..{ فع‘ــآآليـآآت المنتــدى }..



آخر 12 مواضيع
واجب عزاء لاخونا كريم عاصم
الكاتـب : ^^khL oUD - آخر مشاركة : دمعه حائره - مشاركات : 8 -
وجع لبنان
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : دمعه حائره - مشاركات : 3 -
هل انتصرت اسرائيل؟
الكاتـب : همس الحنين - آخر مشاركة : دمعه حائره - مشاركات : 5 -
حسن نصرالله راعب العدو
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : شاعر الحب الحزين - مشاركات : 4 -
الزمالك يهزم الأهلي ويتوج ببطولة السوبر الأفريقي
الكاتـب : 7laa - آخر مشاركة : دمعه حائره - مشاركات : 8 -
صرخه ودمعه
الكاتـب : همس الحنين - آخر مشاركة : دمعه حائره - مشاركات : 7 -
بعد شربة المباه نطق بالشهاده هل ستقتله
الكاتـب : كريم عاصم - آخر مشاركة : دمعه حائره - مشاركات : 10 -
يا يومَ مولِدي ….
الكاتـب : إيلاانا - آخر مشاركة : دمعه حائره - مشاركات : 7 -
حلا اهلا وسهلا بك في بنات مصر
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : دمعه حائره - مشاركات : 14 -
اسرائيل والطوق الكبير
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : مهيب الركن . - مشاركات : 7 -
توقع من يفوز بكأس السوبر الافريقي الاهلي ام الزمالك
الكاتـب : ساحر الأحزان - آخر مشاركة : شاعر الحب الحزين - مشاركات : 17 -
متستغربش
الكاتـب : شاعر الحب الحزين - آخر مشاركة : دمعه حائره - مشاركات : 9 -

الإهداءات


استنشاق صوت الكلام

صفحات مكشوفة


3611معجبون

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم منذ /04-03-2022, 06:37 PM   #12051

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

اقبل علينا رمضان سيد الشهور فمرحباً به وأهلاً، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب قال : "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان"، كما في حديث أنس قال الهيثمي عنه: رواه الطبراني في الأوسط وفيه دائرة أبى الرقاد وفيه كلام وقد وثق.. انتهى.

بعد أيام نستقبل شهرنا العظيم، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، شهر الصيام والذكر، شهر التوبة والغفران، شهر العزة والكرامة.. اللهم بلغنا رمضان.. الهم بلغنا رمضان، فكم من آمل أن يصوم هذا الشهر ففاجأه أمله فسار قلبه إلى ظلمة القبر، كم من مستقبل يوم لا يستكمله ومؤمل غداً لا يدركه..

كم كنت تعرف ممن صام في سلف *** من بين أهل وجيران وإخوان
أفناهم الموت واستبقاك بعدهم *** حيا فما أقرب القاصي من الدانـي

أيها الأحد عشر شهراً!! ظلت تجرى بسرعة عجيبة في دهشة وذهول من العاقلين، وغفلة ومجون من اللاهين، "قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين، قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم فسأل العادين" (المؤمنين 112-113) هكذا تطوى الليالي والأيام؛ وتنقض الشهور والأعوام؛ والعاقل اللبيب من يفكر ويعتبر بتلك الأيام التي عاشها والليالي التي قضاها، نعم هي ماض تركه خلفه لن يعود؛ لن يعود لك مرة أخرى، لكنه يسجل عليك فالله تعالى يقول: "هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون"

كل الناس يغدو في أهداف وآمال ورغبات وأماني، ولكن أين الجادون؟ أين الجادون فرمضان آن بعد أيام فكيف حال الناس بل كيف حال الأمة!! هل من وقفة صادقة للمحاسبة؟ وهل من وقوف جاد للتأمل؟ وما هي مراسم الاستقبال؟؟

معاشر المسلمين:
إن رمضان آت بعد أيام، وفى الآمة تُعساء يستقبلونه على أنه شهر؛ جوع نهار وشبع ليل، نوم في الفراش إلى ما بعد العصر؛ وسمر في الليل إلى الفجر، تراهم ذئاباً في الليل جيفاً في النهار، جعلوا من رمضان موسم طرب وسهر ودعايات وقنوات، انهم يقتلون رمضان ويفسدون حلاوته وطعمه، حُرموا وحَرموا غيرهم من جمال رمضان وروعة الحياة فيه، عبادة للبدن والجسد بنزواته ولذاته، وأسر للروح والعقل؛ مساكين هؤلاء..

رمضان ؛ رُبَّ فمٍ تمنَّع عن شراب أو طعام
ظن الصيامَ عن الغذاء هو الحقيقة في الصيام
وهوى على الأعراض ينهشها ويقطع كالحُمام
يا ليته إذ صام، صام عن النمائم والحرام
وانساك إذ ينساك عن كذب وجود وإحرام
وعن القيام لو أنه فيما يحاوله استقام
رمضان نجوى مخلص للمسلمين وللسلام
تسمو بها الصلوات والدعوات تضرم إضرام

حال السلف

أما رسول الله صلى الله عليه وسلم (بأبي هو و أمي)، فقد كان يبشر أصحابه بقدوم رمضان كما أخرجه أحمد والنسائي من حديث أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه: "قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه، يفتح فيه أبواب الجنة، ويغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم" صححه الألباني كما في صحيح النسائي، وقال معلى بن الفضل عن السلف: "كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم"، وقال يحي بن أبى كثير: "كان من دعائهم؛ اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان ، وتسلمه منى متقبلاً"، وباع قوم من السلف جارية؛ فلما قرب شهر رمضان رأتهم يتأهبون له ويستعدون بالأطعمة وغيرها فسألتهم؛ فقالوا: "نتهيأ لصيام رمضان"، فقالت: "وأنتم لا تصومون إلا رمضان!! لقد كنت عند قوم كل زمانهم رمضان؛ ردوني إليهم".

هكذا كان استقبال السلف لرمضان، فرمضان له طعم خاص ولذة عجيبة في نفوسهم رضوان الله تعالى عليهم، فهو يبعث في نفوسهم قوة الإيمان والشجاعة والعزة والكرامة، ولهذا كانت أكثر غزوات ومعارك المسلمين في رمضان لماذا؟ نعم لماذا؟

اسمع الإجابة، إنها حياة الروح حتى وإن كانت البطون خاوية والشفاه يابسة، فالحياة حياة الروح؛ حياة القلب؛ حياة الانتصار على النفس وعلى الشهوات؛ ومن انتصر على نفسه انتصر على الأعداء.

أنها حياة الصلة والثقة بالله جل وعلا، وهنا يكمن جمال رمضان وروعة هذا الشهر بتلك الروحانية العجيبة التي توقظ المشاعر وتؤثر في النفوس، فرمضان له في نفوس الصالحين الصادقين بهجة؛ وفى قلوب المتعبدين المخلصين فرحة؛ فهو شهر الطاعات ولنا فيه جميل الذكريات، انه زاد الروح تتغلب الروح فيه على البدن والجسد.

الروحانية

الحديث عن تلك الروحانية وفيه حقيقة الروح وزادها وعلاقتها بالصيام..

الروح والنفس واحد غير أن الروح مذكر والنفس مؤنثة عند العرب، ولما سئل اليهود الرسول صلى الله عليه وسلم عن الروح، نزل قوله تعالى: "ويسئلونك عن الروح، قل الروح من أمر ربى"

وروى الأزهري بسنده عن ابن عباس في قوله: "ويسئلونك عن الروح" قال؛ إن الروح قد نزل في القرآن بمنازل ، ولكن قولوا كما قال الله جلا وعلا: "قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً" (الإسراء 85)

قال ابن الأثير: "وقد تكرر ذكر الروح في الحديث كما تقرر في القرآن، ووردت فيه على معان، والغالب منها أن المراد بالروح الذي يقوم به الجسد، وتكون به الحياة، وقد أطلق على القرآن والوحي والرحمة وعلى جبريل.." إلى آخر كلامة رحمة الله.

والروح سماوية علوية، والجسد أرضى سفلي، وعند موت الإنسان كل يتجه إلى أصله فالروح إلى السماء، والجسد إلى الأرض، ومن الناس من همته في الثرى ومنهم من همته في الثريا، فمنهم من يسعى لحياة الروح ومنهم من يسعى لحياة الجسد، وحياة الروح باتصالها بالسماء بالخوف والخشية والمراقبة والإخلاص لله جل وعلا، والروح والجسد لا غنى لأحدهما عن الآخر، إلا إذا أصبح الجسد لا هم له إلا شهوته وهواه، وفيه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم"، ومن الناس من نسى روحه وغفل عنها وعن حقوقها، فعبدها لجسده وشهواته، فأصبحت حياته هموماً وغموما ً و أكدارا وأحزانا ليس له هم إلا أن يرضى هواه.

مساكين أهل الدنيا، خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها، وأطيب ما فيها حلاوة الإيمان ولذة الطاعة، فالإنسان جسد وروح وشهوة وعقل، والجسد تتبع لها شهوة، والروح تتبع لها العقل، والصراع دائم بين الفريقين؛ الجسد والشهوة معاً والروح والعقل معاً، ومتى شبع البطن تحركت الشهوة، ومن خلا البطن هدأ السد وانطلقت الروح تنمو وتنشط، ففي الصيام حلاوة لا يدركها إلا من صام من أجل الله بصدق.

ولا يعرفها إلا الذين خالطت بشاشة الإيمان قلوبهم، وهذه هي الروحانية العجيبة التي نحياها في رمضان، روحانية صائم؛ بذرها بالجوع وسقاها بالدموع وقواها بالركوع وحسنها الخشوع والخضوع، روحانية صائم؛ فيها السعادة واللذة والأفراح والأشواق ما لا يبثه لسان ولا يصفه بيان، روحانية صائم؛ فيها الأرواح تهتز وترتاح وتطير بغير جناح، فهي في أفراح وأفراح.

روحانية الصائم ؛ فيها من الحنين لجنات النعيم ما تورمت له أقدام المتهجدين، وبذل له الثمين، وسُمع له الأنين.

روحانية صائم؛ لا يعرفها العاشقون، ولا المتصوفة الواجدون، بل هي والله حكر على المحبين الصادقين والمخلصين العارفين.

روحانية صائم؛ تخلصت من أسر الهوى والشهوة وحيل النفس والشيطان.

روحانية صائم؛ عاش في جنة الدنيا، وفى الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة، ولكن كم بين خلى وسجيا وواجد وفاقد وكاتم ومبد.

معاشر المسلمين:
هذه أفراح الروح عند انتصارها؛ وفك أسرها من شهوات الجسد، ولذلك قال ابن القيم رحمه الله: "فالروح المطلقة من أسر الهوى، من أسر البدن وعلائقه وعوائقه من التصرف والقوة والنفاذ والهمة وسرعة الصعود إلى الله والتعلق بالله ما ليس للروح المهينة المحبوسة في علائق البدن وعوائقه" انتهى كلامه رحمه الله.

أطلق الأرواح من أصفادها *** في بهيج من رياض الأتقياء
غاديات رائحات كالسنا *** سابحات بين آفاق الضياء
إنها يا شهر ظمأى فاسقها *** مشتهاها من ينابيع الصفاء
شهوة الأجساد قد ألقت بها *** في قفار ليس فيها من رواء
ما غذاء الجسم في ألوانه *** فيه للأرواح شيء من حباء
إنما الأرواح تحيا بالذي *** في صيام الجسم تزجيه السماء
يا ربيع الروح اقبل وأعطها *** صولجان الحكم في دنيا الشقـاء
كي يعيش الناس من آلائها *** في رفاء وازدهار وارتقاء
هل درى أهل الحجا أن الذي *** شيطن الإنسان في الأرض اشتهاء
زورق الشيطان في وجدانه *** طعمه فيها من الإفراط داء
ما ارتقت إلا بزهر أنفس *** في طعامي عنه عاشت في غناء
واطمأنت في حياة الروح لا *** تبتغي إلا لقيمات وماء
إنما سلطانها من دونه *** كل سلطان به الإنسان باء
حسبه أن اخضع النفس التي *** تسترق الناس حتى الأقوياء
أي سلطان يكف النفس عن *** موبقات غير قيد كالوجاء
إنه الصوم الذي أوصى به *** رحمة بالناس رب الحكماء
فيه ترويض لطبع جامح *** فيه روض فيه للمرض شفـاء
فيه للإحساس إرهاف فلا *** يأخذ الدنيا بعين الأغبياء

وصف الروحانية

أيها الأحبة:
هذه الروحانية لا نعرف كنهها، ولا نستطيع وصفها حتى من ذاق طعمها وعرف حلاوتها من أولئك الأفذاذ الذين تسعى بهم أعمالهم يوماً.

تسعى بهم أعمالهم شوقاً إلى *** الجنات شوق الخيل بالركبان
صبروا قليلاً فاستراحوا دائماً *** يا عزة التوفيق للإنسان
رفعت لهم في السير أعلام السعـ *** ـادة والهدى يا ذلة الحيران

أقول حتى هؤلاء الذين ذاقوا طعمها وعرفوا حلاوتها ما استطاعوا وصفها ولا التعبير عن وجدها إلا بألفاظ عامة، لم تفصح عن حقيقة الشعور، واسمع لبعضهم يقول: "إنه ليمر بالقلب لحظات أقول إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي نعيم"، أنه شعور عام لا يستطيع وصفه بأكثر من هذا، فإن لم ترها العين فقد أبصرها القلب، واسمع للآخر يقول: "أنا جنتي وبستاني في صدري فماذا يفعل أعدائي بي، سجني خلوة، ونفى سياحة، وقتلى في سبيل الله شهادة" وهذا ثالث لم يجد ما يعبر به عن السعادة واللذة التي يحبها إلا بقوله: "إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة" إنها حلاوة الإيمان وطعم الصلة بالله، أنها أفراح الروح لا تنقل بالكلمات، إنما تسرى في القلب فيستروحها ويهش لها ويندى بها. وكأني بك أيها الصائم تقول : "أيها المتحدث ترفّق.. فنفوسنا تشقّق.. وقلوبنا تُحرّق.. ودموعنا تَدفّق.."

فكيف السبيل لهذا النعيم؟ كيف نصوم وكيف نقوم لنجد ما وجد أولئك الرجال؟

كيف السبيل ؟

فكيف السبيل لهذا النعيم؟ كيف نصوم وكيف نقوم لنجد ما وجد أولئك الرجال؟

فأقول؛ أما الكيفية؛ فصم وقم كما كان يصوم ويقوم قدوتنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله" (آل عمران 31)

ولكن الأهم: لماذا نصوم؟ نعم لماذا نصوم؟

سؤال مهم يجب أن يسأله المسلم نفسه خاصة في شهر رمضان، وحتى لا يتحول هذا الشهر من عبادة لها أهداف ومقاصد عظيمة إلي عادة ثقيلة، كان لابد من الإجابة عن هذا السؤال، فكثير من الناس يصومون، ولكن قليل أولئك الذين يعرفون لماذا يصومون.. هذا هو الفرق بين العادة والعبادة ؛ لماذا نصوم ؟ يحدد لك الهدف والغاية التي من أجلها فرض صوم رمضان. ووضوح الهدف في آي عمل تقوم به يسهل عليك ذلك العمل، ويدفعك الاجتهاد والمجاهدة للوصول إليه (أي للهدف)..

وفي رمضان؛ أنت تمسك عن الطعام والشراب والجماع أكثر من نصف يوم لماذا؟ تجوع وتعطش لماذا؟ تسهر وتتعب لماذا؟ أصناف الطعام بين يديك والماء البارد بين عينيك فلا تمد يدك إليه؛ لماذا؟ ماذا تريد من كل هذا؟ ما هو الهدف؟ إلى أي شئ تريد أن تصل؟ ربما حدثتك نفسك فقالت: لماذا الله أمرنا بالصيام؟ ولماذا فرض علينا شهر رمضان؟

فأقول؛ حاشا الله عز وجل أن يكون المراد تجويعنا وتعطيشنا وإتعابنا وهو أرحم الراحمين، وهو أرحم من الأم بولدها، بل إن الله قال في آخر آيات الصيام "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" (البقرة 185)

وربما تقول أيها الحبيب؛ إننا نصوم رمضان لأن الله أمرنا بصيامه، فتجب الطاعة والاستجابة لله بما أمر.

فأقول؛ نعم إن الاستجابة لله ورسوله أمر واجب على كل مسلم ومسلمة، ولو لم تتبين لنا الثمرة والحكمة من هذا الأمر، فنحن أسلمنا واستسلمنا لله جل وعلا، فيجب علينا طاعة الله، فإن الخير كل الخير فيما أمر الله ورسوله به، لتكن هناك ثمرة وغاية عظيمة بينها الله عز وجل من شهر الصيام بقوله: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" (البقرة 183)

وقد يستبد الجوع بي ويهدني *** ظمأ ويخفت في حياتي كفاح
لكن تقوى الله تحفز همتي *** ويشد من أزرى لديك صلاح
وأراك يا رمضان رحلة مؤمن *** ألف الطريق وأُنسه بطاح
وأراك حين تجيء توقظ ما غنى *** عاماً بقلب اثخنته جراح
فإذا بآلاء اليقين تظلني *** وإذا المحبة غدوة ورواح
وإذا أنا روح تحلق في المدى *** بسنن يلوح وللصفاء يتاح

الهدف من الصوم

إذا فالغاية الأولى والهدف الأسمى من صيام رمضان.

*** هو إعداد القلوب للتقوى ومراقبة الله.
*** إعداد القلوب لخشية الله.

فالصوم يجعل القلوب لينة رقيقة، يجعلها ذات شفافية وحساسية، يجعلها وجلة حية.. يوقظ القلوب، فإذا فسد الناس في زمن من الأزمان فإن صلاحه لا يكون بالتشدد والتنطع، فليبدأ الصلاح بإعداد القلوب وبث حرارة الإيمان فيها، وخوف الله ومراقبته، فالإسلام لا يقود الناس بالسلاسل إلى الطاعات، إنما يقودهم بالتقوى ومراقبة الله والخوف منه.

ثمار الصيام

ومن اعظم ثمار الصيام، تربية القلوب على مراقبة الله وتعويدها على الخوف والحياء منه.

ويقول القسطلاني -رحمه الله- معدداً ثمرات الصوم؛ يقول: "ومنها رقة القلب وغزارة الدمع، وذلك من أسباب السعادة، فإن الشبع مما يذهب نور العرفان، ويقضى بالقسوة والحرمان" انتهى كلامه رحمة الله.

إذاً ما علاقة الشرب والأكل بالتقوى؟ فالأكل والشرب للبطن والتقوى مكانها القلب؛ فما دخل ذا بذا؟

اسمع رعاك الله الإجابة؛ أليس كثرة الطعام والشراب لها أثر كبير على فساد القلب وغفلته؟ فالبطنة تذهب الفطنة كما يقال، والشبع يقسي القلب ويعميه، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "ما ملأ أبن آدم وعاء شراً من بطنه" كما في الترمذي وحسنه، وقال عمرو بن قيس: "إياكم والبطنة فإنها تقسي القلب"، وقال الحارث بن كلدة؛ وهو الطبيب العربي المشهور: "الحمية رأس الدواء والبطنة رأس الداء"، وقال سفيان الثوري: "إن أردت أن يصح جسمك ويقل نومك فأقلل من الأكل".. ولذلك فان تقليل الطعام والشراب ومباشرة النساء ينور القلب ويوجب رقته، ويزيل قسوته، فالصيام فيه كسب للنفس وتحلية القلب للذكر والفكر.

والصيام يضيق مجارى الدم التي هي مجارى الشيطان من ابن آدم، فإن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم، فتسكن بالصيام وساوس الشيطان، وتنكسر ثورة الشهوة والغضب.

واسمع لأهل التجارب والخبرات ممن عاشوا في عالم الروحانيات؛ فقد روى عن ذي النون المصري -رحمه الله- وهو العبد الصالح أنه قال: "تجوّع بالنهار وقم بالأسحار، ترى عجبا من الملك الجبار"، وقال يحي بن معاذ: "من شبع من الطعام عجز عن القيام"، فهل عرفت أيها الأخ الحبيب بعد هذا كله علاقة الطعام والشراب بالتقوى؟!

معاشر المسلمين:
إن الإمساك عن الطعام والشراب في رمضان ليس هدفاً في ذاته، بل هو وسيلة لرقة القلب وانكساره وخشيته لله، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجه في أن يدع طعامه وشرابه" كما في البخاري، وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: "ليس الصيام من الطعام والشراب إنما الصيام من اللغو والرفث" رواه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم،، فهل الهدف من صيام رمضان واضح لك الآن ؟؟

هذه هي حقيقة الصيام فلا تحرم نفسك منها أيها الأخ؛ أما إن كان الأمر ترك الطعام والشراب فما أهون الصيام، ولكن إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك من الكذب والمحارم؛ وجماع ذلك خوف القلب من الله ومراقبته، وإلا فتنبه وأحذر فربما دخلت في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ربَّ صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر"، نعوذ بالله من حال هؤلاء.. والحديث أخرجه النسائي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان وقال الحاكم صحيح على شرط البخاري

إذا؛ فليس رمضان إمساك عن الطعام والشراب فقط؛ وسجوداً وركوعا، والقلب هو القلب قاس عاص غافل لاه، الغناء يطرب الآذان، وللعينين أُطلق العنان، واللسان غش وكذب وغيبته نميمة وسب ولعان.

وصدق من قال:

إذا لم يكن في السمع منى تصامم *** وفى العين غض وفي منطقي صمتُ
فحظي إذا من صومي الجوع والظمأ *** فإن قلت إني صمت يومي فما صمت ُ

فأف ثم أف لنفوس لم يهذبها الجوع ولم يربها السجود والركوع، فالصيام تدريب للنفوس وتعويد لها على الصبر وترك الشهوات.

يدخل رمضان ويخرج وبعض النفوس لم تتغير، يجوع ويعطش وقلبه هو قلبه، ومعاصيه هي معاصيه، وربما يركع ويسجد، ويسهر ويتعب وحاله هي حاله، ولسانه هو لسانه.. نعوذ بالله من حال هؤلاء.

فلو قيل لأهل القبور تمنوا، لتمنوا يوماً من رمضان، وهؤلاء؛ كلما خرجوا من ذنب دخلوا في آخر، بل ربما لا تحلو لهم الشهوات والفتن في المعاصي والسيئات إلا في شهر رمضان والله المستعان.

يا هؤلاء.. انتم في رمضان شهر التوبة والغفران.

يا هؤلاء فيه تغلق أبواب النيران وتفتح الجنات، وتصفد الجان.. فدونك نفسك أيها الإنسان.

يا هؤلاء.. أما تنفعكم العبر؟ أما عصيتم وستر؟ اعرفوا قدر من قدر.. فقد آن الرحيل وأنتم على خطر، لكن عند الممات يأتيكم الخبر؛ نعوذ بالله من طول الأمل فإنه يمنع خير العمل.

قال ابن رجب -رحمه الله- : "كل قيام لا ينهى عن الفحشاء والمنكر، لا يزيد صاحبه إلا بعداً، وكل صيام لا يصان عن قول الزور والعمل به، لا يورث صاحبه إلا مقتاً ورداً، يا قوم أين آثار الصيام!! أين أنوار القيام!! إن كنت تنوح يا حمام الباني للبين أين شواهد الأحزان!! أجفانك للدموع أم أجفاني، لا تقبل دعوى بلا برهان" انتهى كلامه رحمه الله .

أيها المسلم:

ليس الصيام في الإسلام لتعذيب النفوس، بل هو لتربيتها وتزكيتها ولينها ورقتها، فالقرآن يعلمنا أن الصوم إنما فرض لنذوق طعم الإيمان ونشعر براحة القلب وسعادة النفس ولذة الحياة وكل ذلك في مراقبة الله والخوف منه، فتقوى الله اعظم كنز يملكه العبد في الدنيا، وليس أشقى والله على وجه الأرض ممن يحرمون طمأنينة الأنس بالله بتقوى الله.

وقد يقول قائل؛ كيف نصل للهدف؟ أو كيف تحصل ثمرة الصيام (تقوى الله)؟

فأقول؛ علاقة الصيام بتقوى الله تظهر من وجوه كثيرة فأرعني سمعك وانتبه لهذه الأسئلة..

ألا يمكن وأنت صائم في نهار رمضان أن تختفي عن أعين الناس فتأكل وتشرب وتفعل ما تشاء لا يعلم بك أحد من الناس ولا تطلع عليك عين من عيون الخلق؟؟ اسأل نفسك ما الذي يمنعك؟ ما الذي يردك؟ لأنك تعلم أن الله يراك ومطلع عليك ويعلم ما تخفي وما تعلن..

أليس في هذا تربية للقلب؟ وارتباط بخالقه وخوفه وخشيته ومنه؟ أليس من صام بمثل هذه المعاني وبمثل هذه المشاعر إزداد صلة بالله وخشية وخوفاً من الله وازداد تذوقاً بصيام رمضان وراحة للنفس والبال؟ وهذا اعظم زاد للروح، فالصوم أمر موكول إلى نفس الصائم لا رقيب عليه إلا الله، فهو سر بينك وبين ربك، سر بين العبد وربه، ولولا استشعاره لرقابة الله وانه يراه لما صبر عن هذه الشهوات.

إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل *** خلوت ولكن قل عليَّ رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة *** ولا إن ما تخفي عليه يغيب
لهونا لعمر الله حتى تتابعت *** ذنوب على آثارهم بذنوب
فيا ليت أن الله يغفر ما مضى *** ويأذن في توباتنا فنتوب

سؤال ثان ؛ عند الوضوء للصلاة، وفى المضمضة والاستنشاق، لماذا تحرص أيها الأخ الحبيب أن لا يفوت إلى حلقك قطرة ماء؟ لماذا كل هذا الحرص مع انه لا يطلع عليك أحد من الناس ولا يعلم بك أحد لو أدخلت جرعة ماء فكيف بقطرة؟ سبحان الله من علمك هذا الأدب؟ من علمك هذا الحرص العجيب؟ إنها رقابة الله، فأنت على يقين انه يرى قطرة الماء هذه لو سالت إلى حلقك، فيا سبحان الله. إننا نرى المرأة في رمضان، نراكِ أيتها الأخت الكريمة من بعد صلاة الظهر إلى غروب الشمس، وأنت في مطبخك تقفين أمام أصناف المأكولات والمشروبات، تراها بعينيها، وتشم روائحها المغرية بأنفسها، وربما ذاقت ذلك بطرف لسانها فأخرجته بحركة سريعة عجيبة سبحان الله تأملوا هذا الموقف.. تأمليه أيتها الأخت هي جائعة وعطشى ولوحدها لا يراها أحد من الناس، فلماذا لا تمد يدها فتأكل وتشرب؟ من الذي يمنعها؟ من يردها؟ إنها حلاوة الروح، حلاوة الروح بصلتها بالله، بخوفها من الله فهي تعلم أن الله يراها ومطلع عليها ويعلم حالها، فأي تهذيب وأي تأديب هذا الذي أحدثه الصيام في النفوس؟ فما رأيكن أيتها الصائمات هل عرفتن لماذا نصوم!!

إذا فخلاصة الأمر نقول؛ أن تجويع البطن والفرج لبضع ساعات فيه حياة الروح.. فيه حياة للقلب.

وأنت أيتها الأخت إنسانة بروحك وقلبك لا ببطنك وفرجك، فنحن نأكل لنعيش ولسنا نعيش لنأكل، ومن ذاق حلاوة الروح وراحة القلب، بان له الفرق، فانكسار النفس وخلو البطن وتضييق مجارى الدم فوائد للصيام، مفادها حياة الروح المتمثلة برقة القلب ولينة وخوفه وخشيته من الله جل وعلا.

وإذا ملك العبد قلباً بهذه الصفات،انضبط قوله وفعله وحاله، إذ لا يمكن أبدا أن يمتثل لترك هذه الشهوات؛ الطعام والشراب والجماع، وهى حلال فيتعداها إلى الحرام من كذب وظلم وغش ومشاهدة للحرام وسماع للغناء، سواء كان في الليل أو النهار، وسواء كان في رمضان أو غير رمضان، فنرى من صلى وصام وترك الشراب والطعام في رمضان لعلمه أن الله رقيب عليه، مطلع عليه، سيترك الحرام في غير رمضان أيضاً لأن الله لا يزال مطلعاً عليه، وعليماً لحالة؛ وهنا يشعر الإنسان بلذة الصيام؛ هنا تشعرين أيتها الأخت بلذة شهر رمضان، وبالمعاني الجميلة لشهر رمضان فهي تصوم لبناء ذلك السد المنيع بين النفس وشهواتها وصدق بشر بن الحارث بقوله: "ولا تجد حلاوة العبادة حتى تجعل بينك وبين الشهوات سداً"، هذا السد هو خوف الله ومراقبته في السر والعلن، هذا السد الذي جعلك في رمضان تمسك عن الطعام والشراب بهذه الدقة العجيبة، هو السد الذي جعل ذلك الرجل في غير رمضان والمرأة ذات المنصب والجمال تدعوه فيقول لها: "إني أخاف الله" مع وجود المغريات فهي ذات منصب وذات جمال، وهى التي تدعوه؛ لكنها تقوى القلوب؛ لكنها حياة الإيمان؛ لكنه الخوف من الله الذي من أجله فرض الصيام..

فأين حال هذا الرجل من حال أولئك الذين لا يجدون لملاحقة النساء وبنات المسلمين لذة إلا في شهر رمضان؛ نعوذ بالله من حال هؤلاء.. هدانا الله وإياهم لما فيه الحق واتباع هذا الدين.

هذا السد هو الذي جعلك تحرص على صلاة الجماعة في رمضان، هو السد نفسه الذي جعل تلك الصغيرة في غير رمضان تمتنع عن مزج اللبن بالماء وتقول كلمتها المشهورة "إن كان عمر لا يرانا فإن رب عمر يرانا".

هذا السد الذي جعلك أيتها المرأة المسلمة توخيت كل الحرص على ألا يفوت لحلقك شئ من الطعام عند المذاق خوفاً ومراقبة لله في رمضان، هو السد المنيع الذي جعل تلك المرأة تمتنع في غير رمضان عن الوقوع في الزنا لما غاب عنها زوجها طويلاً مع جيش المسلمين وكانت تردد هذه الأبيات:

تطاول هذا الليل وأسود جانبه *** وأرقني ألا خليل ألاعبه
فو الله لولا الله أنى أراقبه *** لحرك من هذا السرير جوانبه
ولكن تقوى الله عن ذا تصدني *** وحفظاً لبعلي أن تنال مراكبه

قال ابن القيم: "بالحب والخوف والرجاء يذوق المسلم حلاوة الإيمان، ومن استطال الطريق ضعف مشيه" انتهى كلامه رحمه الله

إذا فلماذا نخاف الله ونراقب الله في رمضان، ونصوم ونصلى ونفعل الخير كله ونهمل؛ بل ويترك البعض ذلك في غير رمضان، عجيب أمر تلك النفوس، إن الله الذي يطلع عليك في رمضان يطلع عليك في رجب وشعبان وغيرهما من الشهور. فالله فرض الصيام ثلاثين يوماً تدريباً وتذكيراً للنفوس برقابة الله عليها، وصدق الله: "لعلكم تتقون" أي من أجل أن تتقوا، ومن لم يصم بهذه المعاني فليتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الآنف الذكر؛ "رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر"

أيهـا الراجي ثمار الصوم أعط الصوم حقه
من خشوع واصطبار والتداد بالمشقــة
وانطلاق في سبيل العيش في رفق ورقة
طارحاً عن روحك المغلـول بالشهوات رقة
إن في هذا لعبد الجسـم طول العام عتقه

قصص من ذاقوها !!

أما القسم الثاني من هذا الدرس:
مشاعر هذه الروح وهو تصوير لمشاعر وأحاسيس وروحانيات وأشجان لمن ذاق حلاوة الإيمان، وطعم الصلة بالله برمضان، وعرف حقيقة الصيام، وهى للجميع؛ فلا يختص بها الرجال دون النساء، ولا الكبار دون الصغار، لعل الله أن ينفع بها الجميع؛ فإن من ذاق طعم الشيء حرص عليه وتمسك فيه، ومن ذاق طعم الإيمان بذل من أجله النفس والنفيس.

تعالوا لنسمع أفراح الروح وهى تسرى في القلب، فتتلذذ بالصيام والقيام والصدقة وقراءة القرآن والتوبة والغفران، تعالوا لأفراح الروح لنسمع أفراح الروح في شهر رمضان كيف تعيش تلك الروح.

فهذا صائم يحاول التعبير عن هذه الروحانية فيقول: "في نهار يوم من أيام رمضان؛ اشتد بي الجوع فيبس لساني، وقرصت الشفتان وغارت العينان، فنظرت من يميني فإذا أصناف الطعام؛ وعن شمالي أنواع الشراب، فذكرت قول الله عز وجل في الحديث القدسي؛ ترك طعامه وشرابه من أجلى، فرق قلبي ودمعت عيني وانتابني شعور جميل له حلاوة لا أستطيع وصفه ولا بيانه.. قلت؛ لعله أثر من أثار الإخلاص في هذه العبارة العظيمة ولكن من أنا، عبد من عبيده، فقير إليه ذليل بين يديه، من أنا فيخاطبني وهو العظيم الجليل ذو الجبروت والملكوت ،،ترك طعامه وشرابه من أجلي،، من أنا حتى يخاطبني بقوله؛ (من أجلي) فأتلُ قوله؛ (من أجلي) رقة وشفافية عجيبة، بهذه الرقة وبهذه الشفافية وبهذا الإيناس نسيت جوعي وتعبي؛ فأي مشقة في الصوم في ظل هذا الود والقرب من السيد لعبده؛ فشعرت بحرص واطمئنان وثقة ويقين بالقرب من الله جل وعلا".

قلب فؤادك في محاسن شرعنا *** تلقى جميع الحسن فيه مصـورا
كم من معانٍ في صيام بيننا *** نفح أرق من النسيم إذا سرى
نهراً تفجرا أحمدياً كوثرَ *** وانظر لفرق صيامهم وصيامنا
فدهشت بين جماله وجلاله *** وغدا لسان الحال عني مخبرا
لو أن كل الحسن أكمل صوره *** ورآه كان مهللا ومكبرا

وهذه المشاعر متصدق صائم قال فيها؛ "في رمضان؛ الصدقة لها طعم خاص ولذة عجيبة، ولا غرو فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،،كان أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان،، أخذت عهداً على نفسي أن لا يمر يوماً من رمضان إلا ولى فيه نصيب من الصدقة والإحسان؛ فقليل دائم خير من كثير منقطع؛ وبعد صولات وجولات بين بيوت الأرامل واليتامى والفقراء والمحتاجين لا يعلم بي أحد إلا الله؛ شعرت برقة في قلبي، ولذة عجيبة في نفسي، فعرفت حقيقة الصيام، وأحسست بقرصة الجوع والحرمان، وقفت على أرملة لها صبية صغار وبيتهم بالإيجار ودموع غزار، ربما عبث الهم بقلبها ففضلت الموت على الحياة، أو سلكت طريق البغاة، عندها تبين لي قول الرسول صلى الله عليه وسلم؛ القائم على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل أو الصائم النهار،، كما فى البخارى ومسلم، وجلست مع اليتيم فنظرت في عينيه، فكأنه يسألني عن أبويه، ولماذا هو ليس كغيره من الصغار معهم الألعاب والحلوى والطعام، وهل سأشتري له ثوباً جديداً ليلبسه في العيد؟ فمسحت بيدي على رأس اليتيم، فإذا بقلبي يلين ودمعي يسيل؛ فذكرت قول الحبيب صلى الله عليه وسلم في المسند من حديث أبى هريرة؛ أن رجلاً شكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه، فقال له صلى الله عليه وسلم؛ إن أردت تليين قلبك فأطعم المسكين وامسح على رأس اليتيم،،"

هكذا نحيا رمضان، فهو مدرسة تستثير الشفقة، وتحض على الصدقة، وهو شهر يعلمنا الجود والإحسان، ليس فقط في رمضان بل والله على الدوام؛ "وما تنفقوا من خير فلأنفسكم".

حدثني أحد الأخوة بكلام عجيب كان له وقع في نفسي، قال أنه قرأ للشعبي رحمة الله كلاماً جميلاً قال فيه: "من ير نفسه إلى ثواب الصدقة أحوج من الفقير إلى صدقته فقد أبطل صدقته وضرب بها وجهه"، فما تركت بعدها صدقة، فأنا الفقير وأنا المحتاج؛ نعم والله أنا الفقير إلى عفو ربى، وأنا المحتاج إلى غفران الله جل وعلا لنفسي، كان ابن عمر رضى الله عنهما؛ "يصوم ولا يفطر إلا مع المساكين، فإذا منعه أهله عنهم لم يتعشى تلك الليلة"، وجاء سائل إلى الإمام أحمد؛ "فرفع إليه رغيفين كان يعدهما لفطره ثم نام جائعاً، ثم أصبح صائماً"، وعُلم أن عائشة رضى الله عنها أم المؤمنين؛ "أنفقت في يوم واحد 100 ألف درهم وهى صائمة، فقالت لها خادمتها؛ لو أبقيت لنا ما نفطر به اليوم، فقالت عائشة؛ لو ذكرتني لفعلت".

سبحان الله! ما هذه الروحانية العجيبة، وما هذا السمو المذهل في النفس الصائمة، حتى أنها تنسى حاجتها ومطالبها وكأنها لا تذكر إلا أمتها وحاجات الفقراء أو المحتاجين.

حديث التائبين

أما حديث التائبين وخاصة في شهر التوبة فعجيب غريب، واسمع هذا التائب في رمضان وهو يحاول أن يصف فرحته وسعادته فيقول: "ما أجمل رمضان وما أحسن أيامه، سبحان الله! كل هذه اللذة وهذه الحلاوة ولم أذق طعمها إلا هذا العام، أين هي عيني كل هذه السنوات؟؟ إيه.. بل أين أنا عنها، فإن من تحر الخير يعطه، ومن بحث عن الطريق وجده، ومن أقبل على الله أعانه.. صدق الله في الحديث القدسي؛ من تقرب منى شبراً تقريب منه ذراعا،، كما فى الصحيحين، سبحان الله! أشعر أن حملاً ثقيلاً زاح عن صدري؛ وأشعر بانشراح فسيح في نفسي، أول مرة في حياتي أفهم تلك الآية التي أسمعها تقرأ في مساجدنا؛ فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام، ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء،، أين ذلك الضيق؟ وتلك الهموم التي كانت تكتم نفسي حتى أكاد اصرع؟ أين تلك الهواجس والأفكار والوساوس؟ أين شبح الموت الذي كان يلاحقني فيفسد علي المنام؟ إنني أشعر بسرور عجيب، وبصدر رحيب، وبقلبي لين دقيق، أريد أن ابكي! أريد أن أناجى ربى واعترف له بذنبي، لقد عصيت وأذنبت وصليت وتركت وأسررت وجاهرت وأبعدت وقربت وشرقت وغربت وسمعت وشاهدت..

ويح قلبي من تناسيه مقامي يوم حشري
واشتغالي عن خطايا أثقلت والله ظهري
ليتني اقبل وعظي ليتني اسمع زجــري

والله لولا الحياء ممن بجواري لصرخت بأعلى صوتي؛ أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فأغفر لي فإنه لا يغفر الذنب إلا أنت،، لسان حالي يقول للإمام؛ لماذا قطعت علي حلاوة المناجاة يا إمام! لماذا رفعت من السجود فحرمتني من لذة الاعتراف والافتقار للواحد القهار؛ يا إمام أريد أن أبكى فأنا لم أبكى منذ أعوام..

ألا يا عين وحيك أسعديني
بطول الدمع في ظلم الليالي
لعلك في القيامة أن تفوزي
بخير الدهر في تلك العلالـي

يا إمام أسمعني القرآن، فلقد مللت ملاهي الشيطان؛ يا إمام لماذا يذهب رمضان وفيه عرفنا الرحمن وأقلعنا عن الذنب والعصيان!!

في صيام الشهر طب ليس يبديه طبيب
فيــه أسرار يعيها صائم حقاً أريب
فيه غيث من صفاء ترتوي فيه القلوب
فيه للأرواح شفع دونه الكون الرحيب
صائم في درع تقوى تجلي عنه الكروب

ما أحلاك يا رمضان.. ما أجملك.. سأشغل أيامك ولياليك، بل ساعاتك وثوانيك.. كيف لا وقد وجدت نفسي فيك!! أليس في الحديث؛ رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم أنسلخ قبل أن يغفر له،، كما في الترمذي وقال حسن غريب.

إذا هجع النُّوام أسبلت عبرتي
وأنشدت بيتاً وهو من الصَفِ الشعر
أليس من الخسران أن لياليا
تمر بلا علم وتحسب من عمري؟

يا معشر العاصين؛ لا بأس من قلب خُمِّر وجُمِّر وقُسّي وتبلَّد، فإنه يمكن أن تدب فيه الحياة، ويمكن أن يشرق فيه النور، ويمكن أن يخشع لذكر الله، فنحن في شهر رمضان.. شهر التوبة والغفران؛ شهر تصفيد الشياطين وفتح أبواب الجنان وإغلاق أبواب النيران، والله يحي الأرض بعد موتها فتنبت وتزهر..

يا معشر التائبين..

تعالوا كل من حضر لنطرق بابه سحرا *** ونبكى كلنا أسفاً على من بات قد هجرا

كيف نصنع إذا نودي بالرحيل وما تأهبنا؟ ألسنا الذين بارزنا بالكبائر وما راقبنا؟ يا معشر المذنبين.. لنبسط لسان الاعتذار، ونظهر العجز والافتقار، وليردد كل واحد منا..

إلهي لئن خبْتُ وطردتني فمن *** ذا الذي أرجو ومن ذا أشفّع
إلهي لئن أعطيت نفسي سؤلها *** منها أنا في روض الندامة أرتع
إلهي ترى حالي وفقرى وفاقتي *** وأنت مناجاتي الخفية تسمع
إلهي فلا تقطع رجائي ولا تزغ *** فؤادي فلي في جل جودك مطمع
إلهي أجرني من عذابك إنني *** أسير ذليلاً خائفاً لك أخضع
إلهي لئن جلت وجمت خطيئتي *** فعفوك من ذنبي أجل وأوسع

انتهى كلامه..

فقلت؛ سبحان الله! في رمضان رياح الأسحار تحمل أنين المذنبين وأنفاس المحبين وقصص التائبين ورحم الله مطرف بقوله: "اللهم أرض عنا فإن لم ترض عنا فاعف عنا"، وهذا مودع لرمضان ذاق طعمه وعرف حلاوته؛ وهاهو يتحسر على فراقه فيقول: "في الأيام الأخيرة في رمضان، شعرت بتسارع الأنفاس، وكثرت الهاجس والوسواسة، أعنى أن أمسك الشمس فلا تزول، لا أصدق أن رمضان سيرحل بعد أيام، لقد ذقت حلاوة الصيام ولذة القيام، لقد وقفت مع الصالحين وركعت مع الراكعين وسجدت مع الساجدين، بالأمس كنت أذرف دموع الفرح لاستقباله، واليوم تسيل دموع الحزن لرحيل هلاله.. آه لرمضان؛ فقد هيم نفسي ويتم قلبي.. تلاقينا وكأنها لحظات.. وتناجينا وكأنها همسات.. فمن منا لا تؤلمه ساعات الفراق ومن منا يحتمل لحظات العناق.. رمضان أيها الحبيب ترفق.. دموع المحبين تدفق.. قلوبهم من ألم الفراق تشقق.. رمضان أطفأت أنوار المساجد.. وتفرق الراكع والساجد.. رمضان هل أنا مقبول أم مطرود؟؟ وهل تعود أيامك أو لا تعود؟؟ وإن عادت هل أنا في الوجود أم في اللحود؟؟ سأعان الأحزان وأبث الأشجان، وسأرسل العبرات والزفرات والآهات؛ فربما هذه آخر ليلة منك يا رمضان.. ولا أدرى أنا رابح فيك أن خسران!!

يا رب إن فراق الخل عذبني
وأورث النفس آلاما وأحزانا
وأذهب العين حتى صار ناظرها
يقول: وحيك قد تلقاه عمياناً
ألقاه أعمى ولكن لا يفارقنــي
يبقى وتبقى معاً في القلب سكنانا
يا رب رد غريباً في ظل وجهتـه
يقلب الطرف بين الناس حيرانا
يبيت يبكى ويصحو باكيا أبداً
قد جرب الحزن أشكالاً وأواناَ

في يوم العيد !!

وأخيراً هذه مشاعر مسلم في صبيحة العيد فيقول: "تذكرت في صبيحة العيد وأنا أقبل أولادي يتامى لا يجدون من يقبلهم أو حتى يبتسم لهم.. تذكرت في صبيحة العيد وأنا مع زوجي أيامى لا يجدن حنان الزوج ورقته.. تذكرت في صبيحة العيد ونحن على الطعام الطيب والشراب البارد الجموع التي تموت من الجوع.. تذكرت في صبيحة العيد وأنا ألبس الجديد.. ذلك الذي لا يجد ما يستر به عورته، وربما غطى بالأوراق والجلود سوءته.. تذكرت في صبيحة العيد وقد اجتمع شملنا وأنسنا بآبائنا وأمهاتنا، إخوانا لنا شردتهم الحروب، لا راحة ولا استقرار ولا أمن ولا آمان فعيدهم دموع وأحزان وذكريات وأشجان، جالت في خاطري هذه الذكريات.. ومع ذلك لبست الجديد، وزرت القريب والبعيد، وأكلت وشربت وابتسمت ومازحت؛ لكن شعور الجسد الواحد وشعور الإخاء قوى في نفسي؛ لا أنساهم في حديثي؛ وان ضحكت تبدو مسحة الحزن على وجهي.. يهيج بالدعاء لهم لساني؛ وأحدث عنهم أهلي وجيراني؛ وفى صحيح مسلم؛ مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى و بالسهر،، ومن عمل صالحاً فلنفسه،، ومن علت همته أتصف بكل جميل، ومن دنت همته اتصف بكل خلق رذيل..

سأصرف همتي بالكل عما *** نهاني الله من أمر المزاح
إلى شهر الخشوع مع الخشوع *** إلى شهر العفاف مع الصلاح
يجازى الصائمون إذا استقاموا *** بدار الخلد والحور الملاح
وبالغفران من رب عظيم *** وبالملك الكبير بلا براح
فيا أحبابنا اجتهدوا وجدوا *** بهذا الشهر من قبل الرواح
عسى الرحمن أن يمحوا ذنوبي *** ويغفر زلتي قبل افتضاحِ

الخاتمة

أيها الأحبة؛
هكذا نحيا رمضان، عندما نفهم حقيقة الصيام ونشعر بحلاوة الإيمان، هذه الأحاسيس الجميلة والمشاعر النبيلة، هذه الروحانية السنوية، ما هي إن شاء الله إلا عاجل بشرى المؤمن، فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقاءه، وفتح لهم أبواب في دار العمل فآتاهم من روحها ونسيمها وطيبها ما استفرغ قواه لطلبها والمسابقة إليها، أما الحلاوة الحقيقية فيكفى قول الحق عز جل؛ "فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاءاً بما كانوا يعملون"..

أيها المسلمون:
هلموا إلى دار لا يموت سكانها.. نحن في رمضان موسم الخيرات؛ فهلموا إلى دار لا يموت سكانها؛ ولا يخرب بنيانها؛ ولا يهرم شبانها؛ ولا يتغير حسنها وإحسانها؛

هوائها النسيم.. يتقلب أهلها في رحمة أرحم الراحمين.. ويتمتعون بالنظر إلى وجهه الكريم كل حين.. دعواهم فيها؛ سبحانك اللهم، وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.

وطعامهم ما تشتهيه نفوسهم
ولحوم طير ناعم قسمان
وفواكه شتى بحسب مناهم
يا شبعة كملت لذي الإيمان
لحم وخمر والنسا وفواكه
والطيب مع روح ومع ريحان
وصحافهم ذهب تطوف عليهم
بأكف خدام من الولدان

نسأل الله الكريم من فضله العظيم أن يبلغنا جنة الفردوس، اللهم إنا نسألك جنة الفردوس برحمتك يا أرحم الراحمين.

أيها المسلمون:
أكرموا هذا الوافد الكريم.. استقبلوه بالتوبة الصادقة والرجوع إلى الله؛ أروا الله من أنفسكم في هذا الشهر المبارك.. فإن لله نفحات من حرمها فقد حرم خيراً كثيراً، جاهدوا أنفسكم؛ أخلصوا النية لله في الاستعداد له؛ فربما قطع هادم اللذات تلك الأماني فبلغ صاحبها بنيته ما لم يبلغه بعمله.. كم من إخواننا الذين كانوا يخططون لشهر رمضان وعمل الخيرات فيه، وقد حملناهم على الأكتاف ودفناهم تحت الأحداث لكنهم بلغوا إنشاء الله بنياتهم.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-03-2022, 06:37 PM   #12052

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) البقرة 183 }

فى كل ليلة

لله فى رمضان كل ليلة عتقاء من النار , ألح عليه كثيرا بطلب العتق والنجاة لعلك تكون أحدهم .
روى الإمام أحمد في المسند وابن ماجة في سننه والطبراني في الكبير عن أبي أمامة وجابر- رضي الله عنهما – وصححه الألباني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لله عند كل فطر عتقاء وذلك في كل ليلة. قال الشيخ الألباني: حسن صحيح.

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة. رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.

لملم

فى كل ليلة من رمضان إجتهد أن تلملم كل ما بعثرته فى حق نفسك وحق العباد فقد لا يأتيك رمضان القادم .

حقوق العباد مع العباد :.
فإن المرء يحاسب عليها إلا أن يتوب منها ويتنازل عنها صاحب الحق، قال صلى الله عليه وسلم: "أتدرون من المفلس؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال:إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا، فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يوفي الذي عليه أخذ من سيئات صاحبه ثم طرحت عليه ثم طرح في النار" رواه الترمذي، قال حسن صحيح.

حق النفس :.
قال الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ )
أعظم حق على نفسك أن تقيها عذاب النار .

فرصة

صومك رمضان إيمانا وإحتسابا يمحو ذنوبك فلا تضيع الفرصة واعقد النية وجددها فالفرصة الثمينة كنز كبير قد لا يتكرر .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه] ( رواه البخاري ومسلم) .
وهل هناك فضائل فى الصوم أفضل من مغفرة الذنوب وتكفير السيئات .
وعنه أيضاً رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)) .

أحلامك

اقترب كل ليلة فى رمضان من أحلامك وثق أنه ليس بعيدا على ربك أن يحققها لك قبل أن تقوم من مقامك وقبل أن ينقضى شهرك ,, واعلم أن حسن ظنك بربك نعيم ليس كمثله نعيم وسكينة ليس كمثلها سكينة بل أن حسن الظن بالله هو أنشودة كل سعيد .

سُلّم صعود و حافة هاوية

كن فى رمضان سُلّم صعود نحو كل شىء إيجابى فى شخصيتك , نمّيه وزده جمالا ورقيا و كذلك كن حافة هاوية

عميقة تُسقط فيها كل خلق سلبى فيك , احصر عيوبك جيدا وتخلص منها واحصر ايجابياتك جيدا وارعها وطوّرها

بلا بصمات

فى رمضان تُفتح أبواب السماء بدون بصمات بدون واسطات ولا أرقام مشفرة سريه وبدون وقت معين , فى رمضان أنت البصمة وأنت الرقم السرى وأنت الشفرة وأنت نقطة البداية لكل خير ,, المهم ألا تبرح الأبواب واطرقها فى كل الأوقات , اطرقها عند السحور وارفع لله يديك , عند الفطور وارفع لله يديك , عند الأذان وارفع
لله يديك .

فتش و ارتق

فى رمضان تأكد كل يوم أنك فعلا فى رمضان وأن هناك فرق واضح وأنك لست فى أيام عادية , فتّش جيدا عن نفسك فيه وارتق الى ربك وعانق مصحفك … لو وجدت نفسك فى رمضان بحال مثل نفس حال الأيام السابقه له
فماذا استفدت إذاً . ؟

مفاتيح القرب

مفاتيح القرب من الله فى رمضان كثيرة لا تعد ولا تحصى , سدّد وقارب وعدّد وكرر ولاتترك مفتاحا يضيع منك واسأل ربك العون و التوفيق على الطاعه و القبول فما خاب من كان الله مفتاحه فى رمضان وغير رمضان .

إذا استقام معك الخير

إذا استقام معك طريق الخير فى رمضان فاعلم أنك موفق من الله , المهم استمر فى الخير و لا تنقض غزلك بعد انقضاءه ولا تكن كتلك التى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا .

عقيدتك فى رمضان

فتّش عن عقيدتك فى رمضان وصححها من كل خلل , فلربما يكون فيها شيئا من تشويش أو خطأ دون أن تدرى , فمثلا يجب أن تؤمن إيمانا يقينا و تعتقد اعتقادا جازما أن الله هو الذى قدّر كل شىء بقدر وأنه وحده من جعل الرزق بيده وأنه وحده من يملك مفاتيح الفرج ومن كتب لك السعادة أو قدّر لك غيرها وأنه لا يوجد أحد بيده سعادتك ولا صحتك ولا عافيتك ولا حياتك ولا مماتك إلا الله وحده لا شريك له .

استعن بربك وتحصّن من السارقين

استعن بالله فى رمضان على كل مايلهيك , فالوقت فيه قصير والفرصة الغالية قد لا تتكرر ولا تُعوّض .
إن لم يزداد حسك الإيمانى وسمت روحك عندك فى رمضان عمقاً و فهما وأداءً ، إن لم لم تصفوا نفسك عن قبل وتغدو أسرع استجابةً لأحكام دينك وتصحيح إعوجاجك ، وأشد نفوراً من دواعي الخلل والانحراف.

إن لم تكن هكذا فى رمضان فمتى ستكون ؟
قال سبحانه: "يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون"سورة البقرة/الآية183.

حين تصوم بمفهوم وتصوّر الإيمان والإحتساب ,, إيماناً واحتساباً ,, ثق أنك ستتذوق بالفعل حلاوة التقوى , فالشهر الكريم مدرسة للصبر والتزود من خشية الله والمنافسة في الخيرات .

اجعل رمضان مركز إنطلاق نحو مراجعة نفسك وتصويب سلوكك وترويح قلبك وتقويم العوج الذى طالك .

تعرّف على الله

تعرّف على الله بحق فى رمضان هذا العام وعرّض نفسك لنفحاته كل وقت فالنفحات سرعان ماتنقضى وتزول والموفق الملهم من يتعرض للنفحه فى وقتها ولا يؤجلها أو يفرّط فيها .

تعرّف على عيوبك

تعرّف على عيوبك فى رمضان وعاهد روحك على التخلص منها وكن شجاعا فى ذلك فأنت المستفيد أولا وأنت الأكثر ربحا بخلاصك منها .

استغفار وتوبة

تُبْ الى الله فى رمضان واندم على تفريطك فى حق الله وحق نفسك وحق العباد واجبر خاطر من كسرته و تأسف واعتذر لمن جرحته أو أهنته وتأسف لنفسك واجبر خاطرها فهى أحق بجبرك وإحسانك لها وبها .

إجمع الشتات

إجمع شتات قلبك فى رمضان ولملم ما بعثرته من قلوب الغير وتأكّد أن جبرك لقلب كسرته أو أهملته هو من أهم أعمال القرب إلى الله .

الإرتقاء الحق

إن لم ترتقى فى رمضان بالقرآن ومع القرآن فمتى يكون الإرتقاء ؟

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْقَ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا" . رواه أحمد.
وروى الطبراني في المعجم الكبير عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :"الْقُرْآنُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَمَاحِلٌ مُصَدَّقٌ، مَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ"
الماحِلُ: المجادلُ لصاحبه لما يتبع ما فيه.

ازرع و ا مسح

رمضان لونه أبيض أنصع من البياض نفسه , ازرع كل مساحات قلبك البيضاء فى رمضان و امسح كل أرض بور مازالت تتواجد فى داخله , فرمضان ساحاته كلها بيضاء .

إفسد كل محاولة

إفسد كل محاولة تحاول أن تفسد عليك رمضان أو تسرقه منك , أهّل نفسك لذلك واستعن بربك تنجو وتفوز بالشهر الكريم , حصّن نفسك من اللصوص وأنت بهم أدرى وأعلم .

باقات الزهور

ضع باقات زهور على عتبات باب قلبك وباب روحك وباب فكرك وباب صفحاتك فى أول يوم برمضان و أضف عليها كل يوم باقات جديدة وهنيئا لك بالبستان الكبير الجميل فى نهاية الشهر .

أخيرا ..

قدّر لرمضان حق قدره , واغتنم أيامه ولياليه عسى أن يكرمك الله برضوان , عسى أن يغفر لك وييسر أمرك عسى أن يكتبك من السعداء في الدنيا والآخرة،.

جعلنا الله وإياكم ممن يقومون بحق رمضان خير قيام , وصل الله وسلم على سيدنا محمد خير من صلى وقام وصام .







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-03-2022, 06:38 PM   #12053

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

كثير من أهل اﻹيمان - ولعلك أنت منهم - وجد لذة الطاعة في رمضان .
وجد لذة القيام فبكى عند سماع القرآن .
ووجد لذة الدعاء قبيل الغروب فود أن الشمس لا تغيب حتى لا يفقد تلك اللذة .
وجد لذة الصدقة وهو ينفق بانشراح صدر .
وجد لذة اﻹستغفار قبيل الفجر فقال إن كان أهل الجنة في مثل هذا الحال لهم في حال عجيب .
وجد لذة التلاوة فود أن السورة لاتنتهي ..
في حياة طيبة ود معها أن السنة كلها رمضان .
ولكن ربما بدأ يفقد مثل هذه اللذائذ مع إقبال العيد ، وكثرة التواصل مع الناس ، واﻹنشغال بأمور الدنيا التي غدت لازمه .
ومن هنا جاء الحديث عن لزوم - ولو قسطا معينا - من هذه الطاعات ، ووجوب السعي الحثيث لتثبيت قربات ليجد الناصح لنفسه من وراءها شيئا من تلك اللذائذ ، فأقول - أولا - :
اعلم أن الدنيا سريعة الزوال ، وأن أيامها ولياليها عجيبة التفلت - وواقعك خير شاهد - .
فاجعل من سرعتها فرصة لك تربي بها نفسك للزوم الطاعة ، ودعوةٌ للنفس بجعل حقيقتها - وأنها أيام قلائل تنتقل بعدها لدار الجزاء - عاملا مهما للزهد فيها أو الركون لها ، وسببا أيضا لسهولة الطاعة وأن زمانها يسير .

وبين يديك طاعات أراها سببا لدوام ذلك النور ، وإبقاء - ولو جزءا - من تلك اللذائذ ، ومن ذلك :
* التقدم للمسجد عند الفرائض ، وهذا أمر مهم جدا ﻷن فيه المحافظة على اغتنام قدرا كبيرا من حياتك في الطاعة من صلاة وتلاوة ودعاء ونحوها ، مما يؤثر بشكل كبير في القلب ، يجد معها المؤمن لذة الإيمان وحلاوته .
* الإهتمام بأداء الصلاة بقلب حاضر - فريضتها وسننها - فهي عامل مهم لوجدان اللذة وإدراك السعادة .
* ربما كانت وصيتي لك بالسنن الرواتب من نافلة القول ، لكن لا بأس بالتذكير بها فهي الحارس الكبير للفريضة ، فاجعلها كالواجبة عليك .
* تلاوة القرآن بتأمل وتدبر ، والرجوع لتفسير المعنى سبب عظيم ﻹبقاء لذة اﻹيمان ، ولا يخفى على مثلك أثر القرآن في القلب ، فلا تنقطع عن القرآن مهما ضاق عليك الوقت .
* الزم مجالس العلم وكن كثير اﻹطلاع في كتب العلماء ، فلذة العلم وتحصيله تمناها الملوك وأبناء الملوك .
* الحرص على الخلوة الجزئية في اليوم والليلة " قبيل الفجر وبعده وأول الليل وآخر ساعة في الجمعة ونحوها " فهي ساعات الصفا ﻷهل اﻹيمان .
* الحرص على الصدقة ولو باليسير فهي من أعظم أسباب انشراح الصدر وإدراك حلاوة اﻹيمان .
* إن كنت من أهل بلاد الحرمين أو ميسور الحال ، احرص على أن لاتنقطع عن الحرمين الشريفين ففيهما من اﻷنس ما لا يُعبر عنه .
* الدعاء الدعاء ، الزمه في كل ساعة وآن - خصوصا حال سجودك - فالدعاء يجعل القلب متصلا اتصلا عظيما بربه ومولاه .
* كن شديدا الملاحظة لقلبك ، فلا يكن فيه لا محبة الخير للناس ، سليم الصدر ﻹخوانك ، فسليم الصدر قد دخل جنة الدنيا قبل جنة اﻵخرة . وأخيرا

اعلم أن أعظم مفسد للقلوب ، وأكبر سبب لفقدان لذة الطاعات ، بل وحلاوة الدنيا هو :
الذنوب والمعاصي ، فالحذر الحذر منها .
لا تتساهل بها فهي السبيل للحرمان ، والطريق الذي متى ما دخله المرء فقد كل خير .
فالله الله بمجاهدة النفس لﻹبتعاد عنها .
والله الله باستعمال العلاج النافع لها وهو :
تجديد التوبة على الدوام ، ولزوم عتبة اﻹنكسار بين يدي الملك العلاّم .

أسأل الله لي ولك الهداية والثبات ، وجميل الحياة وحسن الختام .







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-03-2022, 06:39 PM   #12054

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

الحمد لله الذي أكرم الأمة بشهر رمضان ، الذي أنزل فيه القرآن ، هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، فتّح في رمضان أبواب الجنان ، وغلّق أبواب النيران ، وصفد الشياطين ومردة الجان ، سبحانه وتعالى وعد الصائمين بالرحمة والغفران وبشر المتقين بالجنة والرضوان .
وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله وصفوته من خلقه وخليله ، معلم الصائمين وإمام المتقين وسيد الأنبياء والمرسلين ، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين وصحبه الطيبين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد ،
فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله وطاعته ، ولزوم ذكره وحسن عبادته ، فهذا شهر الصيام ومدرسة التقوى  يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون  .
معاشر المؤمنين الصائمين ..
هنيئا لكم بلوغ شهر رمضان المبارك ، وإنها والله لمن أعظم النعم وأجزل العطايا وأكرم المنن ، من الكريم المنان ذو الجود والكرم والإحسان ، كم من الناس تأملوا إدراكه فلم يدركوه ، واشتاقوا لبلوغه فلم يبلغوه ، ونحن بفضل الله سبحانه وتعالى ومنته ، وكريم جوده علينا ورحمته ، أدركناه وبلغناه فنسأل الله الكريم الرحيم أن نكون عند ختام شهرنا هذا من الفائزين ، وأن يعيننا فيه على جميل الطاعات واغتنام ساعاته بفعل الصالحات ، نسأله جل وعلا أن يرفعنا في شهرنا هذا إلى أرفع المنازل والدرجات ، وأن يغفر لنا جميع الخطايا والسيئات ، وأن يهب لنا أكرم المثوبة والحسنات ، وأن يعتق رقابنا وجميع المسلمين الأحياء منهم والأموات من النيران والعذاب المهين إنه هو الجواد الكريم .
عباد الله معاشر الصائمين ..
حق للمؤمنين أن يستبشروا بشهر الصيام ، وأن يهنئوا بقدومه ، ويتنعموا بنفحاته ، ويسعدوا بمكرماته ، كيف لا وقد سعدت البشرية فيه بنزول القرآن كتاب الهدى والنور المبين والفرقان قال تعالى شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان  كيف لا وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه وأمته بقدومه ، مبينا فضائله ومكرماته ويقول : ( أتاكم شهر رمضان شهر مبارك ، كتب الله عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب الجنة ، وتغلق فيه أبواب الجحيم ، وتغل فيه مردة الشياطين ، وفيه ليلة هي خير من ألف شهر ، من حرم فيها فقد حرم ) رواه النسائي .
ويقول صلى الله عليه وسلم مستحثا هممكم ومستثيرا لعزائمكم ومشعلا جذوة الحماس والتنافس في قلوبكم فيقول : ( جاءكم شهر رمضان شهر بركة ، يغشاكم الله فيه ، فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب الدعاء ، ينظر إلى تنافسكم فيه فيباهي بكم ملائكته ، فأروا الله من أنفسكم خيرا فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله ) ، إي والله يا عباد الله وهل هناك أشقى ممن حرم رحمة الله التي وسعت كل شيء ، في شهر فتحت فيه أبواب الرحمة ، وصفدت فيه الشياطين وقال فيه صلى الله عليه وسلم : ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) ، وقال: ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) ، وقال : ( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) فكيف ننجو عباد الله من هذا الحرمان والشقاء ؟ وكيف نكون في شهرنا هذا من الفائزين والسعداء ؟

علينا معاشر المؤمنين ابتداءاً ، وكما أوصانا نبينا صلى الله عليه وسلم ، أن يكون صيامنا وقيامنا وسائر أعمالنا إيماناً أي : تصديقا بمشروعيته ، وتحقيقا لفرضيته ، وإتباعا لهدي كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فلا يصام رمضان عادة بل عبادة وقربى ، يراعى فيه المسلم أركانه ، ويحقق واجباته ، ويتجنب محظوراته ، ويتحرى سننه وآدابه ، ثم يؤديه احتسابا لأجره ، وتحريا لثوابه ، فلا يستثقل صيامه ولا يستطيل أيامه ، بل يحتسب فيه الثواب حين يطرق لكل عمل صالح باب ، ويستشعر فيه المنزلة العظمى التي خصه الله تعالى بها حيث قال جل وعلا في الحديث القدسي بلسان نبيه صلى الله عليه وسلم : ( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ) فكيف بجزاء الرحيم وكيف بعطاء الكريم ؟ ثم علينا عباد الله لنكون بصيامه من السعداء ، ونتجنب الحرمان والشقاء ، ان نحقق مقصود الصيام وحقيقته ونؤديه كما أراد ربنا جل وعلا وأمر بقوله :  يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على اللذين من قبلكم لعلكم تتقون  ، فليس الجوع والعطش والامتناع عن الشهوة من مقاصد الصيام عباد الله ، بل مقصوده الأسمى وغايته الأولى عمارة التقوى في القلب ، التقوى التي تملأ القلب خوفا ورجاء وحياء لله تعالى ، فيفيض على الجوارح ما تخضع فيه لشرع الله تعالى وحكمه ، ويستقيم المرء عندها على صراط الله المستقيم ليكون من الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ، ألا ترى نفسك يا عبد الله في هذا الشهر المبارك تتحرى لصيامك عن دقائق المبطلات ، وتتجنب صغير المكروهات ؟ تلك هي بذور التقوى التي زرعها الصيام في قلبك لترعاها بعد انقضاء الشهر فتكون لك زادا إلى لقاء ربك يقول جل وعلا :  وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولى الألباب  .
قال الشاعر : إن لم يكن في السمع منى تصاون وفي بصري غض وفي منطقي صمت
فحظي من صومي الجوع والظمأ فإن قلت إني صمت يومي فما صمت
معاشر المؤمنين ..
إذا ما حقق المسلم تلك القواعد الثلاث ، كان عليه أن يحفظ ذخيرة صيامه ، ويرعى حرمة لياليه وأيامه ، بأن يتجنب مفسداته ، ويتوقى من مبطلاته وهدّاماته ، من اللغو والرفث ، وقول الزور وسيء الأخلاق ، ومن إطلاق البصر في المحرمات ، وهدر الأوقات بالملهيات لا سيما لبعض الفضائيات التي جندت شياطينها لهدم صيام الصائمين ، قال صلى الله عليه وسلم : ( ليس الصيام من الأكل والشرب ، إنما الصيام عن اللغو والرفث ، فإن سابّك أحد أو جهل عليك فقل إني صائم إني صائم ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) ، نسأل الله تعالى أن يتقبل صيامنا وقيامنا وأن يغفر لنا ذنوبنا وخطايانا ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه .


الخطبة الثانية :
الحمد لله على نعمه وإحسانه ، وكريم عطاءه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وعد الصائمين برحمته وإحسانه ، وبشر المتقين بجناته ورضوانه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله خير من صلى وصام وأزكى من اجتهد وقام ، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين وصحبه الطيبين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد ،

معاشر الصائمين ..
اعلموا أثابكم الله أن رمضان شهر الجود والإحسان ، وهكذا كان حال نبيكم صلى الله عليه وسلم فيه فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن ، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسله) . فاقتدوا عباد الله بنبيكم ، وتعاهدوا المحتاجين بالبر والرحمة والإحسان ، فإن من فطّر صائما كان له مثل أجره ، وتفقدوا المحتاجين لاسيما المتعففين الذين لا يسألون الناس إلحافا وأغيثوا المستضعفين في بلاد المسلمين وأعينوهم بما أفاء الله عليكم ، وصلوا أرحامكم وأحسنوا لجيرانكم ، ورمضان شهر التلاوة والذكر والقرآن ، فأقبلوا على كتاب الله ربكم ، فإن الصيام والقرآن قرينان يشفعان للمرء يوم القيامة ، وقد كان السلف الصالح إذا جاء رمضان التزموا مصاحفهم وتركوا ما سواها يتلون القرآن آناء الليل وأطراف النهار ، واستكثروا أثابكم الله فيه من الخيرات وفعل الطاعات وعمل الصالحات فإن الثواب في رمضان جزيل ، والحسنات مضاعفة فتنافسوا فيها ففي ذلك فليتنافس المتنافسون ولمثل هذا فليعمل العاملون ، وإنما هو _ كما وصف ربنا جل وعلا _ " أياما معدودات " سرعان ما تنقضي أيامه وتطوى لياليه ، فأروا الله من أنفسكم خيرا فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله ، والسعيد من فاز برحمته ورضوانه ، هذا وصلوا وسلموا على الحبيب محمدا صلى الله عليه وسلم وعلى أله وصحبه أجمعين .







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-03-2022, 06:39 PM   #12055

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

للصيام فوائده النفسية العديدة، وأول هذه الفوائد إنماء الشخصية. ومعناه النضج وتحمل المسئولية والراحة النفسية.. إنه يعطي الفرصة للإنسان لكي يفكر في ذاته، ويعمل على التوازن الذي يؤدي إلى الصحة النفسية، وبالطبع فإن الصيام يدرب الإنسان، وينمي قدرته على التحكم في الذات. إنه يخضع كل ميول الدنيا تحت سيطرة الإرادة، وكل ذلك يتم بقوة الإيمان .

وتتجلى في رمضان أسمى غايات كبح جماح النفس وتربيتها بترك بعض العادات السيئة وخاصة عندما يضطر المدخن لترك التدخين ولو مؤقتا على أمل تركه نهائيا ، وكذلك عادة شرب القهوة والشاي بكثرة . هذا فضلا عن فوائد نفسية كثيرة ، فالصائم يشعر بالطمأنينة والراحة النفسية والفكرية ويحاول الابتعاد عما يعكر صفو الصيام من محرمات ومنغصات ويحافظ على ضوابط السلوك الجيدة مما ينعكس إيجابا على المجتمع عموما. قال صلى الله عليه وسلم ( الصيام جُنّة ، فإذا صام أحدكم فلا يرفث ولا يجهل وان امرؤٌ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم ) رواه البخاري وغيره ،وقد أثبتت دراسات عديدة انخفاض نسبة الجريمة بوضوح في البلاد الإسلامية خلال شهر رمضان.إن شهر الصوم المبارك يزيد من قوة الإنسان وقدرته على التغلب على الشهوات.. فالصيام ليس فقط امتناعا عن الطعام والشراب.. ولكنه قبل ذلك امتناع عن العدوان والشهوات وميول الشر.

ومن فوائد الصيام الأخرى أنه يخضع الملذات لإرادة الفرد.. فعند الصيام يحدث نقص في سكر الدم.. وهذا يسبب نوعا من الفتور والكسل والسكينة.. وهذه الأحاسيس تؤدي إلى نوع من الضعف والقابلية للإيحاء.. ومن ثم يكون الإنسان في حالة من التواضع وعدم الاختيال بالذات.. مع إحساس بالضعف الديني.. ومن هنا يأتي الخشوع والاتجاه الصحيح إلى الله، وهو ما يعزز إيمان الإنسان ويقوي عقيدته. وهكذا نجد الصيام هو الذي يعمق الخشوع والإحساس بالسكينة، والتحكم في الشهوات وإنماء الشخصية.

ومن الضروري هنا أن نتوقف قليلا لنتحدث عن انخفاض نسبة السكر في الدم.. إنه يعطي الإحساس بالكسل والفتور ونوع من الصداع والدوخة.. بل أحيانا يحدث عند بعض الناس ارتعاش في أطراف اليدين.. مع ظهور حبات العرق.. أيضا يؤدي نقص السكر في الدم إلى إحساس الإنسان بالعصبية الزائدة مع سرعة الهياج و"النرفزة".. ومن الكلمات المألوفة: أنا صائم لا تثر أعصابي، وهذه الكلمات خاطئة، وإن كان لا بد فليقل: إني صائم.. إني صائم وكفى. فالهدف من الصيام هو التحكم في النفس البشرية وميولها العصبية وهذا هدف متميز من أهداف الصيام

أما الشخص الذي يصاب بنوبة صرعية، أو نوبة هستيرية عند نقص السكر في الدم.. فمثل هذا الشخص الذي يعاني من نوبات الصرع يجب ألا يصوم. فانخفاض السكر في الدم، والامتناع عن تناول الدواء بانتظام يمكن أن يسبب حدوث نوبة الصرع.. وهكذا يصبح الصيام خطرا على مثل هذا الشخص، وعليه -بأمر الدين- أن يفطر.

والصيام موجود في كل الأديان، وكل الأديان تحبذه؛ لأن في الصيام تعزيزا للإيمان. صحيح أن نوعية الصيام تختلف من دين إلى دين إلا أن الصوم يهب الإنسان السكينة والهدوء والخشوع والتغلب على الملذات، والاتجاه إلى الله.

يقول الدكتور العالمي ألكسيس كاريك الحائز على جائزة نوبل في الطب في كتابه الذي يعتبره الأطباء حجة في الطب ( الإنسان ذلك المجهول ) ما نصه: إن كثرة وجبات الطعام وانتظامها ووفرتها تعطل وظيفة أدت دورا عظيما في بقاء الأجناس البشرية، وهي وظيفة التكيف على قلة الطعام، ولذلك كان الناس يلتزمون الصوم والحرمان من الطعام، إذ يحدث أول الأمر الشعور بالجوع، ويحدث أحيانا التهيج العصبي، ثم يعقب ذلك شعور بالضعف، بيد أنه يحدث إلى جانب ذلك ظواهر خفية أهم بكثير منه، فإن سكر الكبد سيتحرك، ويتحرك معه أيضا الدهن المخزون تحت الجلد، وبروتينات العضل والغدد وخلايا الكبد، وتضحي جميع الأعضاء بمادتها الخاصة للإبقاء على كمال الوسيط الداخلي، وسلامة القلب. إن الصوم لينظف ويبدل أنسجتنا.

ورمضان شهر القيام، قال صلى الله عليه وسلم ( من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه وقد خلق الله النهار لننشط فيه ونبتغي من فضل الله، وخلق الليل لنسكن فيه ونهجع، والنوم نعمة من نعم الله علينا؛ إذ في النوم راحة لجهازنا العصبي، فلو حرم الإنسان من النوم لبضعة أيام فإن عمل الدماغ لديه يضطرب، وفي النوم ترميم لما اهترأ من جسم الإنسان، كما يتم النمو خلاله أيضًا، وخاصة نوم الليل، حيث تزداد الهرمونات التي تنشط النمو والترميم أثناء الليل، وتزداد في النهار بدلاً عنها هرمونات منشطة من أجل العمل والحركة، وفي النهار يغلب معدل الاهتراء في الجسم معدل الترميم والبناء، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) يونس 67، لكن الله أثنى على المتقين بأنهم كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون، قال تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ* كَانُوا قَلِيلا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ* وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) الذاريات15ـ 19، وهنا يثور في الذهن تساؤل، لقد اختار الله الليل ليكون وقت الاستغراق في العبادة، لكن هل يكون ذلك على حساب صحة الإنسان العقلية، ونحن نعلم كم هو مفيد نوم الإنسان في الليل؟ والجواب أنه لن يكون ذلك أبدًا، فقد كشفت دراسات الأطباء النفسيين في السنين الأخيرة أن حرمان المريض المصاب بالاكتئاب النفسي من النوم ليلة كاملة، وعدم السماح له بالنوم حتى مساء اليوم التالي هذا الحرمان من النوم له فعل عجيب في تخفيف اكتئابه النفسي وتحسين مزاجه حتى لو كان من الحالات التي لم تنفع فيها الأدوية المضادة للاكتئاب، ثم أجريت دراسات أخرى ـ في باكستان تحديدا ـ فوجدوا أنه لا داعي لحرمان المريض من النوم ليلة كاملة كي يتحسن مزاجه، إنما يكفي حرمانه من نوم النصف الثاني من الليل، لنحصل على القدر نفسه من التحسن في حالته وصدق العلي العطيم (كَانُوا قَلِيلا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)، إذن لقيام الليل والتهجد في الأسحار جائزة فورية، وهي اعتدال وتحسن في مزاج القائمين والمتهجدين، وفي صحتهم النفسية.

وختاما.. فالصوم له فوائده المؤكدة من الناحية النفسية، وإن كان الصوم يتعارض مع بعض المرضى بحالات نفسية وعصبية، إلا أن الصيام لا يتعارض مع العديد من هذه الأمراض، وعلى هذا يستطيع هذا المريض أن يصوم، بل ومن الضروري أن يفعل ذلك؛ فالصيام له تأثيره المخفف لحدة المعاناة والآلام في كثير من الحالات النفسية والعقلية.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-03-2022, 06:40 PM   #12056

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى له الملك كله وله الحمد كله وإليه يرجع الأمر كله{إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ} وأشهد أن لا إله إلا الله لارب غيره ولا إله سواه لواء وشعار ودثار أهل التقوى وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله بلغ عن الله رسالاته ونصح له في برياته رفع الله له ذكره وشرح الله له صدره ووضع الله عنه إزره وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره اللهم صلي وسلم وبارك وأنعم عليه اللهم وعلى آله الأخيار وأصحابه الأبرار وعلى من سلك مسلكهم واقتفى آثارهم إلى يوم تتقلب فيه القلوب والأبصار ، أما بعد أيها المؤمنون فهذه بشائره قد أطلت وهذه أنواره قد حلت شهر ولات الشهور شهر أوجب الله صيامه وشرع الله قيامه نصر الله فيه جنده وأنزل الله فيه كتابه وأعز الله فيه الإسلام وأهله.

عباد الله :
إن رمضان شهركم أهل الإسلام وفخركم يا أمة القرآن قدمتم اليوم تتساءلون عن حال المسلم فيه وتتساءلون ماينبغي أن يكون عليه المؤمن في نهار رمضان ولياليه.

عباد الله :
وهل حال المسلمين في رمضان إلا قلوب مشتاقة ودموع مُهراقَه وأعين إلى لقيا ربها جل جلاله مشتاقة حال المسلمين في رمضان دعاء وصلاة صدقات وزكاة حال المؤمنين فيه توبة واستغفار وتهليل وذكر للواحد القهار وسير على منهج وهدي سيد الأخيار صلوات الله وسلامه عليه.

عباد الله :
لقد شرع الله لكم صيام رمضان وقيامه وللمؤمنين مع هذا الشهر أحوال خاصة ينجيهم الله بها ويرشدهم الله إليها ويجزيهم تبارك وتعالى عليها فأول ماينبغي علمه أن يعلم المؤمن أن أعظم أحوال المؤمنين مع رمضان التدبر والتفكر في عظمة الخالق جل جلاله فكم مر على من كان قبلنا من الناس رمضانات عديدة وأزمنة مديدة منذ أن خلق الله آدم إلى اليوم وسيبقى الأمر كذلك إلى قيام الساعة سنن لا تتبدل وصبغة لا تتغير تنبئ عن عظمة الجبار وعن عظمة وملكوت الواحد القهار{ إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } فسبحان مصرف الليالي والأيام ومكور الليل والنهار اللهم بلغنا رمضان وأعنا على صيامه وقيامه.

عباد الله :
ألا وإن من أحوال المسلم في رمضان أن يعلم يقينا أن هذا الشهر الكريم مظهر من مظاهر رحمة الله تبارك وتعالى بعباده ففيه ترفع الدرجات وتكفر السيئات وتضاعف الحسنات وتفتح أبواب الجنات ففي المسند من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعطيت أمتي في رمضان خمس خصال لم تعطهن أمة من الأمم قبلها خلوف فم الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا ويزين الله لهم كل يوم جنته يقول يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المئونة والأذى ويصلوا إليك وتصفد فيه مردة الشياطين فلا يخلصون في رمضان إلى ماكانوا يخلصون إليه في غيره ويغفر لهم في آخر ليلة قيل يارسول الله أهي ليلة القدر ؟ قال : لا إنما يوفى الأجير أجره إذا قضى عمله " ففي رمضان تتجلى رحمات رب العالمين جل جلاله أيام معدودات كم فيها من النفحات الربانية وكم فيها من الرحمات الإلهية فقل للمعرضين عن الله ورحمته من سيُآنس غدا في القبور وحشتكم ومن سيرحم غدا تحت الثرى غربتكم اللهم بلغنا رمضان وأعنا على صيامه وقيامه.

عباد الله :
هذا وإن من أحوال المسلم في رمضان أن يعلم أن شهرا كرمضان لا يستقبل بالقناديل المضيئة ولا بالمسابقات السنوية ولا بالبرامج الدعائية ولكن شهرا كرمضان لا يستقبله المسلم بأعظم من توبة صادقة نصوح وأوبة خالصة إلى رب الملائكة والروح فالتوبة أيها المؤمنون وظيفة العمر أمر الله بها عباده ونعت الله بها أوليائه ووصف الله بها أصفيائه فقل للجامعين المال من غير حله كفاكم ماجمعتم فإن الله مطلع عليكم وقل للعاكفين على الزنا والفجور والفحشاء توبوا إلى الله فإن الله يعلم ما أسررتم وما أعلنتم وقل لمن ملئت قلوبهم حقدا وحسدا وبغضاء توبوا إلى الله فقد كفاكم ما أفسدتم وقل للشباب الذين يؤذون المؤمنات ويلمزون الغافلات إن الموت يطلبكم والله جل جلاله سيسألكم وقل للمؤمنات الغافلات عن الله وذكره والعاكفات على ماحرم الله جل وعلا وحرم رسوله صلى الله عليه وسلم قل لهن صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الفتن ومافتح من الخزائن أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها أيقظوا صواحب الحجرات فرب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة " وصح عنه صلى الله عليه وسلم قوله " صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات عليهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها "

عباد الله:
أيها المؤمنون هذا شهر التوبة فإن لم نتب في شهر رمضان فمتى نتوب وإن لم نرجع إلى الله في مثل هذا الشهر فمتى نؤوب فالله الله يا أخي ويا أختاه ولنتذكر جميعا وليتذكر كل فرد منا غدا إذا ذهبت لذته وبقيت حسرته إذا انقطع أمام الله جوابه وشهدت عليه جوارحه بما قدم وأخر ورد في بعض الآثار أنه يؤتى بالرجل العاصي يوم القيامة يؤتى بالعاصي يوم القيامة رجلا كان أو امرأة فتغلب عليه شقوته فيقول يارب لا أقبل شاهدا إلا من نفسي فيختم الله على لسانه فتنطق جوارحه بما صنع تقول العين أنا إلى الحرام نظرت وتقول الأذن وأنا إلى الحرام استمعت وتقول اليد وأنا إلى الحرام تناولت حتى تقول القدم وأنا إلى الحرام مشيت ويقول الفرج عياذا بالله وأنا فعلت وفعلت وفعلت فيقول الملك الذي على اليسار وأنا اطلعت وكتبت فيقول الملك الذي على اليمين وأنا اطلعت وشهدت فيقول رب العالمين جل جلاله وأنا اطلعت وسترت ثم يقول يا ملائكتي خذوه ومن عذابي أذيقوه فقد اشتد غضبي على من قل حياؤه مني أعوذ بالله من الشيطان الرجيم{ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ (23) فَإِن يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُم مِّنَ الْمُعْتَبِينَ} اللهم بلغنا رمضان وارزقنا فيه توبة خالصة نصوح.

عباد الله :
ألا وإن مما شرعه الله لكم في رمضان صيام نهاره فلقد ناداكم ربكم في كتابه نداء كرامة لا نداء علامة فقال جل جلاله{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ} والصيام في ذاته من أعظم القربات وأجل الطاعات فلقد صام نبي الله موسى أربعين يوما وهو يتهيأ للقاء ربه جل جلاله وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يقول الله تعالى " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به " " والصوم جنة فإذا كان يوم صيام أحدكم فلا يرفث ولا يسخط فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم للصائم فرحتان فرحة إذا أفطر يفرح بفطره ويفرح إذا لقي ربه بصومه " وفي رواية لمسلم " كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به " وفي الحديث المتفق عليه أن نبينا صلى الله عليه وسلم قال : "من صام رمضان إيمانا وإحتسابا غفر الله له ماتقدم من ذنبه" فصوموا شهركم أيها المؤمنون إستجابة للأمر الرباني العظيم وتقربا إلى الله وزلفى بهذا العمل الصالح الذي دأب عليه نبينا صلى الله عليه وسلم وأعلموا عباد الله أن فئاما من الناس اليوم يقضون نهارهم في نوم متواصل ويقضون ليلهم في لهو وعبث وتكاسل وأمثال هؤلاء لم يعرفوا من رمضان إلا تبدلا وتغيرا في جدول حياتهم اليومية وكفى بذلك إثما وخطيئة وبعدا عن منهج الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم اللهم بلغنا رمضان وأعنا على صيامه وقيامه.

عباد الله :
وكما شرع الله لكم صيام رمضان ندبكم ربكم جل وعلا إلى جملة من الأعمال الصالحة من نوافل الطاعات التي هي في رمضان أوكد وأعظم أجرا ولعل أظهر ذلك أن الله تبارك وتعالى جعل لليل مزية على النهار فأسرى الله جل وعلا بنبينا إلى المسجد الأقصى ليلا ونجى الله موسى وقومه ليلا ونجى الله لوطا وبنتيهما مع فلق السحر وقيام الليل أمر مندوب إليه في رمضان وفي غيره {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً (65) إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } أما قيام رمضان فقد قال صلى الله عليه وسلم :"من قام رمضان إيمانا وإحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه " ولقد سن لكم نبيكم صلى الله عليه وسلم أنه خرج في أول ليلة من رمضان فصلى فصلى وراءه جمع من الصحابة فلما كان في اليوم الثاني اجتمعوا عليه أكثر ثلاث ليال أو أربع وكان من حدبه وشفقته صلى الله عليه وسلم على الأمة خاف أن يفرض عليها قيام ليل رمضان فامتنع عن الخروج وقال لهم علمت الذي صنعتم ولكني خفت أن تفرض عليكم ثم مكث الناس بقية عهد النبوة وفي عهد الصديق يصلون أرسالا وفرادا وجماعات حتى كانت في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فأمر أبي بن كعب وتميم بن أوس الداري رضي الله تعالى عنهما أمرهما أن يصليا بالناس إحدى عشر ركعة ثم مضت صلاة التراويح سنة مرضية منذ ذلك العصر الراشد إلى يومنا هذا فقيام رمضان أيها المؤمنون تراويح و غيرها من أعظم القربات وأجل الطاعات كما أن قيام العشر الأواخر منه أعظم أجرا وأكثر فضلا لأن فيها ليلة توازي عبادتها عبادة ألف شهر قال جل جلاله {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ(2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ }اللهم بلغنا رمضان وأعنا على صيامه وقيامه.

عباد الله :
ألا وإن مما شرعه الله لكم وشرعه رسوله صلى الله عليه وسلم في رمضان الإنفاق من المال ابتغاء ماعند الله من الرضوان ولقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عباس عند مسلم وغيره كان نبينا أجود الناس وكان أجود مايكون في رمضان إذا لقيه جبريل يدارسه القرآن كان صلى الله عليه وسلم أجود من الريح المرسلة وكم لله في أرضه من عباد بيوتهم مستورة وقلوبهم بائسة مكسورة لا يعلم حالهم ولا ماهم فيه إلا الله تبارك وتعالى وإن قيام الدولة وفقها الله بواجبها تجاه أهل الفقر والمسكنة لا يعفي أبدا أهل الثراء والمال والجاه والغنى من أن يقوموا بواجبهم تجاه الفقراء والمساكين وذوي الحاجات فهنيئا لمن عرف تلك الدور وأعطاها هنيئا لمن خاف الله فيها فأطعمها فسقاها هنيئا لمن دل عليها وأرشد إليها وجلاها دخل رجل على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فقال:

ياعمر الخير جزيت الجنة*** اكسي بنياتي وأمهن
وكن لنا من الزمان جنة***أقسمت بالله لتفعلنه

فقال عمر: وإن لم أفعل يكون ماذا؟ قال : إذا أبا حفصة لأمضينه ،قال عمر وإن مضيت يكون ماذا؟ قال:

إذا أباحفص لتسألنه ***يوم تكون الأعطيات جنة
وموقف المسئول بينهن *** إما إلى نار وإما جنة

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً (9) إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً(10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً (11) .
اللهم بلغنا رمضان وأعنا على صيامه وقيامه.

عباد الله :
ألا وإن من المشروع في رمضان أن يأتي المسلم فيه بالعمرة فإن العمرة في أصلها أمر محمود من كفارات الذنوب ومزيلات الخطايا والمعاصي ولقد ثبت عن رسولنا صلى الله عليه وسلم أنه لما قدم المدينة بعد حجة الوداع سأل امرأة من الأنصار مامنعك أن تحجي معنا فشكت إليه المرأة قلة الزاد قلة الرحالة والزاد فقال صلى الله عليه وسلم وهو أعلم الناس بالشرع وأنصح الخلق للخلق قال فإذا كان رمضان فاعتمري فإن عمرة في رمضان تعدل حجة معي صلوات الله وسلامه عليه فتقربوا إلى الله جل وعلا بهذا العمل الصالح تقربوا إليه بنية خالصة وقلوب مقبلة على الله ترجوا ثوابه وتخشى عقابه جل جلاله ألا وإن مما شرعه الله لكم في رمضان وفي غيره الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومساعدة رجال الحسبة في تنبيه الغافل ورد الباطل فإن إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم شعائر الدين التي أمر الله بها{ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ } بلغنا الله وإياكم رمضان وأعاننا على صيامه وقيامه اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك ومن فجاءة نقمتك ومن تحول عافيتك ومن جميع سخطك أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم"

***

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله ..... أما بعد

أيها المؤمنون: \
فلئن كان معروفا لدى المؤمنين أن رمضان مضمار للخيرات ومجال للتنافس في الطاعات ولئن كان من البدهي أن رمضان منبع للفضائل ومنهل للصالحات فإن ممن لا شك فيه ولا مرية أبدا أن رمضان في المقام الأول شهر القرآن ففي هذا الشهر أيها المؤمنون أنزل الله خير كتبه على خير رسله صلى الله عليه وسلم بواسطة خير ملك في خير ليلة { وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ } فأقبلوا على القرآن أيها المؤمنون ليلا ونهارا سرا وجهارا وأعلموا أن من دأب سلف الأمة الصالح أنهم كانوا يخصصون جل وقتهم في رمضان لقراءة القرآن فقد كان مالك رحمه الله على جلالة قدره وحاجة الناس إلى علمه كان إذا دخل رمضان ترك الحديث وترك مجالس العلم وأقبل على قراءة القرآن فأقبلوا على قراءة كتاب ربكم تبارك وتعالى واعلموا أن نبي الله داوود كان يقرأ كلام ربه في الزبور فتجيبه الشم الشوامخ والجبال الرواسخ وتردد الطير بترديده قال جل جلاله { إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ}والعزاء كل العزاء لقلوب تقرأ القرآن فلا تخشع وعيون يتلى عليها القرآن فلا تدمع { قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (108) وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً } وإن البكاء حال قراءة القرآن من أعظم من مناقب الصالحين فإن الله ذكر جملة من عباده الأخيار ثم أردف بقوله { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً}ولقد ثبت في الصحيح أن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قرأ آيات من سورة النساء على رسولنا صلى الله عليه وسلم فقال له صلى الله عليه وسلم : حسبك قال عبدالله فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان.

عباد الله :
ألا وأعلموا أن الناس اليوم وللأسف استبدل كثير منهم كتاب ربهم تبارك وتعالى بأغاني ماجنة ذات كلمات بذيئة ومعان مبتذلة كم هدمت من القيم وكم أضعفت من الأخلاق وكم أنكرت من مبادئ الشرع يردده الشباب والفتيات صباح مساء لا يعون مافيها ولا يدركون مايحيط بها {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ } فتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون واغتنموا بلوغ رمضان في الاستمرار في الطاعات والمنافسة في الخيرات وأعلموا أن ربكم تبارك وتعالى أرحم الراحمين وخير الغافرين يبسط يده في النهار ليتوب مسيء الليل ويبسط يده في الليل ليتوب مسيء النهار أخرج الترمذي من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن ابن عمر قال : إن نبينا صلى الله عليه وسلم حدثنا بحديث لم أسمعه مرة ولا مرتين ولا سبع مرات بل سمعته أكثر من ذلك ثم قال ابن عمر: قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " كان الكفل في بني إسرائيل لا يتورع من ذنب عمله فأتته امرأة فأعطاها ستين دينارا على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته أرعدت وبكت فقال لها مايبكيك أأكرهتك على ذلك؟ قالت : لا ولكنه عمل ماعملته قط وما دفعني إليه إلا الحاجة فقال : أتفعلين هذا ولم تزنين قط فقام عنها وأعطاها المال وقال : والله الذي لا إله غيره لا أعصي الله بعدها أبدا فمات من ليلته فلما أصبح وجدوا مكتوبا على قبره إن الله قد غفر للكفل والكفل هذا غير ذي الكفل المذكور في القرآن فإن هذا رجل عابد والذي في القرآن نبي مرسل.

ألا وصلوا أيها المؤمنون وسلموا على صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر خير من صلى وصام

وضحى وزكى وأفطر فقد أمركم الله بذلك في كتاب يتلى إلى يوم المحشر { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } اللهم صل على محمد ماذكره الذاكرون الأبرار وصلى على محمد ماتعاقب الليل والنهار وأرضى اللهم عن أصحاب محمد من المهاجرين والأنصار اللهم وارحمنا معهم بمنك وكرمك ياعزيز ياغفار اللهم اغفر لنا في جمعتنا هذه أجمعين اللهم اغفر لنا في جمعتنا هذه أجمعين اللهم بلغنا رمضان وأعنا على صيامه وقيامه اللهم إنا نسألك بأن لك الحمد أنت الله لا إله إلا أنت لا تواريك أرض أرض ولا سماء سماء لا يخفى عليك جبل مافي وعره ولا بحر مافي قعره لا تحيط بك الظنون ولا يصفك الواصفون لا تدركك الأبصار ولا تراك في الدنيا العيون نسألك اللهم باسمك الأعظم ووجهك الأكرم أن تبلغنا رمضان وتعيننا على صيامه وقيامه اللهم اجعل مانقدمه فيه من عمل عملا خالصا لوجهك وحدك يارب العالمين اللهم ارزقنا في رمضان وفي غيره الإخلاص لك يارب العالمين ياحي ياقيوم اللهم وفق إمامنا بتوفيقك وأيده بتأيدك اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك اللهم اجعل وأمراءه وإخوانه رحمة على البلاد والعباد يارب العالمين اللهم أعطنا ولا تحرمنا وزدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-03-2022, 06:41 PM   #12057

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

الحمد لله الذي جعلَ الحمْدَ مفتاحًا لذكره وعنوانًا، وأرسل رسله بالبينات تذكرةً وتبيانًا، وأنزل كتبَهُ هدايةً وموعظةً وفرقانًا، وأشهدُ ألا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، الإلهُ الأعلى، خَلَقَ الجنةَ والنارَ، وخلقَ لكلٍّ منهما أهْلاً؛ عدلاً وفضْلاً.

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أكملُ الناسِ إيمانًا، وأولاهم رحمةً وإحسانًا، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه؛ إشهادًا على محبته واتباعه وإيذانا، وعلى آله وصحبه الذين كانوا له أنصارًا وعلى الخيرِ أعوانًا، وعلى التابعين لهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين..

أما بعد: فيا أيها المسلمون: اتقوا الله ربكم، والزموا خشيتَه، واسْتحْضِروا مراقبتَه، وأخلصوا له عبادتَه، وابتغوا منه رحمتَه؛ فإنما أنتم في موسم عظيم، وإنما المواسمُ فُرَصٌ سوانِح، ما إِنْ يَحُلُّ شيءٌ منها إلا وهو منصرمٌ ورائح.

ولقد بلغتم بفضل مولاكم موسمَ البركاتِ والنفحات، موسمًا تُعتق فيها الرقاب من النار، وتُكفَّرُ السيئات، وتُضاعَفُ الحسنات؛ فاغتنموا شهركم وبادروا، وسارعوا إلى الخيرات وأمِّلُوا في جودِ المنانِ تعالى وأبْشِرُوا، ولْيُحْسِنْ كلٌّ ظنَّه بربِّه، ومن أحْسَنَ الظنَّ فليُحْسِنِ العمل، ولْيَتَجافَ عن التقصيرِ والخلل.

إنها سوقٌ عامرةٌ لا يضاربُ فيها إلا رابح؛ فرغمَ أنفُ مَن قُوِّضَت خيامُهَا فلم يغنمْ من غنائمها "رغمَ أنفُ من أدركه رمضانُ فلمْ يُغفَرْ له فأبعده الله".

في مواسمِ النفحاتِ يُمضي الموَفَّقون أوقاتَهُم في خمائلِ المكرُمات، وقدْ آبتْ لهم قلوبٌ شوارِد، وتعلَّقتْ قلوبُهم بالمساجِد، واكتظَّتِ المساجدُ بالقارئِ والداعي والذاكرِ والساجد، تُطاوِعُهم إلى الحقِّ نفوسُهم، وتلينُ لكلامِ ربهم أفئدتُهم.

يعيشُ المسلمون في هذه الأيامِ والليالي بين تخليةِ الصيام، وتحليةِ القيام، يُطهِّرون نفوسَهم من حظوظِها الآثمةِ في النهارِ بالصيام؛ لتتلقَّى آياتِ اللهِ في الليل بقلبٍ غيرِ عَمِيّ..

أيها الصائمون: أَتَسْتَشْعِرُونَ – تقبلَ اللهُ منكم- أنكُمْ في عملٍ عظيمِ القدرِ عندَ الله؟ في عبادةٍ جامعةٍ للفضائل، ناهيَةٍ عنِ الرذائل: عبادةِ التقوى والصبرِ والمراقبة، عبادةٍ شحَّاذةٍ للتفكرِ في عظاتٍ وعِبَرٍ لا حصْرَ لها؟ أَتَسْتشعِرُون في صيامِكم أنكم تُخَلِّصُون النفوسَ مِنْ أَدْرانِها، والأفئدةَ منْ عِلَلِها؟ وأنَّ ما أنتم فيه عبادةٌ من أجلِّ أعمالِ البرّ، ومن أوجبِ ما يُتَقَرَّبُ به في هذا الشهر؟!

هلْ تتذَكَّرون وأنتمْ في شديدِ الحرّ وطولِ ساعاتِ الصيام – ثبَّتَ اللهُ أجورَكم – أنكم على إِرْثٍ عظيم ومسلكٍ كريم لمن كانَ قبلَكم من المؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183].

أجل.. فما الصيامُ إلا دأْبُ الصالحين، وشِعارُ المتقين، ودِثارُ الصالحين، يجازي اللهُ أهلَهُ جزاءً بغيرِ حساب؛ ففي الصحيحَينِ عن أبي هريرة -رضي اللهُ عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ". وفي روايةٍ لمسلم: "كلُّ عملِ ابنِ آدمَ يضاعَف، الحسنةُ بعشرِ أمثالِها إلى سبعمِائةِ ضعف، قال الله عز وجلّ: إلا الصوم؛ فإنه لي وأنا أجزي به، يَدَعُ شهوتَهُ وطعامَه من أجلي".

ولذا كانَ الجزاءُ من جِنسِ العمل؛ فمَن قام بهذه الفريضةِ وأداها كما أمر الله –سبحانه- كان من المدعُوِّين إلى الجنةِ من بابِ الرِّيَّان يومَ الدين، يقولُ المصطفى – صلواتُ ربي وسلامُه عليه-: "إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ" (متَّفقٌ عليه).

المسلمُ يتَّخِذُ هذا الصومَ جُنةً من نزغاتِ الشيطانِ الرجيم، ودعواتِ النفسِ الأمارةِ بالسوء، وانتصارًا على الهوى الصادِّ عن الحقّ، ولا يكونُ يومُ صومهِ ويومُ فطرهِ سواءً؛ بل هو في حذرٍ أن يُنتقَصَ صومُه، لا يجهلُ ولا يصخب، بل يبادرُ بالإحسانِ طلبًا لعظيمِ الرُّتَب، فإِنْ بادره ذو لغوٍ بسبٍّ أو قتالٍ بادر بالإعلان: إني صائم.. إني صائم.

كذلكم فليكنٍ الصيام، جُنَّةً عن الآثام، وترفُّعًا عن قبيحِ الفِعالِ وسيِّء الكلام؛ لأن الصيام مدرسةٌ تربِّي الروح، وتقوِّي الإرادة، ولن يكون الصيامُ كذلكم حتى يخشعَ القلبُ لخالقِه، وتستكينَ الجوارحُ لربِّها، ومن كان كذلك كان حقيقًا بالمغفرةِ الموعودة على لسانِ الصادقِ المصدوقِ -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "من صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدمَ من ذنبه" (متفَقٌ عليه).

ولن ينالَ اللهَ –تعالى- نفعٌ بإمساكِ عباده عن الطعامِ والشراب، وليس للهِ حاجةٌ في إعناتِ عبادِه، وهو القائل -سبحانه- في آيات الصيام: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [البقرة: 185]، ولكن ينالُه التقوى منهم.

أمّا من اتخذوا الصيامَ عادةً اعتادوها، لا يفهمون منه إلا جوعًا مقعِدًا عن العمل، وعطَشًا مُنهِكًا للجسد؛ فهؤلاءِ همُ المهازيلُ، تَجِدونَهم حال صيامِهم أتعسَ الناسِ نُفُوسًا، وأقربَهُمْ عُدْوانًا، وأشَدَّهم اضطرابًا، لم يستحضروا في عبادتهم حقًّا نارًا ولا جنَّة، ولم يكنِ الصيامُ لهم وِقايةً ولا جُنَّة، فربما صاموا عن الحلالِ في أصلِه، ووقعُوا في الحرامِ فعلِه وقولِه، وهؤلاءِ وأمثالُهم من عناهم رسولُ الله – -صلى الله عليه وسلم- – بقوله: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ" (أخرجه البخاريُّ في صحيحِه).

ليسَ للهِ حاجةٌ فيمن أصبح صائمًا عن الطعامِ والشرابِ وهو يكنِزُ في صدره السخائم، ويحمِلُ في قلبِهِ الأضْغَان، وليس لله حاجةٌ فيمن أمسى مسارعًا إلى سوءِ الظنّ، وقولِ الزور، وشهادةِ الزور، والجهلِ واللغو، وأكل الحرام، أو أطلَقَ سمعَهُ وبَصَرَهُ في منبِتاتِ النفاق، وداعياتِ الفحشاءِ والمنكر؛ ليس لله حاجة في جميعِ أولئك أن يَدَعُوا الطعامَ والشراب.

أقولُ هذا القول، وأصلِّي وأسلمُ على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين..







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-03-2022, 06:42 PM   #12058

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خيرِ المرسلين، نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصحبِه أجمعين.

أما بعد: فمن استبقَ مرضاةَ ربِّه ومظانَّها، وتلهَّفَتْ نفسُه إلى دارِ الأشواق، وابتغى العِتقَ من دارٍ أُعِدَّتْ لأهل الكفرِ والنفاقِ والشقاق لن يكونَ لديه متَّسَعٌ من الوقت في أيامٍ معدودات لأن يلهوَ ويعبَث، ويُضِيعَ الفُرَص، ويزْهَدَ في المغانم.

من كانَ لسانُ حاله: (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) [النمل: 19]، أفيُمضي من يومه جزءًا للباطلِ وذويه؟! من خلالِ شاشاتٍ تَذْهَبُ بخيرِ ما أُودِعَ في النفسِ في النهار، يَظَلُّ أمَامَها مع أولادِه وأهلِه ليجدوا أَنفُسَهُم عما قريبٍ مُسْتَحْسِنَةً ما كانت تستقبحُه، عارفةً ما كانت تستنكِرُه، وعلى أقلِّ الأحوال يتلقى فيها ما يشغلهُ عن الفاضل، ويُلهِي قلبَه ويصدُّ نفسه عنِ الصالح الكامل.. فأَيْنَ الأمانةُ وأينَ الديانةُ يا هذا؟!

أيها المؤمنون: امتثلوا قولَ ربِّكُمْ سبحانه: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة: 187]، فعظِّموا ما افترضَ اللهُ عليكم، وحذارِ من المضيِّ في الأكلِ والشربِ وقد تحقَّقَ طُلُوعُ الفجر، واذكُروا أنَّ الصائمَ قد نُهِيَ عن الأكل والشربِ وما في معناهما حتى تغربَ الشمس، كحَقْنِ الدم في الجسم، والإبَرِ المغَذِّية، ولَصْقَاتِ النيكوتين، ولا يدخل في ذلك ما ليس مغذيًا مما هو ليس بمعنى الأكل والشرب، كقطرةِ العين، وقطرةِ الأنف، وبخاخِ الربو، والإبرِ العلاجيةِ لمرضى السكر، ونحوِ ذلك، كما أن من المفطراتِ الجماعَ والاستمناء؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "يَدَعُ طعامَه وشَرَابَهُ وشهوتَه من أجلي".

ومن المفطراتِ القيءُ عمدًا، أما من ذرعه القيء فصيامه صحيح ولا قضاء عليه، ومن أكلَ أو شرِبَ ناسيًا فليتمَّ صومَهُ ولا قضاءَ عليه؛ فإنما أطعمه اللهُ وسقاه.

أيها المؤمنون: ومن حِكَمِ الصيام العظيمة: الإحساسُ بجوع المعدومينَ والمساكين، فمدِّ يدِ البذلِ والمعروف، كيف وأنتم في شهر الجود، الذي كان نبيُّكم -صلى الله عليه وسلم- أجودَ ما يكونُ فيه، بل كان أجودَ بالخير من الريحِ المُرسَلة.

يا مفطرون على موائدِ أنعُمٍ *** مِن كلِّ صنفٍ مشتهى قد طابا

انصروا إخوانكم المضطهدين ببذلكم ينصرْكمُ الله، ومن إخوانِكم وممَّنْ حولَكم محاويجُ وغارِمون متعفِّفون، فآتوهم من مال اللهِ الذي آتاكم.

ألا فاتقوا اللهَ رحمكم الله، واذكروا دعاءً عظيمًا كريماً، يأسَفُ حال الدعاءِ به الداعون، وتُبَحُّ به حناجرُ المصلين، إنه دعاءٌ تَضِجُّ به المحاريبُ ختامَ شهرِ رمضان، إنه قولهم: "اللهم اجعل شهر رمضانَ شاهدًا لنا عند قيامِ الأشهاد".

هل تدبّرتُم هذا الدعاءَ وأسرارَهُ ومضامينَه؟! هل تأملتم هذه الشهادة؟ وأيانَ تكون؟ وهل نظرتم إلى حال الشاهد؟ إنها شهادةُ ثقةٍ غيرِ متَّهَم، شهادةِ شهرٍ جعله الله شهيدًا على أفعال العباد يومَ يقومُ الأشهاد، يشهدُ عند عالِمِ السرِّ والنجوى – سبحانه وبحمدِه -؛ فمن ذا الطاعنُ بشهادته ساعةَ يشهدُ ببوارِ تجارتِه؟!

هانحنُ أولاءِ أولَ شهرِنا، فلْنُشْهِدْه على الصالحات الخالصات، والمسابقة في الخيرات؛ فمن لمْ يحْيِهِ الكرَم، ولم يُخْجِلْهُ الإمهال، ولمْ يُدْنِهِ التلطُّف، ولمْ تبعثْهُ المُهْلة، ولم يبادرِ الفرصة؛ فلا يصحُّ في الأذهانِ إليه من حيلة، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله.

ألا وابتغوا عاليَ الدرجات، وعظيمَ الهبات، بكثرة الصلاةِ والسلامِ على من ختمَ اللهُ ببعثته الرسالات، فاللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد بن عبدالله الهادي المبشِّرِ النذير، وارضَ اللهم عن صحبته الأربعة: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحبِ الأخيار، وعن الآلِ الأطهار، وعن التابعين وتابعيهم بإحسانٍ ما اختلفَ الليلُ والنهار.







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-03-2022, 06:42 PM   #12059

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

أيها المؤمنون: قد أظلنا شهر الرحمات والبركات، شهر الطاعات والصدقات، شهر يجازي فيه الله على القليل بالكثير، ويضاعف فيه الحسنات: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) [البقرة: 185].
قال -صلى الله عليه وسلم-: "أتاكم رمضان، شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حرم".
وقال -عليه الصلاة والسلام-: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب: منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان".
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "ما من عبد يصوم يومًا في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفًا".
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "قال الله -عزّ وجلّ-: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به". أي إن أجره عظيم، تكفل الله به لعباده الصائمين المخلصين.
عباد الله: شهر رمضان عند سلفنا الصالح ليس شهر النوم والبطالة والبدانة، إنه شهر عظيم، عرفوا قدره ومكانته، وعلموا أن من حرم الخير والرحمة فيه فهو المحروم حقًّا.
شهر رمضان عندهم هو شهر الجد والنشاط والاستعداد للدار الآخرة، فشهر رمضان عندهم هو شهر جميع الطاعات، فهو شهر الصلاة والقيام؛ حيث كانوا يحيون ليله كله قيامًا وتهجدًا، وهو شهر القرآن؛ حيث كانوا يختمون في كل يوم مرة أو مرتين، فكان لبعضهم في رمضان ستون ختمة، وهو شهر الصدقات؛ حيث كانوا يطعمون الطعام ويفطِّرون الصُّوَّام.
ورمضان عندهم هو شهر الجهاد؛ حيث وقعت فيه أعظم فتوحات الإسلام، فيه معركة الفرقان الكبرى -معركة بدر- التي فرق الله فيها بين التوحيد والشرك، وفي رمضان كذلك كان الفتح الأعظم -فتح مكة- الذي فيه أزهق الباطل، وهدمت قلاعه، ودخل الناس في دين الله أفواجًا.
إذًا شهر رمضان عند أسلافنا ليس شهر النوم والكسل والعبث، بل شهر ملؤوا ساعاته ولياليه بالطاعات والعبرات والبكاء والانطراح بين يدي الله، يرجون رحمته ومغفرته، إذا كان هذا حالهم في رمضان فما حالنا في رمضان؟! كيف حال الأمة؟! يدخل عليها هذا الشهر الكريم فهل استعدت للقائه؟! هل عزمت على استثماره واغتنامه؟! هل أعطته حقه من التكريم والتعظيم؟!
نعم، قد استعد سفهاء هذه الأمة لهذا الشهر الكريم بقنواتهم الفضائية وبرامجهم التي يصدون بها عن دين الله -عز وجل-.. نعم، قد استعدت الأمة بأسواقها، لتلقى أفواج الناس الذين تمتلئ بهم الأسواق أضعاف ما يكون في صلاة التراويح، قد استعدت الأمة لإعداد أصناف المأكولات بخاصة في رمضان، بل إنك لتعجب أن يأخذ الطعام في رمضان من الهم والوقت والجهد أكثر مما تأخذه العبادة عند كثير من الناس، وبالأخص النساء.
إن حال الأمة في استقبالها لهذا الشهر حال يرثى له، فصنف منها يستثقل هذا الشهر وقدومه؛ لأنه سيفقد فيه ما اعتاده من الشهوات المباحة وغير المباحة في النهار، ولذا لو تسنى له السفر عن بلاد المسلمين لسافر وتخفف من هذا الشهر وتكاليفه، فتجده يقضي نهاره كله بالنوم وتضييع الصلوات، وليله بالسهر والعبث.
وصنف آخر من هذه الأمة لا يستثقل هذا الشهر الكريم، لكنه أيضًا لم يستعد له بالقيام وتلاوة القرآن وبذل المعروف، فمثل هذا قد استعد ببطنه وجسمه لا بروحه وقلبه.
وصنف آخر من هذه الأمة أولو بقية، قد استقبلوا هذا الشهر الكريم بالفرح والاستبشار وحمد الله أن بلغهم رمضان، قد عقدوا العزم على اغتنام نهاره ولياليه بالطاعات والقربات والبعد عن المحرمات، قد امتلأت بمثل هؤلاء المساجد، وخلت منهم الأسواق، فهؤلاء هم صلة السلف الذين عرفوا لهذا الشهر قدره ومنزلته، فعمّروه بطاعة الله وطلب رضوانه.
أيها المؤمنون: هاتان وقفتان نقفهما عند آية وحديث:
الوقفة الأولى: عند قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة: 183]، فهذه الآية دلت على أن الغاية الكبرى من هذا الصيام هي حصول تقوى الله، بفعل أوامره واجتناب نواهيه، فالصائم الذي لم يحقق تقوى الله في صيامه قد خسر الثمرة من هذا الصيام الذي لم يشرعه الله لمجرد الامتناع عن الطعام والشراب والشهوة؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه". والمعنى: من لم يترك الكذب والميل عن الحق.
إذًا هل حقق التقوى من يدخل عليه الشهر الكريم ويخرج ولم يحرك فيه ساكنًا، فصلاته مضيعة، ومنكراته مستمرة، فإن لم يزده رمضان بعدًا عن الله فلم يزده قربًا؟! أم هل حقق التقوى ونال ثمرة الصيام من حافظ على الصلوات، وتصدق، وقرأ القرآن، وتخفف من المنكرات، لكنه ما إن يهلَّ شهر شوال حتى يعود كما كان في شعبان؟!
وهل حقق التقوى من يصوم ويصلي ويقرأ القرآن، لكنه لا يتورع عن تضييع ليالي هذا الشهر الكريم في جلسات وسهرات منكرة، قد امتلأت بالغيبة والمشاهد المحرمة؟!
الوقفة الثانية: عند قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه". "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه". "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه".
ومعنى قوله: "إيمانًا واحتسابًا". أي مصدقًا بوجوبه، راغبًا في ثوابه، طيبة به نفسه، غير مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه.
ولا نعجب -أيها المؤمنون- ممن يصوم ويصلي مع الناس ومع ذلك لا نجد أثرًا للصيام في أعماله وتصرفاته، بل يوم صومه وفطره سواء، وسر ذلك أن كثيرًا من الناس يصومون ويصلون التراويح مع الناس، لكن فعلهم هذا قد غلبت فيه العادة نية العباد، ولذلك لا نجد للصيام والقيام أثرًا في حياتهم؛ قال جابر -رضي الله عنه-: "إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمآثم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم فطرك ويوم صومك سواء".
فإذًا قوله في صيام رمضان وقيامه وقيام ليلة القدر: "إيمانًا واحتسابًا"، هو سبب حصول ثمرة الصيام، وهو غفران الذنوب وحصول الرضا من الله، وأما من صام لأن الناس يصومون، وقام لأن الناس يقومون، غافلاً عن إصلاح النية واحتساب الأجر على الله، فهذا قد خسر الخسران المبين.
أيها المؤمنون: هذا الشهر الكريم قد هلّ علينا، وما أسرع ما تنقضي أيامه ولياليه، وصدق الله إذ يقول عن هذا الشهر: (أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ) [البقرة: 184]، فبادروا فيه بالأعمال الصالحة والتوبة إلى الله من جميع الذنوب والمعاصي، فهو فرصة للتوبة والدعاء والعتق من النيران، فمن لم يتب فيه فمتى يتوب؟! ومن لم يدع فيه المعصية ولم يستجب له فمتى يدعها؟! ومن لم يُعتق من فيه من النار فقد خسر أعظم الخسارة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: 186].
بارك الله لي ولكم…







  رد مع اقتباس
قديم منذ /04-03-2022, 06:43 PM   #12060

مشرف التنميه البشـريه

 

 رقم العضوية : 102183
 تاريخ التسجيل : Dec 2016
 الجنس : ~ رجل
 المشاركات : 51,762
 النقاط : بحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond reputeبحر القمر has a reputation beyond repute
 درجة التقييم : 243349
 قوة التقييم : 122

بحر القمر غير متواجد حالياً

 

 

 

 

 

أوسمة العضو

نجم الهوايات تالت حمله الشخصيات التاريخيه مسابقه الكاتب المميز تاني مسابقه القلم المميز شاعر المنتدى 2 

افتراضي

أيها المؤمنون: تستقبل الأمة الإسلامية شهر رمضان الكريم بجراحها وآلامها، فكم لها في بقاع الأرض من جريح وصريع وشريد، فأمتنا بحاجة لأن يلتفت إلى جراحها وآلامها المخلصون من أبنائها، وبالأخص من أنعم الله عليهم بالمال والسعة في الرزق، فتذكروا -أيها المؤمنون- في هذا الشهر الكريم إخوانًا لكم قد ألمّت بهم مصائب الحروب والمجاعات والفقر، لا يجدون الطعام واللباس والمأوى، في حين أنك في بيتك آمن دافئ طاعم كاسٍ، فوالله لتسألن عن هذا النعيم.
عباد الله: أبشروا بموعود الله، فربنا غفور رحيم يقبل التوبة من عباده ويغفر الذنب العظيم، ويجازي على العمل اليسير بالأجر العظيم، قد أعدّ جنة عرضها السماوات والأرض، فتحت أبوابها في هذا الشهر الكريم، وجرت أنهارها وتزينت حورها واكتمل نعيمها وأعدت للمتقين.
اللهم أعنا على صيام رمضان وقيامه، وتقبله منا يا أرحم الراحمين.
عباد الله: صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه.







  رد مع اقتباس
إضافة رد

« آنآ مش آنطوآئى آنتم متتعآشروش | can 7lm »

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 96 ( الأعضاء 0 والزوار 96)
 

Posting Rules
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فـوائد استنشاق هواء الفجر ۩۩ سيد الشرقاوي ۩۩ منتدى الاسلاميات والقرأن الكريم 8 04-26-2012 09:08 AM
فوائد استنشاق هواء الفجر بحبك حبيبي مواضيع عامة - ثقافة عامة 0 12-27-2010 04:33 PM
فوائد استنشاق هواء الفجر .. ؟؟ احمد العليمي صحة - طب بديل - تغذية - ريجيم 2 11-22-2010 03:06 PM
استنشاق زيت النعناع ميدو العثل صحة - طب بديل - تغذية - ريجيم 4 10-25-2010 08:33 AM
استنشاق الورد يقووي الذاكـره الملكة كيلوباترا صحة - طب بديل - تغذية - ريجيم 6 11-27-2009 05:07 AM


الساعة الآن 12:11 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 RC 1
منتديات بنات مصر . منتدى كل العرب

a.d - i.s.s.w


elMagic Style.Design By:۩۩ elMagic ۩۩