ساعات العمل الطويلة والعلاقات النكدة تدفع العريان لمغادرة «بيمكو»

[Professional]

توم بيرثوايت من نيويورك، وكريس نيولاندز من لندن، وأليس روس من فرانكفورت
كان اجتماع كبار التنفيذيين في "بيمكو" مقرراً في جدول أعمالهم منذ أسابيع، لكن عندما ظهر 56 شخصاً منهم في "نيوبورت بيتش"، في كاليفورنيا، يوم الثلاثاء، كثير منهم لم يكونوا يعلمون السبب في استدعائهم.
بعد 15 عاماً أمضاها في أكبر شركة في العالم للتداول في السندات، قرر محمد العريان التنحي عن منصب الرئيس التنفيذي وكبير الإداريين الاستثماريين المشارك، وبالتالي يحتاج الشركاء إلى اختيار خليفة له.
انتخبوا دوجلاس هودج رئيساً تنفيذياً وجاي جيكوبس رئيساً. واستعاد بيل جروس مسمى كبير الإداريين الاستثماريين واحتفظ بقبضته المشددة على الشركة التي أسسها.
وعلى الرغم من أن إعلان يوم الثلاثاء بدا مفاجئاً للعالم الخارجي ولكثيرين داخل "بيمكو"، قالوا "إن القرار في الواقع تم اتخاذه قبل أشهر".
ووفقاً لأشخاص مطلعين على الموضوع، فإن وجود علاقة نكدة مع جروس إلى جانب ساعات العمل الطويلة للغاية والتبعات المترتبة على تشغيل صندوق إدارة الأموال الضخم أقنعت العريان بأن الوقت حان للتنحي.
وأخبر العريان بعض الزملاء بأنه يريد المغادرة للحصول على حياة أفضل من حيث التوازن بين الحياة والعمل، ومن أجل تأليف كتاب عن التفاعل بين الأسواق والبنوك المركزية الحديثة.
كان 2013 عاماً صعباً على "بيمكو"، فقد خسر "صندوق العوائد" الرائد الذي قيمته 244 مليار دولار ما يقارب 2 في المائة، وهو أسوأ انخفاض له منذ هزيمة سوق السندات المنكرة في عام 1994.
لكن قرار العريان لم يكن له علاقة بالأداء، وقال أشخاص مطلعون على المسألة "إنه اتُّخِذ قبل أن يسيء الصندوق تقدير سوق السندات، ولم يتصرف بالشكل السليم بعد قرار الاحتياطي الفيدرالي إنهاء برنامج التسهيل الكمي".
أبلغ العريان لجنة تعويضات الشركاء بقراره في منتصف العام الماضي. وهؤلاء هم الأشخاص الخمسة الأعلى منصباً في "بيمكو"، الذين قاموا بتسيير المعاملات على أساس أن تكون جاهزة في أي وقت يغادر فيه كبير الإداريين الاستثماريين أو الرئيس التنفيذي. وبدلاً من استبدال شخص واحد به، اختار فريق الإدارة إعادة هيكلة القيادة – ما يعني من الناحية العملية فصل الإدارة عن الاستثمار – من خلال ترفيع أربعة أشخاص لتسلم أدوار جديدة.
إضافة إلى هودج وجيكوبس، تتضمن القيادة الجديدة أندرو بولز، وهو رئيس قسم إدارة المحافظ الأوروبية، وصحافي سابق في "فاينانشيال تايمز"، وشقيق إد بولز، وزير المالية في حكومة الظل في المملكة المتحدة، ودانييل إفاسكين، مدير المحافظ الأول لاستراتيجيات الاستثمار البديلة في "بيمكو". وقد تم ترفيع الاثنين ليتولى كل منهما منصب نائب كبير الإداريين الاستثماريين، ما يجعلهما من الخلفاء المحتملين لجروس (69 عاماً) عندما يتقاعد في نهاية المطاف.
لكن لا يوجد دليل مباشر على ذلك. وتغريدة جروس على موقع تويتر ليل الثلاثاء، التي تقول إنه "جاهز للاستمرار 40 عاماً أخرى" لم تُعتبر مزحة داخل الشركة: ربما فترة الـ 40 عاماً جاءت على سبيل النكتة، لكن نيته الاستمرار لأعوام لم تكن نكتة.
وبحسب شيف تانيجا، العضو المنتدب في شركة سيروللي أسوشييتس للبحوث: "إن تأثير المدى الطويل أقل وضوحاً، نظراً لأن بيل جروس لا يُظهر أي دلائل على مغادرة الشركة لأي مكان، ولأن المنظمة لديها عمق". ويضيف: "يعتمد الكثير على أداء الشركة خلال الأشهر الـ 12 المقبلة، النتائج القوية ستخفف النقاش حول رحيل العريان، بينما الأداء المتواضع إلى الضعيف سيعمل فقط على مفاقمته".
ووفقاً لتوماس سيدل، المحلل في أليانس بيرنشتاين، أبلغت أليانز، شركة التأمين الألمانية التي تملك "بيمكو"، المحللين بأن العريان "يريد عمل شيء مختلف وكان ذلك قراره الشخصي".
وكانت "بيمكو" واحدة من أكثر عمليات الاستحواذ نجاحاً التي نفذتها شركة أليانز بعد أن دخلت شركة التأمين الألمانية في موجة شراء في أواخر التسعينيات. وتشكل مجموعة الدخل الثابت "بيمكو" ما يقارب 90 في المائة من ذراع أليانز لإدارة الأصول، التي تسهم بدورها بنسبة 30 في المائة من الأرباح التشغيلية في شركة التأمين، الأمر الذي يجعلها ملكية ذات قيمة. وكلتاهما مترابطتان بشكل وثيق، لأن "بيمكو" تُدير الجزء الأكبر من أدوات الدخل الثابت في "أليانز".
مع ذلك، كانت "بيمكو" تناضل في الفترة الأخيرة بسبب صافي التدفقات الخارجة وسط بيئة تداول سيئة للدخل الثابت، ويعتقد محللون أن هذا الوضع يمكن أن يتردى. ومع أن التدفقات الداخلة كانت إيجابية في الفصلين الأول والثاني من العام الماضي في ذراع "أليانز" لإدارة الأصول، فقد تضرر الفصل الثالث بصافي تدفقات خارجة تبلغ 27 مليار يورو. ويتوقع مايكل هاتنر، وهو محلل في "جيه بي مورجان"، أن يكون صافي التدفقات الخارجة 64 مليار يورو في ذراع "أليانز" لإدارة الأصول هذا العام والعام المقبل على حد سواء.
والسؤال هو: عند أي مستوى قد يبدأ هذا بإثارة قلق المستثمرين؟ وعندما سئل ديتر فيمر، كبير الإداريين الماليين في شركة التأمين، في مؤتمر صحافي للمحللين في آب (أغسطس) ما إذا كان محتملا أن تتطلع "أليانز" للتخلص من "بيمكو"، أصر على أن المستثمر الأمريكي مهم لأعمال شركة أليانز.
وكررت "أليانز" وجهة النظر هذه بالأمس، حين قال جاي رالف، رئيس قسم إدارة الأصول وعضو مجلس الإدارة في "أليانز": "كما قلنا من قبل، "بيمكو" جزء لا يتجزأ من أليانز".
أقوال لا تُنسى إلى "فاينانشيال تايمز"
كان محمد العريان يقدم نظرات ثاقبة، حاسمة ولاذعة، حول التمويل العالمي والاقتصاد العالمي في السنوات التي سبقت الأزمة المالية وما وراء ذلك، من خلال مقالات ومدونات كان ينشرها في "فاينانشيال تايمز". وفيما يلي عدد من هذه الأقوال التي تنطبع في الذاكرة:
عصر ما قبل الأزمة
"إذا تُرِكت على حالها دون تدخل، فإن المخاطر المنهجية الشاملة في النظام المالي العالمي ستزداد، بسبب مزيج من عدم كفاية الاجتهاد الداخلي اللازم، والاعتماد المفرط على وكالات التصنيف، والتغطية الرقابية غير المتكافئة، إضافة إلى ردود الفعل التشريعية المدفوعة بالعوامل السياسية" ـ 9 تموز (يوليو) 2007.
أزمة منطقة اليورو
"على أبسط مستوى، فكّر في اليونان على أنها لعبة كبيرة بين أطراف صراع أقوياء في أوروبا، مع كون السؤال التشغيلي للأسواق يتألف من شقَّين: من سيستسلم أولاً، السلطات اليونانية، أم الجهات المانحة، أم كلتيهما؛ وهل يستسلمون في الوقت المناسب بحيث يمكن أن نتجنب الاضطراب الكبير فعلاً في ديناميكيات السندات والأسواق التي تنطوي أيضاً على مخاطر عدوى كبيرة؟" ـ 29 كانون الثاني (يناير) 2010.
الانتعاش
"لا تزال أمريكا ما بعد الأزمة عالقة في مرحلة متباطئة. فقد ضعُفت قدرتها على تحقيق "سرعة الإفلات" بسبب مشكلتين مزدوجتين في قطاع الشركات – الشركات الكبيرة قادرة، لكنها ليست على استعداد للاستثمار والتوظيف بقوة، والشركات الصغيرة تواجه صعوبات في الحصول على الائتمان المصرفي وجعل عملها مستقراً" ـ 7 كانون الثاني (يناير) 2011.
الانسحاب من التسهيل الكمي
"إن التحدي الأكبر أمام الاحتياطي الفيدرالي ليس اتخاذ قرار بشأن الشهر الأمثل لبدء الانسحاب التدريجي، رغم أن ذلك مسألة صعبة فعلاً، بل هو موازنة تركيزه على رحلة تم ترتيبها بعناية (أي إعادة الوضع الطبيعي بالتدريج وعلى نحو مشروط ولا يتسم بالاستعجال إلى السياسة النقدية) مع ميل الأسواق الطبيعي للقفز بسرعة إلى الواجهة" ـ 18 أيلول (سبتمبر) 2013.