في الحديث القادم..

ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) *
رواية : «„ الْرَجُلُ الْمَشْرَقِيُّ “ »
[ ١ . ] الجزء الأول.
١٨ « ليل طويل ساهر«
١٩: » القدر «
٢٠: „Tepidarium“ » «
ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
‏الإثنين‏، 10‏ جمادى الثانية‏، 1444هــ ~ 02 يناير 2023م ~ ‏02‏/01‏/2023م ~‏ 11 :49 : 26 ص







  رد مع اقتباس
قديم منذ /01-30-2023, 02:26 PM   #122

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي 22- 35 - مدرسة الحياة !

22- 35 - مدرسة الحياة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


** [ 22 ]
« المدرسة الحقيقة ... مدرسة الحياة »

هناك فصول دراسية في مدرسة الحياة مر بها رفيقنا ، بعض هذه الدروس أو المواقف غالية التكاليف باهظة المصروفات عالية الثمن إذ أنها تستغرق كامل عُمر الإنسان ، بعض هذه الدروس لم يعشها بنفسه فــ لا يذڪرها ؛ فقط سمعها مِن الوالدة.. والسماع يحوله عنده لوجود حقيقي داخله فتحتفظ بهذه الدروس الذاڪرة ويتفاعل معها لحظة اجترارها باعتبارها معلومات أولية معتمدة من جهة موثوق بها ، وبعضها عايشها وعاش معها.. فرح بالقليل منها وتألم لكثيرها ، فهو التلميذ/الطالب الدارس الوحيد في فصل دروسه التعليمية الإلزامية طوال حياته..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ


** [ 23 ]
« آثر الدين في التربية »

ولعل الدرس الأول منها هو : « „ تسميته ” »
اختارت جدته لأبيه اسماً قبل أن يولد ـ وڪان والده لا يرد لها مطلباً ولا يثني لها أمراً ولا يخالف لها رغبةً ـ ورغبت أمه بتسميته علىٰ اسم أخيها الذي يڪبرها وڪانت تحبه ڪثيراً ، ورضخت أمه لإقتراح جدته ، فهو : „ رفيقي ” أقرب إلىٰ أهل أبيه مِن أهل أمه ڪما صرحت بذلك مراراً ، وأراد مَنْ ڪَوَّنَهُ -سبحانه- في رحمها أن يولد بعد مولد نبي الإسلام : « محمد » ؛ بثلاثة أيام وفق التقويم الذي أقره فبدء به تحديد أعوام الدولة الإسلامية الخليفة الثاني الفاروق عُمر بن الخطاب العدوي.. وفي آخر لحظات مساء يوم المولد العجيب للــ : « سيد المسيح عيسى ابن مريم » ؛ -عليهما الصلاة السلام- ، وبداية يوم جديد وفق تقويم الكنيسة الغربية.. الروم الكاثوليك.. وهڪذا فبدلا مِن أن يسمىٰ بــ: « يوسف » ؛ كما رغبت أمه التي حملته تسعا { كُرْهًا } ..ثم..{ وَضَعَتْهُ كُرْهًا } سُمي بــ الـ : « مصطفىٰ » ؛ ڪما أرادت جدته ..
ويظهر أنه .. „ رفيقي ” تحسس أو شعر بخصوصية المسمىٰ : « المصطفىٰ » ؛.مِن باب الاصطفاء والاجتباء الارتضاء والاحتباء.. فڪان يشعر في ذات نفسه بخصوصية ما .. فقد أخبرني ذات مساء بعد العشاء ونحن نحتسي ڪوبا مِن الشاي في بدايات دراستنا في الغرب أنه ذهب يبحث عن مَن وُلد في هذا الشهر.. فــ أخبرني أن رجل العلم والسلام : „ محمد أنور السادات ” ثالث رئيس لجمهورية مِصر العربية وُلد في يوم مولده ؛ وهذا في بلاد العرب.. مِصر : أم الدنيا.. أما في بلاد الغرب فوُلد : „ بيل كيلنتون ” [(*)] الرئيس الأمريكي الثاني والأربعون للولايات المتحدة الأمريكية
عاش „ رفيقي ” في مسقط رأسه.. بلده : « „ الْإِسْڪَنْدَرِيَّةِ ” » ؛ حيث اختلط فيها الدين بالعرف والتقاليد وبالعادات ، والموروث الثقافي أحيانا يمتزج دون غربلته أو تحقيقه أو مراجعته بالوافد الجديد القادم مِن الغرب أو الشرق دون النظر لإختلاف البيئة وبلد المنشأ أو الوسط الذي تواجد فيه هذا القادم الجديد ونشأ فيه سواء عُرف ڪان أو تقليد أو عيد أو احتفال أو ملبس أو طعام ، ومرفأ « „ الْإِسْڪَنْدَرِيَّةُ ” » ترسي عليه سفن ڪل شعوب الأرض ، والشعب المِصري يُشهد له بالتدين منذ قديم الأزل ، وامتزاج الشئ بنقيضه في مناخ واحد وبيئة واحدة بل في شارع واحد ڪخمارة لبيع الخمور المحرمة بالقرب من مسجد ڪمستودع ماسخ للخمور بالقرب من جامع القائد إبراهيم شڪَّل شخصيته ، فلعب الدين وما عليه اليوم أهله مِن موروثات دوراً جوهرياً وحيوياً في ترڪيبته النفسية والمزاجية ، وآثر في وجدانه وشڪّل مشاعره تجاه بعض القضايا دون بعضها ، بيّد أن الوافد القادم الجديد الثقافي منه والفكري أو الإجتماعي والسياسي وإطلاعته الڪثيرة والمتنوعة وطريقة معينة أخذها بالدرس في فهم الدين آثر ڪل هذا في بناء عقلية خاصة به ولأمثاله ، تُلحظ الفارق بين التربية التقليدية المتبعة وما ينتج عنها من نمطية تفڪير رجعية عند الغالبية يشوبها الخوف .. وبين التربية العقلية والإدراڪية الاستيعابية ويعلوها التقارب والمتمثلة بنمطية فهم عصري يقرب الموروث وما علق به من شوائب دون أن ينڪره أو يهمله أو يرفضه بل يغربله أو يصلحه أو كما قيل له :" وضع الخط المستقيم بجوار الخط المعوج " ، فيقترب مما عليه القوم بقدر ما يقترب مِن العلم بأدواته وأدلته القطعية في ذهن إنسان يحترم آدميته فيرتقي بإنسانيته ويقدر تعدد القوىٰ العاقلة بداخله أيما تقدير ، ويؤڪد وجود آدمية غيره وبشرية سواه ، بيد أن إختلاف طريقة التربيتين -التقليدية الموروثة دون غربلتها والحديثة العلمية مع مراعاة الموروث الديني والتاريخي والثقافي- يتأتىٰ عن اختلافهما أحياناً ڪثيرة مصادمات فڪرية وهذا أدنىٰ الصدام.. دون الصدام الدموي أو تصفية الآخر .. كما حدث عندما أرادوا تصفية د. طه حسين معنوياً أو تصفية نجيب محفوظ وجودياً بقتله.. دون فتح حوار للنقاش الهادئ لفهم ما ذهب إليه الطارح لفكرة غريبة في مجتمع محافظ رجعي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


** [ 24 ]
« معلمته الأولىٰ درس العصر و سندرة النساء »

حتىٰ الرابعة الإبتدائي في مرحلة دراسته الأولىٰ ڪان تلميذاً.. فقط تلميذاً لا يدرك عن الحياة الڪثير بل قد لا يدري عن الحياة شيئاً إلا مِن خلال جدته لأبيه : « „ معلمته الأولىٰ ” » ؛ فــ دربته ڪيف يسلم علىٰ النساء وڪلهنَّ في عُمْرِ جدته وڪلهنَّ أرامل فقدنَّ الخل والخليل وفقدنَّ العاشق النبيل والمحب القريب، ورفيقي ڪان يحسن تحيتهنَّ والحديث معهنَّ فهو بحق الصغير المدلل .. ولهدوئه ولدماثة خلقه ڪان مقرباً من زميلات جدته في درس العصر بمسجد جامع : « سلطان » بالقرب مِن شارع الراوي ، شارع عائلة أمه وحارة بيت أبيه مِلك جدته وكانت دون اسم يذكر وأطلق عليها : « „ حارة حَلَابُو ” » ؛ - و لا يدرك أحد مَن هو المدعو حلابو- الواقعة بـــ باب عمر باشا ، والمسجد واقع في شارع : « „ عمر بن الخطاب ” » ؛ والدرس يلقيه الشيخ: « „ أحمد ” » ؛ و „ رفيقي ” لا يذكر عنه أي شئٍ ..
وغالباً ما ڪان يغفو „ رفيقي ” لصغر سنه فــ ينام .. فتأخذه القريبة إليه من زميلات جدته وتحمله بحنان لينام في حجرها وينعم بنعومة حرير : « „ الملاءة اللف الْإِسْڪَنْدَرانيَّةِ ” » ؛ ڪغطاء له في الشتاء .. أو « „ الطرحة ” » البيضاء .. غطاء الرأس في فصل الصيف ، وڪلاهما -الملاءة والطرحة- يحملا رائحة خاصة ما زال يذڪرها ليومه هذا ، رائحةٌ تشده شداً من زميلة جدته لآخرىٰ تشبه رائحة عطر جدته الحجازي ، عطر المسك الأصلي .. وهو الذي أعتاد علىٰ شم رائحة النساء الأرامل حين يجذبَنَّه جذباً بالتقبيل والأحضان ـ فهو الأبن الوحيد للعائلة ..
„ رفيقنا ” هو ابن الخال الحنون والذي ڪان -والده- يُڪرم بنات أخته الوحيدة غير الشقيقة ـ عمة رفيقي ـ وڪان يضيِّف أفراد العائلة وبالتالي ڪان يُڪرّم ابنه لڪرم أبيه ـ وإن ڪان أحيانا يلعب مع أبناء أخواله ولعلها مرة أو مرتين في الإسبوع لذلك فهو معتاد علىٰ رائحة فساتين النساء عن قرب ، خاصة أقمشة الحرائر الفاخرة .. وذلك الملمس الناعم الرقيق للـ : « „ ملاءة اللف الحريرية الْإِسْڪَنْدَرَانِيَّةِ ” » ؛ وڪنَّ مِن هوانم المجتمع -وقتذاك ـ فبعولتهن من ڪبار التجار ـ يلبسنَّ الحرير الفاخر ويتفحصهنَّ جودته ويعلمنَّ الردئ منه من الجيد .. ويتعطرنَّ بمخلوط مڪة المڪرمة والمدينة المنورة في أيام العطر الزيتي الأصلي ، وأما غالب هذه الأيام فيشم العطر الأفرنجي الممزوج بالكحول أو ما يسمىٰ بالڪولونيا من محلات : „ داود عدس ” ؛ اليهودي قبل التأميم في العهد الناصري أو معرض : „ بنزايون ” ؛ ، أو : „ عُمر أفندي ” ؛ وڪانت فسحته الوحيدة إلىٰ المسجد حتىٰ ذلك الحين ، وقد ڪانت تڪرمه جدته لأبيه لڪرم وبر والده لها وحفاوته بها وحبه الشديد الظاهر للعيان لها..
.. وهڪذا لعبت وحدانيته في عائلته الصغيرة دوراً بارزاً في نشأته بين نساء العائلة .. وكنَّ جميلات يحملنَّ بشرة ناصعة البياض وآحداهنَّ كانت من جميلات جبل لبنان .. أضف زميلات جدته في مسجد سلطان وكان دائماً على أنفه عطور النساء علىٰ أختلاف الأذواق والمارڪات وعلى ملمس خده أو بنان اصابعه الصغيرة أنواع الحرير الفاخر الهندي أو المصنع محلياً .
وهو الذي ڪان ممنوعاً من اللعب مع أترابه في الشارع الذي يسڪن فيه بأمر أمه وحجتها ڪانت : „ حتىٰ لا يوسخ ملابسه ولا أظفار أو أصابع يده ” .
كَلامٌ مُقْتَضَبٌ .. وبهذه الصورة الموجزة عاش في مجتمع الحريم سواء الجدة لأبيه أو أمه في منزل أبيه ، أو العمة أو الخالة في البيت الڪبير بيت جدته لأمه بشارع الراوي والقريب مِن منزله ، وبالطبع يتعايش مع نساء اعمامه اللآتي يسڪنَّ في نفس منزله وخلاف ذلك فلا عالم آخر له .

وڪان يرغب في زيارة اقرباءه خاصة الأرامل منهنَّ ، ڪـ أرملة خاله : « يوسف » ؛ أو أرمله خاله : « إبراهيم » ؛ وڪان يتردد ڪثيراً علىٰ نساء أعمامه ، ويجلس منشرحاً بينهنَّ ، محسناً الحديث مطولاً في جلسته وڪان متأدباً يحسن الحديث معهنَّ ، وڪأنه يختار أوقات تڪون فيها أعمامه أو أبنائهم في العمل أو غير موجودين ، أو هڪذا كان يحدث .

ـ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


** [ 25 ]
« القميص الحرير »

جرت العادة عند المسلمين أن يُشترىٰ الجديد من الثياب في الأيام الأخيرة من شهر الصيام ويلبسها الڪبير قبل الصغير في وقفة العيد ويؤدي بها صلاته في الجامع الڪبير ، ثم يذهب الصغار بعد أداء الصلاة مع الأب والعم لزيارة الأموات في مقابر العائلة بمنطقة تسمى : « العَمود ” » ؛ لوجود مسلة فرعونية بالقرب من الباب العمومي لمقابر مدينة الْإِسْڪَنْدَريَّةِ القديمة.. لــ يعيِّد الأحياء علىٰ الميت خاصة ڪبار العائلة ڪـ الجد أو العم الڪبير أو الجدة أو مَن سڪن القبور مِن أهلهم المقربين ، ثم يذهب الڪل بعد ذلك ليبارڪوا بالعيد السعيد الأحياء ..
وفي آحدىٰ المرات أشترت الوالدة له قميصاً حريراً أو قماشاً غالياً وفصلته عند الحائك ولبسه ، وذهب لزيارة الخالة : « أم حسن » ، فڪانت الزيارة تبدأ ببيت عائلة الأم لقربه من بيته ، فسألته خالته :
„ أنتَ لابس القميص الحرير الجميل ده لمين !؟ ” ؛
وقد تعلم „ رفيقي ” من مدربه في الأڪاديمية في فيينا الدكتور „Bolz“ إنه لا يوجد اسئلة ساذجة بل توجد أجوبة ساذجة ، الإجابة علمها من حديث أمه معه ، فهو ـ ڪما أخبرني - لا يذڪر الواقعة ولا يذڪر بالتالي القميص الحرير الجديد الفاخر ، ولا لونه غير أن إجابته لخالته ڪانت :
„ ألبس القميص الحرير الجديد لأعجب الستات الحلويين ” ..
هذه رواية الوالدة ، ولا يدري أي : « „ ستات ” » !؟؛
و لا أي : « „ حلويين ” » !؟؛ قصدَ هو أو قصد من لقنه الإجابة ..
وهنا يأتي دور التلقين ؛ ومنذ حين من الزمان صار داخل البيوت والشقة المغلقة التليفزيون ومنصات التواصل الاجتماعي وسائل تلقين للصغير بدلا من الأم و المعلم!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


** [ 26 ]
« من سنن الأنبياء .. الختان »
وهذه أيضا رواية الوالدة وإن ڪان يوجد دليل مادي ملموس علىٰ صحة روايتها ، وأحداثها تمت وهو تقريباً حين تجاوز سن الرابعة بقليل وڪأحد أبناء المسلمين يُختن الصبي قبل أن يبلغ أَشُده .. والختان من سنن الأنبياء ڪما عُلم لاحقاً ..
والرواية بڪاملها لا يتذڪر منها شيئا سوىٰ : « „ الدليل ” » المادي القطعي الثبوت علىٰ صحتها .. : « „ صورة العُرس ” » !.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


** [ 27 ]
« ختان... فــ ليلة عُرس »

تم الختان عند الطبيب الدكتور : « محمد عبدالوهاب » ؛ في الوَسَعَايَّة بـ: « باب عمر باشا » ؛ بجوار السينما المحروقة ،
فـ الوالدة ڪانت المرأة الأولىٰ في عائلة أبيه أو عائلة الأم والتي تضع جنينها بعد أن اكتمل برحمها طفلاً في مستشفىٰ متخصص لطلبها هذا ، وهي نقلة نوعية في طريقة التفڪير عند نساء مِصر في هذه الفترة الزمنية ـ أوائل الخمسينات مِن القرن الماضي ـ وسلوك المرأة ، ومستشفىٰ : « دار إسماعيل » ؛ بشارع الخديوي ڪانت تحت الرعاية الإنجليزية .
أما طاقم الدڪاترة فڪان مِصري والقابلة المولدة„Midwifery“ إنجليزية وهي مِن الراهبات وبجوارها تعمل مولدَّات مِصريات ، فالولادة تمت بمستشفىٰ تخصصي وليس ڪما تفعل نساء العائلة أمام الداية " القابلة " „Hebamme“، ويرىٰ الجنين نور الحياة علىٰ أيدي القابلات ، وأيضا تم الختان عند الطبيب ، وليس حلاق الحي أو تمرجي المستشفىٰ .. وبعد الختان وإلتئام الجرح تم حفل عُرس حقيقي في الصالة الڪبرىٰ بمسرح المواساة بمحطة الرمل المقابل لميناء الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ الشرقي وبجوار تمثال الزعيم : « „ سعد زغلول ” » ، الذي أعطىٰ وجهه للبحر ميمناً جهة الشمال وإلىٰ القارة الأوربية تحديداً ، وحين سأل عمه „ سعدالدين » ؛ أصغر الأعمام سناً وأوسمهم:
„ ليه ياعمي ، سعد زغلول مدِي وشه للبحر؟ ” ،
فرد عليه قائلا :
„ سعد قال لمراته صفية : غطيني يا صفية ، ما فيش فايدة ، أنا عاوز أنام ” »(!!!) .
ومع أنه لم يفهم الإجابة .. لم يعد السؤال ، فلقد أقترب من باب المسرح وحضرت العروس بثوب الزفاف وطرحة العُرس علىٰ رأسها ، وهذه رواية زوجة عمه .

المناصفة في العروس
والطريف أن العروس ڪانت بــ : « المناصفة » ؛ وڪان له فيها : « شريكا » ؛ حقيقيا ، فهي جلست في الوسط وعلىٰ يمينها عريس وعلىٰ يسارها عريس آخر ، وهو „ رفيقي ” لا يتذڪر هذا العُرس ولا المعازيم ولا راقصة البطن المشهورة والتي جاءت لتحيي الحفلة وهو معتاد في الأفراح آنذاك والآن ،
أقصد تأدباً وتحضراً فنانة الرقص الشرقي ، حيث أن بعضهن اليوم مِن حاملات الشهادات الجامعية ، هذا قبل عصر الصحوة الإسلامية وعودة الإسلام المسيس ڪما يدعي البعض ، ولڪنه يذڪر جيداً شريڪه في عروسته فهو ابن عمه „ أحمد ” ؛ الذي يصغره بستة شهور ، والعروس يذڪرها جيداً وإن سعت أن تخفي شيئا ما حين يتقابلا وتطمس معالم العُرس من الذاڪرة في محاولة فاشلة منها وهو يذڪرها دوماً بقوله :
« „ أنتِ كنتِ عروستي! ” » ؛
فالعروس هي الأبنة الكبرىٰ لخالة ابن عمه : « „ نورا ” » ؛ وهي الفتاة الڪبيرة نسبياً ولڪنها المناسبة لهما ، وقد وقف ببدلة العُرس السمراء والقميص الأبيض الزاهي ورابطة العنق وهي بجواره تتأبط يده وعلىٰ رأسها تاج العروس وزهور الدانتيل الجميلة ، مناسبة أرادت أمه أن تخلدها في ذاڪرته من خلال روايتها له ، وتبحث معه عن الصورة بين ڪومة مِن الصور التذڪارية .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ


** [ 28 ]
« المدرسة الفرنساوي »

أراد أبوه أن يلحقه بروضة الأطفال ڪي يُعد بعد ذلك لدخول المدرسة الفرنساوي : « سانت يوسف » الإبتدائية خلف مدرسة : « الصوري » الإبتدائية الحڪومية ليتمڪن مِن الفرنسية ڪلُغة ثم يڪمل تعليمه بڪلية : « سانت مارك » بالرمل متجها بعد التخرج إلىٰ فرنسا ليدرس الحقوق ثم ينخرط في سلك المحاماة ، هذا ما أراده الوالد .
إدارة المدرسة الفرنساوية قبلت أوراقه قبل إتمامه سن الخامسة وصار طفلاً في روضة الأطفال ، وڪانت المدرسات راهبات فرنسيات ـ ڪما تروي أمه له ، وهو لا يذڪر هذه القصة بالمرة ـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


** [ 29 ]
« المحمدي .. في مدرسة الراهبات الفرنسيات »

وفي صباح آحدىٰ العطلات -لا يذكر „ رفيقي ” أي مناسبة لهذه العطلة- وعلىٰ مائدة فطور العائلة وأمام جدته لأبيه قام بأداء صلاة قبل تناول الطعام ڪما تعلمها في الروضة الفرنساوية الملحقة بالمدرسة ، صلاة النصارىٰ ، صلاة الشكر ثم قدس نفسه بالتصليب على صدره، وأخذ يترنم بڪلمات فرنسية ، جُمل مما حفظها علىٰ مائدة الراهبات الفرنسيات ليقولها قبل تناول الطعام ولا تفهمها والدة أبيه .. فاشارات بيدها إليه وباصبع الإتهام ووجهت القول لأمه مزمجرة غاضبة قائلة :
„ شوفي .. يا عِيشَه ـ اسم أمه ـ الولد مش راح يعرف عربي ، حيتڪلم فرنساوي ذي ولاد الخواجات ، وبيصلي صلاة النصارىٰ وأحنا في بيت مسلم ، لازم يسيب المدرسة دي!؟ ، وشوفي ڪمان يا عائشة سحنة وشّه عامله ازاي ، ذي عُبَّاد الصليب !؟ ، وأل آيه اسمه الـ مصطفىٰ !! ” .
ودون نقاش يذڪر ـ ڪما أخبرته أمه ـ سمع الوالد ڪلام أمه - جدة الصغير- وترك الغلام الروضة الفرنسية ، وهو غصن أخضر وعود طري لا يفقه مما قالته جدته لأبيه حرفاً أو معنىٰ ، بيد أن أمه تذڪره دوماً بقولها له :
„ إنها غلطة ! ، أن تترك هذه المدرسة ، ربنا يسامح جدتك ، ڪان مستقبلك حيڪون حاجة تانية ” .
هذا القول قد يڪون الخلفية الذهنية في رغبته أن يتمم تعليمه العالي في بلاد الفرنجة ـ ڪرغبة الوالد ـ والتي منعته جدته في طفولته من الإقتراب من أهل الغرب أهل العلم علىٰ ڪامل التراب المِصري .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


** [ 30 ]
« المعلم الأول »

معلمه الأول بالمدرسة الإبتدائية الحڪومية يدعىٰ الأستاذ : « „ فؤاد ” » ، الأن لا يذڪر عنه سوىٰ اسمه ..
بلىٰ! ـ
يتذڪر „ رفيقي ” ويڪمل القول ـ بل أذڪرُ أيضا هيئته ، بدلته ، مشيته ، هدوئه ، أدبه الجم ، ثم يعلنها بوضوح تعلمتُ منه الڪثير ، تعلمتُ منه ڪيف أتحدثُ بهدوء ، وأنظرُ إلىٰ عينيّ محدثي ، والعرب تحسن الحديث بضوضاء فنحن نتحدث بصوت عال ڪخطباء الجمع و وعاظ المنابر وزعماء الساحات والميادين ، وجنرالات المقاهي ، وجمهور مباريات ڪرة قدم الدرجة الثالثة ، الأستاذ : « „ فؤاد ” » ڪان مسيحياً ، ولم نكن وقتها ـ عام 1957 تقريباً ـ نفرق بين مسلم ومسيحي في “Ägypt „ إلا إذا وجد الأفرنجي بيننا ، ولم نلحظ ونحن تلاميذ الإبتدائي أي تدخل أو توجيه منه ـ قصد رفيقي الأستاذ فؤاد ـ في طريقة إيماننا ، ولم يتحدث مطلقاً عن السيد المسيح غير أن ما في القلوب من إيمان وڪره وحب وعقيدة يظل في القلوب ، وهذا ما أظهرته الأيام الحوامل من مِصريي المهجر والمهاجر المسلم.
الأستاذ « „ فؤاد ” » ؛ عيَّن „ رفيقي ” أحد قضاة الصف الدراسي ، والدمرداش ـ والذي صار بعد ذلك طبيباً جاء لزيارتنا مرة وعمل بدون آجر في المستشفىٰ „AKH“ الفيّناوي ، والقاضي الثالث لا يذكر اسمه الأن ـ أصبح بعد ذلك ضابطاً في الشرطة ومن رجال الأمن ، وهو مسيحي ..
ثم يخبرني „ رفيقي ” بقوله : « „ ڪانت ثلاثتنا قضاة الصف ، فمن يخطأ من التلاميذ نصدر حڪماً عليه وڪنا نرتدي وشاحاً أخضراً نضعه على الكتف يربط أسفله في وسط مريلة المدرسة الابتدائي الموحدة علامة علىٰ أننا القضاة وڪنا بالطبع نفتخر بهذا ” »
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


** [ 31 ]
« عيسىٰ »

أختار أصدقاء وزملاء والده له أسماً آخراً غير اسمه الحقيقي ، فڪانوا ينادونه في أروقة المحڪمة بـ: « „ عيسىٰ ” » إثناء وجوده معهم في العطلة الصيفية ، إذ تصادف مولده في نفس اليوم الذي يحتفل نصارىٰ الغرب بمولد: « „ السيد المسيح ” ».. ويظن „رفيق ” أن صاحب فڪرة تغيير الاسم من المصطفىٰ إلىٰ عيسىٰ هو الاستاذ : « „ أدولف فرج.. أمين مڪتبة المحڪمة الحقانية ” » ؛ وڪان عمله في العطلة الصيفية هذا عقاباً له ، لأنه لعب مع بنت جيران خالته « „ أم حسن ” » دور „ الطبيب ” ، وقفشهما عم الطفلة „ المريضة الحامل ” علىٰ سطح بيت عائلة أمه وهو يمارس " مهنته "، وحادثة « طبيب التوليد » هذه ڪانت في نهاية مرحلة الإبتدائي وفق نظام وزارة التربية والتعليم القديم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


** [ 32 ]
« رامون خوسيه »

بين حقول جنوب فرنسا لڪروم العصر لصناعة النبيذ سماه العجوز الإسباني الذي ڪان يعمل معه أسما جديدا يناسب أسماء الأسبان ، حين سافر في العطلة الصيفية إلىٰ فرنسا إثناء الدراسة في جامعة حلوان فرع الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ ، إذ لم يجد فرصة عمل مناسبة له أو غير مناسبة في عاصمة النور : « باريس » ؛ فعلم أن موسم قطف العنب علىٰ وشك القدوم ، وليس أمامه مِن حل سوىٰ أن يقطف العنب في موسمه ليغطي مصاريف الرحلة حيث أن العطلة الصيفية أوشڪت علىٰ الإنتهاء وحتىٰ لا يعود فاشلاً غادر باريس في إتجاه الجنوب ليجمع بعض الفرنڪات ليثبت أمام الوالد الذي ڪان يرفض سفره ، أنه ... رجل ، و: « „ رامون خوسيه ” » ؛ هو الإسم الذي ڪان يستخدمه حين يتعرف علىٰ بنات الغرب وخاصة السيدة ضفيتنا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


** [ 33 ]
« السينما »

لعبت الشاشة الفضية „ السينما ” دوراً غير مباشر في تڪوين شخصية „ رفيقي ” » بشڪل تلمسه إن اقتربت منه ، فهي - „ السينما ” رفعت نسبة الخيال والتصورات غير الواقعية في ذهنه وشڪلت بصورة أو آخرىٰ جزءً من شخصيته وفي نفس الوقت أقنعته بوجود حلول سحرية ومخارج من الورطات في ڪل لحظة ووقت ڪما يحدث في معظم الأفلام ، وهناك العديد من الروايات والقصص التي قدمتها الشاشة الفضية أثرت في شخصيته وتقمصها أحيانا ، ثم أوجد لنفسه شخصيته الحالية التي نعرفها ، الوالد اراد له بصورة غير مباشرة أن يعرف العالم الآخر من خلال أفلام هوليوود ، فإذا حصل علىٰ درجة جيدة في مواد الدراسة ڪُفِءَ بالذهاب إلىٰ السينما الحفلة الصباحية ، وحفلة الثالثة بعد الظهر ڪانت ترويحاً عن أمه فڪان يرافقها لترىٰ الفيلم العربي ، وإختلاف نمطية العيش والعرض وطريقة الحياة والحبڪة الدرامية والإخراج والتصوير والإمكانيات المتاحة وقدرات الأبطال في تشخيص أدوارهم بين فيلم الصباح : « „ الغربي ” » الهوليودي وفيلم الثالثة بعد الظهر : « „ العربي ” » والمصنع مِصرياً ، جعلت „ رفيقي ” يميل بالطبع للأفلام الغربية ويجد في نساء الغرب الشقراوات وهذا الدلال وأسلوب الغزل المدرسة العملية لرجل الغد .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


** [ 34 ]
«قصة عذاب وآلام السيد المسيح عليه السلام»

جرت العادة أن يحضر بمفرده ڪل عام في سينما : « „ فؤاد ” » بشارع الملك فؤاد الأول ، طريق قناة السويس لاحقا في احتفالات شم النسيم وعيد الفصح فيلم : « „ حياة وآلام السيد المسيح ” » برغبة من والده وقناعة منه ، ولعل أحداث الفيلم لعبت دوراً غير مباشر في شخصيته فيما بعد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ


** [35 ]
« غياب المعلمة الأولىٰ من حياته »

اصطدم بتغيّر أسلوب الحياة حين عاد مِن السينما عصراً في أول أيام عيد الأضحىٰ المبارك فوجد أمه بملابس السواد والحداد وتبڪي وقالت بدموع على خدها وبيدها منديل مبلل بتلك الدموع ..قالت له:
« „ ستك .. ماتت .. يا مصطفىٰ !! ” » ،
لم يدرك معنىٰ الڪلمة وإن سمعها مرات مِن قبل ، وتعطل دور هام ڪانت تقوم معه : « „ سته ” » ؛ وبدون أن يدري أنتقل إلىٰ دور جديد عند خالته : « „ أم حسن ” » ، فڪان يتردد ڪثيراً عليها .

ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ــــــــــــــــــــــــــ
* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) *
[(*)] 19 أغسطس 1946 العمر الأن 76 سنة؛ أركانساس، الولايات المتحدة
ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
رواية : «... الْرَجُلُ الْمَشْرَقِيُّ... »
(د .الْفَخْرُ؛ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ؛ ثم الْمِصْرِيُّ مُحَمَّدُ فَخْرُالدينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ)
‏الإثنين‏، 09‏ رجب‏، 1444هــ ~30 يناير 2023







  رد مع اقتباس
قديم منذ /02-20-2023, 08:57 PM   #123

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي 36-41 حبيس المرأتين!

36-41 حبيس المرأتين
ــ ـــــ ـــــ ـــــــــ ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
[ 36 ] « أسلوب نشأة »:
ڪانت هذه المواقف السابقة بمجملها قبل أن يتجاوز الحادية عشر من عمره بقليل ، وهو مازال تلميذ الإبتدائي في بداية الصف السادس وفق نظام التعليم الإلزامي وقتذاك ، يتذڪر تماماً ما قيل وما جرىٰ ڪأنه حدث البارحة ، ولعل السيدة « „ فوزية ” » لعبت الدورَ الأعظم في حياته المستقبلية ڪرجل ، فقد صارت هي المرأة النموذجية والمثال الذي يبحث عنه بين النساء مع بعض التعديلات التي أخذت من النماذج الأوروبية .
السيدة « „ فوزية ” » ڪانت امرأة جميلة حقاً فهي في نهاية عقدها الثالث ، وهي مفعمة بإنوثة صارخة طاغية ، تجذبك طفولتها البريئة في حديثها .. النظيفة في تعبيراتها وإن ڪانت سيدة ذات بعل فولدت طفلين ، عيناها مڪحلتان عسليتان تتڪلمان قبل شفتيها ، ڪستنائية الشعر الحرير الناعم الذي ينسدل علىٰ ڪتفيها ، ممشوقة القوام .. تمتلك مساحات شاسعة من بياض البشرة خُلط فيها العسل الأبيض النقي بالحليب الطازج المشرأب بـ لون حبات الفرَولة المقطوفة في حينها فتلاحظها في بعض المناطق التي يتمكن المرء بسهولة ويسر أن تراها ، لا تجد طبقات دهون قد اڪتنزت في مناطق ما ، فــ إذا مرت أمامك بخطوات قصيرة ينتشر في المڪان حولها ويفوح عبق عطر لم يشمه إنسان من قبل ، فهي قطعة مِن المسك الأصلي من أخمص قدميها إلىٰ مفرق شعرها ، وتمتاز بـ رقة الأم الحنون الرؤوم .. فــ يقترب منها „ رفيقي ” ڪعادته - فهو مازال الصبي الصغير المدلل - وهي تأتي ڪأنها أتت له وحده - المسألة القديمة وعقدته المستقبلية وقضيته الجوهرية فهو دائما يريد أن يڪون مرڪز الدائرة ووسطها - .. والسيدة « „ فوزية ” » تفتعل مواقف معه ڪأنها دبرت في ليل دامس دون أن يدري ، فهو الابن الوحيد الشبه مدلل .. بل بحق المدلل ، أو ڪما يقولون عنه „ ابن أمه ” .. „Muttersoehnchen“ .
تربىٰ بين أحضان جدته لأبيه ، تطعمه بيدها وتغطيه برمشها وتنظفه بطهورها وتحميه بمائها ، فوجد بين ذراعيها منذ أن أدرك وجوده .. فــ في الذهاب وحين المجئ يرافقها .. يسير خلفها ممسڪاً بــ ملائتها الْإِسْــڪَنْدَرِانِيَّةِ اللف .. فــ راعته حق الرعاية وربته حسن التربية ودللته ڪثيراً .. ڪأنه آخر أحفادها .. وإن جاء من بعده الڪثير ..
ومع جدته وبجوارها وبها وبجوار أمه صار كــ « „ حبيس المرأتين ” » ، لم يسمح له أن يلعب مع أترابه ڪرة القدم الشراب ڪما هو معتاد في شوارع الْإِسْــڪَنْدَرِيَّةِ وحواريها ، فـ ڪره ڪرة القدم وڪرة السلة والطائرة .. وأتجه لرياضة ڪمال الأجسام .. وحين لم يناسب عرض صدره لبناء العضلات اتجه إلى لعبة الجودو ، وهي رياضة مناسبة للدور الذي لعبه مع جدته أو أمه -المرافق الحامي- وبالتالي مع من سيأتي بعدهما من النساء في طريق رجولته ، وڪان لخوف أمه عليه من الهواء والغبار فـ لا يتحرك إلا بنظام فلا بد أن يسير بحذاء ملمع ومدهون بالورنيش في الطريق العام - ڪحذاء أبيه - ، والمرة الوحيدة التي خرج فيه عن نظام أمه ونزل حافي القدمين إلى الشارع ليلعب مع ابناء عمته جرح جرحاً عميقاً في بطن قدمه اليسرى من جراء زجاجة " ڪوڪا ڪولا " مڪسورة العنق لم يرها وذهب إلى المستشفى وخيط الطبيب الجراح جرحه بــ ست غرس ومڪث في الفراش ، وبهذا دللت أمه على صحة دعواها بالحادثة هذه طوال عمره الطفولي - وعمره الطفولي لن ينقضي ابدأ ، ڪما صرحت ذات مرة بذلك امرأة كانت ظلاً له من ظلال نساءه الڪثيرة السيدة „Christina“ ، ڪما ڪان يناديها أو يڪتب اسمها حين كان يراسلها بالخطابات وصحة اسمها هكذا „Christine“ - ، وڪان نظام أمه أنه لابد أن يغسل يديه قبل تناول الطعام ... وأن يغتسل قبل الذهاب إلى الفراش .. قائمة طويلة من أبجديات النظام .. بل لابد من ڪذا ولابد من .... ولابد .... قائمة طويلة من النظام والروتين .
ــ ـــــ ـــــ ـــــــــ ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
[ 37 ] « حبيس المرأتين »
لاحظَ أبوه ما أَلمَ بابنه الوحيد وما يسير عليه من نظام .. وتعلقه الشديد بجدته لأبيه وبأمه .. وخشىٰ عليه أن يلحق بڪتيبة « المخنثين » ؛ أضف أنه الأبن الوحيد لأبيه الحي فلن يدخل الجيش المِصري لأداء الخدمة العسڪرية ، والجيش يربي الرجال ؛ فتحدث - يغلب علىٰ ظن „ رفيقي ” ؛ ڪما روىٰ لي - تحدث أبوه مع أحد زملائه في المحڪمة الحقانية فقال له :
« „ لابد أن يخرج أبني مِن « سجن النساء » ؛ ليلتحق برڪب الرجال ” » ؛
لڪن السؤال ڪيف !؟ .
وهنا تدخلت فــ جاءت السيدة « „ فوزية ” » بــ لحمها وشحمها وأنوثتها وعنفوان شبابها في حياة „ رفيقي ” الأولىٰ وهو مازال سجين المرأتين وتحت وصاية وتربية النساء مع رعاية غير مباشرة من نوع خاص من الرجال .
ــ ـــــ ـــــ ـــــــــ ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
[ 38 ] « السيدة فوزية »
السيدة « „ فوزية ” » لعبت معه دور العاشقة الولهانة المغرمة بالصبي ابن الحادية عشر „ عيسى ” الإسم الذي أختاره اصدقاء الأب له ، أو الـ „ مصطفىٰ ” ڪما أختارت له جدته لأبيه ، ڪان يذهب للأستاذ „ أدولف ” ، وهذا هو معلمه الثاني ، وأستاذه يملك مواهب شتىٰ ويملك قدرات لُغوية ، فهو يتحدث الإنجليزية بطلاقة ويجيد اللغة الإيطالية ، وبدأ معه دروساً وأخذ يلقنه مفاهيم عن الحياة .. هذا هو مضمون الإتفاق الذي تم مع أبيه - وهذا غالب ظنه أيضاً - وبند الإتفاق الأوحد يقول : „ علينا نحن الرجال - زملاء أبيه في العمل - أن نخرج هذا الصبي من حظيرة النساء ووصياتهن، فيتعامل مع النساء علىٰ أنه رجل وليس من زمرتهن ” ؛ وفارق -ڪما فهم رفيقي- أن يڪون المرء ذڪراً أو أن يڪون بالفعل رجلاً...
فــ بدء العمل علىٰ قدم وساق ، ولم يڪن يدري أصول اللعبة ، ولا قواعدها ، شارك معهم دون أن يدرك ماذا يريدون فعلا منه! .
بدء الحديث عن إهتمامات آخرىٰ غير الدراسة ومواد التعليم الإلزامي والواجب البيتي اليومي وتحدث معه عن ممارسة الرياضة حتىٰ يڪون رجلاً قوياً ، وأخبره قبل الأوان بعدم مزاولة العادة السرية " نكاح اليد " عند البلوغ وسن الشباب ، فإن زاولها سيظهر علىٰ باطن يده شعيرات ڪدليل علىٰ الفعل الشنيع الذي لا يليق بفحولة الرجال ، وأخبره بأن البنات ما أڪثرهن ، وأيضاً تحدث معه عن بعض الهوايات .. فوجد رغبة منه في هواية جمع الطوابع البريدية من ڪل أنحاء العالم وڪان لدىٰ أستاذه الجديد ڪما أسلفت عدة إهتمامات وهوايات ، فبدأ يجمع طوابع البريد وأقترب من العالم الآخر ، فليس فقط الذهاب المنتظم إلىٰ السينما يڪفي ، ورويداً .. رويداً دخلت المرأة الأولىٰ(!) أو بتعبير آخر « „ أنثىٰ ” » وليس فقط امرأة .. فجدته امرأة وأمه امرأة بل امرأة أُريد منها أن تلعب دوراً في حياته المستقبلية ، لتنقله إلىٰ درجة آخرىٰ أو أعلىٰ من الإهتمامات الحالية ، والسيدة « „ فوزية ” » ڪانت مناسبة تماماً للقيام بهذا الدور فهي جارة الأستاذ „ أدولف ” ؛ أمرأة في نهاية العقد الثالث أو علىٰ مشارف الرابع ، لديها ولد يكبره وفتاة ليست جميلة ڪأمها عرفت من الآخرين أنهم يلعبون معه دور أساتذة مدرسة حياة غير تقليدية بنواحيها المتعددة ، فڪانت تتهڪم عليه لصغر سنه ولتفاهته أو سذاجته أو خجله أو ڪل هذا معاً .
السيدة « „ فوزية ” » ؛ أرادت أن تعلمه أو تفهمه ما لم تستطيع جدته المتديّنة ولن تسطع أن تعلمه إياه .. ألا وهو أن يخرج من دور الطفل المدلل والصبي الخجول إلىٰ دور ينتظر ڪل رجل وهو العلاقة الحتمية بينه وبين امرأة في المستقبل قد تعجبه ، جدته لقنته دروساً في قوالب صيغت علىٰ نمط تربية العصور الوسطىٰ بمقياس أفعل أو لا تفعل .. قيم الحِل والحرمة دون تفعيل الحدود التي عُطلت منذ زمان طويل ڪجلد فاعل الزنا -مثلاً- أو تعزير الشاب المراهق مع غياب أمثلة لتقريب المفاهيم والمقاييس والقناعات التي صارت في قوالب جامدة .. والأمثلة التى تقدم غالباً لا تُفهم ، ولڪنه تم بأسلوب ساذج غير تربوي ، وغير فاعل .. واقتصر دور المسجد على أجكام الطهارة والوضوء والغسل والصلاة والصيام .. وهنا تأتي تربية جديدة .. فقد بدأت « „ المرأة ” » « „ الأنثىٰ ” » السيدة « „ فوزية ” » والتي هي في سن أمه .. ولا يدري ڪيف يناديها .. أيقول لها " خالتي " أو " عمتي " أم يقول لها " طنط " ، منذ البداية حطمت « „ فوزية ” » ڪل الحواجز بين صبي في نهاية مرحلة الإبتدائي ستبدأ عليه قريباً .. وقريباً جدا بودار بلوغ مرحلة جديدة ليست دراسية بل بيولوجية ، إذ سينتقل مِن طفولة بريئة إلىٰ مرحلة مراهقة يجرب فيها الممنوع ، إذا لم يره أحد .. ويقترب مِن حدود الحرام وقد يفعله .. ڪما وقد يرغب في ممارسة ما يفعله الكبار تشبيهاً من غير قناعة وتمثيلاً من باب التقليد وقد يحسن الدور أمام المراهقين أمثاله فتلتفت إليه فتيات الحي وطالبات مدارس البنات المجاورة لمدرسته ، حطمت السيدة « „ فوزية ” » ڪل الحواجز بينه وبينها وڪان يعلم أبيه القصة فهو وهم - أصدقاء والده - أرادوا تشڪيل رجلا „ ملو هدموه ” ڪما أخبره بعد ذلك بعدة سنوات زميل والده الشاب المحامي بالنقض ، وهو حفيد السيدة الترڪية ڪما أخبر بذلك قبل أن يقابله في مڪتبه ..
إذن هناك في المواقع الخلفية على أرض الإعداد خيوط « مؤامرة » تجتمع علىٰ الصبي المدلل « „ ابن أمه وتربية جدته ” » أو قل خطة عمل لصنع رجل أو محاولة بالفعل لصنع رجل المستقبل .
ــ ـــــ ـــــ ـــــــــ ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
[ 39 ] « الموعد الثابت »
صباح ڪل جمعة صار الموعد الذي يجب أن يذهب فيه للأستاذ „ أدولف ” وڪانت السيدة تأتي بعد أن يذهب زوجها إلى عمله لتقوم بدور معدة رجل المستقبل ، فهي أم وربة بيت ، ولديها وقت ڪاف لتقوم بعدة أعمال ووظائف ڪلها ستتم في البيت ، بل العمل الجديد طريف ومسلي ، « دور العاشقة » للـ « „ المتدرب ” » فڪانت تقترب من الصبي بڪلمات الأنثىٰ والجميع حضور وڪانوا ينظرون إلىٰ الصبي ويضحڪون .. حين يتلعثم في الرد أو يبدي خجلاً مما يسمعه ، ڪانوا جميعاً يعلمون أنه لعب وتمثيل وهو لا يحرك ساڪناً ضد نظراتهم أو ضحڪاتهم ، وهو الوحيد الذي لم يفهم اللعبة و لا أصولها إلا متأخراً ، فما زال مبڪراً عليه تفهيمه هذا الدور أو ما يراد إعداده له ..
غالب الظن أنها تبرعت بدورها وبالطبع لا تريد من الصبي أي شئ ، ولا من والده ، دورها فقط أن تلعب دور المرأة - ڪأنها تطارحه الغرام ، وڪأنهم يريدون عن قصد تنشيط هرمونات الذڪورة في جسده لتفعيلها أو علىٰ أدنىٰ تقدير إخراجه من حظيرة النساء فهو صبي وليس فتاة .. وهڪذا ينبغي أن يڪون رجلا ، وهو يعلم أن هناك أمر ما غير مفهوم ، ولم يڪن يستطيع أن يقول شيئا ، فقط هو يستمع لڪلامها لا يستطع أن يجاريها ، فقط يستمع إلىٰ أن جاء يوم الفضيحة .
ــ ـــــ ـــــ ـــــــــ ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
[ 40 ] « فضيحة بجلاجل »
جاءت صباح الجمعة ڪعادتها إليه ويعتصر الألم جسمها الأبيض الناعم وتتلوىٰ من مغص شديد .. لا يدري „ رفيقي ” مصدره غير أنها تقول له :
« „ بطني بتوجعني .. بتؤلمني! ” » ؛
وهو بعفوية الصبي المدلل الذي يسارع عند اللقاء لوضع رأسه علىٰ صدر عمته أو نساء أعمامه أو خالته أو نساء أخواله ـ حين يقابل آحداهن ، تقدم إليها وأراد أن يواسيها ، موقف جديد بالنسبة إليه ، فهو بعيد عن عالم النساء الحقيقي ، وإن ڪان مقرباً منهن وقريباً ڪطفل مدلل ، قالت له :
« „ خذني بين يديك ، ڪي أستريح قليلاً ” » ؛
ولعل الفڪرة راقت لها ووجدتها فرصة سانحة لدرسٍ جديد مع الصبي المدلل فقالت له :
« „ تعال إلىٰ الغرفة الثانية ، المجاورة لقاعة الجلوس ، هناك أمر أريد أن افاتحك فيه! ” » ؛
فذهب معها دون أدنىٰ تفڪير .. ومن ألمها لم تستطع السير فعتمدت علىٰ ڪتفه الضعيف ولم تستطع أن تتأبط ذراعه فهو بالنسبة لها ليس بالطول الڪافي الذي يمڪنها من أن تعتمد علىٰ ذراعه ، وهناك في الغرفة الثانية التي ما دخلها قط في شقة أستاذه „ أدولف ” ڪان يوجد سرير فتڪوعت عليه مباشرة وقالت له :
« „ ضع يدك الحنونة علىٰ بطني لعل الألم يخف قليلاً ” » ؛
أرتبك الغلام ماذا يصنع(!)..
إنهما بمفردهما في غرفة لا ثالث معهما ، والباب مفتوح في ڪل لحظة قد يدخل مَن يريد! ، مدها علىٰ إستحياء ووضعها فوق الموضع الذي حددته له .
هناك فارق بين لعب الأطفال فيما بينهن .. وبين لعب الأطفال مع الكبار ، والشاذ لعب الڪبار مع الأطفال والوضع الجديد بينه وبين السيدة « „ فوزية ” » ؛ جديد بڪل معانيه وهو لا يعلم ڪثيراً عن دواخل حياة المرأة البالغة ، والأنثىٰ التي بلغت مبلغ النساء .. فجدته وصلت إلىٰ سن الإياس منذ سنوات طوال ، وأمه ما حملت أو وضعت غيره ، مسألة جديدة من ألفها إلىٰ يائها بالنسبة إليه ، وبدأ بالفعل يقوم بدور الرجل الحنون وقال مواسياً إياها :
„ ماذا حدث لك !؟ ، ماذا جرىٰ !!؟.. أخبريني ” ؛
وتڪلم بڪلمات رقيقة ، غير ان المفاجأة جاءت حين قالت له :
« „ أنت السبب في ڪل معاناتي وألمي ، أنت السبب يا ظالم ” » ؛
وبدأت بسلسلة من تراڪيب الجمل التي يسمعها في المسلسلات العربية ويشاهدها حية علىٰ صفحة الشاشة الفضية أو تعاد مرة ثانية أمامه من خلال جهاز التلفاز -وقتها أبيض وأسود-، وبدأت تتقمص دور الفتاة التي غرر بها الوحش المفترس ، الشاب الوسيم ابن العائلة الإرستقراطية(!) ، وهي الخادمة من عائلة فقيرة .. فأغتصبها أو هڪذا أرادت أن تفهمخ أو تقنعه بأنه فعل شيئاً ما من هذا القبيل ، دون صريح العبارة .. وأيضاً أرادت هي منه أن يلعب دور فتىٰ الشاشة العربية الوسيم الذي " ضحك " علىٰ بنت الجيران ففعل فعلته الشنيعة في ليلة مطيرة باردة ظلماء دهماء وغادر القُطر المِصري في رحلة دراسية إلىٰ أوروبا دون أن تدري ، ولمدة سنوات ؛ أو ترڪها لأنها ليست من مستواه الاجتماعي ..
واستوديوهات مِصر أنتجت العديد من هذه السخافات في هذا الوقت وما زالت .. فتتوالي أحداث الفيلم العربي المملل ليخرج علينا أستاذ الدراما " يوسف بيك وهبي " ويعلنها صريحةً ومدويةً في سماء قاهرة الأزهر والمعز لدين الله الفاطمي مدينة الألف مأذنة :
« شرف البنت ڪالڪبريت ما يولعش إلا مرة واحدة » .
إنها « فضيحة » من الوزن الثقيل وبڪل المعايير والمقاييس ..
ثم تنهد قليلاً وقال بعد ذلك ببراءة أطفال الروضة :
„ بس.. أنا معملتش حاجة!! ” ؛
غير أنها تقمصت دورها واتقنته فوبخته بقولها :
« „ ما فيش غيرك أنت صاحب المصيبة : أنا حملت منك ! ” » ...
ثم تنهدت ڪعصفور صغير ڪسير الجناح مبلل بأمطار الشتاء ؛ غاصت قدماه في وحل الرذيلة ... ثم أردفت:
« „ ما في أحشائي هذه ابنك ، منك أنتَ ، يجب أن تصلح من فعلتك الشنيعة ” » ...
ويتذكر „ رفيقي ” أنها افتعلت البكاء.. أو هڪذا سمع صوتا اختلط فيه الألم بالبڪاء .. ثم قال:
« „ ماذا أقول لزوجي الأن!؟ ، أقول آيه لعيلتي!؟.. لأهلي !؟.. لابد أن تصحح غلطتك هذه !! ” » ؛.
ثم رفعت رأسها بشموخ من فوق مخدة الفراش .. وقالت :
« „ مصيبة ” » ؛. وارادت الجلوس بيد أنه لم تتمكن من أَلمها .. فصرخت صرخة مڪتومة: « „ فضيحة ” » ؛. ... ثم اردفت بصوت مفعم بالتحدي :
« „ سوف أتڪلم مع أبيك حين يأتي ، سيأتي اليوم ، أليس كذلك !!؟ ” » ؛
أُسْقِطَ في يده ، تلعثم ، ثم توقف عن الڪلام ، بل توقفت رئته عن أستقبال الهواء أو إخراجه ، بدأ الدق التنازلي في قلبه ليتوقف من شدة الصدمة ...
ثار .. وغضب .. وهاج .. وقال بعلو بصوته :
„ أنا ما فعلت شيئاً ”؛
ومع صغر سنه إلا أنه يفهم بعض الأمور ، وسألها ظناً منه أنه أقحمها ويرغب في أسڪاتها :
„ طيب.. ڪيف تم ذلك وأنا مازلت صغيراً !؟ ” ؛
لحظتها ضحڪت .. ولا يدري „ رفيقي ” » أارادت بضحڪتها هذه ڪسب وقت لتفڪر في الرد أم عفوية السؤال وعدم قدرتها على توضيح ما يتم بين الزوجين !
لڪنها بسذاجة القرويّة التي تؤمن بالجن وتلبيس إبليس والمخلوقات العجيبة الآتية من الفضاء الخارجي .. أضافت :
« „ عن طريق الهواء ، آيوه .. حملتُ منك عن طريق الهواء ” » ؛
فخرج من الغرفة غاضباً .. مزمجراً .. لا يلوي علىٰ شئ وڪأنه يستنجد بمعلمه وأستاذه „ أدولف ” ليخرجه من فضيحته أو يساعده في ورطته هذه غير أن الأستاذ أڪد الخبر .. وحين رأي الغضب في عينين الصبي ترك الغرفة وذهب إلىٰ المطبخ ليعد الشاي أو القهوة لضيوفه فهو غير متزوج ولا يريد الزواج ، وليس في حياته امرأة وڪأنه لا يعرف أن هناك صنف اسمه « „ حريم ” » ؛ ثم تبرع أحد الضيوف بإڪمال الدور فقال له :
« „ نعم .. نعم! صحيح أنت الفاعل ما فيش غيرك ، ولازم تصلح غلطتك دي، الست « „ فوزية ” » الآن في ورطة .. وهذه مصيبة وفضيحة .. ” » ؛ وأخفىٰ ضحڪةً ڪادت تظهر أنيابه .. واردف قائلاً: « „ حرام .. والله حرام .. تضحك علىٰ عقول بنات الناس ، أنتَ معندڪش أخوات بنــــات ... ” » ؛
غمزته السيدة « „ فوزية ” » ليسڪت ، إذ أنه لا يعرف الڪثير عن المتدرب „ رفيقي ” فالمتبرع بإڪمال الدور ضيف جديد ، لم يحسن المخرج إعداده بعد.
ــ ـــــ ـــــ ـــــــــ ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
[ 41 ] « ابن الناس .. يسب الناس »
ڪلام ڪبير وموقف عصيب ، وبدأ ابن الإسڪندرية يفلت من بين أطراف شفتيه وهو الولد المؤدب ڪما يقول الڪل عبارات غير لائقة وغير مهذبة ، سمعها من الشارع ، وسريعا تدخل الأستاذ „ أدولف ” ليحل الإشڪال إذ هم الصبي صاحب الفضيحة بالخروج ومغادرة البيت وقال لهم جميعا :
„ أنا رايح لــ ماما .. أقول لها ”؛
أنه بحق ابن أمه ، وفي هذه اللحظة قال الأستاذ :
„ اصبر قليلاً أحنا ڪنا بنهزر معاك وڪنا عاوزين نشوف راح تتصرف أزاي في مثل هذا الموقف ” .
ثم أوضح له بأن الست « „ فوزية ” » أسقطت ما ڪان بأحشائها ، جنين سقط ، ونحن أردنا أن نڪبرك معنا ، ما فيش مشڪلة ولا حاجة ! ” ؛
وضحك الجميع ،
ولڪنه لم يجد ما يدعو للضحك ، إذ أنه نظر إليها فوجدها ما زالت تتألم .. ولأول مرة تضع علىٰ ڪتفيها شال أسود تغطي به نفسها ، وهي المرأة التي ڪانت تأتي بملابس تكشف أڪثر مما تستر عورة المرأة وفق رؤية جدته لأبيه .
انتهىٰ المشهد ، وهم لا يدرڪون الآثر العميق الذي ترڪه في نفسية الصبي وذاڪرته .
ــ ـــــ ـــــ ـــــــــ ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ
** : « „ ELLE ” » ...

تجولنا مع رفيقي في أيام طفولته وصباه لندرك العوامل المؤثرة والتي شڪلت شخصيته فيما بعد ، وهو لم يحدثنا بعد عن فترة شبابه وسفرياته ونشاطه السياسي.. إذ أن شخصيته جمعت الشئ ونقيضة ، ويغلب علىٰ ظني أنها نفس بشرية رُڪبت في ابن آدم ڪبقية ذريته ، فلا عجب ، وإلا فما ڪان هناك داع لإرسال الرسل والأنبياء والمصلحين والعلماء علىٰ مر الزمان وڪر العصور .
نعود لقصة المرأة صاحبة « „ التعريف ” » :
« „ ELLE ” » ...
ــ ـــــ ـــــ ـــــــــ ــــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ ـــــ

* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) *
الجزء الأول مِن رواية : « „ الْرَجُلُ الْمَشْرَقِيُّ ” ».
‏الإثنين‏، ٢٩‏ رجب‏، 1444هــ ~ 20 فبراير2023م







  رد مع اقتباس
قديم منذ /03-04-2023, 05:14 PM   #124

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي 42 أحلامٌ عسلية !

: أحلامٌ عسلية
﴿ " رُوَايَّةُ : « „ الْرَجُلُ الْمَشْرَقِيُّ ” ».﴾

[ 42 ]
« القداس »
ذهب „ رفيقي ” إلىٰ ڪنيسة القرية النموذجية بمرافقة السيدة « „ سيلفيا ” » صباح الأحد وهو يرتدي بدلة صيفية ماركة „HUGO BOSS“ ، فلقد تعلم مِن " رجاله " .. أساتذته الذين تخرج علىٰ أيديهم في مدرسة الحياة ماذا ينبغي له أن يرتدي! ،
وڪيف يرتدي! ،
وڪيف يربط رابطة عنقه بشڪل مميز يظهره أنه " رجل " من طراز خاص! .
إذ ينبغي أن تتناسب قطع الملابس مع بعضها البعض ..
لون القميص يجب أن يناسب لون البدلة ..
وڪذلك رابطة العنق شڪلها ولونها ..
وهل البدلة صباحية نهارية أم مسائية لحفلات بعينها ڪحفل عشاء أو ليلة زفاف أبناء أحد المعارف
ولون الحذاء ينبغي أن يوافق إجمالي الهندام ..
وكان يفضل „ فيقي ” نوع معين من الأحذية يطلق عليها بــ : « رقبة » تعلو قدمه ..
وقد قرأ ذات مرة في جريدة الأهرام الدولية والتي تصدر من قاهرة المعز لدين الله الفاطمي من أحد ڪبار أعرق رجال الدبلوماسية المِصرية سلسلة مقالات تدور حول : كيف يكون الدبلوماسي ؛ خاصة من يمثل بلاده وحڪومتها في بلاد الغرب أو الشرق .. ڪيف يرتدي ولون هندامه ؛ حتى الشراب ولمعان ونظافه حذاءه .. ڪيف يتكلم !.. ڪيف يتحرك ويمشي وينتقل من مڪان إلى آخر .. وهڪذا .. واستفاد منها ڪثيراً..
„ رفيقي ” رافق السيدة : « „ سيلفيا ” » فقد وجدها بعد تناول الفطور واقفة عند الباب العمومي لمصحته وسألها :
" أين ستذهبين ؟ " ،
فأجابت :
" سأذهب مع ماريا إلىٰ الڪنيسة لأداء القداس .. اليوم هو الأحد ، هل تأتي معنا !" ،
أجابها بـ:
" نعم " ،
فالڪنيسة ڪانت جميلة حقاً بتماثيلها واصنامها ولوحات طريق الآلام الأربعة عشرة وبقية الألواح والصور وزواياها وجدرانها وألوانها زجاج نوافذها الزاهية وأرڪانها ، وقبل أن يدخلا - „ رفيقي ” ؛ ـ و « „ سيلفيا ” » -، بدأ بالتقدم خطوة أمامها ليهئى لها فتح الباب ، فهو دائما حين يرافق امرأة يخصها بهذه الخصوصية ، يتقدم خطوة أمامها ليفتح الباب لها ، وڪأنه من هؤلاء الذين يحافظون علىٰ التقاليد الملڪية والأعراف الإمبراطورية .. وهذا التصرف يعجب الڪثير من النساء بل ڪل النساء ، ولم يجدا مڪاناً للجلوس إلا في المقاعد الخلفية ، وڪانت المفاجأة لقد وجد صاحبة الشعر الذهبي والوشاح الغامق الرصاصي ؛ بل يميل قليلاً إلى السواد .. جالسة في آحدىٰ الصفوف الخلفية .. فهمَّ أن يجلس بجوارها غير أنه لم يجد هناك مقعداً خالياً .. فجلس في الصف الذي خلفها مباشرة ، وغفل أو نسيىٰ أنه يجاور " سيلفيا " ..
وڪنا تقريباً في النصف الثاني من وقت آداء القداس الصباحي، وجرت العادة أنه في نهاية القداس يسلم المصلون بعضهم علىٰ بعض قائلين : « „ سلام الله عليك ! ” » ؛ وظنَّ أنها ستلتفت خلفها .. وتقول له ذلك .. فهو قد جلس بالعمد خلفها تماماً .. أقرب ما تڪون أنفه إلى شعرها الذهبي وقد غطت ڪتفيها بوشاحها الغامق ولفته حولها .. وڪأنه يقول لنفسه ياليتني ذلك الوشاح!
ڪانت بجواره " سيلفيا " ، لم يفڪر فيها قليلاً بل نساها تماماً .. فقد ڪان شعاع شعر تلك المرأة الذهبي يضئ المڪان حوله ، لم تلتفت يسرة أو يمناً.. حتىٰ انتهى القداس ، خرج الناس ، وخرج مرافقاً :" سيلفيا " ، لا يدري إلىٰ أين .. لڪنه سار بعض خطوات خارج الڪنيسة معهما ـ :" ماريا " ؛ و "سيلفيا " ـ
ثم قالت سيلفيا:
" سنذهب إلىٰ آحدى المقاهي لتناول ڪوباً مِن الڪاڪاو الساخن ، فإن هذا الصباح بارد قليلاً ، ثم وجهت إليه سوألاً:
" هل ستأتي معنا " ،
أجابها علىٰ الفور:
" لا ، لا .. سأتمشىٰ قليلا ، عذرا .. أذهبا أنتما !" ،
خطوات قليلة بعد فراقهما وتوديعهما ومن علىٰ بُعد ..
ماذا يرى ! ،
مَن أمامه ! ،
صاحبة الشعر الذهبي والوشاح الأسود تجلس بمفردها علىٰ مقعد عمومي بالقرب من منصة الموسيقىٰ الڪلاسيڪية وأصوات الآتها تصل إلىٰ مسمعه ،


-*/*-
قدرٌ ! وما أروع تقديرات القدر وترتيبه للأحداث والمواقف .. وعلى المرء أن يحسن توظيف حيثيات ذلك القدر ..
.. وڪأنه مشهد من فيلم أمريڪي الإنتاج .. فرنسي الإخراج .. بطلته „Sisi“ النمساوية " رومي شنيدر " .. وفتىٰ الشاشة الإنجليزي شون كونري حين وڪما مثل بإتقان دور العميل " جيمس بوند " .. أو المِصري الوسيم " عمر الشريف " في فيلم د. زيفاجو ..
وبالمصادفة ليلة هذا اليوم رأىٰ فيلما لـ " كيلارك جيبل " وال*************** الإيطالية صوفيا لورين أحداثه تمت في إيطاليا علىٰ الساحل الشمالي للبحيرة المتوسطية ، وأعجبه الفيلم ڪثيراً ..
تحرك - „ رفيقي ” - بنشاط إليها وعلى عجلة من أمره وڪانت جالسة علىٰ طرف المقعد المبلل من مياة المطر .. فقد أمطرت إثناء تواجدهما داخل الڪنيسة ، والطقس يميل إلىٰ البرودة قليلاً ، أقترب بهدوء من مقعدها ، ڪانت غارقة في سماع الموسيقىٰ العازفة فاغمضت عينيها .. وڪأنها لا تشعر بمن حولها .. ولعلها ذهبت بعيداً .. وكان يتمنىٰ أن يذهب معها .. وفق خيالها !
شعب يعشق الموسيقىٰ ، فالياباني يأتي لتعلم نوتة الموسيقىٰ هنا ، فهم بحق أحفاد موتسارت ، إنها الفرصة المواتية الوحيدة .. إنها بمفردها يستطيع أن يتحدث معها ، يستطيع أن يتڪلم معها يبادلها أقل شئ التحية ..
سألها بصوت هادئ .. ڪأنه يتڪلم من أعماقه السحيقة :
" هل هذا المڪان خال؟" ،
وأشار لما يجاورها ،
ثم أڪمل :
" هل أستطيع أن اجلس عليه !؟" ،
أجابته .. وڪأنها لم تتوقع أن يتحدث معها أحد .. خاصة هذا الشخص .. فلعلها قد لاحظت اهتماماً ما بها فأجابته بـ :
" نعم " .
يا الله! ما هذا الصوت الملآئڪي الذي يسمعه من فوق سبع سموات طباقا ويصدر بالقرب من شجرة المنتهىٰ بالقرب من البيت المعمور ..
ثم سارعت المرأة الملآئڪية لتساعد ابن الإنسان في تجفيف بقية المقعد من الأمطار ببقايا جريدة التاج الحديثة „Die neu Krone“ ، وجلس بالقرب منها .. فبقية المقعد مبتل بماء المطر وقد بدأت أشعة الشمس في التسلل من بين السحب الرمادية .. والموسيقىٰ تعزف آحدىٰ المقطوعات الڪلاسيڪية ، وأخذ يتنفس الصعداء .. أخيراً هو بجوارها ، جنبها ، يحدثها ويسمع صوتها ، تنساب حروف ڪلماتها إلى أذنه ڪانسياب الموسيقى العذبة الهادئة الرائعة عبر الأثير وانسياب الماء الزلال من قارورة لمتعطشٍ في الصجراء ، رنةُ مخارج ما تنطقه تملأ المڪان من حوله إذ أن ڪل ما حوله قد غاب بل أندثر ولم يتبقَ إلى صوتها الملآئڪي وجلوسها بجواره ، إنها الآن بجواره ، الموسيقىٰ لعبت دوراً مهماً في صناعة الحدث الأول بينهما ، أتقن القدر إخراج اللحظة الأولى في اللقاء .. وڪما يقولون : « „ شڪراً للرب الذي في السماء ” » .. حتى وإن ڪان القائل ليس من زمرة المؤمنين!..
فقد ڪانت مدخلا جيدا لبدء الحديث معها .. آلات العزف الڪلاسيڪية التقليدية في وسط أوروبا ساعدته ڪثيرا في إستحداث جمل وخلق ڪلمات تناسبها وإبداع تعبيرات صوتية تخصها هي فقط ..
اقتربا .. وهما علىٰ مقعدهما الحڪومي إذ أن بقية المقعد الذي يسع علىٰ الأقل خمسة أشخاص مبتل تماماً وهي جففته بورق جرائد طبعة الأحد الشبة مجانية ، وبدأت أشعة الشمس تظهر ويصحو الجو ، و „ رفيقي ” مِن مَن يحسن تطويع المناسبات وتوفيق المواقف لموضوع يتحدث فيه أو عنه ..
قال لها:
" ما أجمل هذه الموسيقىٰ التي تعبر عن هذه اللحظة الرائعة !"
بادلت ڪلماته بڪلمات أجمل منها ،
ثم أردف مسرعاً ، فهو يريد أن يحوط المڪان والإنسان والزمان بقدر إمڪانياته الإبداعية وقدراته الشخصية ليخصه وحده يريد أن يحصرها بين ڪلماته وبين تعبيراته ، فلا تفارقه لحظة من الزمان ولا تغفل عما يقول ..
فقال لها :
" اشعر أن العازف يشعر بحالي .. فيعزف فقط لنا وحدنا .. لي ولكِ ! ، إنهم يعزفون مقاطع تروق لكِ ، ڪما لاحظتُ ، أليس ڪذلك (!!!؟.. )
خاصةً آلة الڪمنجة ، إنها تعبر عن مڪنون ما بداخل النفس البشرية ! أصحيح ما أقول!؟
إنه - „ رفيقي ” - يحوّل اللحظة الواقعية لرومانسيته الخاصة به ، يحول الزمان وأدوات المڪان لقطع يحرڪها ڪما يريد هو وڪما هو يهوىٰ .. ڪأنه يملڪها ، ڪان يطلق ڪلمات متتالية ، فقط يترك مساحة زمنية محدودة لإلتقاط أنفاسه ليعود مسرعا للحديث ويوصل جملته الأولىٰ بالثانية ڪقطع من العُقد الثمين يريد أن لا تنفصم حباته أو تتناثر أو ينفرط من يده ، هي تسمع ويرىٰ في عينيها هدوء المستمع وتجاوب المقتنع ، فلم يبخل عليها في الحديث ، وڪما قالت ذات مرة جدته لأبيه :
" الڪلام لا يدفع عليه جمرك " .
ڪان ڪلامه مفيداً إذ يعبر في الدرجة الأولىٰ عن حالة ما يريد أن يوصلها لمستمعته السيدة ذات الوشاح الأسود والشعر الذهبي ، هذه الحالة تنم عن أنه يريدها .. وبأدب جم يبلغها هذا الشعور الرقيق!.
تحدثا معا طويلاً ، حتىٰ حان وقت الغذاء ، المواعيد في منتجعه مقدسة ، دقائق تأخير ويبحثون عنك في ڪل مڪان ، فأنت بين أيدي أمينة تحافظ عليك وعلىٰ صحتك . يتبقى عليك أن تبحث عن " ظلٍ لامرأة " يحافظ علىٰ توازنك النفسي الداخلي لتشعر بفائدة العلاج في منتجعك الصحي .
بدءا في التحرك إلىٰ منتجعهما بخطوات بطيئة ڪأنهما لا يريدان أن تنتهي المسافة بين المقعد الذي نصبت بجواره المنصة الموسيقية وبين باب الصالة الڪبرىٰ للمطعم .. لا يريد أن تطوى اقدامه الطريق .. يريد صراطا مستقيماً طويلا يوصله إلى جنة الفردوس ...
فما أعجب حال المعجب المحب !؟.
وما أغرب حال العاشق لما يرغب!
وحب الشئ يعمي ويصم!
هما - „ فيقي ” و « „ صاحبة الشعر الذهبي والوشاح الأسود ” » - في يوم الأحد حيث لا يوجد معالجة طبية أو علاج طبيعي ، يوم راحة ..
أقتربا من الباب العمومي للمصحة ..
وافترقا بتحية طيبة وحديث عيون تخبر بأڪثر مما تستطع تحمله الڪلمات من معان وتعبيرات وتصورات ، وقبل أن تضيع الفرصة سألها :
" ماذا ستفعلين بعد تناول الغذاء !؟ ،
أجابت:
" سأذهب إلىٰ الحمام العمومي .."..
وڪأن الفڪرة راقت لها فقالت له :
" أتأتي معي!؟" ،
قال لها :
"بكل سرور وترحاب ، أريد أن ارافقك إلىٰ مسبحك !"
.. تناول الغذاء بسرعة مدهشة ، وهو الذي أعتاد أن يأڪل ببطئ شديد ، ظهرت عليه علامات فرح غير مدرڪة لناظره وتعبيرات سرور غير مفهومة لمَن يجلس بجواره علىٰ مائدة الطعام ، فهو رابعهم ، استأذن .. وڪأنهم يريدون أن يسألوه:
" إلىٰ أين أنتَ ذاهب هڪذا اليوم سريعاً !؟ " .
تقابلا بعد الواحدة ظهراً ، وسألها ڪأنه جاء إلىٰ الدنيا للتو:
" إلىٰ أين سأذهب معك ، أنا لا أدري أي حمام سباحة تقصدين !؟"
أجابته :" تعال .. ولا تخف سأوريك الطريق!".
.. ذهبا ، لاحظ عليها سعادة ما -أيضاً غير مفهومة- وهي تسير بجانبه ..
سألها :
" هل المسافة بعيدة سيراً علىٰ الأقدام "،
قالت :
"ڪلا ، بضع دقائق وسنڪون معا هناك " ،
وصلا إلىٰ حمام السباحة ، وعلىٰ بابه قالت له :
" إنني أملك ڪارتة لمدة إقامتي هنا ، وعليك أن تذهب إلىٰ شباك التذاڪر لتبتاع تذڪرة لكَ وحدك " .
دخلا معا وقالت:
" سأذهب لتغيير ملابسي في قسم النساء ، ثوان وسأڪون عندك ، لا تقلق! ".
تحرڪا سوياً في إتجاه حمام السباحة ، اختارا مڪاناً بعيداً قليلا عن جمهور الحمام ، تمددت أمامه بعودها الطويل وقطعة السباحة الواحدة ، اراد بنظرة واحدة أن يستوعب حدود هذا الڪيان الجديد عليه ، بدء حديثه ڪاذباً - وهذه جبلة مرڪوزة عند الرجال ورغبة مدفونة عند النساء - قال لها :
" هذه هي المرة الأولىٰ التي أجاور امرأة هڪذا جميلة مثلك ، أريد أن أنظر إليك ملياً ".. ثم توقف قليلاً وأڪمل :
" ، أريد أن أرىٰ : ڪم أنت جميلة !" .
ابتسمت ولم تقل شيئاً .
جلسا دقائق لم يتڪلما ..
ثم قالت له :
" هيا ، سنذهب إلىٰ الماء ، أريد أن أستحم بجواركَ " .
خطوة بجوار خطوة .. يسيرا معا ، يرافقها وهو „ رفيقي ” يفڪر سريعاً ما الكلمات القادمات لإسماعها اياها !
.. لم يتجرأ بعد .. أن يلمس يدها أو موضع ما مِن جسدها .. فقط قال لها بعد أن غيرت ملابسها :
" حمالة المايوة تحتاج أن أعدلها من الخلف هل تسمحين لي !؟ ،
.. الڪذبة الثانية ، أو بتعبير أدق المحاولة الثانية لإزالة الحواجز وفتح الحدود وهدم الموانع ، فقالت له :
" أرجوك ، المايوة حسنّه لي .. أصلحه ڪما تريد ، فقد ڪنت مستعجلة في إرتداءه ولم أنتبه لذلك ، أمنظره سئ !؟ " .
قال:
" لا ، أبداً ، أي شئ ترتدينه سيڪون بالقطع جميلاً " ،
قال مازحاً :" أنا لا أحسن السباحة فارجوكِ ابقِ بالقرب مني فأنا أخشىٰ علىٰ نفسي من الغرق !! ، خاصةً في عيونك الزرقاء! " ،
أجابت بسرعة متناهية :" لا أظن أنك لا تحسن فن العوم !!"
فرد : " بل هي الحقيقة !" ،
وردد ثانيةً :" ابقِ بجواري " ، أخشىٰ أن أغرق في بحر عينيك ، فضحڪت وعلا صوتها ، وهو علىٰ ما يبدو الوحيد ممن يحملون بشرة داڪنة بعض الشئ .. فڪان ينظر إليه ڪل الرجال والنساء وڪأنهم جميعاً يسألون :
" مَن هذا - الأجنبي ذو الملامح المشرقية - الذي يرافق تلك المرأة الأوروبية ذات الشعر الذهبي والبشرة البيضاء.. ناصعة البياض!؟" .

[ 43 ]
« عامل الحمام »
غطس تحت الماء وأطال النفس تحت الماء أبتعد عنها قدراً ڪافياً ثم عاد إليها ، ڪأنه لا يعرفها ، محيِّها ، قائلاً لها :
" سيدتي.. إنني من عمال هذا المسبح العمومي ، وهذا هو يومي الأول في الدوام ، وطبيعة عملي تلزمني أن ارافق النساء الجميلات .. فأنتِ الآن بين يديَّ .. أقوم برعايتك وأفعل ڪل ما تريدين مني ، واقدم خدمات المسبح ڪاملة بالمجان ..
ثم اردف قائلا :" هڪذا هو طبيعة العقد بيني وبين الإدارة " ..
فقالت له :" شكراً جزيلا ، لا أريد مساعدة ، معي مرافق " ،
فقال ملحاً :" ارجوكِ ، لا أريد أن أفصل من العمل ، حين أعود مرة ثانية إلىٰ مَن يرأسني في مڪتب الإدارة .. وأقول له إن السيدة لا تريد خدماتي ، ارجوك ساعديني أن أحتفظ بوظيفتي ! "
فقالت -وڪأنها لم يرق لها هذه المزحة السخيفة- : " لا يهمني ! "،
فأخذ مباشرة يشرح لها ما هي طبيعة عمله ، مبيناً لها أن مَن يرتدي مثل هذا المايوة الرجالي بهذا اللون " القرمزي " بهذين الخطين العريضين على الجانبين باللون " البيج الفاتح " وبثلاثة خطوط رفيعة تبدأ بالبني الغامق فالفاتح ثم اللون الأسود علىٰ الجانب ويحمل هذه الشارة „ONLINE“ فمن يحمل هذه الشارة علىٰ الجانب الأيسر من هذه القطعة فهو مِن مَن يعملون هنا ، لذلك لا يوجد الآن غيري في المسبح وهذه هي المرة الأولىٰ وإلا سأفصل من عملي ،
فتنهدت وقالت :" حسناً ، ماذا تستطيع أن تقدم لي من خدمات "،
فقال لها :" ڪل ما ترغبين ، مثلا أقوم بتدليك ظهرك . ولم يڪمل ذڪر بقية أجزاء التدليك.. "..
ثم يقول :" فالتدليك هنا بالمجان ، إنها خدمة جديدة مجانية ، ابتدعتها إدارة حمام السباحة "
فردت :" هڪذا أمام الناس تدلك سيدة محترمة !!! "،
فرد مسرعاً :" بالطبع تحت الماء لن يرانا أحد سأمد يدي في المناطق التي يجب عليَّ أن أدلڪها ولن ينتبه أحد "،
فقالت :" ولڪــ .... ــن .." ،
وقبل أن تڪمل جملتها قال لها مسرعا :" أترين هذا الرجل القادم علىٰ طرف الحمام الأيمن إنه رئيسي في العمل ويريد عن قرب أن يراقب عملي ليڪتب تقريراً عني يرفعه إلىٰ الإدارة ، أتسمحي الأن أن أمد يدي لأقوم بعملي " ،
فقالت له بأسرع من البرق :" علىٰ رِسِلك ، مهلاً ، مهلاً .. أنا ما قلت أنني أريد التدليك اليوم ، أريد ربما شيئاً آخر "
فرد مسرعاً : " على عيني .. ڪل الخدمات اليوم بالمجان ، نحن نعمل علىٰ راحة الزبون ، أقصد ضيفنا ، ارجوك اترڪيني أزاول مهمتي .. أقصد مهنتي ، وسوف ترضين عن خدماتنا ".
نظرت إليه بتعجب وحيرة وقال :
" أرجوك افتعل الجدية ! " ،
فرد بجدية :
" أرجوك دعيني أمارس مهنتي ، وإلا سافصل منها، وهذا لا يرضيك ، فأنا أحتاج لهذه الوظيفة ، وقد بحثت عنها ڪثيراً ، أيرضيك أن أڪون عاطلاً عن العمل !!".
بالطبع لم يستطع أن يقدم يدا أو رجلا ، ولڪنها بداية محاولة لفتح الحدود ، وڪسر الحواجز وإزالة العقبات من الطريق .. وبدايات : „ رفيقي ” دائما ملفتة للإنتباه ، بل جريئة أحياناً ڪثيرة ..
فقالت له :
" أريد أن يفصلوك من العمل ، فهذا العمل لا يناسبك ! " .
-*/*-
.. الشمس ڪانت ساطعة ودرجة الحرارة بالتأڪيد تتجاوز درجة الثلاثين ، ومع ذلك قالت له :
" الماء هنا بارد قليلاً فلنذهب إلىٰ الطرف الثاني من الحمام ، فهناك الماء أسخن قليلاً " ،
وڪأنها محاولة منها - الأنثىٰ - لفرملة عجلات سيارته المسرعة تجاهها ، غير أنه قال لها مڪملاً دوره التمثيلي :
" أين ما ذهبتِ -سيدتي- فأنا بحڪم وظيفتي سأتبعك ! ليس عندي عمل غيركِ أنتِ .. فقط أنا أقوم علىٰ راحتِكِ وأسهر علىٰ تقديم خدمات المسبح لكِ.. بالمجان !".
قالت مزمجرة :" أَوْقِفْ ، أرجوك هذا الهراء ، أنا أريد أن تتحدث معي بجدية " ،
فقال :" إذن أذهب إلىٰ رئيسي في العمل وأطلب منه أن يفصلني لأتفرغ لكِ وحدكِ " ،
فقالت:" حسناً ، لا داعي لذهاب إليه ، فأنت مفصول من عملك علىٰ ڪل حال.. ومن الأن! ".
-*/*-
ڪان هذا الحديث في الماء البارد ، وتحولا بعد ذلك إلىٰ الماء الساخن ، العلاقة بينهما بدأت تسخن قليلاً .. قليلاً ڪسخونة الماء وحرارة الطقس .
إنه يتذڪر نظراتها إليه عندما جلسا بالقرب من جدار حوض السباحة ..
ذهبا .. ومن الخلف يندفع الماء الساخن الجديد ويتدفق بسرعة شديدة فيتحرك يميناً وشمالاً دون إرادته فيقترب منها ويبتعد عنها حسب دفق الماء ، يقترب من ملمس الحرير الطبيعي الذي أعتاده منذ نعومة أظافره من ملابس جدته ، الصورة رويدا .. رويدا تقترب من ڪمالها ، إنها المرأة التي يريدها ، وصار يقدم اعتذاره مرة تلو الآخرىٰ ڪــ" جنتلمان " ،
فيقول :" سيدتي .. ارجو أن تقبلِ عذري ، الماء هو الذي يدفعني إليكِ " ،
فلا ترد عليه ، غير أنها علىٰ أقل تقدير غير منزعجة من تحرڪه تجاهها ، وملامسته أياها وتعطلت بالفعل لغةُ الڪلام ووجدت لغة جديدة لغة مَن إبداعهما ، مِن ترڪيبة حوائجهما ڪبشر ، لغة أتت مِن أشجان دواخلهما ، ترجمت إلىٰ حروف خاصة ظهرت وڪتبت علىٰ سطح قرنيتنا في العيون ، يقرأها من يستطع فك رموزها ، العين الواحدة تفضح دواخلنا .. بما بالك بمن يملك عينين أثنتين !،
الرسالة الأولىٰ منها ڪانت " خذني بين يديكَ " .
هنا ..
الخطأ في قراءة مثل هذه الرسائل المشفرة ، يوقع آحد الطرفين في مأزق قد لا تُحمد عقباه .
ذهبا معاً إلىٰ الطرف الثاني مِن الحمام وجلسا تحت الماء ، الماء يغطي النصف السفلي من الجسم تقريباً حتىٰ الصدر ، جلسا متجاوران ، خلفهما حائط الحمام ، وأنبوب ضخم يضخ الماء ويدفعه بشدة ڪمساج ساخن داخل الحمام .. فڪان يترنح يمينا ويسرا حسب ما يدفعه الماء فيقترب من جسدها خاصة المنطقة السفلية فوق المقعد الرخامي المصبوب في حائط الحمام .. فيعتذر ..
وتقول له :" لا داعي للإعتذار فأنت لا تقصد شيئا ، بل يدفعك الماء " ،
وبعض لحظات قليلة من الحديث بشڪل عام سمع نداءً حاراً من أعماق النفس البشرية الساڪنة بين جوانبها ، إنها تريد أن يساعدها ،
لڪن ڪيف!؟ ،
رغبت أن يقف بجانبها ،
لڪن لماذا !؟
إنها تريد أن ترسل له رسالة خاصة له وحده ،
بدأ مشوار الخصوصية !..
إنه يريد امرأةً خاصة ذات مواصفات خاصة ،
أرادَ أن يقول لها ڪلمات جديدة..
ڪلمات خاصة بها !
ڪلمات تقال لها وحدها دون سواها من نساء العالمين!..
فهي لها الحق تماماً فيما تريد !..
فهي بحق امرأةٌ بمواصفات خاصة .
بدأت رسائل العيون تتوالىٰ وبشڪل سريع ڪالبرق ، لا يملك أن يلتقط أنفاسه بين رسالة وآخرىٰ ...
سيل من الرسائل المشفرة ، من يراهما يظن أنهما أستغنيا عن العالم الحاضر إلىٰ عالمٍ خاصٍ بهما فقط دون سواهما ،
وقد لاحظ بين الفينة والآخرىٰ أن نظرات الآخرين تنبأ عن هذه الحالة الخاصة بهما
ولعل البعض ينظر إليهما بغبطة
أما البعض الآخر فبـ " حسد " ،
إنها حالة جميلة أن يرىٰ البشر إنسجام بين إثنين من البشر
ويلاحظ ڪهذا الإنسجام بين بقية الڪائنات ،
إنهما يضخان ڪميات هائلة من العواطف الدافئة في زمن تحولت فيه العاطفة إلىٰ سلعة يمڪن شراؤها
وتجمدت العواطف في صندوق بجوار عجلة الزمان وماڪينة الحياة الرأسمالية النفعية ،
اراد أن يضمها بين ذراعيه ويقول لها أنني الحامي لك ، وليس فقط المرافق ولڪن ليس بهذه السرعة وإن ڪنا نعيش في زمن نقل الرسائل القصيرة „SMS“ خلال أقل من لحظة قبل أن يرتد إليك طرفك ومن قارة إلىٰ آخرىٰ ،
أفيصلح هذا أيضا مع العواطف !؟..
أم أنها تحتاج لوقت ڪاف حتىٰ تنمو فتنضج المشاعر ويتحقق من صدقها !!.
إنه يوم الأحد وتبدل الطقس بين المطر ڪخريف قادم وبين صيف قائظ ، وفترة ما بين الغذاء والعشاء ليست بالفسحة الڪافية لهما ، والعشاء يبدأ في تمام السادسة مساءً ، وبالقرب من الخامسة عصراً بدءا يتحرڪا من الحمام إلىٰ منزلهما ، فالمواعيد هنا مقدسة ولابد من الحفاظ عليها بڪل احترام ،
إذن حان موعد العودة ، فهل سيلحقه لقاء أو يتلوه موعد ، هذا ما سوف يظهر في طريق العودة .
ڪانت تسير أمامه ڪسيدة من سيدات القصور الفاخرة ، ڪأميرةٍ من سلالة ملوك أروبا الوسطى أو من الجزيرة البريطانية وڪأنها في زيارة رسمية لدولة صديقة .. فــ فرشَ تحت قدميها السجاد الأحمر .. أو أتت من إمارة مجاورة ، أو ڪملڪة متوجة علىٰ عرش القيصرية للتو ،
تسير أمامه ڪأنها صاحبة المقام العالي الرفيع ومالكة السمو والقدر العظيم .. وبمفردها أمام الرعية فيجب أن تڪون امرأة غير بقية النساء ،
وهو - „ رفيقي ” معجب بهذا الطراز الخاص من نساء بنات حواء ، فڪما ڪانت حواء امرأة خاصة فقط لآدم ، فــ „ رفيقي ” يريدها ڪذلك ، وليس في هذا الأمر من عجب ، فهذه هي تربيته وهڪذا -مدلل جدته ومن ثم أمه - عاش بين حريم العائلة .
سألها في طريق العودة :"هل لديك بعض الوقت لي بعد الإنتهاء من تناول العشاء " ،
أجابت بابتسامة تدل علىٰ الإيجاب دون التلفظ بــ نعم صريحة أو الموافقة الواضحة !،
فسُرَ ڪثيراً .. وڪاد يطاول السحاب فرحاً بيده ، ويرقض بين المروج مبتهجاَ ، تحرك ببطئ في الطريق فهو لا يريد أن تنتهي الطريق تحت أقدامهما ، إنه يريد أن يُحْڪِم شباك صيده ، ولا يرغب في فتق بين ثنايا الشباك خوفاً من هروب الصيد الثمين ، إنه عقلية الرجل الأول ، الذي ما تمدن ڪثيراً بعد مرور أحقاب وأحقاب عليه وعاش في مدنية وحضارة ڪما هو منظور .
إذن اللقاء في السابعة والنصف مساءً بعد تناول وجبة العشاء ، في القاعة الڪبرىٰ بجوار مڪتب الإستقبال .
-*/*-
„ رفيقي ” يتعمد إختيار ملابسه ويتخيَّر البدل وفق المناسبات ، إنه اللقاء الرسمي الأول معها خارج المنتجع الصحي ، نبرة صوتها تملأ أرجاء المڪان حوله ، إنه مازال يسمع صوتها ، بعد أن تناول عشاءه اتجه إلىٰ مائدة طعامها التي تجلس أمامها وحياها تحية قصيرة خاصة فقط لها دون بقية الحضور علىٰ نفس الطاولة ، وإن أماء برأسه إماءة خفيفة لمن جاورها ولڪن ليس بالتخصيص ڪما خصها ،
وهي لاحظت أنه يتعدىٰ الأعراف المعروفة والبروتوڪولات المتفق عليها والعادات الموروثة ويڪسر الحدود ويزيل السدود ويقلع الموانع بسرعة الريح وسرعة البرق ،
ڪعادته لا يرىٰ أمامه سدوداً أو يجد في طريقه حواجز ، وڪانت تنبهه برقة متناهية حتىٰ لا يفهم أنه صد أو إمتناع ، بأن هناك عين تراقبهما بل عيون ، وهي لا تريد أن يفهم المراقب أڪثر مما هو متاح له أن يفهم ، فحتىٰ الأن بينهما " علاقة مجاورة بين مريض في منتجع صحي مع مريض آخر " ،
علاقة عادية ليس فيها أي خصوصية .
نعم .. قابلها في الصالة الڪبرىٰ غير أنها حضرت قبله بثوانِ .. واعتذر عن أنها تنتظره فما قصد التأخير فردت برقتها المعهودة حين تتحدث معه :
" ڪلا ، بل أنا حضرت مبڪرة بعض الدقائق " .
تحرڪا في طريقهما إلىٰ حقول الطبيعة المجاورة لمسڪنهما .. والمروج الخضر بين الأشجار العتيقة التي زرعت منذ الأزل .. ڪما أحس بذلك وڪأنه يشم رائحة الحقبة الإمبراطورية فڪل ما حوله يذڪره بتلك الحقبة .
حالة ڪاملة من الهدوء النفسي ، والانسجام الذهني والهواء سَڪِنٌ في أعاليه ، والطبيعة تعزف سيمفونيتها ... لهما ... فقط ... بموسيقىٰ ملآئڪية تعزفها طيور السماء وعصافير الجنان وأوراق الشجر، وخرير جدول الماء الذي يمر بجوارهما ،
ظهرت عليها علامات السعادة ، بدءَ يلقي بمعصمه في الهواء بالقرب من يدها يريد أن يلامسها ، بعد قليل قال لها :
" اريدك أن تسيري علىٰ يساري أمشِ على شمالي! " ،
أجابت بدهشة :
" ماذا تريد !؟ .. لم أفهم ماذا تقول !؟ .. ماذا قلت !؟ " ،
فوجد أنها فرصة مواتية آخرىٰ جديدة ليشغلها ويدخلها إلىٰ عالمه الخاص به ڪما يرىٰ الدنيا وڪما يفهم الحياة !..
فقال لها وهو يعيد نفس الڪلمات لا يزيد عليها إمعاناً في إستجلاب دهشتها ، إذ هي لم تفهم قصده أو مرامه ، فقال لها :
" أريدك أن تمشي بجواري "..
وتوقف قليلا عن الحديث ثم قال :
" ولڪن علىٰ شمالي .. وليس علىٰ يميني ! " ،
سمعت الجملة ولم تفهم قصده ، فرفعت حاجبيها مستفسرة :
" ولماذا أسير علىٰ يسارك ، أريد أن افهم ، هل يمکنك أن تخبرني !! "
وظهرت بوادر أزمة عالمية بينهما ، وشعر بحالة إضطراب في مشيتها وارتجاج في نبرة صوتها ، وهي تردد :
" علىٰ يسارك .. على شمالك ! .
فأجاب برومانسية القرن الثامن عشر في أوروبا وبرومانسية شرقية جلبها معه من صحراء العرب يتقنها منذ صباه سُرِقَت بعض تفاصيلها من حڪايات ألف ليلة وليلة ، قال بصوت خفيض :
" حين تسيري بجانبي الأيسر ، أريدكِ أن تمشي بالقرب من قلبي " ،
وقبل أن تنتهي دهشتها أڪمل :
" حتىٰ لا يدق قلبي بشكل عشوائي ، بل تعتدل دقاته فيهدأ !!" .
تعجبت وعلت شفتيها ابتسامة الرضا ، ولعلها أساءت الظن به ..
ثم بدأت تسأله عن أحواله ومعيشته ؛ وأهله ومعارفه .. ولماذا آتىٰ إلىٰ النمسا خصيصاً ؛ كما وتسألت أين تعلم لغة « جوته » وما هي وظيفته الأن ؛ وماذا يعمل وفي أي مدينة يسكن ؛ وما هي المدينة التي ولد فيها - ولاحظ أنها لم نسأله عن جنسيته - ومتىٰ جاء إلىٰ فيينا .. وهل يعيش بمفرده أم له صاحبة أو صديقة أو متزوج وله أولاد ...
وسيل لا ينقطع من الأسئلة وضخ هائل من التساؤلات ، والاستفسارات .. فقد ڪانت تريد أن تعرف عنه ڪل شئ!..
فهي تريد أن تعرف ڪل شئ عن هذا الرجل الذي يرافقها ، فڪان يجاوب أحيانا بالمراوغة ، وأحيانا بسؤال بدلا من إجابة ، وڪانت تقاطعه دائما قائلة له :
" لڪنني أنا السائلة أولاً "
وإثناء حديثها .. ما فارقتها ابتسامتها علىٰ الإطلاق ، ڪانت هي - ڪما هو - في قمة سعادتهما ..
إذ أنه يرافق المرأة ، التي رسمها في خياله ووضع لمساتها الأخيرة قبل أن يأتي إلىٰ أوروبا ، المرأة التي يريدها .. تسير الأن بجواره .
غير الطبيعة لم تمهلهما ڪثيراً مِن الوقت وهما في حالتهما الإنسجامية هذه .. إذ بعد الهدوء النسبي الذي أحاط بالمڪان وهو لم ينتبه إليه ڪما انتبهت طيور السماء ، بدأ المطر يتساقط .. في البداية سخات تتلوها سخات!
فقالت بأدب جم :" هل يمڪنني أن أتأبط ذراعك !؟ " ،
فأجابها :" بالطبع .. بڪل سرور .. لي الشرف الجزيل أن أڪون مرافقاً قريبا منكِ " ،
إذ ڪانت هي التي معها مطريتها ، وڪان يجب أن يڪونا ملتصقين بقدر الإمڪان حتىٰ لا تبتل ثيابهما ، خاصة وهو يرتدي بدلة فاتحة اللون فقد تخيَّر بدلة توافق المناسبة وقرب قدوم الليل .
لعبت الطبيعة دوراً هاماً في قربهما أڪثر ، فتساقط المطر أوصل جسور الإلتقاء وجاءت نسمة باردة تصاحبهما لتڪمل المشهد الرومانسي .. فيزداد القرب بينهما وتتعلق بذراعه ، وهو - „ رفيقي ” - يحسن القيام بدوره مع مثل هذه المشاهد ، خاصةً إذا تتالت المواقف والصور وتغيرت الأحوال وشڪل الطبيعة يقرب الأحباب ، وتحت شجرة بلوطية منذ زمن الإمبراطورية النمساوية والملڪية المَجرية احتما تحتها وحين أقتربت أنفه مِن رقبتها ومِن الخلف قليلاً
قال لها :" ما أطيب العطر الذي تستخدمينه !" ،
إنه لا يملؤ خياشيم أنفي فقط بل يتسرب إلىٰ داخل ڪياني فيملأ تجاويف روحي وقيعان نفسي وغرف قلبي ويسير إلىٰ مخي من خلال شرايني "
يتوقف لحظة ليراقب الأثر الذي ترڪه حديثه عليها ..
ثم يستطرد القول :
" ما أرق هذا العطر وأجمله خاصةً إذا لامس بشرتك الناعمة ذات الملمس الحريري ،
ثم بصون هادئ ضعيف لا تڪاد تسمعه قال لها :
" أتسمحِ لي أن أستنشق هذا العبير ، ذلك المخلوط مِن العطر النفيس الذي يخرج من بين خلايا بشرتك .. ومن هذا الطيب الغالي الذي سقطت بعض قطراته علىٰ مَلْمَسِك الحريري .
--*//*-
المرأةُ أعجبت بطريقة حديثة ..
وبڪيفية رسم تعبيراته
وڪيف يبني جمله ..
ويخطط لمعنىٰ جديد تولد في الذهن لحظة قربه منها
ويعتمل المعنىٰ بداخله للحظات
ثم يخرجه في ڪلمات خاصة بها وحدها ..
يريد أن يسمعها أياها وعلىٰ أذنها هي فقط ، لذلك ڪانت دائماً تأتي جمله وتعبيراته تحتاج لفك طلاسم وتحليل رموز ، وهي التي دأبت أن تقول له :
" هذه الڪلمة نضعها في قاموس ڪلماتنا الجديد "
فيقول لها :
"وأنا سأصنع لها ڪتاباً خاصةً بك .. وصفحاته سألونها باللون الذي يعجبني "،
فترد عليه :
" وأنا سأنتظر بفارغ الصبر أول صفحة من ڪتابك هذا .. لأڪتب ڪلماتنا الجديدة بين دفتي هذا القاموس الجديد ، في الڪتاب الذي ستصنعه لي !.
وهذه الصناعة الجديدة .. صناعة ڪلمات وتعبيرات وجمل جديدة تعبر عن مشاعر إنسانية راقية .. تراكيب جُمل منحوتة في مخيلته هو فقط بتركيبات حروف وجمل ڪأنها لم تستخد م من قبل صاغها خصيصاً لتسمعها هي دون سواها من بنات حواء ..
هذه الصناعة ليست بالمسألة السهلة الهينة بل تحتاج بحق لــ ذهن خالٍ من المشاغل وقريحة متوقدة حاضرة متيقظة ساهرة على الصناعة .. ليستطيع أن يبدع ، فهو يريد أن يسمعها تعبيرات لم تستخدم من قبل ويعتبر أنه أول العاشقين وأنه أيضا آخرهم وأنه متميز عن الآخرين ..
هذه الخصوصية المڪلفة ڪثيراً من الوقت والجهد ، والعمل الذهني واستخراج المعاني الدفينة في النفس البشرية لحظة التعبير .. ليؤڪد لها أنها المرأة الوحيدة في وجود حياته ، والتي تستحق هذا العناء والمجهود وهو سعيد بذلك أيما سعادة .
.. توالىٰ سقوط المطر فترة من الزمان طالت عن القدر المعقول .. وهما صارا بمفردهما في الخارج .. فالڪل اراد أن يحتمي من قطرات المطر ، فمَن ذهب إلى داره أو مسكنه أو حانوت لشرب شئ ما ساخن .. غير أنهما أرادا المطر وأرادا قطرات الماء .. لعلها تغسل ماضٍ يراد محوه من الذاڪرة ..
وهذه النسمة الباردة التي أشتدت رويداً .. رويداً بصقيعها المنشط .. ڪأنها عاصفة خفيفة تهب من جنة العشق ومن روضة الرضوان ، وهما لا يريدان أن يختبأَ في مڪانٍ فيه ناس ، فقط تحت أغصان الأشجار وتحت ڪثرة أوراقها ولا حماية لهما من نزول قطرات المطر إلا الطبيعة نفسها سواء أكانت رحيمة أو قاسية ،
ويقول „ رفيقي ” لي :
" هكذا ڪان الإنسان الأول مع مَن أحبها فــ عشقها : المرأة الأولىٰ والوحيدة في حياته وفي العالم أجمع " ،
قصد „ رفيقي ” آدم مع حواء ..
إنهما معاً مع الطبيعة دون وسائل حماية .. يفترشان العشب الأخضر الطري ويلتحفان بسحابة في السماء الزرقاء ..
.. ومطريتها لهما معاً غير ڪافيه .. وهو يريد هذا القرب .. بل هو الفرصة الأن الوحيدة ليحسن مخاطبتها ڪما يريد ويهوىٰ وبالمسافات التي يريدها هو ويحددها ، وڪأن الطبيعة تساعده في أداء مهمته الأصلية ڪرجل ، ڪـ صائد يحسن نصب وفرش مصيدته ويغطيها بعشب .. فلا يراها أحد فيسقط صيده بسهولة ويمسك به دون عناء أو تعب ، وهي لم تڪن منزعجة من هطول المطر بل ارادت ڪذلك هذا القرب ولم تتأفف منه أو تبدي تعبيراً ينم عن المضايقة ، بل ڪنت تحثه بقولها :
" تڪلم إني أسمعك ! ، صوتك تحت المطر نغم جديد لم أسمعه من قبل " ،
وهو يقول لها :
" ما أجمل هذه الموسيقىٰ التصويرية التي تصاحب ڪلماتك حين تتحدثين معي أو حين أطلق عباراتي معبرة عما بداخلي " .
رويداً .. رويداً شعر ببرودة في أطراف قدميه ، فحذاءه الصيفي بدأ يمتلأ ماءً ، وجوربه بدأ يتسرب الماء إليه ، فقتربا من مقعدٍ وقال :
" هل أنت متعبة فتستريحين ! ؟
ثم قال :
" لا يصلح لنا الجلوس هنا فبالتأڪيد المقعد مبتل تماماً بالماء ، عذراً " ،
وأشفق عليها وخشىٰ أن تصاب بنزلة برد ، فقال :
" أترغبين العودة إلىٰ منتجعنا الصحي !؟ أم نبقىٰ قليلا لعل المطر يقلع عن الهبوط !؟ "
فأجابته :
" أريد أن أبقىٰ هنا للأبد .. بجوارك في الخارج .. بين الأشجار المبتلة وڪأنها تستحم .. وبين غسيل وجه أوراق الشجر .. فــ هذه الغابة بيتنا " .
هذه المرة وبسرعة غير معهودة في علاقة امرأة برجل تعرفت عليه منذ ساعات فقط ، ولعوامل الطبيعة لم يصبح „ رفيقي ” مجرد " مرافق " فقط .. بل صار أڪثر مِن ذلك ،
فــ للحظات ڪثيرة يلف ساعديه حول ڪتفيها ضاماً جذعها الطويل إلىٰ صدره مسمعاً إذنها اليسرىٰ حديثه - فهو ڪان يقف خلفها تحت شجرة البلوط حتىٰ لا يبتلا - ظناً منه أن الأذن اليسرىٰ أقرب إلىٰ القلب مِن اليمنىٰ فيسيل حلو الڪلمات وعسل الحروف علىٰ قلبها وتدرك بإحساسها الأنثوي أن هذا الرجل هو رجلها ، ورجلها الوحيد لا يشارڪها فيه أحد من بنات حواء أو إناث الجن أو نساء الإنس ، وهذا ما تريده ڪل امرأة أن تشعر به .
فڪم تمنيت أن أڪون - ڪما تقول العرب - الوِشاحُ ڪله المغطى حَلْيُ للمرأة ِ، ڪِرْسانِ من لؤلؤ وجوهر منظومان مُخالَفٌ بينهما معطوف أَحدُهما علىٰ الآخر، تَتَوَشَّحُ المرأَةُ به، يُنْسَجُ من أَديم عريضاً ويرَصَّعُ بالجواهر وتَشُدُّه المرأَة بين عاتقيها وڪَشْحَيْها
ڪم تمنيت أن أڪون وشاحها !
بدءنا نعد أنفسنا للذهاب إلىٰ ضوء المدينة بعد أن ڪنا سويا تحت عباءة السماء ذات الألوان الفضية وضوء نجم هناك وآخر بعيد عنه يرسل شعاعه مؤذنا بإنتهاء موجة سخات المطر ، والسحاب المحمل بوابل الصيب بدأ في الإنقشاع فترىٰ لمعان النجوم وبريق الڪواڪب ، ويطل الحاسن : قمر الزمان عليهما من علياءه بحياء لا يريد أن يڪشف ما يريدا أن يستراه عن الناس وعنه ، وڪأنه يدير وجهه الفضي عنهما لآخرين ليسوا علىٰ حالنا ، ويلمحا من بعيد ضوء سيارة تعبر الطريق .
.. النظام في منتجعهما أن يصل المرء قبل العاشرة مساءً ويغلق الباب العمومي في العاشرة والنصف ، وحين تدخل غرفتك وتضع مفتاح غرفة إقامتك تضاء الكهرباء ، وتضاء لمبة خضراء عند مُرَاجِعة الدور الذي تسڪن فيه مشيراً أنك الآن في غرفتك ..
لا يهم ڪيف حالك!؟..
أو فيما تفڪر !؟..
المهم أن الضوء الأخضر يضئ عند حارسة المرضىٰ !..
وأنتَ الآن في غرفتك !
ماذا نفعل الآن !؟..
أيذهب ڪل منا إلىٰ غرفته ليحرس نجوم الليل من سرقة العشاق الآخرين ، ويرعىٰ نجوم السماء خوفا من أن يفترسهم ذئاب البشر أو الحيوان ، لا مفر من ذلك!
فهذا نظام صارم وإن ڪنا في بلاد الحريات الأربع المقدسة وفق الدستور الأساسي للدولة وقانون البرلمان ، ولكن توجد بجوارهما نُظُم وقوانين تنظم العلاقات .. وإن ڪانت الحرية الشخصية - آحدىٰ الحريات الأربع - مصانة إذا تعديت سن الرشد ، ليس امامنا إذن من مفر من عودة ڪل طرف إلىٰ غرفته ليغلقها عليه ويتمدد بمفرده علىٰ مرقده وينتظر الغد ، ولعل الغد قريب .
لم يستطع أن يرافقها إلىٰ غرفتها فهذا ڪثير ، حيَّاها تحية المساء وتمنىٰ لها نوماً هادئاً بأحلام سعيدة وتلفظ بصوت خفيض:
أرجو لكِ أحلاما " عسلية " .
**

[ 44 ]
« الإستعداد للرحيل »
سيمر يوم الإثنين غداً وفي صباح الثلاثاء سيغادر المڪان والدنيا بعيداً عنها مسافراً أڪثر من ثلاثمئة ڪيلومتراً إلىٰ إتجاه مدينته الڪبيرة التي يسڪن فيها ، سيعود إلىٰ مزاولة حياته العادية ڪما ڪانت من قبل، وهي تبدأ فترة علاجها في منتجعهما ، قدر عجيب جَمَّعَ ولحظة أن وثقَّ فرقَّ .
أمامه بعض نهار الإثنين وربع مساءه ويتبقىٰ صباح الثلاثاء دقائق معدودات بعد تناول الفطور ويغادر جنة الرضوان .
**
إنها المرأة التي ابدعها خالقها في صورة الأنثىٰ الڪاملة فابدعت في معاملة الرجل العاشق ، صورتها في خياله ڪما في الكراسة التي ڪتبت له علىٰ صفحاتها مشاعرها حين غاب عنها في رحلته الموسمية إلىٰ جزيرة العرب ، نظر لصورتها فأمطرت السماء دموع الشوق والجوىٰ ، إنها المرأة الوحيدة التي ارغمته ـ ڪما أعترف لي ـ علىٰ البكاء أمامها وفي غيابها حين قرر أن يبتعد عنها ، وعزيز علىٰ الرجل البڪاء حين يفارق ، وأليم علىٰ المرأة الفراق حين يودعها الرجل الذي عشقها ، تبعثرت اشياءها في ڪل أنحاء المڪان الذي يعيشه ، قاصدا أم ناسيا إنها تريد أن تبتلع وجوده في ڪينونتها فقد أغرقته بأشياء في ڪل مناسبة لتظل هي المرأة الوحيدة في العالم وفي حياته وإن فارقها .
**
فهل للقصة من بقية ،
لعل الجواب يأتي من صاحب القصة ، وهذا ما انتظره من „ رفيقي ” » ؛ ـ ....

-*/*-*/*

« القصة بدأت »
[ 45 ]
........... ...........
elramady muhammad -
Vienna
نابل – الحمامات الجنوبية
Regency نُزل ريجنسي ـ
الخميس 31 ديسمبر 2009م
آحدىٰ الورقات من کراسة إسکندريات
ڪانت في تونس الخضراء القراءة الأولى لهذه الرواية
وهذه هي القراءة الثانية خاصة لمنتديات بنات مِصر ...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) *
نهاية الجزء الأول من :
﴿ رُوَايَّةُ : « „ الْرَجُلُ الْمَشْرَقِيُّ ” ».﴾
(د .الْفَخْرُ؛ الْإِسْــڪَـــنْدَرَانِيُّ؛ ثم الْمِصْرِيُّ مُحَمَّدُ فَخْرُالدينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْــڪَــنْدَرِيَّةِ)
‏السبت‏، 12‏ شعبان‏، 1444هــ ~ الموافق: 04 مارس 2023م
-*/*-







  رد مع اقتباس
قديم منذ /03-18-2023, 01:13 PM   #125

من مبدعي المنتدى

 

 رقم العضوية : 72385
 تاريخ التسجيل : Jul 2011
 الجنس : ~ رجل
 المكان : بين أمواج ورمال الْإِسْكَنْدَرِيَّة
 المشاركات : 7,289
 النقاط : د. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond reputeد. محمد الرمادي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 3594
 قوة التقييم : 2

د. محمد الرمادي غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

25 وسام الحضور المميز مميز فى القسم الاسلامى 

افتراضي 45 غربةٌ!

45 غربةٌ

الجزء الثاني
من

﴿ رُوَايَّةِ : « „ الْرَجُلُ الْمَشْرَقِيُّ ” ».﴾
وَرَقَةُ مِنْ ڪُرَاسةِ إِسْڪَنْدَرِيَّاتٍ

.. « „ رحلةُ بناءِ الذات الآدمية .. ومشوارُ بناءِ مستقبل إنسان .. وتحسين ڪامل وضعه الاجتماعي والمادي بين الناس .. بطريق مشروعة أو بوسائل غير قانونية .. وإعتلاء مرڪزه المرموق بين الأنام والذي يرغب فيه والذي عمل من أجله سنوات .. ولعل الأصعب : ڪيفية تڪوين وبناء الشخصية الإنسانية بشقيها : العقلي الفهمي الإدراڪي ؛ والنفسي الباطني الروحي .. ليستوعب من خلالهما -العقلية والنفسية- دوره المنوط به ڪإنسان .. فيترتب على ذلك ڪيف يقضي بشراً سنوات عمره .. وڪيف يحيا إنسان ويعيش أيام حياته .. ڪيف يصبح آدمياً -بالفعل- بصفات ونعوت الآدمية الأصلية من حيث الخَلق وأوصاف وخصائص ومزايا الإنسانية المڪتسبة من خلال نوع التربية ودرجة التثقيف ومستوىٰ التعليم .. بعد هذا القدر الڪبير مِن التڪريم والقدح المعلىٰ من التبجيل ؛ والمقدار العظيم من التفخيم والمستوىٰ العالي من التقدير ” » ..
.. ويسڪت برهةً „ رفيقي ” عن الحديث ڪأنه يستجمع بنات أفڪاره .. ثم يعاود إڪمال حديثه :
« „ أولاً في شخص أبي البشرية آدم .. تڪريم لمخلوق لم يحدث من قبل ولن يحدث من بعد حيث الخلق الأول ؛ والإيجاد علىٰ غير مثال سابق يحتذىٰ به ؛ والتڪوين دون استشارة لأحدٍ من الموجودات والخلائق ؛ والتنشأة بيده - سبحانه - من عدم .. ونفخ الروح منه - صاحب الأمر والنهي ؛ والذي أمره بين الڪاف والنون - .. والذي إذا أراد شيئاً يقول له ڪن فيڪون دون تعب أو نصب أو إعياء وحين ينتهي من الخلق فلا يصيبه فتور أو ملل .. فــ تعليمه الاسماء ڪلها .. فــ سجود الملآئڪة له جميعها تقديراً لعلمه واعترافاً بفضله تڪريماً وليس عبادة .. ما عدا إبليس اللعين .. آبىٰ واستڪبر ورفض الأمر ولم يطع .. ثم يأتي تڪريم من نوع جديد إذ إسڪنه خالقه الجنة مع زوجه لزمن وجيز وعمر زهيد .. فاثبت الآمر الناهي منذ اللحظة الأولىٰ لخلق الإنسان - آدم وزوجه - قضية الأمر والنهي وقضية الثواب والعقاب .. ثم بعد ذلك يثبت الخالق وجوده في عملية تخليق نسل الإنسان الأول - آدم - وذريته بطريقة آخرى مغايرة تماماً للأولىٰ إمعاناً في تثبيت فڪرة الخلق من عدم والإيجاد من لا شئ .. ففي الحالة الأولىٰ الخلق من تراب ليس فيه حياة أو مظاهر حياة .. وفي الحالة الثانية الخلق من نطفة ليس فيها حياة أو مظاهر حياة حتىٰ يأتي مَلك الأرحام من قِبل الرحيم الرحمن فيثبت الحمل من بعد إذنه في ظلمات الأرحام .. ڪما يحدث لــ إنسان اليوم وإبداعه في أحسن تقويم وأڪمل تڪوين وأعلىٰ وأرفع إنشاء ” » ..
-*-
.. بدء „ رفيقي ” أمسيته معي بـ مقدمته هذه في مسامرتنا شبه اليومية ذات ليلة .. وغالباً لا يڪون لها عنوان معين أو قضية تبحث .. بل توارد أفڪار .. وبتلك العبارات والجمل والتراڪيب الإنشائية والقدرات البلاغية .. وغالب مقدماته تتناسب مع الموضوع الذي يغرد حوله ويرغب في الحديث عنه أو المسألة المبحوثة .. وڪان أحياناً يفتخر أنه قارئ جيد منذ نعومة أظافره لڪبار الڪُتاب - وخاصةً المِصريين - في الجرائد السيارة .. أو أجلاء العلماء في علوم الفقه والتفسير .. وهم - الڪُتاب والعلماء- ڪانوا يحسنون تقديم مقدمة رائعة جيدة ڪمدخل للموضوع المبحوث أو الفڪرة التي يراد عرضها .. وڪان يخص دائماً مقالة الأهرام المِصري اليومي تحت عنوان « „ بصراحة ” » لــ « „ محمد حسنين هيڪل ” » ؛ وڪان معجباً ڪثيراً به ؛ وڪيفية طرحه لمباحثه وسرد وقائع حدثت ، وأن صرح عدة مرات أنه لم يڪن يفهم ڪل ما يڪتبه هيڪل في مقال صراحته! ..
ڪما صرح بما لا يدع مجالاً للشك عند السامع بأنه معجب بالزعيم الخالد صاحب الڪريزما « „ الطاغية ” » .. وڪان دائماً ينبه علىٰ أن وصفه يعود علىٰ الڪريزما وينبه أن الصفة تعود علىٰ أقرب مذڪور في جملته ، خاصةً وقد انقسم الناس في تقديره إلىٰ ثلاث فرق : فرقة تمجده ؛ وفرقة تڪفره ؛ وفرقة تقلل مِن شأنه وتبحث عن مثالبه وعيوبه .. وقد لاحظ « „ رفيقي ” » تقاربا فڪرياً بين الرجلين .. ناصر العروبة ورافع شأن العرب وهيڪل الصحافة رجل الثقافة ..
ثم .. أڪمل „ رفيقي ” قوله:
.. « „ وتبدءُ معالم هذا المشوار الإنساني لڪل فرد ؛ وتفاصيل هذه الرحلة ومسائل وقضايا بناء الذات الآدمية .. والشخصية الإنسانية بشقيها .. تبدءُ عادةً مبڪراً جداً .. وتبدء حتىٰ قبل التلقيح بين ذڪر وأنثىٰ .. في جانبٍ متدنٍ من علاقة ثنائية حميمية والتي تحرڪهما فقط قطرات من هرمونات تفرز من غدد جسدهما فتحرك بعض أعضاء البدن .. والباعث عند كلٍ منهما رغبة في الشعور بالإشباع مع أدنىٰ شعور بإحساس وأقل تقديم أو تقدير من المشاعر .. أو .. . ” » ..
ويعتدل „ رفيقي ” في جلسته ناظراً إلىٰ سماء الغرفة .. ثم يقول بصوت متزن :
.. « „ أو علاقة ڪأنها علوية ؛ ڪما تصورها أساطير الآله الإغريقية أو رسومات ونحوتات الفراعنة علىٰ جدران معابدهم .. أو التي يتغنى بها فطاحل الشعر العربي سواء المعلقات أو المذهبيات أو ما ثبت في ديوان العرب قديماً وحديثاً .. يلقي ويبوح بمشاعره علىٰ مقربة من أُذن حبيبته وجانب معشوقته الأيسر .. فخلد التاريخ المقولة وحفر الشاعر اسمه علىٰ جدران صحائف العشق العذري حين تتوارىٰ خلف ستائر العفة فيلفها العفاف ويخبأها الحياء .. تلك العلاقة ذات الأبعاد فوق مادية بين رجلٍ يحترم ذاته وامرأةٍ طاهرة الذيل في جانب آخر من الإشباعات .. وليس فقط إشباع الجسد .. في جانبٍ راقٍ في التمازج .. فــ يسبق الإحساسَ بها -الأنثىٰ- الإدراكُ أن بجوارك ڪائن موجود مرهف الإحساس رفيع الشعور تخدش خده نسمة فجر عليل .. يحتاج لـ مشارڪة وجدانية روحانية قبل تقارب بدني أو إلتصاق جسدي .. ” » ..
ثم يعمق „ رفيقي ” النظر في اتجاه ما فيڪمل قائلاً:
« „ وإن ڪانت في الظاهر - عند الفريقين: ذڪر/أنثىٰ أو رجل/امرأة - المحصلة متقاربة أو متشابة : إذ هي إشباع لمظهر من مظاهر غريزة النوع .. ولڪن ڪيفية الإشباع ودرجة علو الشعور ومدىٰ صدق الإحساس ؛ وما يترتب علىٰ هذا السمو في العلاقة من مشاعر راقية وعواطف جياشة حقيقية .. وإڪمال بقية مشوار الحياة مع هذا الڪائن الأنثوي يختلف ڪثيرا كــ إختلاف الليل والنهار أو أڪثر بڪثير .. ولعل هناك آثر ينبه الجميع يقول :
.. « „ لا تقعوا علىٰ نسائكم ڪالبهائم ” » [(1)] ” » ..
يتوقف „ رفيقي ” عن الحديث ثم يبدء بقوله :
.. « „ وعملية بناء هذا الوجود في هذا الڪيان الإنساني يبدء قبل عملية التخليق ومراحلها المتعددة والمختلفة .. ثم وجود الإنسان فعلاً وحقيقةً بصورته هذه الحالية المشاهدة للعين الناظرة أو الفاحصة .. ” » ..
ثم ڪأنه يرغب في توجيه الخطاب إليَّ أنا شخصياً :
.. « „ .... إذ أن اختيار أم لولدِكَ تبدءُ قُبيل تخصيب بويضتها (الخلية التناسلية الأنثوية ´Eizelle´ ) وتلقيحها بالسائل المنوي (Sammenflussigkeit ) سواء كنت -فقط- ذكرا ما أو بالفعل أنتَ رجل تحمل سمات الرجولة وعندك مفهوم الفحولة وتملك مجموعة مِن القيم النبيلة عن الحياة ؛ وتستحوذ علىٰ كتلة مِن القناعات الراقية حين تمارس افعالك وأقوالك وتصرفاتك في الحياة ؛ وتجمع حزمة المفاهيم الرفيعة عن الحياة صحيحة ؛ ومقاييس غير قابلة للتفاوض سليمة تصهرها (القيم القناعات المفاهيم المقاييس) جميعها في بوتقةِ مبدأٍ صحيح سليم يقبله العقل فيطمئن إليه القلب فتطبقه الجوارح فتهدأ النفس وترتاح الروح .. إذ بمجموع مڪونات هذا المبدأ تحدد سلوڪك اليومي في الدنيا التي تعيشها .. ” » ..
وڪأنه انتهىٰ من مهمة الشرح والتوضيح لڪنه تذڪر شيئاً ما ڪأنه غفل عنه أو نسي أن يبينه فقال علىٰ الفور دون إلتقاط الأنفاس :
.. « „ .. ڪذا اختيار أب لولدِكِ يبدء قُبيل الإفتراش[(2)] .. ” » ..
وڪأن أنضم لمجلسنا ضيف ثالث دون أن ندري بوجوده فقال موجهاً الحديث للضيف الحاضر :
.. « „ .. ولقد علمنا رسول الإسلام - مع أميته؛ وهي علامة سامقة للإعجاز العلمي والتفوق التشريعي والمنهجي في الإسلام؛ وأميته آية واضحة لصدق نبوته - إذ أنه قد تحصل علىٰ جوامع الڪلم - فهو علمنا بجانب العقائد وأحكام العبادات .. علمنا محاسن الأخلاق وعالِ السلوڪيات فيقول في حديث له ؛ مخاطباً الشباب والرجال :" [اللَّهم بَدِّلْه بالعَهْرِ العِفَّةَ] "[(3)]. فتبدء عملية اختيار أب لولدِكِ قُبيل الجلوس بين شعبكِ[(4)] الأربع ؛ فإذا أراد الخالق المبدع المصور - لحكمته وعلمه السابق - تخليق جنين بُعيد لحظة استمتاع ولذة وإنسجام قد لا يدرڪها أحد الطرفين فسيتم هذا سواء مِن صحيح نڪاح فسيڪون لهما ثواب .. أو ذميم سفاح فلهما عقاب .. ” » ..
توقف „ رفيقي ” عن حديثه وإن أراد الاسترسال !.. بيد أنه اِقْتَضَبَ كَلاَمَهُ : فاِرْتَجَلَهُ، وظهر لي أنه تَكَلَّمَ مِنْ غَيْرِ إِعْدَادٍ لما يريد أن يقول ويخبرني به .. فقال :
.. « „ .. في حقيقةِ .. ” » ..
وسڪت .. ثم سحب شفطة مِن ڪوب الشاي بالحليب الذي يرغب تناولة مساءً قبيل ذهابه لفراشة ليخلد إلىٰ النوم :
.. « „ في حقيقةِ الأمرِ يعيش الإنسان في عدة أنواع من الغربة .. غربة في فڪره تعارض ما تلقاه من تعليم .. وآخرىٰ في عقيدته تتعارض مع تربية الأجداد وإيمان العجائز .. وثالثة في محيط معاشه وزملائه وأقرانه وما يستحدث من تقاليد تعارض عادات تربىٰ عليها .. ورابعة غربة عن إدراك نفسه ومعرفة ذاته مع هجمة لأمركة الحياة وتغريب العرب ” » ..
ثم توقفنا معاً عن التنفس .. وڪأننا اغتربنا عن بعضنا البعض ونحن في نفس غرفة المعيشة!
-*-
وعاد بي „ رفيقي ” .. لسنوات خلت .. فتحدث عن العام الدراسي الجامعي الأول في مسيرته الدراسية ..
فقد أراد „ رفيقي ” .. الابن الوحيد لأبيه الحي ؛ والذي لم يتجاوز سن الخمسين مِن عمره ..
أراد أن يڪون أحد طلبة القسم الداخلي في سڪن المدينة الجامعية ..
والطريف إن إدارة المدينة الجامعية قبلت أوراقه مع أنه يسڪن في نفس المدينة .. الْإِسْــڪَنْدَرِيَّةِ ..
ولعلها هي الخطوة الأولىٰ في الاستقلال عن العائلة ولو جزئياً .. والرغبة الدفينة في الاعتماد علىٰ الذات ..
وڪان في ڪل نهاية إسبوع .. تقريباً عصر الخميس يأخذ ملابسه المتسخة ڪي تنظفها له أمه وتڪويها وترتبها في شنطة سفره الصغيرة .. وتعطيه ما يحب مِن الحلويات والتي تصنعها خصيصاً له وتڪفيه لمدة إسبوع .. وكان يقسم قطع تلك الحلوىٰ علىٰ مدار الأيام التي سيبقيها في سڪن الطلبة الداخلي -في دولاب ملابسه -!
وڪان سعيداً في حياته تلك الجديدة ..
ففطوره .. وغذاؤه .. وعشاؤه جاهز يتناولة دائماً في مواعيد بعينها .. ڪي يتمڪن من حضور محاضرات اليوم الواحد .. والمناخ المحيط بسڪن الطلاب ڪان صحياً .. فهواؤه نظيف عليل .. فلا ضوضاء تسمع لـ سيارات ولا غبار يستنشقه المرء من سير عربات ولا أصوات مزعجة تأتي من الخارج عبر النوافذ ..
لڪن توجد عنده مسألة قديمة وهي حبه للإنفراد .. اقرب ما يڪون للإعتزال عن محيطه..
وهذه قد فهمتها بناءً علىٰ أنه ابنا وحيدا لأبويه !
ولعل „ رفيقي ” يتذڪر أنه في آحدىٰ الأمسيات جاء عميد الكلية وطلب جمعهم .. ثم حدثهم أن بعض الطلبة في ڪلية الحقوق والأداب يحتجزون عمادة الڪلية وأنه يجب عليهم فك هذا الاعتصام وإنهاء هذا الحصار .. وتم تحضيرهم .. طلبة السڪن الداخلي .. طلبة ضد طلبة .. دون تدخل أمني .. وفي آخر لحظة .. وڪأن وزارة الداخلية فرع محافظة الْإِسْــڪَنْدَرِيَّةِ .. قررت خلاف ذلك فلم يحدث شيئا ما!
ولعل إقامة „ رفيقي ” في سڪن الطلاب يعتبر مرحلة أولىٰ في رحلة الإغتراب! .. والبعد عن محيط العائلة !
والطريف أن بقية سنوات الدراسة في الجامعة قرر أن يغادر ڪل يوم مِن بيته مشياً علىٰ الأقدام مسافة ثم بالمواصلات العامة المسافة البعيدة المتبقية في اتجاه ڪليته!
وقرار دخوله إلىٰ تلك الجامعة ڪان اقتراحاً وجيهاً مِن أبن خالته الأستاذ „ حسن ” .... وحيثيات رأيه أنه بعد أربع سنوات دراسة سيحصل علىٰ درجة جامعية „ بڪالوريوس ” .. والناس بتنظر إلىٰ الشهادة الجامعية نظرة مختلفة لمن يحصل فقط علىٰ شهادة دبلوم متوسط أو عال!
وهنا تأتي نظرة المجتمع والناس للتعليم ودرجته! .. والشهادة الأڪاديمية .. وإن ڪان الميڪانيڪي و الورشـــچــي يحصل دخل يومي ما يعادل دخل خريج جامعي في شهر!
* * * * *
في الراحة الصيفية للعام الدراسي الأول في الجامعة أراد „ رفيقي ” أن يسافر في تلك الشهور ويغادر مِصر ..
ولڪن إلىٰ أين!
وڪان في تلك المرحلة من تاريخ مِصر .. السفر .. والتغريب ڪأنه موضة!
ولا يدرك أو يستوعب „ رفيقي ” .. أهل هذه متماشية مع سياسة الانفتاح التي اعتمدتها إدارة الدولة وقتذاك .. أم لا!
.. وقُبيل مغادرة „ رفيقي ” مسڪنه في أول رحلة صيفية له خارج القُطر المِصري .. تجد أجواء منزله مضطربة قليلاً .. فوالده لا يحبذ فڪرة سفر ولده الوحيد إلىٰ الخارج ..
إذ مَن يسافر يريد أن يحوش مِن عمله في الخارج ليتمڪن مِن فتح محل خردوات أو سوبر مارڪت أو ورشة أو معرض أحذية أو ملابس مستوردة أو يشتري شقة ليتمڪن من الزواج والعيش فيها..
وعائلة „ رفيقي ” ميسورة الحال!
وهو ما زال في بداية سنوات مستوىٰ تعليمه الجامعي ..
فلما الرغبة الملحة في السفر! ..
وبالتالي.. لم يساعده والده بــ قرش تعريفة واحد أو مليم أحمر في ثمن التذڪرة .. تبياناً له أنه غير راضٍ عن تلك السفرة ..
إذ لا يوجد مسوغ معقول لترك بلاد النهر الفضي وسواحل البحر الأبيض أو الأحمر ورمال شواطئهما والعمل عند العباد في آخر البلاد ..
والطرافة أن التي ڪانت موافقة تماماً علىٰ مغادرة البلاد والسفر لبلاد الغربة .. ڪانت أمه! .. جدته لأبيه قد أنتقلت إلىٰ رحمة الله تعالى ..
و „ رفيقي ” لم يڪن لديه من طرف أمه ما يبرر تلك الموافقة .. ولعلها .. رغبتها الدفينة أن يعتمد ابنها المدلل علىٰ نفسه .. وأن يصبح „ رجلاً ” بالفعل „ ملو هدومه ” ....
ولم يحدث نقاش عائلي بصوت هادئ أو عال يُبين وجة نظر مَن يوافق أو مَن يعترض!..
ولعلها طريقة تربية .. أن يفهم أحد افراد العائلة ما هو المطلوب منه دون إبداء الأسباب .. أو مناقشة بطريقة ما !
* * *
قُبيل مغادرة „ رفيقي ” مسڪنه في أول رحلة صيفية له خارج القُطر المِصري .. أخذ يفڪر إلىٰ أين اتجاه الرحلة الأولىٰ له في حياته العملية ..
فاقترحت عليه الوالدة السفر إلىٰ ليبيا .. دولة مجاورة لمِصر .. توجد حدود مشترڪة بين الدولتين .. وقد شاع السفر إليها .. ويجلب المغترب مِن هناك أدوات ڪهربائية للمطبخ ولوازم غرفة المعيشة وما يحتاجه البيت .. وطبعاً تحويشة .. ليبني بيتاً علىٰ الأرض الزراعية فتقلصت مساحة الأرض المزروعة .. وبالتالي قلَّ محصول وإنتاج الأرض مِن ما يصدر للخارج للحصول علىٰ عملة صعبة أو ما تحتاجه البلاد والعباد من خضروات وفاڪهة أو حتىٰ برسيم للبهائم .. أو يفتح - المغترب الذي عاد - محل بقالة أو ورشة فلا يفلح الأرض أو يزرعها .. وقس هذا ڪذلك علىٰ عمال المصانع .. إذ لا توجد سياسة رشيدة في المعاملة سواء مع المزارعين ومحدودية الأرض المزروعة منذ مئات السنين أو مع العمال وتجديد آلات المصانع!
وفي المقابل فقد سهل العقيد معمر القذافي سبل الدخول إلىٰ بلاده والمغادرة .. وقد فُتحت بالفعل الحدود والمرور ببطاقة إثبات الهوية الشخصية ..
ولعل مِن الأخطاء الجسيمة التي وقع فيها رجال إدارة الدولة المِصرية -وقتذاك- ذلك الانفتاح .. لما ترتب عليه العديد من مصائب.. خاصة البنية الإجتماعية ودخول غريب ثقافة علىٰ المجتمع المِصري .. خاصة ثقافة البدو -مجتمع مغلق- في مجتمع مدني - مجتمع مفتوح علىٰ ثقافات العالم- ومقولة عميد الأدب العربي: „ نحن - مِصر - قطعة من أوروبا ”!
فقد غادر فلاحو مِصر الأرض الزراعية للعمل في دول الخليج أو ليبيا .. ڪعمال بناء .. ڪما غادر عمال المصانع آلاتهم ڪي يجمع الجميع حفنة مِن البترودولار ..
خطأ ضخم وقعت فيه إدارة دولة بحجم مِصر ..
وقد نفهم -بالعافية أو بالذوق- .. فنبرر إعارة المهندسين لبناء دول صحراوية وتشييد مبان شتىٰ حڪومية ومدارس ومشاف .. أو إعارة مدرسين لتعليم شعوب منطقة لا تحسن القراءة .. أو إعارة أطباء وطاقم تمريض .. إذ لا توجد في تلك البلاد -وقتها- البنية التحتية لشكل أو بناء دولة .. يوجد فقط مصدر تدفق أموال .. وهذا ڪان في الستينات من القرن المنصرم ..
* * * *
في بداية السبعينات - وفي شهور الراحة الصيفية للعام الدراسي الأول - ڪان قريباً لــ „ رفيقي ” يعمل في ليبيا .. فسهل الوصول إليه .. حين عرف عنوانه ..
والإشڪال أن „ رفيقي ” لا يحسن صنعة بعينها فهو تلميذ مدرسة فـ طالب جامعي .. ولم يتعلم صنعة ما .. فماذا سيفعل في ليبيا وسوق العمل في ليبيا يحتاج صنيعية مهرة .. وقدراً ذهب لجريدة الجمهورية والتي تصدر في طرابلس الغرب وتحدث مع أحد الصحفيين .. ورق لحاله فقال له :
„ سوف أجد لك عملاً .. عند أحد الأصدقاء أو المعارف .. أعطيني مهلة يوم أو اثنين! ” .
بالفعل عمل محاسباً في مصنع شرشور ؛ أي تقطيع الحجارة .. وقد ڪُتبتْ له الحياة من جديد ڪما أخبرني .. إذ وجد تحت مخدة رأسه „ عقرب ”!
ولعلي أتحدث عن تلك الواقعة في الصفحات القادمات!
والأسوأ في هذا الانفتاح في مِصر ڪانت الزيجات التي تمت بين بنات مِصر العذارىٰ البڪارىٰ وبين مَن يحمل بعض الورقات البنڪنوتية مِن البترودولار ..
وفي آخر زمن ڪان „ رفيقي ” يذهب إلىٰ أستاذه « „ أُدولف ” » ڪانت هناك شابة بطفلها الرضيع تريد الطلاق مِن زوجها الليبي حيث ڪانت معاملتها من ابناء هذا الرجل وزوجته الأولىٰ معاملة الجارية .. وليس الزوجة الثانية أو الثالثة وليس معاملة حتىٰ الخادمة! .. وإن أنجبت منه طفلاً!
* * *
قُبيل مغادرة „ رفيقي ” مسڪنه في أول رحلة صيفية له خارج القُطر المِصري .. جلس مع والدته في صالون البيت ووضعت يدها علىٰ رڪبتيه وبصوت هادئ قالت له :
.. « „ عاوزه أقول لك ڪلمة اسمعها .. وحطها حلقة في وداناك ” » ..
.. « „ .. أسمع .. ” » .. :
« „ مَن زَنا في غُربَتِهِ أرجعَهُ اللهُ خَائِبَاً ” » ..
مفاجأة مِن العيار الثقيل اصابت أذنه لما سمعَ .. فتنفس بصوت عال مسموع أمامها ..
ثم نظر إليها راغباً في التوضيح..
ثم قال:
.. « „ ده أنا مسافر إلىٰ ليبيا.. وهي ليبيا .. ” » .. - وابتسم ابتسامة بلهاء - ..
وقال :
.. « „ يا حاجه .. هي ليبيا فيها نسوان.. دول عاملين زي غفر العمدة بــ بلطو الدورية أو حرس السواحل فوق الإبل والجِمال .. وڪمان رجالتهم بيجوا عندنا علشان يأخذوا بناتنا.. وإللي موش نافع لكن عاوز بيروح شارع الهرم! .. ” » ..
تڪلمت معه أمه بجدية وإنفعال قائلة بنبرة حادة:
.. « „ النسوان .. نسوان .. يا فصيح (!).. نسوان في الهند .. أو في السند .. نسوان في الصين.. ولو رجليها لڪعبيها مغروزة في الطين .. في اليابان .. في باڪستان .. النسوان نسوان .. يا أبو سلسلة ذهب علىٰ قلبه .. وفاتح صدر القميص للبنات ”
ثم تنفستْ هي الآخرىٰ بصوت عال مسموع قائلة له :
.. « „ وأنا خائفة عليك .. إنت حبيب روحي .. وروح قلبي وابني الوحيد .. ” » ..
ثم بدأت دمعات حارة تسيل علىٰ خدها الرقيق .. ثم قالت :
.. « „ تلهفك واحدة مِن إياهم .. ” » ..
وأرادت أن تنبهه .. فقالت وهي تحتضنه :
.. « „ إنتَ متعرفهومش .. ” » ..
فقال ببراءة الأطفال :
„ هُمَّ مييين(!؟) ”
والتعبير الأخير واضح تماماً :
« الخوف » علىٰ وليدها الوحيد .. وهو صار رجلاً . شاباً .. وهذا مفهوم .. فما عاد صبي العائلة .. غلام مدلل الحريم .. أو طفل ونيس النساء الجالس فوق حِجْر خالته أو عمته أو زوجات أعمامه أو أخواله .. وما عاد حبيس المرأتين .. وقد لاحظت ميلَه الواضح للبنات!
ولڪن الجملة الأولىٰ .. المقطع الأول طبعاً يفرق عنده ڪثيراً.. فليس عنده ڪما يقولون جهلة الذڪور :
« „ ڪل القطط رمادية اللون في الظلام ” » [(5)]
وڪي لا نعيب علىٰ أحد فــ حقيقة الأمر .. المسألة .. مسألة أذواق .. وميول ..
وبالقطع فأمه تعلم الڪثير عن قطط الظلام وحتىٰ قطط بداية النهار ووسط النهار وقطط العصر وقبل أو بعد الغروب والفجر وقطط الليل : بحڪم سنها ؛ وبحڪم تجارب الأخرين ؛ وما يبلغ مسمعها؛ وما ترىٰ مِن أحداث وتعلم من مواقف! وافلام الشاشة الفضية المِصرية ! .. وبالطبع افلام الڪاريوڪا .. الست تحية .. وافلام هند رستم .. مارلين مونرو الشرق ..
وهي بالقطع تعلم الڪثير من الحڪايات والقصص عن النساء ؛ ثم قالت :
.. « „ وأنا بالتأڪيد أعلم أن :
« „ كَيْدَهُنَّ عَظِيم ” » [(6)] ..
وتعلم بالتفصيل المريح والممل .. قصة دخول حوا .. وهي - حواء - جارة بالقرب من ورشة أخيها وڪيف دخلت واسحَبت إلىٰ بيت العائلة وقولها لأمها -جدة „ رفيقي ” .-. أنها ؛ أي حواء هذه :
« „ تحب يوسف – ابنها - أڪثر منها ” » أي مِن أمه!
وهي جملة لم تفهم علىٰ مستوىٰ العائلة ..
إلىٰ أن قال يوسف - خاله - :
« „ أنني لا أخاف مِن عشرة رجال مجتمعين .. ولكنني أخاف منها ” ». وقصد حواء .. الجارة ..
وحوا هذه .. نعم .. ڪما وصفها „ رفيقي ” تملك مواصفات الجمال .. فهي من بنات الشوام .. قيل أنها من جبل لبنان .. شقراء الشعر .. بيضاء البشرة . بيد أنها قصيرة جداً فهي أقرب إلىٰ الأرض مِن أن تراها العين .. وڪما ڪانوا يقولون زوجات أخواله :
„ دمها واقف ” ..
„ دمها بارد ”..
„ ما فيهاش ريحة الأنوثة ”
ولا يدري „ رفيقي ” .. أهذا غيرة نساء من بعضهن البعض أم أنها حقيقة في عيون نساء!!..
لا أحد يعلم ما مدىٰ العلاقة بين يوسف - الخال - وبين تلك المرأة .. فهي تڪبره في السن بڪثير .. ومتزوجة .. ولها أولاد بالقرب مِن سن يوسف نفسه !.
لڪن ما هي العلاقة بين يوسف - الخال - وبين تلك الجارة حواء والتي تڪبره في السن .. وهي اقرب ما تڪون من حيث سنها إلىٰ سن أمه أو خالته الڪبيرة أو أڪبر عماته!
ولعل هذا الغموض في تلك الرواية عن حواء .. الجارة قد يفسر قول أم „ رفيقي ” إن
« „ كَيْدَهُنَّ عَظِيم ” » [(6)]
.. ولم يتمڪن أحد مِن فك رموز تلك العلاقة !
ما يهم أن هذه الجملة :
« „ مَن زَنا في غُربَتِهِ أرجعَهُ اللهُ خَائِبَاً ” » .[(7)].
احتسبها رفيقي أنها حديث شريف ! فامتثلها في وجوده الطويل في بلاد الغربة وعلىٰ أرض الغرب!..
ثم أردف قائلاً :
.. « „ فما حال أبناء التجمعات الإسلامية في بلاد الغرب ؛ خاصة الجيل الثاني الذي وُلد وتربى هناك .. والجيل الثالث ؛ والجيل الرابع الذي علىٰ وشك القدوم إلىٰ الدنيا .. أو أبناء الإنترنت المفتوح علىٰ البحري في بلاد العرب والعجم .. بلا رقيب أو حسيب! ” » ..
سؤالٌ ألجمنا .. فلم نستطع أن نڪمل الحديث .. ولم نتمڪن من نوم هنيئ تلك الليلة(!)..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) *
ملاحظة :
كــ كاتب لـ هذه الرواية ونقلا لأحداثها من „ رفيقي ” .. اضطررت لأستحداث حواشٍ اسفل الصفحة لتعريف القارئــ(ــة) الكريمـ(ـة) بما قصد وحتىٰ لا يختلط الحابل بالنابل!.. فقد اتضح كثيراً أن العامة تستخدم جمل تنسب خطأ إلى سُنة نبي الإسلام أو تنطق بخلاف موضعها الصحيح من الكتاب!.
[(1)] ( لا يَقَعَنَّ أحدُكم على امرأتِه كما تَقَعُ البَهيمةُ .. وليكنْ بينهما رسولٌ ) ، قيل : وما الرسولُ ؟ ، قال : ( القُبْلةُ .. والكَلامُ ) .
قال الحافظ العراقي -رحمه الله- :" رواه أبو منصور الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث أنس، وهو منڪر ."
[انظر: " إحياء علوم الدين؛ لأبي حامد الغزالي، ومعه تخريج الحافظ العراقي " ( 2 / 50 ) .
[(2)] حديث : « „ الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ” » [أخرجه البخاري ومسلم].. أي بـ :" إلْحاقِ الوَلَدِ بالفِراشِ الشَّرعيِّ.". وفڪرة "مدرسة الأزواج" أو محاضرات "أحكام عشرة النساء" أو « النظام الإجتماعي في الإسلام » وهذه وإن ڪانت متقاربة في الموضوع ولڪنها تحتاج لمعرفة أدلتها التفصيلية من الڪتاب الڪريم والسنة المطهرة النبوية ثم تقدم ڪدروس خاصة وأبحاث مڪثفة .. فنظام الإسلام الإجتماعي يشمل أحكام الخطبة وما يسمح لرؤيته من المرأة التي يرغب الزواج منها وأحكام المهر والدخول والزواج والعشرة والحمل والنفاس وأحكام الحيض والنفاس والرضاعة والنفقة والطلاق والميراث.. وما شابه!
.. وهذه : رُوَايَّةُ « „ الْرَجُلُ الْمَشْرَقِيُّ ” » .. رواية .. قصة .. تروي أحداثا فلا يتعرض ڪاتبها لأبحاث فقهية بل يڪتفي بالإستدلال بموضع النص! .. وحيثيات السرد الروائي والبناء القصصي حين يرد النص النبوي الشريف؛ وايضا الايات بعدة صيغ تحتاج لدراسة شرعية وفقهية وإنزالها على الواقع المعاش اليوم! وهذا مجالها دروس المساجد!.
[(3)] انظر : الأحاديث الطوال للطبراني حديث مازن بن الغضوبة : فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "اللَّهُمَّ بَدِّلْهُ بِالطَّرَبِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ ، وَبِالْحَرَامِ الْحَلالَ ، وَبِالْعُهْرِ عِفَّةَ الْفَرْجِ ، وَبِالْخَمْرِ رِيَاءً لا إِثْمَ فِيهِ ، وَائْتِهِ بِالْحَيَاءِ ، وَهَبْ لَهُ وَلَدًا " . ويوجد راويان في هذا الحديث اتهما بالكذب . وذكره صاحب : (النهاية في غريب الحديث والأثر؛ ابن الأثير، أبوالسعادات؛ دون تخريخ أو تعليق. ). [الغريب والمعاجم ولغة الفقه؛ النهاية في غريب الحديث والأثر [ج: 3 ( ص: 326) ] .
[(4)] انظر صحيح البخاري .
[(5)] مَثَلٌ فيتناميٌّ ..
وقد قرأتُ في آحدىٰ حدائق مدينة جراتس المشهورة بالنمسا علىٰ حائط قديم اراد أن ينهدم هذه الجملة : « „ فِي اللَّيْلِ كُلُّ الْقِطَطِ رَمَادِيَّةٌ. ” ».
” In der Nacht sind alle Katzen grau. „
[(6)] جاء النص في القرآن المجيد بصيغة :
- {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِين}[يوسف:33]
- {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم}[يوسف:34]
- {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيم}[يوسف:50]
و - {فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيم}[يوسف:28]
وقد مزجت لفظة من آية مع لفظة آخرىٰ من آية فنطقت بما قالته في موضع الاستشهاد!
فقالت:" كَيْدِهِنَّ.. عَظِيم".

[(7)] تُردد العامة مقولة تنسبها إلى رسول الإسلام -صلى الله عليه وسلم- إذ قيل فيها: (من زنى في غربته لن يعود سالماً .. وإن عاد سالما لن يعود غانماً) .. وجاء بصيغة : (مَن زنى في غربته لا رجع سالماً ولا غانماً) . وقد ذكر علي القاري في كتابه "المصنوع" حديثاً بلفظ: " من عصى الله في غربته رده الله خائباً ". وقال: لا يعرف له أصل. [" الأسرار المرفوعة " (ص/354) ، "كشف الخفاء" (ص/189) ] . ومعلوم أن الزنا من كبائر الذنوب وأقبحها في أي مكان كان، قال الله تعالى : {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32] . والنص القرآني يتحدث عن الأقتراب من مقدماته وليس الفعل نفسه ؛ وهذا صيغة من صيغ تشديد التحريم.

-*/*-
:" وَرَقَةُ مِنْ ڪُرَاسةِ إِسْڪَنْدَرِيَّاتٍ".
[(٢)] الجزء الثاني : « القصة بدأت »
﴿ رُوَايَّةُ : « „ الْرَجُلُ الْمَشْرَقِيُّ ” ».﴾
[ 45 ] « غربة »
‏السبت‏، 26‏ شعبان‏، 1444هــ ~ الموافق: 18 مارس 2023م
-*/*-







  رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المشرقي, الرجل, رواية

« قصة التاجر رشيد وابنه الغشاش | فاقد اليدين »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

Posting Rules
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رواية مؤثرة best frend قصص - روايات - حكايات ...منقولة 5 08-27-2019 03:36 AM
جسر الموت رواية أحمد الخزرجى قصص - روايات - حكايات ...منقولة 3 02-10-2013 04:38 PM
رواية الغريبة PrinCesS Gege قصص - روايات - حكايات ...منقولة 5 10-19-2012 11:54 AM
رواية فتح الاندلس نزارالفاضل مكتبة بنات مصر - قسم الكتب 1 10-21-2011 02:47 AM
رواية فارس أحلامى ( رومانسية مصرية ) رواية روووووووووووعة ياسمينة عمرى قصص - روايات - حكايات ...منقولة 1 06-10-2010 01:01 PM

مجلة الحلوة / مذهلة

الساعة الآن 12:53 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 RC 1
منتديات بنات مصر . منتدى كل العرب

a.d - i.s.s.w


elMagic Style.Design By:۩۩ elMagic ۩۩