اهوال يوم القيامه ( 1 )

[عاشق متيم]

بسم الله الرحمن الرحيم
الهول الأول: الاحتضار

وفي الاحتضار أحوال ثلاث: سكرات الموت.. رؤية ملك
الموت عليه السلام.. الخاتمة

مفاتيح النجاة:الاستقامة.. التوحيد.. الموت على عمل
صالح.. الموت برشح الجبين

الحمد لله ربّ العالمين حمدا يوافي نعمه, حمدا كما ينبغي لجلال وجهه الكريم وعظيم سلطانه, سبحانه ربنا لا نحصي ثناء عليه كما أثنى على نفسه المجيدة, الحمد لله بارىء المخلوقات, وناشر الأموات, ومقيل العثرات, ومولى النعم السابغات , وكاشف الغمم المطبقات, وأصلي وأسلم وأبارك على من أرسله الله عزوجل رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين وبعد,



أهوال يوم القيامة كثيرة المواقف, ولا بدّ من التعرّض اليها كي نتقيها بأعمال صالحة تقربنا الى الله عزوجل زلفى, فكما أنّ الايمان مطلوب ومحمود ومندوب أيضا العمل, وكما أنّ الايمان بلا عمل لا يكون مقبولا أيضا العمل بلا ايمان لا يكون مقبولا, اذ للحصول على القبول من الله عزوجل لا بدّ أن يكون الايمان والعمل متلازمان كما في قوله تعالى: وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين وكقوله تعالى بأية عظيمة ختم بها سورة الكهف : فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا.



وأهوال يوم القيامة قدّرها العلماء بثمانية أهوال , وسنتعرض الأهوال الثمانية بشيء من التفصيل الذي يجعلنا نستوعبها كاملة كي نهيء أنفسنا عملا بقوله عليه الصلاة والسلام: الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت.. والكيّس هنا العاقل, ودان أي حاسب, ليكون معنى الحديث: العاقل من حاسب نفسه قبل أن يحاسب, اي قبل الموت ثم كانت أعماله خالصة لله تعالى كي يكتب لها القبول كما في قوله تعالى: فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا..لأنّ الاخلاص في العمل شرطا في قبوله



فلنشحذ هممنا بطاعة الله عزوجل عسى أن يخفف عنا مولانا عزوجل من أهوالها ويحشرنا مع الذين أنعم الله عليهم من الأنبياء والشهداء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا.





يقول المولى تبارك وتعالى في سورة ق: وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد

ويقول المولى تبارك وتعالى في سورة الأنعام 93: ولو ترى اذ الظالمون في غمرات الموت.

ويقول المولى عزوجل في سورة الواقعة 83: فلولا اذا بلغت الحلقوم.

ويقول عزوجل في سورة القيامة 26: كلا اذا بلغت التراقي

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا اله الا الله انّ للموت سكرات.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: انّ الملائكة تكتنف العبد وتحبسه, ولولا ذلك لكان يعدو في الصحارى والبراري من شدة سكرات الموت.



نخلص من قوله تبارك وتعالى ومن ثم من حديثي النبي صلى الله عليه وسلم هذا أنّ سكرات الموت حق على نفس حيّة, وأنّ النبي صلى الله عليه وسلم بعلو شأنه ومنزلته عند الله عزوجل لم ينجو منها, وكما قال عليه الصلاة والسلام: لا اله الا الله انّ للموت سكرات..نعم هذا هو الانسان عندما يثقل جسمه وتضعف سيطرته على أعضاءه, والروح الطيبة نسأله تعالى أن يجعلنا واياكم من أصحابها يكون انتزاعها كقطرة تسيل على جانب الوعاء سهلة يسيرة, والروح الخبيثة عافانا الله واياكم منها تجد كل شدة في معالجة الملائكة عليهم الصلاة والسلام لها أشدّ من سبعين ضربة بالسيف.



من هو ذلك الانسان الضعيف المسكين الجبار العاتي الذي لا يشكل في صفحة الطبيعة الا رقما بسيطا ممنوعا من الصرف من مكنوناتهها غارقا في طوفان الاحصاءات الكونية من مخلوقات الله؟



ومن منطق العقل الحصيف ازاء هذه الدنيا الفانية أن يعمل للآخرة الباقية بما وسعه من الجهد لا يلهيه مال ولا ولد ولا زوجة ولا شغل ولا أي شيء من متاع الدنيا الفانية فيقبل على الله عزوجل بكل همة ونشاط راجيا رحمة ربه من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة, يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم, وأزلفت الجنة للمتقين, يوم تقول نفس يا حسرة على ما فرطت في جنب الله, يوم تقول فيه يا ليتني قدّمت لحياتي, يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها والأمر يومئذ لله.



الساعات الأخيرة في حياة خير البرية صلى الله عليه وسلم



انّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يرقد في فراشه طيلة عمره الشريف الا مرة واحدة تلك التي نزل به فيها مرض الموت, ولم يظلّ في مرضه صلى الله عليه وسلم أكثر من أيام قليلة لم تتجاوز الأسبوعين في الغالب, فقد نزل به عليه الصلاة والسلام المرض نزولا صعبا في صورة حمى جعلته يهجر من شدتها, ثم أفاق أياما , ثم بعد ذلك شددت الحمى عليه حتى أسلم الروح الشريفة الى بارئها ليلة السادس من سبتمبر لعام 633 ميلادية, ومما يؤثر عنه أنه في مرض الموت لم يسأل صلى الله عليه وسلم الله عزوجل الافافة من المرض, وكان يردد عليه الصلاة والسلام دائما: بل الرفيق الأعلى.. بل الرفيق الأعلى.. ثم أمر من حوله بقوله عليه الصلاة والسلام: هوريقوا عليّ سبع قرب من آبار شتى, وحتى أخرج الى الناس فأعهد اليهم.



قالت ام المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: ماأغبط أحد بهون موت بعد الذي رأيت من شدة موت رسول الله صلى الله عليه وسلم.



وروي عن عيسى عليه الصلاة والسلام أنه قال: يا معشر الحواريين! ادعوا الله أن يهوّن عليكم هذه السكرة.. أي سكرات الموت.



وعن مكحول بن وائلة رضي الله عنه , عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: والذي نفسي بيده لمعاينة ملك الموت أشدّ من ألف ضربة بالسيف.



وفي حديث طويل عن أنس بن مالك رضي الله عنه , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنّ الملائكة تكتنف العبد وتحبسه, ولولا ذلك لكان يعدو في الصحارى والبراري من شدة سكرات الموت.

وعن أبي ميسرة رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لو أنّ ألم شعرة من الميّت وقع على أهل السماء والأرض لماتوا جميعا.



وروي أنّ العبد في ساعة الاحتضار تنزل الملائكة عليهم الصلاة والسلام على المحتضر وتجلس قريبا منه , ويشاهدهم عينا ويتحدثون عنده ومعهم الأكفان والحنوط, والحنوط نوعان: اما حنوط من الجنة واما حنوط من النار, ويؤمنون على دعاء الحاضرين بالخير والشر, وقد يسلمون على المحتضر ويرد عليهم تارة بلفظه وتارة باشارته وتارة بقلبه ان كان لا يتمكن من النطق أو الاشارة. ويعرض على الميت حال اشتداد النزع به أو دخوله في البرزخ أهل مجلسه في الدنيا, اما أهل ذكر واما أهل لهو, ثم يعرض عليه جميع أعماله, ويرى أثناء دخوله البرزخ أو قبيل ذلك كلّ عمله الذي عمله في حياته الدنيا الفانية, ويطيب لي في هذا الموقف أن أذكر هذا الموقف, اذ جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: انّ أبي قال وهو يحتضر: ليته كان بعيدا, ليته كان جديدا, ليته كان كاملا, فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بأنه رأى فضل الخطو الى المسجد فقال ليته كان بعيدا.... ومرّ رجل يتألم من البرد فأعطاه ثوبا باليا, فلما رأى فضل الثوب: قال: ليته كان جديدا... ومرّ جائع وهو يطعم فأعطاه رغيفا كان قد أخذ منه فلما رأى فضله قال: ليته كان كاملا.



وهذا هو بلال رضي الله عنه, موذن الرسول صلى الله عليه وسلم يرى مقامه قبيل دخوله ساحة الآخرة وهو يعالج سكرات الموت فيقول: غدا نلقى الأحبة محمدا وصحبه.للميت عند موته ثلاثا: ان رشح جبينه, وذرفت عيناه, وانتثر منخراه, ففي رحمة من الله نزلت به, وان غطّ غطيط البكر المخنوق, وأزبد شاقاه, فهو في عذاب من الله تعالى قد حلّ به.



وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه: موت المؤمن بعرق الجبين تبقى عليه البقية من الذنوب, فيجازف بها عند الموت...أي يشدد الله عليه سكرات الموت لتمحى عنه ذنوبه.



وفي الحديث القدسي الجليل يقول الله تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي لا أخرج من الدنيا عبدا أريد أن أعذبه حتى أوفيه بكلّ حسنة عملها بصحة في جسده, وسعة في رزقه, ورغد في عيشه, وأمن في سربه, حتى أبلغ منه مثاقيل الذر, فان بقي له شيء هوّنت عليه سكرات الموت حتى يفضي اليّ وليس له حسنة يتقي بهما النار.



وهذا الحديث القدسي الجليل كقوله تعالى في سورة القارعة: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره.



وعن زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: اذا بقي على المؤمن من ذنوبه شيء لم يبلغه بعمله شدد عليه الموت ليبلغ بسكرات الموت وشدائده درجته من الجنة, وانّ الكافر اذا كان قد عمل معروفا في الدنيا, هوّن عليه الموت ليستكمل ثواب معروفه في الدنيا ثم يصير الى النار.



وقد ورد في كتاب سكرات الموت للدكتور السيد الجميلي رحمه الله حيا وميتا ما نصه: روى عن الحسن رحمه الله أنه قال: لما مات خليل الرحمن ابراهيم عليه الصلاة والسلام, اجتمعت عليه أرواح الأنبياء صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين, فقالوا: ان الله اتخذك خليلا من بين سائر الأنبياء والرسل, فان كان الموت حق عن واحد فأنت هو, فأخبرنا كيف وجدت طعم الموت؟ فقال عليه الصلاة والسلام: أواه! وجدته والله شديدا, والذي لا اله غيره, هو أشدّ من الطبخ في القدور, والقطع بالمناشير, أقبل ملك الموت نحوي بكلوب من حديد, فأدخله في كل عضو مني ثم استلّ الروح من كل عضو حتى جعله في القلب, ثم طعن في القلب طعنة بحربته المسمومة بسم الموت, فلو أني طبخت في القدور سبعين مرة لكان أهون علي, فقالوا: يا ابراهيم! لقد هوّن الله عليك الموت.... وهذا ما أكدّه القرآن الكريم : انا قد هوّنا عليك يا ابراهيم.



فاذا كان هذا حال خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام وهو أول من عبد الله عزوجل على الفطرة, وأول من توجه الى الله سبحانه وتعالى بكل جارحة فيه, وهو أقرب عباد الله عزوجل اليه عزوجل, وهذا حاله من الذعر والوجد من سكرة الموت, فما بالنا نحن المسرفين على أنفسنا؟ كلفوا بالمعاصي فأدمنوا عليها وتعلقوا بها, ولم ينهانا الخوف والخشية من الله عزوجل وعذابه من: اجتراح السيئات وانتهاك الحرمات وهجر المساجد وترك الجماعات؟



وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لو علمت الطير والبهائم من الموت ما تعلمون ما أكلتم منها سمينا.



وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تتمنوا الموت فانّ هول المطلع شديد, وانّ سعادة المرء أن يرزقه الله تعالى الانابة ويطيل عمره.... وقال عليه الصلاة والسلام : خيركم من طال عمره وحسن عمله.



ولما احتضر أبو الدرداء رضي الله عنه جعل يقول: ألا رجل يعمل لمثل مصرعي هذا؟ ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هذه؟ ألا رجل يعمل لمثل يومي هذا؟ ثم بكى... فقالت له امرأته رضي الله عنها: تبكي وقد صاحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال رضي الله عنه: وما لي لا أبكي ولا أدري علام أهجم من ذنوبي...



وهذا ابراهيم ابن أدهم رحمه الله يخبرنا عن أحد العباد وهو يحتضر فقال: دخلنا نعوده فجعل يتأسف ويتنفس , فقلت له: على ماذا تتأسف؟ فقال: على ليلة نمتها ولم أقم ليلها... وعلى يوم أفطرته ولم أصمه... وعلى ساعة غفلت فيها عن ذكر الله عزوجل....



فلتكن هذه الأحوال بمن سبقونا الى الآخرة عبرة لنا من خلالها نعيبد جدولة أعمالنا واعادة حساباتنا, وهذه الأمة كانت عبادة قائمة الليل, وتصلي الصلوات الخمس في المساجد, فليكن السلف الصالح زاجرا لنا عن الغفلة التي نعيشها عن ذكر الله عزوجل وحافزا على ذكره وشكره وحسن عبادته..



حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: من نوقش الحساب فقد عذّب فقلت : يا رسول الله! انك دائما تقول: اللهم حاسبني حسابا يسيرا..فقال عليه الصلاة والسلام: انما ذلك العرض, وما من عبد يناقشه الله يوم القيامة الا هلك,,, فقلت: حتى أنت يا رسول الله؟ قال عليه الصلاة والسلام: حتى أنا..الا أن يتغمدني الله برحمته...



هي الرحمة الالهية التي فيها النجاة من كل هول وكرب وغمّ وهمّ وبغيرها لا نجاة, هي رحمة الله عزوجل التي يدخل من يشاء من عباده فيها كما في قوله تعالى في آية ختم بها سورة الانسان: يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعدّ لهم عذابا اليما... هي الملاذ الوحيد التي وعد الله بها عباده المتقين.. وبمسك الختام قوله تعالى في سورة الأعراف 156- 157:



ورحمتي وسعت كل شيء, فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون*

الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحلّ لهم الطيبات ويحرّم عليهم الخبائث.......

[واد حبيب]

جزاك الله كل خير
يعطيك الف عافيه

[‎Mя_kaSpEr]

اللهم لاتحاسبنى بعدلك وحاسبنى برحمتك ياارحم الرحمين
موضوع فيه الكثير والكثير من المواعظ والوقوف لمحاسبه الانفس
اى طريقا تريد

جزاكم الله خيرا
ودى واحترامى

[توحد ارواح]

فلنشحذ هممنا بطاعة الله عزوجل عسى أن يخفف عنا مولانا عزوجل من أهوالها ويحشرنا مع الذين أنعم الله عليهم من الأنبياء والشهداء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

اللهم اجعل خير اعمالنا خواتيمها وقنا اهوال يوم القيامة يارب
جزاك الله خيرا
دمت بحفظ الله