..{ فع‘ــآآليـآآت المنتــدى }..



آخر 12 مواضيع
لم أعد أشتاق .. قلم مهيب
الكاتـب : مهيب الركن . - مشاركات : 8 -
هل ستعطيه شربة المياه
الكاتـب : كريم عاصم - آخر مشاركة : إيلاانا - مشاركات : 8 -
إستحاله فلن أعود .. إنتهـــى ......
الكاتـب : كريم عاصم - آخر مشاركة : ~♥ Queen sozan♥~ - مشاركات : 11 -
قلت لقلبى ألم تستريح ذات مرة؟!
الكاتـب : العاشق الذى لم يتب - مشاركات : 10 -
خلف أسوار النيابة .. مقالة فى قصة
الكاتـب : كريم عاصم - آخر مشاركة : ☆ شهـــاب ☆ - مشاركات : 5 -
دول الشر
الكاتـب : يحيى الفضلي السودان - مشاركات : 6 -
مرض تعدد الشخصيات
الكاتـب : كريم عاصم - مشاركات : 4 -
من صاحب المقولة
الكاتـب : كريم عاصم - مشاركات : 8 -
ما رأيك فى إستايل المنتدى الجديد
الكاتـب : كريم عاصم - مشاركات : 10 -
الأثر النفسي للدعاء
الكاتـب : كريم عاصم - مشاركات : 12 -
إنك لاتهدى من احببت ولكن الله يهدى من يشاء
الكاتـب : كريم عاصم - مشاركات : 9 -
سأخبرك بجنونى
الكاتـب : العاشق الذى لم يتب - مشاركات : 16 -

الإهداءات


تربية القرءان لجيل الايمان

عالم الطفل


إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم منذ /11-30-2011, 03:35 PM   #11

 

 رقم العضوية : 76106
 تاريخ التسجيل : Oct 2011
 الجنس : ~ ذكر
 المشاركات : 99
 النقاط : ابو عبد الماجد will become famous soon enough
 درجة التقييم : 50
 قوة التقييم : 0

ابو عبد الماجد غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

جوزيت خيرا اخت فنكوشة على مرورك الكريم







  رد مع اقتباس
قديم منذ /11-30-2011, 03:44 PM   #12

 

 رقم العضوية : 76106
 تاريخ التسجيل : Oct 2011
 الجنس : ~ ذكر
 المشاركات : 99
 النقاط : ابو عبد الماجد will become famous soon enough
 درجة التقييم : 50
 قوة التقييم : 0

ابو عبد الماجد غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

تهذيب الصبي
ومع مراقبة الوالدين الفاحصة أوصى الإمام الغزالي الأب أو المربي :
- أن يتجاوز عن أى مخالفة يحدثها الصبي فلا يهتك ستره ولا يكاشفه ولا سيما إذا سترها واجتهد في إخفائها لأن إظهار ذلك عليه ربما يزيده جسارة حتى لا يبالي بالمكاشفة وإن عاد ثانية عوتب سرًا ويهدده بالعقاب إن تكررت مخالفته.
- وألا يكثر عليه من اللوم في كل حين فإنه يهون عليه سماع الملامة وركوب القبائح ويسقط وقع الكلام في قلبه.
- وأن يكون الأب حافظًا هيبة الكلام معه ولا يوبخه إلا أحيانًا كما يوصي بأن تكون المؤاخذة بالتعريض لا بالتصريح حتى لا يجرح إحساسه ويغريه بالعناد.
فإذا لم يفد ذلك صرح بالإنكار وعاقب بما يراه وهذا مأخوذ من هدي النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان إذا راى تقصيرًا من بعضهم نبه عليه بالعنوان العام أو بعدم تحديد الشخص الذي وقعت منه المخالفة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم)[1].
وفي رواية أبي داوود عن عائشة: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كره من إنسان شيئاً قال: ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا).
نصيحة لقمان لإبنه
ونسوق هنا نصيحة لقمان الحكيم الجامعة لولده حيث يقول له:
يا بني خذ عني هذه الخصال الثمان:

الأولى: إذا كنت في الصلاة فاحفظ قلبك.
الثانية: إذا كنت بين الناس فاحفظ لسانك.
الثالثة: إذا كنت في نعمة فاحفظها بالشكر والأدب.
الرابعة: إذا كنت في دار غيرك فاحفظ عينيك.
الخامسة: كن ذاكرًا لله الخالق الحي الذي لا يموت.
السادسة: كن ذاكرًا للموت لأنه كأس يشربه الجميع.
السابعة: كن ناسيًا إحسانك إلى الآخرين.
الثامنة: كن ناسيًا إساءات الآخرين إليك.
(يا بني لا تذكر آلامك للآخرين فأغلبهم لا يهتم بها اعتبر بمن مضى قبلك ولا تكن عبرة لمن يأتي بعدك صل من قطعك وأحسن إلى من أساء إليك وقل الحق ولو على نفسك العظيم من يبتسم عندما تكون دموعه على وشك الانهيار)[2].



[1] رواه البخاري عن أنس بن مالك
[2]عن كتاب ( الإسلام ورعايته للطفولة) للشيخ منصور الرفاعي عبيد ص 22







  رد مع اقتباس
قديم منذ /01-03-2012, 06:02 AM   #13

 

 رقم العضوية : 76106
 تاريخ التسجيل : Oct 2011
 الجنس : ~ ذكر
 المشاركات : 99
 النقاط : ابو عبد الماجد will become famous soon enough
 درجة التقييم : 50
 قوة التقييم : 0

ابو عبد الماجد غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

تدليل الصبي
يحث الإسلام على تدليل الطفل بأنواع التدليل المختلفة المقبولة لإيناسه وربط قلبه بمن حوله ويرغب الكبير أن يتنزل إلى درجة ملاعبة الأطفال ليكون معهم بقلبه وعواطفه وتصرفاته بعض الوقت وقد روي أن جبلة بن سحيم دخل على معاوية بن أبي سفيان وهو في الخلافة فرأى في عنقه حبل يقوده به صبي له فظهر على وجهه الاستنكار فلما رأى معاوية ذلك قل له: يا لكع إني سمعت رسول الله يقول:{ مَنْ كَانَ لَهُ صَبِيُّ فَلْيَتَصَابَ لَهُ}[1] وكان النبي يُدَلِّلُ الحسن والحسين وأسامة بن زيد فقد روى البخاري عن أسامة قوله{كان رسول الله يأخذني فيقعدني على فخذه ويقعد الحسن على الأخرى}وروى أحمد عن عائشة:{أن أسامة عثر بعتبة الباب فدمي قال: فجعل النبيّ يمصُّه( وفى رواية ثم يمجُّه) ويقول: لَوْ كَانَ أُسامَةُ جارِيَةً لَحَلَّيْتُها وَلَكَسَوْتُها حَتَّى أُنْفِقَها}وروي عنه أنه بينما كان يصلي بالناس إذ جاء الحسين فركب عنقه وهو ساجد فأطال السجود حتى ظنَّ الناس أنه حدث أمر فلما قضى صلاته قالوا: لم أطلت السجود يا رسول الله حتى ظننا أمراً حدث فقال:{ إنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِي حَاجَتَهُ}[2] هذا هو الأدب النبوي الذي يعلمه لنا رسول الله وهو في الصلاة ولذلك فقد تعلق به الصبيان وكانوا يتلمسون موضعه فقد ذهب إليه الحسن في ليلة شاتية والجو مظلم وبعد أن أخذ حظه هم بالذهاب إلى أمه فاستأذن رجل من أصحابه في مصاحبته فقال : دعه فإذا بمصباح من نور يضئ أمامه وهو يمشي خلفه حتى وصل إلى أمه وقد كان عمره إذ ذاك ثلاث سنوات وأيضا كان يخطب على منبره وإذا بالحسن يدخل المسجد ويتوجه إلى رسول الله وهو يقول أبي أبي فنزل من فوق منبره واحتضنه وقبله ثم حمله وصعد المنبر وأكمل خطبته وهو يحمله ليعلمنا الرحمة والشفقة والعطف والحنان ولذلك لما جاء أحد الأعراب القساة ورآه يقبل الحسن فقال: أتقبلون الصبيان يا رسول الله إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحدًا منهم، فقال له النبي{من لا يرحم لا يُرحم}[3]وفي رواية:{أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة}وإن كان هنا أدبٌ عالٍ يجب أن نشير إليه وهو أن السيدة فاطمة كانت تحرص على طهارة أولادها الحسن والحسين لعلمها بشدة تعلُّقهم برسول الله حرصًا منها على دوام طهارة ثيابه والحق أن هذه الملاطفة تهب الطفل دفئاً وحناناً يظهر أثرهما على صحته وتعلُّقه بوالديه ومحبَّته لهما ويصف ذلك الأحنف بن قيس حين سأله معاوية عن رأيه في الولد فقال: (ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا ونحن لهم أرض ذليلة وسماء ظليلة وبهم نصول على كل جليلة فإن طلبوا فاعطهم وإن غضبوا فارضهم يمنحوك ودَّهم ويَحْبُوك جهدهم ولا تكن عليهم ثقلاً ثقيلاً فيملوا حياتك ويحبُّوا وفاتك ويكرهوا قربك) [4]على أن يحرص الوالدين على ألا يصل التدليل بالطفل إلى الفساد والإنحلال فالأمر كما قال القائل:قَسَى لِيَزْدَجِرُوا وَمَنْ يَكُ حَازِماً فَلْيَقْسُ أَحْيَاناً عَلَى مَنْ يَرْحَمِ فالوسط هو المحمود في كل شئ فلا بد مع اللين والرحمة من شئ من الشدة إذا لزم الأمر وذلك يقتضي من الوالدين مراقبة الطفل بدقة في كل تصرفاته لتقديم التوجيهات المناسبة في الوقت المناسب لأن الإهمال يغري الطفل بالتهاون والنفس تميل إلى الراحة والإنطلاق من القيود والغرائز عند الناشئين قوية والمقاومة العقليه ضعيفة عندهم ولذلك فالرسول مع شدة رحمته بالأولاد عندما التقط الحسين تمرة من الصدقة ولاكها فى فمه قال له: كخ كخ ليطرحها وأخذها منه وأبعدها[5] وفيما روى: أيضاً من السنة المطهرة{قدمت على أهلي ليلاً وقد تشققت يداي فخلقوني بزعفران فقابلت الرسول صباحًا فسلمت عليه فلم يرد السلام ولم يرحب بي وقال: اذهب واغسل عنك هذا فغسلته ثم جئته فسلمت عليه فَرَدَّ عليَّ ورحَّبَ بِي} [6]وقد جاء في وصية الرشيد لمؤدب ولده: (ولا تمعن في مسامحته فيستحلى الفراغ ويألفه وَقَوِّمْهُ بالتقريب والملاينة فإن أبى فالشدة) وهكذا فالطريق في رياضة الصبيان والاهتمام بتربيتهم من أهم الواجبات وأعظمها شأناً وأروعها قدراً وأثراً لأن تربية الطفل أهم شئ في هذه الحياة وأكبر دعامة في بناء الأجيال ومستقبل الآمال وقيام مجتمع صالح تعتمد عليه الروحانية الإسلامية وتقوم به الأخلاق الحسنة والصبي أمانة عند والديه وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة في يديهما قابل لكل نقش مائل لكل صورة فإن عودته الخير وعلمه نشأ عليه وتربى خير تربية يسعد بها في الدنيا والآخرة وشاركه في ثوابه أبواه وكل من اشترك في تلقينه الفضيلة وتوجيهه إلى هذه الناحية من نواحي الحياة الدينية والسعادة الروحية وإن عودته الشر وتركته فيه وأهملته في مراتع السوء ومزالق الشرور شقي وهلك وكان الوزر في عنق القيّم عليه والمتولي أمره فينبغي أن تعوِّد الطفل على الفضيلة وتربيه على محاسن الأخلاق وجميل الصفات ولا تتسامح معه في ترك الصلاة والصيام وسواهما من الواجبات الشرعية ولا تدعه يتخبط مع الصبيان في ميادين اللهو واللعب، ونوادي الفحشاء والمنكر وغيره من رذائل الأخلاق حتى يبلغ وتتمتع سنه بالحكمة والعقل ومن الأمثلة الطيبة في هذا المجال ما يرويه سهل بن عبد الله عن نفسه حيث يقول: كنت وأنا ابن ثلاث سنين أقوم بالليل فأنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار فقال لي يومًا ألا تذكر الذي خلقك؟ فقلت: وكيف أذكره؟ قال: قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك: " الله معي الله ناظر إليّ الله شاهد عليّ "فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته فقال: قل في كل ليلة سبع مرات فقلت ذلك ثم أعلمته فقال: قل ذلك في كل ليلة إحدى عشر مرة فقلته فوقع في قلبي حلاوته فلما كان بعد سنة قال لي خالي: إحفظ ما علمتك ودُمْ عليه إلى أن تدخل القبر فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة فلم أزل على ذلك سنين فوجدت لذلك حلاوة في سري، ثم قال لي خالي يومًا: يا سهل من كان الله معه وناظر إليه وشاهده أيعصيه؟ إياك والمعصية فكنت أخلو بنفسي فبعثوا بي إلى المكتب فتعلَّمتُ القرآن وحفظته وأنا ابن ست سنين وكنت أصوم الدهر وكنت أقوم الليل كله.[7] فتعود الطفل على الأخلاق الفاضلة وطاعة الله تعالى تكسب سعادة الدنيا والآخرة.

[1] أخرجه ابن أبي الدنيا وابن عساكر
[2] رواه النسائي والحاكم وأحمد عن شداد بن الهاد عن أبيه
[3] رواه البخاري عن أبي هريرة، والرواية عن عائشة
[4] [العقد الفريد ج 1 ص 196].
[5] رواه البخاري ومسلم.
[6] أخرجه أبو داود عن عمار بن ياسر
[7] ]من كتاب النفس أمراضها وعلاجها في الشريعة الإسلامية لمحمد الفقي ص 162







  رد مع اقتباس
قديم منذ /02-08-2012, 03:56 PM   #14

 

 رقم العضوية : 76106
 تاريخ التسجيل : Oct 2011
 الجنس : ~ ذكر
 المشاركات : 99
 النقاط : ابو عبد الماجد will become famous soon enough
 درجة التقييم : 50
 قوة التقييم : 0

ابو عبد الماجد غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

تقويم الصبي

إن منهج التربية الإسلامية يربي الناس على الخوف مما ينبغي أن يخافوه والتعلق بما ينبغي أن يتعلقوا به وينفي عن القلب البشري الخوف مما لا ينبغي أن يخاف والتعلق بما لا ينبغي التعلق به يربيهم على الخشية والتقوى لله والخوف من عذاب الله وغضبه المؤدي إلى العذاب وعدم الخوف من شئ أو على شئ آخر ويربيهم على التعلق بالله وطلب العون منه وحده لا من أحد من خلقه والتعلق بالآخرة ونعيمها ورضوان الله المؤدي إلى النعيم وعدم التعلق بما يشغل الإنسان عن هذا الأمر ومن النماذج الطيبة في ذلك ما روي:{ أنَّ عمر بن الخطاب مرَّ على مجموعة من الصبيان فلما رأوه جَرُوا جميعًا ما عدا عبد الله بن الزبير فسأله عمر:لِمَ لَمْ تفعل كما فعل بقية الصبيان؟فأجابه:لم أفعل شيئًا يستحق العقوبة فأخاف منك ولم يكن الطريق ضيقًا فأوسعه لك}ومن هنا تكون التربية بالمثوبة والتربية بالعقوبة وسيلتين أساسيتين من وسائل التربية للإنسان كل إنسان والطفل أولى بطبيعة الحال ففي المرحلة الأولى تكون عملية التشجيع للطفل ضرورية دائمًا لأن الأعمال التدريبية التي يقوم بها ليستكمل نموه كالمشي والوقوف والكلام شاقة ومجهده ولا بد من حفزه عليها حفزًا لكي لا يتوقف نموه والتشجيع قد يكون بابتسامة أو بقبلة حانية من الأم أو الأب أو بتربيته على جسمه أو بإحداث ضجة كبيرة حول الطفل يشعر فيها بالاهتمام الشديد به وبجو المودة حوله أو بلعبة تعطى له كمكافأة على الجهد الذي بذله أو بشئ من الحلوى والطعام أو بأي شئ مما يعرف الوالدان من دراستهما لطفلهما أنه محبب إليه ومن ثم فهو مشجع له.
التقويم بالعقوبة
أما العادات السيئة التي يتعرض لها الطفل وهي كثيرة فلا بد من إبطالها ولو كان في ذلك مشقة على الطفل وعلى والديه كذلك والخوف من إزعاج الطفل أو مضايقته بمنعه عن عاداته السيئة المحببة إليه أو الخوف عليه من تأثير عملية الزجر على مشاعره وأعصابه معناهأننا سنتركه لعاداته السيئة تلك تستفحل وتستعصي على العلاج فيما بعد أو تترك آثارًا مفسدة في شخصيته في المستقبل ويرد الأستاذ محمد قطب]في كتابه (منهج التربية الإسلامية) جـ2 ص 139[ على الدعاوي التي سببتها النظريات التربوية الحديثة التي تعتمد على التربية بالمثوبة وحدها دون التربية بالعقوبة فيقولولكن التشجيع وحده قد لا يكفي ولا شغله عن العادات السيئة بأخرى إذ تكون العادة السيئة أشد تأصلًا في نفسه أو يكون هو أشد تعلقًا بها بحيث لا يلهيه شغله عنها ولا تشجيعه على تركها عنندئذ لنا عندنا خيار عن صرفه عنها بالزجر اللين في بادئ الأمر ثم الحاسم في نهاية الأمر ولو أدى ذالك إلى استخدام العقوبة البدنية في نهاية المطاف ذلك أنه من المحتم – لصالحه هو نفسه – أن يكف عن هذه العادات السيئة ولا بد من الوصول إلى إبطالها بأي وسيلة فإذا لم تجد الوسائل اللينة كلها فما العمل إلا استخدام وسيلة خشنة؟ ولا خوف على الطفل من العُقَدِ ولا الكَبْتِ ولا ضمور الشخصية ولا شئ مما تلوكه النظريات المريبة كلها ما دام الزجر أو العقاب لا يتجاوز الحد المعقول والحد المعقول تحدده حكمة المربي وخبرته وتقرره كذلك طبيعة الطفل ذاته) ثم إن التشجيع الذي تريد تلك النظريات المريبة أن تجعله هو الوسيلة الوحيدة للتربية ليس سلاحًا مأمونا في كل حالة ولأي مدى من الزمن بلا حدود بل إن له مخاطر وينبغي الكف عنه بمجرد أن تظهر هذه المخاطر وأكبر المخاطر فيه أن يتحول عند الطفل إلى شرط للقيام بالعمل المطلوب أو الكف عن العمل غير المرغوب أي أنه يمتنع عن الإتيان بالعمل إذا لم يجد حافزًا عليه أو يمتنع عن الكف عن عمل سيئ حتى يقبض الثمن للكف هنا تصبح المثوبة شرًا خالصًا لا خير فيها لأنها تعوق الإحساس
"بالواجب" الواجب الذي ينبغي أن يعمل لأنه واجب في ذاته لا لأنه هناك أجر عليه وهذا تعويق للنمو النفسي وإفساد كذلك للشخصية)وهكذا فينبغي أن ننتقل بالتشجيع درجة درجة مع مراحل النمو العقلي والنفسي للطفل حتى ينتهي إلى أعلى درجاته وهى العمل أو الكف عن العمل إبتغاء مرضاة الله، ودرجات التشجيع: ..
- في البداية تكون الحلوى أو اللعبة أو النقود أداة التشجيع.
- ثم يرتقي التشجيع درجة فيصبح: من أجل أن تحبَّك أمك أو أن يحبَّك أبوك.
- ثم يرتقي درجة أخرى فيصبح: من أجل أن تكون ولدًا طيبًا(أو بنتًا طيبة) ويحبَّك أبوك وأمك ويقول الناس إنك طيب.
- ثم يرتقي إلى درجته العليا فيصبح: من أجل أن تكون طيبًا ويحبَّك الله ويرضى عنك وعلى هذه الصورة ينبغي أن يظل حتى يلقى الله.
أما العقوبة لا نلجأ إليها ابتداءًا إنما نبدأ بالتشجيع ولا نلجأ إليها أبدًا إلا حين يفشل التشجيع أو يبدأ يدخل في الدائرة الضارة حين يصبح شرطًا مشروطًا لا يتم العمل أو الكف عن العمل إلا به والعقوبة درجات:
- تبدأ من الكف عن التشجيع ( وهذه في ذاتها عقوبة لمن كان يتلقى التشجيع من قبل).
- إلى الإعراض المؤقت وإعلان عدم الرضا.
- إلى العبوس والتقطيب والزجر بصوت غاضب.
-إلى المخاصمة الطويلة والمقاطعة (أو التهديد بها).
-إلى الحرمان من الأشياء المحببة إلى الطفل (أو التهديد به).
-إلى التهديد بالإيذاء.
-إلى الضرب الخفيف.
-إلى الضرب الموجع وتلك أقصى الدرجات.
ولا ينبغي تخطي ذلك التدرج والبدء بالنهاية وهي الضرب سواء كان خفيفًا أو موجعًا حتى لا يتعود الجسم على الأذى فلا يعود يتأثر به كثيرًا وعندئذ نكون قد فقدنا كل وسائلنا الفعالة دفعة واحدة لأن من يتبلد حسُّه على الضرب – وهو أقسى العقوبات لا يزجره ولا يؤثر فيه وَجْهٌ عابس ولا صوتٌ غاضب ولا حرمانٌ ولا تهديدٌ بحرمان وعندئذ ماذا نفعل؟ وهذا خطر الإسراف في العقوبة والضرب بصفة خاصة إن العقوبة تظل شيئًا مرهوبا قبل تنفيذه ثم يكون لها وقعها الكامل في أول مرة تنفذ ولكن إن تكررت في المدى القريب تظل تفقد شيئا من تأثيرها كل مرة حتى يعتادها الحس وتصبح بغير تأثير ومن ثم تصبح بغير فائدة ولذا فينبغي أن يستهدف المربي الإصلاح الحقيقي ويبحث عن الوسائل الفعالة الموصلة إليه ويكف عن الوسيلة إذا ونجد أنها لا تؤدي إلى الإصلاح المنشود أو وجد أنها – بدلاً من أن تصلح – تزيد الفساد.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /02-09-2012, 09:29 AM   #15

 

 رقم العضوية : 76106
 تاريخ التسجيل : Oct 2011
 الجنس : ~ ذكر
 المشاركات : 99
 النقاط : ابو عبد الماجد will become famous soon enough
 درجة التقييم : 50
 قوة التقييم : 0

ابو عبد الماجد غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

العقاب بالضرب في الإسلام
وعن حكم الإسلام في العقاب بالضرب يقول الشيخ عطية صقر في كتابه(تربية الأولاد في الإسلام) ص 333 : (والعقاب بالضرب موجود منذ القدم في تأديب الأولاد في البيوت والمدارس وقد رخص به الإسلام في ضرب الزوجة الناشز إذا لم تفلح الموعظة والهجر وكما تقدم في حديث{مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع }[1]غير أنه ينبغي ألا يكون الضرب مبرحًا وأن يستعمله عن من لا يقومّه إلا ذلك وقد دخل ولد لعمر بن الخطاب عليه وقد ترجَّل (مشَّط شعره) ولبس ثيابًا حسنة فضربه بالدرة حتى أبكاه فقالت حفصة:{لِمَ ضربته؟ فقال: أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ فأحببتُ أن أُصغرها إليه }وجاء في فتوى نشرت بمجلة الأزهر أن النبي قال لمرداس المعلم{ إياك أن تضرب فوق الثلاث فإنك إن تضربه فوقها اقتص منك}واستنتجت الفتوى جواز الضرب بما جرت به العادة وألا يكون على المَقَاتِل أو الوجه أو الرأس وألا ينشأ عن ذلك ضرر كتشويه لحم أو كسر عظم فإن حصل منه شئ من ذلك ضمنه المعلم إذ لا يزال الضرر بالضرر هذا وقد قال العلماء: ينبغي أن يكون العقاب جزاء على عمل غير أخلاقي لا لدافع شخصي ينتهز المؤدب فرصة غلط الناشئ فيتشفى فيه بضربه أو عقابه كما يردُّ ابن حجر الهيثمي المتوفي 974 هـ على أحد مؤدبي الأطفال ويقول(بأنه لا يجوز للمعلم ضرب الصغير إلا أذا أذن له أبوه ثم يشترط في جوازه للمعلم أن يظُنَّه زاجرًا للتلميذ إذا اقتضت الضرورة وألا يكون مبرحًا فإذا ظن المعلم أن التلميذ لا ينفعه إلا الضرب المبرح وهو الشديد الإذاء فلا يجوز إجماعًا ويعلل ذلك بأن العقوبة إنما جازت بالنسبة للصبي لظن أنها تفيد الإصلاح فإذا كان الضرر سيأتي منها انتفت).
وقال ابن خلدون[2]:
ينبغي للمعلم في متعلميه والوالد في ولده ألا يشتدوا عليهم في التأديب.
وقد قال أبو محمد ابن أبي يزيد[3]:
(لا ينبغي لمؤدب الصبيان أن يزيد في ضربهم إذا احتاجوا إليه على ثلاثة أسواط شيئاً)
ومن كلام عمر :
{ مَنْ لَمْ يُؤدِّبْهُ الشَّرْعُ لا أَدَّبَهُ اللهُ }
حرصًا على صون النفوس عن مذلَّة التأديب عِلْماً بأن المقدار الذي عيَّنه الشرع لذلك أملك له فإنه أعلم بمصلحته وقد أرسل شريح القاضي مع ولده كتابًا إلى معلمه يشكو فيه لعبه بالكلاب[4]جاء فيه:
تَرَكَ الصَّلاةَ لأَكْلُبٍ يَسْعَى لَهَا طَلَبَ الهراشَ مع الغِوَاةِ الرُّجسِ
فَإِذَا أَتَاك فَعُضَّهُ بِمَلامَـــةٍ وَعِظْنَهُ مَوْعِظَ الرَّفِيقِ الأَكْيَـسِ
وَإِذَا هَمَمْتَ بِضَرْبِهِ فَبِـدُرَّةٍ فَإِذَا بَلَغْتَ بِهَا ثَلاثــاً فَاحْبِسِ
فإذا تقررت هذه المبادئ بوضوح لم نلتفت إلى الصيحات الحديثة التي تريد أن تُحَرِّم العقاب لكي لا تتعقد نفس الطفل ولا يصيبه الكبت فتصيبه من الناحية الأخرى بالميوعة والتحلل فوضع قاعدة مسبقة بتحريم العقوبة الحسية أو تحريم العقوبة مطلقًا مُفْسِدٌ في التربية كوضع قاعدة مسبقة بضرورة استخدامها في كل حالة ولو لم تدع الضرورة إليها والمربي الحكيم يدرس حالة الطفل الذي بين يديه ويقدر من دراسته لظروفة الخاصة إن كان ممن تصلح له المثوبة أو العقوبة أو المداولة بين هذه وتلك. وبذلك نضع الأمر في نصابه ونعطي على هدى المنهج الرباني ـ كل ذي حق حقه آخذين في اعتبارنا الفوارق الفردية بين طفل وطفل والتي تقرر مقدار الجرعة اللازمة من المثوبة ومن العقوبة.


[1] رواه أبو داود بإسناد حسن عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده

[2] في مقدمته ص 399

[3] كتاب: حكم المعلمين والمتعلمين.

[4] المحاسن للبيهقي جـ 2 ص 216 والعقد الفريد جـ1 ص 196







  رد مع اقتباس
قديم منذ /02-11-2012, 02:46 PM   #16

 

 رقم العضوية : 76106
 تاريخ التسجيل : Oct 2011
 الجنس : ~ ذكر
 المشاركات : 99
 النقاط : ابو عبد الماجد will become famous soon enough
 درجة التقييم : 50
 قوة التقييم : 0

ابو عبد الماجد غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

تنشئة الطفل المسلم
قسَّم الإسلام مراحل تربية الأولاد إلى ثلاثة مراحل:
1.من لحظة ميلاده إلى سن السابعة (الطفولة).
2.من سن السابعة إلى سن الرابعة عشر (الصبوة).
3.من سن الرابعة عشر إلى سن الإحدى والعشرين (الشباب).
وذلك في الأثر الوارد عن الإمام علي والذي يقول فيه:
{ لاعبه سبعاً وأدبه سبعاً وصاحبه سبعاً }[1]وقد تحدثنا عن المرحلة الأولى في المشاركات السابقة وسنتحدث في هذه المشاركة عن المرحلة الثانية والتى تبدأ من سن السابعة إى وقت البلوغ وطريقة الإسلام في معالجة هذه المرحلة وما بعدها هي المعالجة الشاملة لكل الدوافع والغرائز التي تسيطر على حواس الإنسان وتنمية كل القوى المدركة في باطن الإنسان ويشمل ذلك إعداد الطفل بدنيًا وعقليا وروحيًا حتى يكون عضواً نافعاً لنفسه ولأمته وقد أفرد الإمام الغزالي لهذه الحقوق جزءاً خاصاً قدم له بواجب الآباء والمربين في توجيه أبنائهم لتحسين أخلاقهم فقال: (اعلم أن الطريق في رياضة الصبيان من أهم الأمور وأوكدها والصبي أمانة عن والديه وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجه خالية عن كل نقش وصورة وهو قابل لكل ما نقش ومائل إلى كل ما يمال به إليه فإن عُوِدَ الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة، وشاركه في ثوابه أبوه وكل معلم له ومؤدب وإن عود الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك وكان الوزر في رقبه عليه والوالي له وقد قال الله{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً}ومهما كان الأب يصونه عن نار الدنيا فبأن يصونه عن نار الآخرة أولى وصيانته بأن يؤدبه ويهذبه ويعلمه محاسن الأخلاق ويحفظه من قرناء السوء وأوجب أن تكون التربية من أول مراحل الصبي ونشأته وهي مرحلة الولادة والرضاعة بألا تستعمل في حضانته وإرضاعه إلا امرأة متدينه تأكل الحلال: (فإن اللبن الحاصل من الحرام لا بركة فيه فإذا وقع عليه نشوء الصبي انعجنت طينته من الخبيث فيميل طبعه إلى ما يناسب الخبائث)[2].
أولا: الإعداد البدني
ويقصد به تهيئة الطفل ليكون سليم الجسم، قوي البنية قادرًا على مواجهة الصعاب التي تعترضه بعيدًا عن الأمراض والعلل التي تشل حركته وتعطل شأنه والإسلام وهو يحترم الطاقة الجسمية احترامًا كاملًا لا يتركها على حالها ولا يطلق لها العنان إنه ينظمها ويضبط منصرفاتها لأنها ـ هكذا بطبيعتها- إذا تركت وشأنها لا تقف عند حد وتدمر الكيان فليس هم الحياة ـ كما فطرها الله ـ مجرد أداء المطالب البيولوجية فحفظ الحياة على وجه الأرض ليس هو كل هدف الحياة بل هدفها حفظها وترقيتها على الدوام ولذلك لا يترك الإسلام الإنسان لشهواته تستعبده وتجرفه إلى حيث لا يملك لنفسه القياد بل يضبطها ويهذبها وينطفها ولكنه لا يكبتها فمنهج الإسلام في تربية النفس أنه لا يكبت رغائبها فيقتل حيوتها ويبدد طاقتها ويشتت كيانها فلا تعمل ولا تنتج ولا تصلح لعمارة الأرض وترقيَّة الحياة وفي الوقت ذاته لا يطلق رغائبها بلا ضوابط لأن ذلك يبدد طاقتها من جانب آخر يبددها في نشاط الحيوان وعلى مستوى الحيوان ووسيلته إلى ذلك - كما قلنا - هي الضبط إنه يعمل على تربية القوة الضابطة وتنميتها منذ نعومة الأظفار وذلك بربط القلب البشري بالله وخشيته وتقواه ومراقبته في كل عمل وكل شعور وكل فكر والتطلع إلى عطفه ورضاه وكذلك يربط القلب باليوم الآخر ثم هو دائم التذكير بأن هذه الشهوات ليست غاية في ذاتها يستغرق الإنسان في طلبها والانكباب عليها وإنما هي وسائل إلى غايات أخرى أرفع منها وأولى بالالتفات، وخذوا أمثلة على ذلك ....
فالطعام وسيلة لحفظ الأود:
{ما ملأ آدمي وعاء شرًا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه } [3]
والجنس وسيلة لانتشار النوع:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء}
ووسيلة كذلك للسكن والراحة لا للسعار والفتنة:
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً }
والمال وسيلة لإقامة الجماعة:
{وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً }
وطاقة القتال لجهاد الشَّرِّ في الأرض:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ }
ولضمان الحياة ضد الإعتداء:
{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
وهو يبعث النشاط الحيوي في إتجاهات شتى تشمل كل كيان الإنسان فلا تتدفق الطاقة الحيوية كلها في جانب واحد جانب الجنس أو المال أو الطعام ... إلخ بل يبعث النشاط في العلم والعمل والتجارة والصناعة والزراعة والفتح والغزو وعمارة الأرض وإقامة الدولة وتنظيمها وسياستها ومراقبة الأمور في المجتمع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي كلها أمور تستغرق النشاط الإنساني وتوزعه وتوسع مساحته فلا يتكتل في بقعة واحدة ويترك بقية الجوانب خواء.
[1]رواه أبو الشيخ ابن حبان عن أنس[2] [ إحياء علوم الدين للغزالي جـ3 ص 70 وما بعدها]

[3] رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم







  رد مع اقتباس
قديم منذ /02-11-2012, 10:09 PM   #17

 

 رقم العضوية : 76106
 تاريخ التسجيل : Oct 2011
 الجنس : ~ ذكر
 المشاركات : 99
 النقاط : ابو عبد الماجد will become famous soon enough
 درجة التقييم : 50
 قوة التقييم : 0

ابو عبد الماجد غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

-أكل الطيبات:
أمر الإسلام برعاية الأبناء ورغَّب الآباء في الإنفاق عليهم وجعل فَضْلَ الإنفاق كبيراً وثوابه عظيماً وذلك في قول النبي:{دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك}[1]وقد حذر الإسلام من إهمال هذه الرعاية في قوله(وإن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته)[2]ويقول(كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت)[3]وراه مسلم بلفظكفى بالمرء إثمًا أن يحبس عمن يملك قوته).

ويقول شوقي:

ليس اليتيم من انتهى أبواه من هذي الحياة وخلَّفاه ذليلاً

إن اليتيم هو الذي تلقى لــه أمًّا تَخَلَّتْ أَوْ أَباً مَشْغُولاً
وقد حرص الإسلام في ذلك أن يُعَوِّدَ الأبُ الطفلَ الأكلَ من الطيبات التي تُغَذِي البدن وتقويه مع البعد عن المحرمات وكذلك الإسراف اللذان يضران الجسم ويعرضانه لكثير من الأمراض وذلك في قوله تعالى{وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ}ويرشدنا الغزالي إلى ذلك بقوله[في إحياء علوم الدين ج 3 ص72](وأول ما يغلب عليه من الصفات شَرَهُ الطعام فينبغي أن يؤدَّب فيه مثل أن لا يأخذ الطعام إلا بيمينه وأن يقول(بسم الله) عند أخذه وأن يأكل مما يليه وأن لا يسرع في الأكل وأن يجيد المضغ وأن لا يوالي بين اللقم ولا يلطخ يده ولا ثوبه وتجد تفصيل ذلك الموضوع في كتاب[مائدة المسلم بين الدين والعلم]
.- الرياضة البدنية:
وقد أولاها الإسلام عناية كبيرة لأنه يريد للنشء أن يكون قويًا في جسمه كما يكون قويًا في عقله وخلقه وروحه ففي الحديث الشريفالمؤمن القوي خير وأحب إلي الله من المؤمن الضعيف)[4]وقد ذكر ابن القيم[في (زاد المعاد)]بعض فوائد الرياضة فقال(إن الحركة هي عماد الرياضة وهي تخلص الجسم من الرواسب والفضلات بشكل طبيعي وتعوِّد البدن الخفة والنشاط وتجعله قابلاً للغذاء وتصلب المفاصل وتقوي الأوتار والرباطات وتؤمن جميع الأمراض المادية وأكثر الأمراض المزاجية إذا استعمل القدر المعتدل منها في دقة وكان يأتي التدبير صواباً) ولا ننسى في هذا المقام حاجة الولد إلى اللعب والترويح عن النفس حتى لا يحدث عنده ملل ولا ضجر ولا تبرم وقد ورد في الأثررَوِّحُوا عَنْ النِّفُوسِ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَة فَإِنَّ النَّفْسَ إذا كَلَّتْ مَلَّتْ وإذا مَلَّتْ عَمِيَتْ) ولنستمع إلى الإمام الغزالي وهو يوصي المربين بذلك[في إحيائه]فيقول: (ينبغي أن يؤذن للصبي بعد الانصراف من الكُتَّاب أن يلعب لعباً جميلاً يستريح فيه من تعب المكتب بحيث لا يتعب في اللعب فإن منع الصبي من اللعب وإرهاقه بالتعلم دائمًا ضارٌّ بمستقبله ويُبْطِلُ زكاؤه ويمغِّص عليه العيش حتى يطلب الحيله في الخلاص من الكُتاب رأساً) وما أشار إليه الغزالي بالكُتاب هو ما يساوي المدرسة في عصرنا ومما يدل على عناية الإسلام الشديدة بالرياضة ما جاء في مسند الإمام أحمد أن النبيrكان يَصُفُّ الأطفال الذين يأنسون به ويقول: ( من سبق فله كذا فيستبقون إليه فيقعون على صدره فيلتزمهم ويقبِّلهم )وما رواه البخاري: { أن النبي مرَّ على نفر من (أسلم) ينتضلون بالسوق – أي: يتعلمون الرمي - فقال :ارموا بني اسماعيل فإن أباكم كان راميًا ارموا وأن مع بني فلان فأمسك أحد الفريقين عن الرمي فقال رسول الله : ما لكم لا ترمون؟ فقالو كيف نرمي وأنت معهم؟ فقال:ارموا وأنا معكم جميعاً}وعنه فيما رواه الطبراني:{كل شئ ليس من ذكر الله فهو لهو أو سهو إلا عن أربع خصال: مشي الرجل بين الغرضين -الجري -وتأديبه فرسه وملاعبته أهله وتعليمه السباحة}لذلك كتب عمر بن الخطاب إلى الولاةأما بعد فعلِّموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل) وقد روى أحمد وأبو داود: (أن النبي سابق عائشة فسبقته ثم سابقها بعد ذلك فسبقها فقال: هذه بتلك) وورد:{ من مشى بين الغرضين كان له بكل خطوة حسنة }[5]والغرضان علامتان يحدُّ بهما مجال السباق كذلك ورد أنه سابق بين الخيل وسابق بين الجمال. وقد صارع النبي ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب وكان بمكة ويحسن الصراع ويأتيه الناس من البلاد فيصرعهم - فصرعه ثلات مرات حتى وقف ركانة معجبًا وقال: (إن شأنك لعجيب وأسلم عقبها[6] وكذلك صارع أبا الأسود الجمحي فصرعه وكان رجلاً شديداً بلغت قوته أنه كان يقف على جلد بقرة فيشد الجلد عشرة لينزعوه من تحته فيتفرى الجلد ولا يتزحزح عنه والتكاليف الإسلامية نفسها يشتمل كثير منها على رياضات للأعضاء إلى جانب إفادتها قوة الروح واستقامة السلوك فالصلاة بما فيها من طهارة وحركات لمعظم أعضاء الجسم والحج ومناسكه والزيارات والرحلات والجهاد والمشي إلى المساجد وأنواع النشاط الإجتماعي كلها تمرين لأعضاء الجسم وتقوية له ما دامت في الحد المعقول على أننا يجب أن نؤصل في نفس الطفل أن الارتباط الرياضي لا يكون على حساب واجبات أخرى يكلف بها فلكل وقته والاعتدال والوسطية وإيجاد التوازن مع سائر الواجبات من الأمور المطالب بها فعليه أن يتعلم التعادل على يد المربي استلهاماً من قوله لسيدنا أبى الدرداءيَا أَبَا الدَّرْدَاءِ إِنَّ لِرَبكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلأهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقَ حَقَّهُ).[7]هذا مع الإشارة إلى أن الإسلام لا يرضى أن نمارس الرياضة بشكل يؤذي الناس كاللعب في الشوارع الضيقة وكذلك لا يرضى بالتحزب الممقوت لفريق أو لشخص ويحرم المراهنات على النتائج كما لا يبيح اشتراك الذكور مع الإناث في لعبة واحدة جماعية ولا يرضى عن كشف العورات بصورة تثير الشهوات باسم الرياضة ولا يسمح بإطلاق الكلمات النابية والتعليقات اللازعة أثناء المباريات أو بعدها وذلك للقاعدة الشرعية الإسلامية: (لا ضرر ولا ضرار).

[1] رواه مسلم عن أبي هريرة

[2] رواه ابن حبان في صحيحه عن أنس

[3] رواه أبو داود وغيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص وصححه

[4] رواه مسلم عن أبي هريره

[5] وروى الطبراني عن أبي الدرداء

[6] رواه الحاكم في المستدرك وأبو داود والترمذي

[7]عن أبى جخحيفه جامع المسانيد والمراسيل







  رد مع اقتباس
قديم منذ /02-12-2012, 02:17 PM   #18

 

 رقم العضوية : 76106
 تاريخ التسجيل : Oct 2011
 الجنس : ~ ذكر
 المشاركات : 99
 النقاط : ابو عبد الماجد will become famous soon enough
 درجة التقييم : 50
 قوة التقييم : 0

ابو عبد الماجد غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

ثانيا: الإعداد العقلي
ويقصد به إعداد الطفل عقليا وتهيئته كي يكون سليم التفكير قادرًا على النظر والتأمل يستطيع أن يفهم البيئة التي تحيط به ويحسن الحكم على الأشياء ويمكنه أن ينتفع بتجاربه وتجارب الآخرينفالإسلام دين الفطرة فهو يحترم الطاقات البشرية كلها لأنها هبة الله المنعم الوهاب{قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ }ولكنه يعطيها أقدارها الصحيحة ومن ثم فهو يحترم الطاقة العقلية ويشجعها ويربيها لتتجه نحو الخير ويمكن تلخيص هذا الإعداد باتخاذ الوسائل الآتية:
- التعليم:
وقد أرشد الإمام الغزالي[في كتابه (إحياء علوم الدين) ج3 ص73]إلى تدعيم هذه الناحية التربوية والعقلية بقوله: (ينبغي حفظ الصبيان عن رداءة الأخلاق من كذب وحسد ونميمة وإنما يحفظ عن جميع ذلك بحسن التأديب ثم يُشغل في المكتب فيتعلم القرآن وأحاديث الرسول وحكايات الأبرار لينغرس في نفسه حُبُّ الصالحين)
وفي مقدمة ابن خلدون إشارة إلى أهمية تعليم القرآن الكريم للأطفال وتحفيظه لهم وأوضح أن تعليم القرآن الكريم هو أساس التعليم في جميع المناهج الدراسية في مختلف البلاد الإسلامية لأنه شعار من شعائر الدين يؤدي إلى تثبيت العقيدة ورسوخ الإيمان ويقول سعد ابن أبي وقاصكنا نعلِّم أولادنا مغازي رسول الله كما نعلمهم السورة من القرآن الكريم) ولهذا يجب علينا أن نقف أمام المعلم الأول والمربي الحكيم مولانا رسول الله لنتعلم منه ما يجب على المربي أن يفعله مع الطفل إذ قال{افتحوا على صبيانكم أول كلمة بلا إله إلا الله}[1]ويقول ابن عباس{اعملوا بطاعة الله واتقوا معاصي الله ومُرُوا أولادكم بامتثال الأوامر واجتناب النواهي فذلك وقاية لهم ولكم من النار }وروى الطبراني عن الإمام على كرَّم الله وجهه أنه قالأدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم وحب آل بيته وتلاوة القرآن الكريم فإن حملة القرآن الكريم في ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله مع أنبيائه وأصفيائه) فلا يجب علينا أن نترك عقول أولادنا للمسلسلات التافهة والأفلام الفارغة والمسرحيات العابثة فتملأ عقولهم بالأفكار الفجَّة والمعلومات الغثَّة لأن هذه مسئوليتنا بل يجب أن نطبق منهج النبوة عليهم فكما أنك مسئول عن توفير الطعام والكسوة والعلاج والتعليم لإبنك فأنت أيضًا مسئول مسئولية أكبر أن تحفظ له قلبه وتُعَمِّرَ له عقله بالإيمان فإذا كنت حريصاً على صحته الجسدية فيجب أن يكون حرصك أكبر على صحته الإيمانية وإذا كنت حريصاً على أن أوفر له جلباباً يحميه من الحرِّ والبرد في الدنيا فلا بد أن أخيط له جلباباً يحميه من حرِّ وزمهرير جهنم وذلك لا يكون إلا من كتاب الله وفي ذلك قيل:
إذا المرء لم يلبس ثياباً من التُّقى تجرَّد عريانًا وإن كان كاسيّا
ولكي يتم ذلك فعلينا تعليم أولادنا حُبَّ القرآن والإقبال على القرآن وحفظ القرآن وفهم القرآن حتى يصيروا مغموسين بأنوار القرآن وبأنوار حضرة الرحمن ثم نعلمهم حب رسول الله فأغلب أطفالنا الآن لا يعرفون غير لاعبي الكرة والممثلين والممثلات والمطربين والمطربات وبالتالي لا يحبُّون غيرهم مع أن معظم هؤلاء سيكونون يوم القيامة في الفئة التي يقول الله فيها{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ }لكني أريد أن أربيهم في صفوف القوم الذين يقول الله فيهم{وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً }وهم أئمة أهل الجنة وهؤلاء لا بد أن ترتبط قلوبهم بقلب رسول الله
كيف أعلِّمُهم حُبَّ رسول الله ؟
أحكي لهم سيرته وأوضح لهم حياته وأبين لهم مواقفه ومتاعبه في الدعوة إلى الله وما تحمله في سبيل نشر دين الله وأعرض عليهم الفضائل التي خصَّه الله خاصة وأن محبته سرُّ الفوز بالنعيم المقيم يوم لقاء الله لقوله{يحشر المرء مع من أحب يوم القيامة}وقوله أيضاً: {ما اختلط حبي بقلب عبد مؤمنٍ إلاَّ حرَّمه الله على النار }[2]وقد كان لهذه التربية أثر بالغ في نفوس أبناء أصحابه الكرام فقد روي أنه بعد بيعة الرضوان التي تمت في صلح الحديبية فوجئت السيدة عائشة رضى الله عنها بمظاهرة كبيرة من الأطفال الصغار يدخلون عليها ويتقدمهم ابن أختها عبد الله بن الزبير فسألتهم عن سبب مجيئهم فأخبروها أنهم سمعوا عن مبايعة الرسول لأصحابه فأرادوا أن ينالهم شرف ذلك فأخبرت رسول الله بذلك فأمر بإدخالهم وصافحهم وسُرَّ بهم ودعا لهم وعلينا بعد ذلك أن نحببهم في الصالحين من عباد الله وهم الأتقياء والعلماء العاملين والحكماء ونجعلهم يميلون إليهم ويتشبهون بهم ليتعلموا منهم الخشية والتواضع والوقار والأدب والحبّ والإخلاص والصدق وفي ذلك يقول الإمام الشافعي :
أحب الصالحين ولست منهم
عسى أني أنال بهم شفاعةّ
وأكـره من تجارته المعاصي
وإن كنا سويًّا في البضاعة
وقد ردت عليه السيدة نفيسة رضى الله عنها قائلة:
تحب الصالحين وأنت منهم
لعلهم ينالوا بك الشفاعـة
وتكـره من تجارته المعاصي
حماك الله من تلك البضاعة
فإذا عمَّرت عقله وقلبه بكتاب الله وأحاديث رسول الله وقصص الصالحين فإنه يشبُّ على النقاء والصفاء وقد طَهُرَ من الغِلِّ والغشِّ والحقد فيصير رجلاً نافعاً لنفسه ولأهله ولمجتمعه.

[1]روى الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنه

[2] الأول: متفق عليه عن أنس ، والثانى:رواه الطبراني عن أنس







  رد مع اقتباس
قديم منذ /02-23-2012, 03:29 PM   #19

 

 رقم العضوية : 76106
 تاريخ التسجيل : Oct 2011
 الجنس : ~ ذكر
 المشاركات : 99
 النقاط : ابو عبد الماجد will become famous soon enough
 درجة التقييم : 50
 قوة التقييم : 0

ابو عبد الماجد غير متواجد حالياً

أوسمة العضو
افتراضي

التأمل والتفكير
وهما ضروريان لتنمية العقل واستقلاله بالفهم والإدراك والقرآن الكريم حافل بالآيات التي تدعو الإنسان إلى التأمل وإيقاظ النفس واستشعارها لعظمة الله وقدرته في الكون لقوله تعالى{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}ويبدأ الإسلام التربية العقلية هنا بتحديد مجال النظر العقلي فيصون الطاقة العقلية أن تتبدد وراء الغيبيات التي لا سبيل للعقل البشري أن يحكم فيها وهو يعطي الإنسان نصيبه من هذه الغيبيات بالقدر الذي يلبي ميله للمجهول ولكنه يَكِلُ أمر ذلك إلى الروح فهي القادرة على ذلك المزودة بوسائل الوصول أما العقل فوسيلته إلى الله وإلى معرفة الحق هي تدبر الظاهر للحسِّ والمُدْرَكِ بالعقل ثم بعد ذلك يأخذ في تدريب الطاقة العقلية على طريقة الاستدلال المثمر والتعرف على الحقيقة فيتخذ إلى ذلك وسيلتين:
الوسيلة الأولى:هي وضع المنهج الصحيح للنظر العقلي فينعى على المقلدين الذين يقولون الذين يتبعون الظن{إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ}ثم يأمر بالتثبت من كل أمر قبل الاعتقاد به واقتفائه{وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}
الوسيلة الثانية: هي تدبر نواميس الكون -تطبع العقل بطابع من الدقة والتنظيم فيوجه الإسلام الطاقة العقلية أول ما يوجهها إلى التأمل في حكمة الله وتدبيره وهذا التأمل غايته إصلاح القلب البشري وإقامة الحياة على الأرض على أسس من الحق والعدل الأزليين الكامنين في بنية الكون وبنية الحياة وفي ذلك يقول : كريس موريسون [في كتابه (العلم يدعو للإيمان)](إنَّ وجود الخالق يدلُّ عليه تنظيمات لا نهاية لها تكون الحياة بدونها مستحيلة وإن وجود الإنسان على ظهر الأرض والمظاهر الفاخرة لذكائه إنما هي جزء من برنامج ينفذه بارئ الكون)ويوجه الإسلام الطاقة العقلية كذلك إلى النظر في حكمة التشريع ولذلك فقد عنى القرآن في آيات التشريع بأن يوقظ العقل البشري لتدبر هذه الآيات وفهمها ووعيها حتى يستطيع تطبيقها على خير وجه ومنذ العصر الأول ظهرت حتى في التشريعات التفصيلية الثابتة المحكمة حالات تستدعي إعمال الفكر وفهم الحكمة وفهم الترابط العام بين جميع التشريعات ومن ذلك: عدم تطبيق عمر لحدِّ السرقة على غلمان حاطب بن أبي بلتعة الذين سرقوا ناقة رجل من مزينة لأنه اعتبر الجوع الذي يقاسونه شُبْهَةً تدرأ عنهم الحدَّ وقال لعبدالرحمن بن حاطب:{ أما والله لولا أني أظن أنكم تستعملونهم وتجيعونهم حتى لو أنّ أحدهم يجد ما حرم الله عليه لأكله لقطعت أيديهم}[1]ومن جانب آخر فإن التشريعات المتعلقة بأمور متغيرة في الحياة البشرية وهي سياسة الحكم وسياسة المال قد اقتضت حكمة الله فيها أن يشمل التشريع الأسس والمبادئ دون التفصيلات والأشكال لأن أية تفصيلات وأية أشكال ستكون موقوته بفترة معينة بينما الأسس والمبادئ هي الإطار الذي ينبغي أن تسير الأمور في حدوده متجددة بتجدد كل عصر ودرجته من العلم ودرجته من التفاعل من الكون المادي وصورة المجتمع الذي يعيش فيه ففي سياسة الحكم مثلاً : ورد أساسان شاملان هما العدل والشورى{وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ} {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}ولكنه لم يبيِّن أي طريقة تكون عليها الشورى؟ أهي مجمع من رؤساء القبائل والعشائر؟ أم مجلس برلماني منتخب أو معين أو خلافة لأن هذه صورة متغيرة بتغير صورة المجتمع وإمكانياته وجاء في سياسة المال{كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء}فقرر كراهية حصر المال في يد فئة قليلة يتداولونه بينهم وبقية الأمة محرومة منه أما طريقة الاشتراك في هذا الخير فقد تركها لكل جيل يصوغا في الصورة التي تلائم ظروفه وعلمه وإمكانياته بحيث لا يخرج على تلك القاعدة الكبرى لهذا وذاك طلب اليقظة من الإنسان لحكمة التشريع الإلهي ووعيه وتدبره ضماناً لسير الأمور في الأرض على نهج من العدالة والحق المستمدين من العقيدة في الله ومن هنا يمتزج التشريع بالتوجيه وتمتزج الأحكام بالتقوى التي تضئ الوجدان ويوجِّه الإسلام الطاقة العقلية كذلك لضمان سير الأمور في المجتمع على منهج صحيح فكل فرد في الأمة المسلمة مطالب بالرقابة على المجتمع ومسئول عن كل ما يقع فيه وإلاَّ أصابه جزاء غفلته ولو لم يكن هو ذاته من الظالمين{وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً }وإنما تصيبكم جميعًا جزاء قعودكم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذا التكافل في المجتمع والرقابة على سير الأمور فيه يقتضيان وعياً كافياً ويستلزمان عقولاً ناضجة ولا بد من توجيه الطاقة العقلية للعمل في هذا الميدان فهذا هو الضمان لحسن سير الأمور والقرآن يوجه المسلمين في ذلك توجيهات شتى: فهو مرَّةً يبصرهم بأعدائهم الذين يتربصون بهم لِيَحْذَرُوهم ويكونوا على الدوام متيقظين لهم واعين لمؤامراتهم ودسائسهم وتارة يوجههم لطريقة تلقي الأنباء والتصرف في الأمور حين تشيع الشائعات حول أمر من الأمور وتارة يوجههم إلى حسن الحكم على الأشياء والأشخاص وعدم التسرع في إصدار حكم على أمر لم تتبين كل خطوطه وتارة يوجههم إلى طاعة أولي الأمر في حدود طاعة هؤلاء لله والرسول وهكذا مع ملاحظة أن كل توجيه تنظيمي يصحبه ويلزمه التوجيه إلى الله والدعوة إلى تقواه ويوجِّه القرآن الطاقة العقلية إلى النظر في سنة الله في الأرض وأحوال الأمم والشعوب على مدار التاريخ:{أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}ثم يوجِّه الإسلام العقل البشري إلى استخلاص الطاقة المادية وتذليلها لخدمة الإنسان{وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ}فيوجهه إلى استخلاص الطاقة المادية وقد وجَّه رُوحَه من قبل إلى الارتباط بالله وخشيته وتقواه ومن ثم يعمل العقل البشري في استخلاص هذه الطاقة غير مفتون بها ولا شاعر بأنها خلاصة الحياة وجوهرها الأوحد فينتفع بثمارها وهو مالك لأمره منها غير مستعبد لها ولا منجرف في طريقها وهذا فارق حاسم فيما بين الإسلام وغيره من النظم والعقائد والأفكار ولذلك فإن المسلمين لم يفتنهم التقدم المادي فينقطعوا عن الله ومنهجه وعبادته والسير على هداه ولم يفتنهم فينقطعوا عن عالم الروح، ولم يفتنهم فيستغلوا علمهم في سبيل الشر ولم يفتنهم فيُحَوِّلُهم إلى المادية الكريهة التى تسيطر اليوم على الغرب ولم يفتنهم فينبذوا أخلاقهم جانباً بحُجَّةِ أنهم تقدُّميُّون بل سار العلم في ظلال العقيدة يكشف ويصل كل يوم إلى جديد وهو ماض في طريق الخير لأنه سائر في طريق الله ولذلك يحرص الإسلام أشد الحرص على ربط القلب دائمًا بالله وتوجيه العقل - وهو يعمل في استنباط الطاقة المادية في الأرض - إلى حكمة الله من الخلق وآياته في رحاب الكون والعلاقة بين العقل والروح قائمة أبدًا لا تنفصم في منهج الإسلام ومن ثم لا يضل العقل وهو يتعلم ولا ينحرف عن طريق الخير ولا يستخدم معلوماته في سبيل الشر والعلاقة بين الروح والمادة قائمة: فلا يستعبد الإنسان المادة ولا يقع فريسة للآلة تستعبده وتسيطر عليه لأنه حافظٌ لكيانه المتكامل مستمدٌ قوته من الله من ثم يظل هو المسيطر وهو العنصر الإيجابي الفعال تلك طريقة الإسلام في تربية العقل{صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً}

[1]مصنف عبد الرزاق الصنعاني







  رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أدخل, الايمان, القرءان, تربية

« احذروا أن تقولوا لاطفالكم هذه الكلمات الخمسة (تابع لتنشيط القسم) | اليك حلول لبعض مشاكل طفلك.. »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

Posting Rules
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رمضان شهر القرءان واد حبيب ارشيف قسم رمضان 10 08-08-2010 07:36 AM
علامات حب القرءان مجروح انا وين اروح منتدى الاسلاميات والقرأن الكريم 2 07-29-2010 05:22 PM
انه يقراء القرءان katybell منتدى الاسلاميات والقرأن الكريم 1 09-28-2009 06:02 PM


الساعة الآن 07:17 AM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 RC 1
منتديات بنات مصر . منتدى كل العرب

a.d - i.s.s.w


elMagic Style.Design By:۩۩ elMagic ۩۩