« حادثة الإسراء (1) »

[د. محمد الرمادي]

« ﴿حادثة الإسراء ﴾ » (1)

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْقَوِيِّ الْقَادِرِ ،
الْوَلِيِّ النَّاصِرِ ،
اللَّطِيفِ الْقَاهِرِ ،
الْمُنْتَقِمِ الْغَافِرِ ،
الْبَاطِنِ الظَّاهِرِ ،
الْأَوَّلِ الْآخِرِ

والْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَسَّسَ قَوَاعِدَ الشَّرْعِ بِأُصُولِ أَسَاسِهِ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، شَهَادَةً يَتَقَوَّمُ مِنْهَا الْحَدُّ بِفُصُولِهِ وَأَجْنَاسِهِ .

وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الَّذِي رَقَى إلَى السَّبْعِ الطِّبَاقِ بِبَدِيعِ جِنَاسِهِ ،

وَآنَسَ مِنْ الْعُلَا نُورًا هَدَى الْأُمَّةَ بِـ إِينَاسِهِ ،

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا مَا قَامَتْ النُّصُوصُ بـِ نَفَائِسِ أَنْفَاسِهِ ،
وَاسْتُخْرِجَتْ الْمَعَانِي مِنْ مِشْكَاةِ نِبْرَاسِهِ .


وَالصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِهِ ذِي الْعُنْصُرِ الطَّاهِرِ ،
وَالْمَجْدِ الْمُتَظَاهِرِ ،
وَالشَّرَفِ الْمُتَنَاصِرِ ،
وَالْكَرَمِ الْمُتَقَاطِرِ ،

الْمَبْعُوثِ بَشِيرًا لِلْمُؤْمِنِينَ وَنَذِيرًا لِلْكَافِرِينَ ،

وَنَاسِخًا بِشَرْعِهِ كُلَّ شَرْعٍ غَابِرٍ وَدِينٍ دَائِرٍ ،
الْمُؤَيَّدِ بِـ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ الَّذِي لَا يَمَلُّهُ سَامِعٌ وَلَا آثِرٌ ،
وَلَا يُدْرِكُ كُنْهَ جَزَالَتِهِ نَاظِمٌ وَلَا نَاثِرٌ ،
وَلَا يُحِيطُ بِـ عَجَائِبِهِ وَصْفُ وَاصِفٍ وَلَا ذِكْرُ ذَاكِرٍ ؛
وَكُلُّ بَلِيغٍ دُونَ ذَوْقِ فَهْمِ جَلِيَّاتِ أَسْرَارِهِ قَاصِرٌ ،

وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا كَثْرَةً يَنْقَطِعُ دُونَهَا عُمْرُ الْعَادِّ الْحَاصِرِ .


عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ قَالَ :

يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا ،

يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ ،

يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ ،

يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ ،

يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ ،

يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي ؛
وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي ،

يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا ،

يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا ،

يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ عِنْدِي
إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا دَخَلَ الْبَحْرَ ،

يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ : أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ . وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ . [رَوَاهُ مُسْلِمٌ] . "



أَمَّا بَعْدُ

" قال الخبير العليم :" فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ " [الزَّلْزَلَةِ : 7 - 8 ]

وَقَوْلُهُ : " فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ ، فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ "
أيها المسلمون الكرام!

عينٌ تقع على الأمة الإسلامية بما بها وفيها من أدران ومثالب فتحزن وتدمع ؛
والعين الآخرى تنظر إلى كتاب ربنا وسنة نبينا فتفرح وتسعد!

أمةٌ قال مولانا في حقها :" : وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ [الْأَعْرَافِ : 43 ].

أمةٌ مصيرها الجنة فنطق القرآن على لسانها حين :" وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ [الزُّمَرِ : 74 ] ،

"وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ[فَاطِرٍ : 34 - 35 ].

[د. محمد الرمادي]

﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [آيَةُ:١ ؛ مِن سُّورَةِ : الإسراء:١٧]
وَالْإِسْرَاءُ وَالسَّرَىٰ : سَيْرُ للَّيْلِ .
مَن سما في علاه وتقدست اسماه جعل لكل واحدٍ منا مقاماً معلوماً .
لما عبر المصطفىٰ الهادي سدرة المنتهى نادىٰ علىٰ جبريل:

" أفي هذا المكان يترك الخليلُ خليله ".
قال جبريل :" يُعز علي فراقك يا رسول الله !"

" يا رسول الله إذا تقدمت أنت أخترقت ؛ وإذا تقدمت أنا أحترقت ".

أَســرَىٰ بـك اللـهُ ليـلاً ، إِذ ملائكُـه * والرُّسْـلُ في المسجد الأَقصى على قدَمِ

حتىٰ بلغتَ سماءً لا يُطارُ لها * علىٰ جَناحٍ ، ولا يُسْعَىٰ علىٰ قَدمِ

وقيل: كلُّ نبيٍّ عند رتبتِه * ويا محمدُ ، هذا العرشُ فـ استلمِ

محبةُ اللهِ أَلقاها ، وهيبتُه * علىٰ ابن آمنةٍ في كلِّ مُصطَدَمِ

كأَن وجهَك تحت النَّقْع بدرُ دُجًىٰ * يضيءُ مُلْتَثِمًا، أَو غيرَ مُلتثِمِ

بدرٌ تطلَّعَ في بدرٍ ، فغُرَّتُه * كـ غُرَّةِ النصر ، تجلو داجيَ الظلَمِ

ذُكِرْت بـ اليُتْم في القرآن تكرمةً * و قيمةُ اللؤلؤ المكنونِ في اليُتمِ

أَخوك عيسىٰ دَعَا ميْتًا ، فقام لهُ * و أَنت أَحييتَ أَجيالاً مِن الرِّممِ

يُطأْطئُ العلماءُ الهامَ إِن نَبَسُوا * من هيبةِ العلْم، لا من هيبة الحُكُمِ

صلىٰ عليك الله يا علم الهدىٰ ما هبت النسائم وما لاحت على الأئك الحمائم


مسألة الإسراء والمعراج فيها عدة مسائل ينبغي أن تبحث بـ شكل صحيح يتناسب :

[١.] أولاً : مع النص القطعي الثبوت القطعي الدلالة ؛ ألا وهو القرآن الكريم ؛
و

[٢.] ثانياً : ينبغي أن يكون البحث متناسباً مع السنة النبوية الشريفة العطرة الصحيحة.
يَقُولَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي الْآيَةِ قَوْلًا ، وَيَكُونَ فِي الْآيَةِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَىٰ عَدَمِ صِحَّةِ ذَلِكَ الْقَوْلِ .
لماذا!؟
المسالة الأولىٰ التي سنبحثها :

[١.] كيفية الإسراء ؛ فقد اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ﴿ صِفَةِ إِسْرَاءِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِـ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ﴾،
المسألة الثانية أقوال تصل إلىٰ العشرة في :

[٢.] تحديد ليلة الإسراء والمعراج ؛

الثالثة :

[٣.] شرعية الإحتفال بـ ليلة الإسراء بين الجواز من المؤسسة الرسمية في الدولة وبين أعتبار الإحتفال بدعة.

المسألة الأولى:

[١.] ﴿ صِفَةِ إِسْرَاءِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِـ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَمِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَىٰ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ﴾ ؛
فقد :

[١.] زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ بِـ رُوحِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَدُونَ جَسَدِهِ ، زَاعِمًا أَنَّهُ فِي الْمَنَامِ لَا الْيَقَظَةِ ؛ لِأَنَّ رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ.
وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ ؛

القول الثاني

[٢.] : أَنَّ الْإِسْرَاءَ بِـ الْجَسَدِ ، وَالْمِعْرَاجَ بِـ الرُّوحِ دُونَ الْجَسَدِ .
فكيف نرد علىٰ هذا الزعم!
نستعين بالله العلي العظيم وبـ قرآنه المجيد ونصوص المصطفىٰ المجتبىٰ المرتضىٰ المجتبىٰ ؛ فنقول :
ظَاهِرَ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ

[١. ] بِـ رُوحِهِ وَجَسَدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ معا
و
[٢.] يَقَظَةً لَا مَنَامًا.
لماذا!؟
لِأَنَّهُ قَالَ ﴿ بِعَبْدِهِ ﴾ ؛ وَالْعَبْدُ عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ ، وَالتَّعْبِيرُ بِـ لَفْظِ الْعَبْدِ فِي هَذَا الْمَقَامِ الْعَظِيمِ يَدُلُّ دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى أَنَّ :
مَقَامَ الْعُبُودِيَّةِ هُوَ أَشْرَفُ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَأَعْظَمُهَا وَأَجَلُّهَا . إِذْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ وَصْفٌ أَعْظَمُ مِنْهُ لَـ عَبَّرَ بِهِ فِي هَذَا الْمَقَامِ الْعَظِيمِ ، الَّذِي اخْتَرَقَ الْعَبْدُ فِيهِ السَّبْعَ الطِّبَاقَ ، وَرَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ . هذا أولاً؛
وهنا الإعجاز الحقيقي!
فـ المجموعة الشمسية بها تسع أعضاء ؛ توجد في النظام الشمسي ثمانية كواكب هي بـ الترتيب حسب البعد عن الشمس:
[١.] عطارد ؛
[٢.] الزَهرة ؛
[٣.] الأرض؛
[٤.] الريخ ؛
وهي الكواكب الصخرية ؛
[٥.] المشترى ؛
[٦.] زحل ؛
[٧] أورانوس ؛
[٨] نبتون؛
وهي العمالقة الغازية .
نضيف :[٩.] بلوتو.
تكونت الأرض منذ حوالي 4.54 مليار سنة؛ متوسط قطر الجسم الكروي المرجعي حوالي 12,742 كم، محيط الكرة الأرضية :" 39500كم"؛ وزنها :"6 تريليون" يعني على اليمين 27 صفر.
ويتكون معظمها من الحديد (32.1%)؛ والأكسجين (30.1%)؛ والسليكون (15.1%)؛ والماغنسيوم (13.9%)؛ والكبريت (2.9%)؛ والنيكل (1.8%) ؛والكالسيوم (1.5%)؛ والألمونيوم (1.4%).
فـ من الذي أمسكهنَّ وهنَّ يسبحن في الفضاء ... إنه الله القادر المبدع المصور؛
وهذا إعجاز وعليه إذا قدر الحق القادر أن يمسكهن في الفضاء ؛ فهو قادر أن يسري بعبده ثم يعرج به كما شاء وكيف اراد .
لَمَّا وَصَلَ مُحَمَّدٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِلَىٰ الدَّرَجَاتِ الْعَالِيَةِ وَالْمَرَاتِبِ الرَّفِيعَةِ فِي الْمَعَارِجِ أَوْحَىٰ اللَّهُ تَعَالَىٰ إِلَيْهِ :
" يَامُحَمَّدُ، بِمَ أُشَرِّفُكَ؟"؛
قَال َالمصطفىٰ والمجتبىٰ والمرتضىٰ والمحتبىٰ :
" يَارَبِّ بِـ أَنْتَنْسِبَنِي إِلَىٰ نَفْسِكَ بِـ الْعُبُودِيَّةِ "
فَـ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ :
﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ﴾،

[د. محمد الرمادي]

نأتي للجزء الثاني من صفة الإسراء؛

أقصد : الوسيلة :

" رُكُوبُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَىٰ الْبُرَاقِ يَدُلُّ عَلَىٰ أَنَّ الْإِسْرَاءَ بِـ جِسْمِهِ ؛ لِأَنَّ الرُّوحَ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ الرُّكُوبُ عَلَىٰ الدَّوَابِّ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ ،
وَعَلَىٰ كُلِّ حَالٍ فَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنْهُ : " أَنَّهُ أُسَرِيَ بِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ، وَأَنَّهُ عُرِجَ بِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى حَتَّى جَاوَزَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ ".
وَالْحَقُّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ

[۱.] أُسَرِيَ بِهِ يَقَظَةً لَا مَنَامًا مِنْ مَكَّةَ إِلَىٰ بَيْتِ الْمَقْدِسِ،
[۲.] رَاكِبًا الْبُرَاقَ ، فَلَمَّا انْتَهَىٰ إِلَىٰ بَابِ الْمَسْجِدِ
[۳.] رَبَطَ الدَّابَّةَ عِنْدَ الْبَابِ وَدَخَلَهُ فَصَلَّىٰ فِي قِبْلَتِهِ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ رَكْعَتَيْنِ ،

ثُمَّ أُتِيَ بِـ
[ ٤.] الْمِعْرَاجِ وَهُوَ كَالسُّلَّمِ ذُو دَرَجٍ يَرْقَىٰ فِيهَا ، فَصَعِدَ فِيهِ إِلَىٰ السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، ثُمَّ إِلَىٰ بَقِيَّةِ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ ، فَتَلَقَّاهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا ،

وَ
[٥.] سَلَّمَ عَلَىٰ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ فِي السَّمَاوَاتِ بِحَسْبِ مَنَازِلِهِمْ وَدَرَجَاتِهِمْ ،

حَتَّىٰ
[٦.] مَرَّ بِـ مُوسَىٰ الْكَلِيمِ فِي السَّادِسَةِ ،
وَ
[٧.] إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ فِي السَّابِعَةِ ،
ثُمَّ
[٨.] جَاوَزَ مَنْزِلَيْهِمَا صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِمَا وَعَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ ،

حَتَّىٰ
[٩.] انْتَهَىٰ إِلَىٰ مُسْتَوًىٰ يَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الْأَقْلَامِ - أَيْ : أَقْلَامِ الْقَدَرِ - بِمَا هُوَ كَائِنٌ ،

وَ
[١٠.] رَأَى سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى ،
وَ
[١١.] غَشِيَهَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَىٰ عَظَمَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ فَرَاشٍ مَنْ ذَهَبٍ وَأَلْوَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ ، وَغَشِيَتْهَا الْمَلَائِكَةُ ،
وَ
[١٢.] رَأَىٰ هُنَاكَ
[١٢. ١.] جِبْرِيلَ عَلَىٰ صُورَتِهِ وَلَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ ،
و
[١٢. ٢.] رَأَىٰ رَفْرَفًا أَخْضَرَ قَدْ سَدَّ الْأُفُقَ ،
و
[١٢. ٣.] رَأَىٰ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ ،
وَ
[١٢. ٤.] إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ بَانِيَ الْكَعْبَةِ الْأَرْضِيَّةِ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَيْهِ . لِأَنَّهُ الْكَعْبَةُ السَّمَاوِيَّةُ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، يَتَعَبَّدُونَ فِيهِ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ،
و
[١٢. ٥.] رَأَىٰ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ .
وَ
[١٢. ٦.] فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ هُنَالِكَ الصَّلَوَاتِ خَمْسِينَ ، ثُمَّ خَفَّفَهَا إِلَىٰ خَمْسٍ ؛ رَحْمَةً مِنْهُ وَلُطْفًا بِعِبَادِهِ . ".

وَفِي هَذَا اعْتِنَاءٌ بِشَرَفِ الصَّلَاةِ وَعَظَمَتِهَا .

ثُمَّ
[١٣.] هَبَطَ إِلَىٰ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَهَبَطَ مَعَهُ الْأَنْبِيَاءُ .
فَـ
[١٤.] صَلَّىٰ بِهِمْ فِيهِ لَمَّا حَانَتِ الصَّلَاةُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا الصُّبْحُ مِنْ يَوْمَئِذٍ . وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ أَمَّهُمْ فِي السَّمَاءِ ، وَالَّذِي تَظَاهَرَتْ بِهِ الرِّوَايَاتُ أَنَّهُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَلَكِنْ فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ دُخُولِهِ إِلَيْهِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ إِلَيْهِ ، لِأَنَّهُ لَمَّا مَرَّ بِهِمْ فِي مَنَازِلِهِمْ جَعَلَ يَسْأَلُ عَنْهُمْ جِبْرِيلَ وَاحِدًا وَاحِدًا وَهُوَ يُخْبِرُهُ بِهِمْ ، وَهَذَا هُوَ اللَّائِقُ . لِأَنَّهُ كَانَ أَوَّلًا مَطْلُوبًا إِلَىٰ الْجَنَابِ الْعُلْوِيِّ لِيَفْرِضَ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ أُمَّتِهِ مَا يَشَاءُ اللَّهُ تَعَالَى .

ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنَ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ
[١٥.] اجْتَمَعَ بِهِ هُوَ وَإِخْوَانِهِ مِنَ النَّبِيِّينَ ، ثُمَّ أَظْهَرَ شَرَفَهُ وَفَضْلَهُ عَلَيْهِمْ بِتَقْدِيمِهِ فِي الْإِمَامَةِ ، وَذَلِكَ عَنْ إِشَارَةِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ذَلِكَ .
ثُمَّ
[١٦.] خَرَجَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فـ َرَكِبَ الْبُرَاقَ وَعَادَ إِلَىٰ مَكَّةَ بِـ غَلَسٍ .
وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .
**
وقبل أن أنتهي من خطبتي هذه أجد في الحلق مرارةَ العلقم وشوكة غرست بين جوانبه ؛ ألا وهي مسألة :
" التحرش بـ الفتيات والنساء - بغض النظر عن شكل الثياب وقِطعه - في الأماكن العامة والميادين ووسائل المواصلات بل تطاولت النيران وتناثرت شرارتها فـ وصلت إلى البيوت والمدارس ورياض الأطفال.

منذ أكثر من ثلاثة اسابيع تحدثت عن هذه المسألة وقلت أن تحت يدي تقرير من الأمم المتحدة يقول بأن نسبة التحرش في مصر بلد الأزهر والكنيسة المرقسية وصل إلى ٩٧.3% من النساء؛ ثم وصلني تقريراً آخر يقول بأن النسبة هي ٨٠%؛ وما أزعجني أن وسائل الإعلام المصرية أعلمت الناس ونشرت هذه الفضيحة التي تعرق من بشاعتها جبهات الأجنة في أرحام أمهاتهن ؛ وقلت بأن الإعلام ليس منبراً لحل المشاكل وليس منصة لعلاج القضايا الإجتماعية؛ وعجبت أكثر لـ سكوت الدولة والجهاز التنفيذي والمؤسسة الدينية الرسمية – الأزهر والكنيسة المرقسية – ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء ؛ وتعجبت من سكوت الأحزاب اليمينية أو المحافظة أو التقليدية ؛ وكأنهم جميعاً في كوكب آخر وما يحدث على أرض النيل لا يعلمون عنه شيئاً؛ وقامت فقط منظمات المجتمع المدني ومنذ عام ٢٠٠٨ برصد إنتشار الوباء.

أقول أن ما حدث ويحدث مع بنات محمد لا يليق أن تسكت عنه نخوة الرجال الأماجد ويروي لنا التاريخ أن يهودياً رفع ثوب امرأة مسلمة في السوق على كتفيها فحين قامت انكشفت عورتها فنادت :" وامحمداه " ؛ فـ غضب المصطفىٰ وبقية القصة أنتم تعرفونها ولكنكم لا تفعلون الأحكام الشرعية ولا تنفذون شرع الله تعالى ولا تلتزمون بسنة الحبيب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ .

[توحد ارواح]

طرح قيم
جزاك الله خير
وبورك بجهدك الطيب
دمت بحفظ الله

[Lamees]

بارك الله فيك
وجزاك الفردوس الاعلى ان شاء الله
دمت بحفظ الله ورعايته

[العاشق الذى لم يتب]

رائع الانتقاء
وجميل الاختيار
يدوم التميز
تحياتى