..{ فع‘ــآآليـآآت المنتــدى }..


العودة   منتديات بنات مصر > بنات مصر نقاشات حوارات مواضيع عامه تبادل اراء > منتدى الاسلاميات والقرأن الكريم

آخر 12 مواضيع
ورود على ارصفة الفرح
الكاتـب : 7laa - مشاركات : 3 -
لوزه والخزعبلايه ...تابع المسابقه
الكاتـب : 7laa - آخر مشاركة : ~♥ Queen sozan♥~ - مشاركات : 3 -
ذات صبـــــــاح
الكاتـب : ~♥ Queen sozan♥~ - آخر مشاركة : ساحر الأحزان - مشاركات : 1 -
همس الروح،،،،
الكاتـب : همس الحنين - آخر مشاركة : نغم الشام بعد المغيب.. - مشاركات : 5 -
بدون مداد
الكاتـب : يحيى الفضلي السودان - آخر مشاركة : ~♥ Queen sozan♥~ - مشاركات : 4 -
شِرَوَقً شِمٌسِ
الكاتـب : يحيى الفضلي السودان - آخر مشاركة : ساحر الأحزان - مشاركات : 3 -
الدعاء مستمر ل بحر القمر ربنا يرحمه
الكاتـب : كريم عاصم - آخر مشاركة : إيلاانا - مشاركات : 9 -
البقاء لله والدة فرح في ذمه الله
الكاتـب : نجم الحبيب - آخر مشاركة : نغم الشام بعد المغيب.. - مشاركات : 15 -
تنشيط قسم المطبخ
الكاتـب : ~♥ Queen sozan♥~ - آخر مشاركة : JUST AHMED - مشاركات : 25 -
مسابقه لقسم الخزعبلات
الكاتـب : ~♥ Queen sozan♥~ - آخر مشاركة : كريم عاصم - مشاركات : 7 -
نتيجة تنشيط قسم عالم الطفل 2
الكاتـب : 7laa - آخر مشاركة : ساحر الأحزان - مشاركات : 6 -
توقع من يفوز الاهلي ام العين الإماراتي
الكاتـب : ساحر الأحزان - مشاركات : 6 -

الإهداءات


الإعــجــــاز ^ الــعــلــمــي * الــفـــلــك ** الـــطـــب ** الــطــ

منتدى الاسلاميات والقرأن الكريم


إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم منذ /04-22-2012, 12:09 PM   #11

موقوف
 

 رقم العضوية : 83041
 تاريخ التسجيل : Apr 2012
 العمر : 32
 الجنس : ~ امرأة
 المكان : سورية بلد الياسمين
 المشاركات : 5,419
 الحكمة المفضلة : ربما كان من الخير أن تحب بعقل وروية، ولكن من الممتع حقا أن تحب بجنون...
 النقاط : القمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 28266
 قوة التقييم : 0

القمر الباكي غير متواجد حالياً

أوسمة العضو

249 

افتراضي

يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين
بقلم الدكتور‏:‏ زغـلول النجـار

يعتبر مجال الخلق‏,‏ وإفنائه‏,‏ وإعادة خلقه‏,‏ من المجالات الغيبية التي لا يستطيع الإنسان أن يصل فيها إلي تصور صحيح بغير هداية ربانية‏,‏ ومن هنا فإن العلوم التجريبية لا يمكن لها أن تتجاوز في تلك المجالات مرحلة التنظير بمعني وضع نظرية من النظريات أو اقتراح فرض من الفروض‏.‏
وتتعدد الفروض والنظريات بتعدد خلفية واضعيها العقدية والثقافية والتربوية والنفسية‏,‏ ويبقي للمسلم في هذا المجال نور من الله الخالق في آية من كتابه الكريم‏,‏ أو في حديث مروي بسند صحيح عن خاتم أنبيائه ورسله‏(‏ صلي الله وسلم عليه وعليهم أجمعين‏)‏ يمكن أن يعينه علي الارتقاء بإحدي تلك النظريات العلمية إلي مقام الحقيقة لمجرد ورود اشارة لها في أي من هذين المصدرين من مصادر وحي السماء اللذين حفظا بحفظ الله باللغة نفسها التي نزل الوحي بها‏(‏ اللغة العربية‏)‏ علي مدي أربعة عشر قرنا ـ أو يزيد ـ دون نقص أو زيادة‏,‏ ونكون في هذه الحالة قد انتصرنا للعلم بالوحي الثابت من كتاب الله المحفوظ بحفظه‏,‏ أو بسنة رسوله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ وهي من الوحي‏,‏ ولم ننتصر لهما بالعلم المكتسب لأنهما فوق ذلك وأعظم وأجل‏..!!‏
فمجرد ورود إشارة في كتاب الله أو في حديث مروي بسند صحيح عن خاتم أنبيائه ورسله‏(‏ صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين‏)‏ إلي ما يدعم إحدي النظريات العلمية التي لم يتوصل إليها العلم المكتسب إلا بعد مجاهدة كبيرة‏,‏ عبر سنوات طويلة‏,‏ استغرقت جهود آلاف من العلماء يرقي بهذه النظرية إلي مقام الحقيقة‏,‏ ويعتبر إعجازا علميا في كتاب الله أو في سنة رسوله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ لمجرد السبق بالإشارة إلي تلك الحقيقة العلمية قبل وصول الإنسان إليها بفترة زمنية طويلة تقدر بأكثر من ثلاثة عشر قرنا من الزمان‏,‏ وفي ذلك يقول ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ في محكم كتابه‏:‏
ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا
‏(‏الكهف‏:51)‏
والقرآن الكريم الذي يقرر أن أحدا من الإنس أو الجن لم يشهد خلق السماوات والأرض‏,‏ هو الذي يأمرنا بالنظر في قضية الخلق‏(‏ خلق السماوات والأرض‏,‏ خلق الحياة‏,‏ وخلق الإنسان‏)‏ بعين الاعتبار والاتعاظ فيقول‏(‏ عز من قائل‏):‏
أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ‏..(‏ الأعراف‏:185)‏
ويقول‏(‏ سبحانه‏):‏
لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون
‏(‏غافر‏:57)‏
ويقول‏(‏ سبحانه وتعالي‏):‏
أفلا ينظرون إلي الإبل كيف خلقت
‏(‏الغاشية‏:17)‏
ويقول‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
أولم يروا كيف يبديء الله الخلق ثم يعيده إن ذلك علي الله يسير‏.‏ قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشيء النشأة الآخرة إن الله علي كل شيء قدير
‏(‏العنكبوت‏:19‏ و‏20)‏
وبالنظر في السماء توصل علماء الفلك والفيزياء الفلكية إلي عدد من النظريات المفسرة لنشأة الكون وإفنائه‏,‏ وأكثر هذه النظريات قبولا في الأوساط العلمية اليوم هما نظريتا الانفجار العظيم
‏(TheBigBangTheory)‏
والانسحاق العظيم
‏(TheBigCrunchTheory)‏
وكلاهما يستند إلي عدد من الحقائق المشاهدة‏.‏
الشواهد العلمية علي صحة نظرية الانفجار العظيم
‏(1)‏ التوسع الحالي للكون المشاهد‏:‏
وهي حقيقة اكتشفت في الثلث الأول من القرن العشرين‏,‏ ثم أكدتها حسابات كل من الفيزيائيين النظريين والفلكيين‏,‏ والتي لاتزال تقدم مزيدا من الدعم والتأييد لتلك الحقيقة المشاهدة بأن المجرات تتباعد عنا وعن بعضها البعض بسرعات تكاد تقترب أحيانا من سرعة الضوء‏(‏ المقدرة بحوالي‏300000‏ كيلو متر في الثانية‏),‏ وقد سبق القرآن الكريم كل تلك المعارف بأكثر من ثلاثة عشر قرنا إذ يقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون
‏(‏ الذاريات‏:47)‏
وإذا عدنا بهذا الاتساع الكوني الراهن إلي الوراء مع الزمن فإن كافة ما في الكون من صور المادة والطاقة والمكان والزمان لابد أن تلتقي في جرم واحد‏,‏ متناه في ضآلة الحجم إلي ما يقترب من الصفر أو العدم‏,‏ فيتلاشي كل من المكان والزمان‏,‏ ومتناه في ضخامة الكتلة والحرارة إلي الحد الذي تتوقف عنده قوانين الفيزياء النظرية‏,‏ وهذا الجرم الابتدائي انفجر بأمر من الله تعالي فنشر مختلف صور الطاقة‏,‏ والمادة الأولية‏,‏ للكون في كل اتجاه‏,‏ وتخلقت من تلك الطاقة المادة الأولية‏,‏ ومن المواد الأولية تخلقت العناصر علي مراحل متتالية‏,‏ وبدأ الكون في الاتساع‏,‏ ومع اتساعه تعاظم كل من المكان والزمان‏,‏ وتحولت مادة الكون إلي سحابة من الدخان الذي خلقت منه الأرض وكل أجرام السماء‏,‏ وما يملأ المسافات بينها من مختلف صور المادة والطاقة‏,‏ وظل الكون في التمدد والتوسع منذ لحظة الانفجار العظيم إلي يومنا الراهن‏,‏ وإلي أن يشاء الله‏(‏ تعالي‏).‏
والانسحاق الشديد هو عملية معاكسة لعملية الانفجار الكوني الكبير تماما‏.‏
‏(2)‏ اكتشاف الخلفية الإشعاعية للكون المدرك‏:‏
وقد اكتشفها بمحض المصادفة باحثان بمختبرات شركة بل للتليفونات بمدينة نيوجرسي هما أرنو أ‏.‏ بنزياس
‏(ArnoA.Penzias)‏
وزميله روبرت و‏.‏ ويلسون
‏(RobertW.Wilson)‏
في سنة‏1965‏ م علي هيئة اشارات راديوية منتظمة وسوية الخواص‏,‏ قادمة من كافة الاتجاهات في السماء‏,‏ وفي كل الأوقات دون أدني توقف أو تغير‏,‏ ولم يمكن تفسير تلك الاشارات الراديوية‏,‏ المنتظمة‏,‏ السوية الخواص إلا بأنها بقية الإشعاع الذي نتج عن عملية الانفجار الكوني العظيم‏,‏ وقد قدرت درجة حرارة تلك البقية الاشعاعية بحوالي ثلاث درجات مطلقة‏(‏ أي ثلاث درجات فوق الصفر المطلق الذي يساوي ـ‏273‏ درجة مئوية‏)‏
وفي نفس الوقت كانت مجموعة من الباحثين العلميين في جامعة برنستون تتوقع حتمية وجود بقية للإشعاع الناتج عن عملية الانفجار الكوني الكبير‏,‏ وإمكانية العثور علي تلك البقية الاشعاعية بواسطة التليسكوبات الراديوية‏,‏ وذلك بناء علي الاستنتاج الصحيح بأن الاشعاع الذي نتج عن عملية الانفجار تلك قد صاحب عملية التوسع الكوني‏,‏ وانتشر بانتظام وسوية عبر كل من المكان والزمان في فسحة الكون‏,‏ ومن ثم فإن بقاياه المنتشرة إلي أطراف الجزء المدرك من الكون لابد أن تكون سوية الخواص‏,‏ ومتساوية القيمة في كل الاتجاهات‏,‏ ومستمرة ومتصلة بلا أدني انقطاع‏,‏ وبالإضافة إلي ذلك فإن هذا الاشعاع الكوني لابد أن يكون له طيف مماثل لطيف الجسم المعتم‏,‏ بمعني أن كمية الطاقة الناتجة عنه في مختلف الموجات يمكن وصفها بدرجة حرارة ذات قيمة محددة‏,‏ وأن هذه الحرارة التي كانت تقدر ببلايين البلايين من الدرجات المطلقة عند لحظة الانفجار الكوني لابد أن تكون قد بردت عبر عمر الكون المقدر بعشرة بلايين من السنين علي الأقل‏,‏ إلي بضع درجات قليلة فوق الصفر المطلق‏.‏ وانطلاقا من تلك الملاحظات الفلكية والنظرية كان في اكتشاف الخلفية الإشعاعية للكون دعم عظيم لنظرية الانفجار الكوني‏,‏ وقضاء مبرم علي نظرية ثبات الكون واستقراره التي اتخذت تكؤة لنفي الخلق‏,‏ وإنكار الخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ منذ مطلع القرن العشرين‏.‏
ولم تكن مجموعة جامعة برنستون بقيادة كل من روبرت دايك
‏(RobertDicke)
,‏ ب‏.‏ج‏.‏ إ‏.‏ بيبلز
‏(P.J.E.Peebles)
,‏ ديفيد رول
‏(DavidRoll)‏
وديفيد ولكنسون
‏(DavidWilkinson)‏
هي أول من توقع وجود الخلفية الاشعاعية للكون‏,‏ فقد سبقهم إلي توقع ذلك كل من رالف ألفر
‏(RalphAlpher)‏
وروبرت هيرمان
‏(RobertHerman)‏
في سنة‏1948‏ م وجورج جامو
‏(GeogeGamow)‏
في سنة‏1953‏ م ولكن استنتاجاتهم أهملت ولم تتابع بشيء من الاهتمام العلمي فطويت في عالم النسيان‏.‏
‏(3)‏ تصوير الدخان الكوني علي أطراف الجزء المدرك من الكون‏:‏
في سنة‏1989‏ م أرسلت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا
‏(NASA)‏
مركبة فضائية باسم مستكشف الخلفية الكونية أو‏(‏ كوبي‏
)CosmicBackgroundExplorer(orCOBE)‏
وذلك لدراسة الخلفية الاشعاعية للكون من ارتفاع يبلغ ستمائة كيلو متر حول الأرض‏,‏ وقد قاست تلك المركبة درجة الخلفية الاشعاعية للكون وقدرتها بأقل قليلا من ثلاث درجات مطلقة‏(‏ أي بحوالي‏2,735+0,06‏ من الدرجات المطلقة‏)‏ وقد أثبتت هذه الدراسة تجانس مادة الكون وتساويها التام في الخواص قبل الانفجار وبعده أي من اللحظة الأولي لعملية الانفجار الكوني العظيم‏,‏ وانتشار الإشعاع في كل من المكان والزمان مع احتمال وجود أماكن تركزت فيها المادة الخفية التي تعرف باسم المادة الداكنة
‏(DarkMatter)‏
بعد ذلك
كذلك قامت تلك المركبة الفضائية بتصوير بقايا الدخان الكوني الناتج عن عملية الانفجار العظيم علي أطراف الجزء المدرك من الكون‏(‏ علي بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية‏),‏ وأثبتت أنها حالة دخانية معتمة سادت الكون قبل خلق السماوات والأرض‏,‏ وقد سبق القرآن الكريم جميع المعارف الإنسانية بوصف تلك الحالة الدخانية منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
ثم استوي إلي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين
‏(‏ فصلت‏:11)‏
وكان في اكتشاف هذا الدخان الكوني ما يدعم نظرية الانفجار الكوني العظيم‏.‏
‏(4)‏ عملية الاندماج النووي وتآصل العناصر‏:‏

فتق الرتق الاول ثم طيه ثم فتق الثانى كى تبدل الارض غير الارض والسماوات
تتم عملية الاندماج النووي في داخل الشمس وفي داخل جميع نجوم السماء بين نوي ذرات الإيدروجين لتكوين نوي ذرات أثقل بالتدريج وتنطلق الطاقة‏,‏ وقد أدت هذه الملاحظة إلي الاستنتاج الصحيح بتأصيل العناصر بمعني أن جميع العناصر المعروفة لنا والتي يبلغ عددها أكثر من مائة عنصر قد تخلقت كلها في الأصل من غاز الايدروجين بعملية الاندماج النووي‏,‏ فإذا تحول لب النجم المستعر إلي حديد انفجر النجم وتناثرت أشلاؤه في صفحة السماء حيث يمكن لنوي الحديد تلقي اللبنات الأساسية للمادة من صفحة السماء فتتخلق العناصر الأعلي في وزنها الذري من الحديد‏.‏
وقد جمعت هذه الملاحظات الدقيقة بين فيزياء الجسيمات الأولية للمادة وعلم الكون‏,‏ وأيدت نظرية الانفجار العظيم التي بدأت بتخلق المادة وأضدادها مع اتساع الكون‏,‏ وتخلق كل من المكان والزمان‏,‏ ثم تخلق نويات كل من الايدروجين والهيليوم والليثيوم‏,‏ ثم تخلق بقية العناصر المعروفة لنا‏,‏ ولذا يعتقد الفلكيون في أن تخلق تلك العناصر قد تم علي مرحلتين‏,‏ نتج في المرحلة الأولي منهما العناصر الخفيفة‏,‏ وفي المرحلة الثانية العناصر الثقيلة‏,‏ والتدرج في تخليق العناصر المختلفة بعملية الاندماج النووي في داخل النجوم أو أثناء انفجارها علي هيئة فوق المستعرات هو صورة مبسطة لعملية الخلق الأول يدعم نظرية الانفجار العظيم ويعين الانسان علي فهم آلياتها‏,‏ والحسابات النظرية لتخليق العناصر بعملية الاندماج النووي تدعمها التجارب المختبرية علي معدلات تفاعل الجسيمات الأولية للمادة مع نوي بعض العناصر‏,‏ وقد بدأ هذه الحسابات هانز بيته‏
(HansBethe)‏
في الثلاثينات من القرن العشرين‏,‏ وأتمها وليام فاولر
‏(WilliamFowler)‏
الذي منح جائزة نوبل في الفيزياء مشاركة مع آخرين في سنة‏1983‏ تقديرا لجهوده في شرح عملية الاندماج النووي‏,‏ ودورها في تخليق العناصر المعروفة‏,‏ ومن ثم المناداة بتآصل العناصر‏,‏ وهي صورة مصغرة لعملية الخلق الأول‏.‏
‏(5)‏ التوزيع الحالي للعناصر المعروفة في الجزء المدرك من الكون‏:‏
تشير الدراسات الحديثة عن توزيع العناصر المعروفة في الجزء المدرك من الكون إلي أن غاز الإيدروجين يكون أكثر قليلا من‏74%‏ من مادته‏,‏ ويليه في الكثرة غاز الهيليوم الذي يكون حوالي‏24%‏ من تلك المادة‏,‏ ومعني ذلك أن أخف عنصرين معروفين لنا يكونان معا أكثر من‏98%‏ من مادة الكون المنظور‏,‏ وأن باقي‏105‏ من العناصر المعروفة لنا يكون أقل من‏2%,‏ مما يشير إلي تآصل العناصر‏,‏ ويدعم نظرية الانفجار العظيم‏,‏ لأن معظم النماذج المقترحة لتلك النظرية تعطي حوالي‏75%‏ من التركيب الكيميائي لسحابة الدخان الناتجة من ذلك الانفجار غاز الإيدروجين‏,25%‏ من تركيبة غاز الهيليوم‏,‏ وهي أرقام قريبة جدا من التركيب الكيميائي الحالي للكون المدرك‏,‏ كما لخصها عدد من العلماء من مثل‏:‏
‏Alpher,Gamow,Wagonar,Fowler
,Hoyle,Schramm,
Olive,Walker,Steigman,Rang,etc.‏
هذه الشواهد وغيرها دعمت نظرية الانفجار الكوني العظيم وجعلتها أكثر النظريات المفسرة لنشأة الكون قبولا في الأوساط العلمية اليوم‏,‏ ونحن المسلمين نرقي بهذه النظرية إلي مقام الحقيقة الكونية لورود مايدعمها في كتاب الله الذي أنزل من قبل ألف وأربعمائة من السنين يخبرنا بقول الخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏):‏
أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون‏(‏ الأنبياء‏:30)‏
وهذه الآية القرآنية الكريمة التي جاءت بصيغة الاستفهام التوبيخي للكافرين والمشركين والملاحدة تشد انتباههم إلي قدرة الله التامة‏,‏ وسلطانه العظيم اللذين يتضحان من إبداعه في خلقه‏,‏ ومن صور ذلك الابداع خلق السماوات والأرض من جرم ابتدائي واحد سماه ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ باسم مرحلة الرتق‏,‏ والرتق في اللغة الضم والالتئام والالتحام‏,‏ وهو ضد الفتق‏(‏ يقال رتقت الشيء فارتتق أي التأم والتحم‏),‏ ثم أمر الله‏(‏ تعالي‏)‏ بفتق هذا الجرم الابتدائي فانفتق وهي مرحلة يسميها القرآن الكريم باسم مرحلة الفتق‏,‏ وتحول إلي سحابة من الدخان‏(‏ مرحلة الدخان‏)‏ الذي خلق منه ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ كلا من الأرض والسماء‏,‏ وماينتشر بينهما من مختلف صور المادة والطاقة مما نعلم ومالا نعلم‏,‏ ثم يأتي العلم المكتسب في منتصف القرن العشرين ليكتشف شيئا من معالم تلك الحقيقة الكونية‏,‏ ويظل يجاهد في إثباتها حتي يتمكن من شيء من ذلك بنهايات القرن العشرين‏,‏ حيث نادي بحتمية انعكاس تلك النظرية تحت مسمي نظرية الانسحاق الكبير‏,‏ ويبقي هذا السبق القرآني بالإشارة إلي الفتق بعد الرتق‏,‏ أو مايسميه علماء الفلك بالانفجار العظيم‏,‏ وما أدي إليه من تحول الجرم الابتدائي إلي سحابة دخانية خلقت منها الأرض والسماوات‏,‏ وإلي توسع الكون إلي عصرنا الراهن وإلي أن يشاء الله‏,‏ ثم طي ذلك كله مرة أخري إلي جرم واحد وانفجاره وتحوله إلي دخان وخلق أرض غير الأرض وسماوات غير السماوات‏,‏ يبقي ذلك كله من أعظم الشهادات علي أن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق‏,‏ وعلي أن هذا النبي الخاتم‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ كان موصولا بالوحي ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض‏.‏
ماذا بعد اتساع الكون؟
أدت الملاحظات العلمية الدقيقة عن توسع الكون‏,‏ واكتشاف أشباه النجوم
‏(Quasars),‏
كما ادي اكتشاف الخلفية الإشعاعية للكون المدرك‏,‏ وتصوير الدخان الكوني علي أطراف هذا الجزء المدرك من الكون‏,‏ واستنتاج عملية الاندماج النووي وتخلق العناصر من غاز الايدروجين في داخل الشمس‏,‏ وفي داخل غيرها من النجوم‏,‏ والتوزيع الحالي للعناصر المعروفة في الجزء المدرك من الكون أدي ذلك كله إلي دعم نظريتي الانفجار الكوني العظيم‏,‏ والانسحاق الكوني الكبير وإلي دحض غيرهما من النظريات وفي مقدمتها نظرية الكون الثابت والتي نادي بها كل من هيرمان بوندي
‏(HermannBondi),‏
وتوماس جولد
‏(ThomasGold),‏
وفريد هويل‏
.(FredHoyle)‏
في الاربعينات من القرن العشرين‏,‏ والتي طرحت انطلاقا من الاعتقاد الخاطيء بأزلية الكون والذي ساد الغرب طوال النصف الأول من القرن العشرين‏,‏ واستمر معه إلي اليوم علي الرغم من دحض المعطيات الكلية للعلوم لتلك الفرية الكبيرة‏..!!!‏
ونحن كمسلمين نرتقي بنظريتي الانفجار الكوني الكبير والانسحاق الكوني الشديد إلي مقام الحقيقة لوجود إشارة لهما في كتاب الله‏,‏ علي الرغم من وجود بعض المعارضين‏,‏ والرافضين لقبول كلتا النظريتين من الغربيين أنفسهم‏,‏ وحتي الذين اقتنعوا بالنظريتين ودافعوا عنهما انقسموا حيالهما إلي مجموعات في غيبة اتباعهم للهداية الربانية في أمر مستقبلي من أمور الغيب‏,‏ ومقدرة العلوم المكتسبة علي التنبؤ بالأمور المستقبلية محدودة جدا‏.‏
الاحتمالات المتوقعة لعملية توسع الكون‏:‏
‏(1)‏ الاحتمال الأول‏:‏ ويقترح فيه علماء الفلك والفيزياء الفلكية أن يستمر الكون في التمدد والتوسع إلي مالا نهاية‏(‏ هروبا من الاعتراف بالخلق وبالآخرة‏),‏ وذلك بافتراض استمرار قوة الدفع إلي الخارج بمعدلات أقوي من قوي الجاذبية التي تشدالكون إلي الداخل في اتجاه مركزه‏,‏ وهذا افتراض خاطيء تماما في ضوء الملاحظات الراهنة علي الجزء المدرك من الكون‏,‏ ومن أبسطها أن استمرار تمدد الكون واتساعه يؤدي إلي خفض درجة حرارته بالتدريج حتي تنطفيء جذوة نجومه بانفجارها‏,‏ أو بتحولها إلي أجسام باردة كالكواكب‏,‏ أو إلي ثقوب سود تبتلع كل مايدخل في دائرة جذبها من مختلف صور المادة والطاقة‏,‏ ومن هنا كان تمدد الكون إلي مالانهاية‏(‏ وهو مايسمي بنموذج الكون المفتوح‏)‏ أمرا مستبعدا في ضوء ماتفقده النجوم عن طريق إشعاعها من طاقة‏,‏ والطاقة والمادة أمران متكافئان‏,‏ واستمرار فقدان النجوم من طاقتها ينفي إمكانية استمرار الكون في الاتساع إلي مالا نهاية‏.‏
فشمسنا ـ علي سبيل المثال ـ تفقد في كل ثانية من عمرها من الطاقة مايقدر بحوالي‏4,6‏ مليون طن من المادة‏,‏ وبافتراض استمرار الكون في التمدد سوف يستمر انتقال الطاقة من الأجسام الحارة كالنجوم إلي الأجسام الباردة كالكواكب والكويكبات‏,‏ والأقمار والمذنبات حتي تأتي علي الكون لحظة تتساوي فيها درجة حرارة جميع الأجسام فيه فيتوقف الكون عن التمدد إن لم يكن عن إمكانية الوجود‏,‏ فالاستمرار في توسع الكون مرتبط بالقوة الدافعة للمجرات إلي التباعد عن بعضها البعض وهي القوة الناتجة عن عملية الانفجار العظيم‏,‏ وإذا كانت الحرارة التي نتجت عن تلك العملية والتي تقدرها الحسابات الرياضية والفيزيائية ببلايين البلايين من الدرجات المطلقة في لحظة الانفجار قد انخفضت اليوم إلي أقل قليلا من ثلاث درجات مطلقة فلابد أن القوة الدافعة‏,‏ إلي الخارج والمؤدية إلي توسع الكون قد تناقصت بنفس المعدل‏,‏ خاصة أن الحسابات الرياضية تشير إلي أن معدلات التمدد عقب عملية الانفجار العظيم مباشرة كانت أعلي بكثير من معدلاتها الحالية‏,‏ وهذا هو الذي دفع بفلكي مثل آلان جوث
‏(AlanGuth)‏
إلي وضع نظرية الكون المتضخم
‏(TheInflationaryUniverse)‏
التي تقرر انه في وقت مبكر جدا من تاريخ الكون كان نموه نموا أسيا فائق السرعة‏,‏ فائق التمدد‏,‏ وهذا أيضا هو الذي دفع بكل من روبرت دايك
‏(R.H.Dicke)‏
وب‏.‏ج‏.‏أ‏.‏بيبلز
‏(P.J.E.Peebles)‏
إلي القول بأن الأرصاد الحالية للكون توحي بأن عصرنا الحالي إما أن يكون عصرا فريدا في التمدد عقب عملية الانفجار الكبير‏,‏ أو أن الشروط الأساسية للتمدد يجب أن يتم تعديلها بشكل يحقق قدرا من التوافق مع هذه الأرصاد التي تثير تساؤلا عما إذا كان الكون الآن مفتوحا‏(‏ أي مستمرا في التمدد إلي مالا نهاية‏)‏ أو مغلقا‏(‏ أي سوف يتمدد إلي أجل محدد ثم يبدأ في التكدس علي ذاته‏)‏ أو مستويا بمعني انتفاء تحدب الكون‏,‏ وقد أشارت إليه كل الحسابات الرياضية كالتي قام بها اليكساندر فريدمان
‏(AlexanderFreidmann),‏
وألبرت أينشتاين
‏(AlbertEinstein)‏
وغيرهما من الفيزيائيين النظريين والفلكيين‏.‏
والاستمرار في توسع الكون مرتبط بالقوة الدافعة بالمجرات للتباعد عن بعضها بعضا وهي مايعبر عنها أحيانا بسرعة الإفلات من قوي الجاذبية
‏(EscapeVelocity),‏
ولكل جرم سماوي مهما كانت كتلته سرعة إفلات محددة من قوة جاذبيته‏,‏ فسرعة الإفلات من جاذبية الأرض تقدر بحوالي‏11‏ ـ‏22‏ كيلومترا في الثانية‏,‏ بمعني أنه إذا أطلق صاروخ من الأرض بهذه السرعة أو بأعلي منها فانه يستطيع التغلب علي الجاذبية الأرضية‏,‏ ولكن هل سرعة توسع الكون الحالية تبلغ سرعة الإفلات من الجاذبية الكونية حتي يستمر في التوسع؟
يعتقد المشتغلون بكل من علمي الكون والفيزياء النظرية أن الأمر مرتبط بكثافة الكون‏,‏ فإن كانت كثافته في حدود مايعرف بالكثافة الحرجة
‏(CriticalDensity)‏
فمعني ذلك أن قوة الجاذبية الكونية تكفي لإيقاف توسع الكون في المستقبل الذي لايمكن لأحد أن يعلمه إلا الله‏,‏ أما إذا كانت كثافة الكون أقل من الكثافة الحرجة فمعني ذلك أن الكون سيبقي متوسعا إلي مالا نهاية‏,‏ وهذا مالايمكن إثباته لأن الانسان في زمن تفجر المعارف العلمية الذي نعيشه لايدرك أكثر من‏10%‏ من مادة الكون المنظور‏,‏ فأني له أن يصل إلي معرفة كثافة هذا الجزء من الكون المليء بصور المادة غير المرئية من مثل الثقوب السود‏,‏ والمادة الداكنة‏,‏ وجسيمات النيوترينو
‏(Neutrino)‏
وغيرها‏,‏ فضلا عن معرفة كثافة الكون غير المدرك؟ ولذلك يتحدث علماء الفلك عما يسمونه باسم الكتلة المفقودة
‏(TheMissingMass)‏
في الجزء المدرك من الكون‏,‏ والتي يعللون وجودها بأن كميات المادة والطاقة المشاهدة فيه أقل بكثير عن الكمية اللازمة لابقاء أجزائه متماسكة مع بعضها بعضا بفعل الجاذبية‏,‏ بل يحتاج ذلك إلي عشرة أضعاف الكمية المدركة من المادة لكي يبقي الجزء المدرك من الكون في تماسك واتزان‏,‏ ومن هنا كان التقدير بأن‏90%‏ من مادة الجزء المدرك من الكون غائبة عن إدراكنا‏.‏
‏(2)‏ الاحتمال الثاني‏:‏ ويقترح فيه علماء الكون نموذجا للكون المتذبذب
‏(TheOscillatingUniverse)‏
بغير بداية ولا نهاية ـ هروبا من الاعتراف بالخلق وجحودا بالخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ ـ ويبقي الكون في هذا النموذج متذبذبا بين التكدس والانفجار أي بين الانكماش والتمدد في دورات متتابعة ولكنها غير متشابهة إلي مالا نهاية تبدأ بمرحلة التكدس علي الذات ثم الانفجار والتمدد ثم التكدس مرة أخري وهكذا‏.‏
واقترح ريتشارد تولمان
‏(RichardTolman)‏
في سنة‏1934‏ م أن كل دورة من دورات تذبذب الكون لاتتشابه مع ماقبلها من الدورات بافتراض أن النجوم تنشر إشعاعها في الكون فتتزايد أعداد فوتونات الطاقة ببطء فيأتي كل انفجار كوني أعلي حرارة من سابقيه علي الرغم من التدمير الكامل الذي يعم الكون في كل مرحلة‏,‏ وهو افتراض ساذج ينسي انطواء الكون علي ذاته بكل مافيه من مختلف صور المادة والطاقة والمكان والزمان‏,‏ وانغلاق ذلك كله في كل عملية تكدس يمر بها الكون‏,‏ ولذلك لم يستطع هذا النموذج المقترح الصمود في ضوء معطيات علم الفلك الحديثة‏.‏
‏(3)‏ الاحتمال الثالث‏:‏ ويتوقع فيه العلماء تباطؤ سرعة توسع الكون مع الزمن وهي القوة الناتجة عن عملية الانفجار العظيم‏,‏ فكما أن الحرارة التي نتجت عن تلك العملية والتي تقدر حسابيا ببلايين البلايين من الدرجات المطلقة لحظة الانفجار قد انخفضت اليوم إلي أقل قليلا من الثلاث درجات مطلقة‏(‏ أي إلي ـ‏270‏ درجة مئوية‏),‏ فلابد أن القوة الدافعة إلي الخارج والمؤدية إلي توسع الكون قد تناقصت بنفس المعدل‏,‏ خاصة أن الحسابات الرياضية تشير إلي أن معدلات التمدد الكوني عقب عملية الانفجار العظيم مباشرة كانت أعلي بكثير من معدلاتها الحالية‏(‏ الكون المتضخم بسرعات فائقة‏).‏
ومع تباطؤ سرعة توسع الكون تتفوق قوي الجاذبية علي قوة الدفع بالمجرات للتباعد عن بعضها بعضا فتأخذ المجرات في الاندفاع إلي مركز الكون بسرعات متزايدة‏,‏ لامة مابينها من مختلف صور المادة والطاقة فيبدأ الكون في الانكماش والتكدس علي ذاته‏,‏ ويطوي كل من المكان والزمان حتي تتلاشي كل الأبعاد أو تكاد‏,‏ وتتجمع كل صور المادة والطاقة المنتشرة في أرجاء الكون حتي تتكدس في نقطة متناهية في الضآلة‏,‏ تكاد تصل إلي الصفر أو العدم‏,‏ ومتناهية في الكثافة والحرارة إلي الحد الذي تتوقف عنده كل قوانين الفيزياء المعروفة‏,‏ أي يعود الكون إلي حالته الأولي‏(‏ مرحلة الرتق‏)‏ ويسمي هذا النموذج باسم نموذج الكون المنغلق
‏(TheClosedUniverse)‏
وتسمي عملية تجمع الكون بنظرية الانسحاق الكبير
‏(TheBigCrunchTheory),‏
وهي معاكسة لعملية الانفجار الكبير‏.‏ ونحن المسلمين نؤمن بتلك النظرية لقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ في محكم كتابه‏:‏
يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين‏.‏
‏(‏الأنبياء‏:104)‏
ولايستطيع أي إنسان كائنا من كان أن يتوقع شيئا وراء ذلك الغيب المستقبلي بغير بيان من الله الخالق‏,‏ والقرآن الكريم يخبرنا فيه بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار‏.(‏ إبراهيم‏:48)‏
وبقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر علي أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا لا ريب فيه فأبي الظالمون إلا كفورا‏.(‏ الإسراء‏:99)‏
ومعني هذه الآيات الكريمة أن الله‏(‏ تعالي‏)‏ سوف يطوي صفحة الكون جامعا كل مافيها من مختلف صور المادة‏,‏ والطاقة‏,‏ والمكان والزمان‏,‏ علي هيئة جرم ابتدائي ثان‏(‏ رتق ثان‏)‏ شبيه تماما بالجرم الابتدائي الأول‏(‏ الرتق الأول‏)‏ الذي نشأ عن انفجاره الكون الراهن‏,‏ وأن هذا الجرم الثاني سوف ينفجر بأمر من الله‏(‏ تعالي‏)‏ كما انفجر الجرم الأول‏,‏ وسوف يتحول إلي سحابة من الدخان كما تحول الجرم الأول‏,‏ وسوف يخلق الله‏(‏ تعالي‏)‏ من هذا الدخان أرضا غير أرضنا الحالية‏,‏ وسماوات غير السماوات التي تظلنا‏,‏ كما وعد‏(‏ سبحانه وتعالي‏),‏ وهنا تبدأ الحياة الآخرة ولها من السنن والقوانين مايغاير سنن الحياة الدنيا‏,‏ فهي خلود بلا موت‏,‏ والدنيا موت بعد حياة‏,‏ وسبحان القائل مخاطبا أهل الجنة‏:‏
ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود‏(‏ ق‏:34)‏
وصلي الله وسلم وبارك علي خاتم الأنبياء والمرسلين الذي يروي عنه قوله‏:‏ والله مابعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار‏,‏ وإنها لجنة أبدا أو نار ابدا‏.‏
ومن الأمور المعجزة حقا أن يشير القرآن الكريم الذي أنزل قبل ألف وأربعمائة من السنين إلي أهم نظريتين في خلق الكون وإفنائه وهما نظريتا الانفجار الكبير والانسحاق الكبير ونحن نرتقي بهاتين النظريتين إلي مقام الحقيقة لمجرد ورود إشارة إليهما في كتاب الله الخالد الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه‏.‏
ومن المعجز أيضا أن ترد الآيتان المشيرتان إلي كلتا النظريتين في سورة واحدة من سور القرآن الكريم وهي سورة الأنبياء‏(‏ الآيتان‏:30‏ و‏104).‏
ومن المعجز حقا تلك الإشارة القرآنية المبهرة باعادة خلق أرض غير الأرض الحالية‏,‏ وسماوات غير السماوات الحالية‏,‏ وهو غيب لايمكن للانسان أن يصل إليه أبدا بغير هداية ربانية‏,‏ وهي الهداية‏.‏ التي تحسم الجدل المحير في أمر من أمور الغيب المطلق‏,‏ حار فيه علماء العصر‏,‏ فسبحان الذي أنزل القرآن بعلمه فقال مخاطبا خاتم أنبيائه ورسله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏
لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفي بالله شهيدا
‏(‏النساء‏:166).‏

الأهرام القاهرية 2/7/2001







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-22-2012, 12:10 PM   #12

موقوف
 

 رقم العضوية : 83041
 تاريخ التسجيل : Apr 2012
 العمر : 32
 الجنس : ~ امرأة
 المكان : سورية بلد الياسمين
 المشاركات : 5,419
 الحكمة المفضلة : ربما كان من الخير أن تحب بعقل وروية، ولكن من الممتع حقا أن تحب بجنون...
 النقاط : القمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 28266
 قوة التقييم : 0

القمر الباكي غير متواجد حالياً

أوسمة العضو

249 

افتراضي

الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها‏...‏
بقلم الدكتور‏:‏ زغـلول النجـار

يستهل ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ سورة الرعد بقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏ المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لايؤمنون‏.‏ الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوي علي العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمي يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون
‏[‏الرعد‏:1‏ و‏2]‏
وفي هاتين الآيتين الكريمتين يؤكد ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ أن الوحي بالقرآن الكريم إلي خاتم الأنبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ هو الحق المطلق‏,‏ المنزل من الله‏(‏ تعالي‏),‏ والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه‏,‏ وإن كان أكثر الناس لايؤمنون به‏.‏
والإيمان بالوحي من ركائز الإيمان بالله‏,‏ ودعائم الإسلام‏(‏ أي التسليم له تعالي بالطاعة في العبادة‏)‏ لأن الذي يؤمن بأن الوحي هو كلام الله الخالق يسلم بمحتوي هذا الوحي من أمور الغيب وضوابط السلوك من مثل قواعد العقيدة‏,‏ وتفاصيل العبادة‏,‏ ودستور الأخلاق وفقه المعاملات‏,‏ ومايصاحب ذلك من قصص الأمم السابقة‏(‏ الذي جاء للعظة والاعتبار‏),‏ وخطاب للنفس الإنسانية من خالقها وبارئها يهزها من الأعماق هزا‏,‏ ويرقي بها إلي معارج الله العليا‏...!!‏ وأول أسس العقيدة الصحيحة هو التوحيد الخالص لله تعالي بغير شريك ولاشبيه ولامنازع‏,‏ والإيمان بما أنزل من غيب‏[‏ الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله‏(‏ بغير تفريق ولاتمييز‏),‏ وبالقدر خيره وشره‏(‏ بكل الرضي والتسليم‏),‏ وبالبعث والحساب والجنة والنار‏,‏ وبالخلود في حياة قادمة‏(‏ بغير أدني شك أو ريبة‏].‏
وهذا الإيمان الصحيح يستتبع الخضوع الكامل لله‏(‏ تعالي‏)‏ بالعبادة والطاعة‏,‏ وحسن القيام بواجب الاستخلاف في الأرض في غير استعلاء ولاتجبر‏,‏ والسعي الحثيث لإقامة عدل الله‏(‏ تعالي‏)‏ فيها‏,‏ وكل ذلك من صميم رسالة الإنسان في هذه الحياة‏,‏ ومن ضرورات تحقيق النجاح فيها‏:‏
والقرآن الكريم الذي أوحاه ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ إلي خاتم أنبيائه ورسله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ وتعهد بحفظه كلمة كلمة‏,‏ وحرفا حرفا‏,‏ فحفظ علي مدي أربعة عشر قرنا أو يزيد‏,‏ وإلي أن يرث الله‏(‏ تعالي‏)‏ الأرض ومن عليها يستدل علي صفائه الرباني‏,‏ وعلي وحدانية الخالق العظيم‏,‏ وطلاقة قدرته‏,‏ وكمال علمه وحكمته بآياته الكريمة ذاتها‏,‏ ومالها من جمال‏,‏ وكمال‏,‏ وصدق‏,‏ كما يستدل علي ذلك أيضا بعدد من آيات الله الكونية الكبري وفي مقدمتها رفع السماوات بغير عمد يراها الناس‏...!!!‏ وهو من الأمور الظاهرة للعيان‏,‏ والشاهدة علي أن للكون إلها خالقا‏,‏ قادرا‏,‏ حكيما‏,‏ عليما‏,‏ أبدع هذا الكون بعلمه‏,‏ وحكمته وقدرته‏,‏ وهو قادر علي إفنائه‏,‏ وعلي إعادة خلقه من جديد‏.‏
وعلي الرغم من ذلك فإن أكثر الناس غافلون عن كل هذه الحقائق‏,‏ ومضيعون أعمارهم في شقاق‏,‏ ونفاق‏,‏ وعناد‏,‏ من أجل الخروج علي منهج الله‏,‏ واتباع الشهوات المحرمة‏,‏ والمتع الخاطئة المدمرة‏,‏ والاستعلاء الكاذب في الأرض‏,‏ والولوغ في الظلم‏,‏ وإفساد الحياة‏..!!!‏
وأغلب المنكرين لدين الله الحق الذي جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين‏)‏ ينطلقون من غفلتهم هذه لينكروا البعث‏,‏ والحساب‏,‏ والجنة‏,‏ والنار‏,‏ والخلود في حياة قادمة انطلاقا من كفرهم بالله الخالق‏,‏ وبملائكته‏,‏ وكتبه‏,‏ ورسله‏,‏ ولايجدون في رفع السماء بغير عمد يرونها آية من الآيات المادية الملموسة التي نشهد له‏(‏ تعالي‏)‏ بطلاقة القدرة‏,‏ وكمال الحكمة‏,‏ ودقة التدبير‏..!!!‏
وتستمر الآيات القرآنية في نفس السورة باستعراض عدد غير قليل من آيات الله في الكون لعلها توقظ أصحاب العقول الغافلة‏,‏ والضمائر الميتة إن كانت لديهم بقية من القدرة علي التفكير السليم‏,‏ أو التعقل الراجح‏.‏ فإن أصروا علي كفرهم بالله‏,‏ وإنكارهم لرسالته الخاتمة‏,‏ وماتضمنته من أمور غيبية‏,‏ وفي مقدمتها قضية البعث‏,‏ فليس من جزاء لهم أقل من الخلود في النار‏,‏ والاغلال في أعناقهم‏,‏ إمعانا في إذلالهم جزاء كفرهم وإنكارهم لآيات الله الخالق المقروءة في رسالته الخاتمة والمنظورة في كونه البديع‏..!!!‏
ورفع السماوات بغير عمد يراها الناس مع ضخامة أبعادها‏,‏ وتعاظم أجرامها عددا وحجما وكتلة‏,‏ هو من أوضح الأدلة علي أن هذا الكون الشاسع الاتساع‏,‏ الدقيق البناء‏,‏ المحكم الحركة والمنضبط في كل أمر من أموره لايمكن أن يكون نتاج المصادفة المحضة‏,‏ أو أن يكون قد أوجد نفسه بنفسه‏,‏ بل لابد له من موجد عظيم له من صفات الكمال والجمال والجلال والقدرة مايغاير صفات خلقه قاطبة‏:‏
ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
‏[‏الشوري‏:11]‏
من أجل ذلك يؤكد القرآن الكريم حقيقة رفع السماوات بغير عمد يراها الناس‏,‏ وإبقاءها سقفا مرفوعا‏,‏ وحفظها من الوقوع علي الأرض ومن الزوال إلا بإذن الله‏,‏ وذلك في عدد من آيات أخري من كتابه العزيز يقول فيها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
‏[1]‏ خلق السماوات بغير عمد ترونها‏..‏
‏(‏لقمان‏:10)‏
‏[2]‏ وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون‏.‏
‏(‏الأنبياء‏:32)‏
‏[3]‏ ويمسك السماء أن تقع علي الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم
‏(‏الحج‏:65)‏
‏[4]‏ ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره‏.‏
‏(‏الروم‏:25)‏
‏[5]‏ إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا
‏(‏فاطر‏:41)‏
‏[6]‏ والسقف المرفوع
‏(‏الطور‏:5)‏
‏[7]‏ والسماء رفعها ووضع الميزان
‏(‏ الرحمن‏:7)‏
‏[8]‏ ءأنتم أشد خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسواها
‏(‏النازعات‏:28,27)‏
‏[9]‏ أفلا ينظرون إلي الابل كيف خلقت وإلي السماء كيف رفعت
‏(‏ الغاشية‏:18,17)‏
‏[10]‏ والسماء ومابناها
‏(‏الشمس‏:5)‏
فكيف رفعت السماوات بغير عمد يراها الناس؟ وهل معني الآية الكريمة ان السماء لها عمد غير مرئية أم ليس لها عمد علي الإطلاق؟ هذا ماسوف نفصله في السطور التالية بإذن الله‏(‏ تعالي‏)‏ وقبل الدخول في ذلك لابد لنا من شرح لفظ‏(‏ عمد‏)‏ في اللغة العربية وفي القرآن الكريم‏.‏
لفظة‏(‏ العمد‏)‏ في اللغة العربية

ثبات كواكب المجموعة الشمسية بالتعادل بين قوة الجاذبية والقوة الطاردة المركزية
يقال‏‏ عمد‏)‏ للشيء بمعني قصد له أي‏(‏ تعمده‏),‏ و‏(‏العمد‏)‏ و‏(‏التعمد‏)‏ هو قصد الشيء بالنية وهو ضد كل من السهو والخطأ‏,‏ و‏(‏العمد‏)‏ علي الشيء الاستناد إليه‏,‏ ويقال‏‏ عمد‏)‏ الشيء‏(‏ فانعمد‏)‏ أي أقامه‏(‏ بعماد‏)(‏ يعتمد‏)‏ عليه‏,‏ و‏(‏عمدت‏)‏ الشيء إذا أسندته‏,‏ و‏(‏عمدت‏)‏ الحائط مثله‏,‏ و‏(‏العمود‏)‏ ماتقام أو تعتمد عليه الخيمة من خشب أو نحوه ويعرف باسم‏(‏ عمود البيت‏),‏ وجمعه في القلة‏(‏ أعمدة‏),‏ وفي الكثرة‏(‏ عمد‏)‏ بفتحتين و‏(‏عمد‏)‏ بضمتين‏,‏ و‏(‏عمود‏)‏ القوم و‏(‏عميدهم‏)‏ السيد الذي‏(‏ يعمده‏)‏ الناس‏,‏ و‏(‏العمدة‏)‏ بالضم ما‏(‏ يعتمد‏)‏ عليه وجمعه‏(‏ عمد‏),‏ و‏(‏العماد‏)‏ بالكسر ما‏(‏ يعتمد‏)‏ أو هو الأبنية الرفيعة‏(‏ تذكر وتؤنت‏)‏ والواحدة‏(‏ عمادة‏)‏ ويقال‏‏ اعتمد‏)‏ علي الشيء بمعني اتكأ عليه‏,‏ و‏(‏اعتمد‏)‏ عليه في كذا اتكل عليه‏,‏ وفلان رفيع‏(‏ العماد‏)‏ أي هو رفيع عند الاعتماد عليه‏,‏ ويقال‏:‏ سطع‏(‏ عمود‏)‏ الصبح أي ابتدأ طلوع نوره تشبيها‏(‏ للعمود‏)‏ والقلب‏(‏ العميد‏)‏ الذي يعمده الحزن‏,‏ والجسد‏(‏ العميد‏)‏ الذي يعمده السقم‏,‏ وقد‏(‏ عمد‏)‏ توجع من حزن أو غضب أو سقم‏,‏ و‏(‏عمد‏)‏ البعير توجع من عقر ظهره‏.‏
لفظة‏(‏ العمد‏)‏ في القرآن الكريم
وردت لفظة‏(‏ عمد‏)‏ في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع علي النحو التالي‏:‏
‏[1]‏ الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها
‏(‏الرعد‏:2)‏
‏[2]‏ خلق السماوات بغير عمد ترونها‏..‏
‏(‏لقمان‏:10)‏
‏[3]‏ نار الله الموقدة‏.‏ التي تطلع علي الأفئدة‏.‏ إنها عليهم مؤصدة‏.‏ في عمد ممدة
‏(‏الهمزة‏:6‏ ــ‏9)‏
ووردت لفظة‏(‏ عماد‏)‏ في موضع واحد يقول فيه ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
ألم تر كيف فعل ربك بعاد‏.‏ إرم ذات العماد‏.‏ التي لم يخلق مثلها في البلاد‏.‏
‏(‏الفجر‏:6‏ ـ‏8)‏
وجاء الفعل‏(‏ تعمد‏)‏ ومشتقاتها في كتاب الله الكريم في ثلاثة مواضع علي النحو التالي‏:‏
‏[1]‏ وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ماتعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما
‏(‏الأحزاب‏:5)‏
‏[2]‏ ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما
‏(‏النساء‏:93)‏
‏[3]‏ ومن قتله منكم متعمدا‏..‏
‏(‏المائدة‏:95)‏
آراء المفسرين
تعددت آراء المفسرين في شرح قوله‏(‏ تعالي‏):‏
الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها‏..(‏ الرعد‏:2)‏
وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
خلق السماوات بغير عمد ترونها‏..‏
‏(‏لقمان‏:10)‏
فقال ابن كثير‏(‏ يرحمه الله‏):‏ السماء علي الأرض مثل القبة‏,‏ يعني بلا عمد‏,‏ وهذا هو اللائق بالسياق‏,‏ والظاهر من قوله تعالي‏(‏ ويمسك السماء أن تقع علي الأرض إلا بإذنه‏)‏ فعلي ذلك يكون قوله‏‏ ترونها‏)‏ تأكيدا لنفي ذلك‏,‏ أي هي مرفوعة بغير عمد كما ترونها‏,‏ وهذا هو الأكمل في القدرة‏.‏
كذلك روي ابن كثير عن ابن عباس‏(‏ رضي الله عنهما‏)‏ وعن كل من مجاهد والحسن‏(‏ عليهما رضوان الله‏)‏ أنهم قالوا‏:‏ لها عمد ولكن لاتري‏,‏ فتكون‏(‏ ترونها‏)‏ صفة‏(‏ عمد‏)‏ أي بغير عمد مرئية‏(‏ أبو بعمد غير مرئية‏),‏ وأضاف أن هذا التأويل خلاف الظاهر المتبادر ولذلك ضعفه ابن كثير‏.‏
وذكر صاحبا تفسير الجلالين‏(‏ يرحمهما الله‏):‏ أن‏(‏ العمد‏)‏ جمع‏(‏ عماد‏)‏ وهو الاسطوانة‏[‏ أي أن العمد موجودة ولكنكم لاترونها‏],‏ وهو صادق أن لا عمد أصلا‏.‏
وفي تعليقه علي هذا التفسير ذكر كنعان‏(‏ أمد الله في عمره‏):‏ قوله‏:‏ وهو صادق بأن لاعمد لها أصلا هو إشارة إلي الوجه الثاني علي القول بأن‏(‏ ترونها‏)‏ صفة لــ‏(‏ عمد‏),‏ والضمير عائد إليها والمعني‏:‏ رفعها خالية عن عمد مرئية‏,‏ وانتفاء العمد المرئية يحتمل انتفاء الرؤية فقط أي‏:‏ لها عمد ولكنها غير مرئية‏,‏ ويحتمل انتفاء العمد والرؤية جميعا أي‏:‏ لاعمد أصلا كما ذكر الجلال السيوطي‏(‏ يرحمه الله‏),‏ وفي قول آخر‏‏ ترونها‏)‏ مستأنفة‏,‏ وضميرها يعود لــ‏(‏ السماوات‏),‏ والمعني‏:‏ رفعها بلا عمد أصلا وأنتم ترونها كذلك‏..‏
وذكر محمد عبده‏(‏ رحمه الله‏)‏ في تفسير قوله‏(‏ تعالي‏):‏ والسماء ومابناها مانصه‏:‏ السماء اسم لما علاك وارتفع فوق رأسك وأنت إنما تتصور عند سماعك لفظ السماء هذا الكون الذي فوقك فيه الشمس والقمر وسائر الكواكب تجري في مجاريها‏,‏ وتتحرك في مداراتها‏,‏ هذا هو السماء‏.‏ وقد بناه الله أي رفعه وجعل كل كوكب من الكواكب منه بمنزلة لبنة من بناء سقف أو قبة أو جدران تحيط بك‏,‏ وشد هذه الكواكب بعضها إلي بعض برباط الجاذبية العامة‏,‏ كما تربط أجزاء البناء الواحد بما يوضع بينها مما تتماسك به‏.‏
وقال صاحب الظلال‏(‏ يرحمه الله‏):‏ والسماوات ــ أيا كان مدلولها‏,‏ وأيا كان مايدركه الناس من لفظها في شتي العصور ــ معروضة علي أنظار‏,‏ هائلة ــ ولاشك ــ حين يخلو الناس إلي تأملها لحظة‏,‏ وهي هكذا لاتستند إلي شيء‏,‏ مرفوعة‏(‏ بغير عمد‏)‏ مكشوفة‏(‏ ترونها‏)..‏ ما من أحد يقدر علي رفعها بلا عمد ــ أو حتي بعمد ــ إلا الله‏..‏
وذكر الغمراوي‏(‏ يرحمه الله‏)‏ واعجب معي من إعجاز الأسلوب والمعني معا في قوله تعالي‏‏ بغير عمد ترونها‏)‏ في كل من خلق السماء ورفعها‏.‏ فلو قيل‏(‏ بغير عمد‏)‏ فحسب لكان ذلك نفيا مطلقا للعمد‏,‏ مرئية وغير مرئية‏,‏ والنفي المطلق يخالف الواقع الذي علم الله أنه سيهدي إليه عباده بعد نحو ألف وخمسين عاما من اختتام القرآن‏,‏ فكأن من الإعجاز المزدوج أن يقيد الله نفي العمد في الخلق والرفع بقوله‏(‏ ترونها‏),‏ والضمير المنصوب في‏(‏ ترونها‏)‏ يرجع أولا إلي أقرب مذكور وهو‏(‏ عمد‏)‏ فيكون المعني‏:‏ بغير عمد مرئية‏,‏ أي بعمد من شأنها وفطرتها ألا تري‏,‏ والفعل المضارع في اللغة يشمل الحال والاستقبال أو هو حال مستمر‏,‏ لأن القرآن مخاطب به الناس في كل عصر‏.‏
وإذا أعيد الضمير إلي السماء كان المعني‏:‏ أن السماء ترونها مخلوقة مرفوعة بغير عمد‏,‏ وتكون العمد مايعهده الناس في أبنية الأرض‏,‏ ونفيها بهذا المعني عن السماء المرفوعة أيضا أمر عجيب لايقدر عليه إلا الله وكلا الوجهين مفهوم من التعبير القرآني طبق اللغة‏,‏ وإن كان الأولي في اللغة هو الوجه الأول الذي يحوي الإعجاز العلمي‏,‏ وإذن فالوجهان كلاهما مرادان بالتعبير الكريم إذ لامانع من أحدهما والزمخشري فهم المعنيين علي التخيير‏,‏ وإن أعطي الأولوية للمعني المستفاد من جعل‏(‏ ترونها‏)‏ صفة للعمد‏,‏ أي بغير عمد مرئية‏,‏ يعني أن عمدها لاتري‏,‏ وهي إمساكها بقدرته‏.‏
أما الفخر الرازي فلم يرصد إلا هذا المعني الثاني إذ يقول‏:‏ إنه رفع السماء بغير عمد ترونها‏,‏ أي لاعمد في الحقيقة إلا أن تلك العمد هي قدرة الله تعالي وحفظه وتدبيره وإبقاؤه إياها في الحيز الحالي‏,‏ وإنهم‏(‏ أي الناس‏)‏ لايرون ذلك التدبير ولايعرفون كيفية ذلك الإمساك‏.‏
وأضاف الغمراوي‏(‏ يرحمه الله‏)‏ وقد عرف علماء الفلك الحديث كيفية ذلك عن طريق تلك السنة الكونية العجيبة المذهلة‏:‏ سنة الجاذبية العامة‏,‏ التي قامت وتقوم بها السماوات والأرض بأمر الله كما قال سبحانه‏:‏ ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره
‏(‏الروم‏:25)‏
وقد بقي من صور التعبير صورة‏,‏ وهي أن يقال‏‏ بعمد لاترونها‏)‏ بدلا من‏(‏ بغير عمد ترونها‏)‏ في الآيتين الكريمتين‏,‏ وقد تجنبها القرآن لحكمة بالغة‏,‏ فلو أنها جاءت فيه هكذا لاتجهت الافكار باديء ذي بدء إلي إثبات عمد في السماء أو للسماء‏,‏ كالتي يعرفونها فيما يعلون من بنيان‏,‏ ولأثبت العلم بطلان ذلك‏,‏ وإن جاز علي أهل العصور قبل‏,‏ وجل وعز وجه الله أن يلم خطأ مابكتابه من قريب أو بعيد‏.‏
وذكر الصابوني‏(‏ أمد الله في عمره‏)‏ في تفسير قوله تعالي‏:‏
الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها
مانصه‏:‏ أي خلقها مرتفعة البناء‏,‏ قائمة بقدرته لاتستند علي شيء حال كونكم تشاهدونها وتنظرونها بغير دعائم‏,‏ وذلك دليل علي وجود الخالق المبدع الحكيم
العمد غير المرئية في العلوم الكونية
تشير الدراسات الكونية إلي وجود قوي مستترة‏,‏ في اللبنات الأولية للمادة وفي كل من الذرات والجزيئات وفي كافة أجرام السماء‏,‏ تحكم بناء الكون وتمسك بأطرافه إلي أن يشاء الله تعالي فيدمره ويعيد خلق غيره من جديد‏.‏
ومن القوي التي تعرف عليها العلماء في كل من الأرض والسماء أربع صور‏,‏ يعتقد بأنها أوجه متعددة لقوة عظمي واحدة تسري في مختلف جنبات الكون لتربطه برباط وثيق وإلا لانفرط عقده وهذه القوي هي‏:‏
‏(1)‏ القوة النووية الشديدة
وهي القوة التي تقوم بربط الجزيئات الأولية للمادة في داخل نواة الذرة برباط متين من مثل البروتونات‏,‏ والنيوترونات ولبناتهما الأولية المسماة بالكواركات
‏(QUARKS)‏
بأنواعها المختلفة وأضدادها
‏((Anti-Quarks‏
كما تقوم بدمج والتحام نوي الذرات مع بعضها البعض في عمليات الاندماج النووي
‏(nuclearfusion)‏
التي تتم في داخل النجوم‏,‏ كما تتم في العديد من التجارب المختبرية‏,‏ وهي أشد أنواع القوي الطبيعية المعروفة لنا في الجزء المدرك من الكون ولذا تعرف باسم القوة الشديدة ولكن هذه الشدة البالغة في داخل نواة الذرة تتضاءل عبر المسافات الأكبر ولذلك يكاد دورها يكون محصورا في داخل نوي الذرات‏,‏ وبين تلك النوي ومثيلاتها‏,‏ وهذه القوي تحمل علي جسيمات غير مرئية تسمي باسم اللاحمة أو جليون
‏(gluon)‏
لم تكتشف إلا في أواخر السبعينيات من القرن العشرين‏,‏ وفكرة القنبلة النووية قائمة علي اطلاق هذه القوة التي تربط بين لبنات نواة الذرة‏,‏ وهذه القوة لازمة لبناء الكون لأنها لو انعدمت لعاد الكون إلي حالته الأولي لحظة الانفجار العظيم حين تحول الجرم الابتدائي الأولي الذي نشأ عن انفجاره كل الكون إلي سحابة من اللبنات الأولية للمادة التي لايربطها رابط‏,‏ ومن ثم لايمكنها بناء أي من أجرام السماء‏.‏
‏(2)‏ القوة النووية الضعيفة‏:‏
وهي قوة ضعيفة وذات مدي ضعيف للغاية لا يتعدي حدود الذرة وتساوي‏10‏ ــ‏13‏ من شدة القوة النووية الشديدة‏,‏ وتقوم بتنظيم عملية تفكك وتحلل بعض الجسيمات الأولية للمادة في داخل الذرة كما يحدث في تحلل العناصر المشعة‏,‏ وعلي ذلك فهي تتحكم في عملية فناء العناصر حيث إن لكل عنصر أجلا مسمي‏,‏ وتحمل هذه القوة علي جسيمات إما سالبة أو عديمة الشحنة تسمي البوزونات
‏(bosons).‏
‏(3)‏ القوة الكهربائية المغناطيسية‏(‏ الكهرومغناطيسية‏):‏
وهي القوة التي تربط الذرات بعضها ببعض في داخل جزيئات المادة مما يعطي للمواد المختلفة صفاتها الطبيعية والكيميائية‏,‏ ولولا هذه القوة لكان الكون مليئا بذرات العناصر فقط ولما كانت هناك جزيئات أو مركبات‏,‏ ومن ثم ما كانت هناك حياة علي الاطلاق‏.‏
وهذه القوة هي التي تؤدي إلي حدوث الاشعاع الكهرومغناطيسي علي هيئة فوتونات الضوء أو مايعرف باسم الكم الضوئي‏.‏
‏(PhotonsorphotonQuantum)‏
وتنطلق الفوتونات بسرعة الضوء لتؤثر في جميع الجسيمات التي تحمل شحنات كهربية ومن ثم فهي تؤثر في جميع التفاعلات الكيميائية وفي العديد من العمليات الفيزيائية وتبلغ قوتها‏137/1‏ من القوة النووية الشديدة‏.‏
‏(4)‏ قوة الجاذبية‏:‏
وهي علي المدي القصير تعتبر أضعف القوي المعروفة لنا‏,‏ وتساوي‏10‏ ــ‏39‏ من القوة النووية الشديدة‏,‏ ولكن علي المدي الطويل تصبح القوة العظمي في الكون‏,‏ نظرا لطبيعتها التراكمية فتمسك بكافة أجرام السماء‏,‏ وبمختلف تجمعاتها‏,‏ ولولا هذا الرباط الحاكم الذي أودعه الله‏(‏ تعالي‏)‏ في الأرض وفي أجرام السماء ما كانت الأرض ولا كانت السماء ولو زال هذا الرباط لانفرط عقد الكون وانهارت مكوناته‏.‏
ولايزال أهل العلم يبحثون عن موجات الجاذبية المنتشرة في أرجاء الكون كله‏,‏ منطلقة بسرعة الضوء دون أن تري‏,‏ ويفترض وجود هذه القوة علي هيئة جسيمات خاصة في داخل الذرة لم تكتشف بعد يطلق عليها اسم الجسيم الجاذب أو‏(‏ الجرافيتون‏)
(Graviton)‏
وعلي ذلك فإن الجاذبية هي أربطة الكون‏.‏
والجاذبية مرتبطة بكتل الأجرام وبمواقعها بالنسبة لبعضها البعض‏,‏ فكلما تقاربت أجرام السماء‏,‏ وزادت كتلها‏,‏ زادت قوي الجذب بينها‏,‏ والعكس صحيح‏,‏ ولذلك يبدو أثر الجاذبية أوضح مايكون بين أجرام السماء التي يمسك الأكبر فيها بالأصغر بواسطة قوي الجاذبية‏,‏ ومع دوران الأجرام حول نفسها تنشأ القوة الطاردة‏(‏ النابذة‏)‏ المركزية التي تدفع بالاجرام الصغيرة بعيدا عن الأجرام الأكبر التي تجذبها حتي تتساوي القوتان المتضادتان‏:‏ قوة الجذب إلي الداخل‏,‏ وقوة الطرد إلي الخارج فتتحدد بذلك مدارات كافة أجرام السماء التي يسبح فيها كل جرم سماوي دون أدني تعارض أو اصطدام‏.‏
هذه القوي الأربع هي الدعائم الخفية التي يقوم عليها بناء السماوات والأرض‏,‏ وقد أدركها العلماء من خلال آثارها الظاهرة والخفية في كل أشياء الكون المدركة‏.‏
توحيد القوي المعروفة في الكون المدرك
كما تم توحيد قوتي الكهرباء والمغناطيسية في شكل قوة واحدة هي القوة الكهرومغناطيسية‏,‏ يحاول العلماء جمع تلك القوة مع القوة النووية الضعيفة باسم القوة الكهربائية الضعيفة
‏(TheElectroweakForce)‏
حيث لا يمكن فصل هاتين القوتين في درجات الحرارة العليا التي بدأ بها الكون‏,‏ كذلك يحاول العلماء جمع القوة الكهربائية الضعيفة والقوة النووية الشديدة في قوة واحدة وذلك في عدد من النظريات التي تعرف باسم نظريات المجال الواحد أو النظريات الموحدة الكبر
ي‏TheGrandUnifiedTheorie))‏
ثم جمع كل ذلك مع قوة الجاذبية فيما يسمي باسم الجاذبية العظمي
‏(Supergravity)‏
التي يعتقد العلماء بأنها كانت القوة الوحيدة السائدة في درجات الحرارة العليا عند بدء خلق الكون‏,‏ ثم تمايزت إلي القوي الأربع المعروفة لنا اليوم‏,‏ والتي ينظر إليها علي أنها أوجه أربعة لتلك القوة الكونية الواحدة التي تشهد لله الخالق بالوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه‏,‏ فالكون يبدو كنسيج شديد التلاحم والترابط‏,‏ ورباطه هذه القوة العظمي الواحدة التي تنتشر في كافة أرجائه‏,‏ وفي جميع مكوناته وأجزائه وجزيئاته‏,‏ وهذه القوة الواحدة تظهر لنا في هيئة العديد من صور الطاقة‏,‏ والطاقة هي الوحدة الأساسية في الكون‏,‏ والمادة مظهر من مظاهرها‏,‏ وهي من غير الطاقة لا وجود لها‏,‏ فالكون عبارة عن المادة والطاقة ينتشران في كل من المكان والزمان بنسب وتركيزات متفاوتة فينتج عنها ذلك النسيج المحكم المحبوك في كل جزئية من جزئياته‏.‏
الجاذبية العامة
من الثوابت العلمية أن الجاذبية العامة هي سنة من سنن الله في الكون أودعها ربنا تبارك وتعالي كافة أجزاء الكون ليربط تلك الاجزاء بها‏,‏ وينص قانون هذه السنة الكونية بأن قوة التجاذب بين أي كتلتين في الوجود تتناسب تناسبا طرديا مع حاصل ضرب كتلتيهما‏,‏ وعكسيا مع مربع المسافة الفاصلة بينهما‏,‏ ومعني ذلك أن قوة الجاذبية تزداد بازدياد كل من الكتلتين المتجاذبتين‏,‏ وتنقص بنقصهما‏,‏ بينما تزداد هذه القوة بنقص المسافة الفاصلة بين الكتلتين‏,‏ وتتناقص بتزايدها‏,‏ ولما كان لأغلب أجرام السماء كتل مذهلة في ضخامتها فإن الجاذبية العامة هي الرباط الحقيقي لتلك الكتل علي الرغم من ضخامة المسافات الفاصلة بينها‏,‏ وهذه القوة الخفية‏(‏ غير المرئية‏)‏ تمثل النسيج الحقيقي الذي يربط كافة أجزاء الكون كما هو الحال بين الأرض والسماء وهي القوة الرافعة للسماوات باذن الله بغير عمد مرئية‏.‏
وهي نفس القوة التي تحكم تكور الأرض وتكور كافة أجرام السماء وتكور الكون كله‏,‏ كما تحكم عملية تخلق النجوم بتكدس أجزاء من الدخان الكوني علي بعضها البعض‏,‏ بكتلات محسوبة بدقة فائقة‏,‏ وتخلق كافة أجرام السماء الأخري‏,‏ كما تحكم دوران الأجرام السماوية كل حول محوره‏,‏ وتحكم جرية في مداره‏,‏ بل في أكثر من مدار واحد له‏,‏ وهذه المدارات العديدة لاتصطدم فيها أجرام السماء رغم تداخلاتها وتعارضاتها الكثيرة‏,‏ ويبقي الجرم السماوي في مداره المحدد بتعادل دقيق بين كل من قوي الجذب إلي الداخل بفعل الجاذبية وبين قوي الطرد إلي الخارج بفعل القوة الطاردة‏(‏ النابذة‏)‏ المركزية‏.‏
وقوة الجاذبية العامة تعمل علي تحدب الكون أي تكوره وتجبر كافة صور المادة والطاقة علي التحرك في السماء في خطوط منحنية‏(‏ العروج‏),‏ وتمسك بالأغلفة الغازية والمائية والحياتية للأرض‏,‏ وتحدد سرعة الإفلات من سطحها‏,‏ وبتحديد تلك السرعة يمكن إطلاق كل من الصواريخ والأقمار الصناعية‏.‏
والجاذبية الكمية
‏(QuantumGravity)‏
تجمع كافة القوانين المتعلقة بالجاذبية‏,‏ مع الأخذ في الحسبان جميع التأثيرات الكمية علي اعتبار أن إحداثيات الكون تتبع نموذجا مشابها للاحداثيات الأرضية‏,‏ وأن ابعاد الكون تتبع نموذجا مشابها للأرض بأبعادها الثلاثة بالاضافة إلي كل من الزمان والمكان كبعد رابع‏.‏وعلي الرغم من كونها القوة السائدة في الكون‏(‏ بإذن الله‏)‏ فإنها لاتزال سرا من أسرار الكون‏,‏ وكل النظريات التي وضعت من أجل تفسيرها قد وقفت دون ذلك لعجزها عن تفسير كيفية نشأة هذه القوة‏,‏ وكيفية عملها‏,‏ وإن كانت هناك فروض تنادي بأن جاذبية الأرض ناتجة عن دورانها حول محورها‏,‏ وأن مجالها المغناطيسي ناتج عن دوران لب الأرض السائل والذي يتكون أساسا من الحديد والنيكل المنصهرين حول لبها الصلب والذي له نفس التركيب الكيميائي تقريبا‏,‏ وكذلك الحال بالنسبة لبقية أجرام السماء‏.‏
موجات الجاذبية
منذ العقدين الأولين من القرن العشرين تنادي العلماء بوجود موجات للجاذبية من الإشعاع التجاذبي تسري في كافة أجزاء الكون‏,‏ وذلك علي أساس أنه بتحرك جسيمات مشحونة بالكهرباء مثل الإليكترونات والبروتونات الموجودة في ذرات العناصر والمركبات فإن هذه الجسيمات تكون مصحوبة في حركتها باشعاعات من الموجات الكهرومغناطيسية‏,‏ وقياسا علي ذلك فإن الجسيمات غير المشحونة‏(‏ مثل النيوترونات‏)‏ تكون مصحوبة في حركتها بموجات الجاذبية‏,‏ ويعكف علماء الفيزياء اليوم علي محاولة قياس تلك الأمواج‏,‏ والبحث عن حاملها من جسيمات أولية في بناء المادة يحتمل وجوده في داخل ذرات العناصر والمركبات‏,‏ واقترحوا له اسم الجاذب أو الجرافيتون وتوقعوا أنه يتحرك بسرعة الضوء‏,‏ وانطلاقا من ذلك تصوروا أن موجات الجاذبية تسبح في الكون لتربط كافة أجزائه برباط وثيق من نواة الذرة إلي المجرة العظمي وتجمعاتها إلي كل الكون‏,‏ وأن هذه الموجات التجاذبية هي من السنن الأولي التي أودعها الله تعالي مادة الكون وكل المكان والزمان‏!!‏
وهنا تجب التفرقة بين قوة الجاذبية
‏(TheGravitationalForce)‏
وموجات الجاذبية
‏(TheGravitationalWaves),‏
فبينما الأولي تمثل قوة الجذب للمادة الداخلة في تركيب جسم ماحين تتبادل الجذب مع جسم آخر‏,‏ فإن الثانية هي أثر لقوة الجاذبية‏,‏ وقد أشارت نظرية النسبية العامة إلي موجات الجاذبية الكونية علي أنها رابط بين المكان والزمان علي هيئة موجات تؤثر في حقول الجاذبية في الكون كما تؤثر علي الأجرام السماوية التي تقابلها وقد بذلت محاولات كثيرة لاستكشاف موجات الجاذبية القادمة إلينا من خارج مجموعتنا الشمسية ولكنها لم تكلل بعد بالنجاح‏.‏
والجاذبية وموجاتها التي قامت بها السماوات والأرض منذ بدء خلقهما‏,‏ ستكون سببا في هدم هذا البناء عندما يأذن الله‏(‏ تعالي‏)‏ بتوقف عملية توسع الكون فتبدأ الجاذبية وموجاتها في العمل علي انكماش الكون وإعادة جمع كافة مكوناته علي هيئة جرم واحد شبيه بالجرم الابتدائي الذي بدأ به خلق الكون وسبحان القائل‏:‏
يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين
‏(‏الأنبياء‏:104)‏
نظرية الخيوط العظمي وتماسك الكون
في محاولة لجمع القوي الأربع المعروفة في الكون‏(‏ القوة النووية الشديدة والقوة النووية الضعيفة‏,‏ والقوة الكهرومغناطيسية‏,‏ وقوة الجاذبية‏)‏ في صورة واحدة للقوة اقترح علماء الفيزياء مايعرف باسم نظرية الخيوط العظمي
‏(TheTheoryOfSuperstrings)‏
والتي تفترض أن الوحدات البانية للبنات الأولية للمادة من مثل الكواركات والفوتونات‏,‏ والإليكترونات وغيرها‏)‏ تتكون من خيوط طولية في حدود‏10‏ ــ‏35‏ من المتر‏,‏ تلتف حول ذواتها علي هيئة الزنبرك المتناهي في ضآلة الحجم‏,‏ فتبدو كما لو كانت نقاطا أو جسيمات‏,‏ وهي ليست كذلك‏,‏ وتفيد النظرية في التغلب علي الصعوبات التي تواجهها الدراسات النظرية في التعامل مع مثل تلك الأبعاد شديدة التضاؤل حيث تتضح الحاجة إلي فيزياء كمية غير موجودة حاليا‏,‏ ويمكن تمثيل حركة الجسيمات في هذه الحالة بموجات تتحرك بطول الخيط‏,‏ كذلك يمكن تمثيل انشطار تلك الجسيمات واندماجها مع بعضها البعض بانقسام تلك الخيوط والتحامها‏.‏
وتقترح النظرية وجود مادة خفية
‏(ShadowMatter)‏
يمكنها أن تتعامل مع المادة العادية عبر الجاذبية لتجعل من كل شيء في الكون‏(‏ من نواة الذرة إلي المجرة العظمي وتجمعاتها المختلفة إلي كل السماء‏)‏ بناء شديد الإحكام‏,‏ قوي الترابط‏,‏ وقد تكون هذه المادة الخفية هي مايسمي باسم المادة الداكنة
‏(DarkMatter)‏
والتي يمكن أن تعوض الكتل الناقصة في حسابات الجزء المدرك من الكون‏,‏ وقد تكون من القوي الرابطة له‏.‏
وتفسر النظرية جميع العلاقات المعروفة بين اللبنات الأولية للمادة‏,‏ وبين كافة القوي المعروفة في الجزء المدرك من الكون‏.‏
وتفترض النظرية أن اللبنات الأولية للمادة ماهي إلا طرق مختلفة لتذبذب تلك الخيوط العظمي في كون ذي أحد عشربعدا‏,‏ ومن ثم واذا كانت النظرية النسبية قد تحدثت عن كون منحن‏,‏ منحنية فيه الابعاد المكانية الثلاثة‏(‏ الطول‏,‏ العرض‏,‏ والارتفاع‏)‏ في بعد رابع هو الزمن‏,‏ فإن نظرية الخيوط العظمي تتعامل مع كون ذي أحد عشر بعدا منها سبعة أبعاد مطوية علي هيئة لفائف الخيوط العظمي التي لم يتمكن العلماء بعد من إدراكها وسبحان القائل‏:‏ الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها
والله قد أنزل هذه الحقيقة الكونية علي خاتم أنبيائه ورسله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ من قبل أربعة عشر قرنا‏,‏ ولا يمكن لعاقل أن ينسبها إلي مصدر غير الله الخالق‏.‏

الأهرام 2001/09/17







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-22-2012, 12:11 PM   #13

موقوف
 

 رقم العضوية : 83041
 تاريخ التسجيل : Apr 2012
 العمر : 32
 الجنس : ~ امرأة
 المكان : سورية بلد الياسمين
 المشاركات : 5,419
 الحكمة المفضلة : ربما كان من الخير أن تحب بعقل وروية، ولكن من الممتع حقا أن تحب بجنون...
 النقاط : القمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 28266
 قوة التقييم : 0

القمر الباكي غير متواجد حالياً

أوسمة العضو

249 

افتراضي

والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون
بقلم الدكتور‏:‏زغـلول النجـار

يشيرالقرآن الكريم في عدد من آياته‏,‏ الي الكون والي العديد من مكوناته‏(‏ السماوات والأرض‏,‏ وما بكل منهما من صور الأحياء والجمادات‏,‏ والظواهر الكونية المختلفة‏),‏ وتأتي هذه الآيات في مقام الاستدلال علي طلاقة القدرة الإلهية التي أبدعت هذا الكون‏,‏ بجميع ما فيه ومن فيه‏,‏ وفي مقام الاستدلال كذلك علي أن الإله الخالق الذي أبدع هذا الكون قادر علي إفنائه‏,‏ وقادر علي إعادة خلقه من جديد‏,‏ وذلك في معرض محاجة الكافرين والمشركين والمتشككين‏,‏ وفي إثبات الألوهية لرب العالمين بغير شريك ولا شبيه ولا منازع‏.‏
وكانت دعوي الكافرين منذ الأزل‏,‏ والي يوم الدين‏,‏ هي محاولة إنكار قضيتي الخلق والبعث بعد الإفناء‏,‏ وهما من القضايا التي لا تقع تحت الإدراك المباشر للعلماء‏,‏ علي الرغم من أن الله تعالي قد أبقي لنا في أديم الأرض‏,‏ وفي صفحة السماء من الشواهد الحسية الملموسة ما يمكن أن يعين المتفكرين المتدبرين من بني الإنسان علي إدراك حقيقة الخلق‏,‏ وحتمية الإفناء والبعث‏,‏ ويبقي فهم تفاصيل ذلك في غيبة من الهداية الربانية شيئا من الضرب في الظلام‏,‏ وفي ذلك يقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ ردا علي الظالمين من الكافرين والمشركين والمتشككين من الجن والإنس‏:‏ ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا‏(‏ الكهف‏:51).‏

وفي تشجيع الإنسان علي التفكر والتدبر في خلق السماوات والأرض يقول ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ في محكم كتابه‏:‏
إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب‏*‏ الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلي جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار‏(‏ آل عمران‏:190‏ ـ‏191).‏

وكان لنزول هاتين الآيتين الكريمتين وما تلاهما من آيات في السورة نفسها‏,‏ وقع شديد علي رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ الذي يروي عنه أنه قال عقب الوحي بها‏:‏ ويل لمن قرأ هذه الآيات ثم لم يتفكر فيها‏.‏
وواضح الأمر في ذلك أن التفكر في خلق السماوات والأرض فريضة إسلامية لابد من قيام نفر من المسلمين بها‏,‏ لأنها عبادة من أجل وأعظم العبادات لله الخالق‏,‏ ووسيلة من أعظم الوسائل للتعرف علي كل من حقيقة الخلق‏,‏ وحتمية الافناء وضرورة البعث‏,‏ وللتأكيد علي عظمة الخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏),‏ وعلي تفرده بالألوهية‏,‏ والربوبية‏,‏ والوحدانية‏,‏ فالكون الذي نحيا فيه شاسع الاتساع‏,‏ دقيق البناء‏,‏ محكم الحركة‏,‏ منضبط في كل أمر من أموره‏,‏ مبني علي وتيرة واحدة من أدق دقائقه الي أكبر وحداته‏,‏ وكون هذا شأنه لا يمكن لعاقل أن يتصور أنه قد وجد بمحض المصادفة‏,‏ أو أن يكون قد أوجد نفسه بنفسه‏,‏ بل لابد له من موجد عظيم‏,‏ له من طلاقة القدرة‏,‏ وكمال الحكمة‏,‏ وشمول العلم ما أبدع به هذا الكون بكل ما فيه ومن فيه‏,‏ وهذا الخالق العظيم لاينازعه أحد في ملكه‏,‏ ولا يشاركه أحد في سلطانه‏,‏ لأنه رب هذا الكون ومليكه‏,‏ ولا يشبهه أحد من خلقه‏,‏ لأنه‏(‏ تعالي‏)‏ خالق كل شيء‏,‏ وهو بالقطع فوق كل خلقه‏,‏ لا يحده المكان‏,‏ ولا الزمان لأنه‏(‏ سبحانه‏)‏ خالقهما‏,‏ ولا يشكله أي من المادة أو الطاقة‏,‏ لأنه‏(‏ تعالي‏)‏ مبدعهما‏,‏ ولا نعرف عن ذاته العلية إلا ما عرف به نفسه بقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
‏[‏ الشوري‏:11).‏

وقوله‏(‏ سبحانه‏)‏ مخاطبا خاتم أنبيائه ورسله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏):‏
قل هو الله أحد‏,‏ الله الصمد‏,‏ لم يلد ولم يولد‏,‏ ولم يكن له كفوا أحد‏(‏ الإخلاص‏:1‏ ـ‏4).‏
من هنا كان التفكر في خلق السماوات والأرض مدخلا عظيما من مداخل الإيمان بالله‏,‏ ولذا حض عليه القرآن الكريم‏,‏ كما حضت عليه السنة النبوية المطهرة حضا كثيرا‏.‏

تأكيد القرآن الكريم علي ما في السماوات والأرض من أدلة الخلق والإفناء والبعث
يؤكد القرآن الكريم علي ما في السماوات والأرض من الأدلة‏,‏ التي تنطق بطلاقة القدرة الإلهية في خلقهما وإبداعهما‏,‏ كما تنطق بحتمية إفنائهما‏,‏ وإعادة خلقهما من جديد في هيئة غير التي نراهما فيها اليوم‏,‏ وذلك في عدد غير قليل من الآيات التي منها قوله‏(‏ تعالي‏)‏
وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق‏...(‏ الأنعام‏:73).‏

وقوله‏(‏ سبحانه‏):‏
خلق الله السماوات والأرض بالحق‏,‏ إن في ذلك لآية للمؤمنين‏(‏ العنكبوت‏:44)‏
وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
‏...‏ ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمي‏,‏ وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون‏(‏ الروم‏:8)‏

وقوله‏(‏ تعالي‏):‏
ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم‏,‏إن في ذلك لآيات للعالمين
‏(‏الروم‏:22).‏
وقوله‏(‏ سبحانه‏):‏
وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلي في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم‏(‏ الروم‏:27).‏

وقوله‏(‏ سبحانه وتعالي‏):‏
خلق السماوات والأرض بالحق وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير‏(‏ التغابن‏:3).‏
وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل علي النهار ويكور النهار علي الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمي ألا هو العزيز الغفار
‏(‏ الزمر‏:5).‏

وقوله‏(‏ سبحانه‏):‏ لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون
‏(‏غافر‏:57).‏
وقوله‏(‏ تعالي‏)‏
ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو علي جمعهم إذا يشاء قدير
‏(‏الشوري‏:29).‏

وقوله‏(‏ سبحانه وتعالي‏):‏
وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين‏,‏ ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون‏(‏ الدخان‏:38‏ و‏39).‏
تأكيد القرآن الكريم علي أن الله تعالي هو خالق السماوات والأرض وخالق كل شيء

جاءت مادة خلق بمشتقاتها في القرآن الكريم مائتين وإحدي وستين‏(261)‏ مرة‏,‏ لتأكيد أن عملية الخلق هي عملية خاصة بالله‏(‏ تعالي‏)‏ وحده‏,‏ لا يشاركه فيها أحد‏,‏ ولا ينازعه عليها أحد‏,‏ ولا يقدر عليها أحد غيره‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ إلا بإذنه‏,‏ كذلك وردت لفظة السماء في القرآن الكريم بالإفراد والجمع في ثلاثمائة وعشر‏(310)‏ مواضع‏,‏ منها مائة وعشرون‏(120)‏ مرة بصيغة الإفراد‏(‏ السماء‏),‏ ومائة وتسعون‏(190)‏ مرة بصيغة الجمع‏(‏ السماوات‏)‏ معرفة وغير معرفة‏,‏ كما وردت لفظة الأرض بمشتقاتها في أربعمائة وواحد وستين‏(461)‏ موضعا‏,‏ وذلك في مقامات كثيرة تؤكد أن الله‏(‏ تعالي‏)‏ هو خالق السماوات والأرض‏,‏ وخالق كل شيء‏,‏ من مثل قوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو علي كل شيء وكيل‏(‏ الأنعام‏:102).‏

وقوله‏(‏ سبحانه‏):‏
ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين‏(‏ الأعراف‏:54).‏
وقوله‏(‏ تعالي‏):‏
إنه يبدأ الخلق ثم يعيده‏...(‏ يونس‏:41)‏
وقوله‏(‏ سبحانه وتعالي‏):‏
‏....‏ قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار‏(‏ الرعد‏:16).‏

وقوله‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
‏....‏ وخلق كل شيء فقدره تقديرا‏(‏ الفرقان‏:2)‏
وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
الله خالق كل شيء وهو علي كل شيء وكيل‏(‏ الزمر‏:62).‏
وقوله‏(‏ سبحانه‏):‏
ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو فأني تؤفكون‏(‏ غافر‏:62).‏

وقوله‏(‏ تعالي‏)‏
إنا كل شيء خلقناه بقدر‏(‏ القمر‏:49).‏
وقوله‏(‏ سبحانه وتعالي‏
هو الله الخالق الباريء المصور‏...(‏ الحشر‏:24).‏
هذا‏,‏ وقد أفاض القرآن الكريم في حسم قضيتي الخلق والبعث بنسبتهما الي الله‏(‏ تعالي‏)‏ وحده‏,‏ وذلك لأن هاتين القضيتين كانتا من أصعب القضايا التي خاض فيها الجاحدون والمتشككون بغير علم ولا هدي عبر التاريخ‏,‏ ولايزالون يستخدمون هذا الجحود والإنكار في معارضة قضية الإيمان بالله الخالق الباريء المصور‏,‏ ويرد عليهم القرآن الكريم بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏
أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون‏(‏ النحل‏:17).‏

وقوله‏(‏ تعالي‏)‏ في السورة نفسها‏:‏
والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون‏(‏ النحل‏:20).‏
وقوله‏(‏ سبحانه وتعالي‏):‏
واتخذوا من دونه آلهة لا يخقون شيئا وهم يخلقون‏(‏ الفرقان‏:3)‏

وقوله‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون‏,‏ أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون‏(‏ الطور‏:35‏ و‏36).‏
وقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
قل هل من شركائكم من يبدأ الخق ثم يعيده قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده فأني تؤفكون‏(‏ يونس‏:34).‏

وقوله‏(‏ تعالي‏)‏
أو لم يروا كيف يبديء الله الخلق ثم يعيده إن ذلك علي الله يسير‏,‏ قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشيء النشأة الآخرة إن الله علي كل شيء قدير‏(‏ العنكبوت‏:19‏ ـ‏20).‏

موقف الحضارة الإسلامية من قضية الخلق
بعد بعثة المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ انطلق المسلمون من الإيمان بحقيقة الخلق‏,‏ وحتمية البعث‏,‏ ليقيموا‏(‏ علي أساس من تلك العقيدة الربانية الخالصة‏)‏ أعظم حضارة في التاريخ‏,‏ لأنها كانت الحضارة الوحيدة التي جمعت بين الدنيا والآخرة في معادلة واحدة‏,‏ واستمرت لأكثر من عشرة قرون كاملة‏,‏ تدعو الي عبادة الله‏(‏ تعالي‏)‏ بما أمر‏(‏ علي التوحيد الخالص لذاته العلية‏,‏ والتنزيه الكامل لأسمائه وصفاته عن الشبيه والشريك والمنازع‏),‏ والي حسن القيام بواجبات الاستخلاف في الأرض‏,‏ وإقامة عدل الله فيها‏,‏ علي أساس من شرعه المنزل علي خاتم أنبيائه ورسله‏,‏ والذي تعهد‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ بحفظه بنفس اللغة التي أنزل بها‏(‏ كلمة كلمة وحرفا حرفا‏)‏ فحفظ حتي لا يكون للناس علي الله حجة بعد نزول هذا الوحي الخاتم‏,‏ وتعهد الله‏(‏ تعالي‏)‏ بحفظه من الضياع أو التحريف‏.‏
وبهذا الجمع المتزن بين وحي السماء والاجتهاد في كسب المعارف النافعة‏,‏ حملت حضارة الإسلام مشاعل المعرفة في كل مناشط الحياة الدينية والعمرانية‏,‏ وأقامت قاعدة صلبة للدين والعلم والتقنية‏,‏ وآمنت بوحدة المعرفة‏,‏ وبأن الحكمة هي ضالة المؤمن‏,‏ أني وجدها فهو أولي الناس بها‏,‏ فجمعت المعارف من مختلف مصادرها مهما تباعدت أماكنها‏,‏ واختلفت الحضارات التي انبثقت عنها‏,‏ ومعتقدات أصحابها‏,‏ ولكنها لم تقبل تلك المعارف قبول التسليم‏,‏ فقامت بغربلة تراث الإنسانية المتاح لها‏,‏ بمعيار الإسلام العظيم القائم علي أساس من التوحيد الخالص لله‏,‏ وذلك لتطهير هذا التراث من أدران الشرك والكفر والجحود بالله‏,‏ وأضافت اليه إضافات أصيلة عديدة في كل المجالات‏,‏ مما مثل القاعدة التي انطلقت منها النهضة العلمية والتقنية المعاصرة‏,‏ كما يعترف بذلك عدد غير قليل من العلماء المعاصرين غربيين وشرقيين‏.‏

ولم يحل الإيمان بالغيب دون التقدم العلمي والتقني في الحضارة الإسلامية‏,‏ بل حض عليه الإسلام حضا‏,‏ واعتبره نمطا من أنماط عبادة الله‏(‏ تعالي‏),‏ والتفكر في خلقه‏,‏ ووسيلة منهجية لاستقراء سنن الله في الكون‏,‏ وتوظيفها في عمارة الأرض‏,‏ وهي من واجبات الاستخلاف في الأرض‏,‏ والوجه الثاني للعبادة التي يمثل وجهها الأول عبادة الله‏(‏ تعالي‏)‏ بما أمر‏,‏ واتباع سنة خاتم الأنبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏).‏

موقف الحضارة المادية المعاصرة من قضية الخلق
انطلقت الحضارة المادية المعاصرة في الأصل من بوتقة الحضارة الإسلامية‏,‏ ولكن علي مغايرة من حضارة المسلمين‏,‏ فإن الغرب بني حضارته علي أساس من المادية البحتة‏,‏ فنبذ الدين‏,‏ ووقف موقف المنكر لقضية الإيمان بالله‏,‏ وملائكته‏,‏ وكتبه‏,‏ ورسله‏,‏ واليوم الآخر‏,‏ الرافض لكل أمر غيبي‏,‏ في عداء صريح‏,‏ واستهجان أوضح‏,‏ فتنكب الطريق‏,‏ وضل ضلالا بعيدا ـ علي الرغم من القدر الهائل من الكشوف العلمية‏,‏ والانجازات التقنية المذهلة التي حققها‏,‏ والتي يمكن أن تكون سببا في دماره في غيبة الالتزام الديني والروحي والأخلاقي‏,‏ وصدق الله العظيم الذي أنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة قوله الحق‏:‏
فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتي إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون‏,‏ فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين‏(‏ الأنعام‏:44‏ ـ‏45).‏

وبنبذ الإيمان بالله‏,‏ وصلت المجتمعات الغربية الي مستوي متدن من التحلل الأخلاقي‏,‏ والانهيار الاجتماعي‏,‏ ومجافاة الفطرة التي فطر الله الخلق عليها‏,‏ في وقت ملكت فيه من أسباب الغلبة المادية ما يمكن أن يعينها علي الاستعلاء في الأرض‏,‏ والتجبر علي الخلق‏,‏ ونشر المظالم بغير مراعاة لرب أو مخافة من حساب‏,‏ مما يمكن أن يهدد البشرية بالفناء‏...!!‏
ولاتزال المعارف الإنسانية بصفة عامة‏,‏ والعلمية منها بصفة خاصة‏,‏ تكتب الي يومنا هذا‏,‏ من منطلقات مادية صرفة‏,‏ لا تؤمن إلا بالمدرك المحسوس‏,‏ وتتنكر لكل ما هو فوق ذلك‏,‏ فدارت بالمجتمعات الإنسانية في متاهات من الضياع‏,‏ ضلت وأضلت‏,‏ علي الرغم من الكم الهائل من المعلومات التي تحتويها‏,‏ وروعة التقنيات التي أنجزتها‏.‏

وكان ضلال الحضارة المادية المعاصرة أبلغ ما يكون في القضايا التي لايمكن اخضاعها لإدراك الإنسان المباشر‏,‏ من مثل قضايا الخلق والإفناء والبعث‏(‏ خلق الكون‏,‏ خلق الحياة‏,‏ خلق الإنسان‏,‏ ثم إفناء كل ذلك وإعادة خلقه من جديد‏),‏ وهي من القضايا التي إذا خاض فيها الإنسان بغير هداية ربانية فإنه يضل ضلالا بعيدا‏,‏ وصدق الله العظيم إذ يقول في الرد علي هؤلاء الظالمين من الكافرين والمشركين والمتشككين من الجن والإنس‏:‏
ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا‏(‏ الكهف‏:51).‏

وعلي الرغم من تأكيد القرآن الكريم أن أحدا من الجن والإنس‏,‏ لم يشهد خلق السماوات والأرض‏,‏ ولا خلق نفسه‏,‏ فإنه يؤكد ضرورة التفكر في خلق السماوات والأرض‏,‏ وخلق الحياة لأن ذلك من أعظم الدلائل علي طلاقة القدرة الإلهية‏,‏ وكمال الصنعة الربانية‏,‏ وعلي كل من حتمية الآخرة وضرورة البعث والحساب والجنة والنار‏,‏ وذلك لأن الخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ قد ترك لنا في صخور الأرض وفي صفحة السماء ما يمكن أن يعين الإنسان علي فهم قضيتي الخلق والبعث‏,‏ بالرغم من محدودية قدراته الذهنية والحسية‏,‏ واتساع الكون وضخامة أبعاده وتعقيد بنائه‏,‏ وكذلك تعقيد بناء الجسد الإنساني وبناء خلاياه‏,‏ وهي صورة رائعة لتسخير الكون للإنسان‏,‏ وجعله في متناول إدراكه وحسه‏.‏

خلق السماوات والأرض في القرآن الكريم‏:‏
من قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة‏,‏ لخص لنا ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ في صياغة كلية شاملة عملية خلق السماوات والأرض‏,‏ وإفنائهما وإعادة خلقهما من جديد‏,‏ في خمس آيات من القرآن الكريم علي النحو التالي‏:‏
‏(1)‏ والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون‏(‏ الذاريات‏:47)‏
‏(2)‏ أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون‏(‏ الأنبياء‏:30)‏

‏(3)‏ ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين‏(‏ فصلت‏:11)‏
‏(4)‏ يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين‏(‏ الأنبياء‏:104)‏
‏(5)‏ يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار‏(‏ إبراهيم‏:48)‏

وهذه الآيات الكريمات تشير الي أن الكون الذي نحيا فيه يتسع باستمرار‏,‏ وإذا عدنا بهذا الاتساع الي الوراء مع الزمن فلابد أن يتكدس علي هيئة جرم واحد‏(‏ مرحلة الرتق‏),‏ وهذا الجرم الابتدائي انفجر بأمر من الله‏(‏ مرحلة الفتق‏),‏ فتحول الي غلالة من الدخان‏(‏ مرحلة الدخان‏),‏ خلقت منه الأرض والسماوات‏(‏ مرحلة الإتيان‏),‏ وأن الكون منذ لحظة انفجاره في توسع مستمر‏,‏ وأن هذا التوسع سوف يتوقف في المستقبل الذي لا يعلمه إلا الله‏,‏ بأمر منه‏(‏ تعالي‏),‏ فيبدأ الكون في الانطواء علي ذاته‏,‏ والتكدس في جرم واحد كهيئة الجرم الابتدائي الأول‏,‏ الذي بدأ منه خلق السماوات والأرض‏,‏ فتتكرر عملية الانفجار والتحول الي الدخان الذي تخلق منه أرض غير أرضنا الحالية‏,‏ وسماوات غير السماوات التي تظللنا في الحياة الدنيا‏,‏ وهنا تنتهي رحلة الحياة الدنيا وتبدأ رحلة الآخرة‏,‏ ومراحل الرتق والفتق والدخان‏,‏ والاتيان بالسماوات والأرض‏,‏ وتوسع السماء ثم طيها تعطينا كليات مراحل الخلق والإفناء والبعث دون الدخول في التفاصيل‏.‏
وهذه الحقائق القرآنية لم يستطع الإنسان إدراك شيء منها إلا في أواخر القرن العشرين‏,‏ مما يؤكد سبق القرآن الكريم للمعارف الإنسانية بأكثر من أربعة عشر قرنا‏,‏ وهذا وحده مما يشهد للقرآن بأنه لايمكن إلا أن يكون كلام الله الخالق‏,‏ كما يشهد لخاتم الأنبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله وسلم وبارك عليه وعليهم أجمعين‏),‏ بأنه كان موصولا بالوحي‏,‏ معلما من قبل خالق السماوات والأرض‏,‏ حيث إنه لم يكن لأحد علم بهذه الحقائق الكونية في زمن الوحي‏,‏ ولا لقرون متطاولة من بعد نزوله‏,‏ وتشهد هذه الآيات الخمس بدقة الإشارات الكونية الواردة في كتاب الله‏,‏ وشمولها‏,‏ وكمالها‏,‏ وصياغتها صياغة معجزة يفهم منها أهل كل عصر معني من المعاني يتناسب مع المستوي العلمي للعصر‏,‏ وتظل هذه المعاني تتسع باستمرار مع توسع دائرة المعرفة الإنسانية في تكامل لا يعرف التضاد‏,‏ وهو من أبلغ صور الإعجاز العلمي في كتاب الله‏.‏

بدايات تعرف الإنسان علي ظاهرة توسع الكون
الي مطلع العقد الثاني من القرن العشرين‏,‏ ظل علماء الفلك ينادون بثبات الكون وعدم تغيره‏,‏ في محاولة يائسة لنفي الخلق والتنكر للخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ حتي ثبت عكس ذلك بتطبيق ظاهرة دوبلر علي حركة المجرات الخارجة عن مجرتنا‏,‏ ففي النصف الأول من القرن التاسع عشر‏,‏ كان العالم النمساوي دوبلر C.Doppler قد لاحظ أنه عند مرور قطار سريع يطلق صفارته فإن الراصد للقطار يسمع صوتا متصلا ذا طبقة صوتية ثابتة‏,‏ ولكن هذه الطبقة الصوتية ترتفع كلما اقترب القطار من الراصد‏,‏ وتهبط كلما ابتعد عنه‏,‏ وفسر دوبلر السبب في ذلك بأن صفارة القطار تطلق عددا من الموجات الصوتية المتلاحقة في الهواء‏,‏ وأن هذه الموجات تتضاغط تضاغطا شديدا كلما اقترب مصدر الصوت‏,‏ فترتفع بذلك طبقة الصوت‏,‏ وعلي النقيض من ذلك‏,‏ فإنه كلما ابتعد مصدر الصوت تمددت تلك الموجات الصوتية حتي تصل الي سمع الراصد‏,‏ فتنخفض بذلك طبقة الصوت‏.‏
كذلك لاحظ دوبلر أن تلك الظاهرة تنطبق أيضا علي الموجات الضوئية‏,‏ فعندما يصل الي عين الراصد ضوء منبعث من مصدر متحرك بسرعة كافية‏,‏ يحدث تغير في تردد ذلك الضوء‏,‏ فإذا كان المصدر يتحرك مقتربا من الراصد فإن الموجات الضوئية تتضاغط وينزاح الضوء المدرك نحو التردد العالي‏(‏ أي نحو الطيف الأزرق‏),‏ وتعرف هذه الظاهرة باسم الزحزحة الزرقاء‏,‏ وإذا كان المصدر يتحرك مبتعدا عن الراصد‏,‏ فإن الموجات الضوئية تتمدد وينزاح الضوء المدرك نحو التردد المنخفض‏(‏ أي نحو الطرف الأحمر من الطيف‏),‏ وتعرف هذه الظاهرة باسم الزحزحة الحمراء‏,‏ وقد اتضحت أهمية تلك الظاهرة عندما بدأ الفلكيون في استخدام أسلوب التحليل الطيفي للضوء القادم من النجوم الخارجة عن مجرتنا في دراسة تلك الأجرام السماوية البعيدة جدا عنا‏.‏

ففي سنة‏1914‏ م أدرك الفلكي الأمريكي سلايفر‏ Slipher أنه بتطبيق ظاهرة دوبلر علي الضوء القادم الينا من النجوم‏,‏ في عدد من المجرات البعيدة عنا‏,‏ ثبت له أن معظم المجرات التي قام برصدها تتباعد عنا وعن بعضها البعض بسرعات كبيرة‏,‏ وبدأ الفلكيون في مناقشة دلالة ذلك‏,‏ وهل يمكن أن يشير الي تمدد الكون المدرك بمعني تباعد مجراته عنا وعن بعضها البعض بسرعات كبيرة؟
وبحلول سنة‏1925,‏ تمكن هذا الفلكي نفسه Slipher من إثبات أن أربعين مجرة قام برصدها تتحرك فعلا في معظمها بسرعات فائقة متباعدة عن مجرتنا‏(‏ سكة التبانة‏),‏ وعن بعضها البعض‏.‏

وفي سنة‏1929‏ م تمكن الفلكي الأمريكي الشهير إدوين هبل Edwin Hubble من الوصول الي الاستنتاج الفلكي الدقيق الذي مؤداه‏:‏ أن سرعة تباعد المجرات عنا تتناسب تناسبا طرديا مع بعدها عنا‏,‏ والذي عرف من بعد باسم قانون هبل Hubble‏ ‏sLaw
وبتطبيق هذا القانون تمكن هبل من قياس أبعاد العديد من المجرات‏,‏ وسرعة تباعدها عنا‏,‏ وذلك بمشاركة من مساعده ملتون هيوماسون Milton Humason
الذي كان يعمل معه في مرصد جبل ولسون بولاية كاليفورنيا‏,‏ وذلك في بحث نشراه معا في سنة‏1934‏ م‏.‏
وقد أشار تباعد المجرات عنا وعن بعضها البعض‏,‏ الي حقيقة توسع الكون المدرك‏,‏ التي أثارت جدلا واسعا بين علماء الفلك‏,‏ الذين انقسموا فيها بين مؤيد ومعارض حتي ثبتت ثبوتا قاطعا بالعديد من المعادلات الرياضية والقراءات الفلكية في صفحة السماء‏.‏

ففي سنة‏1917‏ م أطلق ألبرت أينشتاين A.Einstein نظريته عن النسبية العامة لشرح طبيعة الجاذبية‏,‏ وأشارت النظرية الي أن الكون الذي نحيا فيه غير ثابت‏,‏ فهو إما أن يتمدد أو ينكمش وفقا لعدد من القوانين المحددة له‏,‏ وجاء ذلك علي عكس ما كان أينشتاين وجميع معاصريه من الفلكيين وعلماء الفيزياء النظرية يعتقدون‏,‏ انطلاقا من محاولاتهم اليائسة لمعارضة الخلق‏,‏ وقد أصاب أينشتاين الذعر عندما اكتشف أن معادلاته تنبيء‏,‏ رغم أنفه‏,‏ بأن الكون في حالة تمدد مستمر‏,‏ ولذلك عمد الي إدخال معامل من عنده أطلق عليه اسم الثابت الكوني‏,‏ ليلغي حقيقة تمدد الكون من أجل الادعاء بثباته واستقراره‏,‏ ثم عاد ليعترف بأن تصرفه هذا كان أكبر خطأ علمي اقترفه في حياته‏.‏
وقد قام العالم الهولندي وليام دي سيتر Williamde Sitter بنشر بحث في نفس السنة‏(1917‏ م‏)‏ استنتج فيه تمدد الكون انطلاقا من النظرية النسبية ذاتها‏.‏

ومنذ ذلك التاريخ بدأ الاعتقاد في تمدد الكون يلقي القبول من أعداد كبيرة من العلماء‏,‏ فقد أجبرت ملاحظات كل من سلايفر‏(1914‏ م‏),‏ ودي سيتر‏(1917‏ م‏),‏ وهبل ومساعده هيوماسون‏(1934‏ م‏)‏ جميع الفلكيين الممارسين‏,‏ وعددا من المشتغلين بالفيزياء النظرية‏,‏ وفي مقدمتهم ألبرت أينشتاين‏,‏ ومجموعة البحث العلمي بجامعة كمبردج‏,‏ والمكونة من كل من هيرمان بوندي Herman Bondi وتوماس جولد Thomas Gol وفريد هويل Fred Hoyle
والتي ظلت الي مشارف الخمسينيات من القرن العشرين تنادي بثبات الكون‏,‏ أملي الاعتراف بحقيقة توسع الكون المدرك‏.‏
وسبحان الله الخالق الذي أنزل في محكم كتابه قبل أكثر من ألف وأربعمائة من السنين قوله الحق‏:‏
والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون‏(‏ الذاريات‏:47).‏

وتشير هذه الآية الكريمة الي عدد من الحقائق الكونية التي لم تكن معروفة لأحد من الخلق‏,‏ وقت تنزل القرآن الكريم‏,‏ ولا لقرون متطاولة من بعد تنزله‏,‏ منها‏:‏
أولا‏:‏ أن السماء بناء محكم التشييد‏,‏ دقيق التماسك والترابط‏,‏ وليست فراغا كما كان يعتقد الي عهد قريب‏,‏ وقد ثبت علميا أن المسافات بين أجرام السماء مليئة بغلالة رقيقة جدا من الغازات التي يغلب عليها غاز الإيدروجين‏,‏ وينتشر في هذه الغلالة الغازية بعض الجسيمات المتناهية في الصغر من المواد الصلبة‏,‏ علي هيئة غبار دقيق الحبيبات‏,‏ يغلب علي تركيبه ذرات من الكالسيوم‏,‏ والصوديوم‏,‏ والبوتاسيوم‏,‏ والتيتانيوم‏,‏ والحديد‏,‏ بالإضافة الي جزيئات من بخار الماء‏,‏ والأمونيا‏,‏ والفورمالدهايد‏,‏ وغيرها من المركبات الكيميائية‏.‏
وبالإضافة الي المادة التي تملأ المسافات بين النجوم‏,‏ فإن المجالات المغناطيسية تنتشر بين كل أجرام السماء لتربط بينها في بناء محكم التشييد‏,‏ متماسك الأطراف‏,‏ وهذه حقيقة لم يدركها العلماء إلا في القرن العشرين‏,‏ بل في العقود المتأخرة منه‏.‏
وعلي الرغم من رقة كثافة المادة في المسافات بين النجوم‏,‏ والتي تصل الي ذرة واحدة من الغاز في كل سنتيمتر مكعب تقريبا من المسافات البينية للنجوم‏,‏ والي أقل من ذلك بالنسبة للمواد الصلبة‏(‏ الغبار الكوني‏),‏ إذا ما قورن بحوالي مليون مليون مليون جزئ‏(1810)‏ في كل سنتيمتر مكعب من الهواء عند سطح الأرض‏,‏ فإن كمية المادة في المسافات بين النجوم تبلغ قدرا مذهلا للغاية‏,‏ فهي تقدر في مجرتنا‏(‏ سكة التبانة‏)‏ وحدها بعشرة بلايين ضعف ما في شمسنا من مادة‏,‏ مما يمثل حوالي‏5%‏ من مجموع كتلة تلك المجرة‏.‏

ثانيا‏:‏ إن في الإشارة القرآنية الكريمة والسماء بنيناها بأيد أي بقوة وحكمة واقتدار‏,‏ تلميحا الي ضخامة الكون المذهلة‏,‏ وإحكام صنعه‏,‏ وانضباط حركاته‏,‏ ودقة كل أمر من أموره‏,‏ وثبات سننه‏,‏ وتماسك أجزائه‏,‏ وحفظه من التصدع أو الانهيار‏,‏ فالسماء لغة هي كل ما علاك فأظلك‏,‏ ومضمونا هي كل ما حول الأرض من أجرام ومادة وطاقة السماء‏,‏ التي لايدرك العلم إلا جزءا يسيرا منها‏,‏ ويحصي العلماء أن بالجزء المدرك من السماء الدنيا مائتي بليون من المجرات‏,‏ بعضها أكبر كثيرا من مجرتنا‏(‏ درب اللبانة أو سكة التبانة‏),‏ وبعضها أصغر قليلا منها‏,‏ وتتراوح أعداد النجوم في المجرات بين المليون والعشرة ملايين الملايين‏,‏ وتمر هذه النجوم في مراحل من النمو مختلفة‏(‏ الميلاد‏,‏ الطفولة‏,‏ الشباب‏,‏ الكهولة‏,‏ الشيخوخة ثم الوفاة‏),‏ وكما أن لأقرب النجوم إلينا‏(‏ وهي شمسنا‏)‏ توابع من الكواكب والكويكبات‏,‏ والأقمار‏,‏ وغيرها فإن القياس يقتضي أن للنجوم الأخري توابع قد اكتشف عدد منها بالفعل‏,‏ ويبقي الكثير مما لم يتم اكتشافه بعد‏.‏

ثالثا‏:‏ تشير هذه الآية الكريمة الي أن الكون الشاسع الاتساع‏,‏ الدقيق البناء‏,‏ المحكم الحركة‏,‏ والمنضبط في كل أمر من أموره‏,‏ والثابت في سننه وقوانينه‏,‏ قد خلقه الله‏(‏ تعالي‏)‏ بعلمه وحكمته وقدرته‏,‏ وهو‏(‏ سبحانه‏)‏ الذي يحفظه من الزوال والانهيار‏,‏ وهو القادر علي كل شيء‏.‏ والجزء المدرك لنا من هذا الكون شاسع الاتساع بصورة لايكاد عقل الإنسان إدراكها‏(‏ إذ المسافات فيه تقدر ببلايين السنين الضوئية‏),‏ وهو مستمر في الاتساع اليوم والي ما شاء الله‏,‏ والتعبير القرآني وإنا لموسعون يشير الي تلك السعة المذهلة‏,‏ كما يشير الي حقيقة توسع هذا الكون باستمرار الي ما شاء الله‏,‏ وهي حقيقة لم يدركها الإنسان إلا في العقود الثلاثة الأولي من القرن العشرين‏,‏ حين ثبت لعلماء كل من الفيزياء النظرية والفلك أن المجرات تتباعد عنا وعن بعضها البعض بسرعات تتزايد بتزايد بعدها عن مجرتنا‏,‏ وتقترب أحيانا من سرعة الضوء‏(‏ المقدرة بحوالي ثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية‏).‏
والمجرات من حولنا تتراجع متباعدة عنا‏,‏ وقد أدرك العلماء تلك الحقيقة من ظاهرة انزياح الموجات الطيفية للضوء الصادر عن نجوم المجرات الخارجة عنا في اتجاه الطيف الأحمر‏(‏ الزحزحة الي الطيف الأحمر‏,‏ أو حتي دون الطيف الأحمر أحيانا‏),‏ وقد أمكن قياس سرعة تحرك تلك المجرات في تراجعها عنا من خلال قياس خطوط الطيف لعدد من النجوم في تلك المجرات‏,‏ وثبت أنها تتراوح بين‏60,000‏ كيلومتر في الثانية‏,‏ و‏272,000‏ كيلومتر في الثانية‏.‏
وقد وجد العلماء أن مقدار الحيود في أطياف النجوم الي الطيف الأحمر‏(‏ أو حتي دون الأحمر في بعض الأحيان‏),‏ يعبر عن سرعة ابتعاد تلك النجوم عنا‏,‏ وأن هذه السرعة ذاتها يمكن استخدامها مقياسا لأبعاد تلك النجوم عنا‏.‏

رابعا‏:‏ تشير ظاهرة توسع الكون الي تخلق كل من المادة والطاقة‏,‏ لتملآ المساحات الناتجة عن هذا التوسع‏,‏ وذلك لأن كوننا تنتشر المادة فيه بكثافات متفاوتة‏,‏ ولكنها متصلة بغير انقطاع‏,‏ فلايوجد فيه مكان بلا زمان‏,‏ كما لايوجد فيه مكان وزمان بغير مادة وطاقة‏,‏ ولا يستطيع العلم حتي يومنا هذا‏,‏ أن يحدد مصدر كل من المادة والطاقة اللتين تملآن المساحات الناتجة عن تمدد الكون‏,‏ بتلك السرعات المذهلة‏,‏ ولا تأويل لها إلا الخلق من العدم‏.‏

خامسا‏:‏ أدي إثبات توسع الكون الي التصور الصحيح بأننا اذا عدنا بهذا التوسع الي الوراء مع الزمن‏,‏ فلابد أن تلتقي كل صور المادة والطاقة كما يلتقي كل من المكان والزمان في نقطة واحدة‏,‏ وأدي ذلك الي الاستنتاج الصحيح بأن الكون قد بدأ من نقطة واحدة بعملية انفجار عظيم‏,‏ وهو مما يؤكد أن الكون مخلوق له بداية‏,‏ وكل ما له بداية فلابد أن ستكون له في يوم من الأيام نهاية‏,‏ كما يؤكد حقيقة الخلق من العدم‏,‏ لأن عملية تمدد الكون تقتضي خلق كل من المادة والطاقة بطريقة مستمرة ـ من حيث لايدرك العلماء ـ وذلك ليملآ‏(‏ في التو والحال‏)‏ المسافات الناشئة عن عملية تباعد المجرات عن بعضها البعض بسرعات مذهلة‏,‏ وذلك لكي يحتفظ الكون بمستوي متوسط لكثافته التي نراه بها اليوم‏,‏ وقد أجبرت هذه الملاحظات علماء الغرب علي هجر معتقداتهم الخاطئة عن ثبات الكون‏,‏ والتي دافعوا طويلا عنها‏,‏ انطلاقا من ظنهم الباطل بأزلية الكون وأبديته‏,‏ لكي يبالغوا في كفرهم بالخلق وجحودهم للخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏).‏

هذه الاستنتاجات الكلية المهمة عن أصل الكون‏,‏ وكيفية خلقه‏,‏ وإبداع صنعه‏,‏ وحتمية نهايته‏,‏ أمكن الوصول اليها من ملاحظة توسع الكون‏,‏ وهي حقيقة لم يتمكن الإنسان من إدراكها إلا في الثلث الأول من القرن العشرين‏,‏ ودار حولها الجدل حتي سلم بها أهل العلم أخيرا‏,‏ وقد سبق القرآن الكريم بإقرارها قبل أربعة عشر قرنا أو يزيد‏,‏ ولا يمكن لعاقل أن يتصور مصدرا لتلك الإشارة القرآنية الباهرة غير الله الخالق‏(‏ تبارك وتعالي‏),‏ فسبحان خالق الكون الذي أبدعه بعلمه وحكمته وقدرته‏,‏ والذي أنزل لنا في خاتم كتبه‏,‏ وعلي خاتم أنبيائه ورسله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ عددا من حقائق الكون الثابتة‏,‏ ومنها تمدد الكون وتوسعه فقال‏(‏ عز من قائل‏):‏
والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون
‏(‏ الذاريات‏:47)‏

لتبقي هذه الومضة القرآنية الباهرة مع غيرها من الآيات القرآنية‏,‏ شهادة صدق بأن القرآن الكريم كلام الله‏,‏ وأن سيدنا ونبينا محمدا‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ كان موصولا بالوحي‏,‏ معلما من قبل خالق السماوات والأرض‏,‏ وأن القرآن الكريم هو معجزته الخالدة الي قيام الساعة
‏.‏







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-22-2012, 12:13 PM   #14

موقوف
 

 رقم العضوية : 83041
 تاريخ التسجيل : Apr 2012
 العمر : 32
 الجنس : ~ امرأة
 المكان : سورية بلد الياسمين
 المشاركات : 5,419
 الحكمة المفضلة : ربما كان من الخير أن تحب بعقل وروية، ولكن من الممتع حقا أن تحب بجنون...
 النقاط : القمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 28266
 قوة التقييم : 0

القمر الباكي غير متواجد حالياً

أوسمة العضو

249 

افتراضي

9 طرق علمية لتحديد اتجاه القبلة

حسام عبد القادر

كيف نحدد اتجاه القبلة في أي مكان في العالم ؟ أثار هذا السؤال ضجة كبيرة جدًّا على مستوى المسلمين في جميع أنحاء العالم، وخاصة في مدينة سياتل بالولايات المتحدة، حيث ينقسم المسلمون هناك في تحديد القبلة، أثار هذا الموضوع الجمعية العربية للمساحة، فقامت بعمل ندوة استضافت فيها العميد عبد العزيز سلام الذي قام بعمل بحث موسع حول هذا الموضوع، حيث استطاع التوصل إلى تسع طرق علمية لتحديد اتجاه القبلة عن طريق حساب المثلثات وجداول الرياضيات، وحصل من الهيئة المصرية العامة للمساحة على تصديق رسمي بصحة هذه الطرق التسع. ونحن نعلم أن اتجاه القبلة هو اتجاه الكعبة الشريفة في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية، ويحتاج المسلم أن يعرف اتجاه القبلة في المكان الذي يتواجد فيه حتى يستقبلها أي يتجه نحوها كلما أراد أن يصلي، وذلك تنفيذًا لقوله تعالى:" قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوْهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ". (سورة البقرة الآية 144 )
وقد جاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة الذي أصدره قسم المساجد بوزارة الأوقاف المصرية في تعريف حد القبلة، أن القبلة لمن كان بمكة أو قريبًا منها هي عين الكعبة أي منتصفها أو هواؤها المحاذي لها من أعلاها أو من أسفلها فيجب عليه أن يستقبل عينها يقينًا إن أمكن وإلا اجتهد في إصابة عينها، والقبلة لمن كان بعيدًا عن مكة هي جهة الكعبة، فيجوز له الانتقال عن عين الكعبة يمينًا أو شمالاً، ولا بأس بالانحراف اليسير الذي لا تزول به المقابلة بالكلية بحيث يبقى شيء من سطح الوجه واصلاً بالكعبة.
أما عن طرق حل هذه المسائل. فالطريقة الأولى حسابية باستخدام قوانين حل المثلث الكروي وذلك باستخدام قانون ( نصف الظل )، فثبت – مثلاً - أن اتجاه القبلة للراصد الموجود بمدينة الإسكندرية هو 135,5 درجة من اتجاه الشمال الحقيقي مع اتجاه دوران عقارب الساعة، وأما اتجاه القبلة للراصد في مدينة سياتل فهو 17,5 درجة من اتجاه الشمال الحقيقي مع اتجاه دوران عقارب الساعة. واتجاه القبلة للراصد الموجود في هونج كونج هو 285.1 درجة من اتجاه الشمال الحقيقي مع اتجاه دوران عقارب الساعة، وأما الطريقتان الثانية والثالثة فتتمَّان عن طريق حساب المثلثات باستخدام جداول خاصة بهذا العِلْم الرياضي، وقد ثبت من هاتين الطريقتين نفس الدرجات السابقة لاتجاه القبلة بالإسكندرية أو بسياتل أو بهونج كونج. وأما الطريقة الرابعة فتتم عن طريق استخدام كرة النجوم، حيث يحتاج المَلاَّح أثناء الإبحار إلى طريقة سريعة لتحديد اتجاه القبلة باستخدام كرة النجوم بدقة مقبولة بإذن الله تعالى، وهو ما يتم بها تحديد موقع الكعبة الشريفة بضبط خط عرض الكعبة الشريفة على موازيات الميل على كرة النجوم وخط طول الكعبة الشريفة. والطريقة الخامسة باستخدام " قرص النجوم"، وفيها يتم تحديد موقع الكعبة الشريفة على قرص النجوم بنفس الطريقة التي تمت على كرة النجوم بتوقيع خط عرض الكعبة الشريفة على موازيات الميل للجرم السماوي، وخط طول الكعبة الشريفة بالنسبة لموقع الراصد.
والطريقة السادسة باستخدام " مخطوط ويرز "، وفيها يتم توقيع خط عرض الكعبة الشريفة على خط الأساس على تدريج ميل الجرم السماوي. والطريقة السابعة باعتبار موقع الكعبة الشريفة كنقطة مراجعة في بعض الأجهزة الملاحية، حيث توجد لدى بعض الأجهزة الملاحية مثل جهاز تحديد الموقع بواسطة الأقمار الصناعية إمكانية تخزين نقاط مراجعة مع القدرة على إعطاء اتجاه ومسافة هذه النقطة في أي لحظة، فيتم تخزين موقع الكعبة الشريفة في ذاكرة الجهاز كنقطة مراجعة وفي أي لحظة يراد معرفة اتجاه الصلة يتم طلب اتجاه ومسافة نقطة المراجعة هذه باستخدام طريقة السير على الدائرة العظمى.
وأما الطريقة الثامنة فباستخدام ظاهرة تعامد الشمس على الكعبة الشريفة، فعندما تتعامد الشمس على مكة المكرمة يكون اتجاهها في هذه اللحظة هو اتجاه القبلة، والشمس تتعامد على الكعبة الشريفة مرتين سنويًّا، وذلك حينما يكون ميل الشمس مساويًا لخط عرض الكعبة الشريفة، وأثناء مرورها الزوالي فوق الكعبة الشريفة (لحظة أذان الظهر بمكة المكرمة) ويكون ارتفاع الشمس 90 درجة في تلك اللحظة للراصد الموجود بالمسجد الحرام بمكة المكرمة، وسيكون ذلك في يوم 28 مايو في الساعة 12 ظهرًا و17 دقيقة و52,8 ثانية بتوقيت كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ( التوقيت الصيفي )، ثم في يوم 15 يوليو في الساعة 12 ظهرًا و26 دقيقة و40,8 ثانية من كل عام بتوقيت كل من المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ( التوقيت الصيفي)، وفى هذين اليومين ستكون الشمس مرئية بالنسبة لجميع سكان قارة أفريقيا وأوروبا وآسيا شرقًا حتى الفلبين والجزء الشمالي الغربي من قارة أستراليا وكل من يراها في تلك اللحظة المذكورة عاليه فإنه سيكون مستقبلاً للقبلة بإذن الله تعالى، ويمكن ملاحظة عمود إنارة مثلاً في تلك اللحظة ليدل على اتجاه القبلة وبذلك يمكن لكل مسلم أن يتأكد من مكانه ويعممه على طول العام، وأخيرًا الطريقة التاسعة هي خريطة الصلاة التي رسمها المركز الإسلامي بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي توضح اتجاه القبلة بالزوايا في جميع أنحاء العالم. الجدير بالذكر أن شيخ الأزهر شكَّل لجنة للفتوى لإعطاء فتوى نهائية بصحة الطرق التسع لتحديد اتجاه القبلة.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-22-2012, 12:13 PM   #15

موقوف
 

 رقم العضوية : 83041
 تاريخ التسجيل : Apr 2012
 العمر : 32
 الجنس : ~ امرأة
 المكان : سورية بلد الياسمين
 المشاركات : 5,419
 الحكمة المفضلة : ربما كان من الخير أن تحب بعقل وروية، ولكن من الممتع حقا أن تحب بجنون...
 النقاط : القمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 28266
 قوة التقييم : 0

القمر الباكي غير متواجد حالياً

أوسمة العضو

249 

افتراضي

إشارات قرآنية إلى علوم الأرض

يشير القرآن الكريم في عدد من آيـاتـه إلى الكـون وإلى الأرض ، التي جاء ذكرها في أربعمائة وإحدى وستين آية كريمة ، منها ما يشير إلى الأرض ككل ، ومنها ما يشير إلى سطحها الخارجي الذي نحيا عليه أي إلى غلافها الصخري ، وهذه الآيات التي تضم عددا من حقائق علوم الأرض يمكن تبويبها في المجموعات التالية:

? آيات تأمر الإنسان بالسير في الأرض ، والنظر في كيفية بدء الخلق ، وهي أساس المنهجية العلمية في دراسة علوم الأرض
? آيات عديدة تشير إلى شكل وحركات وأصل الأرض ، منها ما يصف كروية الأرض ، ومنها ما يشير إلى دورانها ،
ومنها ما يؤكد على عظم مواقع النجوم ، أو على حقيقة اتساع

الكون ، أو على بدء الكون بجرم واحد( مرحلة الرتق) ، ثم انفجار ذلك الجرم الأولي (مرحلة الفتق) أو على بدء السماء في مراحل خلقها الأول بغلالة دخانية (مرحلة السديم) ، أو على انتشار المادة بين السماء والأرض (المادة بين النجوم) أو على تطابق كل السماوات والأرض (أي تطابق الكون)
? آية قرآنية واحدة تؤكد على أن كل الحديد في كوكب الأرض قد أنزل إليها من السماء.

? آية قرآنية تؤكد على حقيقة أن الأرض ذات صدع ، وهي من الصفات الأساسية لكوكبنا .

? آيات قرآنية تتحدث عن عدد من الظواهر البحرية الهامة من مثل ظلمات البحار والمحيطات (ودور الأمواج الداخلية والخارجية في تكوينها) ، وتسجير بعض هذه القيعان بنيران حامية

، وتمايز المياه فيها إلى كتل متجاورة لا تختلط اختلاطا كاملا ، نظرا لوجود حواجز غير مرئية تفصل بينها ، ويتأكد هذا الفصل بين الكتل المائية بصورة أوضح في حالة التقاء كل من المياه العذبة والمالحة عند مصاب الأنهار ، مع وجوده بين مياه البحر الواحد أو بين البحار المتصلة ببعضها البعض
? آيات قرآنية تتحدث عن الجبال ، منها ما يصفها بأنها أوتاد ، وبذلك يصف كلا من الشكل الخارجي( الذي على ضخامته يمثل الجزء الأصغر من الجبل) والامتداد الداخلي (الذي يشكل غالبية

جسم الجبل) ، كما يصف وظيفته الأساسية في تثبيت الغلاف الصخري للأرض ، وتتأكد هذه الوظيفة في اثنتين وعشرين آية أخرى ، أو دورها في شق الأودية والفجاج أو في سقوط الأمطار وجريان الأنهار والسيول ، أو تكوينها من صخور متباينة في الألوان والأشكال والهيئة
? آيات قرآنية تشير إلى نشأة كل من الغلافين المائي والهوائي للأرض ، وذلك بإخراج مكوناتها من باطن الأرض ، أو تصف الطبيعة الرجعية الوقائية لغلافها الغازي ، أو تؤكد على حقيقة ظلام الفضاء الكوني الخارجي ، أو على تناقص الضغط الجوي مع الارتفاع عن سطح الأرض ، أو على أن ليل الأرض كان في بدء خلقها مضاء كنهارها.
? آيات تشير إلى رقة الغلاف الصخري للأرض ، وإلى تسوية سطحه وتمهيده وشق الفجاج والسبل فيه ، وإلى تناقص الأرض من أطرافها .
? آيات تؤكد على إسكان ماء المطر في الأرض مما يشير إلى دورة المياه حول الأرض وفي داخل صخــورها ، أو تؤكد على عــلاقة الحياة بالماء ، أو تلمح إلى إمكــانية تصنيف الكائنات الحية
? آيات تؤكد على أن عملية الخلق قد تمت على مراحل متعاقبة عبر فترات زمنية طويلة.
? آيات قرآنية تصف نهاية كل من الأرض والسماوات وما فيهما (أي الكـون كله) بعمليـة معاكسة لعملية الخلق الأول كما تصف إعادة خلقهما من جديد ، أرضا غير الأرض الحالية وسماوات غير السماوات القائمة
هذه الحقائق العلمية لم تكن معروفة للإنسان قبل هذا القرن ، بل إن الكثير منها لم يتوصل الإنسان إليه إلا في العقود القليلة الماضية عبر جهود مضنية وتحليل دقيق لكم هائل من الملاحظات والتجارب العملية في مختلف جنبات الجزء المدرك من الكون ، وإن السبق القرآني في الإشارة إلى مثل هذه الحقائق بأسلوب يبلغ منتهى الدقة العلمية واللغوية في التعبير ، والإحاطة والشمول في الدلالة ليؤكد على جانب هام من جوانب الإعجاز في كتاب الله ، وهو جانب الإعجاز العلمي ، ومع تسليمنا بأن القرآن الكريم معجز في كل أمر من أموره، إلا أن الإعجاز العلمي يبقى من أنجع أساليب الدعوة إلى الله في عصر العلم ، ذلك العصر الذي لم يبق فيه من وحي السماء إلا القرآن الكريم ، بينما تعرضت كل الكتب السابقة على نزوله إما للضياع التام ؛ أو لضياع الأصول التي نقلت عنها إلى لغات غير تلك التي نزل الوحي السماوي بها ، فتعرضت لقدر هائل من التحريف الذي أخرجها عن إطارها الرباني على الرغم من إيماننـا بأصولها السماوية ، وتسليمنا بصدق تلك الأصول .ومن هنا تتضح أهمية القرآن الكريم في هداية البشرية في زمن هي أحوج ما تكون إلى الهداية الربانية كما تتضح أهمية دراسات الإعجاز العلمي في كتاب الله مهما تعددت تلك المجالات العلمية ، وذلك لأن إثبات صدق الإشارات القرآنية في القضايا الكونية مثل إشاراته إلى عدد من حقائق علوم الأرض ، وهي من الأمور المادية الملموسة التي يمكن للعلماء التجريبين إثباتها لأدعى إلى التسليم بحقائق القرآن الأخرى خاصة ما يرد منها في مجال القضايا الغيبية والسلوكية (من مثل قضايا العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملات ) والتي لا سبيل للإنسان في الوصول إلى قواعد سليمة لها وإلى ضوابط صحيحة فيها إلا عن طريق بيـان ربـاني خالص لا يداخله أدنى قدر من التصور البشري.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-22-2012, 12:14 PM   #16

موقوف
 

 رقم العضوية : 83041
 تاريخ التسجيل : Apr 2012
 العمر : 32
 الجنس : ~ امرأة
 المكان : سورية بلد الياسمين
 المشاركات : 5,419
 الحكمة المفضلة : ربما كان من الخير أن تحب بعقل وروية، ولكن من الممتع حقا أن تحب بجنون...
 النقاط : القمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 28266
 قوة التقييم : 0

القمر الباكي غير متواجد حالياً

أوسمة العضو

249 

افتراضي

موقف المفسرين من الآيات الكونية في القرآن الكريم‏ - 1

القرآن يحض علي تدبر آياته ومعانيه والاجتهاد في تفسيره ضرورة
بقلم الدكتور‏:‏زغلول النجار

طال الجدل حول جواز تفسير الاشارات الكونية الواردة في كتاب الله علي أساس من معطيات علوم العصر وفنونه‏,‏ وتفاوتت مواقف العلماء من ذلك تفاوتا كبيرا بين مضيقين وموسعين ومعتدلين مما يمكن أن نوجزه فيما يلي‏:‏

موقف المضيقين‏:‏

وهو الموقف الذي يري أصحابه أن تفسير الآيات الكونية الواردة في كتاب الله‏,‏ علي ضوء ماتجمع لدي الانسان من معارف هو نوع من التفسير بالرأي الذي لا يجوز استنادا إلي أقوال منسوبة لرسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ منها‏:‏
من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ
ومن قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار وإلي أقوال منسوبة إلي كل من الخليفتين الراشدين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله تعالي عنهما من قول الأول أي سماء تظلني‏,‏ وأي أرض تقلني ان قلت في كتاب الله برأيي وقول الثاني اتبعوا ماتبين لكم من هذا الكتاب فأعملوا به‏,‏ ومالم تعرفوه فكلوه إلي ربه وكذلك استنادا إلي قول كل من سعيد بن المسيب وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الصحيح المنقول عن الأول انا لا نقول في القرآن شيئا وإلي الثاني لقد أدركت فقهاء المدينة وأنهم ليعظمون القول في التفسير‏.‏
وإلي القول المنسوب إلي مسروق بن الأجدع‏(‏ رضي الله عنه‏‏ اتقوا التفسير فانما هو الرواية عن الله

الرد علي المضيقين‏:‏

فات أصحاب هذا الموقف المضيق أن المقصود بالرأي في الحديث هو الهوي‏,‏ لا الرأي المنطقي المبني علي الحجة الواضحة والبرهان المقبول‏,‏ ويؤكد ذلك عبارة بغير علم التي وردت في الحديث الثاني هذا بغض النظر عن كون الحديثين قد اعتبرا من ضعاف السند‏.‏
كذلك فاتهم أن ماقد ورد علي لسان بعض الصحابة والتابعين مما يوحي بالتحرج من القول في القرآن الكريم بالرأي الاجتهادي‏,‏ انما هو من قبيل الورع‏,‏ والتأدب في الحديث عن كلام الله‏,‏ خاصة أنهم كانوا قد فطروا علي فهم اللغة العربية‏,‏ وفطنوا بها وبأسرارها‏,‏ ودرجوا علي عادات المجتمع العربي ـ وألموا بأسباب النزول‏,‏ وعايشوا رسول الله صلي الله عليه وسلم عن قرب وهو الموصول بالوحي ــ وسمعوه صلي الله عليه وسلم ــ وهو يتلو القرآن الكريم ويفسره‏,‏ واستعانوا به علي فهم ماوقفوا دونه‏,‏ وأدركوا تفاصيل سنته الشريفة في ذلك وغيره‏,‏ فهل يمكن لمن توافر له كل ذلك أن يكون له مجال للاجتهاد بالرأي؟ خاصة أن العصر لم يكن عصر تقدم علمي كالذي نعيشه‏,‏ وأنهم كانوا لايزالون قريبي عهد بالجاهلية التي كان قد خيم فيها علي شبه الجزيرة العربية‏,‏ بل وعلي العالم أجمع ركام من العقائد الفاسدة‏,‏ والتصورات الخاطئة‏,‏ والافكار السقيمة‏,‏ والأوهام والأساطير‏...‏ ولم يسلم من ذلك الركام أحد‏,‏ حتي أصحاب الحضارات البائدة‏.‏
وأن العصر كان عصر انتشار للاسلام‏,‏ ودخول للكثيرين من أصحاب العقائد واللغات الأخري في دين الله أفواجا‏,‏ ومعهم خلفياتهم الفكرية الموروثة‏,‏ والتي لم يتمكنوا من التخلص منها كلية بمجرد دخولهم في الاسلام‏,‏ وأن أعدادا غير قليلة من هؤلاء كانوا قد دخلوا الاسلام ليأتمروا به ويتآمروا عليه‏,‏ ويكيدوا له‏,‏ بتأويل القرآن علي وجوه غير صحيحة‏,‏ وبتفتيت وحدة الصف الاسلامي‏,‏ وبث بذور الفرقة فيه‏,‏ وكان من نتائج ذلك كله هذا الفكر الغريب الذي دس علي المسلمين والذي عرف فيما بعد بالاسرائيليات نسبة إلي السلالات الفاسدة من بني اسرائيل‏(‏ أي اليهود‏)‏ الذين كثر النقل عنهم‏,‏ وكثر دسهم علي دين الله‏,‏ وعلي أنبيائه ورسله‏(‏ صلي الله وسلم عليهم أجمعين‏),‏ وكان من نتائجه كذلك بروز الشيع والفرق والطرائق المختلفة‏,‏ ومحاولة كل فرقة منها الانتصار لرأيها بالقرآن‏...‏ وهذا هو الهوي الذي عبر عنه بالرأي فيما نسب من أقوال إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وإلي عدد من صحابته وتابعيهم‏(‏ عليهم رضوان الله أجمعين‏).‏

اللهم فقهه في الدين

كذلك فقد فات هؤلاء‏,‏ وهم ينادون بعدم الاجتهاد بالرأي في فهم كتاب الله‏,‏ والوقوف عند حدود المأثور وهو مانقل عن رسول الله صلي الله عليه وسلم مباشرة‏,‏ أو عن صحابته الكرام‏,‏ أو عمن عاصر الصحابة من التابعين‏,‏ موكلين مالم يفسره التراث المنقول إلي الله وهو ماعرف بمنهج التفسير بالمأثور أو التفسير بالمنقول‏,‏ وكلنا يعلم أن التفسير بالمأثور لم يشمل القرآن كله‏,‏ فلحكمة يعلمها الله ــ وقد ندرك طرفا منها اليوم ــ لم يقم رسول الله صلي الله عليه وسلم بالتنصيص علي المراد في كل آية من آيات القرآن الكريم‏,‏ وأن صحابته الكرام كانوا يجتهدون في فهم مالم ينص عليه‏,‏ وكانوا يختلفون في ذلك ويتفقون‏,‏ وأن من الثابت أنه‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ قد صوب رأي جماعة من أصحابه حين فسروا آيات من كتاب الله‏,‏ وانه قد دعا لابن عباس بقوله اللهم فقهه في الدين‏,‏ وعلمه التأويل‏,‏ وان ذلك وغيره من الأقوال المأثورة قد اتخذ دليلا علي جواز الاجتهاد في التفسير في غير ما حدده رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم فمما يروي عن علي‏(‏ رضي الله عنه‏)‏ حين سئل‏:‏ هل خصكم رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بشيء؟ انه قال‏:‏ ما عندنا غير ما في هذه الصحيفة‏,‏ وفهم يؤتاه الرجل في كتابه وهذا يؤكد علي ان فهم المسلمين لدلالة آيات القرآن الحكيم وتدبر معانيها هي ضرورة تكليفية لكل قادر عليها مؤهل للقيام بها‏,‏ وذلك يقرره الحق تبارك وتعالي في قوله وهو أحكم القائلين‏:‏
كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب‏(‏ ص‏29)‏

وهذه الآية الكريمة‏,‏ وكثير غيرها من الآيات القريبة في المعني ـ أمر صريح من الله تبارك وتعالي بتدبر آيات القرآن الكريم وفهم معانيها‏,‏ فالقرآن ينعي علي أولئك الذين لا يتدبرونه‏,‏ ولا يستنبطون معانيه‏,‏ وهذه آياته
أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به‏,‏ ولو ردوه إلي الرسول وإلي أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم‏.....[‏ النساء الآيتان‏83,82].‏
أفلا يتدبرون القرآن أم علي قلوب أقفالها‏(‏ محمد الآية ـ‏24)‏

وقد ساق الامام الغزالي‏(‏ يرحمه الله‏)‏ الأدلة علي جواز فهم القرآن بالرأي‏(‏ أي بالاجتهاد‏)‏ ثم أضاف‏:‏ فهذه الأمور تدل علي أن في فهم معاني القرآن مجالا رحبا‏,‏ ومتسعا بالغا‏,‏ وأن المنقول من ظاهر التفسير ليس منتهي الادراك فيه
وبناء علي ذلك فقد أجاز الغزالي لكل انسان ان يستنبط من القرآن بقدر فهمه وحد عقله‏,‏ ولو ان المبالغة في استخدام تلك الرخصة قد أفرزت نتاجا لم يكن كله مستساغا مقبولا لدي العلماء‏,‏ مطابقا لمقاصد القرآن الكريم في الهداية‏,‏ فقد خرج قوم من المفسرين بالآيات القرآنية‏(‏ إما عن عمد واضح أو جهل فاضح‏)‏ إلي مالا يقبله العقل القويم‏,‏ والصحيح المنقول عن رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ وعن أصحابه والتابعين لهم‏,‏ وعن المنطق اللغوي وأساليب العرب في الأداء حقيقة ومجازا‏,‏ وذلك لانطلاق الفرق المختلفة والمذاهب المتنوعة من غير أهل السنة والجماعة‏(‏ من فقهية وكلامية‏,‏ وصوفية وباطنية‏)‏ من منطلق التعصب لمذاهبهم ومحاولاتهم إخضاع التفاسير لخدمة مللهم ونحلهم‏,‏ مما أدي إلي الموقف المتشدد من القول في القرآن بالرأي‏,‏ ومن ثم رفض تفسير الآيات الكونية الواردة في كتاب الله علي أساس من معطيات المعارف الانسانية المكتسبة في حقل العلوم البحتة والتطبيقية‏.‏

الدعوة إلي الاجتهاد في التفسير

هناك أعداد كبيرة من علماء المسلمين الذين اقتنعوا بضرورة الاجتهاد في تفسير كتاب الله‏,‏ ولكنهم حصروا ذلك في مناهج محددة منها المنهج اللغوي الذي يهتم بدلالة الالفاظ‏,‏ وطرائق التعبير وأساليبه والدراسات النحوية المختلفة‏,‏ والمنهج البياني الذي يحرص علي بيان مواطن الجمال في أسلوب القرآن‏,‏ ودراسة الحس اللغوي في كلماته‏,‏ والمنهج الفقهي الذي يركز علي استنباط الاحكام الشرعية والاجتهادات الفقهية‏,‏ كما أن من هؤلاء المفسرين من نادي بالجمع بين تلك المناهج في منهج واحد عرف باسم المنهج الموسوعي‏(‏ أو المنهج الجمعي‏),‏ ومنهم من نادي بتفسير القرآن الكريم حسب الموضوعات التي اشتمل عليها‏,‏ وذلك بجمع الآيات الواردة في الموضوع الواحد في كل سور القرآن‏,‏ وتفسير واستنباط دلالاتها استنادا الي قاعدة أن القرآن يفسر بعضه بعضا‏,‏ وقد عرف ذلك باسم المنهج الموضوعي في التفسير‏.‏

من مبررات رفض المنهج العلمي للتفسير

اما المنهج العلمي في التفسير والذي يعتمد علي تفسير الاشارات الكونية الواردة في كتاب الله تعالي حسب اتساع دائرة المعرفة الانسانية من عصر الي عصر وتبعا للطبيعة التراكمية لتلك المعرفة فقد ظل مرفوضا من غالبية المجتهدين في التفسير وذلك لأسباب كثيرة منها‏:‏

‏(1)‏ أن الإسرائيليات كانت قد نفذت أول ما نفذت إلي التراث الإسلامي عن طريق محاولة السابقين تفسير تلك الاشارات الكونية الواردة في كتاب الله‏,‏ وذلك لأن الله تعالي قد شاء أن يوكل الناس في أمور الكشف عن حقائق هذا الكون إلي جهودهم المتتالية جيلا بعد جيل‏,‏ وعصرا بعد عصر‏...,‏ ومن هنا جاءت الاشارات الكونية في القرآن الكريم بصيغة مجملة‏,‏ يفهم منها أهل كل عصر معني من المعاني‏,‏ وتظل تلك المعاني تتسع باستمرار في تكامل لا يعرف التضاد‏,‏ ومن هنا أيضا لم يقم رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بالتنصيص علي المراد منها في أحاديثه الشريفة‏,‏ التي تناول بها شرح القرآن الكريم‏,‏ ولكن لما كانت النفس البشرية تواقة دوما إلي التعرف علي أسرار هذا الوجود‏,‏ ولما كان الانسان قد شغل منذ القدم بتساؤلات كثيرة عن نشأة الكون‏,‏ وبداية الحياة‏,‏ وخلق الإنسان ومتي حدث كل ذلك‏,‏ وكيف تم‏,‏ وما هي أسبابه؟‏,‏ وغير ذلك من أسرار الوجود‏..,‏ فقد تجمع لدي البشرية في ذلك تراث ضخم‏,‏ عبر التاريخ اختلط فيه الحق بالباطل‏,‏ والواقع بالخيال‏,‏ والعلم بالدجل والخرافة‏,‏ وكان أكثر الناس حرصا علي هذا النوع من المعرفة المكتسبة هم رجال الدين في مختلف العصور‏,‏ وقد كانت الدولة الاسلامية في أول نشأتها محاطة بحضارات عديدة تباينت فيها تلك المعارف وأمثالها ثم بعد اتساع رقعة الدولة الاسلامية واحتوائها لتلك الحضارات المجاورة‏,‏ ودخول أمم من مختلف المعتقدات السابقة علي بعثة المصطفي ـ صلي الله عليه وسلم ـ الي دين الله‏..‏ ووصول هذا التراث إلي قيامهم علي ترجمته ونقده والاضافة اليه‏.‏ حاول بعض المفسرين الاستفادة به في شرح الاشارات الكونية الواردة بالقرآن الكريم فضلوا سواء السبيل لأن العصر لم يكن بعصر تطور علمي كالذي نعيشه اليوم‏,‏ ولأن هذا التراث كان أغلبه في أيدي اليهود‏,‏ وهم الذين ائتمروا علي الكيد للاسلام منذ بزوغ فجره‏,‏ وأن النقل قد تم عمن اسلم ومن لم يسلم منهم‏,‏ علي الرغم من تحذير رسول الله صلي الله عليه وسلم بقوله‏:‏ إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولاتكذبوهم‏,‏ فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه‏,‏ وأما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه‏.‏

ويفسر ابن خلدون أسباب نقل هذه الاسرائيليات بقوله‏:‏ والسبب في ذلك أن العرب لم يكونوا أهل كتاب‏,‏ ولاعلم‏,‏ وإنما غلبت عليهم البداوة والأمية‏,‏ واذا تشوقوا الي معرفة شيء مما تتشوق اليه النفوس البشرية‏:‏ في أسباب المكونات‏,‏ وبدء الخليقة‏,‏ وأسرار الوجود‏,‏ فإنما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم‏,‏ ويستفيدون منهم‏,‏ وهم أهل التوراة من اليهود‏,‏ ومن تبع دينهم من النصاري‏,‏ وأهل التوارة الذين بين العرب يومئذ وهم بادية مثلهم ولايعرفون من ذلك إلا ما تعرفه العامة من أهل الكتاب‏,‏ ومعظمهم من حمير الذين أخذوا بدين اليهودية‏,‏ فلما أسلموا بقوا علي ما كان عندهم مما لاتعلق له بالأحكام الشرعية التي يحتاطون لها‏...‏
‏2‏ ــ أن القرآن الكريم هو في الأصل كتاب هداية ربانية‏,‏ أي كتاب عقيدة وعبادة وأخلاق ومعاملات‏,‏ بمعني آخر هو كتاب دين الله الذي أوحي به الي سائر انبيائه ورسله وتعهد الله تعالي بحفظه فحفظ‏,‏ فعلي ذلك لابد من التأكيد أن القرآن الكريم ليس كتاب علم تجريبي‏,‏ وأن الاشارات العلمية التي وردت به جاءت في مقام الارشاد والموعظة لا في مقام البيان العلمي بمفهومه المحدد‏,‏ وأن تلك الاشارات ــ علي كثرتها ــ جاءت في أغلب الاحيان مجملة‏,‏ وذلك بهدف توجيه الانسان الي التفكير والتدبر وامعان النظر في خلق الله‏,‏ لابهدف الإخبار العلمي المباشر‏.‏
‏3‏ ــ أن القرآن الكريم ثابت لايتغير بينما معطيات العلوم التجريبية دائمة التغير والتطور وان ما تسمي بحقائق العلم ليست سوي نظريات وفروض يبطل منها اليوم ما كان سائدا بالامس‏,‏ وربما في الغد ماهو سائد اليوم وبالتأكيد فلا يجوز الرجوع إليها عند تفسير كتاب الله العزيز لانه لايجوز تأويل الثابت بالمتغير‏.‏
‏4‏ ـ ان القرآن الكريم هو بيان من الله‏,‏ بينما معطيات العلوم التجريبية لاتعدو ان تكون محاولة بشرية للوصول الي الحقيقة‏,‏ ولايجوز ــ في ظنهم ـ رؤية كلام الله في اطار محاولات البشر‏,‏ كما لايجوز الانتصار لكتاب الله تعالي بمعطيات العلوم المكتسبة لأن القرآن الكريم بصفته كلام الله هو حجة علي البشر كافة‏,‏ وعلي العلم واهله‏.‏

‏5‏ ــ أن العلوم التجريبية تصاغ في أغلب دول العالم اليوم صياغة تنطلق كلها من منطلقات مادية بحت‏,‏ تفكر أو تتجاهل الغيب‏,‏ ولا تؤمن بالله‏,‏ وأن للكثيرين من المشتغلين بالعلوم الكونية‏(‏ البحت والتطبيقية‏)‏ مواقف عدائية واضحة من قضية الايمان بالله تعالي وبملائكته وكتبه ورسله‏,‏ وبالقدر خيره وشره‏,‏ وبحياة البرزخ وبالبعث والنشور والحساب وبالحياة الخالدة في الدار الآخرة إما في الجنة أبدا أو في النا ر ابدا‏.‏
‏6‏ ــ أن بعض معطيات العلوم التجريبية قد يتباين مع عدد من الأصول الثابتة في الكتاب والسنة نظرا لصياغتها من منطلقات مادية بحت منكرة لكل حقائق الغيب أو متجاهلة لها‏.‏
‏7‏ ـ أن عددا من المفسرين الذين تعرضوا لتأويل بعض الاشارات الكونية الواردة في كتاب الله قد تكلفوا في تحميل الآيات من المعاني مالا تحمله في تعسف واضح وتكلف مفتعل علي أعناق الكلمات والآيات وتحميلها من المعاني مالا تحمله‏.‏

الرد علي الرافضين للمنهج العلمي في التفسير

ان حجج المعارضين للمنهج العلمي للتفسير والتي أوردناها في الفقرات السابقة هي كلها حجج مردودة حجة بحجة كما يلي‏:‏
‏1‏ ــ انه لاحاجة بنا اليوم الي الاسرائيليات في تفسير آيات الكونيات‏,‏ لأن الرصيد العلمي في مختلف تلك المعارف قد بلغ اليوم شأوا لم يبلغه من قبل‏,‏ واذا كان من استخدم الاسرائيليات في تفسيره من الأوائل قد ضل سواء السبيل‏,‏ فان من يستخدم حقائق العلم الثابتة‏,‏ ومشاهداته المتكررة في شرح تلك الآيات لابد أن يصل الي فهم لها لم يكن من السهل الوصول اليه من قبل‏,‏ وأن يجد في ذلك من صور الاعجاز مالم يجده السابقون‏,‏ تأكيدا لوصف رسول الله صلي الله عليه وسلم للقرآن بأنه لاتنقضي عجائبه ولايخلق من كثرة الرد‏.‏
‏3‏ ــ انه لاتعارض البتة بين كون القرآن الكريم كتاب هداية ربانية‏,‏ وارشادا إلهيا ودستور عقيدة وعبادة واخلاقا ومعاملات وكتاب تشريع سماوي يشمل نظاما كاملا للحياة‏,‏ وبين احتوائه علي عدد من الاشارات العلمية الدقيقة التي وردت في مقام الاستدلال علي عظمة الخالق وقدرته في إبداعه للخلق‏,‏ وقدرته علي افناء ما قد خلق‏,‏ وإعادة كل ذلك من جديد‏,‏ وذلك لأن الاشارات تبقي بيانا من الله‏,‏ خالق الكون ومبدع الوجود‏,‏ فلابد وأن تكون حقا مطلقا‏,‏ لأنه من أدري بالخليقة من الخالق سبحانه وتعالي‏)‏ ولو أن المسلمين وعووا هذه الحقيقة منذ القدم لكان لهم في مجال الدراسات الكونية سبق ملحوظ‏,‏ وثبات غير ملحوق فنحن ندرك اليوم ــ وفي ضوء ماتجمع لنا من معارف في مجال دراسات العلوم البحتة والتطبيقية ــ أن آيات الكونيات في كتاب الله تتسم جميعها بالدقة المتناهية في التعبير والشمول في المعني‏,‏ والاطراد والثبات في الدلالة والسبق لكثير من الكشوف العلمية بعشرات المئات من السنين وفي ذلك شهادة قاطعة لايستطيع ان ينكرها جاحد بأن القرآن لايمكن أن يكون إلا كلام الله الخالق‏.‏

أما القول بأن تلك الاشارات قد تم سردها بصورة مجملة‏,‏ فانها بحق احدي صور الاعجاز العلمي والبياني في القران الكريم‏,‏ وذلك لأن كل اشارة علمية وردت فيه قد صيغت صياغة فيها من اعجاز الايجاز والدقة في التعبير والاحكام في الدلالة‏,‏ والشمول في المعني ما يمكن الناس علي اختلاف ثقافاتهم وتباين مستويات ادراكهم وتتابع اجيالهم وأزمانهم ان يدركوا لها من المعاني مايتناسب وهذه الخلفيات كلها‏,‏ بحيث تبقي المعاني المستخلصة من الآية الواحدة يكمل بعضها بعضا في تناسق عجيب‏..‏ وتكامل أعجب لانه تكامل لايعرف التضاد وهذا عندي من أروع صور الاعجاز في كتاب الله فالاجمال في تلك الاشارات مع وضوح الحقيقة العلمية للاجيال المتلاحقة‏,‏ كل علي قدر حظه من المعرفة بالكون وعلومه هي بالقطع امر فوق طاقة البشر وصورة من صور الاعجاز لم تتوافر ولايمكن ان تتوافر لغير كلام الله الخالق‏,‏ ومن هنا كان فهم الناس للاشارات العلمية الواردة بالقرآن الكريم علي ضوء مايتجمع لديهم من معارف‏,‏ فهما يزداد اتساعا وعمقا جيلا بعد جيل‏,‏ وهذا في حد ذاته شهادة للقرآن الكريم بأنه لاتنتهي عجائبه‏,‏ ولايبلي علي كثرة الرد كما وصفه المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏).‏
وقد أدرك نفر من السابقين ذلك وفي مقدمتهم الامام المزركشي الذي كتب في كتابه البرهان في علوم القرآن مانصه‏..‏ وما من برهان ودلالة وتقسيم‏,‏ وتحديد شيء من كليات المعلومات العقلية والسمعية إلا وكتاب الله تعالي قد نطق به‏,‏ لكن أورده تعالي علي عادة العرب دون دقائق طرق أحكام المتكلمين لأمرين‏:‏ أحدهما بسبب ماقاله سبحانه وتعالي‏:‏
وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم‏[‏ سورة ابراهيم‏:4]‏

والثاني أن المائل إلي دقيق المحاجة هو العاجز عن إقامة الحجة بالجليل من الكلام‏,‏ فان استطاع أن يفهم بالأوضح الذي يفمهه الأكثرون لم يتخط إلي الأغمض الذي لايعرفه إلا الأقلون‏,‏ وكذلك أخرج تعالي مخاطباته في محاجة خلقه من أجل صورة تشتمل علي أدق دقيق لتفهم العامة من جليلها مايقنعهم الحجة‏,‏ وتفهم الخواص من أينائها مايوفي علي ما أدركه الخطباء‏....‏
ثم يضيف‏:‏ ومن ثم كان علي كل من أصاب حظا في العلم أوفر أن يكون نصيبه من علم القرآن أكثر‏,‏ لأن عقله حينئذ يكون قد استنار بأضواء العلم‏,‏ وهؤلاء الذين اهتم القرآن بمناداتهم كلما ذكر حجة علي الربوبية والوحدانية‏,‏ أو أضاف اليهم أولو الألباب والسامعون والمفكرون والمتذكرون تنبيها إلي أن بكل قوة من هذه القوي يمكن ادراك حقيقة منها‏.‏
من هنا كان واجب المتخصصين من المسلمين في كل عصر وفي كل جيل أن ينفر منهم من يستطيع أن يجمع إلي حقل تخصصه الماما بحد أدني من علوم اللغة العربية وآدابها‏,‏ ومن الحديث وعلومه‏,‏ والفقه وأصوله‏,‏ وعلم الكلام وقواعده‏,‏ واحاطة بأسباب النزول‏,‏ وبالمأثور في التفسير‏,‏ وباجتهاد السابقين من آئمة المفسرين‏,‏ ثم يعود هؤلاء إلي دراسة الاشارات الكونية الواردة في كتاب الله ـ كل فيما يخصه ـ محاولين فهمها في ضوء معطيات العلم وكشوفه‏,‏ وقواعد المنطق وأصوله حتي يدركوا ما يستطيعون من فهم لكتاب الله حتي تتحقق نبوءة المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ في وصفه لكتاب الله أنه لاتنتهي عجائبه‏..‏

‏(3)‏ ان القول بعدم جواز تأويل الثابت بالمتغير قول ساذج‏,‏ لأن معناه الجمود علي فهم واحد لكتاب الله‏,‏ ينأي بالناس عن واقعهم في كل عصر‏,‏ حتي لايستسيغوه فيملوه ويهملوه‏,‏ وثبات القرآن الكريم‏..‏ وهو من السمات البارزة له لايمنع من فهم الاشارات الكونية الواردة فيه علي أساس من معطيات العلوم الكونية البحتة منها والتطبيقية‏,‏ حتي ولو كان ذلك يتسع من عصر إلي آخر بطريقة مطردة‏,‏ فالعلوم المكتسبة كلها لها طبيعة تراكمية‏,‏ ولا يتوافر للانسان منها في عصر من العصور إلا أقدار تتفاوت بتفاوت الأزمنة‏,‏ وتباين العصور‏,‏ تقدما واضمحلالا‏,‏ وهذه الطبيعة التراكمية للمعرفة الانسانية المكتسبة تجعل الأمم اللاحقة أكثر علما ـ بصفة عامة ـ من الأمم السابقة‏,‏ إلا إذا تعرضت الحضارة الانسانية بأكملها للانتكاس والتدهور‏.‏
من هنا كانت معطيات العلوم الكونية ـ بصفة خاصة‏,‏ والمعارف المكتسبة كلها بصفة عامة ـ دائمة التغير والتطور‏,‏ بينما كلمات وحروف ـ القرآن الكريم ثابتة لاتتغير‏,‏ وهذا وحده من أعظم شواهد الإعجاز في كتاب الله‏.‏
وعلي الرغم من ثبات اللفظ القرآني‏,‏ وتطور الفهم البشري لدلالاته ـ مع اتساع دائرة المعرفة الانسانية جيلا بعد جيل ـ فإن تلك الدلالات يتكامل بعضها مع بعض في اتساق لايعرف التضاد‏,‏ ولايتوافر ذلك لغير كلام الله‏,‏ إلا إذا كان المفسر لايأخذ بالأسباب‏,‏ أو يسيء استخدام الوسائل فيضل الطريق‏....!!‏ ويظل اللفظ القرآني ثابتا‏,‏ وتتوسع دائرة فهم الناس له عصرا بعد عصر‏..‏ وفي ذلك شهادة للقرآن الكريم بأنه يغاير كافة كلام البشر‏,‏ وأنه بالقطع بيان من الله‏....‏ ولذلك فاننا نجد القرآن الكريم يحض الناس حضا علي تدبر أياته‏,‏ والعكوف علي فهم دلالاتها‏,‏ ويتحدي أهل الكفر والشرك والإلحاد أن يجدوا فيه صورة واحدة من صور الاختلاف أو التناقض علي توالي العصور عليه‏,‏ وكثرة النظر فيه‏,‏ وصدق الله العظيم إذ يقول‏:‏
أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا‏.‏
‏[‏ النساء‏82]‏

واذ يكرر التساؤل التقريعي في سورة الرحمن إحدي وثلاثين مرة فبأي آلاء ربكما تكذبان‏,‏ ويؤكد ضرورة تدبر القرآن وانه تعالي قد جعله في متناول عقل الإنسان فيذكر ذلك أربع مرات في سورة القمر حيث يصدع التنزيل بقول الحق‏‏ تبارك وتعالي‏)‏
ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر
‏[‏ القمر‏:‏ الايات‏17‏ و‏22‏ و‏32‏ و‏40]‏
والذكر هنا ـ كما يجمع المفسرون ـ يشمل التلاوة والتدبر معا‏,‏ ويشير إلي استمرار تلك العملية مع تبادل العصور وتجدد الأزمان‏,‏ ومن هنا يبقي النص القرآني ثابتا ويتجدد‏,‏ فهم الناس له كلما اتسعت دائرة معارفهم ونمت حصيلتهم العلمية‏,‏ وذلك بالقطع ـ فيما لم يرد في شرحه شيء من المأثور الموثق‏,‏ وليس في ذلك مقابلة بين كلام الله وكلام الناس ـ كما يدعي البعض ولكنه المحاولة الجادة لفهم كلام الله وهو الذي أنزله الله تعالي للبشر لكي يفهموه ويتعظوا بدروسه‏,‏ وفهمه في نفس الوقت هو صورة من صور الاعجاز في كتاب الله‏,‏ لاينكرها إلا جاحد‏.‏
أما القول بأن مايسمي بحقائق العلم ليس إلا نظريات وفروضا‏,‏ يبطل منها اليوم ما كان سائدا بالأمس‏,‏ وربما يبطل في الغد ماهو سائد اليوم فهو أيضا قول ـ ساذج لأن هناك فروقا واضحة بين الفروض والنظريات من جهة والقواعد والقوانين من جهة أخري‏,‏ وهي مراحل متتابعة في منهج العلوم التجريبية الذي يبدأ بالفروض ثم النظريات وينتهي بالقواعد والقوانين‏,‏ والفروض هي تفسيرات أولية للظواهر الكونية‏,‏ والنظريات هي صياغة عامة لتفسير كيفية حدوث تلك الظواهر ومسبباتها‏,‏ أما الحقائق الكونية فهي مايثبت ثبوتا قاطعا في علم الإنسان بالأدلة المنطقية المقبولة وهي جزء من الحكمة التي نحن أولي الناس بها‏,‏ وكذلك القوانين العلمية فهي تعبيرات بشرية عن السنن الإلهية في الكون‏,‏ تصف علاقات محددة تربط بين عناصر الظاهرة الواحدة‏,‏ أو بين عدد من الظواهر الكونية المختلفة‏,‏ وهي كذلك جزء من الحكمة التي أمرنا بأن نجعلها ضالة المؤمن‏.‏







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-22-2012, 12:15 PM   #17

موقوف
 

 رقم العضوية : 83041
 تاريخ التسجيل : Apr 2012
 العمر : 32
 الجنس : ~ امرأة
 المكان : سورية بلد الياسمين
 المشاركات : 5,419
 الحكمة المفضلة : ربما كان من الخير أن تحب بعقل وروية، ولكن من الممتع حقا أن تحب بجنون...
 النقاط : القمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 28266
 قوة التقييم : 0

القمر الباكي غير متواجد حالياً

أوسمة العضو

249 

افتراضي

المادة وقرين المادة


نحن نعلم أن العزيز الحكيم خلق الإنسان وجعل منه زوجين ذكرا وأنثى قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) حتى يكون للإنسان رفيق وحتى ليزداد التعارف والمودة بين خلقه . ولم يقتصر هذا النظام على الإنسان فقط بل تعداه ليشمل مملكة الحيوان فقد جاء فيهما قال تعالى : ( وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى * من نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى) وقول الله تعالى : ( قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) وكذلك مملكة النبات قال تعالى : ( وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) فالإنسان والشطر الأكبر من فصائل الحيوان والنبات خلقوا جميعا في صورة الذكر والأنثى , هذا ما يخبرنا به القرآن وهو ما تعلمناه في علوم الأحياء .

وبالإضافة إلى ذلك نرى في الآية التالية شمولا أكبر وأعم قال تعالى : ( وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) فكلمة " شيء " هنا فهمها من قبلنا ويفهمها أكثرنا على أنها تشمل الإنسان والحيوان والنبات فقد جميع القرآن ذكرهم في هذه الآية وأخبرنا بأنه جعل من كل المخلوقات الحية زوجين . وقد يكون الأمر كذلك , ولكنا إذا أمعنا النظر لوجدنا أن كلمة " شيء " فيها شمول أكثر من النبات والحيوان والإنسان , أنها تشمل الجماد أيضا . فهل في الجماد زوجان ؟ من أجل الإجابة على هذا السؤال نحتاج لنزهة قصيرة في فيزياء الجسيمات .

في النصف الأول من القرن العشرين كان أحد الفيزيائين الإنجليز – واسمه ديراك Dirak - يقوم بأبحاث على معادلات الالكترونات , والالكترونات كما نعلم هي الجسيمات السالبة الشحنة التي تدور حول نواه الذرة , وفي أثناء قيامه بهذه الأبحاث اكتشف أن المعادلات لها حلين وليس حل واحد . وأي واحد منا تعامل مع معادلات الدرجة الثانية يستطيع أن يدرك بسهوله هذا الموقف . فمعادلات الدرجة الثانية تحتوي على مربع كمية مجهولة , والكمية المربعة دائما موجبة , فحاصل ضرب 2x2 يعطى 4 كذلك حاصل ضرب -2 x -2 يعطى أيضا نفس النتيجة . ومعنى ذلك أن الجذر التربيعي لــ 4 هو أما 2 أو - 2 . وقد كانت معادلات ديراك أكثر تعقيدا من هذا المثال ولكن المبدأ هو نفسه , فقد حصل على مجموعتين من المعادلات إحداهما للاكترونات السالبة الشحنة والأخرى لجسم مجهول ذو شحنة موجبة . وقد قام ديراك ببعض المحاولات الغير ناجحة لتفسير سر هذا الجسيم المجهول , فقد كان يؤمن بوجوده , ولكن الفيزيائيون تجاهلوا بعد ذلك فكرة وجود جسيم موجب الشحنة ممكن أن يكون قرينا للالكترونات تماما كما يتجاهل المهندس الذي يتعامل مع معادلات الدرجة الثانية الحلول التي تعطى أطوالا أو كتلا سالبة .
وبعد عدة سنوات من أعمال ديراك النظرية وفي أوائل الثلاثينات اكتشف أثار هذا الجسيم المجهول في جهاز يسمى بغرفة الضباب ( cloud chambre ) , وعند دراسة تأثير المجال المغناطيسي على هذه الآثار اكتشف أن كتلة ذلك الجسيم تساوي كتلة الالكترون وانه يحمل شحنة موجبة ومساوية لشحنة الالكترون وعندئذ سمى هذا الجسيم بقرين الالكترون ( Antielectron ) أو بالبوزترون ( Positron ) ومن ثم بدأ البحث عن قرائن الجسيمات الأخرى فمعنى وجود قرين للالكترون وجود قرائن للجسيمات الأخرى , وفعلا بدأ اكتشاف هذه القرائن الواحد يلي الآخر وبدأ تقسيمها إلى أنواع لن ندخل في تفاصيلها وسوف نكتفي بذكر نتيجتها النهائية وهي وجود قرين لكل جسيم بل ولكل جسم .

حصل العالم باول ديفيز في عام 1995 على) جائزة عالمية قدرها مليون دولار لبحوثه التي تدعم العلاقة ما بين العلم والدين وقد أصدر العديد من المؤلفات وأبرزها : الله والفيزياء الحديثة .. إن حقائق علم الفيزياء الحديثة تعمق في النفس البشرية الإيمان بالله واليوم الأخر والغيب ) .

وإكتشاف قرين المادة يخبرنا باحتمال وجود عالم آخر يناظر عالمنا المادي ويتكون من قرائن الجسيمات أي من قرين المادة . أي هو هذا العالم الذي يتكون من قرين المادة ؟ هذا هو السؤال الذي لم يستطع أحد الإجابة عليه , فالأرض تتكون أساسا من مادة وليس من قرائن المادة , أما قرائن المادة التي يتم إنتاجها في الأشعة الكونية ( cosmic rays ) أو في معجلات الجسيمات ( Particle accelerator ) لا تعيش مدة طويلة في الأجواء الأرضية , فبمجرد أن تنخفض سرعتها بعض الشيء تحتم عليها أن تواجه مصيرها المؤلم الذي لا تستطيع الفرار منه وهو المحق أو الإبادة بواسطة المادة المقابلة لها التي تملأ أجواء الأرض . فعندما يتقابل الجسيم مع قرينه أو المادة مع قرينها يبدد كل منهما الآخر ويختفي الاثنان في شيء يشبه الإنفجار متحولين كليهما إلى طاقة معظمها في صورة أشعة جاما .

وأحد الألغاز التي حيرت الفيزيائيين هو مقدار القرائن الداخلة في بناء هذا الكون فهل تعتبر الأرض نموذجا مصغرا لبقية الكون ؟ أي هل تزيد نسبة المادة في الكون كله عن نسبة قرائنها كما هو الحال في الأرض ؟ قد نستطيع الجزم بأن نسبة قرائن المادة في مجرتها نسبة ضئيلة وإلا تبددت أكثر المواد الموجودة بين النجوم ولسجلت مراصدنا كميات أكبر بكثير من أشعة جاما . ولكن من يدرينا أن الأمر لا يختلف عن ذلك في المجرات الأخرى النائية التي تقع في أطراف الكون النائية , فربما وجدت مجرات بأكملها تسمى بقرائن المجرات وتتكون من قرائن النجوم وإذا سلمنا بوجود قرينا للمجرة وجدنا أنفسنا أمام سؤال آخر محير وهو : ما الذي يمنع المجرة وقرينها من الاقتراب من بعضها ومن ثم التبدد والزوال ؟ هل هو الفراغ الكوني الهائل والمسافات الشاسعة التي أوجدها العلي القدير لتفصل بين المجرات وقرائنها ؟ وهل تقدم لنا هذه النظرية تفسيرا جديدا لقوله العزيز الحكيم : ( إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) فتبدد المجرات وقرائنها وزوالها بهذه الطريقة قد يتم في لحظات ويكون نتيجته كمية هائلة من الطاقة فتبدو السماء وكأنها وردة كالدهان قال تعالى : (فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ) ونحن لا نستطيع تصور انشقاق السماء كيف ستنشق ؟ وأي جزء منها سيبدو منشقا ؟ ولكن إذا حدث وتبددت مجرتنا مع قرينتها فذلك يعني تبدد كل مستوى المجرة الذي نراه نحن من داخلها وكأنه يقسم الكون إلى قسمين فتبدوا المساء منشقة وعندئذ تنكر النجوم وتنطمس فكل نجم يتبدد عندنا يقترب من قرين النجم قال تعالى : (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ * وَإِذَا السَّمَاء فُرِجَتْ) وإذا تبددت النجوم بهده الطريقة وتحولت كتلتها إلى طاقة فعندئذ تتلاشى تلك القوى التي تجذب الكواكب إلى النجوم في مساراتها فتتعثر الكواكب وتنتثر قال تعالى : ( إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ) ونتج عن ذلك اضطرابات هائلة على كوكبنا الأرض قال تعالى : (وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ) وقال تعالى : (وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ) وقال تعالى : (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) .. سورة الإنفطار

إنها علامات الساعة التي أخبرنا الخالق البارئ بها وقد يقدم لنا موضوع فيزياء الجسيمات وقرائنها تفسيرا لها فزوال المادة وقرينها أصبح حقيقة علمية تحدث يوميا في معجلات الجسيمات التي تحول الطاقة إلى مادة . وإذا عدنا إلى الآية الكريمة : ( وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ) لوجدنا أن إجابتنا ستكون بالإيجاب على سؤال وجود الجماد أو المادة في صورة زوجين المادة وقرينها , فالخلاق الكريم لم يخلق الإنسان والحيوان والنبات فقط في صورة زوجين بل جعل من كل شيء زوجين حتى من الجماد والمادة وهذا هو تفسير الشمول التام الذي نراه في الآية : ( وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) سورة الذريات .
ومما يذكر أن الفيزيائي المسلم - محمد عبد السلام الباكستاني الجنسية الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1979 والذي قام بأبحاث هامة في موضوع الجسيمات وقرائنها وكان له الفضل في وضع النظرية التي جمعت بين قوتين رئيسيتين من القوى الأربع المؤثرة في هذا الكون وهما القوة الكهرومغناطيسية والقوة النووية الضعيفة صرح بعد حصوله على الجائزة أن الآية القرآنية : ( وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ) كانت بمثابة إحساس خفي وإلهام قوي له وذلك أثناء أبحاثه على قرائن الجسيمات المادية . فقد فهم هذه الآية فهما شاملا يطوي بني كلماتها حقيقة وجود قرائن للمادة كحقيقة وجود أزواج أو قرائن في مملكة النبات والحيوان الإنسان .
من كتاب " آيات قرآنية في مشكاة العلم " د : يحيى المحجري







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-22-2012, 12:16 PM   #18

موقوف
 

 رقم العضوية : 83041
 تاريخ التسجيل : Apr 2012
 العمر : 32
 الجنس : ~ امرأة
 المكان : سورية بلد الياسمين
 المشاركات : 5,419
 الحكمة المفضلة : ربما كان من الخير أن تحب بعقل وروية، ولكن من الممتع حقا أن تحب بجنون...
 النقاط : القمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 28266
 قوة التقييم : 0

القمر الباكي غير متواجد حالياً

أوسمة العضو

249 

افتراضي


القلب مركز التعقل


س : هل مركز الإيمان والتصبر في الإنسان هو القلب ؟ وإذا كان كذلك فكيف الحال في عمليات نقل القلوب والقلوب الصناعية ؟ وهل القلب في القرآن والسنة هو هذا القلب ؟
ج : اليوم فقط في الفجر وجدت جوابا جديدا كنت أبحث عنه , فمنذ مدة ونحن نتتبع هذا فأرسلنا واحدا من إخواننا إلى مركز إجراء العمليات الصناعية لتغيير القلوب الصناعية إلى أمريكا قال : لو تسمحون لي أن أقابل المرضى ؟ قالوا : لا نسمح لك ! لماذا ؟ أريد أن أقابلهم وأن أسألهم . فماذا حدث ؟ انزعجوا انزعاجا شديدا من طلبي ! فما السبب ؟ قالوا لي : أي معلومة تريدها نحن سنقدمها لك . قلنا : إن شاء الله ربنا سيكشف وسيجعل من هذا إعجازا علميا نتكلم عنه في الأعوام القادمة والأيام القادمة - إن شاء الله - هكذا وسترون وستذكرون . فأخذنا نتتبع فإذا بأستاذ بجامعة الملك عبد العزيز قال لي : أما سمعت الخبر ؟! قلت ما هو ؟ قال نشر في الجريدة منذ ثلاث سنوات ونصف . تقول الجريدة : إنهم اكتشفوا أن القلب ليس مضخة للدماء , بل هو مركز عقل وتعقل . الله أكبر أرني الجريدة سلمني الجريدة فأحضرها لي وهي موجودة عندي وهذا أول باب . مرت الأيام وإذا بمركز لتبديل القلوب بالأردن , فقلت هذه بلاد عربية لعلنا إن شاء الله يتيسر لنا معلومة , وأن نرى ذلك بأعيننا فأحد الأخوة من المتتبعين لهذا الموضوع قال : هل سمعت المؤتمر الصحفي لأول شخص بدل قلبه ؟ قلت : لا قال : عقد مؤتمر صحفي وقالوا : لو أنكم معنا في البيت تشاهدون سلوك هذا ما غبطتمونى على هذا . يبقى هناك شيء ولكنه ليس محل تركيز وأبحاث . اليوم في الفجر اتصل بي أحد الإخوة من الأطباء السعوديين يشتغل في عملية تغيير القلوب ويريد أن يعد بحثا عن هذا الموضوع , فأخذت أسأله : أنا أريد أن تركز على التغييرات العقلية التي تحدث والنفسية , والقدرة على الاختيار ماذا يحدث ؟ قال : أولا أريد أن أقول لك شيئا معلوما الآن عند العاملين في هذا الحقل وهو أن القلب الجديد لا تكون فيه أي عواطف ولا انفعالات .. كيف هذا الكلام ؟ قال : هذا القلب إذا قربت إليه خطرا بدا وكأنه لا شيء يهدده ! بينما الثاني يرعش وإذا قربت شيئا يحبه بدا وكأنك لم تقدم إليه شيئا . قلب بارد غير متفاعل مع سائر الجسد . فأقول : هذا إن شاء الله سيكشف عن كثير من أوجه الإعجاز وسيبين ما نبحث عنه واصبروا قليلا , فإن المسألة في بدايتها وهاهم يقولون : أكتشفوا في القلب هرمونات عاقلة , وهرمونات عاقلة ترسل رسائل عاقلة إلى الجسم كله وإن القلب مركز عقل وتعقل , وليس مجرد مضخة والله أعلم وإن موعدنا قريب بإذن الله

المصدر " أنت تسأل والشيخ الزنداني يجيب حول الإعجاز العلمي في القرآن والسنة " للشيخ عبد المجيد الزنداني

قال تعالى : (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا) (الإسراء-36)







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-22-2012, 12:17 PM   #19

موقوف
 

 رقم العضوية : 83041
 تاريخ التسجيل : Apr 2012
 العمر : 32
 الجنس : ~ امرأة
 المكان : سورية بلد الياسمين
 المشاركات : 5,419
 الحكمة المفضلة : ربما كان من الخير أن تحب بعقل وروية، ولكن من الممتع حقا أن تحب بجنون...
 النقاط : القمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 28266
 قوة التقييم : 0

القمر الباكي غير متواجد حالياً

أوسمة العضو

249 

افتراضي

القلب مركز التعقل


س : هل مركز الإيمان والتصبر في الإنسان هو القلب ؟ وإذا كان كذلك فكيف الحال في عمليات نقل القلوب والقلوب الصناعية ؟ وهل القلب في القرآن والسنة هو هذا القلب ؟
ج : اليوم فقط في الفجر وجدت جوابا جديدا كنت أبحث عنه , فمنذ مدة ونحن نتتبع هذا فأرسلنا واحدا من إخواننا إلى مركز إجراء العمليات الصناعية لتغيير القلوب الصناعية إلى أمريكا قال : لو تسمحون لي أن أقابل المرضى ؟ قالوا : لا نسمح لك ! لماذا ؟ أريد أن أقابلهم وأن أسألهم . فماذا حدث ؟ انزعجوا انزعاجا شديدا من طلبي ! فما السبب ؟ قالوا لي : أي معلومة تريدها نحن سنقدمها لك . قلنا : إن شاء الله ربنا سيكشف وسيجعل من هذا إعجازا علميا نتكلم عنه في الأعوام القادمة والأيام القادمة - إن شاء الله - هكذا وسترون وستذكرون . فأخذنا نتتبع فإذا بأستاذ بجامعة الملك عبد العزيز قال لي : أما سمعت الخبر ؟! قلت ما هو ؟ قال نشر في الجريدة منذ ثلاث سنوات ونصف . تقول الجريدة : إنهم اكتشفوا أن القلب ليس مضخة للدماء , بل هو مركز عقل وتعقل . الله أكبر أرني الجريدة سلمني الجريدة فأحضرها لي وهي موجودة عندي وهذا أول باب . مرت الأيام وإذا بمركز لتبديل القلوب بالأردن , فقلت هذه بلاد عربية لعلنا إن شاء الله يتيسر لنا معلومة , وأن نرى ذلك بأعيننا فأحد الأخوة من المتتبعين لهذا الموضوع قال : هل سمعت المؤتمر الصحفي لأول شخص بدل قلبه ؟ قلت : لا قال : عقد مؤتمر صحفي وقالوا : لو أنكم معنا في البيت تشاهدون سلوك هذا ما غبطتمونى على هذا . يبقى هناك شيء ولكنه ليس محل تركيز وأبحاث . اليوم في الفجر اتصل بي أحد الإخوة من الأطباء السعوديين يشتغل في عملية تغيير القلوب ويريد أن يعد بحثا عن هذا الموضوع , فأخذت أسأله : أنا أريد أن تركز على التغييرات العقلية التي تحدث والنفسية , والقدرة على الاختيار ماذا يحدث ؟ قال : أولا أريد أن أقول لك شيئا معلوما الآن عند العاملين في هذا الحقل وهو أن القلب الجديد لا تكون فيه أي عواطف ولا انفعالات .. كيف هذا الكلام ؟ قال : هذا القلب إذا قربت إليه خطرا بدا وكأنه لا شيء يهدده ! بينما الثاني يرعش وإذا قربت شيئا يحبه بدا وكأنك لم تقدم إليه شيئا . قلب بارد غير متفاعل مع سائر الجسد . فأقول : هذا إن شاء الله سيكشف عن كثير من أوجه الإعجاز وسيبين ما نبحث عنه واصبروا قليلا , فإن المسألة في بدايتها وهاهم يقولون : أكتشفوا في القلب هرمونات عاقلة , وهرمونات عاقلة ترسل رسائل عاقلة إلى الجسم كله وإن القلب مركز عقل وتعقل , وليس مجرد مضخة والله أعلم وإن موعدنا قريب بإذن الله

المصدر " أنت تسأل والشيخ الزنداني يجيب حول الإعجاز العلمي في القرآن والسنة " للشيخ عبد المجيد الزنداني

قال تعالى : (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا) (الإسراء-36)







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-22-2012, 12:17 PM   #20

موقوف
 

 رقم العضوية : 83041
 تاريخ التسجيل : Apr 2012
 العمر : 32
 الجنس : ~ امرأة
 المكان : سورية بلد الياسمين
 المشاركات : 5,419
 الحكمة المفضلة : ربما كان من الخير أن تحب بعقل وروية، ولكن من الممتع حقا أن تحب بجنون...
 النقاط : القمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond reputeالقمر الباكي has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 28266
 قوة التقييم : 0

القمر الباكي غير متواجد حالياً

أوسمة العضو

249 

افتراضي

حالة الصدر في الطبقات العليا


في المؤتمر العلمي الأول عن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة الذي عقد في إسلام آباد تقدم الدكتور صلاح الدين المغربي وهو عضو في الجمعية الأمريكية لطب الفضاء وهو أستاذ لطب الفضاء بمعهد طب الفضاء بلندن ببحث عن حالة الصدر في طبقات الجو العليا فقال : لنا حويصلات هوائية . والأوكسجين إذا دخل في الهواء ينفخ هذه الحويصلات الهوائية فنراها منتفخة , لكن إذا صعدنا إلى طبقات الجو العليا ينقص الهواء , وينقص الأكسجين فيقل ضغطه فتنكمش هذه الحويصلات ويقل الأكسجين فإذا انكمشت هذه الحويصلات ضاق الصدر .. يضيق .. ويتحرج التنفس ويصبح صعبا . قال من سطح البحر إلى 000 و10 قدم لايحدث تغير . من 000و10 قدم إلى 000و16 قدم في هذه المنطقة يبدأ الجسم في تكييف نفسه ليعدل النقص الذي حدث والتغيير الذي حدث ومن 000و16 قدم إلى 000و25 قدم يبدأ الضيق الشديد في الصدر فيضيق الصدر , ويصاب صاحبة بالإغماء , ويميل إلى أن يقذف وتأخذه دوخة , ويكون التنفس حادا جدا وهذه الحالة تقع للطيار الذي تتعطل أجهزة التكييف في كابينة الطائرة فكلما صعد الإنسان إلى أعلى نقص الأكسجين فيتعذر التنفس وتتحرج العمليات الحيوية , ويضيق الصدر لعدم وجود هواء يضغط على هذه الحويصلات الهوائية بل بعد 000و25 قدم تتمدد الغازات في المعدة فتضغط على الحجاب الحاجز فيضغط على الرئتين ويضيق الصدر قال : كل هذا يشير إليه المولى في قوله تعالى : ( فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ) سورة الأنعام : 125 يضرب مثلا بحال من يصعد في السماء .. هل كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عنده من الطيران ما يمكنه من معرفة تلك الحقائق ؟! لقد كان عنده أكثر من ذلك عنده الوحي يأتيه الوحي من الله هذا البحث تقدم به أربعة من علماء الأرصاد في جامعة الملك عبد العزيز بجدة اشتركوا معه فيه
المصدر "العلم طريق الإيمان " للشيخ عبد المجيد الزنداني







  رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الــعــلــمــي, الــفـــلــك, الـــطـــب, الــطــ, الإعــجــــاز

« زنـــاة الإنترنت | موسوعة علم التجويد »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6)
 

Posting Rules
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الإعـــجـــاز الــعــلــمــي فــي الــقــرآن والــســنّــه بنوتة كيوت منتدى الاسلاميات والقرأن الكريم 8 09-05-2008 03:59 PM
الإعــجــــاز ^ الــعــلــمــي * الــفـــلــك ** الـــطـــب ** الــطـــبيــعة ُEmy funny منتدى الاسلاميات والقرأن الكريم 17 05-06-2008 07:33 PM


الساعة الآن 03:38 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 RC 1
منتديات بنات مصر . منتدى كل العرب

a.d - i.s.s.w


elMagic Style.Design By:۩۩ elMagic ۩۩