«آي بي إم» تحافظ على إبقاء رأسها فوق الماء

[Professional]

يقع على عاتق كل رئيس تنفيذي جديد لشركة آي بي إم إعادة اختراع واحدة من أيقونات الشركة الأكثر وقاراً في أمريكا.
فبعد أن واجه لو جيرستنر انخفاضاً في مبيعات الأجهزة بخطوة سريعة نحو البرامج والخدمات في التسعينيات، قضى سام بالميسانو العقد التالي وهو يكافح تهديد شركات تكنولوجيا المعلومات الهندية والبرامج ذات المصدر المفتوح.
والآن تواجه جيني روميتي لحظتها الخاصة من إعادة الاختراع. ومصدر قلقها هو أن مزيدا من أحمال العمل المحوسبة تتجه نحو نظام السحابة الإلكتروني - وهذا يعني أنه تم إيكالها إلى شركات بديلة لا تريد أجهزة وخدمات مرتفعة الثمن من شركات مثل آي بي إم.
وحتى عند اختيار إبقاء عمليات الحوسبة الخاصة بها في الداخل، بدلاً من تحويلها لشركات مثل أمازون، يقوم زبائن "آي بي إم" الكبار بنسخ أساليب مشغلي نظام السحابة الجديد. وفي الأساس، ذلك يعني شراء أجهزة معيارية موحدة ومنخفضة التكلفة، إضافة إلى البرمجيات التي تقوم بأتمتة العمليات التي كانت تتطلب موظفين يتقاضون أجورا كبيرة فيما مضى.
وسيتم عرض أحد الأمثلة على ذلك في الأسبوع المقبل في كاليفورنيا في الاجتماع السنوي لمشروع الحوسبة المفتوحة. وهذا المشروع الذي هو من بنات أفكار "فيسبوك"، من المقرر أن يعمل على تعزيز أنموذج المعيار الأساسي لأجهزة الخوادم.
وتعاني الخوادم تسلل الميزات التي نراها في عديد من أسواق التكنولوجيا، حيث يحاول الموردون تمييز منتجاتهم. وحتى الحواف البلاستيكية التي يستخدمونها لوسم آلاتهم بالعلامة التجارية هي رفاهية غير ضرورية تعمل على إعاقة تدفق الهواء وزيادة تكاليف الطاقة من أجل التبريد. وفي العالم الذي تراه "فيسبوك"، سيتم تجريد جميع هذه الجماليات.
إن تأثير هذا النوع من الأشياء يتجاوز عوائد الأجهزة بمسافة أبعد بكثير. فإذا قام زبائن شركة آي بي إم بنقل بعض من عمليات الحوسبة الخاصة بهم إلى نظام السحابة، فإنهم لن يقوموا بالدفع مقابل خدمات شركة آي بي إم كذلك. وأيضاً سوق الاستعانة بمصادر خارجية لتكنولوجيا المعلومات الكبيرة التي يعتمد عليها كثير من عوائد شركة آي بي إم، تواجه تغييراً جذرياً. فإذا كان لدى الزبائن مزيد من الخيارات عن كيفية إدارة تكنولوجيا المعلومات الخاصة بهم، فإنهم بالتالي لن يكونوا عالقين في عقود الخدمة الاحتكارية الضخمة التي كانت تنطوي على تسليم عمليات تكنولوجيا المعلومات الخاصة بها بأكملها لشركات مثل آي بي إم.
وعلى الأقل هناك زاوية واحدة من عمل الأجهزة التابع لشركة آي بي إم لا تزال تبدو آمنة. فبفضل التكاليف الثابتة الهائلة التي سبق أن دفعها بعض الزبائن على أنظمتهم الحالية، لا تزال أجهزة الكمبيوتر المركزية قوية. لكن المستقبل الذي تعمل على صياغته شركات خدمات الإنترنت، التابعة لأمثال أمازون، يبدو مختلفاً عن الماضي. وهذا يترك خيارين لشركات صناعة أجهزة تكنولوجيا المعلومات التقليدية.
الأول، أن تصبح شركات موحدة في لعبة كبيرة الحجم. ووفقاً لمؤسسة البيانات idc، فإن 70 في المائة من أعمال الخوادم البالغة قيمتها 53 مليار دولار تشمل آلات لما يسمى "الحجم"، أو حسب معايير الصناعة، التي تعطي هوامش ربح منخفضة. لكن ليست هذه هي الحال بالنسبة لشركة آي بي إم. وبحسب أشخاص مطلعين على خططها، فإن الشركة التي باعت قسم أجهزة الحاسوب الشخصي قبل تسعة أعوام، تناقش الآن التخلص من الخوادم حسب معايير الصناعة أيضاً.
وتواجه كل من ديل وهيوليت باكارد، ولدى كل منهما حصص سوقية مرتفعة في الخوادم وأجهزة الحاسوب الشخصي حسب معايير الصناعة، خياراً أكثر صعوبة. فمن بين التحديات التي تواجهها هاتان الشركتان مجموعة جديدة من المنتجين بدون شعار وبتكلفة منخفضة للغاية تُعرَف باسم "مصنّعي التصميم الأصلي" أو odm.
والخيار الآخر هو تحويل النقاش مع الزبائن بعيداً عن أسعار الأجهزة وباتجاه التطبيقات والخدمات ذات القيمة العالية التي تُحدث فرقاً حقيقياً بالنسبة للشركات. ولا يزال لدى الأجهزة المتخصصة التي تخدم غرضاً معيناً، أحياناً ميزة على التكنولوجيا المعممة.
مثلا، في حالة شركة آي بي إم يبدو من المحتمل أن يؤدي ذلك إلى تجريد قسمها "يونكس" من جديد - وهي النهاية الأكثر تكلفة لخط إنتاج الخوادم الذي لا تخطط الشركة لبيعه - من أجل التركيز على حاجات التعامل مع البيانات الهائلة لسوق التحليلات.
وهذا يزيد من الضغط على روميتي. ففي أول عامين لها في الوظيفة، عرضت لمسة مختصة التسويق، بدلاً من مختصة التكنولوجيا، حين كانت تسعى لإعادة صياغة محفظة الشركات التي تتعامل مع "آي بي إم" بطرق تناسب سوقاً أوسع.
وربما بدأ ذلك في التغيّر. وهذا العام بالذات، يعني ذلك تخصيص 1.2 مليار دولار لبناء مزيد من مراكز البيانات للتنافس مع "أمازون" في نظام السحابة العامة، إضافة إلى مليار دولار لبناء قسم متخصص فيما أصبح يعرف باسم الحوسبة المعرفية الإدراكية ـ آلات تتولى الإجابة عن الأسئلة المطروحة بخصوص مجموعات البيانات الكبيرة. والمفارقة هي أن "آي بي إم" كانت الطفل المدلل لإدارة النقود الفعّالة في قطاع التكنولوجيا، إذ أعادت شريحة كبيرة من نقديتها الحُرة للمساهمين في الأعوام الأخيرة، بينما احتفظت في الوقت نفسه بميزانية سنوية للبحوث والتطوير تتجاوز ستة مليارات دولار. وإذا حكمنا من خلال الدمدمة الصادرة عن وول ستريت، فربما يكون هذا هو الوقت المناسب لأن تضع روميتي بعض الرهانات الأكبر.